صفوة الصفوة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4868 - عددالزوار : 1848893 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4435 - عددالزوار : 1189249 )           »          الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          النقد العلمي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 70 )           »          لماذا يشعر بعض المسلمين أحيانا بثقل بعض الأحكام الشرعية وعدم صلاحيتها؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          وحدة الأمة الإسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          التراجم: نماذج من المستشرقين المنصِّرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 8534 )           »          أبرز المعالم التاريخية الأثرية والدينية في قطاع غزة كتاب الكتروني رائع (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 65 )           »          شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 581 - عددالزوار : 305165 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-02-2022, 06:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,121
الدولة : Egypt
افتراضي صفوة الصفوة

صفوة الصفوة
خالد بن حسن المالكي



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمَده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَن يَهده الله فلا مُضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

أما بعد:
فقد جاءت نصوص الكتاب والسنة ببيان فضل الصحابة رضي الله عنهم ومكانتهم، والنهي عن انتقاصهم وذكرهم بسوء؛ قال تعالى: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ [الفتح: 18، 19].

وقال تعالى: ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 8، 9].

وقال تعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100].

وقال تعالى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الفتح: 29].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "آيَةُ الإيمَانِ حُبُّ الأنْصَارِ، وآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأنْصَارِ".

وحدث عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ - قَالَ عِمْرَانُ: لَا أَدْرِي ذَكَرَ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا بَعْدَ قَرْنِهِ".

وعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بِالْجَابِيَةِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قُمْتُ فِيكُمْ كَمَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِينَا، فَقَالَ: "أُوصِيكُمْ بِأَصْحَابِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ".

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا ذكر أصحابي فأمسكوا، وإذا ذكرت النجوم فأمسكوا، وإذا ذكر القدر فأمسكوا".

وعن رِيَاحِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: كُنْتُ قَاعِدًا عِنْدَ فُلَانٍ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، وَعِنْدَهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ، فَجَاءَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، فَرَحَّبَ بِهِ وَحَيَّاهُ وَأَقْعَدَهُ عِنْدَ رِجْلِهِ عَلَى السَّرِيرِ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يُقَالُ لَهُ: قَيْسُ بْنُ عَلْقَمَةَ، فَاسْتَقْبَلَهُ، فَسَبَّ وَسَبَّ، فَقَالَ سَعِيدٌ: مَنْ يَسُبُّ هَذَا الرَّجُلُ؟ قَالَ: يَسُبُّ عَلِيًّا. قَالَ: أَلَا أَرَى أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَبُّونَ عِنْدَكَ ثُمَّ لَا تُنْكِرُ وَلَا تُغَيِّرُ؟ أَنَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ، وَإِنِّي لَغَنِيٌّ أَنْ أَقُولَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ فَيَسْأَلَنِي عَنْهُ غَدًا إِذَا لَقِيتُهُ: "أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ، وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ"، وَلَوْ شِئْتُ لَسَمَّيْتُ الْعَاشِرَ، قَالَ: فَقَالُوا: مَنْ هُوَ؟ فَسَكَتَ، قَالَ: فَقَالُوا: مَنْ هُوَ؟ فَقَالَ: هُوَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ؛ [أي نفسه الذي يحدث رضي الله عنه]، ثُمَّ قَالَ: لَمَشْهَدُ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُغَبَّرُ فِيهِ وَجْهُهُ؛ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِ أَحَدِكُمْ عُمُرَهُ، وَلَوْ عُمِّرَ عُمُرَ نُوحٍ.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سب أصحابي فعليه لعنة الله، والملائكة، والناس أجمعين".

قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: مِنْ أُصُولِ أَهْلِ السنةِ وَالْجَمَاعَةِ:
سَلَامَةُ قُلُوبِهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ لِأَصْحَابِ مُحَمدٍ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ.

كَمَا وَصَفَهُمُ اللهُ بِهِ فِي قَوْلِهِ: ﴿ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10].

وَطَاعَةً لِلنبِي صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ فِي قَوْلِهِ: "لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه".

وَيَقْبَلُونَ مَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ أَوِ السنةُ أَوِ الْإِجْمَاعُ، مِنْ فَضَائِلِهِمْ وَمَرَاتِبِهِمْ.

فَيُفَضلُونَ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ - وَهُوَ صُلْحُ الْحُدَيْبِيَةِ - وَقَاتَلَ عَلَى مَنْ أَنْفَقَ مِنْ بَعْدِهِ وَقَاتَلَ.

وَيُقَدمُونَ الْمُهَاجِرِينَ عَلَى الْأَنْصَارِ.

وَيُؤْمِنُونَ: بِأَن اللهَ تَعَالَى قَالَ لِأَهْلِ بَدْرٍ - وَكَانُوا ثَلَاثَمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ -: «اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْت لَكُمْ».

وَبِأَنهُ: «لَا يَدْخُلُ النَّارَ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ أَحَدٌ»؛ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ النبِي صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ، بَلْ قَدْ رَضِيَ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ، وَكَانُوا أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.

وَيَشْهَدُونَ بِالْجَنةِ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ النبِي صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ؛ «كَالْعَشَرَةِ».

«وَكَثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شِمَاسٍ»، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصحَابَةِ.

وَيُقِرونَ بِمَا تَوَاتَرَ بِهِ النقْلُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِي بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَغَيْرِهِ؛ مِنْ أَن خَيْرَ هَذِهِ الْأُمةِ بَعْدَ نَبِيهَا: أَبُو بَكْرٍ، ثُم عُمَرُ، وَيُثَلثُونَ بِعُثْمَانِ، وَيُرَبعُونَ بِعَلِي رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ؛ كَمَا دَلتْ عَلَيْهِ الْآثَارُ.

وَكَمَا أَجْمَعَتِ الصحَابَةُ عَلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانَ فِي الْبَيْعَةِ، مَعَ أَن بَعْضَ أَهْلِ السنةِ كَانُوا قَدْ اخْتَلَفُوا فِي عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ بَعْدَ اتفَاقِهِمْ عَلَى تَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؛ أَيهُمَا أَفْضَلُ؟

فقدَّم قَوْمٌ عُثْمَانَ، وَسَكَتُوا، أَوْ رَبَّعوا بِعَلِي.

وقدَّم قَوْمٌ عَلِيًّا.

وَقَوْمٌ توقَّفوا.

لَكِنِ اسْتَقَر أَمْرُ أَهْلِ السنةِ عَلَى: تَقْدِيمِ عُثْمَانَ، ثُم عَلِي.

وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ - مَسْأَلَةُ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - لَيْسَتْ مِنَ الْأُصُولِ التِي يُضَللُ الْمُخَالِفُ فِيهَا عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ السنة.

لَكِن الْمَسْأَلَةَ التِي يُضَللُ الْمُخَالِفُ فِيهَا: مَسْأَلَةُ الْخِلَافَةِ.

وَذَلِكَ بِأَنهُمْ يُؤْمِنُونَ: بِأَن الْخَلِيفَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ: أَبُو بَكْرٍ، ثُم عُمَرُ، ثُم عُثْمَانُ، ثُم عَلِي رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ.

وَمَنْ طَعَنَ فِي خِلَافَةِ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَئِمةِ؛ فَهُوَ مبتدعٌ ضَالٌ.

وَيُحِبونَ أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ، وَيَتَوَلوْنَهُمْ.

وَيَحْفَظُونَ فِيهِمْ وَصِيةَ رَسُولِ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ؛ حَيْثُ قَالَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ: «أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتي».

وَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ».

وَيَتَوَلوْنَ أَزْوَاجَ رَسُولِ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ أُمهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ.

وَيُقِرونَ: بِأَنهُن أَزْوَاجُهُ فِي الْآخِرَةِ.

خُصُوصًا «خَدِيجَةَ» أُم أَكْثَرِ أَوْلَادِهِ، وَأَول مَنْ آمَنَ بِهِ وَعَاضَدَهُ عَلَى أَمْرِهِ، وَكَانَ لَهَا مِنْهُ الْمَنْزِلَةُ الْعَلِيةُ.

«وَالصديقَة بِنْت الصديقِ» التِي قَالَ فِيهَا النبِي صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ: «فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النسَاءِ كَفَضْلِ الثرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطعَامِ».

وَيَتَبَرؤُونَ مِنْ طَرِيقَةِ «الروَافِضِ» الذِينَ يُبْغِضُونَ الصحَابَةَ وَيَسُبونَهُمْ.

وَطَرِيقَةِ «النوَاصِبِ»، الذِينَ يُؤْذُونَ «أَهْلَ الْبَيْتِ»، بِقَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ.

وَيُمْسِكُونَ عَما شَجَرَ بَيْنَ الصحَابَةِ.

وَيَقُولُونَ: إِن هَذِهِ الْآثَارَ الْمَرْوِيةَ فِي مَسَاوِيهِمْ:
مِنْهَا: مَا هُوَ كَذِبٌ.
وَمِنْهَا: مَا قَدْ زِيدَ فِيهِ وَنُقِصَ، وَغُيرَ عَنْ وَجْهِهِ.

وَالصحِيحُ مِنْهُ: هُمْ فِيهِ مَعْذُورُونَ:
إِما مُجْتَهِدُونَ مُصِيبُونَ.

وَإِما مُجْتَهِدُونَ مُخْطِئُونَ.

وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ لَا يَعْتَقِدُونَ أَن كُل وَاحِدٍ مِنَ الصحَابَةِ مَعْصُومٌ عَنْ كَبَائِرِ الْإِثْمِ وَصَغَائِرِهِ.

بَلْ يَجُوزُ عَلَيْهِمُ الذنُوبُ فِي الْجُمْلَةِ.

وَلَهُمْ مِنَ السوَابِقِ وَالْفَضَائِلِ مَا يُوجِبُ مَغْفِرَةَ مَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ إِنْ صَدَرَ.

حَتى إِنهُ يُغْفَرُ لَهُمْ مِنَ السيئَاتِ مَا لَا يُغْفَرُ لِمَنْ بَعْدَهُمْ؛ لِأَن لَهُمْ مِنَ الْحَسَنَاتِ التِي تَمْحُو السيئَاتِ مَا لَيْسَ لِمَنْ بَعْدَهُمْ.

وَقَدْ ثَبَتَ عن رَسُولِ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ أَنهُمْ خَيْرُ الْقُرُونِ.

وَأَن الْمُد مِنْ أَحَدِهِمْ إِذَا تَصَدقَ بِهِ؛ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ ذَهَبًا مِمنْ بَعْدَهُمْ.

ثُم إِذَا كَانَ قَدْ صَدَرَ عَنْ أَحَدِهِمْ ذَنْبٌ؛ فَيَكُونُ قَدْ تَابَ مِنْهُ أَوْ أَتَى بِحَسَنَاتِ تَمْحُوهُ، أَوْ غُفِرَ لَهُ بِفَضْلِ سَابِقَتِهِ، أَوْ بِشَفَاعَةِ مُحَمدٍ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ الذِينَ هُمْ أَحَق الناسِ بِشَفَاعَتِهِ، أَوْ ابْتُلِيَ بِبَلَاءٍ فِي الدنْيَا كُفرَ بِهِ عَنْهُ.

فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الذنُوبِ الْمُحَققَةِ؛ فَكَيْفَ بِالْأُمُورِ التِي كَانُوا فِيهَا مُجْتَهِدِينَ: إِنْ أَصَابُوا؛ فَلَهُمْ أَجْرَانِ، وَإِنْ أَخْطَأُوا؛ فَلَهُمْ أَجْرٌ وَاحِدٌ، وَالْخَطَأُ مَغْفُورٌ.

ثُم الْقَدْرُ الذِي يُنْكَرُ مِنْ فِعْلِ بَعْضِهِمْ قَلِيلٌ نَزْرٌ مَغْمُورٌ فِي جَنْبِ فَضَائِلِ الْقَوْمِ وَمَحَاسِنِهِمْ، مِنْ: الْإِيمَانِ بِاَللهِ وَرَسُولِهِ، وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ، وَالْهِجْرَةِ، وَالنصْرَةِ، وَالْعِلْمِ النافِعِ، وَالْعَمَلِ الصالِحِ.

وَمَنْ نَظَرَ فِي سِيرَةِ الْقَوْمِ بِعِلْمٍ وَبَصِيرَةٍ، وَمَا مَن اللهُ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنَ الْفَضَائِلِ؛ عَلِمَ يَقِينًا أَنهُمْ خَيْرُ الْخَلْقِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ.

لَا كَانَ وَلَا يَكُونُ مِثْلُهُمْ.

وَأَنهُمْ هُمْ صَفْوَةُ الصفْوَةِ مِنْ قُرُونِ هَذِهِ الْأُمةِ، التِي هِيَ خَيْرُ الْأُمَمِ وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللهِ"؛ انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

قال ابن مسعود رضي الله عنه: "من كان منكم متأسيًا فليتأس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، وأقومها هديًا، وأحسنها حالًا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم".

اللهم: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 6، 7].

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:
فقد تيقظ السلف الصالح لخطورة الطعن في الصحابة رضي الله عنهم، وحذروا من الطاعنين ومقاصدهم، وذلك لعلمهم بما يؤدي إليه القدح والتنقص من لوازم باطلة تناقض أصول الدين:
قال أَبُو زُرْعَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "إِذَا رَأَيْتَ الرجُلَ يَنْتَقِصُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلم فَاعْلَمْ أَنهُ زِنْدِيقٌ، وَذَلِكَ أَن الرسُولَ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلم عِنْدَنَا حَق، وَالْقُرْآنَ حَق، وَإِنمَا أَدى إِلَيْنَا هَذَا الْقُرْآنَ وَالسنَنَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلم، وَإِنمَا يُرِيدُونَ أَنْ يُجَرحُوا شُهُودَنَا لِيُبْطِلُوا الْكِتَابَ وَالسنةَ، وَالْجَرْحُ بِهِمْ أَوْلَى وَهُمْ زَنَادِقَةٌ".

وقال مالك بن أنس رحمه الله تعالى: "إنما هؤلاء أقوام أرادوا القدح في النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يُمكنهم ذلك، فقدحوا في أصحابه؛ حتى يقال رجل سوء، ولو كان رجلًا صالحًا لكان أصحابه صالحين"! [معاذ الله].

وقال أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: "إذا رأيت رجلًا يذكر أحدًا من الصحابة بسوء فاتَّهمه على الإسلام".

وقال أبو نعيم رحمه الله تعالى: "فلا يتتبع هفواتِ أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وَزَلَلِهِمْ، ويحفظ عليهم ما يكون منهم في حال الغَضَبِ وَالْمَوْجِدَةِ إلا مفتون القلب في دينه".

وقال أيضًا: "لا يبسط لسانه فيهم إلا من سوء طويتِه في النبي صلى الله عليه وسلم، وصحابته، والإسلام، والمسلمين"؛ انتهى كلامهم رحمهم الله تعالى.

هذا ومعاوية رضي الله عنه الذي يسبه الرافضة - عليهم من الله ما يستحقون - ويبغضونه كما يبغضون غيره من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، معاوية رضي الله عنه صحابي جليل، وملِك عظيم، خير ملوك المسلمين، وقد فتح الله تعالى على يديه وفي زمانه بلدانًا، ودخل بسبب ذلك الناس في دين الله أفواجًا، وهو من كتَّاب الوحي، ومن الفقهاء.

سئل عبدالله بن المبارك أيهما أفضل: معاوية بن أبي سفيان، أم عمر بن عبد العزيز؟ فقال: والله إن الغبار الذي دخل في أنف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من عمر بن عبدالعزيز بألف مرة، صلَّى معاوية خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: سمع الله لمن حمده، فقال معاوية: ربنا ولك الحمد، فما بعد هذا؟

وعن الجرَّاح المَوصِلي قال: سمعتُ رجلًا يسأل المعافى بن عِمران، فقال: يا أبا مسعود، أين عمر بن عبدالعزيز من معاوية بن أبي سفيان؟ فرأيته غضب غضبًا شديدًا، وقال: لا يقاس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحدٌ، معاوية رضي الله عنه كاتبه وصاحبه، وصهره وأمينه على وحي الله عز وجل.

وقال ابن تيمية:
فإن معاوية ثبت بالتواتر أنه أمَّره النبيُّ صلى الله عليه وسلم كما أمَّر غيره، وجاهد معه، وكان أمينًا عنده يكتب له الوحي، وما اتَّهمه النبيُّ صلى الله عليه وسلم في كتابة الوحي، وولَّاه عمر بن الخطاب الذي كان من أخبر الناس بالرجال، وقد ضرب الله الحق على لسانه وقلبه، ولم يتهمه في ولايته"؛ انتهى كلامهم رحمهم الله تعالى.

وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية رضي الله عنه، فقال: "اللهم اجعله هاديًا مهديًّا، واهده واهدِ به".

فمن أبغضه رضي الله عنه فهو ضال مضل؛ لعلمنا يقينًا أن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم مستجاب.

اللَّهمَّ زيِّنَّا بزينةِ الإيمانِ، واجعلنا هداةً مهديين، واهدنا واهد بنا، وزِدنا محبة وتعظيمًا للنبي صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه أجمعين.

اللهم أحينا على سُنة نبيك صلى الله عليه وسلم، وتوفَّنا على مِلته، وأعِذنا من مضلات الفتن.

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182].


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 65.63 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 63.96 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.55%)]