على باب الكريم (اختيار وتشطير)

[ابوالوليد المسلم]

على باب الكريم (اختيار وتشطير)
د. عبدالحكيم الأنيس








(أَقِيما على بابِ الكريمِ أَقيما)
ولا تَبْرحا فالكونُ باتَ جحيما

أقيما فَثَمَّ النُّورُ والأمنُ والرضا
(ولا تَنِيا في ذكرهِ فتهيما)

(هو الربُّ مَنْ يَقْرعْ على الصدقِ بابَهُ)
يجدْهُ جَواداً بالعطاءِ كريما

ومَنْ قامَ في الأسحارِ يرجوهُ رحمةً
(يجدْهُ رؤوفاً بالعبادِ رحيما)[1]

♦ ♦ ♦

(وراءَ مضيقِ الخوفِ متسعُ الأمنِ)
وكلُّ اقتدارٍ بعد حِينٍ مِنَ الوهنِ

يطلُّ عليكَ الفجرُ في فحمةِ الدُّجى
(وأولُ مَفروحٍ به غايةُ الحُزْنِ)

(فلا تيأسنْ فاللهُ مَلَّكَ يوسفاً)
وأنقذَهُ مِنْ كُربةِ السجنِ والغَبْنِ

أرادوا به كيداً فأعطاهُ ربُّهُ
(خزائنَهُ بعد الخلاصِ مِنَ السجنِ)[2]

♦ ♦ ♦

(لحى اللهُ شخصاً يَرْتضي بمعيشةٍ)
على دارةِ الأطماعِ يلبثُ دائرا

يمرُّ عليهِ الدهرُ وهْوَ مُؤمِّلٌ
(ذليلاً مُهاناً عاجزَ النفسِ حائرا)

(مُرَجٍّ لشخصٍ كلَّ يومٍ وليلةٍ)
يُرَجِّي نوالاً منهُ يَجبرُ خاطرا

[ابوالوليد المسلم]

تيقَّظْ – رعاكَ اللهُ - واسمُ بهمةٍ
(وربُّك ربُّ العرشِ يكفيكَ ناصرا)[3]

♦ ♦ ♦

(لمَّا عدمتُ وسيلةً ألقى بِها)
غيثاً لرُوحي في طويلِ سرابِها

وفقدتُ صالحةً أقدِّمُها إلى
(ربي، تقي نفسي أليمَ عذابها)

(قدَّمتُ رحمتَهُ إليهِ وسيلةً)
وبرئتُ مِنْ نفسي ومِنْ تكذابها

ما لي سوى رحماتِ ذاتِك سيِّدي
(وكفى بها، وكفى بها، وكفى بها)[4]

♦ ♦ ♦

(إلامَ في حَلٍّ وفي رَبْطِ)
تمضي على كُرْهٍ وفي سُخْطِ

تبغي طلوعَ الشمسِ في ليلٍ
(تخبطُ جَهْلاً أيما خَبْطِ)

(دعِ الورى وارجُ إلهَ الورى
ولا تكنْ للخيرِ مُسْتَبْطِي

سلَّمْ له واسألهُ ما ترجو
(فإنهُ ذو القبضِ والبَسْطِ)

(ليس لِمَا يُعطيهِ مِنْ مانِع)
ولا لِمَا يُعْليهِ مِنْ حَطِّ

ولا لِمَا يُسْديهِ مِنْ سَدٍّ
(ولا لِمَا يَمْنَعُ مِنْ مُعْطِ)[5]

[ابوالوليد المسلم]

(ادفعِ الهمَّ إذا ما طرَقَكْ)
واصرفِ الغَمَّ إذا ما أقلقَكْ

أنتَ مخلوقٌ ضعيفٌ فانتبِهْ
( وكِلِ الأمرَ إلى مَنْ خلقَكْ)



وإذا للخلقِ مدُّوا عُنُقاً
(فإلى ربِّكَ فامْدُدْ عُنُقَكْ)[6]

(أدبُ الفتى في أنْ يُرَى مُتيقِّظاً)
لا غافلاً عن ربِّهِ أو ساهي

ويظلَّ طولَ حياتهِ مُتَنبِّهاً
(لأوامرٍ مِنْ ربهِ ونواهي)


لم يُنْجهِ حبلُ الهوى مِنْ سقطةٍ
(فالحبلُ منهُ -إنْ تيَقَّنَ- واهي)[7]

(دارَ فكري يا ربِّ في كلِّ خلقِكْ)
وتأمَّلتُ هل أرى مثْلَ رِفْقِكْ

طالَ بحثي بين العِبادِ وحقًّا
(لم أجدْ مُحْسِناً سواكَ وحقِّكْ)

(فأغثني فإنّني عَبْدُ رِقِّكْ)
ليس لي مَطْمعٌ سوى حُسْنِ عِتْقِكْ

داوِ قلبي بنورِ فتحٍ وأدرِكْ
(وتعطَّفْ وامْنُنْ عليَّ برزقِكْ)[8]





[1] البيتان للإمام عبد الكريم الرافعي (ت: 623هـ)، مِنْ ترجمته في كتاب "طبقات الشافعية" لأبي بكر بن هداية الله الحسيني (ت: 1014هـ) ص220.
ملحوظة: البيتان (المُقوسان) هما للإمام، وهكذا في سائر المنقول هنا.

[2] البيتان لزيد بن محمّد بن زيد العلوي (ت: 314هـ) من ترجمته في "الوافي بالوفيات"، وأوردهما ابنُ كثير في "البداية والنهاية" في قصة يوسف عليه السلام (1 /211) من غير عزو.

[3] البيتان للسيد يحيى بن الحسين الشُّهاري (ت:1090هـ)، مِنْ ترجمته في "البدر الطالع" ص849.

[4] البيتان للقاضي منصور الهروي (ت: 440هـ)، مِنْ "خريدة القصر وجريدة العصر" للعماد الأصبهاني (قسم الشام 2/56-57).

[5] الأبيات للإمام الحافظ محمد بن عبد الله المعروف بابن الأبّار (ت: 658هـ)، من "برنامج شيوخ أبي الحسن علي بن محمد بن رزين التجيبي الأندلسي (ت:692) "المستخرج من "رحلة ابن رشيد".
نُشِرَ في مجلة آفاق الثقافة والتراث، العدد (56) بتاريخ ذي الحجة سنة 1427هـ - يناير عام 2007م، ص 197، بتقديم الأستاذ سمير قدُّوري وتحقيقه.

[6] البيتان من "المحاضرات والمحاورات" للسيوطي ص 382، ولم يُعيّن القائل.

[7] البيتان للعالم الأديب القاضي أبي الحجّاج يوسف بن موسى الجُذامي الرُّندي (كان حياً سنة 761هـ)، مِنْ ترجمته في "الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب" لابن فرحون المالكي المدني (ت:799هـ) (2 /371).

[8] البيتان للشيخ زين العابدين البكري (ت:1013هـ)، من "النور السافر عن أخبار القرن العاشر" لعبد القادر بن شيخ العيدروسي (ت:1038هـ) ص554.