إِنَّ الرَّهْبَانِيَّةَ لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْنَا - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 574 - عددالزوار : 304583 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 45 - عددالزوار : 37643 )           »          هل الخلافة وسيلة أم غاية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          مفهوم الموازنة لغة واصطلاحا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          من مائدة السيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 1504 )           »          من نفس عن معسر نجاه الله من كرب يوم القيامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 466 - عددالزوار : 141340 )           »          كثرة أسماء القرآن وأوصافه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 17-05-2025, 10:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,106
الدولة : Egypt
افتراضي إِنَّ الرَّهْبَانِيَّةَ لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْنَا

إِنَّ الرَّهْبَانِيَّةَ لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْنَا

محمد سيد حسين عبد الواحد



اَلْعَنَاصِرُ الْأَسَاسِيَّةُ :
: اَلْعُنْصُرُ الْأَوَّلُ : الْخِطَابُ الْإِسْلَامِيُّ الْمُتَوَازِنُ .
: الْعُنْصُرُ الثَّانِي : الرَّسُولُ يُوقِفُ قِطَارَ التَّبَتُّلِ .
: اَلْعُنْصُرُ اَلثَّالِثُ : دَعْنَا نَرَاكَ مُسْلِمًا .
: الْمَوْضُوعِ .
أَمَّا بَعْدُ : فَيَقُولُ رَبُّ اَلْعَالَمِينَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : {﴿ ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ وَءَاتَيْنَٰهُ ٱلْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِى قُلُوبِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ٱبْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَٰهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ٱبْتِغَآءَ رِضْوَٰنِ ٱللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ۖ فَـَٔاتَيْنَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَٰسِقُونَ ﴾}
: أَيُّهَا اَلْإِخْوَةُ اَلْكِرَامُ :
إِنَّ الْغَرَضَ الْأَوَّلَ مِنْ دُرُوسِ الْعِلْمِ ، وَمِنْ مَجَالِسِ الذِّكْرِ ، وَإِنَّ الْهَدَفَ الْأَسْمَى مِنْ خُطَبِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَغَيْرِهِمْ هُوَ دَعْوَةُ النَّاسِ إِلَى التَّوْحِيدِ الْخَالِصِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَإِلَى التَّحَلِّي بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ ، وَإِلَى فِعْلِ الصَّالِحَاتِ بِالنَّفْسِ وَبِالْمَالِ ، أَوْ بِدَلَالَةِ النَّاسِ الْخَيْرَ ، مَعَ ضَرُورَةِ أَنْ يُوَافِقَ الْقَوْلُ الْعَمَلَ . .
: أَيُّهَا اَلْإِخْوَةُ اَلْكِرَامُ :
مَا يُمَيِّزُ الْخِطَابَ الْإِسْلَامِيَّ لِلْمُسْلِمِينَ عَنْ غَيْرِهِ هُوَ أَنَّ الْخِطَابَ الْإِسْلَامِيَّ لِلْمُسْلِمِينَ لَا يُحَلِّقُ بَعِيدًا فِي الرُّوحَانِيَّاتِ ، وَلَا يَنْحَدِرُ سَحِيقًا فِي الْمَادِّيَّاتِ ، إِنَّمَا الْخِطَابُ الْإِسْلَامِيُّ يُمَيَّزُ بِأَنَّهُ ( مُتَوَازِنٌ ) خِطَابٌ يَتَّفِقُ مَعَ طَبِيعَةِ الْإِنْسَانِ وَمَعَ فِطْرَتِهِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ النَّاسَ عَلَيْهَا . .
مَا يُمَيِّزُ الْخِطَابَ الْإِسْلَامِيَّ عَنْ غَيْرِهِ هُوَ أَنَّهُ يَدْعُو إِلَى ( اَلتَّوَازُنِ ) بَيْنَ الْعَمَلِ لِلدِّينِ وَبَيْنَ الْعَمَلِ لِلدُّنْيَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُهْمِلَ الْإِنْسَانُ دُنْيَاهُ تَمَامًا مِنْ أَجْلِ دِينِهِ ، وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يُهْمِلَ الْإِنْسَانُ دِينَهُ مِنْ أَجْلِ دُنْيَاهُ ..
: لَيْسَ فِي الْإِسْلَامِ إِفْرَاطٌ وَلَيْسَ فِي الْإِسْلَامِ تَفْرِيطٌ . .
الْإِسْلَامُ لَا يَقُولُ : لَا تُؤْمِنْ إِلَّا بِمَا تَرَاهُ عَيْنَاكَ ، لِأَنَّ هَذَا إِفْرَاطٌ . .
وَالْإِسْلَامُ لَا يَقُولُ : أَعْطِ خَدَّكَ الْأَيْسَرَ لِمَنْ ضَرَبَكَ عَلَى خَدِّكَ الْأَيْمَنِ ، لِأَنَّ هَذَا تَفْرِيطٌ .
الْإِسْلَامُ يَقُولُ : لَيْسَ عِنْدَنَا إِفْرَاطٌ وَلَيْسَ عِنْدَنَا تَفْرِيطٌ . . وَفِي التَّنْزِيلِ الْحَكِيمِ " فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ " سُورَةِ التَّغَابُنِ .
الْإِسْلَامُ يَقُولُ : « ( مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ' وَمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَدَعُوهُ ) » حَدِيثٌ .
: عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ ( رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ ) :
ثَلَاثَةُ رَهْطٍ جَائُوا إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا ، فَقَالُوا : وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ؟
قَالَ أَحَدُهُمْ : أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا.
وَقَالَ الثاني : وأما أَنَا فأَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ.
وَقَالَ الآخَرُ : وأما أَنَا فأَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأخبر بما قالوا ..
فَقَالَ عليه الصلاة والسلام : " أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ؟ قالوا نعم ..
فقال عليه الصلاة والسلام أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي ".
: اَلْآيَاتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى :
تَتَكَلَّمُ صَرَاحَةً عَنْ ضَرُورَةِ أَنْ يَلْزَمَ الْمُسْلِمُ حَدَّ الِاعْتِدَالِ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا ، فِي طَعَامِهِ ، فِي شَرَابِهِ ، فِي إِنْفَاقِهِ ، فِي حُبِّهِ ، فِي بُغْضِهِ ، فِي إِقْبَالِهِ ، فِي إِدْبَارِهِ . .
يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ { ﴿ وَٱبْتَغِ فِيمَآ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلْءَاخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ ٱلْفَسَادَ فِى ٱلْأَرْضِ ۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ ﴾}
هَذِهِ الْآيَةُ هِيَ عُمْدَةٌ فِي ضَرُورَةِ أَنْ يَلْزَمَ الْمُسْلِمُ حَدَّ ( الِاعْتِدَالِ ) فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا . .
{﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا ﴾}
فَالتَّوَاضُعُ مَثَلًا : هُوَ فَضِيلَةٌ بَيْنَ رَذِيلَتَيْنِ . .
التَّوَاضُعُ فَضِيلَةٌ بَيْنَ الْكِبْرِ وَبَيْنَ الضِّعَّةِ .
وَالِاقْتِصَادُ فِي الْمَعِيشَةِ : هُوَ أَيْضًا فَضِيلَةٌ بَيْنَ رَذِيلَتَيْنِ . .
الِاقْتِصَادُ فِي الْمَعِيشَةِ فَضِيلَةٌ بَيْنَ الْإِسْرَافِ وَبَيْنَ التَّقْتِيرِ .
{{وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا}} [سورة الفرقان] .
خَلَّقَ اللَّهُ الْإِنْسَانَ وَهَيَّأَهُ لِأَنْ يَكُونَ مُعْتَدِلًا فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا . .
فَهُوَ مُعْتَدِلٌ فِي خِلْقَتِهِ ، وَمُعْتَدِلٌ فِي قُوَّتِهِ ، وَفِي زَكَاءِهِ ، وَفِي عِلْمِهِ ، وَفِي عُمْرِهِ ، وَفِي إِقْبَالِهِ عَلَى عِبَادَتِهِ . .
لِذَلِكَ مَا جَعَلَ اللَّهُ عَلَى الْإِنْسَانِ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ، وَمَا كَلَّفَ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ، وَلَمْ يُلْزِمْ اللَّهُ إِنْسَانًا إِلَّا بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ . .
وَأَيُّ مُحَاوَلَةٍ مِنْ الْإِنْسَانِ لِتَجَاوُزِ حَدِّ الِاعْتِدَالِ فِي طَعَامِهِ فِي شَرَابِهِ فِي سَهَرِهِ فِي نَوْمِهِ أَوْ فِي صَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ يَقَعُ الْإِنْسَانُ بِسَبَبِهِ فِي حَرَجٍ . .
وَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ فِي كَثْرَةِ الصِّيَامِ الْقِيَامَ حَتَّى اشْتَكَتْ زَوْجَتُهُ مِنْ إِهْمَالِهِ حَقَّهَا فَنَصَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَلْزِمَ حَدَّ الِاعْتِدَالِ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا لِيَفِيَ بِحَقِّ رَبِّهِ وَنَفْسِهِ وَزَوْجِهِ ( أَنْ يَقُومَ وَيَرْقُدَ ، أَنْ يَصُومَ وَيُفْطِرَ ، وَأَنْ يُعْطِيَ حَقَّ نَفْسِهِ وَزَوْجِهِ كَمَا يُعْطِيَ حَقَّ رَبِّهِ )
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَجِدُنِي أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ فَلَمَّا كَبُرَتْ سِنُّهُ وَضَعُفَ جَسَدُهُ وَخَارَتْ قُوَاهُ وَانْحَنَى ظَهْرُهُ وَشَابَتْ رَأْسُهُ وَضَعُفَ عَنْ الْعَمَلِ الَّذِي أَلْزَمَ بِهِ نَفْسَهُ قَالَ لَيْتَنِي قَبِلْتُ وَصِيَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
أَيُّ مُحَاوَلَةٍ مِنْ الْإِنْسَانِ لِتَجَاوُزِ حَدِّ الِاعْتِدَالِ فِي طَعَامِهِ فِي شَرَابِهِ فِي سَهَرِهِ فِي نَوْمِهِ أَوْ فِي صَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ يَقَعُ الْإِنْسَانُ بِسَبَبِهِ فِي حَرَجٍ . .
فَيُضَيِّقُ عَلَى نَفْسِهِ مَا وَسَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَرُبَّمَا قَصَّرَ فِي حَقِّ زَوْجِهِ وَوَلَدِهِ وَضَيْفِهِ . .
: عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ هُوَ أَحَدُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حَدَّثَ نَفْسَهُ أَنْ يَتَبَتَّلَ ، وَأَنْ يَجْعَلَ مِنْ نَفْسِهِ رَاهِبًا ، وَأَنْ يَنْقَطِعَ عَنْ الدُّنْيَا تَمَامًا ، وَعَنْ الْعَمَلِ وَعَنْ أَيِّ شَيْءٍ يَشْغَلُهُ أَوْ يَأْخُذُ مِنْ وَقْتِهِ ، وَيَبْقَى فَقَطْ يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ فَجَاءَ يَسْتَأْذِنُ رَسُولَ اللَّهِ فِي أَمْرَيْنِ اثْنَيْنِ . .
الْأَمْرُ الْأَوَّلُ : أَرَادَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ أَنْ يَأْذَنَ رَسُولُ اللَّهِ أَنْ ( يَخْتَصِيَ ) . .
وَالْخَصَّاءُ : أَعَزَّكُمُ اللَّهُ هُوَ شَقُّ الْخُصْيَتَيْنِ وَنَزْعُهُمَا مِنْ الرَّجُلِ بِقَصْدِ كَسْرِ شَهْوَتِهِ وَمَنْعِهِ مِنْ الرَّغْبَةِ فِي النِّسَاءِ . . كَانَ هَذَا هُوَ الْمَطْلَبَ الْأَوَّلَ وَقَدْ رَفَضَهُ رَسُولُ اللَّهِ . .
أَمَّا الْأَمْرُ الثَّانِي : فَقَدْ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ رَسُولَ اللَّهِ فِي أَنْ يَسِيحَ فِي الْأَرْضِ . .
وَالسِّيَاحَةُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ : هِيَ أَنْ يَذْهَبَ الْإِنْسَانُ فَيَمْشِيَ فِي الْأَرْضِ دُونَ أَنْ يَكُونَ لَهُ بَيْتٌ يَأْوِي إلَيْهِ ، فَهُوَ يَهِيمُ عَلَى وَجْهِهِ فِي الْأَرْضِ تَارِكًا لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا ، مُبْتَعِدًا عَنْ شَهَوَاتِ النَّفْسِ الَّتِي أَحَلَّهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
وَهَذَا الْمَطْلَبُ أَيْضًا رَفَضَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِعُثْمَانَ أَلَيْسَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ؟ إِنِّي أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ ، وَآكُلُ اللَّحْمَ ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ ، يَا عُثْمَانُ إِنَّ خِصَاءَ أُمَّتِي الصِّيَامُ ، وَلَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ خَصَى ، أَوْ اخْتَصَى . .
سَمِعَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَصِيَّةَ رَسُولِ اللَّهِ ثُمَّ مَضَى وَقَدْ صَرَفَ النَّظَرَ عَنْ أَنْ يَخْتَصِيَ وَعَنْ أَنْ يَسِيحَ فِي الْأَرْضِ . .
لَكِنَّهُ لَمْ يَزَلْ يُفَكِّرُ فِي أَنْ يَنْقَطِعَ لِلْعِبَادَةِ يَوَدُّ أَنْ يَصِلَ فِي جَانِبِ الْعِبَادَةِ لِأَقْصَى دَرَجَةٍ وَهَذَا فِيهِ مَشَقَّةٌ وَفِيهِ حَرَجٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ : {{ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ }}
ذَهَبَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فَسَلَكَ مَسْلَكًا آخِرُهُ أَقُصُّهُ الْآنَ عَلَيْكُمْ . .
دَخَلَتْ امْرَأَةُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ - أَحْسَبُ أَنَّ اسْمَهَا خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ - دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ بَاذَّةُ الْهَيْئَةِ ، أَيْ : غَيْرُ مُتَزَيِّنَةٍ ، وَعَلَيْهَا مَلَابِسُ رَثَّةٌ عَلَى غَيْرِ عَادَةِ النِّسَاءِ الْمُتَزَوِّجَاتِ اللَّائِي يَتَجَمَّلْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ ، فَسَأَلَتْهَا عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، مَا شَأْنُكِ ؟
فَقَالَتْ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونَ زَوْجِي يَقُومُ اللَّيْلَ مُصَلِّيًا ، وَيَصُومُ النَّهَارَ كُلَّهُ ( وَالْمَعْنَى أَنَّهُ أَهْمَلَ زَوْجَهُ وَضَيَّعَ حَقَّهَا ) ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ انْصَرَفَتْ . .
فَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَتْ عَائِشَةُ ذَلِكَ لَهُ ، فَلَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَانَ فَقَالَ يَا عُثْمَانُ إِنَّ الرَّهْبَانِيَّةَ لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْنَا ، أَفَمَا لَكَ فِي أُسْوَةٍ ، فَوَاَللَّهِ إنِّي أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ ، وَأَحْفَظُكُمْ لِحُدُودِهِ " . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ .
{{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}} [سورة الأعراف ] .
نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ انْ يَرْزُقْنَا الْعِلْمَ النَّافِعَ وَالْعَمَلَ الْخَالِصَ لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَمَوْلَاهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
بَقَى لَنَا فِي خِتَامِ الْحَدِيثِ عَنْ دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ إِلَى التَّوَازُنِ بَيْنَ مَطَالِبِ الرُّوحِ مِنْ الْعِبَادَةِ وَالزُّهْدِ وَالصِّيَامِ وَالْقِيَامِ ، وَبَيْنَ مَطَالِبِ الْبَدَنِ مِنْ الْحَوَائِجِ وَالرَّغَبَاتِ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَهَا قَنَوَاتٍ شَرْعِيَّةً تَسِيرُ فِيهَا . . بَقِيَ لَنَا أَنْ نَقُولَ :
: الدِّينُ الْمُعَامَلَةُ ، الدِّينُ الْمُعَامَلَةُ كَلِمَةُ تُلَمْلِمُ الْغَايَاتِ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تَأْتِي وَتَذَرُ مِنْ أَوَامِرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . .
صِيَامُ النَّهَارِ وَقِيَامُ اللَّيْلِ يَأْتِي مَنْزُوعَ الْمَضْمُونِ فَاقِدَ الْمَعْنَى اللَّهُمَّ إِلَّا إِذَا انْعَكَسَ خَيْرًا عَلَى سُلُوكِ صَاحِبِهِ انْعِكَاسًا طَيِّبًا . .
وَإِنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ كُلَّ عَامٍ تَبْقَى عَقِيمَةً ، حَتَّى يُتَرْجِمَهَا الْإِنْسَانُ إِلَى صِدْقٍ ، وَأَمَانَةٍ ، وَعَفَافٍ ، الدِّينُ الْمُعَامَلَةُ قَدْ لَا يَكُونُ حَدِيثًا عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَكِنَّهُ مَفْهُومٌ وَغَايَةٌ وَحِكْمَةٌ مُرَادَةٌ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ عِبَادَةٍ . .
دَعْنَا نَرَاكَ مُسْلِمًا .
لَابُدَّ وَأَنْ نَرَى صَلَاتَكَ فِي رَحْمَتِكَ بِالنَّاسِ فَالرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ اللَّهُ . .
دَعْنَا نَرَاكَ مُسْلِمًا .
لَابُدَّ وَأَنْ نَرَى تَسْبِيحَكَ وَتَهْلِيلَكَ رَأْفَةً بِالْفُقَرَاءِ وَأَصْحَابِ الْأَعْذَارِ . .
لَابُدَّ وَأَنْ نَرَى الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ الَّذِي تَحْفَظُهُ وَتَخْتِمُهُ وَتَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ لَابُدَّ وَأَنْ نَرَى لَهُ بَصْمَةً فِي مُعَامَلَاتِهِ وَسُلُوكِيَّاتِكَ . .
نَحْنُ بِحَاجَةٍ لِأَنْ نُجَدِّدَ إِيمَانَنَا بِأَنَّ حُسْنَ الْمُعَامَلَةِ وَالتَّخَلُّفَ بِمَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ رُكْنٌ رَكِينٌ مِنْ الدِّينِ فَمَنْ زَادَ عَلَيْكَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا فَقَدْ زَادَ عَلَيْكَ فِي الدِّينِ . .
ثُمَّ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ الْإِفْلَاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالنَّارَ بِانْتِظَارِ كُلِّ إِنْسَانٍ ( سَاءَتْ مُعَامَلَاتُهُ ) وَ ( فَسَدَتْ أَخْلَاقُهُ ) وَإِنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا يُصَلِّي وَيَصُومُ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ مُسْلِمٌ . .
قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : أَتَدْرُونَ ما المُفْلِسُ؟ قالوا: المُفْلِسُ فِينا مَن لا دِرْهَمَ له ولا مَتاعَ، فقالَ: إنَّ المُفْلِسَ مِن أُمَّتي يَأْتي يَومَ القِيامَةِ بصَلاةٍ، وصِيامٍ، وزَكاةٍ، ويَأْتي قدْ شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فيُعْطَى هذا مِن حَسَناتِهِ، وهذا مِن حَسَناتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أنْ يُقْضَى ما عليه أُخِذَ مِن خَطاياهُمْ فَطُرِحَتْ عليه، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ.
نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ أَنْ يَجْعَلَ حَظَّنَا مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ الْحَظَّ الْأَوْفَرَ إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَمَوْلَاهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
-------------------------------------------------
- جَمْعُ وَتَرْتِيبُ الشَّيْخِ / مُحَمَّدِ سَيِّدِ حُسَيْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ .
- إِدَارَةُ اوقاف القناطر الخيرية.
- مديرية أَوْقَافِ الْقَلْيُوبِيَّةِ .
- جمهورية مِصْر العربية .








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 86.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 84.71 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.99%)]