|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ثقافة التلبيس في مدح الاختلاف وتسويغه المذموم الاختلاف واقع مشاهد بين الناس، وبعضهم يلبس على الناس أن هذا الاختلاف يرضاه الله -عز وجل- ويحبه، ويلوي عنق الآية بمعنى باطل! قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} (هود: 118-119)، ويزعم أن هذا من باب التنوع والتعددية اللذين يثريان الإسلام ويزيدانه بهاءً! قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «إن الإرادة في كتاب الله نوعان: إرادة شرعية دينية تتضمن محبته ورضاه، وإرادة كونية قدرية تتضمن خلقه وتقديره» (المنهاج 7/72). فالكفر والمعاصي -مثلا- واقعان بإرادته سبحانه الكونية، ولا يستلزم ذلك محبته لهما ورضاه عنهما، بخلاف الإيمان والعمل الصالح فهما واقعان بإرادته الكونية، قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}(البقرة: 185). قال الطبري: «إن الله جل ذكره ذكر صنفين من خلقه: أحدهما أهل اختلاف وباطل، والآخر أهل حق، ثم عقب وعم ذلك بقوله: {ولذلك خلقهم} صفة الصنفين، فأخبر عن كل فريق منهما أنه يسر لما خلق له. وسئل مالك عن قوله تعالى: {ولا يزالون مختلفين} قال: خلقهم ليكونوا فريقين: فريق في الجنة وفريق في السعير» (الطبري 15/536). وتسويغ بعضهم للاختلاف بين الأمة ينافي الآيات والأحاديث الآمرة بعدم التفرق والاختلاف، ومن ذلك قوله تعالى: {ولاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ}(آل عمران» 105)، وقوله صلى الله عليه وسلم في أحاديث عديدة: «لا تختلفوا». بل الله -سبحانه وتعالى- ما أنزل القرآن إلا ليبين للناس الذين اختلفوا حتى يتم جمع كلمتهم، {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (البقرة:213). ولو تأملنا باقي الأدلة في كتاب الاعتصام للشاطبي، رسالة (وجوب لزوم الجماعة وترك التفرق للشيخ جمال بادي.. ورسالة (إتمام المنة والنعمة في ذم اختلاف الأمة)، للشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن، ورسالة (ذم الفرقة والاختلاف في الكتاب والسنة)، للشيخ عبدالله الغنيمان. فالأمة الإسلامية مأمورة بتجنب الاختلاف، فإن وقع شيء منه، فهي مأمورة بحسمه بالرجوع إلى الكتاب والسنة المطهرة الصحيحة، لا تسويغه ومدحه؛ كما يظن أولئك. قال المزني: «ذم الله الاختلاف، وأمر عنده بالرجوع إلى الكتاب والسنة فلو كان الاختلاف من دينه ما ذمه، ولو كان التنازع من حكمه ما أمرهم بالرجوع عنده إلى الكتاب والسنة يعني قوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}(الشورى: 10)، وقوله: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}(النساء: 59). وواجبنا عند الاختلاف فرقاً ومذاهب أن: -لا نرضى به، ولا نسوغه ولا ندعي أنه أمر مشروع. - نحاول حسمه بالرجوع إلى الوحيين (الكتاب والسنة) بفهم السلف الصالح، وننكر على أهل البدع والمخالفات بدعهم، ونناصحهم بالضوابط الشرعية. - فإن استجابوا حمدنا الله، وإن لم ينتهوا فإننا نثبت على الحق ونحذر من مخالفته، ولا نتنازل عن شيء من أجل تقريب موهوم معهم، قال سبحانه وتعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}(الكهف: 29)، وقال جل جلاله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}(المائدة: 105). - قال الحسن البصري رحمه الله: «أما أهل رحمة الله فإنهم لا يختلفون اختلافا يضيرهم» يعني في مسائل الاجتهاد التي لا نص فيها يقطع العذر، بل لهم فيه أعظم العذر. - وما ذكره الإمام أحمد لما قال لمن ألف كتاب الاختلاف: «سمه كتاب السعة»، ومثل قول عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله- عندما قال: «ما أحب أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا؛ لأنه لو كان قولا واحدا كان الناس في ضيق، وأنهم أئمة يقتدى بهم، فلو أخذ أحد بقول رجل منهم كان في سعة». - وقال القاضي إسماعيل: «إنما التوسعة في اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم توسعة في اجتهاد الرأي، فأما أن يكون توسعة أن يقول الناس بقول واحد منهم من غير أن يكون الحق عنده فيه فلا، ولكن اختلافهم يدل على أنهم اجتهدوا فاختلفوا». جامع بيان العلم، ص395. فليس معنى التوسعة في الخلاف التشهي بين الأقوال المختلفة، كما يظن بعضهم، قال ابن تيمية: «وأما قول القائل: كل يعمل في دينه الذي يشتهي، فهي كلمة عظيمة يجب أن يُستتاب منها، وإلا عوقب، بل الإصرار على مثل هذه الكلمة يوجب القتل، فليس لأحد أن يعمل في الدين إلا ما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم دون ما يشتهيه أو يهواه». الفتاوى 22/240. فأهل السنة مجتمعون على أصول واحدة، وخلافاتهم الفقهية يرجع فيها إلى الدليل، والمسائل الاجتهادية قليلة يعذر بعضهم فيها بعضا، ولم ينكر عليه، وإن لم تكن مسألة اجتهاد فالدليل فيها بيِّن ، ينكر على المخالف. ولذلك قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}(آل عمران: 103)، فهذه دعوة لاجتماع كلمة الأمة على الحق وتآلفها واستجابتها.. نسأل الله الثبات على الحق.. اعداد: د.بسام خضر الشطي
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |