الإنابة والتضرع - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح صحيح البخاري كاملا الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 854 - عددالزوار : 75144 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 32688 )           »          من أحكام سجود السهو (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          فضل الدعاء وأوقات الإجابة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          ملخص من شرح كتاب الحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 2042 )           »          من مائدة الفقه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 1290 )           »          تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى حاجته، ثم استنجى من تور، ثم دلك يده بالأر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          مفهوم القرآن في الاصطلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          تفسير سورة الكافرون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-09-2021, 05:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,962
الدولة : Egypt
افتراضي الإنابة والتضرع

الإنابة والتضرع


سالم بن محمد الغيلي




إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم ما تعاقبتِ الليالي والأيام؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 70]؛ أما بعد:



فيا عباد الله:



إن عباد الله المؤمنين يتفكرون ويعتبرون وينظرون في أقدار الله التي تنزل على خلقه، فيأخذون العِبَرَ وقت نزول الخير والبركة والصلاح، فيشكرون الله على نِعَمِهِ، ويصرفونها في مرضاته، ويستعملونها في طاعته، ويحذرون كل الحذر أن يُسرفوا بها أو يعبثوا بها أو ينسَوا فضل المنعم، وهؤلاء هم المنيبون؛ الذين إذا أنعم عليهم المُنْعِمُ، وتفضَّل ورزق وعافى، شكروه ورجعوا إليه بالطاعة والتواضع، وشُكْرِ النعم وصرفها فيما يُرضيه، إن الإنابة إلى الله في حال النعماء من سُنَنِ الأنبياء؛ قال تعالى: ﴿ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ﴾ [ص: 24]، ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ ﴾ [ص: 34]، وقال شعيب: ﴿ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [هود: 88]، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال: ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [الشورى: 10]، وأثنى الله على إبراهيم عليه السلام بقوله: ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ ﴾ [هود: 75]، وأمرنا الله أن نتبع سبيلهم؛ فهم قدوتنا عليهم الصلاة والسلام؛ فقال الله جل وعلا: ﴿ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ﴾ [لقمان: 15]، الإنابة إلى الله في حال النِّعَمِ وتذكُّرُ المنعم وشُكره سعادةٌ وهداية وزيادة: ﴿ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ ﴾ [الرعد: 27]، ﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ ﴾ [الزمر: 17]، ﴿ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ ﴾ [غافر: 13].







عباد الله:



إن الإنابة إلى الله من موانع العذاب والوباء، فلو أناب الناس إلى الله قبل الوباء، وشكروا النعم، وشكروا المنعم، وتركوا الإسراف والمخيلة والمباهاة، والمجاراة وحياة المترفين - لو فعل الناس ذلك، لو فعل المسلمون ذلك - لَما نزل بهم الوباء: ﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾ [الزمر: 54].







تلكم الإنابة أيها العقلاء في حال النعماء والرخاء والعافية، أما في حال الوباء، في حال الجائحة، فإن حال المؤمن فيه اختلاف؛ لأن الوضع مختلف، في حال أزمة، في حال شدة؛ فالحال المناسب إضافة إلى حال الإنابة - هو حال التضرع إلى الله، ورفع الأيدي بالدعاء والخشوع والبكاء، والخوف من الله، ولا يرُدُّ القضاء إلا الدعاء والاستغاثة والضراعة؛ قال الله تعالى عن أمم سبقتنا عندما أعرضوا عن الله، أرسل إليهم الرسل، وأنزل الكتب، لكن لا حياة لمن تنادي: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 42، 43]؛ قال ابن كثير رحمه الله: "أخذهم بالضيق في العيش والفقر، والأمراض والأسقام والآلام؛ لعلهم يدعون الله ويتضرعون ويخشَون، فيكشف الله ما بهم، ولكن قست قلوبهم وزيَّن لهم الشيطان ما كانوا يعملون".







كثير من المسلمين ما خشع ولا تضرع، ولا فكَّر أن يرجع إلى ربه، أو يرفع يديه ويدعو، أو دخل في قلبه خوف أو وَجَلٌ، إنما همُّهُ من أين جاء الوباء، من الذي أرسل الوباء، وكم الإحصائيات، وكم الذين ماتوا؛ قال ابن القيم رحمه الله:



"فالله يبتلي عبده ليسمع تضرعه ودعاءه، والشكوى إليه، ولا يحب التجلُّدَ عليه، وأحب ما إليه انكسارُ قلبِ عبدِهِ بين يديه وتذللـه له، وإظهار ضعفه وفاقته، وعجزه وقلة صبره، فاحذر كل الحذر من إظهار التجلد عليه، وعليك بالتضرع والتَّمَسْكُنِ وإبداء العجز والفاقة، والذل والضعف، فرحمته أقرب إلى هذا القلب من اليد للفم"؛ [الروح].







اللهم تُبْ علينا وليِّن برحمتك قلوبنا، اللهم اجعلنا عند النعماء من الشاكرين الأوَّابين، وعند الضراء والوباء من الصابرين الخاشعين التائبين.







أقول ما تسمعون...







الخطبة الثانية



الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، حمدًا يليق بجلال ربنا وعظيم سلطانه؛ أما بعد:



فيا عباد الله، الأنبياء الذين اختارهم الله لحمل الرسالات، ورفعهم الله على العالمين، تعرَّضوا لمواقف عصيبة في حياتهم، فلجؤوا إلى الله، وتضرعوا وأظهروا الحاجة والفاقة إلى الله رب العالمين؛ قال يعقوب عليه السلام: ﴿ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 86]، وأيوب ويونس في قاع البحر، ماذا قالوا؟ ومحمد صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء والمرسلين، أعظم مخلوق في الكون عند الله؛ أخرج مسلم في صحيحه: ((لما كان يوم بدر، نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلًا، فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة، ثم مدَّ يديه، فجعل يهتف بربه: اللهم أنْجِزْ لي ما وعدتني، اللهم آتِ ما وعدتني، اللهم إن تُهلِك هذه العصابة من أهل الإسلام، لا تُعبَد في الأرض، فما زال يهتف بربه، مادًّا يديه مستقبل القبلة، حتى سقط رداؤه عن مَنكِبيه، فأتاه أبو بكر، فأخذ رداءه، فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال: يا نبي الله، كفاك مناشدتَك ربَّك، فإنه سيُنجز لك ما وعدك؛ فأنزل الله عز وجل: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴾ [الأنفال: 9])).







وكان عمر رضي الله عنه عندما أصاب الناس مجاعة في عام الرمادة كان يتضرع إلى الله؛ قال عبدالله بن عمر: ((كان عمر بن الخطاب أحدث في زمان الرمادة أمرًا ما كان يفعله، لقد كان يصلي بالناس العشاء، ثم يخرج حتى يدخل بيته، فلا يزال يصلي حتى يكون آخر الليل، ثم يخرج فيأتي الأنقاب فيطوف عليها، وإني لأسمعه ليلةً في السحر، وهو يقول: اللهم لا تجعل هلاكَ أمة محمد على يدي)).







هكذا كانوا يتضرعون ويلجؤون ويشتكون إلى الله، وهم الأفضل والأقرب إلى الله، فتضرعوا إلى الله جميعًا، أظهِروا فقركم وحاجتكم وخشوعكم إلى الله؛ فإنه لا يكشف البلوى إلا الله.








وصلوا وسلموا على البشير النذير.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 51.96 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.19%)]