استحيوا من الله يا مسلمون - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 580 - عددالزوار : 304593 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 45 - عددالزوار : 37652 )           »          هل الخلافة وسيلة أم غاية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          مفهوم الموازنة لغة واصطلاحا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          من مائدة السيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 1509 )           »          من نفس عن معسر نجاه الله من كرب يوم القيامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 466 - عددالزوار : 141344 )           »          كثرة أسماء القرآن وأوصافه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-02-2023, 07:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,112
الدولة : Egypt
افتراضي استحيوا من الله يا مسلمون

استحيوا من الله يا مسلمون
د. محمود بن أحمد الدوسري


الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أمَّا بعد:
الحياءُ: هو رأسُ الفَضائِلِ الخُلُقِيَّةِ، وعِمادُ الشُّعَبِ الإيمانية، وبِهِ يَتِمُّ الدِّينُ، وهو دليلٌ الإيمانِ، ورائِدُ الإنسانِ إلى الخَيرِ والهُدَى، قال النبيُّ الكريمُ صلى الله عليه وسلم: «الْحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ» رواه البخاري ومسلم. وفي حديثٍ آخَرَ: «الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ» رواه مسلم.


وإذا تَخَلَّقَ المُسْلِمُ بِخُلُقِ الحَياءِ؛ دلَّ ذلك على حُسْنِ أَدَبِه، ونَقاءِ سَرِيرَتِه، وكمالِ إيمانِه، قال صلى الله عليه وسلم: «الْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ» رواه البخاري ومسلم. وبيَّن ابنُ القيمِ - رحمه الله - أفضليةَ خُلُقِ الحَياءِ بقوله: (خُلقُ الحياءِ من أفضلِ الأخلاقِ وأجَلِّها، وأعظمِها قَدْراً، وأكْثَرِها نَفْعاً، بل هو خاصَّةُ الإنسانية، فمَنْ لا حياءَ فيه ليس معه من الإنسانيةِ إلاَّ اللَّحْمُ والدَّمُ وصُورتُهم الظاهِرَةُ، كما أنه ليس معه من الخيرِ شيءٌ، ولولا هذا الخُلُقِ لم يُقْرَ الضَّيْفُ، ولم يُوفَ بِالوَعْدِ، ولم تُؤدَّ الأمانةُ، ولم يُقْضَ لأحَدٍ حاجَة).


وبيَّنَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم كيفِيَّةَ حَياءِ العبدِ من ربِّه؛ بقوله: «اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ». قَالوا: إِنَّا لَنَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. قَالَ: «لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الاِسْتِحْيَاءَ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ: أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَتَحْفَظَ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَتَتَذَكَّرَ الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ» حسن لغيره - رواه الترمذي وأحمد. وعَنْ سَعِيدِ بنِ يَزِيدَ الأَزْدِيِّ؛ أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي، قَالَ: «أُوصِيكَ أَنْ تَسْتَحِيَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ كَمَا تَسْتَحِي مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ مِنْ قَوْمِكَ». صحيح - رواه أحمد والطبراني. ومِنَ الحياءِ مع اللهِ تعالى: ألاَّ تَتَضَجَّرَ عِندَ البَلاءِ، فتَنْسَى قَدِيمَ إِحْسَانِ اللهِ إليكَ.


وَحِفْظُ الرَّأْسِ ومَا وَعَى؛ بِعِدَّةِ أُمورٍ:
1- بِأَنْ يَحْفَظَ المُسْلِمُ رأسَه مِنَ السُّجودِ لِغيرِ اللهِ تعالى؛ لأنَّ السُّجودَ لِغَيرِ اللهِ حرامٌ؛ بل هو شِرْكٌ باللهِ تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ؛ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا» صحيح – رواه الترمذي.

2- وَيَحْفَظَ رأسَه مِنَ التَّكَبُّرِ على عِبادِ اللهِ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» رواه مسلم. وقال اللهُ تعالى – لابْنِ آدَمَ المُتَكَبِّر: ﴿ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا ﴾ [الإسراء: 37].

3- وَيَحْفَظَ بَصَرَهُ مِنَ النَّظَرِ إلى مَا حَرَّمَ اللهُ؛ قال سبحانه: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ... وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ﴾ [30، 31]. عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ؟ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي» رواه مسلم.

4- وَيَحْفَظَ لِسَانَه مِنَ الغِيبةِ والنَّميمةِ، والكَذبِ وشهادَةِ الزُّورِ، والفُحْشِ؛ فقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم - لمعاذٍ رضي الله عنه: «كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا» وأشار إلى لسانِه، فقال معاذٌ رضي الله عنه: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ! وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ» صحيح – رواه الترمذي. وقال صلى الله عليه وسلم – للرَّجُلِ الذي سَأَلَ عن النَّجَاةِ: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ» صحيح – رواه الترمذي.

5- وَيَحْفَظَ سَمْعَه مِنَ الاسْتِماعِ إلى الغِيبَةِ والنَّمِيمَةِ والغِناءِ والمُوسِيقَى؛ فاللهُ تعالى سائِلُه عن سَمْعِه وبَصَرِه يومَ القيامة: ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36]. وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَا، مُدْرِكٌ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ: فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاِسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلاَمُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ» رواه مسلم.

6- وَيَحْفَظَ الرَّجُلُ لِحْيَتَه فَلاَ يَحْلِقْها، وَتَحْفَظَ المرأةُ وجْهَهَا فَلا تَنْمِصْه؛ فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال - لِلرِّجَالِ: «أَعْفُوا اللِّحَى» متفق عليه. «أَرْخُوا اللِّحَى» رواه مسلم. «أَوْفُوا اللِّحَى» رواه مسلم. «وَفِّرُوا اللِّحَى» رواه البخاري. وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ» رواه مسلم.

الخطبة الثانية
الحمد لله.. أيها المسلمون.. يَجِبُ عَلَينَا أَنْ نَحْفَظَ البَطْنَ، ومَا حَوَى: فمِنَ الحَياءِ مِنَ اللهَ أَنْ نحْفَظَ بُطونَنَا مِنْ أَكْلِ الحَرامِ، وفُرُوجَنا مِنَ الزِّنا؛ قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ﴾ [المؤمنون: 51]. وَقَالَ تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ [البقرة: 172]. ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ! وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟» رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ، وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ» رواه البخاري.


ويَنْبَغِي أَنْ نَتَذَكَّرَ المَوتَ والبِلَى: فإنَّ الإِكْثارَ مِنْ ذِكْرِ المَوتِ يَدْفَعُ صاحِبَه إلى الطَّاعات، ويَمْنَعُه من المعاصي، ويُقلِّلُ عنده الكَثِيرَ، ويُكَثِّر عنده القَلِيلَ، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: «أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ: الْمَوْتِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرهُ أَحَدٌ فِي ضِيقٍ إِلَّا وُسِّعَ عَلَيْهِ، وَلَا ذَكَرَهُ فِي سَعَةٍ إِلَّا ضَيَّقَهَا عَلَيْهِ» حسن – رواه البيهقي.

وكان جبريلُ عليه السَّلام يقولُ - للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: «يَا مُحَمَّدُ! عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَأَحْبِبْ مَنْ أَحْبَبْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مُلَاقِيهِ» حسن – رواه البيهقي. فمِنَ الحياءِ: أَنْ نَتَذَكَّرَ الموتَ دائمًا، ومِنْ قِلَّةِ الحياءِ: أنْ نَنْسَى المَوتَ، وكيفَ نَنْساهُ وهو حَقٌّ لا مِريةَ فيه: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾ [آل عمران: 185].
نَسِيرُ إلى الآجَالِ فِي كُلِّ سَاعَةٍ
وأيَّامُنَا تُطْوَى وهُنَّ مَرَاحِلُ
وَلَمْ نَرَ مِثْلَ المَوْتِ حَقًّا كأنَّهُ
إذا ما تَخَطَّتْهُ الأمَانِيُّ باطِلُ
ومَا أقْبَحَ التَّفْرِيطَ فِي زَمَنِ الصِّبَا
فَكَيْفَ بِهِ والشَّيْبُ في الرَّأسِ نَازِلُ
تَرَحَّلْ عَنِ الدُّنْيَا بِزادٍ مِّنَ التُّقَى
فَعُمْرُكَ أيَّامٌ تُعَدُّ قلائِلُ



ومِنَ الحَياءِ: الإِقْبالُ على الآخِرَةِ، وتَرْكُ زِينَةِ الدُّنيا: قال صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا» حسن – رواه الترمذي. فالآخِرَةُ خَيرٌ وأَبْقَى مِنَ الدُّنيا: ﴿ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ الْأُولَى ﴾ [الضحى: 4]؛ ﴿ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [الأعلى: 17]؛ ﴿ وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [العنكبوت: 64].

فالعاقِلُ هو الذي يَهْتَمُّ بِالآخِرَةِ أَكْثَرَ مِنِ اهْتِمَامِه بِالدُّنيا الفَانِيَةِ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ: فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ مَا كُتِبَ لَهُ. وَمَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ نِيَّتَهُ: جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ» صحيح – رواه ابن ماجه.

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه قَالَ: نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَصِيرٍ، فَقَامَ - وَقَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوِ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً، فَقَالَ: «مَا لِي وَمَا لِلدُّنْيَا؟ مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلاَّ كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا» صحيح – رواه الترمذي. فعلى المسلمين أنْ يَتَأَسَّوا بِرَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ويَسْتَحْيُوا مِنَ اللهِ حَقَّ الحَياءِ.

وكذلك فَعَلَ الصَّحابَةُ الكرامُ رضي الله عنهم؛ فهذا أبو بكرٍ الصديقُ رضي الله عنه يَخْطُبُ النَّاسَ يومًا فيقول: (يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ! اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ: إِنِّي لَأَظَلُّ حِينَ أَذْهَبُ إِلَى الْغَائِطِ فِي الْفَضَاءِ مُتَقَنِّعًا بِثَوْبِي؛ اسْتِحْيَاءً مِنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ) رواه البيهقي. وقال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: (مَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ، وَمَنْ قَلَّ وَرَعُهُ مَاتَ قَلْبُهُ) رواه الطبراني. وقال زيدُ بنُ ثابتٍ رضي الله عنه: (مَنْ لَا يَسْتَحِي مِنَ النَّاسِ، لَا يَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ) رواه عبد الرزاق في "مصنفه".

فَلْنَلْتَزِمْ هذا الخُلُقَ العَظِيمَ؛ فإنَّه يَدْفَعُ صاحبَه إلى الطَّاعة، ويَمْنَعُه من المعصية، ويُبْعِدُ عنه فَضائِحَ الدُّنيا والآخِرَةِ، ويُحِبُّه اللهُ تعالى، ويُحِبُّه النَّاسُ.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.20 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.99%)]