|
رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#16
|
||||
|
||||
![]() فضل الاعتكاف اللجنة العلمية ![]() بسم الله الرّحمن الرّحيم استهلال شهر رمضان الكريم مدرسة إيمانية، وواحة ربانية، ومحطة مهمة في حياة الإنسان المسلم، يُعيد فيه ترتيب أوراقه، ومراجعة سلوكه وعلاقاته، وذلك في إطار الجوّ القرآنيّ الإيمانيّ الذي يُشيعه هذا الشهر الكريم، وخاصَّةً في العشر الأواخر منه، وخاصّة إذا ما كان الصّائم قد قرّر الاعتكاف فيها، فحتى يحقّق العبد الغاية المرجوّة من وراء الاعتكاف، لابد له من فهم هذه العبادة، فقها وسلوكا وتربية، وهذا ما سيتضح بإذن الله تعالى فيما يلي:ما هو الاعتكاف؟ ولماذا؟ ما هو الاعتكاف؟الاعتكاف في الشرع: لزومُ المسجدِ من أجل التّعبّد لله تعالى، بضربٍ أو أكثرَ من ضروب العبادة المشروعة، كالذّكر وتلاوة القرآن والصلاة والتّفكّر! وهو من العبادات القديمة، يدلُّ على ذلك قوله تعالى: ]وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ[ (سورة البقرة: آية 125) وقوله تعالى: ]فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً[ (سورة مريم: آية 17). وقوله تعالى: ]كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً[ (سورة آل عمران: آية 37). قال شيخ الإسلام: "ولأنَّ مريم عليها السلام قد أخبر الله سبحانه أنها جُعلت محرَّرةً له، وكانت مقيمةً في المسجد الأقصى في المحراب، وأنها انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً فاتخذت من دونهم حجاباً، وهذا اعتكاف في المسجد واحتجابٌ فيه". وأخص البقاع بذكر اسمه سبحانه والعبادة له بيوته المبنية لذلك، فلذلك كان الاعتكاف لزومَ المسجد لطاعة الله". والاعتكاف كان معروفاً في الجاهليّة، فقد روى البخاريُّ في صحيحه عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَذَرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ - قَالَ: أُرَاهُ قَالَ لَيْلَةً: -، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ». والملاحظ أن معنى الكلمة يجمع بين الإقامة والملازمة والمواظبة لدرجة حبس النفس على ما لازمه، ومن هنا يكون الاعتكاف: حمل النفس على الملازمة للعبادة والإقبال على الله تعالى حملا يبعدها عن الشواغل والمصارف، وكأن صاحبه حبس نفسه على العبادة وألزمها إياها. وعرفه البخاري بقوله: الإقامة في المسجد بنية التعبد لله تعالى. فالمعنى الجوهريُّ للاعتكاف هو لزوم المسجد وملازمته والمكث فيه، وهو حقيقةُ وماهية الاعتكاف شرعاً، وما زاد على هذا المعنى من اعتبار الصوم وغيره، فهي شروطٌ للاعتكاف وليست من ماهيته. ولماذا؟ أو: ما هي حكمة مشروعيّة الاعتكاف؟ يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولما كان المرء لا يلزم ويواظب إلا من يحبُّه ويعظِّمه، كما كان المشركون يعكفون على أصنامهم وتماثيلهم، ويعكف أهل الشهوات على شهواتهم شرع الله لأهل الإيمان أن يعكفوا على ربهم سبحانه وتعالى". وذلك: لكي ينأى بنفسه عن الشَّواغل التي تحول بين المرء وبين أن يتفرَّغ لعبادة ربّه سبحانه وتعالى! وهذه الشواغل تتمثل في الفضول الأربعة: فضول الطعام والشراب، وفضول مخالطة الأنام، وفضول الكلام، وفضول المنام! فالقدر المناسب من هذه المضرّات الأربعة، ليس مضرّاً، ولكن الزيادة فيها عن حدّ الاعتدال! يقول الإمام ابن القيّم: "لما كان صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى، متوقفاً على جمعيته على الله، ولمِّ شعثه بإقباله بالكلية على الله تعالى، فإنَّ شعث القلب لا يلمُّه إلا الإقبال على الله تعالى! وكان فضول الطعام والشراب، وفضول مخالطة الأنام، وفضول الكلام، وفضول المنام، مما يزيده شعثاً، ويُشتته في كل واد، ويقطعه عن سيره إلى الله تعالى، أو يضعفه، أو يعوقه ويوقفه: اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يذهب فضول الطعام والشراب، ويستفرغ من القلب أخلاط الشهوات المعوقة له عن سيره إلى الله تعالى، وشرعه بقدر المصلحة، بحيث ينتفع به العبد في دنياه وأخراه، ولا يضره ولا يقطعه عن مصالحه العاجلة والآجلة، وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده وروحه: عكوف القلب على الله تعالى، وجمعيتُه عليه، والخلوة به، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحده سبحانه، بحيث يصير ذكره وحبُّه، والإقبال عليه في محلِّ هموم القلب وخطراته، فيستولي عليه بدلها، ويصير الهمُّ كلُّه به، والخطراتُ كلُّها بذكره، والتفكر في تحصيل مراضيه وما يقرب منه، فيصير أنسُه بالله بدلاً من أنسه بالخلق، فيعده بذلك لأنه به يوم الوحشة في القبور حين لا أنيس له، ولا ما يفرح به سواه، فهذا مقصودُ الاعتكاف الأعظم"([1]). إذن: مقصود الاعتكاف الأعظم: عكوف القلب على الله تعالى، وجمعيتُه عليه، والخلوة به، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحده سبحانه، بحيث يصير ذكره وحبُّه، والإقبال عليه في محلِّ هموم القلب وخطراته! وذلك لا يكون إلا بالتخلص من تلك الفضول الأربعة! وذلك يتحقّق بالاعتكاف مع الصّوم! ويقول الإمام ابن رجب الحنبلي: "الخلوة المشروعة لهذه الأمة وهي الاعتكاف ،خصوصاً في شهر رمضان ، خصوصاً في العشر الأواخر منه كما كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يفعله ؛ فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره ، وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله ، وعكف بقلبه وقالبه على ربه وما يقربه منه ، فما بقي له همٌ سوى الله وما يرضيه عنه .. فمعنى الاعتكاف وحقيقته : قطع العلائق عن الخلائق للاتصال بخدمة الخالق "3 "وليست العزلة المشروعة لتربية النفس وتهذيبها مقصورة على سنة الاعتكاف فحسب؛ بل كان السلف –رضي الله عنهم- يحثون السالك على اختلاس أوقات يخلو فيها بنفسه للذكر أو الفكر أو المحاسبة أو غيرها . قال عمر –رضي الله عنه- :" خذوا بحظكم من العزلة " وقال مسروق-رحمه الله-:" إن المرء لحقيق أن يكون له مجالس يخلو فيها يتذكر ذنوبه ، فيستغفر منها ". ويوصينا ابن الجوزي – رحمه الله- بالعزلة فيقول: " فيا للعزلة ما ألذها ! فلو لم يكن في العزلة إلا التفكير في زاد الرحيل ، والسلامة من شر المخالطة كفى " ويقول : " ولأن أنفع نفسي وحدي خير لي من أنفع غيري وأتضرر.. الصبر الصبر على ما توجبه العزلة ، فإنه إن انفردْتَ بمولاك فتح لك باب معرفته ..5" إن أهم ما يُعنى به الموفق لطاعة مولاه هو إصلاح تلك المضغة التي إذا صلحت صلح الجسد كله ، وفي الصوم والاعتكاف من الإصلاح الشيء الكثير . يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |