
09-02-2020, 03:22 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,373
الدولة :
|
|
رد: زاد العقول شرح سلم الوصول
زاد العقول شرح سلم الوصول (2/ 17)
أبي أسامة الأثري جمال بن نصر عبدالسلام
(2/ 17)
الشـرح
مقدمة الناظم
قال الناظم:
1- الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى الْإِنْعَامِ
بِنِعْمَةِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلاَمِ 
2- أَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبَا
مُصَلِّيًا عَلَى النَّبِيِّ الْمُجْتَبَى 
3- مُحَمَّدٍ وَالْآلِ وَالْأَصْحَابِ
حَمَلَةِ السُّنَّةِ وَالْكِتَابِ 
• معاني المفردات:
• الإنعام: العطاء.
• المجتبى: المختار والمصطفى.
• المعنى الإجمالي:
حمد الناظم ربَّه على عطائه المستمر، وأعلاه نعمتا الإيمان والإسلام، ثم حمده حمدًا كثيرًا يليق بذاتِ الله وجلاله، ثم صلى على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - الذي اصطفاه بالرِّسالة، وبكونه سيدَ ولد آدم، وعلى آله ممن تبعه إلى يوم الدين، وقرابته الذين آمنوا به، وخصَّ منهم أصحابَه؛ لأنَّهم حملة الدين، ومبلغوه إلى من خلفهم.
• المباحث التي تشتمل عليها الأبيات:
1- معنى الحمد.
2- معنى الإيمان والإسلام.
3- معنى الصلاة على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.
4- معنى "الآل".
5- تعريف الصحابي.
• المبحث الأول:
معنى الحمد:
حَمْد الله هو: الثناء عليه بأسمائه وصفاته الدَّائرة بين العدل والفضل.
وقد أتى به الناظم في أولِ النظم؛ اقتداءً بكتابِ الله الذي استفتح به الفاتحةَ بعد البسملة؛ قال تعالى: ï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ï´¾ [الفاتحة: 1 - 2].
واقتداءً بسنة إمام المرسلين، وقائد الغُرِّ المحجلين؛ محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - الذي كان يستفتح بها خطبةَ الحاجة.
وأولها: ((إنَّ الحمد لله نستعينه ونستغفره...))؛ الحديث.
واللام في "لله" قيل: إنَّها للاستحقاق، فالله هو المستحق للحمد.
لذا "كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا رأى ما يُحِبُّ قال: ((الحمدُ لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات))، وإذا رأى ما يكره، قال: ((الحمدُ لله على كل حال))"؛ أخرجه ابن ماجه[1]، من حديث عائشة - رضي الله عنها.
وقيَّد الحمد بنعمتي: "الإيمان"، و"الإسلام"؛ لأنَّهما أصلُ النعم الدنيوية، ولأنَّ النعمة من دونهما استدراج للمُنْعَم عَلَيْه.
قال تعالى: ï´؟ فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ï´¾ [الزخرف: 83].
وقال الأشعري - رحمه الله -: "إنَّ الكافِرَ غَيْرُ منعَم عليه؛ لأن مصيره إلى النار"؛ اهـ.
• المبحث الثاني:
معنى الإسلام والإيمان:
الإسلام في اللغة: الخضوع والانقياد.
أمَّا في الشرع فهو: الشهادتان، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً.
أمَّا الإيمان فهو في اللغة: الإقرار.
وفي الشرع: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره.
• المبحث الثالث:
معنى "الآل":
"الآل" هم أتباع الرجل، وشيعته، وقرابته.
وقال الشاعر:
آلُ النَّبِيِّ هُمُ أَتْبَاعُ مِلَّتِهِ
مِنَ الْأَعَاجِمِ وَالسُّودَانِ وَالْعَرَبِ 
لَوْ لَمْ يَكُنْ آلُهُ إِلاَّ أَقَارِبَهُ
صَلَّى الْمُصَلِّي عَلَى الطَّاغِي أَبِي لَهَبِ 
• المبحث الرابع:
معنى الصلاة على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
الصلاة على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من الناس الدُّعاء له، ومن الله الثناء عليه.
ولا يصح أنها من الله "الرحمة".
قال تعالى: ï´؟ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ï´¾ [البقرة: 157].
فلو فسرناها على أنَّها "الرحمة"، لصار المعنى: أولئك عليهم رحمات من ربِّهم ورحمة.
• المبحث الخامس:
تعريف الصحابي:
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - في "مصطلح الحديث" ص 34:
"الصحابي هو: من اجتمع بالنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أو رآه مُؤمنًا به، ومات على ذلك، ويدخل فيه مَنِ ارتَدَّ ثم رجع للإسلام، كالأشعث بن قيس، فإنه كان ممن ارتد بعد وفاة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فجيء به أسيرًا إلى أبي بكر، فتاب، وقَبِلَ منه أبو بكر - رضي الله عنه - ويخرج منه مَن آمن بالنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في حياته ولم يجتمع به، كالنجاشي، ومَن ارتد ومات على رِدَّتِه، كعبدالله بن خطل قُتِلَ يومَ الفتح، وربيعة بن أمية بن خلف ارتد في زمنِ عمر، ومات على الرِّدَّة"؛ اهـ.
• تتمَّات البحث:
التتمة الأولى: زاد الناظم على الأصل الابتداء بالحمد.
حيث إنَّ صاحبَ الأصل لم يأتِ به في مَتنه.
وهذا الأمر مما يحسب للناظم، إلاَّ أنَّه لا يقلل من استفتاحِ صاحب الأصل؛ حيث إنَّه استفتح مَتنه بـ: "البسملة"، وهذا يكفيه، وإنَّما يؤاخذ صاحب الأصل على ترك الحمد، إذا لم يستفتح به أو بالبسملة.
وقد جرت السنة على ذلك.
فالنبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يستفتح بالبسملة منفردة أحيانًا، وكان يستفتح بالحمد منفردًا أحيانًا أخرى، والذي يذهب إليه في هذا المقام أنَّ البَدْءَ بالبسملة يناسب المكاتبة؛ لذا كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يستفتح بها مكاتباته.[2]
أمَّا البداءة بالحمد، فيناسبها المشافهة؛ لذا كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يستفتح به مشافهاته لأصحابه.
فإذا علمت ذلك، لمست صوابَ ما ذهب إليه الجويني - رحمه الله - حيث إنَّه استفتح بما يناسب المقام، فالمكاتبة تناسبها البسملة.
وإن كان هذا لا يُقلل من صنيع الناظم؛ حيث أتى بالبسملة والحمد معًا، وهذا أقوى وأكبر أثرًا في الاستفتاح.
• التتمة الثانية:
اكتفى الناظم بحمدِ الله على النعم، فذكر نعمتين من أجلِّ نعم الله على خلقه، ألاَ وهما: الإيمان، والإسلام، واعلم أنَّ حَمْدَ الله يكون على ثلاث:
• حمد على الذات.
• حمد على الصفات.
• حمد على النعم.
ومثال الأول: قوله - تعالى -: ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ï´¾ [الفاتحة: 2].
ومثال الثاني: قوله - تعالى -: ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ï´¾ [فاطر: 1].
أما مثال الثالث، فقوله - تعالى -: ï´؟ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ï´¾ [الأعراف: 43].
يعنى الذي وفَّقنا لسبيل هذا النعيم.
وقال تعالى - حكايةً عن نبيه إبراهيم - عليه السَّلام -: ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ï´¾ [إبراهيم: 39].
واختصَّ الناظم في نظمه نعمتي الإيمان والإسلام؛ لكونهما غايةَ عطاء الله للعبد، فمن أحبه الله، هداه الله إليهما، ومن أبغضه، لَم يوفقه إليهما، فبهما النجاة في الدارين، ومن أجْلهما أرسلت الرسل، وأعذر البشر؛ قال تعالى: ï´؟ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ï´¾ [الأنعام: 125].
• التتمة الثالثة:
كان يكفي المصنف أنْ يذكر الإيمانَ وَحْدَه أو الإسلام؛ لأَنَّهما إن اجتمعا افترقا، وإن افترقا اجتمعا، بمعنى أنَّهما إذا ذكرا معًا، اختص الإيمان بأعمال القلوب، واختص الإسلام بأعمال الجوارح، وإذا ذكر أيٌّ منهما منفردًا دخل فيه الآخر.
لذا قال تعالى: ï´؟ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ï´¾ [الحجرات: 14].
ففرق البارئ بينهما لما اجتمعا.
• عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بارزًا يومًا للناس، فأتاه جبريل، فقال: ما الإيمان؟ قال: ((الإيمان: أن تؤمن بالله، وملائكته، وبلقائه، ورُسُله، وتؤمن بالبعث))، قال: ما الإسلام؟، قال: ((الإسلام: أن تعبد الله ولا تشرك به، وتقيم الصلاة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان...)).
وفيه قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((هذا جبريل جاء يعلم الناس دينهم))"؛ متفق عليه.[3]
ففرَّق بينهما رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لما اجتمعا.
لكنَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أدخل الإسلامَ في الإيمان لما افترقا.
• "عن ابن عباس أنَّ وَفْدَ عبدالقيس أتَوُا النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((من القوم أو من الوفد؟))، قالوا: ربيعة، قال: ((مرحبًا بالقوم - أو بالوفد - غيرَ خزايا ولا نَدَامى))، فقالوا: يا رسول الله، إنَّا لا نستطيع أنْ نأتيك إلاَّ في شهر الحرام، وبيننا وبينك هذا الحي من كفَّار مُضَر، فمُرنا بأمرٍ فصْل، نخبر به مَن وراءنا، وندخل به الجنة، وسألوه عن الأشربة، فأمرهم بأربع، ونهاهم عن أربع، أمرهم بالإيمان بالله وحْدَه، قال: ((أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟))، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وأن تعطوا من المغنم الخمس...))"؛ الحديث، متفق عليه[4].
فلَمَّا أفرد - صلَّى الله عليه وسلَّم - الإيمانَ، أدخل فيه الإسلام.
قلت: لعلَّ الناظِمَ لَمَّا أفردهما، أراد التأكيدَ على أعمالِ القلوب بذكر الإيمان، وأعمال الجوارح بذكر الإسلام.
فكأنَّه أراد حَمْد الله على هداية القلب بالإيمان، وحَمْدَ الله على هداية البدن إلى الإذعان وفعل الطاعات.
أو لعلَّه اضطر إلى ذلك؛ لضرورة النظم، والأول أقرب.
• التتمة الرابعة:
زاد الناظمُ الصلاة على النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - حيث إنَّ الجويني لم يذكر أيَّ مقدمة لمتنه، ومع ذلك فاته ذكرُ السلام عليه.
قال تعالى: ï´؟ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ï´¾[الأحزاب: 56].
• التتمة الخامسة:
وزاد الناظم الثناءَ على الآل والأصحاب أيضًا.
وعطف الأصحاب على الآل، وهو جزء منهم، من باب عطف الخاص على العام؛ لأهمية هذا الخاص فيه.
قال تعالى: ï´؟ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ ï´¾ [البقرة: 98].
فذكر الملائكةَ أجمعين، وعطف عليهم جبريلَ وميكال؛ لبيان مكانهما في الملائكة.
• التتمة السادسة:
لفظ "الآل" إذا ذكر، فله ثلاثةُ أحوال:
• إذا ذُكِرَ مفردًا، دخل فيه أتباعُ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقرابته.
• أمَّا إذا عطف عليه بعضه، كان من باب عطف الخاص على العام، كما أشرت آنفًا.
• أمَّا إذا قيد، فينصرف إلى ما قيد به.
قال الناظم:
4- وَبَعْدُ فَالْمَقْصُودُ نَظْمُ شَذَرَاتْ
مِمَّا تَضَمَّنَ كِتَابُ الْوَرَقَاتْ 
5- سَمَّيْتُهُ بِ "سُلَّمُ الْوُصُولِ
إِلَى الضَّرُورِيِّ مِنَ الْأُصُولِ" 
• معاني المفردات:
• وبعدُ: كلمة يؤتى بها عند الدُّخول في الموضوع المراد من الكلام بعد الفراغ من مُقدمته.
• شَذَرات: جمع شَذَرة، بفتح الشين والذال المعجمتين، وهي قطعة الذهب، وتجمع أيضًا على"شذور".
• تضمن: حوى.
• الأصول: يقصد "أصول الفقه".
• المعنى الإجمالي:
بيَّن الناظم في هذين البيتين مُراده من النظم، فقال: إنَّه قصدَ نظمَ جُمَلٍ مما حوى كتاب "الورقات" في أصول الفقه، وأنه سماه بـ "سلم الوصول إلى الضروري من الأصول".
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|