الفأل - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح صحيح البخاري كاملا الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 796 - عددالزوار : 75052 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 32652 )           »          من أحكام سجود السهو (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          فضل الدعاء وأوقات الإجابة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          ملخص من شرح كتاب الحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 2011 )           »          من مائدة الفقه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 1281 )           »          تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى حاجته، ثم استنجى من تور، ثم دلك يده بالأر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          مفهوم القرآن في الاصطلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          تفسير سورة الكافرون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 23-02-2021, 09:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,904
الدولة : Egypt
افتراضي الفأل

الفأل


الشيخ د. : صالح بن مقبل العصيمي






عناصر الخطبة

1/ فضائل التفاؤل 2/ أهمية حسن الظن بالله تعالى 3/ تغيير النبي صلى الله عليه وسلم للأسماء والألقاب المنفرة 4/ مساوئ سوء الظن بالله 5/ ذم توقع الشرور واليأس من زوالها.


اقتباسالتَّفَاؤُلُ، وَالتَّيَمُّنْ، وَتَأْمِيلُ الْخَيْرِ؛ مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِاللهِ -جَلَّ وَعَلَا-، وَالثِّقَةِ بِهِ، وَدَافِعٌ لِلْعَمَلِ، وَهُوَ عَاجِلُ الْبُشْرَى، قَالَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: “وَأُحِبُّ الْفَأْلَ الصَّالِحَ”، (رَوَاهُ مُسْلِمٌ). وَفِي رِوَايَةٍ: قَالُوا: وَمَا الفَأْلُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ». (أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ). فَإِذَا سَمِعَ اِسْمًا حَسَنًا، أَوْ كَلِمَةً طَيِّبَةً، أَوْ مَرَّ بِمَكَانٍ طيِّبٍ، اِنْشَرَحَ صَدْرُهُ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، مِنْ حُسْنِ ظَنِّهِ بِاللهِ -جَلَّ وَعَلَا-…








الْخُطْبَةُ الْأُولَى:


إنَّ الْحَمْدَ للهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتِغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا، وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ.

وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ وَخَلِيلُهُ، وَصَفْوَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ صَلَّى اللهُ عليه، وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

أمَّا بَعْدُ.. فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ، وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعِةِ؛ فَإِنَّ يَدَ اللهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَمَنْ شَذَّ شَذَّ فِي النَّارِ.

عِبَادَ اللهِ، التَّفَاؤُلُ، وَالتَّيَمُّنْ، وَتَأْمِيلُ الْخَيْرِ؛ مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِاللهِ -جَلَّ وَعَلَا-، وَالثِّقَةِ بِهِ، وَدَافِعٌ لِلْعَمَلِ، وَهُوَ عَاجِلُ الْبُشْرَى، قَالَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "وَأُحِبُّ الْفَأْلَ الصَّالِحَ"، (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

وَفِي رِوَايَةٍ: قَالُوا: وَمَا الفَأْلُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ». (أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ).

فَإِذَا سَمِعَ اِسْمًا حَسَنًا، أَوْ كَلِمَةً طَيِّبَةً، أَوْ مَرَّ بِمَكَانٍ طيِّبٍ، اِنْشَرَحَ صَدْرُهُ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، مِنْ حُسْنِ ظَنِّهِ بِاللهِ -جَلَّ وَعَلَا-، فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "كَانَ يُعْجِبُهُ إِذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ أَنْ يَسْمَعَ: يَا رَاشِدُ، يَا نَجِيحُ" (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ).

وَسَمعَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- كَلِمَةً مِنْ رَجُلٍ فَأَعْجَبَتْهُ فَقَالَ: «أَخَذْنَا فَأْلَكَ مِنْ فِيكَ» (رَوَاهُ أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ).

وَمِنْ صُوَرِ الفَأْل أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مَرِيضًا فَيَسْمَعُ آخَرَ يَقُولُ: يَا سالِمُ، أَو يَكُونُ طالِبَ ضَالَّةٍ فَيَسْمَعُ آخَرَ يَقُولُ: يَا واجِدُ.

قَالَ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ -رَحِمَهُ اللهُ-: "وَالْفَالُ الَّذِي يحِبُّهُ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، هُوَ أَنْ يَفْعَلَ أَمْرًا، أَوْ يَعْزِمَ عَلَيْهِ مُتَوَكِّلًا عَلَى اللَّهِ، فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ الْحَسَنَةَ الَّتِي تَسُرُّهُ، مِثْلُ أَنْ يَسْمَعَ: يَا نَجِيحُ، يَا مُفْلِحُ، يَا سَعِيدُ، يَا مَنْصُورُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ"، كَمَا «لَقِيَ فِي سَفَرِ الْهِجْرَةِ رَجُلًا فَقَالَ: مَا اسْمُك؟ قَالَ: يَزِيدُ، قَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ يَزِيدُ أَمْرُنَا»، وَيُشْتَرَطُ فِي الْفَأْلِ الَمَشْرُوعِ ألَّا يَكُونَ مَقْصُودًا، إِنَّمَا يَأْتِي اتفاقًا، وَلَا يَنْتِهي بِهِ وَلَا يَأْتمِرُ.

فَالْمُتَعَيَّنُ لِلْخَيْرِ مِثْلُ الْكَلِمَةِ الْحَسَنَةِ يَسْمَعُهَا الرَّجُلُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ نَحْوَ: يَا فَلَاحُ، يَا مَسْعُودُ، وَمِثْلُ الْمَنْظَرِ الْحَسَنِ يَرَاهُ الرَّجُلُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لَهُ فَيَسْتَبْشِرُ بِهِ، فَهَذَا حَسَنٌ مُبَاحٌ مَقْصُودٌ.

وَلَمَّا أَقْبَلَ سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍ أَحَدُ زُعَمَاءِ قُرَيْشٍ قَبْلَ إِسْلَامِهِ، لِيَتَفَاوَضَ مَعَ الرَّسُولِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، فِي يَوْمِ الْحُدَيْبِيَةِ، قَالَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ: "سُهِّلَ لَكَمْ مِنْ أَمْرِكُمْ".

وَكَانَ كَمَا أَمَّلَ الرَّسُولُ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، فَكَانَ مَجِيئُهُ سَبَبَ خَيْرٍ لِلإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- يُبَدِّلُ الأَسْمَاءَ الْمُوهِمَةَ، أَوِ السَّيِّئَةَ بِأَسْمَاءَ حَسَنَةٍ؛ وَعِنْدَمَا هَاجَرَ زَحْمُ بْنُ مَعْبَدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، سَأَلَهُ: «مَا اسْمُكَ؟» قَالَ: زَحْمٌ، قَالَ: «بَلْ، أَنْتَ بَشِيرٌ» (رَوَاهُ أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ).

وَعَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ أَبَاهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «مَا اسْمُكَ» قَالَ: حَزْنٌ، قَالَ: «أَنْتَ سَهْلٌ» قَالَ: لاَ أُغَيِّرُ اسْمًا سَمَّانِيهِ أَبِي. قَالَ ابْنُ المُسَيِّبِ: «فَمَا زَالَتِ الحُزُونَةُ فِينَا بَعْدُ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ). وَالْحُزُونَةُ: غِلْظَةٌ وَقَسَاوَةٌ فِي الْخُلُقِ وَشِدَّةٌ وَاِمْتِنَاعٌ عَنِ التَّسْهِيلِ.

وَغيَّرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- اِسْمَ شِهَابٍ إِلَى هِشَامٍ، وَسَمَّى الْمُضَّطَجِعَ: "الْمُنبَعِثَ، وَأَرْضًا تُسَمَّى عَفِرةَ سَمَّاهَا خَضِرَةَ، وشِعْبَ الضَّلَالَةِ سَمَّاهُ: شِعْبَ الْهُدَى، وَبَنِي الزِّنْيَةِ سَمَّاهُمْ بَنِي الرِّشْدَةِ، وَسَمَّى بَنِي مُغْوِيَةَ بَنِي رِشْدَةَ" (رَوَاهَا أَبُو دَاودَ بَأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ).

وَكَانَ الْعَرَبُ يُحَوِّلُونَ الأَسْمَاءَ السَّيِّئَةَ أَوِ الْمُوهِمَةَ إِلَى حَسَنَةٍ؛ فَكَانُوا يُسَمُّونَ القِفَارَ مَفَازَةً؛ تَفَاؤُلًا بِالنَّجَاةِ مِنْ مَهْلَكَتِهَا، وَكَانُوا يَقُولُونَ لِلَّدِيغِ: سَلِيمًا، وَكَانُوا يَخْتَارُونَ الأَسْمَاءَ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْفَوْزِ وَالنَّجَاحِ كَغَالِبٍ، وَغَلَّابٍ، وَسَالِمٍ، وَسَعْدٍ، وَسَعِيدٍ، وَأَسْعَدَ، وَغَانِمٍ.

وَأَمَّا تَعَمُّدُ الْفَأْلِ كَأَنْ يَتَعَمَّدَ السَّيْرَ عَلَى طَرِيقٍ مَنْظَرُهُ حَسَنٌ، أَوْ شَارِعٍ اِسْمُهُ حَسَنٌ مِنْ بَابِ التَّفَاؤُلِ؛ فَهَذَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ اِتِّفَاقًا، وَكَذَلِكَ تَعَمُّدُ اِسْتِفْتَاحِ الْفَأْلِ فِي الْمُصْحَفِ، فَإِنَّ هَذَا كَمَا بَيَّنَ شَيْخُ الإِسْلَامِ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ، -رَحِمَهُ اللهُ- "لَيْسَ الْفَأْلُ الَّذِي يُحِبُّهُ رَسُولُ اللهِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنِ السَّلَفِ فِيهِ شَيْءٌ". اِنْتَهَى كَلَامُهُ -رَحِمَهُ اللهُ-.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ….


الخطبة الثانية:


الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَخَلِيلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.

أمَّا بَعْدُ.. فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

عِبَادَ اللهِ، ثِقُوا بِرَبِّكُمْ، وَتَوَكَّلُوا عَلَيْهِ، وَلَا تَقُولُوا إِلَّا خَيْرًا، وَلَا تَظُنُّوا بِهِ – جَلَّ شَأَنُهُ- إِلَّا خَيْرًا وَاِعْلَمُوا أَنَّ الْبَلَاءَ-فِي حَالَاتٍ كَثِيرَةٍ- مُوكَلٌ بِالْمَنْطِقِ، فَمَثَلًا: الطَّالِبُ حِينَ يَبْدَأُ الْاِخْتِبَارَ؛ عَلَيْهِ أَلَّا يُقَدِّمَ الرُّسُوبَ وَالإِكْمَالَ عَلَى التَّفُوقِ وَالنَّجَاحِ، بَلْ يَتَفَاءَلُ بِالْخَيْرِ وَالنَّجَاحِ، وَيُحْسِنَ الظَّنَّ بِرَبِّهِ أَنَّهُ سَيُوفِّقَهُ، وَمِثْلُهُ مَنْ يُقْدِمُ عَلَى وَظِيفَةٍ، فَلَا يَسْتَشْرِفْ عَدَمَ الْقَبُولِ فِيهَا، بَلْ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِرَبِّهِ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ سَيُيَسِّرُ لَهُ أَمْرَهُ، وَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ فِي ُكِّل مَنْ يُقْبِلُ عَلَى أَمْرٍ مَرْغُوبٍ كَخِطْبَةِ زَوَاجٍ، أَوْ الشُّرُوعِ فِي تِجَارَةٍ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ شُؤُونِ الْحَيَاةِ، وَلْيَحْذَرِ الظَّنَّ السَّيِّءَ، وَالْقَوْلَ السَّيِّءَ؛ فَأَثَرُهُ غَيْرُ حَمِيدٍ.

اِحْذَرْ لِسَانَكَ أَنْ تَقُولَ فَتُبْتَلَى *** إِنَّ الْبَلَاءَ مُوكَلٌ بِالْمَنْطِقِ
وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ فَقَالَ: «لاَ بَأْسَ عَلَيْكَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ»، فقَالَ الأَعْرَابِيُّ: طَهُورٌ؟! بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ تُزِيرُهُ القُبُورَ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: «فَنَعَمْ إِذًا» (رَوَاهُ الْبُخَارِيَّ).
وَمَعْنَى: «فَنَعَمْ إِذًا»: أَيْ لَكَ مَا ظَنَنْتَ مِنَ الْمَوتِ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ، فَحَصَلَ لَهُ الْمَوتُ فِي مَرَضِهِ هَذَا.

وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "أَتَى رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: "لَوْ أَنَّ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلا فَتَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ، أَوْ قَتَلَ قَتَلْتُمُوهُ، أَوْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ؟ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ افْتَحْ، وَجَعَلَ يَدْعُو فَنَزَلَتْ آيَةُ اللِّعَانِ (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ ….)، يَقُولُ رَاوِي الْحَدِيثِ: فَابْتُلِيَ بِهِ الرَّجُلُ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ، فَجَاءَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- فَتَلاعَنَا" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

وَكَانَ الْمَؤَمِّلُ يَتَغَزَّلُ بِامرَأَةٍ بِالْحِيرَةِ فَقَالَ:
شَفَّ الْمُؤَمِّلُ يَوْمَ الْحِيرَةِ النَّظَرُ *** لَيْتَ الْمُؤَمِّلَ لَمْ يُخْلَقْ لَهُ بَصَرُ
فَأَصْبَحَ أَعْمَى.

فَانظُرُوا-يَرْحَمْكُمُ اللهُ- كَيْفَ يُوقِعُ الإِنْسَانُ الْبَلَاءَ بِنَفْسِهِ بِسَبَبِ لِسَانِهِ. نَسْأَلُ اللهَ السَّلَامَةَ وَالْعَافِيَةَ.

فَعَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَثِقَ بِرَبِّهِ، وَأَلَّا يَيْأَسَ وَأَنْ يُؤَمِّلَ دَائِمًا فِي تَوفِيقِ رَبِّهِ لَهُ، وَنَصْرِهِ إِيَّاهُ، وَلَا يَسْتَشْرِفِ الشَّرَّ وَيَتَوَقَّعَهُ فَيَحْصُلُ لَهُ، وَالْعِيَاذُ بِاللهِ. جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْمُوَفَّقِينَ لِلْخَيْرِ.

اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى وَجْهِكَ. الَّلهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَلَا تَجْعَلْ فِينَا وَلَا بَيْنَنَا شَقِيًّا وَلَا مَحْرُومًا، الَّلهُمَّ اِجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ.

اللَّهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ مِنَ الفِتَنِ وَالمِحَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، اللَّهُمَّ اِحْفَظْ لِبِلَادِنَا أَمْنَهَا وَإِيمَانَهَا وَاِسْتِقْرَارَهَا، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَاِجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا، وَأَصْلِحْ بِهِ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ.

الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَاِقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَوَلِّ عَلَيْهِمْ خِيَارَهُمْ وَاِكْفِهِمْ شَرَّ شِرَارِهِمْ، اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.

اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرُوا مَعَنَا، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 86.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 84.46 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.00%)]