|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير "محاسن التأويل" محمد جمال الدين القاسمي سورة البقرة المجلد الثانى صـ 161 الى صـ 165 الحلقة (31) والوجه الثاني : أن الخشية المذكورة في الآية إنما هي التصرف بحكم الله تعالى وجري أقداره ، كما قلنا في قوله تعالى حاكيا عن السماء والأرض : قالتا أتينا طائعين [ ص: 161 ] والوجه الثالث أن يكون الله تعالى عنى بقوله : وإن منها لما يهبط من خشية الله الجبل الذي صار دكا ، إذ تجلى الله تعالى له يوم سأله كليمه عليه السلام الرؤية ، فذلك الجبل بلا شك من جملة الحجارة ، وقد هبط عن مكانه من خشية الله تعالى ، وهذه معجزة وآية وإحالة طبيعة في ذلك الجبل خاصة . ويكون "يهبط" بمعنى "هبط" كقوله تعالى : وإذ يمكر بك الذين كفروا معناه : وإذ مكر ، وبين قوله تعالى ، مصدقا إبراهيم خليله صلى الله عليه وسلم في إنكاره على أبيه عبادة الحجارة : لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر وقوله تعالى : أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون فصح بهذا ، صحة لا مجال للشك فيها ، أن الحجارة لا تعقل . وإذ تيقن ذلك بالنص وبالضرورة والمشاهدة فقد انتفى عنها النطق والتمييز والخشية ، المعهود كل ذلك عندنا . وأما الأحاديث المأثورة في أن الحجر له لسان وشفتان ، والكعبة كذلك ، وأن الجبال تطاولت ، وخشع جبل كذا ، فخرافات موضوعة نقلها كل كذاب وضعيف ، لا يصح منها شيء من طريق الإسناد أصلا . ويكفي من التطويل في ذلك أنه لم يدخل شيئا منها من انتدب من الأئمة لتصنيف الصحيح من الحديث ، أو ما يستجاز روايته ، مما يقارب الصحة (انتهى كلام ابن حزم) . وقال ابن جرير : اختلف أهل النحو في معنى الهبوط -ما هبط من الأحجار من خشية الله- فقال بعضهم : إن هبوط ما هبط منها من خشية الله تفيؤ ظلاله . وقال آخرون : ذلك الجبل الذي صار دكا إذ تجلى له ربه . وقال آخرون : قوله : يهبط من خشية الله [ ص: 162 ] كقوله : جدارا يريد أن ينقض ولا إرادة له . قالوا : وإنما أريد بذلك أنه من عظم أمر الله يرى كأنه هابط خاشع من ذل خشية الله . قالزيد الخيل : بجمع تضل البلق في حجراته ترى الأكم منه سجدا للحوافر وكما قال سويد بن أبي كاهل ، يصف عدوا له : ساجد المنخر لا يرفعه خاشع الطرف أصم المستمع يريد أنه ذليل . [ ص: 163 ] وكما قال جرير بن عطية : لما أتى خبر الزبير تواضعت سور المدينة والجبال الخشع وقال آخرون : معنى قوله "يهبط من خشية الله" أي يوجب الخشية لغيره بدلالته على صانعه . كما قيل : ناقة تاجرة إذا كانت ، من نجابتها وفراهتها ، تدعو الناس إلى الرغبة فيها ، كما قال جرير بن عطية : وأعور من نبهان ، أما نهاره فأعمى ، وأما ليله فبصير فجعل الصفة لليل والنهار ، وهو يريد بذلك صاحبه النبهاني الذي يهجوه . من أجل أنه فيهما كان ما وصفه به . ثم اختار ابن جرير ما يقتضيه ظاهر الآية . وتقدم رد ابن حزم له مبرهنا عليه . [ ص: 164 ] ثم رأيت الإمام الراغب حاول هنا تقريب ما نقل من الوقوف على ظاهرها بتأويله . وعبارته : قال مجاهد وابن جريج : كل حجر تردى من رأس جبل فخشية الله نزلت به ، وقال الزجاج : الهابط منها قد جعل له معرفة ، قال ويدل على ذلك قوله : لو أنـزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وقال : ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض إلى قوله والنجوم والجبال والشجر والدواب وقد روي مثل هذا عن السلف ، ولا بد في معرفة ذلك من مقدمة تكشف عن وجه هذا القول ، وحقيقته . فإن قوما استسلموا لما حكي لهم من هذا النحو ، فانطووا على شبهة ، وقوما استبعدوا ذلك واستخفوا عقل رواته وقائليه ، فيقال وبالله التوفيق : إن قوما من المتقدمين ذكروا أن جميع المعارف على أضرب : الأول المعرفة التامة التي هي العلم التام . وذلك لعلام الغيوب الذي أحاط بكل شيء علما . والثاني معرفة متزايدة ، وهي للإنسان ، وذاك أن الله تعالى جعل له معرفة غريزية ، وجعل له بذلك سبيلا إلى تعرف كثير مما لم يعرفه . وليس ذلك إلا للإنسان . والثالث معرفة دون ذلك ، وهي معرفة الحيوانات التي سخرها لإيثار أشياء نافعة لها والسعي إليها . واسترذال أشياء هي ضارة لها وتجنبها ، ودفع مضار عن أنفسها . والرابع : معرفة الناميات من الأشجار والنبات ، وهي دون ما للحيوانات ، وليس ذلك إلا في استجلاب المنافع وما ينميها . والخامس : معرفة العناصر ، فإن كل واحد منها مسخر لأن يشغل المكان المختص به كالحجر في طلب السفل ، والنار في [ ص: 165 ] طلب العلو ، وذلك بتسخير الله تعالى ، بلا اختيار منه . قالوا : والدلالة على ذلك أن كل واحد من هذه العناصر إذا نقل من مركزه قهرا ، أبى إلا العود إليه طوعا . قالوا ويوضح ذلك أن السراج يجتذب الأدهان التي تبقيه ، ويأبى الماء الذي يطفيه ، وأن المغناطيس يجر الحديد ولا يجر غيره . هذا ما حكوه . فعلى هذا إذا قيل : لهذه الأشياء معرفة ، فليس ببعيد ، متى سلم لهم أن هذه القوى تسمى معرفة ، فأما إذا قيل إن للجمادات معارف الإنسان في أنها تميز وتختار وتريد ، فهذا مما تعافه العقول . (انتهى قول الراغب) . وهو تأويل حسن ، ومبناه على أن اصطلاح السلف في كثير من الإطلاقات غير اصطلاحات الخلف . وهو مسلم في كثير من الإطلاقات . وقوله تعالى : وما الله بغافل عما تعملون فيه من التهديد وتشديد الوعيد ما لا يخفى . فإن الله عز وجل إذا كان عالما بما يعملونه ، مطلعا عليه غير غافل عنه ، كان لمجازاتهم بالمرصاد ، ولما بين سبحانه وتعالى قساوة قلوبهم ، تسبب عن ذلك بعدهم عن الإيمان ، فالتفت إلى المؤمنين يؤيسهم من فلاحهم تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم عما كان يشتد حرصه عليه من طلب إيمانهم في معرض التنكيت عليهم ، والتبكيت لهم ، منكرا للطمع في إيمانهم فقال : ![]()
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |