بين الشابي وقلبه - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1249 - عددالزوار : 136776 )           »          إنه ينادينا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 24 - عددالزوار : 5546 )           »          السَّدَاد فيما اتفقا عليه البخاري ومسلم في المتن والإسناد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 59 - عددالزوار : 8183 )           »          ميزة جديدة لمتصفح كروم بنظام أندرويد 15 تتيح إخفاء البيانات الحساسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          كل ما تحتاج معرفته عن ميزة الصورة المستطيلة بإنستجرام.. اعرف التفاصيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتفى iPhone 14 Plus وGoogle Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          احمِ أطفالك من الإنترنت.. احذر ألعاب الفيديو لحماية أبنائك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          أبل تعمل على جهاز بشاشة تشبه شاشة الآيباد مع ذراع آلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          طفلك يستخدم تطبيقات الموبايل سرا دون علمك.. كيف تكتشف ذلك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          أدوات مهمة هتساعدك للحد من استخدام طفلك للإنترنت.. جربها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 23-02-2022, 08:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,985
الدولة : Egypt
افتراضي بين الشابي وقلبه

بين الشابي وقلبه


محمد فايع عسيري







أبو القاسم الشابِّي، شاعر تونس الخضراء، الذي زاحم باسمِه بقيةَ أسماء الشعر التونسية إلى الوقت الحاضر.



وُلِد ولم يَمُت على الرغم من تحديدِهم سنة وفاته بعام 1934، لكن هذا لم يمنعْ شعرَه من الاستمرار والاستقرار في الحياة؛ لأن أعظم ما كتبه الشابُّ (الشابي) هو ديوان "أغاني الحياة"؛ فكيف تموت أغانٍ للحياة؟! لقد كان الشابي فرعَ شجرةٍ طيِّبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، فحَفِظ القرآن، ودرس في الزيتونة، وأحبَّ، وتزوج، ولكن قلبه المرهف والمرهق لم يتحمَّل أكثر من هذا، فبعد أن تنقل كالنحلة في ربوع تونس الخضراء؛ ليرتشف الشهد، ويسقيه حسب الفصول الأربعة، قرَّر أن يتوسد بيتًا صغيرًا يكفيه لوحدته، ويحقق له آمال أمنية كان يطمح لها؛ وهي أن يعيش منفردًا وحيدًا، ليرتاح من عناء الدنيا وشقائها، وترك لنا قلبه وما دار بينه وبين قلبه.



لقد انطلقت حياة (الشابي) من قلبه، وحامت حوله وانتهت إليه، الأطباء الذين باشروا عضلته القلبية قالوا: إن قلبَه قد أضناه المرض منذ ولادته، فالشابي يقتات الطعام والشراب، والزمانُ يقتاتُ من قلبه وجسده، وقد أحسَّ هو بهذا الشعور المضني والمتعب؛ مما زاده ألمًا، وكتم أنفاسه، وحجزه عن كثير مما كان يريد كتابته من أدب، كما عبَّر عن ذلك في مذكراته، ثم زاده كربًا على كربه أفولُ كوكبين في حياته: (محبوبته) و(والده).





أَبِنتَ الدهر، عندي كلُّ بنتٍ

فكيف وصلتِ أنت من الزحامِ






"المتنبي"

لقد كانت رياحًا عاصفة، وأمواجًا من القدر هادرة على زورقه، الذي لم يَكَدْ يبرح جزيرة الطفولة، فبكاهما بكاءَ الغيمة السابحة الممطرة أينما توجَّهت، على الرغم من مجاهدة نفسه في مقاومة هذا المد العاتي، الذي لم يشفع لقلبِه الصغير أن يتحمله، حتى لكأنك تحسُّ وتشعرُ بنبض قلبه في كل قصيدة، بل في كل بيت شعري أو سطر نثري، بل لم يكن حديثه إلا حديثَ القلب الذي أصقلتْه التجارب على صغره، وفتنته الحياة فأخلصته للأدب العربي نقيًّا صافيًا ينشده الناس في كل حين.



وما هذه الأسطر القليلة القادمة إلا وقوف لبرهةٍ على ضريح قلبِه، الذي خاطبه الشابي متسائلاً عن سرِّ قوته، وقدرته على تشكيل الحياة من جديد، وماذا قال لقلبه يوم وفاة والده، وكيف صارح قلبه يوم أن حُرِم من متع الحياة؛ كما "نصحه" أطباؤه، إلى أن يصل إلى رسالته لقلبه عن سر السعادة ورمز الراحة النفسية التي كان ينشدها.



إن هذه الأسطر القادمة ليستْ إلا اختلاسًا للمناجاة التي كانت بينه وبين فؤاده الكوني الإنساني العالمي، الذي بدأ صدى صوته الشعري يُسمَع أولاً خارج الحدود التونسية في صفحات مجلة "أبولو"، إن هذه الأسطر وقفة احترام وتبجيل، ولمحة خاطفة لهذا الهمس اللطيف بين الشاعر الشاب الشابي، وقلبه الذي قتله وأحياه.



أول الرسائل لقلب الشابي تُلمَح من احتفائه بالقلب أيَّما احتفاء، ومناداته إياه متعجبًا من القدرات العالية التي يتمتع بها، مستعرضًا هذا الاحتفاء بأسلوب يستحث الانتباه ويبعث التأمل؛ كالنداء، والتَّكرار، والتشبيه، والاستفهام.



يا قلبُ، إنك كونٌ مدهشٌ عجبٌ

إِنْ يسألِ الناسُ عن آفاقِه يَجِمُوا



كأنك الأبدُ المجهولُ، قد عجزتْ

عنك النُّهَى، واكفَهرَّتْ حولك الظُّلَمُ






لكنه قبل هذين البيتين اللذينِ قد رسما لوحة فنية بارعة، رحلَ فيها العقل رحلتين بين الحقيقة والخيال:

فأما الحقيقة، فهي في مفردات الطبيعة التي تكسو النص، وأما الخيال، فهو في خلق كون جديد، وأفق وغابة، وجبل وكهف في هذا القلب...



يا قلبُ، كم فيك من كونٍ، قد اتَّقَدتْ

فيه الشموسُ وعاشتْ فوقه الأممُ



يا قلبُ، كم فيك من أفقٍ تنمِّقُهُ

كواكبٌ تتجلَّى، ثم تنعدمُ



يا قلبُ، كم فيك من قبرٍ، قد انطفأتْ

فيه الحياةُ، وضجَّت تحته الرممُ



يا قلبُ، كم فيك من غابٍ ومن جبلٍ

تدوي به الريحُ أو تسمو به القممُ



يا قلبُ، كم فيك من كهفٍ قد انبحستْ

منه الجداولُ تجري ما لها لُجَمُ








لقد أوجدتْ هذه الأحرفُ حالةً من الحياة المنتعشة في القلب، وحرَّكته من كونه عضلة تضخ الدم، إلى عضلة تنبِض بالحياة، ومظاهر الحياة من أرض وسماء وما بينهما.




استطاع - بقدرة خياله البارع - أن يلهم الناس رؤيةً جديدة للقلب، تخالف الرؤية التي يراها طبيب الجراحة أو فنيُّ التشريح، إن هذا الأفق الذي رسمه ليهدي العقول إلى تغيير نظراتنا إلى الحياة وتجديد رؤيتنا للكون، فليس كل ما تبصره هو ما تراه؛ بل إن رؤيتك للشيء تفوقُ مشاهداتك له، وتجعل للحياة معنى راقيًا.




ولم يكتفِ الشابي بهذا العرض العابر؛ بل راح يغوص في أعماق هذا العالم الجميل ويسأله عن سر قدرته على جمع نشاطات الحياة وإعادة ترتيبها، وإيجاد التوازن بين صوت الواقع ولحن الخيال، وصهر الحياة في إبريق الإبداع؛ ليسقي بشهده أهل الحياة، ويقتطف مفردة من الجنة ليوجدَ لهم بيئة راضية مرضيّة على مر الزمن:



كم توشَّحتَ من ليلٍ ومِن شَفَقٍ

ومن صباحٍ توشِّي ذيلَه السُّدُمُ



وكم نسجتَ من الأحلامِ أرديةً

قد مزَّقتْها الليالي، وهْي تبتسمُ



وكم ضَفَرتَ أكاليلاً مورَّدةً

طارتْ بها زعزعٌ تدوي وتحتدمُ



يتبع







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 98.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 96.55 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.75%)]