|
ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أين تقف اللغة العربية في الألفية الجديدة؟ د. عبدالناصر بوعلي جامعة تلمسان الملخص: تتعرَّض اللغةُ العربية لحركةِ تهميشٍ واسعة، نتيجةَ تخلِّي مُستعمِليها عنها، وبفعل الضغوط الناجمة عن اجتياحِ فكرِ العَوْلَمة للأوطان، وثورة المعلومات، وطغيان اللُّغات الأجنبية على الصَّعيد السياسي والاقتصادي والتكنولوجي، ومِن هنا أصبحتِ الحاجةُ ماسَّة إلى فكِّ إشكالية البحث في مستقبلِ اللغة العربية مِن منظورٍ عامٍّ في ضوء التحوُّلات العالَمية والتنوُّع الثقافي. الكلمات المفتاحية: عَوْلَمة اللغة - الصراع اللُّغوي - الانقراض اللُّغوي - الهُوِيَّة اللُّغوية - التطوُّر اللُّغوي. Abstract: The Arabic ******** is facing such a large marginalized ment because of its’ users abondance and mainly because of the resulted impressions of the globalized thought mastery of nations as well as information revolution and the foreign ********s’ leadreship on the political, economical and technological sides .From this point,it becomes so necessary to solve the research problematics in the future of Arabic ******** from a general sight under the light of international transformations and cultural diversity. Key words: ******** Globalization- Linguistic Conflict- Linguistic Demolish- Linguistic Identity- Linguistic Devel 1- تمهيد: اللغةُ كائنٌ حيٌّ يُشبِه بقية الكائنات الأخرى التي تتأرجَّح بين البقاء والفناء، والقوة والضعف، والاستقرار والتهديد، تصارِعُ مِن أجل الحياة، وتدفع عن نفسها عواملَ الانقراض والانكماش، تتصارَعُ اللغات على مداخلِ الحضارات، ويتطوَّر الصراعُ فيما بينها بين مدٍّ وجزرٍ، وقد يصلُ إلى غالب ومغلوب ومنتصرٍ يكتَسِحُ الساحات، ويسيطرُ على العقول والأفئدة، والتاريخُ يُؤكِّد لنا هذا جيدًا؛ فالعديد مِن اللغات التي كانت يومًا ما سيدةَ الكونِ، زالَتْ وانقرضت، وحلَّت محلَّها لغاتٌ أخرى، هي اليوم ملء اللسان والعُيُون، وهناك لغاتٌ أخرى تزحزَحَت عن مكانتها، فبعد أن كانت سيدةَ قومِها وشعوبِها، هي الآن إما منقرضةٌ وإما في المراتب الثانوية تئنُّ تحت لغة الغالب المنتصر، ويذكرُ التاريخ أيضًا أن موتَ اللغات أو ضعفَها لا يرجِعُ إلى طبيعة بِنياتِها الصوتية والصرفية والتركيبية فقط، وإنما أمرُ ذلك مَرَدُّه إلى أهلها ومستعمليها، فإِنْ هم وهَنُوا وضعُفوا وهَنَتْ لُغَتهم وضعُفَت؛ فلُغَة القويِّ المنتصر تناوش وتصارع لغةَ الضعيف المنهزم وتمتدُّ في محيطه، وتنساب تدريجيُّا في اقتصاده وإدارته وتعليمه، وتوصل إليه المعرفة الجديدة، وفي الوقت نفسه يتقلَّص نفوذ لغة المنهزم وتتخلَّى عن وظائفها، وتتراجع إلى الوراء، وفي هذا ضعفٌ قد يُؤدِّي إلى الانقراض. ومع بداية الألفية الثالثة، ونتيجة التطور التكنولوجي الهائل الذي أفرز وضعًا عالَميًّا لم يكن في الحسبان؛ حيث تقارَبَتِ الشعوبُ وغدا الاتصال بين سكان المعمورة يتمُّ في لمح البصر - فإن كل لغةٍ أصبحت تشعُرُ بالخطر القادم. ومِن أجل المحافظة على اللغة الأمِ الحاملة للهُوِيَّة، شَرَعتِ العديدُ مِن الدول في تأسيسِ هيئاتٍ وهياكلَ مِن أجل إيجاد تدابيرَ لحمايةِ لُغاتِها من الانقراض والتلاشي. وأصبحت إكولوجيا اللغات تتبوَّأ مشروعية ضمن الإكولوجيا العامة للكائنات الحيوانية والنباتية على الخصوص. إن حال اللغة الصحيَّ مرتبطٌ بالبيئة التي تعيشُ فيها، فإن كانت هذه البيئةُ تعرِفُ ثنائياتٍ وازدواجيَّاتٍ لُغَوية، فإن وضع اللغةِ الأمِّ يكون حينئذٍ مُقلِقًا غيرَ مُريحٍ، وهنا ينبغي التدخُّل بُغْيَة انتهاجِ سياسة لُغَوية تجعَلُ مِن هذه الثنائية والازدواجية بَرْدًا وسلامًا على اللغة الأم. 2- ماذا عن اللغة العربية الفصيحة: إن وضع اللغة العربية وضعٌ خاصٌّ وفريدٌ مِن نوعه، إذا ما قُورِنَت باللغات العالَميَّة الأخرى، فقد ارتَقَتْ مِن وضعها كلهجةٍ في بلاد نجد وقريش، وغَدَتْ توافقًا بين عددٍ مِن السمات اللَّهْجِيَّة المحليَّة، ثم نزل بها القرآن الكريم فحفِظَها من التقلبات، وصانها من الاندثار، وطوَّرها في الاستعمال، فاجتازَتِ المِحَن، وتجاوزت الأزمات. لقد كان القرآنُ الكريم المدوَّنةَ التي حفِظَتِ اللغةَ العربية، وعلى القرآن الكريم اعتمد اللُّغويون في استنباط القواعد التي صانَتِ اللغةَ مِن التحريف، وبامتداد الإسلام إلى الشعوب العالَميَّة حمل معه روائعَ اللغة العربية، فأصبح لهذه اللغةِ قداسةٌ ومكانة خاصة، ومِن ثَمة صار المسلمون أشدَّ شعوب الأرض إحساسًا بلغتهم، "التي سبكت عقولهم في قالب واحد، وركَّزت طبائعهم وجعلت منهم أمة واحدة"[1]. إنها ترتبط بالملايين مِن البشر في رقعةٍ جغرافية واسعة تمتدُّ من المحيط إلى الخليج، وهي "اللغةُ الوحيدة التي ظلَّت في كلماتها ونَحْوِها وتراكيبها منذ أربعةَ عشرَ قرنًا على الأقل"[2]، ولم يدخُلْ عليها أيُّ تعديلٍ مهمٍّ رغمَ الاجتهادات التي تناولت معجمَها ونَحْوَها، وقد قال أرنست رينان[3]: "ليس للعربيةِ طفولةٌ ولا شيخوخة، بل ظهرَتْ لأول أمرِها تامَّة مُحكَمة، ولم يمضِ على فتح الأندلس أكثرُ مِن خمسين سنةً حتى اضطُرَّ رجالُ الكنيسة أن يُترجِموا صلواتِهم بالعربية ليفهمَها النصارى، ومِن أغرب المُدهِشات أن نبتَتْ تلك اللغة القومية ووصلت إلى درجة الكمال وسط الصحارى عند أمة من الرُّحَّل"[4]. ولم تظفَرْ لغةٌ على هذه الأرض بعنايةٍ في روايتها قدرَ ما ظفِرَتْ به اللغة العربية؛ فقد عكف العلماءُ والرُّواة على جَمْعِها مِن حصيلة النصوص الموثَّقة شعرًا ونثرًا، ومِن أفواهِ العرب الفصحاء، حتى إنهم "أخذوا عن الصبيان والمجانين، قال الأصمعي (ت 216 هـ): (سمِعتُ صِبْيةً بحمى ضرية يتزاجَرُون، فوقفت وصدُّوني عن حاجتي، وأقبلت أكتب ما أسمع؛ إذ أقبل شيخ، فقال: أتكتب كلام هؤلاء الأقزام الأدناع!"[5]. 3- مستقبل مُقلِق للغة العربية: تسعى اللُّغات الحيَّةُ في تطوُّرها التاريخيِّ دائمًا للانتقال مِن مرحلة استعمالٍ لُغَوي إلى مرحلة أكثرَ دقَّة وحدة تقبَلُ التجدُّد، وتتفاعل مع المحيط الجديد الذي تفرضه سُنَن التغيُّر والتطوُّر، وتجري في سهولة وتلقائية على ألسنةِ الناطقين بها في حياتهم اليومية، مُعبِّرة عما يُفكِّرون ويَشعُرون به. وقد تبقى عرضةً للشيخوخة والذبُول إِنْ هي عجَزتُ عن التجاوب مع تطور وفكر الناطقين بها، أو إنها أدَّت إلى تعليب هذا الفكرِ في قوالبَ جامدةٍ، أو عجَزت عن الصمود أمام تحوُّلات وتغيرات الواقع، وفشِلَت في أن تبقى مفرداتُها وقواعدُها على ألسنة أصحابِها أينما كانت مواقعُهم الاجتماعية. يعتنق الكثيرُ مِن الدارسين العرب مقولةَ: "إن اللغة العربية محفوظةٌ بحفظ القرآن الكريم"، عندها يركَنُ الجميعُ إلى الاطمئنان على مستقبل اللغة العربية، وتتنصَّل الأمة من مسؤوليتها في الحفاظ على اللغة وتطويرها وإلحاقها برَكْب التقدُّم، وبذلك غَدَتِ العربية لغةَ العبادة والخُطَب والعواطف، وابتعَدَتْ عن العلوم وتكنولوجيات العصر، وحتى الفئات التي تشعُرُ بالخطر، فإنها أصبحَتْ تخافُ ردَّ الفعل مِن الخوضِ في هذه المقولة والتطرُّق إلى تراث اللغة بالنقد لتصحيح المسار، حتى يتماشى مع ما هو حداثيٌّ وعصريٌّ. ينبغي أن نتعلَّم أن اللغة مُتغيِّرٌ، وأن الدين مطلقٌ ثابت، لذلك تعهَّد الله تعالى بحفظ القرآن الكريم ضمن قوله: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، ولم تنصَّ الآيةُ على الحفاظ على اللغة، ثم هناك العديدُ مِن الشعوب تَدِينُ بالإسلام وتُقدِّس القرآن الكريم، لكنها تعتزُّ بلغاتها القومية، وتستعملها في حياتها اليومية ولا تستعمل العربية! إننا نتَّفِقُ كلَّ الاتفاق مع القانونِ اللُّغوي الذي سنَّه ابنُ خلدون، وفحواه: "أَنَّ غلبةَ اللغة بغَلَبة أهلها، ومنزلتها بين اللغات صورةٌ لمنزلة دولتها بين الأمم"[6]، فاللغة ليسَتْ مُعطًى جامدًا وثابتًا نتعامل معه عبر الأجيال، نُنمِّقُها بالتراث، ونُزيِّنُها كيفما نشاء، بل هي كائنٌ حيٌّ تتفاعل مع الأحداث، وتنفعل بحال الناطقين بها، وتخضع لمؤثِّرات التاريخ وتفاعلات المجتمع، وعليه فكما يُمكِنُها أن تنموَ وتتطوَّرَ يمكن أن تضعُفَ وتندثر، وتاريخ اللغات حافلٌ بهذه المحطات. إن ما نخشاه أن يكونَ مصيرُ اللغة العربية الفصحى كمصيرِ اللغة اللاتينية، إن لم يتفطَّنِ العربُ حقيقةً إلى الواقع الذي تعيشُه العربية بين ظهرانَي مستعمِليها، ومع الإصرارِ على تجاهلِ الأخطاء والعيوب التي نقع فيها يوميًّا في مختلف ميادين الحياة، خصوصًا في مجال تعليمِ العلوم بها، واستعمالها في الهيئات الإدارية وإلقاء اللوم على المتآمِرين عليها. إن مصيرَ اللغةِ العربية تربِطُه جملةٌ مِن العوامل لا بد أن يتفطَّن إليها الجميع؛ منها: أ- ترويجُ مقولةِ: إن اللغة العربية محفوظةٌ بحفظ القرآن الكريم، مما جعلنا نركَنُ إلى الجمودِ وعدم الأخذِ بأسباب تطوير الفصحى وتعميمها، والاستهانة بكل محاولات النقد لمخزونِها الثقافي. إن اللغة متغيِّرٌ، تتأثر بأحوال الناس وعَلاقاتِهم مع المحيط المحلي والعالَمي، بينما الدين ثابتٌ، وإن هذا الانغلاقَ هو الذي أدَّى الى عزوف شعوب أوروبا عن اللاتينية لَمَّا أقفل قساوسةُ الإنجيل على اللاتينية، فأحاطوها بالقداسة وتصدَّوا لدعوات التجديد والتغيير. ب- صار لدينا نوعٌ مِن الوَسْوَاس بشأنِ تعامل الفصحى مع العامية واللغات الأجنبية، في الوقت الذي أخذَتِ الأممُ هذه القضايا بنوعٍ مِن الجدِّيَّة والاهتمام، وعالجَتْها بتفكيرٍ علميٍّ وبمناهجَ صائبةٍ، فحقَّقت البقاء للُغاتِها، ورفعت من شأن لهجاتِها، بينما تعامَلْنا نحن بنُكرانِ عَلاقة العاميَّة بالفصحى، وهو أمر واقع في حياتنا اليومية. يتبع
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 22-11-2022 الساعة 10:43 AM. |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |