مليش دعوة

[قذائف الحق]

مليش دعوة

عبارة تتردد على السنة الكثيرين وربما لا يدري معناها أكثر من يقولها مثلها مثل كلمات كثير نقولها دون أن ندرك معناها. ولكن هذه الكلمة تخص أمر هو في الحقيقة غاية في الأهمية.فإذا لم يكن لنا دعوة فلمن الدعوة إذا؟ وإذا كان فعلا مليش دعوة فكيف اجعل لنفسي دعوة ؟ ومن له دعوة ومن ليس له دعوة؟ وهل يحق لأحد أن يقول مليش دعوة؟

لو طالعنا القران بروية نجد أن الله اول من دعي إلى دينه سبحانه وتعالى " والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم " . ودعا الرسل صلوات ربي وسلامه عليهم ومنهم من قضى نحبه في الدعوة إلى الله عز وجل " ياقوم اعبدوا الله مالكم من اله غيره " ودعا الصالحين غيرهم إلى الله " قال يا قوم اتبعوا المرسلين " ثم بقيت الدعوة قائمة إلى يوم القيامة كلف الله بها من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان بالله ورسوله. وأصبح كل من انتمى لهذا الدين مكلف بالدعوة والتبليغ عن الله رضي ذلك أم لم يرضى فقد ألزم الله الجميع في قوله " كنتم خير امة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ". بل إن ترك الدعوة أصبح من الآثام التي تضر بالأمة جميعا فعن حذيفة ابن اليمان أن النبي قال: " والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكرأو ليوشكن اللّه أن يبعث عليكم عقاباً من عنده ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم" ... أي أن الدعوة ليست من المسائل الاختيارية بل أصبحت ملزمة للجميع . حتى أن البعض يظن أن سبب عدم درايته الكاملة أو إلمامه بأمور الدين عذرا يبيح له ترك أمر الدعوة, ولكن رسول الله قطع عليهم هذا الظن وذلك الاعتقاد بقوله صلى الله عليه وسلم " بلغوا عني ولو ايه" فأصبح نصاب الداعي آية واحدة حتى أن بعض العلماء قال بان كلمة آية لاتعني فقط آية قرآنية بل تشتمل أيضا الآيات الكونية . فلا حجة لمن قال لا اعلم أي أن الجميع مكلف والجميع مسئول مع تفاوت تلك المسئولية . وليس من الضروري إن يكون المرء حافظا لكتاب الله كاملا اوعالما بكل صغيرة وكبيرة من أمور دينه ليبدأ بالدعوة إلى الله وان كان هذا هو الأفضل ولكن الله ماحرم احد من المشاركة في دينه أو هداية خلقة وما حكرها فقط على العلماء وان كانوا هم أولى بها ولكن لابد إن نعلم جيدا إن نصاب العالم هو الدين كاملا إما نصاب الداعي فهو آية واحدة .حتى لو ادعيت انك لست ملتزما بكامل تعاليم دينك فان هذا لا يعفيك من القيام بمهام الدعوة إلى الله عز وجل فقد ورد عن احد السلف قوله " مر بالمعروف وان لم تأته كله وانه عن المنكر وان لم تنته عنه كله " فأصبح لزاما على من يصارعون أنفسهم فتغلبهم تارة ويتغلبون عليها تارة أخرى أصبح لزاما عليهم القيام بمسئولية الدعوة لو كانوا يقترفون بعض الذنوب اخذين في نياتهم إن بدعوتهم للآخرين ربما يكون ذلك سببا لإصلاح ما فسد من دينهم .

إما إن يقول احدنا مليش دعوة وهو أهل للدعوة وأحق بها فهذه طامة كبرى ومصيبة عظمى حلت بالأمة وما نراه يحدث ويجري للمسلمين في أقطار الدنيا بسبب التخلي عن أمر جلل ألا وهو الدعوة إلى الله عز وجل .فبعد إن سرد الله قصة يوسف عليه السلام وما لاقاه في سبيل الدعوة من الفتن والسجن قال الله بعد إن فرغ من قصة يوسف عليه السلام " قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعن وسبحان الله وما أنا من المشركين " وكأنه يقول إن هذه الدعوة ملزمة لكل مسلم ولو أصابه الضرر في سبيلها كما بين الله في قصة يوسف وهو في السجن لا يتوقف عن دعوة العباد لخالقهم وهو في أحلك الظروف حيث قال تعالى على لسان يوسف " يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون أم الله الواحد القهار".

ولنعلم جميعا إن الله ما افترض الجهاد إلا من اجل الدعوة فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً ? ثم قال : أغزوا بسم الله في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله أغزوا ولاتغلوا ولاتغدروا ولاتقتلوا وليدا وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعوهم إلى ثلاث خصال أو خلال فإيتهن ماأجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ?أدعوهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فإن هم أبوا فاسلهم الجزية وكفعنهم فإن هم أبوا فاستعن بالله عليهم وقاتلهم .