دعوة القرآن إلى الإيمان والتوحيد ونبذ الكفر والشرك - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ما قلَّ ودلّ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 821 )           »          سوانح تدبرية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 1614 )           »          {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          عظات جديدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          حياة المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          شرح حديث (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          العبادة في الهرج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          إِنَّ الرَّهْبَانِيَّةَ لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْنَا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          خذ ودع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          أذكار أحب إلى النبي ﷺ من الدنيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-01-2021, 03:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,619
الدولة : Egypt
افتراضي رد: دعوة القرآن إلى الإيمان والتوحيد ونبذ الكفر والشرك

دعوة القرآن إلى الإيمان والتوحيد ونبذ الكفر والشرك
الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي



أنواع الكفر:
وهذا الكفر له نوعان:
النوع الأول: الكفر الأكبر، وهو مخرجٌ من الملَّة، وهو خمسة أقسام:
1- كفر التكذيب:
ودليله قوله - تعالى -: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ ﴾ [العنكبوت: 68].

2- كفر الإباء والاستكبار مع التصديق:

ودليله قول الله - تعالى -: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 34].

3- كفر الشكِّ:
وهو كُفر الظنِّ، ودليله قول الله - سبحانه -: ﴿ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدتٌّ إِلَى رَبِّي لأجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا ﴾ [الكهف: 35، 36].

4- كفر الإعراض:
ودليله قول الله - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ ﴾ [الأحقاف: 3].

5- كفر النِّفاق:
ودليله قول الله - تعالى -: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ ﴾ [المنافقون: 3].

النوع الثاني: الكُفر الأصغر، وهو لا يُخرِج من الملة، وهو الكفر العملي، ومن الذنوب التي وردت في الكتاب كفرًا وهي لا تصلُ إلى حدِّ الكفر الأكبر؛ مثل كفر النِّعمة، كما في قوله - تعالى -: ﴿ وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ ﴾ [النحل: 112].
ومثله في القِصاص قول الله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ﴾ [البقرة: 178]، فلم يُخرِج القاتل من الذين آمنوا، وجعله أخًا لوليِّ القصاص فقال: ﴿ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ﴾ [البقرة: 178].
ومثله قول الله - سبحانه -: ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ﴾ [الحجرات: 9].
هذه أمثلةٌ لهذا النوع من الكفر، وهو كما أشَرْنا لا يُخرِج من الملة، ولكن يحمل صاحبه الذنوب والآثام[4].


ثالثًا: التوحيد:
الإيمان بالله - عزَّ وجلَّ - معناه: الاعتقاد الجازم بأنَّ الله ربُّ كلِّ شيء ومليكه وخالقه، وأنَّه الذي يستحقُّ وحدَه أنْ يُفرَدَ بالعبادة؛ من صلاةٍ وصومٍ ودُعَاء، ورجاء وخوف، وذل وخضوع، وأنَّه المتَّصف بصِفات الكمال كلِّها، المنزَّه عن كلِّ نقصٍ.

والإيمان بالله - سبحانه - يتضمَّن توحيدَه في ثلاثة أمور:
1- في ربوبيَّته.
2- وفي ألوهيَّته.
3- وفي أسمائه وصفاته.
ومعنى توحيده في هذه الأمور: اعتقاد تفرُّده - سبحانه - بالربوبيَّة والألوهيَّة، وصفات الكمال وأسماء الجلال.
فلا يكون العبد مؤمنًا بالله حتى يعتقد أنَّ الله ربُّ كلِّ شيءٍ ولا رب غيره، وإله كلِّ شيء ولا إله غيره، وأنَّه الكامل في صِفاته وأسمائه، ولا كامل غيره.
فهذه ثلاثةُ أنْواعٍ من التوحيد تدخُل في معنى الإيمان بالله - عزَّ وجلَّ - وقد تضمَّن القُرآن ذِكْرَ هذه الأنواع في كثيرٍ من آياته الكريمة، مع بَيان حَقائقها والدَّعوة إليها؛ تحقيقًا لجانب الإيمان والتوحيد الذي بعَث الله به الرسل، وأنزل به الكُتب.

أهميَّة التوحيد:
وتتجلَّى لنا هنا أهميَّة التوحيد في العقيدة الإسلامية، وأنَّه أصلُ الشريعة ولبُّها، وعليه تقومُ الأعمال، وبه تصلح أو تفسد، وذلك فيما يلي:
1- التوحيد: ضد الشرك، وهو الرُّكن الأساس الذي يُبنَى عليه الإسلامُ، ويتمثَّل في الشهادتين.
2- والتوحيد: دعوة جميع المرسلين إلى أممهم؛ قال الله - تعالى -: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36].
3- والتوحيد: هو الذي خلَق الله العالَمَ لأجله؛ قال الله - تعالى -: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].
4- والتوحيد: يشمل توحيد الرب والإله والحكم، والأسماء والصفات، وجميع أنواع العبادات.
5- والتوحيد: هو الذي تتوقَّف عليه سَعادةُ الإنسان وشَقاؤه في الدارَيْن.
6- والتوحيد: هو الذي فتَح به المسلمون البلاد، وأنقَذُوا العباد من عبادة الطُّغاة إلى عِبادة ربِّ العباد، ومن جور الأديان المحرَّفة إلى عدْل الإسلام المحفوظ.
7- والتوحيد: هو الذي يدفَعُ بالمسلم إلى الجهاد والتضحية والفِداء.
8- والتوحيد: هو الذي قامت المعارك من أجْله، واستشهد المسلمون في سبيله ثم انتصروا بسببه، ولا يَزالُ المسلمون يحاربون من أجله، ولا عزَّ لهم ولا نصرَ إلا بتحقيقه، فكما أنَّه استطاع في الماضي أنْ يُوحِّدهم ويُقِيمَ لهم دولةً كبيرة، فهو الآن قادر - بإذن الله - أنْ يعيدَ لهم مجدَهم ودولتَهم إذا عادوا إليه[5]، كما قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7].
هذه بعض المظاهر التي تُؤكِّد لنا وتُبيِّن أهميَّة التوحيد في حياة الأمَّة الإسلاميَّة وضَرُورته.

ذكر التوحيد وأنواعه في القُرآن:
وقد دعا القُرآن الكريم الخلْقَ إلى إقامة التوحيد لله - تعالى - بكلِّ أنواعه وصُوَرِه التي أشَرْنا إليها، وهنا نشيرُ إليها من آيات القُرآن:

1- توحيد الربوبيَّة:
وهذا النَّوع من التوحيد مَعناه: الإقرار بأنَّ الله - عزَّ وجلَّ - هو الفاعل المُطلَق في الكون؛ بالخلق والتدبير، والتغيير والتسيير، والزيادة والنقص، والإحياء والإماتة، وغير ذلك من الأفعال، لا يُشارِكه أحدٌ في فِعله - سبحانه.
وقد أفصَحَ القُرآن عن هذا النَّوْعِ من التوحيد جدّ الإفصاح، ولا تَكادُ سُورة من سُوَرِه تخلو من ذِكره أو الإشارة إليه؛ فهو كالأساس بالنِّسبة لأنواع التوحيد الأخرى.

وقد ذكَرَه الله - سبحانه - في عدَّة مَقامات في القُرآن؛ منها قوله - تعالى - في مَقام الحمد: ﴿ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2].
وقوله - سبحانه -: ﴿ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَوَاتِ وَرَبِّ الأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الجاثية: 36].

وفي مَقام التسليم أو الاستسلام لله يقول - سبحانه -: ﴿ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 71].
وفي مقام التوجُّه وإخلاص القصد يقول - سبحانه -: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162].
وفي مقام تولِّي الله - عزَّ وجلَّ - يقول - تعالى -: ﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الأنعام: 14].
وفي مقام الدُّعاء يقول - جلَّ ذكره -: ﴿ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ * ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [الأعراف: 54، 55].
وفي مقام العبادة يقول - سبحانه -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

وقد أقرَّ الكفَّارُ والمشركون بهذا النَّوْعِ، وسجَّل القُرآن الكريم ذلك وبيَّن عجزهم واعتِرافهم في غير آيةٍ منه؛ ومن ذلك قولُه - تعالى -: ﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ ﴾ [يونس: 31].
وقوله - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ﴾ [الزخرف: 9].
وقوله - جلَّ ذكرُه -: ﴿ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ للهِ ﴾ [المؤمنون: 86، 87].
وقوله: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ﴾ [الزخرف: 9].

2- توحيد الألوهيَّة:
ومعناه: الاعتقاد الجازم بأنَّ الله - سبحانه - هو الإله الحقُّ، ولا إلهَ غيرُه، وإفراده - سبحانه - بالعبادة.
وهذا التوحيد مَبنِيٌّ على إخْلاص العبادة لله وحدَه، في باطِنها وظاهرها؛ بحيث لا يكون شيءٌ منها لغيره - سبحانه - فالمؤمن بالله يَعبُد الله وحدَه ولا يعبُد غيرَه، فيخلص لله المحبَّةَ والخوف، والرَّجاء والدعاء، والتوكُّل والطاعة، والتذلُّل والخضوع، وجميعَ أنواع العبادة وأشكالِها.

وهذا النوع من التوحيد يتضمَّن في حقيقته جميعَ أنواع التوحيد الأخرى:
فيتضمَّن توحيد الله في ربوبيَّته، وتوحيده في أسمائه وصفاته، وليس العكس؛ من أجل ذلك كان هذا التوحيد أوَّل الدِّين وآخِره، وباطنه وظاهره، ومن أجلِه خُلِقتِ الخليقة؛ كما قال - تعالى -: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].

يقول شيخ الإسلام ابن تيميَّة: "وهذا التوحيد هو الفارق بين الموحِّدين والمشركين، وعليه يَقَعُ الجزاء والثَّواب في الأولى والآخِرة، فمَن لم يأتِ به كان من المشركين"[6].
فهو أساسُ دعوةِ الرسل - عليهم السلام - وبه أُنزِلت الكتب السماويَّة، وعليه مَدار جميع العِبادات الشرعيَّة، وقد أبانَ القُرآن ذلك؛ كما قال - تعالى -: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36].
وقال - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25].
وقال - سبحانه - عن نبيِّه نوح وهود وشعيب وصالح وغيرهم - عليهم السلام - لقومهم: ﴿ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾.

وفي المحبَّة لله نهى عن اتِّخاذ الأنداد له فيها؛ فقال - سبحانه -: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا للهِ ﴾ [البقرة: 165].
وفي الدُّعاء يقول - سبحانه -: ﴿ وَلاَ تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لاَ يَنْفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [يونس: 106].
وفي التوكُّل يقول - تعالى -: ﴿ وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 23].
وفي الرَّجاء يقولُ - عزَّ وجلَّ -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 218].
وفي الخوف يقول - تعالى -: ﴿ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾ [النحل: 51].
وفي سائر العبادات كلِّها يقول - سبحانه -: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ ﴾ [الأنعام: 162، 163].

3- توحيد الأسماء والصفات:
ومَعناه إجمالاً: الاعتقاد الجازم بأنَّ الله - عزَّ وجلَّ - مُتَّصِفٌ بجميع صِفات الكَمال، ومُنَزَّهٌ عن جميع صِفات النقص، وأنَّه مُتفرِّدٌ عن جميع الكائنات، وذلك بإثْبات ما أثبتَه الله - سبحانه - لنفسه أو أثبتَه له رسولُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - من الأسماء والصفات الواردة في الكتاب والسُّنَّة، من غير تحريفِ ألفاظِها أو مَعانيها، ولا تَعطِيلها بنفيها أو نفي بعضِها عن الله - عزَّ وجلَّ - ولا تكييفها بتحديد كُنهها، وإثبات كيفيَّةٍ مُعيَّنةٍ لها، ولا تشبيهها بصفات المخلوقين.

وواضحٌ من هذا التعريف أنَّ توحيد الأسماء والصفات يقومُ على ثلاثة أسس، وهي:
1- تنزيه الله - جلَّ وعلا - عن مُشابهة الخلق، وعن أيِّ نقص.
2- الإيمان بالأسماء والصفات الثابتة في الكتاب والسُّنَّة، دون تجاوُزها بالنقص منها أو الزيادة عليها، أو تحريفها أو تعطيلها.
3- قطْع الطمع عن إدراك كيفيَّة هذه الصفات.

وذِكرُ هذا النوع من التوحيد في القُرآن الكريم كثيرٌ جدًّا، بل إنَّه لا تخلو سورةٌ من سور القُرآن ولا صفحة من صفحاته من ذكر صِفات الله وأسمائه؛ فتجده مرَّة يُذكِّر بها في مختلف موضوعاته، من توحيدٍ وعبادةٍ وتشريعٍ، وفي مَقام أمره ونهيه، ووعده ووعيده، وقصصه وأمثاله[7]، وقد جمَع الله جملةَ هذه الصفات في القُرآن في سورة الإخلاص وآية الكرسي وآخِر سورة الحشر؛ فقال - سبحانه -: ﴿ اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255].
وقال - تعالى -: ﴿ اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [طه: 8].
وقال - عزَّ وجلَّ -: ﴿ هُوَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الحشر: 22 - 24].

وفي التنزيه عن الشَّبيه والنَّظير والكُفء والمثيل يقول - عزَّ وجلَّ -: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11].
ويقول - سبحانه -: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1-4].
وقال - سبحانه -: ﴿ فَلاَ تَضْرِبُوا للهِ الأمْثَالَ ﴾ [النحل: 74].

رابعًا: الشرك:
أمَّا الكلام على الشِّرك، فستأتي الإشارةُ إليه في فصل الكبائر - إن شاء الله تعالى - ولكنْ نشيرُ إليه بشيءٍ من الإيجاز، فنقول:
"الشرك ضدُّ التوحيد، كما أنَّ الكُفر ضدُّ الإيمان؛ ومعناه: جعل شريكٍ لله - تعالى - في ربوبيَّته أو ألوهيَّته".
والغالب الإشراك في الألوهيَّة، بأنْ يدعو مع الله غيره، أو يصرف له شيئًا من أنواع العبادة؛ كالذبح والنذر والخوف والرجاء والمحبَّة، والشركُ أعظم الذُّنوب، وقد عدَّهُ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أكبرَ الكبائر في غير حديثٍ نبوي.

وقد ذكَر القُرآن الشِّرك وحرَّمه ونهى عنه وسمَّاه ظُلمًا، وتوعَّد صاحبه بعدَم المغفِرة والخلود في النار، كما بيَّن - سبحانه - أنَّه محبطٌ للأعمال:
فقال - سبحانه -: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13].
وقال - جلَّ ثَناؤه -: ﴿ إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 48].
وقال - تعالى -: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [المائدة: 72].
وقال - سبحانه -: ﴿ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 88].
وقال - جلَّ ذكره -: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الزمر: 65].

وينقَسِمُ الشِّرك إلى نوعين: أكبر وأصغر، أمَّا الأكبر، فقد قال - تعالى -: ﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [يونس: 18].
أمَّا الأصغر وهو الرِّياء، فيقولُ - سبحانه وتعالى -: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]*.


[1] "الإيمان وأركانه"؛ محمد نعيم ياسين.

[2] "إسلامنا"؛ السيد سابق.

[3] "العقيدة الإسلامية"؛ أحمد آل سبالك.

[4] "كتاب التوحيد"؛ د. صالح الفوزان.

[5] "العقيدة الإسلامية"؛ محمد بن جميل زينو.

[6] "الإيمان وأركانه"؛ محمد نعيم ياسين.

[7] المصدر السابق.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 72.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 70.52 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.31%)]