|
ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#3
|
||||
|
||||
![]() الإسلام والعروبة صنوان: ومما ينبغي الإشارة إليه أن المتنبي، وكذلك عصره، لم يكن يجد فرقاً بين الانتماء إلى الإسلام والانتساب إلى العرب، فهما صنوان أو هما مترادفان، بل أحدهما وعاء للآخر، ولذلك تجد المتنبي في هذه القصيدة التي منها البيتان السابقان يقول بعدهما بقليل: رَفَعَت بِكَ العَرَبُ العِمادَ وَصَيَّرَت ![]() قِمَمَ المُلوكِ مَواقِدَ النيرانِ ![]() وهذا البيت، كما سبق، هو من الأبيات التي يحتج بها على قومية المتنبي ودعوته إلى العروبة. وهو يرى أن سيف الدولة يمثل حزب الله، مقابل حزب الشيطان والكفر، ويشمل ذلك النصارى وما عندهم من مصطلحات ومناصب، كالقرابين والصلبان والبطارقة، فيقول مخاطباً سيف الدولة: هَنيئاً لِأَهلِ الثَغرِ رَأيُكَ فيهِمِ ![]() وَأَنَّكَ حِزبَ اللَهِ صِرتَ لَهُم حِزبا ![]() وما سيف الدولة إلا سيف بيد الخلافة الإسلامية تضرب به أعداءها، فالأمر ما أعدّته الخلافة للعدى وسمته دون العالمين الصارم العضبا: فَمَن كانَ يُرضي اللُؤمَ وَالكُفرَ مُلكُهُ ![]() فَهَذا الَّذي يُرضي المَكارِمَ وَالرَبّا ![]() وبهذا البيت ختم المتنبي قصيدته. فإذا كان أعداؤه يعملون ليرضى عنهم الشيطان واللؤم والكفر فإن سيف الدولة يعمل ليرضى الله تعالى عنه وتثني عليه المكارم. وكأنه يتمثل بذلك قول الله تعالى ﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ [طه: 84]. ومما يلفت النظر أيضاً أن هذه القصيدة التي تتوهج فيها روح الإيمان والإسلام في عدة أبيات منها، ورد فيها بيت سابق استعمل فيه المتنبي كلمة العرب فقال: تُهابُ سُيُوفُ الهِنْدِ وَهْيَ حَدائِدٌ ![]() فكَيْفَ إذا كانَتْ نِزارِيّةً عُرْبَا ![]() مفاهيم إسلامية: وهناك مفاهيم إسلامية كثيرة ترد في شعر المتنبي تدل على إيمانه بها فهو يعرضها في مجال الثناء عليها والثناء بها على من يمدحه، فسيف سيف الدولة يعلق نجاده على عاتق سيف الدولة، ولكن الذي يمسك بقائمه ويضرب به إنما هو جبار السماوات والأرض وقاهر الجبارين. على عاتق الملك الأغر نجاده ![]() وفي يد جبار السموات قائمه ![]() وكأنه يتمثل في بيته هذا قوله الله تعالى: ﴿ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ﴾ [الأنفال: 17]. وإذا رأى العدو الكافر المستكبر سيفَ سيفِ الدولة يهوي عليه، يسارع إلى إعلان إسلامه ليضمن لنفسه النجاة من القتل. وَمُستَكْبِرٍ لم يَعرِفِ الله ساعَةً ![]() رَأى سَيْفَهُ في كَفّهِ فتَشَهّدَا ![]() وهو، بعزة نفسه وترفّعه عن الناس جميعاً، حين يرى نفسه جديرة بالتعظيم ولا يخضع لأحد، يستثني من ذلك حكم الله، فيقول عن نفسه: تَغَرَّبَ لا مُستَعظِمًا غَيرَ نَفسِهِ ![]() وَلا قابِلاً إِلّا لِخالِقِهِ حُكما ![]() فهو متمرد على أحكام أهل الأرض، خاضع لأحكام رب السماء الذي خلقه. ولا يؤثّر على وصف المتنبي بأنه ذو روح إسلامية في شعره، مخالفاتٌ سلوكية وقع فيها المتنبي أو اتهامه بأنه ادّعى النبوة، فهذا الاتهام الأخير لم يزد عن أنه اتهام، وأما لقبه المتنبي فهو من النَّبْوَة (عدم استواء المكان) وليس من ادعاء النبوة. وأما سلوكه فأعمال الشعراء غير أقوالهم، وأقوالهم غير أفعالهم. من معجمه اللغوي: يضاف إلى كل ما سبق كثرة الألفاظ الدينية، والمصطلحات الإسلامية في شعره، فالمتنبي شاعر ذو ثقافة إسلامية وذو معجم تكثر فيه الألفاظ الدينية الإسلامية، من ذلك ألفاظ المسيح واليهود وصالح وثمود في مجال حديثه عن نفسه، واضطراره إلى أن يعيش في أوساط أناس يخالفونه الرأي أو يناصبونه العداء. مَا مُقامي بأرْضِ نَخْلَةَ إلاّ ![]() كمُقامِ المَسيحِ بَينَ اليَهُودِ ![]() أنَا في أُمّةٍ تَدارَكَهَا اللّهُ ![]() غَريبٌ كصَالِحٍ في ثَمودِ ![]() وهذا كله غيض من فيضِ ما يمكن أن يجده الباحث والمنقب في ديوان المتنبي من هذه الألفاظ والمصطلحات والمفاهيم الإسلامية. وليس هذا غريباً على شاعر عاش في ظل دولة إسلامية مترامية الأطراف نهل من معين ثقافتها العربية الإسلامية التي تؤمن بمقولة عمر رضي الله عنه نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ومن ابتغى العزة في غير ذلك أذله الله. فالعروبة وعاء روحه الإسلام، وهما في صف واحد، وبينهما مودة ولقاء لا تنافر وعداء. المصدر: المستقبل الإسلامي العدد 114 – شوال 1421هـ يناير 2001م
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |