|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#2
|
||||
|
||||
![]() في مقابل هذه القواميس التي التزمت - أو حاولت أن تلتزم - بشرطَي الفصاحة والاستعمال، نجد معجم "أساس البلاغة" للزمخشري "متميزًا بين المعاجم العربية من ناحية المادة التي يختارها؛ إذ إنه لم يقتصر على اختيار الصحيح، ولكنه خطا خطوة بعد ذلك، فتخير ما وقع في عبارات المبدعين، وانطوى تحت استعمالات المفلقين، أو ما جاز وقوعه فيها، وانطواؤه تحتها، من التراكيب التي تملح وتحسن، ولا تنقبض عنها الألسن؛ لجريها رسلاتٍ على الأسَلات...، مع الاستكثار من نوابغ الكلم الهادية إلى مراشد حر المنطق، الدالة على ضالة المِنطيق المفلق، وزاد على توضيح التراكيب دون المفردات...، هذا إلى جانب إثباته للاستعمالات المجازية"[40]. ويبدو أن ابن منظور صاحب لسان العرب "أراد أن يجمع من اللغة كل ما استطاع، قال في مقدمته عن كتابه: جمَعَ من اللغات والشواهد والأدلة ما لم يجمع مثلُه مثلَه...، فجمعت منها في هذا الكتاب ما تفرَّق، وقرنت بين ما غرب منها وبين ما شرَّق، فانتظم شمل هذه الأصول كلِّها في هذا المجموع، وصار هذا بمنزلة الأصل وأولئك بمنزلة الفروع"[41]. وقد كان الهمُّ الأكبر للفيروزابادي صاحب القاموس المحيط جمعَ أكثرِ ما يمكن جمعه من اللغة، قال في المقدمة: "وكنت برهةً من الزمن ألتمس كتابًا جامعًا بسيطًا، ومصنفًا على الفصح والشوارد محيطًا...، وألفت هذا الكتاب محذوف الشواهد والشوارد، مطروح الزوائد، معربًا عن الفصح والشوارد"[42]. "ويقول (الفيروزابادي) مقارنًا بين قاموسه وبين الصحاح: "ولَمَّا رأيت إقبال الناس على صحاح الجوهري، وهو جدير بذلك، غير أنه فاته تصنيف اللغة أو أكثرها بإهمال المادة، أو بترك المعاني الغريبة [النَّادرة]...، فكتبت بالحمرة المادة [المهملة] لديه"[43]. أما المعجم الوسيط، فلا يعترف بانقطاع سلامة اللغة العربية عند عصر معين، ولا مكان معين، ويثبت "ما وضع المولَّدون والمحدَثون في الأقطار العربية من الكلمات والمصطلحات والتراكيب"[44]. ومعظم المعاجم - قبل المعجم الوسيط - "قد تصونت عن إثبات ما وضع المولَّدون والمحدَثون في الأقطار العربية...، حتى قر في نفوس الدارسين أن اللغة العربية قد كملت في عهد الرواية، واستقرت في بطون هذه المعاجم"[45]. "لكن اللجنة المشرفة على المعجم الوسيط استرشدت "بما يقره مجلس المجمع ومؤتمره من ألفاظ حضارية مستحدثة، أو مصطلحات جديدة موضوعة أو منقولة، في مختلف العلوم والفنون..."[46]. وفي المقابل "أهمل واضعو المعجم [الوسيط] كثيرًا من الألفاظ الحوشية الجافية، أو التي هجرها الاستعمال؛ لعدم الحاجة إليها، أو قلة استعمالها لعدم الحاجة إليها، أو قلة الفائدة منها...، وأهملت كذلك الألفاظ التي أجمعت المعاجم على شرحها بعبارات تكاد تكون واحدة، شرحًا غامضًا مقتضبًا، لا يبين عن حقائقها، ولا يقرب معانيَها، كذلك أغفلت اللجنة (التي وضعت المعجم) بعض المترادفات التي تنشأ عن اختلاف اللهجات"[47]. "أما ما أثبته [المعجم الوسيط]، "فالحي المأنوس من الكلمات والصيغ...، وما دعت الضرورة إلى إدخاله من الألفاظ المولَّدة أو المعرَّبة، أو الدخيلة التي أقرها المجمع وارتضاها الأدباء"[48]. "وصاحب المنجد يأخذ مادَّته من المعاجم القديمة، ولكنه يحذف ما لا يليق؛إذ يقول في مقدمته: "وقد تحرينا ما أمكنا المحافظة على عبارات الأقدمين، وأغفلنا ذكر ما يمس حرمة الآداب من الكلمات البذيئة التي لا يضر جهلُها، وقلما أفاد علمُها"[49]. ختامًا: نلاحظ أن المعايير التي وضعها العلماء لاختيار المادة القاموسية - لم تكن محترمة من كل القواميس، فبعد أن أخذ بها مؤلفو القواميس الذين جاؤوا بعد الخليل وابن دريد، تمرَّد عليها المتأخرون كما فعل المتقدِّمان الخليلُ وابن دريد؛ بدءًا من الزمخشري الذي لم يقتصر على ذكر الصحيح فقط؛ لذا لا يمكن - حسب رأيي - أن نتحدث عن معاييرَ حقيقية للمادة اللُّغوية إن لم ننظر إلى معجم بعينه؛ فكل معجم يختار وينتقي موادَّه كيفما شاء. [1] المعاجم العربية - مدارسها ومناهجها - د. عبدالحميد محمد أبو سكين، (الفاروق الحديثة للطباعة والنشر، الطبعة الثانية: 1981هـ - 1402م)، ص: 25. [2] المرجع نفسه، ص: 25. [3] المرجع نفسه، ص: 21. [4] المرجع نفسه، ص: 24. [5] الاستدراك على المعاجم العربية - في ضوء مائتين من المستدركات الجديدة على لسان العرب وتاج العروس - د. محمد حسن حسين جبل، (القاهرة: دار الفكر العربي، دون طبعة، دون تاريخ)، المقدمة، ص:5 - 6. [6] المرجع نفسه، المقدمة، ص:5 - 6. [7] المرجع نفسه، المقدمة، ص: 23. [8] المرجع نفسه، المقدمة، ص: 17. [9] لسان العرب، ابن منظور، طبعة جديدة محققة ومشكولة شكلًا كاملًا، ومذيلة بفهارس مفصلة، (دار المعارف: دون طبعة، دون تاريخ)، ص: 3419 - 3420. [10] الاستدراك على المعاجم العربية - في ضوء مائتين من المستدركات الجديدة على لسان العرب وتاج العروس - د. محمد حسن حسين جبل، المقدمة، ص: 23. [11] المعاجم العربية - مدارسها ومناهجها - د. عبدالحميد محمد أبو سكين، ص: 21. [12] المرجع نفسه، ص: 22، انظر: المزهر؛ للسيوطي، ج: 1، ص: 212. [13] المرجع نفسه، ص: 23. [14] الاستدراك على المعاجم العربية - في ضوء مائتين من المستدركات الجديدة على لسان العرب وتاج العروس - د. محمد حسن حسين جبل، المقدمة، ص: 23. [15] المعاجم اللغوية في ضوء دراسات علم اللغة الحديث؛ د. محمد أحمد أبو الفرج، (دار النهضة العربية للطباعة والنشر، دون طبعة، 1966م)، ص:32 - 33. [16] لسان العرب، ابن منظور، ص: 3226. [17] المعاجم اللغوية في ضوء دراسات علم اللغة الحديث؛ د. محمد أحمد أبو الفرج، ص:32 - 33. [18] المعاجم العربية - مدارسها ومناهجها - د. عبدالحميد محمد أبو سكين، ص: 14، انظر: بروكلمان، ص: 73. [19] المرجع نفسه، ص: 15. [20] المرجع نفسه، ص: 17. [21] المعاجم اللغوية في ضوء دراسات علم اللغة الحديث؛ د. محمد أحمد أبو الفرج، ص:32 - 33. ا: المزهر، ج1، 186، والعمدة؛ لابن رشيق، ج2 ص 265، ط3 1964. [22] الاستدراك على المعاجم العربية - في ضوء مائتين من المستدركات الجديدة على لسان العرب وتاج العروس - د. محمد حسن حسين جبل، المقدمة، ص: 24. [23] لسان العرب؛ ابن منظور، ص: 4916. [24] الاستدراك على المعاجم العربية - في ضوء مائتين من المستدركات الجديدة على لسان العرب وتاج العروس - د. محمد حسن حسين جبل، المقدمة، ص: 29. [25] المعاجم العربية - مدارسها ومناهجها - د. عبدالحميد محمد أبو سكين، ص: 15. [26] المرجع نفسه، ص: 16. [27] الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها؛ أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا، علق عليه ووضع حواشيه: أحمد حسن بسبح، (بيروت: دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى: 1418هـ - 1997م)، ص: 24. [28] البحث اللغوي عند العرب - مع دراسة لقضية التأثير والتأثر - د. أحمد مختار عمر، (القاهرة: عالم الكتب، الطبعة السادسة: 1988م)، ص: 161. [29] الاستدراك على المعاجم العربية - في ضوء مائتين من المستدركات الجديدة على لسان العرب وتاج العروس - د. محمد حسن حسين جبل، المقدمة، ص:5. [30] الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها؛ أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا، ص: 36. [31] المعاجم اللغوية في ضوء دراسات علم اللغة الحديث؛ د. محمد أحمد أبو الفرج، ص: 33. [32] لسان العرب، ابن منظور، ص: 1342. [33] المعاجم اللغوية في ضوء دراسات علم اللغة الحديث؛ د. محمد أحمد أبو الفرج، ص: 33. [34] المرجع نفسه، ص: 33. [35] المرجع نفسه، ص: 34. ا: مقدمة الأزهري 114. [36] المرجع نفسه، ص: 34. [37] المرجع نفسه، ص: 35. [38] المرجع نفسه، ص: 35. [39] المرجع نفسه، ص: 36. [40] المرجع نفسه، ص: 36. [41] المرجع نفسه، ص: 37. ا: مقدمة لسان العرب، ج:1، ص:8، ط: بيروت. [42] المرجع نفسه، ص: 37. ا: مقدمة المحيط، ج:1، ص:3. [43] المرجع نفسه، ص: 37 - 38. ا: مقدمة المحيط، ج:1، ص:3. [44] المرجع نفسه، ص: 38. ا: ص:9 من تقديم المعجم الوسيط. [45] المرجع نفسه، ص: 38. [46] المرجع نفسه، ص: 39. [47] المرجع نفسه، ص: 39. [48] المرجع نفسه، ص: 39. [49] المرجع نفسه، ص: 39.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |