الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         العشر مش مجرد أيام... هي فرص عمر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          عظيم الأجر في الأيام العشر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          رحلة الروح إلى الله: تأملات في مناسك الحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          حجة الوداع والدروس المستفادة منها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          تحفة الرفيق بفضائل وأحكام أيام التشريق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          فضل العشر الأول من ذي الحجة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          اغتنام أيام عشر ذي الحجة والتذكير بيوم عرفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          يوم عرفة وطريق الفلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أحب الأعمال في أحب الأيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4885 - عددالزوار : 1894365 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-05-2025, 11:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,229
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال

الدين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (170) قصة ضيف إبراهيم وبشارتهم بإسحاق من سورة الحجر (2)



كتبه/ ياسر برهامي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقال الله -عز وجل-: (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ . إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ . قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ . قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُون . قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ . قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ . قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ . قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ . إِلا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ . إِلا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ) (الحجر: 51-??).
الفائدة الرابعة:
في قول إبراهيم -صلى الله عليه وسلم-: (أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُون) دليل على جواز التحقق من قول الصادق بتأكيد السؤال عليه، فقد كرَّر إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- السؤال: (أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ) تعجبًا، ثم سأل مكررًا: (فَبِمَ تُبَشِّرُون).
ومن هذا الباب: قول الله -عز وجل- عن زكريا -عليه الصلاة والسلام-: (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي ‌عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) (آل عمران: 40).
وفي مثل هذا التثبت والتحقق نوع من الشعور بالامتنان لله -عز وجل-، واستحضار أن الأمر عظيم، وأن النعمة جسيمة، فيجد الإنسان لذة العطاء من الكريم المنان، فهو يريد تكرار البشارة واستمرارها؛ لما يجد فيها من الفرح والسرور والروح، بإجابة الدعاء وحصول الاجتباء والفضل والعطاء، وهذا من أعظم أسباب سعادة المؤمن.
الفائدة الخامسة:
في قول الملائكة -عليهم السلام-: (بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ) فيه تقرير البشارة وتكريرها، ووصفها بأنها الحق؛ فهي متحققة الوقوع؛ لأنها من عند الله، وعلى لسان ملائكته الكرام -عليهم الصلاة والسلام-، وفي الآية النهي عن القنوت من إجابة الدعاء ولو تأخرت الإجابة؛ فلا يصح للعبد أن يقول: دعوتُ فلم يستجب لي! فقد تتأخر الإجابة إلى زمن يطول عليك في الدنيا، وقد تتأخر إلى يوم القيامة، وقد يكون قد صُرِف عن العبد من السوء مثلها.
فلا يقنط المؤمن أبدًا من إجابة دعائه، ولم يكن إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- قانطًا من رحمة الله أبدًا، ولكن ربما ظن أن دعوته بهبة الصالحين التي دعاها حين فارق قومه وهاجر من بين أظهرهم، كما قال -تعالى-: (وَقَالَ ‌إِنِّي ‌ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ . رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) (الصافات: 99، 100)، قد تحققت وأجيبت بولادة إسماعيل -صلى الله عليه وسلم-، ولكن كانت هناك إجابة أكمل ونعمة أتم ورحمة أعظم، بولدٍ آخر من امرأته السابقة إلى الخيرات سارة، فـلله الحمد والمنة، والقنوط من رحمة الله في أصلها وكمالها من الضلال؛ لا يجوز لمؤمن أن يقنط من رحمة ربِّه في أصلها، ولا يجوز أن يقنط من الكمال أيضًا، بل لو وصل الأمر إلى زوال الرجاء بالكلية فلم يبقَ في القلب منه ذرة، زال الإيمان بالكلية؛ لأن الرجاء من أركان الإيمان القلبية، واليأس يناقضه، والإيمان ينقص بنقصانه، ويكمل بكماله الواجب والمستحب؛ ولذا قال إبراهيم -صلى الله عليه وسلم-: (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ)؛ قال -تعالى-: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ ‌أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ) (الزمر: 53، 54).
وفي الحديث عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعًا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-: (‌الْكَبَائِرُ: ‌الشِّرْكُ ‌بِالله، ‌وَالإِيَاسُ ‌مِنْ ‌رَوْحِ ‌الله، وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ) (رواه البزار، وحسنه الألباني)، وروى الطبراني وغيره عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "أكبر الكبائر: الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله".
والظاهر في الفرق بين اليأس والقنوط: أن اليأس من روح الله وهو ترويحه، وإزالة الكرب والبلاء، يكون عند حلول الشدائد والمصائب، والقنوط من رحمة الله أعم منه؛ لكونه يكون عند حلول الشدائد والمصائب، وقد يقع استبعاد حصول الخير ولو لم يوجد بلاءٌ.
وكان المناسب في قصة إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- هنا أن ينهوه عن القنوط؛ لأنه لم يكن في بلاء، ونفى إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- وجوده، ووصف مَن فعله بأنه ضالٌ؛ إذ لم يكن هو في شر، بل في نِعَم عظيمة، ولكن لم يكن يتوقع حصول مزيدِ الخير بوجود ولدٍ آخر بعد إسماعيل -صلى الله عليه وسلم- مع وصفه بالعلم، ويكون من سارة، وقد قال الطحاوي -رحمه الله- في عقيدته: "والأمن والإياس ينقلان عن ملة الإسلام"، وهو صحيح إذ هو محمول على زوال الخوف بالكلية من القلب، وزوال الرجاء بالكلية، وكلاهما من أركان الإيمان، فإذا زال الخوف بالكلية حصل الأمن من مكر الله، وإذا زال الرجاء بالكلية حصل القنوط من رحمة الله، وقد قال الله -تعالى- في بيان ركنية الخوف في الإيمان: (‌وَخَافُونِ ‌إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران: 175)، وقال -تعالى- في ركنية الرجاء: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ ‌يَرْجُونَ ‌رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة: 218).
وللحديث بقية -إن شاء الله-.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29-05-2025, 12:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,229
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال

الدين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (171) قصة ضيف إبراهيم وبشارتهم بإسحاق من سورة الحجر (3)



كتبه/ ياسر برهامي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقال الله -عز وجل-: (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ . إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ . قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ . قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُون . قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ . قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ . قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ . قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ . إِلا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ . إِلا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ) (الحجر: 51-??).
الفائدة السادسة:
قوله -تعالى-: (فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ . قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ . إِلا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ . إِلا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ)، الترتيب في سورة الحِجْر بين البشارة بالولد أولًا ثم الإخبار بالإرسال إلى قوم لوط لإهلاكهم، وفي سورة هود ذكر الإشارة بإهلاك لوط أولًا، ولما ضحكت سارة بعد أن عرفت حقيقة الرسل، واطمأنت وأَمِنَت من أن يكون منهم شر بُشِّرت بالولد: (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ) (هود: 71).
والجمع بين الآيات ممكن واضح؛ إذ إن الترتيب في سورة الحجر ترتيبُ ذِكرٍ، وليس بترتيب زمن، والآيات فيها الجمع بالواو في بعض الأحداث، وفي بعضها ذكر الخبر دون أداة ترتيب، أما في سورة هود ففيها أداة الترتيب الفاء، كما قال الله -سبحانه وتعالى-: (فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ . ‌وَامْرَأَتُهُ ‌قَائِمَةٌ ‌فَضَحِكَتْ ‌فَبَشَّرْنَاهَا ‌بِإِسْحَاقَ ‌وَمِنْ ‌وَرَاءِ ‌إِسْحَاقَ ‌يَعْقُوبَ) (هود: 70، 71).
وكذلك ما وقع من الملائكة ولوط، ففي سورة هود بيَّن -عز وجل- أن لوطًا لم يعرف الرسل إلا في آخر الأمر بعد قدوم قومه مريدين للفاحشة من ضيوفه حتى قال لهم: (قَالَ ‌لَوْ ‌أَنَّ ‌لِي ‌بِكُمْ ‌قُوَّةً ‌أَوْ ‌آوِي ‌إِلَى ‌رُكْنٍ ‌شَدِيدٍ . قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ) (هود: 80، 81).
وأما في سورة الحجر، فذكر أنهم قالوا له: (‌بَلْ ‌جِئْنَاكَ ‌بِمَا ‌كَانُوا ‌فِيهِ ‌يَمْتَرُونَ) (الحجر: 63)، مع ذكر مجيئهم له أولًا، وهي في الحقيقة في آخر القصة بعد مجيء قومه كما ذكرت في سورة هود، والجمع كما ذكرنا أن الترتيب في سورة الحجر هو في ذكر مجموع الأحداث لا بترتيبها الزمني. والله أعلم.
مثل قوله في سورة الأنعام: (‌وَأَنَّ ‌هَذَا ‌صِرَاطِي ‌مُسْتَقِيمًا ‌فَاتَّبِعُوهُ ‌وَلَا ‌تَتَّبِعُوا ‌السُّبُلَ ‌فَتَفَرَّقَ ‌بِكُمْ ‌عَنْ ‌سَبِيلِهِ ‌ذَلِكُمْ ‌وَصَّاكُمْ ‌بِهِ ‌لَعَلَّكُمْ ‌تَتَّقُونَ . ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ) (الأنعام: 153، 154).
فقد قال أهل العلم: إنه عطف جملة على جملة من باب ذِكْر الأحداث مجتمعة، وليس بترتيبها الزمني، نحو قول الشاعر:
قُل لِمَن سادَ ثُمَّ سادَ أَبوهُ قَبلَهُ ثُمَّ قَبلَ ذَلِكَ جَدُّه
فإذا احتمل هذا في لغة العرب مع وجود أداة الترتيب ثُمَّ؛ فبالأولى يجوز إذا لم تُذكَر، أو ذُكِر الجمع بالواو.
الفائدة السابعة:
في هذه الآية إثبات الإرسال الكوني، وهو بخلاف الإرسال الشرعي الذي أرسل الله به الرسل بالرسالة الشرعية، وأرسل الرسول الملكي إلى الرسول البشري وأرسل الرسول البشري بأوامر الله -عز وجل- ونواهيه إلى الناس الذين أرسل إليهم، وبما يجب من أخبارٍ يلزم تصديقها، وهذا الشرع الذي شرعه لهم؛ أما الإرسال الكوني فهو هنا للإهلاك، ومِن هذا الإرسال الكوني: قوله -تعالى-: (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) (الأعراف: 57)، وقوله -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) (مريم: 83)، أي: تزعجهم إلى المعاصي إزعاجًا.
وهذا الإرسال الكوني لا يتضمن أمرًا شرعيًّا إلى المكلفين، وإن كانت الملائكة في قصة إبراهيم يمتثلون أمر الله بإهلاك قوم لوط، لكنهم لم يحملوا رسالة إليهم؛ إلا ما كان من أمر لوط وأهله بأن يسري بأهله بقطع من الليل، قال الله -تعالى- عنهم: (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ) (الحجر: 65)، لكن خبرهم لإبراهيم بأنهم أرسلوا إلى قوم لوط، وقول إبراهيم لهم: (فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ) المقصود به الإرسال لإهلاكهم؛ فهو الإرسال الكوني بلا شك.
الفائدة الثامنة:
قول الملائكة: (إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ) دليل على أن الشذوذ الجنسي فعل قوم لوط، وكذا السحاق جريمة مستوجب للعقوبة الإلهية العظيمة في الدنيا، وكذلك في الآخرة، وليس كما يقول زنادقة الغرب ومَن وافقهم الذين لا يلتزمون بشريعة -لا يهودية ولا نصرانية ولا إسلام-: إنها حرية شخصية! وأن هذه الممارسات من حقوق الإنسان؛ سواء كانت لواطًا أو سحاقًا، أو غير ذلك من الأنواع العديدة التي يسمونها: النوع المجتمعي، وكذا الرغبة في التحول من الجنس إلى الجنس الآخر دون مقتضى طبي؛ هذا القول تكذيب للقرآن والتوراة والإنجيل، وإباء واستكبار عن شريعة الله.
وكل مَن نفى الجريمة عن فاعل الشذوذ فهو كافر، وإن كان مسلمًا قبل ذلك فهو مرتد، وإن كان كتابيًّا زال عنه وصف الكتابي، وصار وثنيًّا لا تحل ذبيحته، ولا يجوز الزواج من نسائهم، ولو وُجِدت امرأة في أوروبا أو أمريكا أو غيرها، ترى جواز فعل اللواط أو السحاق، وأنه حرية شخصية؛ فهي وثنية لا يجوز الزواج منها؛ لأنها فقدت وصف الكتابية بالإباء والرد للشريعة المتواترة في كلِّ شرائع الأنبياء، بوصف فعل قوم لوط بالإجرام، واستحقاقهم للهلاك.
والمحاولات المستميتة لنشر حرية الشذوذ في العالم، وتصحيح زواج الرجل بالرجل، والمرأة بالمرأة، بعد تصحيح المعاشرة؛ هذا كفر زائد لأنهم يسمونه: زواجًا، وتسميته زواجًا استحلال، وهو في الحقيقة إباء ورد.
وكذلك تجويز تكوين أسرة بين رجلين، أو امرأتين؛ أحد الرجلين يقوم بدور الزوج ثم الأب بعد ذلك، والآخر يقوم بدور المرأة الموطوءة ويقوم بدور الأم بعد ذلك، وهذا ينشرونه في العالم ويحاولون بكل طريق قبول العالم له، كما نصوا على ذلك في اتفاقية "سيداو" وما لحقها من اتفاقيات، ويسمون هذا: بالنوع المجتمعي، ويسعون لنشره في العالم ضمن ما سموه بأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة حتى عام 2030؛ فهذا كله الكفر والردة عن الإسلام، والنفاق الأكبر إن كان صاحبه يتسمى بالإسلام، كما في إعلان ما سُمِّي بوثيقة الإسلام في فرنسا الذين تعهدوا بقبول الشذوذ وعدم احتقار أصحابه أو ذمهم؛ فكل ذلك يخالف كل شرائع الأنبياء؛ لا يجوز قبوله، ولا المعاونة عليه بحالٍ من الأحوال؛ وإلا فقد خرج المقرُّ والمعاوِن والراضي، عن دين الإسلام بتكذيب القرآن.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 80.65 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 78.53 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (2.64%)]