|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() في التحذير من الربا والتحايل، على المال بالحيل الباطلة الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل الحمدُ لله نحمَدُه، ونستَعِينه ونستَهدِيه، ونستَغفِره ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله من شرور أنفُسِنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، عظَّم أمر الرِّبا وتوعَّد على أكله، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، الذي لعَن آكِل الرِّبا وموكله وشاهديه وكاتبه، صلَّى الله عليه وعلى آله وصَحابته الممتثلين لأوامره والمجتنبين لنواهيه وسلَّم تسليمًا كثيرًا. أمَّا بعدُ: فيا عباد الله، اتَّقوا الله - تعالى - وتُوبوا إليه، واعلَمُوا أنَّكم في زمانٍ طفرت فيه الأموال وتكدَّست لدى كثيرٍ من الناس، وأصبح همُّ الكثير جمعها والحصول عليها بشتَّى الوسائل، غير مُبالٍ بحَرامها وحَلالها، وكأنَّ الحلال لديه ما حلَّ بيده وقدر عليه ولو كان عن طريقٍ حرام لا يشكُّ فيه. ومن الطُرُقِ المحرَّمة في الحصول على الأموال الربا الذي شاعَ وانتشر في هذه الأزمان، وقلَّ الخوف فيه من العُقوبات، وقد تعدَّدت المسالك في الربا، وتنوَّعت الحيل على أكله، واستساغ الكثير أكلَه، واستَسهَل بعضَ المسالك مع وُضوحها. فمن الوسائل ما يفعَلُه البعضُ في المداينة؛ وذلك بأنْ يأتي رجلٌ محتاج إلى ريالات إلى أحد التجَّار المعروفين أو ضُعَفاء النُّفوس، ومَن هو في مظهر الفقراء ولكنَّهم قد قبضوا على الريالات، فيطلب منه المحتاج أنْ يدينه - كما يقولون - فيقول المطلوب منه: أعطيك العشر خمسة عشر - مثلًا - مدَّة كذا، فيسلم المحتاج الأمر ويستسلم للطلب، فيبحث المطلوب منه عن حيلة في الحصول على خمسة عشر ريالًا بعشرة ريالات، فيقول: أكتب معك لفلانٍ يسلم لك عوض عشرة ريالات أو اتَّصِل به تليفونيًّا فيرضى المحتاج، ويذهب للواسطة وآلة الحيلة والمتعاون مع صاحب النقود على الباطل، فإذا حضَر المحتاج إلى المحول عليه قال له: هذا المال عدَّه وتسلَّمه وإن لم يكن ظاهرًا للعدد، وقد يكون مضى عليه سنون عديدة وهو في هذا المكان لا يعلم عن حاله وعن صَلاحه من خَرابه، وإنما وضع حِيلة ووسيلة للمتحايلين على الربا وأكْل الأموال بالباطل فيقر المحتاج بتسلم المال وإنْ كان لا يعلم عنه شيئًا، أو يعلم عن بعضه بما يشاهد ممَّا ظهر منه، فإذا أقرَّ بالتسلُّم وإنْ كان لم يستَلِمه حقيقةً بدأتْ عمليَّة الحِيلة الأخرى، وأكملت للأولى حتى يحصل على مقصوده وهو الريالات؛ فيتفاوض مع الموجود لديه المال بأنْ يكون بمبلغ كذا، فيستلم منه ريالات كل عشرة منها في وقته الحاضر والتي تسلَّم من واسطة الحيلة بخمسة عشر ريالًا للمحتال الأول. خِداعٌ ومكر وحِيَلٌ ظاهرة لا ينكرها عاقل يَخاف الله؛ كحِيَل اليهود على صيد السمك المحرَّم عليهم صيدُه يوم السبت، فوضعوا له حبالًا وأحواضًا، فلمَّا جاء يوم السبت ووقعت في تلك الحبال والأحواض أخذوها يوم الأحد، والبعض ممَّن لا يريد أنْ يتعب لنفسه ولو بعمل قليل في التحايُل على أكْل الربا يضَع نقوده في أحد البنوك ويأخُذ عليها فائدةً بعد أوقات مُعيَّنة، وهذا ربا صريح لا يحتاج آكِلُه إلى حِيلة. فاتَّقوا الله يا عباد الله، لا ترتَكِبوا محارمَ الله صراحةً ولا بالحِيَل، فإنَّ الله لا تَخفَى عليه خافية، احذَرُوا حربه ومقته ولعنةَ رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول - جلَّ وعلا -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 278-279]. فمَن يقوى يا عباد الله على حرب الله وناره؟ احذَرُوا يا عباد الله هذا الداء الذي عمَّ وانتشر وظهرت آثاره السيِّئة العاجلة؛ في الحديث عن عبدالله بن مسعود - رضِي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقال فيه: ((ما ظهر في قومٍ الزنا والربا إلا أحلُّوا بأنفسهم عذابَ الله))[1]. إنَّها مواعظ لو لَقِيتْ آذانًا مُصغِية، وقلوبًا صادقة، وخوفًا من عِقاب الله. إنَّ حُطام الدنيا وتكدُّس الأموال عند الكثير من الناس لا يُغنِي عنه شيئًا عندما يُفارِق الدنيا ويقدم على الله، فإنَّ ماله وأهله يرجعان عنه، ولا يبقى معه إلَّا علمه؛ فإنْ كان صالحًا فالخير بُشراه، وإنْ كان فاسدًا فويلٌ له من عِقاب الله، ولم ينفعه ماله الذي جمع بالطُّرق المحرَّمة المكر والخداع. ولعظم أمر الربا قُرِنَ بالشرك والسِّحر؛ ففي الحديث عن أبي هُرَيرة - رضِي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((اجتَنِبوا السبع الموبقات))، قالوا يا رسول الله، ما هنَّ؟ قال: ((الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولِّي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات))[2]. فأمْر الربا يا عباد الله عظيم، وعُقوبَته جَسِيمة، والعاقل الناصح لنفسه لا يُوقِعها في المهالك من أجل مالٍ يتيقَّن أنَّه لن يأكُل منه إلا القليل لو عاش مُدَّةً من الزمن، فما أحوَجَنا إلى الفِكر في وضعنا ومُحاسبة نُفوسنا والتخلُّص ممَّا فيه هَلاكنا. وفَّقَنا الله جميعًا للعمَل بما يُرضِيه، وحَفِظنا من أليم عِقابه ومَعاصيه، وسلك بنا صِراطه المستقيم، إنَّه سميع مجيب. بارَك الله لي ولكم في القُرآن العظيم، ونفعَني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، وتابَ عليَّ وعليكم إنَّه هو التوَّاب الرحيم. أقول قولي هذا وأستَغفِر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب، فاستَغفِروه إنَّه هو الغفور الرحيم. واعلَمُوا أنَّ ممَّا ابتُليَتْ به المجتمعات الإسلاميَّة ممَّا خالَف الإسلام وتعاليمه وآدابه، التعامُل بالربا؛ فقد أصبح وسيلةً من وسائل الكسب والحصول على الأموال الطائلة دُون تعَب ولا مشقَّة. وكثيرٌ من ذلك على حِساب الفُقَراء والمحتاجين الذين أُرهِقوا بالديون، وبذلك حصلت الشحناء ووُجِدَ الحقد والتباغُض والتقاطع بين المسلمين، وقلَّ التعاوُن والتآلُف، وأصبح أكثر الأغنياء لا يرى للفقير حقًّا واجبًا عليه في ماله، وكأنَّ المال الموجود على ظهر الأرض خاصٌّ به دون الفقير! ولا شكَّ أنَّ هذا التعامُل مخالفٌ لآداب الإسلام وتعاليمه السامية، وممَّا ورد عن أعداء الإسلام وغرق به المسلمون، فاتَّقوا الله يا عباد الله، وتخلَّقوا بأخلاق الإسلام وتأدبوا بآدابه وتمسَّكوا بتعاليمه. [1] انظر: الترغيب والترهيب؛ للمنذري: 3/8، وكنز العمال (9768)، وهناك رواية عن الإمام أحمد: 1/402. [2] انظر: البخاري رقم (2766) ـ الفتح: 5/393، ومسلم (89).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |