العبرة من إعصار إرما وزلزال المكسيك - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         خطبة الأضحى 1446 هـ (إن الله جميل يحب الجمال) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 139 )           »          خطبة عيد الأضحى 1446هـ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 132 )           »          مضت أيام العشر المباركة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 124 )           »          خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 119 )           »          خطبة عيد الأضحى لعام 1446 هــ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 119 )           »          خطبة عيد الأضحى المبارك: تضحية وفداء، صبر وإخاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 108 )           »          خطبة عيد الأضحى 1446هـ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 90 )           »          خطبة عيد الأضحى 1446 هـ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 69 )           »          خطبة عيد النحر 1446 هـ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 72 )           »          التشويق لفضائل النحر والتشريق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 66 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 14-12-2020, 10:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,373
الدولة : Egypt
افتراضي العبرة من إعصار إرما وزلزال المكسيك

العبرة من إعصار إرما وزلزال المكسيك
أحمد بن عبد الله الحزيمي






الحمدُ للهِ الذِي خَلَقَ السَّمَواتِ والأَرْضَ، وجَعَلَ الأرضَ قَرارًا ومِهادًا، وفِرَاشًا وبِسَاطًا، أَلْقَى فيها رَواسِيَ أنْ تَمِيدَ بِكُم، وجَعلَ السَّماءَ سَقْفًا مَحفُوظًا، أحمَدُهُ على نِعَمِهِ الظاهرةِ والباطنةِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَه الخلْقُ والأمرُ وهو علَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، أَعْرَفُ الخلقِ بِربِّهِ، وأتقَاهُمْ لَهُ، صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وأصحابِهِ ومَن تَبعَهم بإحسانٍ وسَلَّمَ تَسلِيمًا كَثيرًا، أما بعدُ:

عبادَ الله:

تقوى اللهِ هي أَوَّلُ ما صاحَ بهِ المرسلونَ في أقوامِهِم، كمَا أخبَرَ اللهُ عَن رُسلِهِ فقالَ: ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾ [الشعراء: 106]، وقالَ تعَالى: ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾ [الشعراء: 124]، وقال: ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾ [الشعراء: 161]، وقال: ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾ [الشعراء: 177]، وكانَ نبيُّنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوصِي بِهَا أَصحابَهُ في خُطَبِهِ ومَواعِظِهِ، فَيقولُ لَهُمْ: "عَليكُمْ بِتقوَى اللهِ"، وقَدْ أَمرَ اللهُ سبحانَه وتعَالى بها نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً، فقالَ سُبحَانَه: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ﴾ [الأحزاب: 1].



أيها المؤمنون:

هَبَّتْ رِيحٌ شَديدَةٌ في عهدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعُرِفَ ذَلكَ في وَجهِهِ، وحينَ انْعَقَدَ الغَمَامُ فِي السَّماءِ وتَكَوَّنَ السَّحَابُ رُكَامًا يُرَى عليهِ الصلاةُ والسلامُ يُقبِلُ ويُدبِرُ ويَدْخُلُ البيتَ ويَخْرُجُ، فتَقولُ له عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: مَا بِكَ يَا رَسولَ اللهِ؟! فيقولُ: "مَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ، قَدْ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ، فَقَالُوا: ﴿ هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ﴾ [الأحقاف: 24] فقالَ اللهُ: ﴿ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [الأحقاف: 24]، تقولُ: فَإِذَا أَمْطَرَتِ السَّمَاءُ سُرِّيَ عَنْهُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ.

معَ أنَّ اللهَ سبحانهُ وتَعَالى قَد جَعَلَهُ أَمَنَةً لأصحابِهِ فقالَ: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾ [الأنفال: 33].



عبادَ اللهِ:

قبلَ أيامٍ مَرَّ إِعْصارُ (إيرمَا) الذي دَمَّرَ بعضَ سَواحلِ دُولِ البحرِ (الكَارِيبي) وبعضَ وِلاياتِ (أَمريكا)، وجاءَ بعدَهُ الزِّلزَالُ الذي ضَربَ (المكسِيك) والذي خَلَّفَ دَمَارًا كَبِيراً، وأَصابَ العالَمَ بالذُّهُولِ والهَلَعِ، إنَّ هذِه الأعاصيرَ والزَّلازِلَ لهيَ أعظمُ دَليلٍ على قُدْرةِ الخالقِ العَظِيمِ سبحانَهُ؛ ذَلكَ أنَّهمْ عَلِموا يقينًا بِمَجِيئِهِ، وعَلِموا تَمَامًا حَجمَ الدَّمَارِ الذي سَيُخَلِّفُهُ، لكنْ يا تُرَى ماذَا فَعَلوا اتِّقاءَ شَرِّهِ، والتقليلِ مِن خَطَرِهِ؟ يا تُرى هَلاَّ اسْتعَانُوا بقُوَّاتٍ أجنَبيةٍ لِرَدِّهِ؟ وهلِ اسْتُجْلِبَتْ بَارجاتٌ حَربيةٌ، أوْ قاذفاتُ صَوارِيخ، أوْ بَطارياتُ تَصَدِّي، للحَدِّ منْ قُوَّتِهِ؟، وهلْ قَامُوا باسْتِقْطَابِ مُفكِّرِي العالَمِ، وخُبراءِ الحُروبِ للتَّقلِيلِ مِنْ شَأْنِهِ؟! أمْ هلِ ابتكَرُوا بَرَامِجَ حَاسُوبِيَّةٍ أوْ أجهزةَ إنْذارٍ لتُعِيقَ حَركَتَهُ وتُشَتِّتَ قُوَّتَهُ؟! كُلُّ ذلكَ لَم يَحْدُثْ! بلْ إنَّ غَايةَ مَا فَعَلُوهُ، هو إِجْراءُ بعضِ التَّدَابيرِ الوِقَائِيَّةِ في التَّقلِيلِ منْ حَجْمِ الدَّمَارِ الذي سَيُخَلِّفُهُ والتي يُمكِنُ أنْ يُحْدِثَهَا هذا الإعصَارُ، عَبرَ إعلانِ حَالةِ الطَّوَارئِ، وإِجْلاءِ السُّكَّانِ القَاطِنِينَ على السَّواحِلِ وَوَضْعِهِمْ في أَمَاكِنَ أكثرَ أمَانًا؛ لأنَّه أمرٌ َفوقَ طاقاتِ العقلِ البَشَرِيِّ؟



عبادَ اللهِ:

الآيَاتُ والحوَادِثُ والكَوَارثُ والنُّذُرُ كَثِيرةٌ ومُتَنَوِّعةٌ، فهيَ بينَ رِيحٍ مُدَمِّرٍ، أوْ مَوجٍ وفيَضَانٍ عَاتٍ، وتَارةً عبرَ زلزَالٍ مُروِّعٍ، وخَسْفٍ مُهلِكٍ، وعَواصِفَ ثَلجِيّةٍ، أو أمراضٍ مُستَعصِيةٍ وأَوْبِئةٍ مُنتشِرةٍ، وتَارةً عبرَ حُروبٍ طَاحِنَةٍ.

فالزَّلازِلُ والبَرَاكِينُ والعواصفُ الثَّلجِيَّةُ إلى غيرِ ذلكَ، إنَّمَا هيَ آياتٌ مِن آياتِ ربِّ البَريَّةِ، هِي جُندٌ من جُنودِ اللهِ، ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ﴾ [المدثر: 31] يُرْسِلُهَا اللهُ تخويفًا للكافرينَ وابتلاءً للمؤمنينَ، وعِتاباً للمقصِّرينَ والمُذْنِبينَ، قالَ ربُّ العالمينَ: ﴿ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ﴾ [الإسراء: 59]، إنَّ هذَا كَلامُ مَنْ أيُّها الإخوةُ؟ إنَّه كلامُ اللهِ، ليسَ كلامَ خَطيبٍ على مِنْبَرٍ، ولا رَأْيَ عَالِمٍ في مسجدٍ، لا يَقُلْ أحدٌ أَنَّ هَذا غيرُ صحيحٍ فهيَ ظَواهِرُ طَبيعِيةٌ جَاءَتْ بسببِ اتِّسَاعِ ثُقْبِ الأُوزونِ، أو ارتِفَاعِ دَرَجةِ حَرَارةِ الأَرضِ، أو تَحَرُّكٍ في طَبقَاتِهَا، أو تَصَدُّعٍ في بَاطِنِهَا! حتَّى وإن كانتْ هذِه من أَسبَابِهَا فمَن الذي سَبَّبَ هذه الأسبابَ حتى ثَارَتِ الأرضُ والبِحارُ؟!قالَ قَتَادَةُوَإِنَّ اللَّهَ يُخَوِّفُ النَّاسَ بِمَا شَاءَ مِنْ آيَةٍ، لَعَلَّهُمْ يَعْتَبِرُونَ، أَوْ يَذَّكَّرُونَ، أَوْ يَرْجِعُونَ).



إنَّ هذهِ الكوارثَ الَّتي مَرَّتْ - أيها الإِخوةُ - لا ينبغِي أنْ تَمُرَّ دونَ أنْ نَأخذَ منها بعضَ الدُّرُوسِ والْعِبَرِ، ولَعلَّ من أهَمِّهَا:

قُدْرَةُ العَليمِ القَدِيرِ على تَصْرِيفِ الكَونِ وتَدبِيرِهِ؛ فإنَّهُ لا رَادَّ لقضَائِهِ، ولا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وأنَّهُ سُبحَانهُ إذا قضَى أمرًا فإنَّما يَقولُ لهُ كُنْ فَيكُونُ، وواللهِ لوِ اجْتَمَعَ أهلُ الأرضِ كُلُّهُمْ معًا مَا اسْتطَاعوا أنْ يَرُدُّوا شيئًا أو أَمْراً قَدْ قدَّرَهُ اللهُ تعَالى.

ومِنها: أخذُ العِبرَةِ والعِظَةِ؛ وذلكَ أنَّ العبدَ يَرَى هذا العَجزَ العظيمَ للبشَرِيَّةِ، في وَقتٍ وصَلَتْ قُدرةُ البشَرِ في اختِرَاعَاتِهَا وإنجَازَاتِهَا، شيئًا لمْ يَصِلْ أحدٌ مِنْ قبلُ إليهِ.

فقدرةُ اللهِ لا حَدَّ لَها، فالكَونُ كُلُّهُ بإِنْسِهِ وجِنِّهِ وأرضِهِ وسمائِهِ وهوائِهِ ومائِهِ وبَرِّهِ وبحرِهِ وكَواكِبِهِ ونجُومِهِ وكلِّ مخلوقَاتِهِ مَا عَلِمنَا منها ومَا لَمْ نَعلَمْ، كُلُّهَا مُسَخَّرَةٌ بأمرِهِ سُبحانَه.



أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إنَّ السَّعِيدَ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ، وَكَمْ نَنْشَغِلُ بِأَحْدَاثِ الآخَرينَ وَنَنْسَى أَنْفُسَنَا، وَاللهُ يُمْهِلُ وَلَا يُهْمِلُ، وَقَدْ يَبْتَلِي اللهُ قَوْمًا بِالضَّرَّاءِ وَيَبْتَلِي غَيْرَهُمْ بِالسَّرَّاءِ، وَالْمِسْكِينُ مَنْ خَدَعَهُ الْأَمَلُ، وَغَرَّهُ طُولُ الْأَجَلِ، وَفِي الْقُرْآنِ تَذْكيرٌ مُسْتَمِرٌّ لَنَا بِمَنْ أَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ، وَبِمَنْ أَصْبَحُوا لَا يُرَى إلَّا مَسَاكِنُهُمْ، وَتَذْكيرٌ كَذَلِكَ بِالْقَرْيَةِ الآمِنَةِ الْمُطْمَئِنَّةِ الَّتِي يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ؛ فَهَلْ نَتَّعِظُ - عِبَادَ اللَّهِ - بِمَنْ مَضَى وَمَنْ بَقَى.



قَالَ الْإمَامُ ابْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ: (فَالْوَاجِبُ عِنْدَ الزَّلازِلِ وَغَيْرِهَا مِنَ الآياتِ وَالْكُسُوفِ وَالرِّياحِ الشَّدِيدَةِ والفَيضَانَاتِ: الْبِدَارُ بِالتَّوْبَةِ إِلَى اللهِ سُبْحَانَه، وَالضَّرَاعَةُ إِلَيه، وَسُؤَالُهُ الْعَافِيَةَ، وَالْإكْثَارُ مِنْ ذِكْرِهِ وَاِسْتِغْفارِهِ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْكُسُوفِ: "فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِ اللهِ ودُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ"، وَيُسْتَحَبُّ أيضًا: رَحْمَةُ الْفُقَراءِ وَالْمسَاكِينِ، وَالصَّدَقَةُ عَلَيهِمْ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "ارْحَمُوا تُرْحَمُوا، الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأرْضِ، يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ"، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ". وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِالْعَزِيزِ -رَحِمَهُ اللهُ- أَنَّه كَانَ يَكْتُبُ إِلَى أُمَرَائِهِ عِنْدَ وُجُودِ الزَّلْزَلَةِ أَنْ يَتَصَدَّقُوا. وَمِنْ أَسْبَابِ الْعَافِيَةِ وَالسَّلاَمَةِ مِنْ كُلِّ سُوءٍ: مُبَادَرَةُ وُلاَةِ الْأُمُورِ بِالْأخْذِ عَلَى أَيْدِي السُّفَهَاءِ، وَإِلْزَامِهِمْ بِالْحَقِّ وَتَحْكِيمِ شَرْعِ اللَّهِ فِيهِمْ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ)، انتهى كلامُه رَحِمَهُ اللهُ.

نَسْأَلُ اللهَ الْعَظِيمَ، رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَجْعَلَنَا آمِنِينَ مُطْمَئِنِّينَ، وَأَنْ يَدْفَعَ عَنَّا الزَّلازِلَ، وَالْمِحَنَ، وَالْبَلايَا، وَأَنْ يَجْعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ بَاتَ فِي سِرْبِهِ آمناً، وَمِمَّنْ حَفِظَهُ اللَّهُ بِالْإِسْلامِ قَائِمًا وَقَاعِدًا. بَارَكَ اللهُ لي ولكم....

♦ ♦ ♦ ♦



الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ الواحدِ القهَّارِ، العزيزِ الغفارِ، مُقَدِّرِ الأقدارِ، مُصَرِّفِ الأُمورِ، مُكَوِّرِ الليلِ على النهارِ؛ تَبصِرةً لأُولِي القلُوبِ والأبصارِ. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ إقرارًا بِوَحْدَانِيَّتِهِ، واعْتِرَافًا بِمَا يَجبُ على الخلقِ كافَّةً مِن الإذعانِ لِرُبُوبِيَّتِهِ.



وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ صَلَّى اللهُ عليهِ وعلَى آلِهِ وأصحَابِهِ ومَن سَارَ علَى نَهجِهِ وتَمَسَّكَ بسُنَّتِهِ واتَّبعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ، ونَحنُ معَهُم يَا أرحمَ الرَّاحِمينَ.. أما بعدُ:

عبادَ اللهِ:

تَخَيَّلُوا الْفَجِيعَةَ الَّتِي حَصَلَتْ بِمَا سَمِعْنَا مِنَ الْإعْصَارِ وَالزِّلْزالِ، وَقَدْ شَاهَدْنَا الجُثَثَ الْمُتَرَامِيَةَ، وَالْأَشْلاَءَ الْمُتَنَاثِرَةَ، وَالدِّماءَ النَّازِفَةَ، وَالْهَلَعَ الْمُتَزَايِدَ، كُلُّ هَذَا بِسَبَبِ زِلْزالٍ بَسيطٍ، فِي بُقْعَةٍ مُحَدَّدَةٍ مِنَ الْأرْضِ؛ فَمَاذَا يَحْصُلُ لَوْ وَقَعَ الزِّلزِالُ فِي الْأرْضِ كُلِّهَا؟! تَخَيَّلُوا زِلْزالاً يَهُزُّ الْأرْضَ كُلَّهَا -وَسَيَحْصُلُ هَذَا بَلَا شَكٍّ- فَهَلْ أَخَذْتُمْ حِسَابَكُمْ وَاِحْتِيَاطَاتِكُمْ لِلزِّلْزالِ الْأكْبَرِ الَّذِي سَيَضْرِبُ الْأرْضَ كُلَّهَا، لَا بَلْدَةً وَحْدَهَا وَلَا الْجَزِيرَةَ وَحْدَهَا، وَلَا قَارَّةً من الْقَارَّاتِ، لَكِنَّه زِلْزالٌ عَظِيمٌ، سَيُصِيبُ الْأرْضَ مِنْ قَاعِهَا لَا قِشْرَتِهَا فَحَسْب؛ قَالَ اللهُ - ومَن أَصدَقُ مِن اللهِ قِيلاً -: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 1 - 8].



فمَاذَا عَمِلْنَا؟ وهَلِ احْتَطْنَا لذلكَ الزلزالِ الأكبرِ، ﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ [إبراهيم: 48].

إِنَّهُ زِلْزالُ الْيَوْمِ الَّذِي سَيَنْفَضِحُ بَعْدَه كُلُّ مُجْرِمٍ: عَمِلْتَ كَذَا فِي يَوْمِ كَذَا، وَعَمِلْتَ كَذَا فِي يَوْمِ كَذَا.



ثُمَّ اعْلَمُوا -رَحِمَكُمُ اللهُ- أَنَّ مَا يَحِلُّ بِالنَّاسِ مِنَ الْمَآسِي وَالْمَصَائِبِ بِالزَّلازِلِ وَالْكَوَارِثِ فِي الدُّنْيا -مَهْمَا كَانَتْ شَدِيدَةً مُؤْلِمَةً- فَهِي أخفُّ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، الَّذِي تَوَعَّدَ اللهُ بِهِ الْمُعْرِضِينَ عَنْ شَرْعِهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [السجدة: 21].

فاتقوا اللهَ-عبادَ اللهِ- في أنفُسِكُمْ، وتُوبُوا مِن ذُنُوبِكُمْ، وقُومُوا على أولادِكُمْ وأَهلِيكُم، وأنقِذُوهُم وأنْفُسَكُم من عَذابِ اللهِ؛ قالَ تعَالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].



عباد الله:




صَلُّوا على الهَادِي البَشِيرِ مُحمَّدٍ

تَحْظَوْا من الرحمنِ بالغُفْرانِ



فاللهُ قَد أثْنَى عليهِ مُصَرِّحًا

في مُحْكَمِ الآياتِ والقُرآنِ




اللهمَّ صَلِّ عليهِ وعلَى آلِهِ وصَحبِهِ وسَلِّمْ...



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 86.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 84.78 كيلو بايت... تم توفير 1.68 كيلو بايت...بمعدل (1.94%)]