|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]() البشرى السابعة والعشرون بشرى الحياة الباقية فى الدنيا الفانية
وهذه البشرى الراقية بشرى الحياة الباقية فى الدنيا الفانية كيف؟ ألم يبشِّر الله تعالى أهل الإيمان وقال لهم فى محكم القرآن قوله{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ}فلا حياة إلا بعد الاستجابة لرسول الله ولذا قال أحد الصالحين : كنت ميتا أحيا مواتي بروح هي عين الحياة نور الوالي قمت حيَّا به سميعا بصيرا في خشوع ورهبة وجلال وهذه هى البشرى من يريد منكم الحياة؟فليستجب للرسول لكى يحييه الله أما قبل ذلك فمعيشة يستوى فيها كل خلق الله وحتى المخلوقات الدنيا بل هى معيشة أدنى ولذلك وصفها الله بالضنك فقال جل فى علاه فى كتابه{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً}فالحياة لمن استجاب لله ورسوله ولم يعرض عن ذكر الله فحياة القلب أن يضئ بنور الله وتتحرك حواسه الباطنية فتتجول فى ملكوت الله وتعود بما غاب عنه من عجائب حكمة الله وأنوار الله وغيوب عطايا مولاه التى لا تدركها الحواس الحسية لكن تناولها يكون بالحواس الباطنية التى حيت بعد الاستجابة ففُتح لها باب الإجابة ثم بدأت ترِد عليها عطايا النبى والصحابة لذا ورد أن رسول الله نادى على رجل كان يتنفل فواصل الرجل ثم جاء إلى رسول الله بعد أن انتهى فقال له{ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُجِيبَنِي؟ قال: كُنْتُ أُصَلِّي قال: أَلَمْ يَقُلْ الله تَعَالَى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ}} فإذاً إجابة الرسول بنص الكتاب فرضٌ يجبّ كل الفروض فكان أصحاب الرسول بعد ذلك لو سمعوا منادى رسول الله يتركون كل ما فى أيديهم ويلبونه فإن كان أحدهم نائماً نهض قائماً فوراً وإن كان صائماً ويمد يده ليفطر يتركه ويلبى ويروى أن أحدهم كان جنبا ليلة فقام يغتسل فغسل نصف رأسه ثم سمع منادى رسول الله ينادى للجهاد فترك غسله وخرج فى الحال حتى لا يبطئ على إجابة رسول الله خرج جنباً واستشهد فقال لأصحابه كاشفاً عن سرِّ هذه المقامات العالية لقد رأيت الملائكة تغسِّله فسألوا زوجته ما أمره؟ قالت: كان جُنُباً وقبل أن يتم غسله سمع منادى الجهاد فخرج للتوِّ ولذا أتمت الملائكة غسله بنفسها وهذا حال الصالحين إذا سمع النداء ترك كل ما فى يده وأقبل على الله لأن المقام على قدر الإقبال وقربك على قدر سرعة إجابتك البشرى الثامنة والعشرون بشرى رطَب لسانك بذكر الله أما هذه البشرى فأنا لا أسميها بشرى ذكر الله لأن هذا موضوع معلوم ولا يحتاج مزيد أيضاح ولكن أقول بشرى أن اجعل لسانك رطباً دائما بذكر الله وهى بشرى الفتح فى طريق الله لمن أراد الفتح القريب من الله العاطى المجيب البشرى التى أعطاها النبى للرجل الذى جاء يشكو له ويقول: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت عليَّ فأنبئني منها بأمر أتشبَّث به فاتحفه وبشَّره بقوله الشريف{لاَ يَزالُ لِسَانُكَ رَطْبًا بِذِكْرِ اللَّهِ } فيعنى ببساطة وبكل سهولة ويسر إن دمت على ذكر الله ولم يجف لسانك منه فقد حزت شرائع الإسلام الكثيرة وهذه هدية ثمينة هينة ويسيرة ولكنها غالية وعظيمة ولم يعطها إلا لأهلها وهذا حال أهل الفتح مع الله لمن يريد الفتح كما قلنا روشتة بسيطة وضعها رسول الله فى أثناء النهار والليل وفى كل وقت وحال ليكن لسانك رطباً بذكر الله إلى أن يحيا القلب فإذا حيا فلا يحتاج إلى اللسان فذكر القلب أسرع وأكثر نورانية وشفافية فمعه البصيرة المضية والأنوار العلية والأحوال السنية فليس عنده وقت بكلمات لسان البريَّة ولا تسمعها الآذان الطينيَّة بل القلوب الزكيَّة فيجمعونك على أهل المعية الهنيَّة وكل هذا أتى من مداومة الذكر أفلا من متَّبع لتلك البشرى ومخلص نفسه ليصير من أهل الذكرى هل من متبع وأنا أنصح كل من يستمع فيتبع أنه لو طال عليك الأمد ولم يأتك فتح الله الصمد فاستمر ولا تقف أو تنقطع ولا تسيىء الظن بالله الأحد فإياك أن تجعل للظن السئ موضعاً فى قلبك، لأنه أكبر الحجب التى تمنع عنك عطاء ربك وإن إبليس اللعين ما حاول أن يلقى اليأس وسوء الظن فى طريقك إلا لأنه يوقن أنه يوشك أن يفتح لك فلا تلتفت واجعل ذكرك لحبِّ الله ومع الله وبالله واعلم أنه معك ما أحسنت الظن فيه أما نفسك فطبعها السوء أصلاً فلا توقفنك ولا ترجعك وثق بقول الحبيب برسالة أتى بها لنا من الله ليبشر كل مقبل عليه فلا تتلاعب به نفسه{إِنَّ اللّهَ يَقُولُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي} وللأئمة ألاف القصائد والمواجيد العلية فى ذكر الله ومعانى الذكر وأسراره العلا فننتقى نذراً من بعضها : الجاهلون الغافلون عن الجمال شهدوا الحضيض فألبسوا ثوب النكال والمغرمون العاشقون لذي الجلال شهدوا الجميل بلا حجاب أو عقال ذكروا الإلـه بسرهم فتهيموا وتشوقوا حتى لـهم صح الوصال شغلوا بذكر حبيبهم بقلوبهم فأجابهم بشرى لكم نيل الوصال نادوه أنت مرادنا بل قصدنا وسؤلنا وحبيبنا في كل حال ورضاك مأمول لنا فعسى به نحظى برؤيا الوجه من بعد المآل فأجابهم حبي لكم هو سابق في محكم القران قد جاء المقال والحب منكم فيض فضل لاحق بشرى لكم فالعشق معراج الوصال قد أخبر القرآن بالحسنى التي سبقت لأهل القرب من أهل الكمال البشرى التاسعة والعشرون بشرى الإتعاظ والإعتبار بالخلق أما هذه البشرى ففيها سرٌّ عظيم من أسرار كتاب الله تعالى وسنة حبيبه وهى بشرى تفتح الباب لكل عبد أواب أو صاحب فهم فى الكتاب أو متعظ بأحوال الخلق ومافى صنعة الله من النتائج والأسباب وهنا سؤال كما تعودنا لماذا قصَّ الله علينا قصص السابقين وتناولها بأشكال عديدة وطرق مختلفة كذا حبيبه فى سنته ولماذا أمرنا بالتمعِّن فيما خلق وأبدع وصور كل هذا لأجل{فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}ألم تسمعوا لقول كثير من شبابنا اليوم إذا ناقشته لماذا تفعل كذا وأنت متعلمٌ وتفهم أن هذا يضرُّك؟ يقول لك لأجربه لأتأكد من ذلك فتسأله ألا ترى من حولك وكيف أثبتت تجارب الآخرين خطر هذا الأمر فيهزَّ رأسه أو يشيح بيده كأن الأمر لا يهمه مع علمه بصحة الحجة فأين الخلل؟الخلل هو ما أتت هذه البشرى لتبينه الخلل أن أغلب الناس اليوم فقدوا حاسة أو ملكة " الإعتبار والإتعاظ" آهٍ ثم آهٍ لو استيقظت تلك الْمَلَكَة وأخذت حقها فى سلوكياتنا لوفرنا على أنفسنا الكثير والكثير من الوقت والتكاليف والضحايا والتأخير إلى أن نسلك الطريق القويم أو نتخذ القرار الحكيم مع أن العبر لا تعدُّ ولا تحصى فى السنة والكتاب وقصص الصحابة والأتباع والأحباب وفى كتاب الكون المفتوح والملىء بكل العبر والعظات ولذا قال القائل: عِبَرٌ كلـها الحياة ولكن أَين من يفتح الكتاب ويقرا ولذا فإن الله نصحنا ووجهنا إلى التذكر والإعتبار عند الحوادث والأخطار{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ}قال سادتنا بالإتعاظ والعبرة أو بالفهم واسترجاع الذكرى فكل هذا يؤدى إلى التذكر والإعتبار وهى بشرى النجاة من الوقوع فى الخطر أو الإنجرار ببركة التذكر والإعتبار وبشرى الإستفادة من تجارب و قصص السابقين فى التاريخ والأمصار ولذلك فإن الصالحين لهم من تلك البشرى فائدة عظمى كيف؟ إن الواحد منهم لينظر إلى الخلق نظر عبرة وعظة واعتبار فإن رأى فيهم خلقاً قبيحاً معيباً يبحث فى نفسه عنه ويتهم نفسه به حتى يقتلع من نفسه جذور هذا العيب أو يتأكد أنه خلوٌ منه فيكون الناس بالنسبة له كسبورة تظهر فيها هذه العيوب فيعرفها ويحاول أن يزيلها من نفسه كما كان يفعل بسيدنا عيسى قيل له{ ياروح الله من أدبك؟ قال: ما أدبني أحد رأيت جهل الجاهل فتجنبته }{ وقِيلَ لِلأَحْنَفِ: مِمَّنْ تَعَلَّمْت الْحِلْمَ؟ قَالَ: مِنْ نَفْسِي, قِيلَ لَهُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ ؟ قَالَ: كُنْت إذَا كَرِهْت شَيْئًا مِنْ غَيْرِي لَمْ أَفْعَلْ بِأَحَدٍ مِثْلَهُ }وسئل حكيم{ ممن تعلّمت العقل؟ قال: ممن لا عقل له كنت أرى الجاهل يفعل الشيء فيضرّه فأتجنبه فصرت عاقلاً وحكيماً}هل رأينا جمال تلك البشرى واسمعوا واعوا لقول المتنبي الشاعر المعروف: ولم أر في عيوب الناس شيئاً كنقص القادرين على التمام وقال علي بن مقلة : وإذا رأيت فتى بأعلى قمة في شامخ من عزة المترفع قالت لي النفس الشغوف بشرفها ما كان أولاني بهذا الموضع رأى الحسن رضى الله عنه قوماً يتزاحمون على جنارة بعض الصالحين فقال حاثاً لهممهم: { ما لكم تتهافتون عليه افعلوا فعلـه تكونوا مثلـه }وقال أبو العميثل : يا من يؤمل أن تكون خصالـه كخصال أهل الفوز فأنصت واسمع فلأنصحنك في المروءة والذي حج الحجيج إليه فاقبل أو دع اصدق وعف وبر وانصر واحتمل واحلم وكف ودار واصبر واشجع ومن قول أبى العيناء الرجل الحكيم: إذا أعجبتك خِلالُ امرئ فكنهُ تكنْ مثلَ من يعجبك وليس على المجد والْمَكْرُمَات إذا جئتها حاجبٌ يحجبك وأختم بجميل الكلام : مناجاة روحي في اختفاء عناصري بما لاح من غيب ومن معقول تسليت لكن عن وجود تقيدي فررت إلى اللـه بحال ذليل رأيت مقامي بي هو السفل زلة ومنه اتصال فيه ثم مقيلي تناجيه روحي وهي في مقعد الصفا تحيط بها الأنوار حال حصولي وبالعالم الأعلى اقتدائي تنقلي وبالواحد الأعلى بيان دليلي سل اللـه يعطيك المثول وسلـه هو وخل محيط الكون في تشكيل [1] عن أبي سَعِيدِ بنِ المُعَلَّى، سنن أبي داوود وغيرها.. [2] رويناها أعلاه بمعناها وردت عن هشام بن عُروة عن أبيه، الوافي بالوفيات ومصادر أخرى كثيرة. [3] مصنف ابن أبي شيبة عن عبد الله بن بسر [4] صحيح مسلم عن أبى هريرة [5] فيض القدير. |
#2
|
|||
|
|||
![]() البشرى الثلاثون بشرى مقياس الأخلاق
وهذه البشرى ياإخوانى هى بشرى البشريات لماذا؟ لأن أى مسلم عاقل لو تفكَّر فى هذا الباب لوجد أنَّ جهاد العارفين والصالحين والمتمكنين والأفراد الوارثين كله فيه أى فى باب الأخلاق فلماذا؟إن الجهاد فى الأخلاق هو المدخل الذى لا يخيب أبداً لكى يكون الواحد منَّا قريب الشبه برسول الله كيف؟ من هو رسول الله؟ هو من وصف الله فى قول الله فى كتابه الكريم وهو الفرد الأوحد الذى منحه الله كلَّ التكريم فجعله النائب الأول مقاماً والأكمل والأمجد والآخر زماناً فى توصيل رسالة الحضرة الإلهية لكل من سوى الله من عوالم أبدعها الله فقال تعالى فى تقديم حبيبه لخلقه ووصفه لهم ليعرفوه{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}فهو أعزُّ من خلق الله وصور وأكمل من أبدع وأرسل فالبشرى هنا هى من أراد أن يحبَّه الله فليجعل صورته قريبة الشبه لصورة رسول الله من أراد التقرَّب إلى الله؟ فليتقرب إليه بالتشبه بحبيب الله ومصطفاه فالبشرى التى نسوقها هنا هى قول الله تعالى مبشراً لخلقة وفاتحاً لهم باب محبته فى سهولة ويسر فيقول{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ}فالبشرى واضحة وهى على لسان حبيب الله للخلق جميعاً من أحبَّ الله وأحبَّ أن يحبُّه الله فليتبع حبيبه ومصطفاه واتباعه فى هذه البشرى كلمة واحدة إنهـا الأخلاق وهى أكمل الأعمال التى تشبِّه العبد برسول الله فيحبُّه الله ودعونى أشرح لكم معنى تلك البشرى بمثال حسِّى مفهوم ألسنا نقيس كل شيىء فى الدنيا بمقياس فالحرارة بمقياس مئوى فمثلا نقول درجة كذا مئوية فنعرف مقدار حرارة الجو والزلازل بمقياس ريختر من كذا لكذا فنتخيل شدة الزلزال كذلك الأخلاق تقاس بالمقياس الذى صنعه الخلاق سبحانه وتعالى بيديه{أدبني ربي فأحسن تأديبي}[1] فأخلاق رسول الله هى المقياس الذى تقيس عليه الملائكة أين بلغت أخلاق كل الخلائق على المقياس الذى أبدعه الخلاق وما مقدار هذا المقياس وأين بداية القياس وأين نهايته؟ فبداية تدريج هذا المقياس من أول أخلاق المسلم ونهايته تدريجه هى درجة "خلق عظيم" وهى الدرجة القصوى والتى منحها الله تعالى لحبيبه ووصفه بها فى كتابه أى أنه بلغ النهاية على مقياس الأخلاق الذى قدمه الله لخلقه ولنعرف ما مقدار هذا الخلق العظيم أعطانا الله كتالوج الإستعمال والقياس وعليه كل درجات المقاس قالت عائشة فيما رواه الإمام أحمد{كانَ خُلُقُهُ القرآنُ}فكان على خلق العظيم سبحانه وكتالوج الأخلاق المتبع هو القرآن الكريم وبمقدار قياسك على معيار الأخلاق المحمدية تعطى لك أربع قياسات عملية تخصك: أولاً: معيار إيمانك وثانياً: معيار حبِّ الله ورسوله لك وثالثاً: معيار ثقل ميزانك يوم القيامة ورابعاً معيار قرب مسكنك يوم القيامة من مسكن رسول الله فى جنات مولاه ودرجة تكريمك وتشريفك ولنأخذ إذاً هذه البشريات سريعاً ولنقرأها على مقياس الأخلاق المعيارية التى صنعهه الله للبرية وهى الأخلاق المحمدية ونبدأ ببشرى قياس الإيمان فيقول النبى فى قانون القياس{أَكْمَلُ النَّاسِ إِيَمانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا}[2] فتفاضل الناس فى درجات الإيمان يكون بقدر ما أعطتهم إدارة الحسابات الربانية من درجات "حسن الأخلاق" على مقياس الأخلاق النبوى فمقياس إكتمال إيمان الرجل بقدر مقياس "حسن خلقه" فعلى مقاس الأخلاق يكون مقاس الإيمان هذا أولاً ثم يأتى القياس الثانى المترتب على الأخلاق ألا وهو مقياس درجات حبِّ الله ورسوله للعبد فكم يحبُّك الله ورسوله إذاً؟ استمع لتحسب وتقيس{إنَّ أَحَبَّكُمْ إلَيَّ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاَقاً}و{إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَى اللَّهِ أَحْسَنُكُمْ أَخْلاقاً}[3] فالأحبَّ لله ولرسوله من سواه يكون بمقدار ما زاد عليهم من درجات " حسن الخلق" على مقياس أخلاق الرسول فرسول الله يحبُّ فيك أخلاقه التى جاهدت نفسك لتتخلق بها إقتداءاً به يحبها لأنها أصلاً من أخلاق القرآن أخلاق الله ثم تأتى ثالث المعايير المحمدية التى تتأثر بمقياس الأخلاق وهى ثقل الميزان{مَا شيْءٌ أَثْقَلُ في مِيزَانِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ }[4] أى بقدردرجتك على مقياس خلق النبى يكون ثقل عملك فى الميزان ثم يأتى رابع المعايير المحمدية التى تتأثر بالأخلاق وهى موقعك بين الجيران فى حى النبى العدنان فى الجنان ومقام تشريفك عند الحنان المنان، فيقول{إِنَّ أَقْرَبَكُمْ مِني مَنْزِلاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاَقَاً فِي الدُّنْيَا}[5] فأينا كان أقرب وصفاً وخلقاً من رسول الله فى الدنيا فإن الله كذلك يقرِّب منزله يوم القيامة من منزل رسول الله فمن أراد أن يسكن فى نفس حى سكن النبى فى الآخرة فى الجنة العالية فليُنزل نفسه فى الدنيا فى أقرب ما يستطيع من منازل الأخلاق النبوية العالية تشبهاً برسول الله فأقربنا إلى الحبيب يوم القيامة درجة ومنزلة وتكريماً هو أقربنا لأخلاقه فى الدنيا تشبهاً وإتباعاً وتقديماً وحتى لا يكون هناك لبسٌ فيما تقدَّم نقول إن العبَّاد والزهَّاد والصوَّام القوَّام كلهم لا تعلو منزلتهم يوم القيامة إلا بمقدار درجاتهم على مقياس الأخلاق النبوى فمن علت به العبادات البدنية الظاهرة تنزل به إخلاقه مالم تكن طاهرة ومن ضعفت به العبادات الظاهرة تعلو به الأخلاق الباهرة واسمع للقول الفصل وتخلَّق للوصل{إِنَّ الْعَبْدَ لَيَبْلُغُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ عَظِيمَ دَرَجَاتِ الآخِرَةِ وَشَرَفَ الْمَنَازِلِ وَإِنَّهُ لَضَعِيفُ الْعِبَادَةِ، وَإِنَّهُ لَيَبْلُغُ بِسُوءِ خُلُقِهِ أَسْفَلَ دَرَكِ جَهَنَّمَ وَإِنَّهُ لَعَابِدٌ}[6] فلا تنفع العبادة مع سوء الخلق بينما حسن الخلق يجبر ضعف العبادة وضعف العبادة - طبعاً هذا مفهوم - لا يعنى أبداً التفريط فى الفرائض المفروضة وقد قال الصالحون فى الأخلاق وقدرها وكم ترفع أهلها أقوالاً كثيرة ننتقى منها ما ييسر الله مما يلى ونبدأ بوصف أحدهم لأخلاق الحبيب فيقول: لَهُ خَلقُ القُرآن يَرضى بِما اِرتَضى وَيُغضِبُهُ ما فيهِ بِالمُحكَم الوَعْد مَكارِمُ أَخلاقِ الرَسولِ وَحِصنُها لْمْ يَرْقَ أسْوَارَها مِنْ مَاجِدٍ فَرْد وهنا أذكر لكم جزءاً من قصيدة طويلة لأحد الصالحين فى التخلق بالأخلاق العليَّة وكل بيت فيها منهاج يدرس فى الأخلاق فيقول : أيا نخبة الرحمن أهل اختصاصه ومن وجدهم خلق به لا تخلق أيا رفقتي يا خلتي يا أحبتي على العروة الوثقى فسيروا ورافقوا إلا فاجتماعا بالقلوب وألفة وعونا على عمل المكارم تلحقوا وإياكمو أخلاق إبليس إنها لقد أبعدته وهو طاووس رامق دعوا الكبر والحسد القبيحين سادتي دعوا طمعا فيما يزول وسابقوا وسترا لعورات الأحبة كلهم وعفوا عن الزلات فالعفو أرفق وغضوا عن المكروه أعين عفة وجودوا ببشر فالسماحة رونق وإياكمو وعدوكم سوء خلقكم وطمعا وحب الجاه فهو يفرق بصحبتكم بالرفق والحسن فابذلوا لإخوانكم عند اللزوم وخالقوا وكفوا عن التنفير واسعوا لجمعكم على الله فالدنيا متاع مفارق ألا من يكن في قلبه بعض ذرة من الكبر والأحقاد ما هو ذائق ألا طهرو الأخلاق والنفس زكها وإلا فسهم البعد يرمي فيفتق إلا يا أخي بالذل ترقى وترفعن وبالزهد تعطى ما له تتشوق ويا صاحبي بالجد والعزم جاهدن لتشهد ملكوتا به الحق مشرق ويا باذلا ما في يديك تقربا لنيل الرضا ولغيبهم تستنشق ويا باذلا للنفس بيعا بهمة وبشر منهم بالقبول وصادق تخلق بأخلاق الإله وحافظن على منهج المختار في العقد تنسق وكن ماضي العزم الذي لا يشوبه شوائب تدليس وبالحق ناطق ودع عنك ميلا للحضيض وزينة بها اشتغل اللاهون عنه ونافقوا وقم داعيا بلسان حكمته الذي به قد حباك الله وهو الموفق ولا تسع للتفريق واجمع به لـه عليه أولي التسليم إذ أنت واثق فهذا زمان الصدق في نصرة الهدى وأيام أهل العزم أين المصدق ألا سارعوا أحيوا لسنة أحمد ففتنة هذا العصر كالنار تحرق ألا أطفئوها باليقين تجردوا عن الحظ والأهواء فالحظ مفرق وجدوا وجودوا بالنفوس تحفظا على السنة الغراء فالله خالق وعلما بأن الدين حسن عقيدة وخلق وأعمال بها الذكر ناطق معاملة تقضي بأن جميعنا بنور طه بذاك تحقق بأنفسنا أولى بمحكم آية فداك نفوس طيبات وأينق فدى سنة المختار مال وأنفس لتحفظها من كل غر ينافق ألا عزة منكم على كل كافر سعى منكرا للحق يرجو يفرق وكونوا أذلاء على كل مؤمن ليجمع بالتفريق هذا المفرق ألا خلصوا الأرواح من سجن نأيها وجدوا لتزكية النفوس وسابقوا ألا جاهدوا تلك النفوس بهمة تفوزوا برضوان من النار تعتقوا ألا أسعدوني باجتماع وألفة على منهج المختار فالنور مشرق ولا تيأسوا من رحمة الله إخوتي ومن نصره فالله بالعبد يرفق على سنة المختار سيروا بهمة عسى الله يحيينا به ويوفق ألا فاحفظوا الأركان أركان ديننا صلاة صياما ثم حجا تصدقوا أديموا لذكر الله فالذكر نوره لأهل الهوى والغي لا شك فارقوا ألا عظموا لشعائر الله تعظموا بها وتسودوا في القيامة تسبقوا إلهي على طه الحبيب محمد أفض غيث صلوات بها القلب يشرق البشرى الحادية والثلاثون بشرى الوصول برؤية الرسول وهذه البشرى بشرى الكمال والوصال والإتصال كيف ومتى أعرف أنى من كُمَّل المؤمنين؟إذا جاءنى وبشرنى سيد الأولين والآخرين علامة تمام وكمال الإيمان هى رؤية سيدنا رسول الله لأن الله قال له{وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً}فقد سبق وقلنا أن من بشريات الآية العظيمة أن الله أمر حبيبه أن يبشرنا فالبشرى الأولى هى أمر الله لحبيبه أن يبشرنا بنفسه أما البشرى التى معنا هنا الآن فهى أن نسمع منه البشرى أو نراه بأنفسنا إذا أتى ليبشرنا كما أمره الله هل اتضح الفرق؟والأمر فى كتاب الله وليس من عندنا وأعود بكم قليلاً للبشرى السابقة بشرى مقياس الأخلاق حيث قلنا القرب والحب والود من الله ومن رسوله للعبد يكون بمقدار ما يحصل العبد من تقدير على مقياس أخلاق البشير النذير وهنا مربط الفرس ومحل زوال اللبس والتغرير فرسول الله هو شمس الأخلاق والمعانى والمعالى المشرقة بدين الله ونور الله على الأكوان والأزمان نيابة عن حضرة الرحمن فى توصيل دين الله إلى خلق الله وهذه الشمس يحجب عنك نورها وضؤها بمقدار سماكة الحجاب الذى يفصل بينك وبينها كما يكون فى شمس الأكوان تماماً بتمام والفرق أن هذا الحجاب الكثيف الذى يحجبك عن رؤية الرسول ليس حجاباً حسياً لأن تلك الشمس النبوية لم ير نورها من عاصروها من الكفار والمشركين وليس بينهم وبينها حجاب حسى ولكن الحجاب الحاجز عن شمس الله الهادية للأكوان هو حجاب معنوى باطن فى بنى الإنسان الحجاب الذى يمنعك من رؤيته ليس إلا أخلاقك الطينية وصفاتك الأرضية الدنية فبمقدار ما تترك من الأخلاق البهيمية والصفات الإبليسة والنزعات الحيوانية وتتحلى بالأخلاق النبوية والصفات المحمدية وبمقدار ما تحوِّل من طباعك النفسية وعوائدك الأخلاقية لتكون على نسق الطباع المحمدية وتنسق شهواتك ورغباتك تحت نسق الألوية المحمدية والوصايا الشرعية بمقدار ما يرق الحاجز والحجاب الذى يحجزك ويحجبك عن رؤية سيد أولى الألباب وما زال الحجاب يرقّ والحاجز يقلُّ حتى يمكن الرؤية من خلاله وهذه هى اللحظة العظيمة المنتظرة فما الذى يمنعك عندها من رؤيته والتمتع بطلعته البهيَّة وقد جاءت بذلك الأخبار ووتواترت قصص الأحباب ومئات الروايات من قصص الأتباع والصحاب فضلاً عن عما ورد فى السنة والكتاب فمن أصبح ورسول الله أحبَّ إليه مما عداه مما خلق الله وصارت النار أهون عنده من العودة لأخلاق المبعدين أو المشركين والكفار ومن صار لا يحبُّ إلا لله ولا يبغض إلا فى الله فمثل هذا هو من يذوق" حلاوة الإيمان" فإن علا ورقى وصفَّ وشفَّ أكرمه الله بأعلى ما فى حلاوة الإيمان وهى رؤية النبى العدنان وهى التى دونها كل حلاوة فى هذه الأكوان فمن صار كذلك استحق بشرى الحنان{ ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ ِللهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُوقَدَ لَهُ نَارٌ فَيُقْذَفَ فِيهَا}[7]{ولا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتّى أكونَ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ والنّاسِ أجْمَعِينَ}لماذا؟ لأنه بالفعل اصطلى بنار الجهاد حتى أخرجه الله من أخلاق الجحود والبعاد وتخلَّق بأخلاق القرب والوداد فعندما يصل إلى هذه الغاية يأتيه رسول الله ويبشره بالفتح والعناية أما إذا لم يأتى رسول الله؟إذاً ما زال فىَّ شئٌ من الأغراض أو الأعراض أو الأمراض التى ذكرها رسول الله وهنا يجب أن أعالج نفسى حتى يأتينى رسول الله ويبشِّرنى لأن هذه هى أحوال الصالحين فإذا جاءت البشرى هنَّؤه ثم إلى مرحلة أخرى نقلوه وإلى باب آخر أدخلوه ويظل الرجل الصادق فى حضن أحباب الله الصالحين ينتقل من درجة إلى أعلى ومن حال إلى أرقى حتى إذا استوى سلَّموه لسيد الأولين والآخرين وأدخلوه ليتولى بذاته سياسة أمره ومتابعة شأنه وإرشاده وتوجيهه فى كل وقت وحين مناماً ثم يقظة وهذا هو حال رسول الله مع الصالحين السابقين واللاحقين وعلى هذا كانوا أجمعين تم نقل الموضوع من كتاب(بشائر الفضل الإلهى) بشائر الفضل الإلهى [1] العسكري في الأمثال من جهة السدي عن أبي عمارة عن علي المقاصد الحسنة للسخاوي [2] رواه البزار عن أنس ورجاله ثقات. [3] الأول الطبراني في الصغير والأوسط، والثانى ابن أبي الدُّنيا في ذَم الغِيبَةِ وكلاهما عن أبي هُريرة ورواه البزار من حديث بن مسعود باختصار ، الترغيب والترهيب [4] عن أَبي الدَّرْدَاءِ، سنن الترمذي قال أبو عِيسَى حديث حسنٌ صحيحٌ وفي البابِ عن عَائِشَةَ وأَبي هُرَيْرَةَ وأَنَسٍ و ابنِ شَرِيكٍ. [5] (ابن عساكر ) عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضيَ اللَّهُ عنهُ جامع المسانيد والمراسيل [6] (سمويسه للطبراني في الكبير ) والضياءُ عن أنس رضيَ اللَّهُ عنهُ جامع المسانيد والمراسيل [7] عَنْ أَنَسٍ أخرجه أحمد والبُخَارِي المسند الجامع والحديث الثانى عن أنس بن مالك وأخرجه الإمام أحمد فى مسنده. |
#3
|
||||
|
||||
![]() بارك الله في جهودك ونفع بها
__________________
اللهم ثبت قلبي على دينك
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |