نهاية العام - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 514 - عددالزوار : 301897 )           »          محمود شاكر (شيخ العربية) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          داود وسليمان عليهما السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 29 )           »          أحداث في غزوة خيبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          شبهات حول موقف الأمويين من الإسلام والردود عليها (pdf) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          غزوة خيبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          من أقدار الله في التاريخ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          دعوة الملوك إلى الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          موقف المسلم من الزلازل والكوارث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 619 )           »          إرهاقٌ بلا صوت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-03-2019, 12:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,323
الدولة : Egypt
افتراضي نهاية العام

نهاية العام
صالح عبدالمحسن العويد


الحمد لله الواحد القهار، جعل في تعاقب الليل والنهار عبرةً لأولي الأبصار، وأشهد أن لا إله إلا الله العزيز الغفار، حكم بفناء هذه الدار، وأمر بالتزود لدار القرار وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله المصطفى المختار، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله الأطهار، وصحبة الأبرار، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الليل والنهار.

أمَّا بعد:


فيا أيّها المسلمون: اتَّقوا الله واشكرُوه على ما أولاكم من الإنعام وطوَّل، وقصِّروا الأمَل، واستعدّوا لبغتةِ الأجل، فما أطال عبدٌ الأمَلَ إلا أساءَ العمل، "ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ".


أيها الأحبة: بوابة عجبا لها ما أعظمها، ما أوسعها، ما أكبرها، اتسعت لملايين البشر على مر التاريخ، كلٌ يدخل منها ويمضي، دخل منها آدم وموسى وعيسى ومحمد والأنبياء كلهم عليهم الصلاة والسلام، دخل منها الأغنياء والفقراء، والكُبراء والحقراء، والرجال والنساء، اتسعت لملايين الأحداث، أممٌ تباد ودولٌ تشاد، حروبٌ طاحنة ونوازل ساخنة، عجبًا لها من بوابة، لم تضق يومًا بالموتى ولا بالمواليد، ولا بالأفراح ولا بالأتراح، عجبًا لها من بوابة قد أشرعت أبوابها يوم أن حط آدم قدمه على الأرض، وستغلق بإذن ربها يوم أن يرث الله ألأرض ومن عليها ويأذن الله بخراب الدنيا وزوال العالم.


نعم يا رعاكم الله، إنها بوابة الحياة الدنيا الفانية تلج من بوابتها السنون تلو السنين، وها هو العام الثلاثون بعد الأربعمائة والألف للهجرة قد أزف رحيله وقرب تحويله، ها هو يطوي بساطه ويقوض خيامه ويشدُّ رحاله، يا لله! العام الثلاثون قطعناه من أعمارنا، أين ليله؟! أين نهاره؟! أين يومه؟! أين شهره؟! أين صيفه؟! أين شتاؤه؟! أين أفراحه؟! أين أحزانه؟! أين أنفاسه؟! أين لحظاته؟! إي وربي، إنها دوامة الحياة الدنيا لا تقف لأحد، لا تنتظر أحدا، لا تحابي أحدا.


فالإنسان منذ أن نزل من بطن أمه وهو يغذ السير في طريقه المقدر، ومرور الأيام والأعوام يدنيه شيئاً فشيئاً من نهاية الطريق، فهو اليوم أقرب منه أمس، وهو غداً أقرب منه اليوم، وكما أن لعامنا هذا يوم أخير، فلكل حيّ من المخلوقين يوم أخير فكم من مستقبل يوماً لا يستكمله، وكم من مؤَمِّلٍ لغدٍ لا يدركه والموفق السعيد لا يركن إلى الخُدَع، ولا يغترُّ بالطمع.


عباد الله: إن لكل شيء بداية ونهاية، ونهاية عامنا قد أوشكت على الاقتراب، فقد آذن عامنا بالرحيل وولى الأعقاب، اثنا عشر شهراً، عام كامل تصرمت أيامه وتفرقت أوصاله، وهاهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، يودعنا إلى الآخرة، وقد حوى بين جنبيه وفي خزائنه ما حوى، من الحِكم والعبر، والأحداث والغير، وأعمال الخير والشر، فلا إله إلا الله، كم شقي فيه من أناس، وكم سعد فيه من آخرين؟ كم من طفل قد تيتم، وكم من امرأة قد ترملت، وكم من متأهل قد تأيم؟ كم من مريض قوم قد تعافى، وسليم قوم في التراب توارى، كم من أهل بيت يشيعون ميتهم، وآخرون يزفون عروسهم، دار تفرح بمولود، وأخرى تعزى بمفقود، كم من دموع فرحٍ في العيون ترقرقت، وعبرات حزن على الخدود تحدرت، آلام تنقلب أفراحاً، وأفراح تنقلب أتراحاً، أيام تمر على أصحابها كالأعوام، وأعوام تمر على أصحابها كالأيام.


إنا لنفرح بالأيام نقطعها *** وكل يوم مضى يدني من الأجل
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهداً *** فإنما الربح والخسران في العمل


فالعاقل من اتعظ بأمسه، واجتهد لرمسه، و الليالي والأيام خزائن الأعمال ومراحل الآجال، تبلي الجديد وتقرب البعيد، أيام تمر فإذا هي أعوام، وأقوام تمضي في إثر أقوام، هذا مقبل وهذا مدبر، وهذا محسن، وهذا مسيء، والكل إلى الله يسير، فأليه المنتهى والمصير.


عباد الله: جمعتكم هذه هي آخر جمعة من هذا العام، وهذا العامٌ مِن أعمارِكم قد تصَرَّمَت أيّامه، وقُوِّضَت خِيامه، وغابت شمسه، واضمحلَّ هلاله، إيذانًا بأن هذه الدنيا ليست بدار قرار، وأن ما بعدَها دارٌ إلا الجنّة أو النار، فاحذروا الدنيا ومكائِدَها، فكم غرَّت من راكن إليها، وصرعت من مكِبّ عليها، فعن ابن عمرَ رضي الله عنهما قال: أخَذَ رسول الله بمَنكبي فقال: "كُن في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابر سبيل"، وكان ابن عمر يقول: "إذا أمسيتَ فلا تنتظرِ الصباح، وإذا أصبحتَ فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتِك لموتك" أخرجه البخاري.


ذهب عامُكم شاهدًا لكم أو عليكم، فاحملوا زادًا كافيًا، وأعِدّوا جوابًا شافيًا، واستكثِروا في أعمارِكم من الحسنات، وتدارَكوا ما مضَى من الهفَوات، وبادروا فرصةَ الأوقات، فعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبيَّ وهو يَعِظ رجلاً ويقول له: "اغتنم خمسًا قبلَ خمسٍ: شبابَك قبل هرَمِك، وصحَّتَك قبل سقمَك، وغِناك قبل فقرك، وفراغك قبلَ شغلك، وحياتك قبل مَوتِك، فما بعد الدنيا من مستَعتَب، ولا بعد الدنيا دارٌ إلا الجنة أو النار" أخرجه الحاكم.


فيا من قد بَقِي من عمُره القليل، ولا يدرِي متى يقَع الرّحيل، يا مَن تُعدّ عليه أنفاسه استدرِكها، ويا من ستفوت أيامه أدرِكها، نفسك أعزُّ ما عليك فلا تهلِكها، فعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "كلُّ النّاس يغدو، فبائعٌ نفسَه فمُعتِقُها أو موبقها" أخرجه مسلم.


ويا من أقعده الحِرمانُ، و أركسه العِصيان، كم ضيّعتَ من أعوام، وقضيتَها في اللّهوِ والمنام، كم أغلقتَ بابًا على قبيح كم صَلاةٍ تركتَها، ونظرةٍ أصبتها، وحقوقٍ أضعتها، ومناهِي أتيتَها، وشرورٍ نشَرتها، راجع نفسك فلعله لم يبق من عمرك إلا ساعات أو أيام، فاستدرك عمرا قد أضعت أوّله، ألاتنظر فقد وهن العظم وابيض الشعر ورحل الأقران ولم يبق إلا الرحيل؟! عجيب حال هذا الغافل: يوقن بالموت ثم ينساه! ويتحقق من الضرر ثم يغشاه! يخشى الناس والله أحق أن يخشاه! يغتر بالصحة وينسى السقم! ويفرح بالعافية ولا يتذكر الألم! يزهو بالشباب ويغفل عن الهرم! يحرص على العاجل ولا يفكر في خسران الآجل! يطول عمره ويزداد ذنبه! يبيضُ شعره ويسودّ قلبه! قلوب مريضة عز شفاؤها، وعيون تكحلت بالحرام فقل بكاؤها، وجوارح غرقت في الشهوات فحقّ عزاؤها.


سبحان الله! ألم يأن لأهل الغفلة أن يدركوا حقيقة هذه الدار؟! فهل رحِم الموت منَّا مريضًا لضعف حاله وأوصاله؟! هل تركَ كَاسِبًا لأجلِ أطفالِه؟! هل أمهَلَ ذا عِيال من أجلِ عِياله؟! أين من كانوا معَنا في الأعوام الماضية؟! أتَاهم هادِم اللذات وقاطع الشهوات ومفرّق الجماعات، فأخلى منهم المجالِسَ والمساجد، تراهُم في بطون الألحاد صرعَى، لا يجِدون لما هم فيه دَفعًا، ولا يملِكون لأنفسهم ضرًّا ولا نفعًا.


فيا قوم: (إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ)


فيا من تمرّ عليه سنَةٌ بعد سنة وهو في نوم الغفلة والسِنة، قل لي بربِّك: لأي يوم أخَّرتَ توبتك؟! ولأيِّ عام ادَّخرت أوبتك؟! إلى عام قابِل وحول حائل؟! فما إليك مدَّةُ الأعمارِ ولا معرفةُ المقدار، فبادِر التوبةَ واحذر التسويف، وأصلح من قلبك ما فسَد، وكن من أجلك على رصَد، فقد أزف الرحيل وقرب التحويل، والعمر أمانَة، سيُسأل عنه المرء يومَ القيامة، فعن عبدِ الله بن مسعودٍ رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله قال: "لا تزول قدما ابنِ ادم يوم القيامة من عند ربِّه حتى يُسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابِه فيم أبلاه؟ وعن مالِه من أين اكتسبه؟ وفيمَ أنفقه؟ وماذا عمِل فيما علِم؟" الترمذي، ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "ما ندمتُ على شيء ندَمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي ولم يزِدد فيه عملي.


عباد الله: دعونا نتأمل في عامنا الماضي دعونا نتسائل كيف أمضيناه؟! وعن وقتنا: كيف قضيناه؟! ثم لننظر في كتاب أعمالنا وكيف طويناه، ونتبين ما قدمناه، فإن كان خيرًا حمدنا الله وشكرناه، وإن كان شرًا تبنا إلى الله واستغفرناه، كفى تجرُؤًا على حدود الله، كفى اقترافًا لمعاصي الله، كفى قسوة للقلوب وتفريطًا في جنب علام الغيوب، يا تاركا للصلاة ومتهاونا بها كفاك تركا لما يصلك بالله أتى عليك المحرم ومن بعده صفر، وشهر إثر شهر، وأنت تنام عن الفجر والعصر، لم تعرف روضة المسجد لك مكانًا، فأنت دائمًا في صلاتك تقضي، وبسرعة منها تمضي، مالِ حالك لا يتغير؟! زدت في دنياك وتقدمت، ونقصت في آخرتك وتأخرت.


يامطلقا لسانه بالحرام إلى متى وأنت تطلق لسانك يفري في أعراض الناس، ينهش لحومهم، غيبة ونميمة كذبا وافتراء.


يا رعاة البيوت.. يا أمناء البيوت: جلبتم آلات اللهو في بيوتكم، ونشأتم عليها صغاركم ونساءكم، وجعلتم الأطباق الفضائية تاج عز فوق رؤوسكم، وعمن لا يصلي من أبنائكم ويفجر ويعصي غضضتم طرفكم، الاتتقون مولاكم الذي ولاكم.


يا من منَّ الله عليكم بالإسلام ومنَّ عليكم بالعلم: مضى عام كامل وأمتكم كثيرٌ من أبنائها يغرق في أوحال الشهوات والشبهات، ماذا قدمتم لدينكم؟! ثلاثمائة وستون يومًا كم كلمة فيها ألقيتَ؟! كم شريطًا وزّعتَ؟! وكم كتيبًا نشرتَ؟! وكم عاصيًا نصحت؟! كم اهتدى على يديك؟! ماذا قدمت لدينك؟! ماذا قدمت لأمتك؟!


عباد الله وإننا ونحن نودع هذا العام لا ننسى ما يحل بإخواننا في فلسطين وما حل بإخواننا في ليبيا والصومال وما يجري في أرض سوريا: كم من مسلمين في هذا العام ماتوا جوعًا، كم من مسلمين هذا العام شردوا من بيوتهم فلا مسكن ولا مأوى، كم من بريء مسكين قتلته رصاصات الغدر والكفر، كم من حرة عفيفة هتك سترها طاغوت عتلٌ غليظ، كم من بلدٍ استبيحت حرمته وسلبت أراضيه، كم من أرضٍ أُحرقت ظلمًا لا لشيء إلا أن أهلها يقولون: ربنا الله، سل نفسك: كم مرة فكرت في حال المسلمين فاغتممت ففاضت عيناك؟! وكم مرة احترق قلبك وأنت تقرأ ما حل بالمسلمين؟! وكم مرة رفعت يديك في ضراعة وخشوع تدعو لإخوانك المساكين المستضعفين؟!


أخي الحبيب المبارك: كم حصلت من أحداث وكم مرت بنا من عبر فلا من مدكر ولا من معتبر فمن أعظم الغفلة أن يعلم الإنسان أنه يسير في هذه الحياة إلى أجله، ينقص عمره، وتدنو نهايته، وهو مع ذلك لاهٍ غافلٍ لا يحسب ليوم الحساب، ولا يتجهز ليوم المعاد، يؤمّل الآمال، ويبني في الخيال كم رأينا في هذه الحياة من بنى، وسكن غيره، وجمع ثم أكل وارثه، وتعب واستراح من بعده فيا عبدَ الله، استدرِك من العمر ذاهبًا، ودع اللهو جانبًا، وقم في الدُّجى نادِبًا، وقف على الباب تائبًا، فعن أبي موسى الأشعريّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله: "إنَّ الله عزّ وجلّ يبسط يده بالليل ليتوبَ مسيء النهار، ويبسُط يدَه بالنهار ليتوبَ مسيء الليل، حتى تطلعَ الشمس من مغربها" أخرجه مسلم آن والله أن ترجع النفس وتتوب، وتتجه لخالقها وتئوب، وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا هو تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.


أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- و"اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنْ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِير"


و لنتذكر بانقضاء العام انقضاء العمر، وبسرعة مرور الأيام قرب الموت، وبتغير الأحوال زوال الدنيا وحلول الآخرة، فالأيام تُطوى، والأعمار تَفنى، والأبدان تَبلى، والسعيد من طال عمره وحسن عمله، والشقي من طال عمره وساء عمله كما صح بذلك الخبر والأعمال بالخواتيم فمن أصلح فيما بقي غفر له ما مضى، ومن أساء فيما بقي أخذ بما مضى وما بقي، الموتى يتحسّرون على فوات الحسنات الباقية، والأحياء يتحسرون على فوات أطماع الدنيا الفانية، ما مضى من الدنيا وإن طالت أوقاته فقد ذهبت لذاته وبقيت تبِعاته، وكأن لم يكن إذا جاء الموت وميقاته


عباد الله: ومما يجب التنبيه عليه ما يحصل في بداية العام من تهنئة بين الناس بقدوم العام الجديد عن طريق المشافهة أو الرسائل وأفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بعدم جواز التهنئة بالسنة الهجرية الجديدة لأن الاحتفاء بها غير مشروع وكذلك لا يجوز تخصيص آخر العام بشيء من العبادات وهو مردود على صاحبه فقد قال عليه الصلاة والسلام "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". متفق عليه.


فاتقوا الله -عباد الله- وتمسكوا بكتاب ربكم وسنة نبيكم واعلموا رحمكم الله أن من أفضل الطاعات وأشرف القربات كثرة صلاتكم وسلامكم على خير البريَّات فقد أمركم بذلك ربكم في آيات بينات، فقال تعالى قولا كريما: "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"، اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبدالله، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن سائر الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.75 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (2.92%)]