|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() في التحذير من الفتن الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل الحمدُ لله نحمَده، ونستعينُه ونستهدِيه، ونستغفرُه ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله من شُرور أنفسِنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مضلّ له، ومَن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، تعوّذ بالله من الفتن، وأَمر بالتعوّذ منها، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحابته المسارعين إلي الخيرات، والمبتعدين عن الشرور والمنكرات، وسلَّم تسليمًا كثيرًا. أمَّا بعدُ: فيا عبادَ الله: اتَّقوا الله - تعالى - واعلموا أنَّكم في زمانٍ كثُرت فيه الفتن، وظهرت المنكرات، وفُتِنَ كثيرٌ من المسلمين في دِينه، وخشي على الكثير من الافتتان، وقد حذَّرنا نبيُّنا - صلواتُ الله وسلامُه عليه - من الفتن، وأمرنا بالتعوُّذ منها. ففي حديثٍ عن زيد بن ثابت - رضِي الله عنه - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((تعوَّذوا بالله من الفتن، ما ظهر منها وما بطن))[1]، وأمرنا في كلِّ صلاةٍ بالتعوُّذ من أربعٍ؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا تشهَّد أحدُكم فليستَعِذ بالله من أربع يقول: اللهم إنِّي أعوذُ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال))[2]. والاستعاذة من هذه الأمور أمرٌ بالقيام بالواجبات، والابتعاد عن المحظورات، فمَن امتثل أوامر الله وانتهى عن نواهيه، سلم، ومَن ترك أوامر الله وارتكب محارمه فقد فتن وهلك، وخاب وخسر. ومن أعظم ما فُتِنَ به الكثيرون إيثارُ الدنيا على الآخرة، ومُطاوَعة الهوى، والتعصُّب للآراء الفاسدة، وتقبُّل القلوب لها وعدم إنكارها. ففي الحديث عن حذيفة - رضِي الله عنه - قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((تُعرَض الفتنُ على القلوب كالحصير عودًا عودًا، فأي قلبٍ أُشرِبها نُكِتتْ فيه نكتةٌ سوداء، وأيُّ قلب أنكرها نُكِتت فيه نكتةٌ بيضاء، حتى تصير على قلبين: على أبيض مثل الصفا فلا تضرُّه فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مربادًا كالكوز مجخِّيًا، لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا إلا ما أُشرِبَ من هواه))[3]. ومن المأسوف له أنَّ الكثير من الناس قد غفل عمَّا أصابه، وتَناسَى ما وقع فيه من فتنٍ وآثام، ومرح وسرح في هذه الدنيا كالبهائم، لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا، وما كان عليه وماذا حلَّ به، فمَن رأى الحلال حرامًا فقد فُتِنَ، ومَن رأى الحرام حلالًا فقد فُتِنَ، ومن المصائب أنَّ مَن فُتِنَ لا يحسُّ أنَّه فُتِنَ. فاحذروا يا عباد الله الفتنَ ما ظهر منها وما بطنَ، فقد حذَّرَنا نبينا - صلواتُ الله وسلامُه عليه - منها؛ عن أم سلمة زوجِ النبي - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنها قالت: استيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلةً فزعًا يقول: ((سبحان الله! ماذا أنزل الله من الخزائن، وماذا أنزل من الفتن، مَن يوقظ صواحب الحجرات - يريد أزواجه - لكي يُصلِّين، فرُبَّ كاسية في الدنيا عارية في الآخرة))[4]. وعن زينب بنت جحش - رضِي الله عنها - قالت: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا فزعًا محمرًّا وجهه يقول: ((لا إله إلا الله، ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترب، فُتِحَ اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثلُ هذه))، وحلَّق بأصبعه والتي تَلِيها، قالت: فقلت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟! قال: ((نعم؛ إذا كثُر الخبث)). فاتَّقوا الله يا عبادَ الله، واحذروا الفتن، وعقوبات المعاصي، فقد ظهرت وانتشرت، وقلَّ الإحساس والإنكار؛ لهو وغفلة، وتعصُّب للآراء والأهواء، وعدم الاتِّعاظ بما يقع للغير. فاتَّقوا الله يا عباد الله واحذَرُوا الفتن، فقد تداعَتْ عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها، فقد أخبر بذلك - صلواتُ الله وسلامُه عليه - فاحذروا أعداءكم وأعداء دِينكم، لا يفتنوكم عن دينكم، بما يزينونه من الشرور المطلية بالأصباغ البرَّاقة التي خدَعت الكثير من الناس، فتمسَّكوا بدينكم، وتعاليم ربِّكم، واعرفوا ما كان عليه سلفكم الصالح، وبأيِّ شيء حصَّنوا أنفسهم وبلادهم، فقد ترَكَنا نبينا - صلواتُ الله وسلامُه عليه - على المحجَّة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، فمَن تمسَّك بحبل الله المتين وسلَك الصراط المستقيم نجا، ومَن حادَ عن الطريق المستقيم، واتَّبَع سبل الشيطان ضلَّ وهلك، فعليكم بسنَّة نبيِّكم - صلى الله عليه وسلم -؛ عضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومُحدَثات الأمور، وما يفتنكم عن دِينكم، ويُورِدكم موارد العطب والهلاك. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: قال الله العظيم: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فصلت: 30-32]. بارك الله لي ولكم في القُرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكِيم، وتابَ عليَّ وعليكم إنَّه هو التوَّاب الرحيمُ. أقولُ هذا وأستغفر الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائِر المسلمين من كلِّ ذنبٍ، فاستغفروه إنَّه هو الغفورُ الرحيمُ. [1] رواه مسلم: [67 - (2867)]. [2] رواه مسلم: [128 - (588)]. [3] رواه مسلم: [231 - (144)]. [4] البخاري: (115) - الفتح: 1/253.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |