|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() في فضل الذكر الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل الحمدُ لله نحمده، ونستعينه ونستهديه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله مِن شرورِ أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يَهدِه الله فلا مُضلَّ له، ومَن يُضللْ فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحْده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحابته وسلَّم تسليمًا كثيرًا. يا عباد الله: اتَّقوا الله - تعالى - واذْكروه يذكرْكم، واشكروه ولا تَكفروه، واعْلموا أنَّ بذِكر الله حياةَ القلوب وسعادةَ النُّفوس، وفي الغَفْلة شقاؤها وحسرتها، فما سعِد العبدُ بمِثل ذِكْر الله - تعالى - ولا اطمأنَّتْ نفْسه بمِثل طاعةِ ربِّه، فالذِّكر يُرضي الرَّب - سبحانه وتعالى - ويُزيل الهمَّ والغمَّ، ويجلب للقلْب الفرحَ والسُّرور، ويُورِث العبدَ المحبةَ والإِنابةَ إلى الله، والرجوعَ إليه والقُربَ منه، ويفتح له بابًا عظيمًا مِن أبواب المعرفة، فكلَّما ازداد العبد ذِكرًا لله - تعالى - ازداد معرفةً لأمور الخير، كما أنه يحطُّ الخطايا فهو مِن أعظم الحسنات، والحسناتُ يذهبن السيِّئات، كما أنَّه سهَّل ويسير على مَن وفَّقه الله لذلك، وهو مِن أجلِّ وأفضل العبادات، فمَن وفَّقه الله لذِكْره نال خيرًا كثيرًا بلا كُلفة ولا مشقَّة. رُوي مِن حديثِ عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لقيت ليلة أُسْرِيَ بي إبراهيمَ الخليل - عليه السلام - فقال: يا محمد: أقرِئ أمَّتك [مني] السلام، وأخبَرهم أنَّ الجنةَ طيِّبةُ التُّربة عذْبة الماء، وأنها قِيعان، وأنَّ غراسها سبحان الله، والحمد لله، ولا إلهَ إلا الله، والله أكبر))[1]. وفي حديثٍ عن جابرٍ - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَن قال: سبحانَ الله العظيم وبحمده، غُرِست له نخلة في الجَنَّة))[2]. فانظروا - يا عبادَ الله - وتدبَّروا هذا الفضل العظيم مِن الله، غراس في الجَنَّة بذِكْر سهل خفيف على اللِّسان يأتي به العبدُ، وهو يُمارِس أعمال دُنياه، وهو قائِم وهو يمْشي وهو مضطجع على فِراشه، ومع هذا فهو غراس يبقَى غراس الجنَّة التي فيها ما لا عينَ رأتْ ولا أُذن سَمعَتْ، ولا خَطَر على قلْب بشر، ولو أراد إِنسان غرس نخلة أو شجرة في الدُّنيا لناله مِن التَّعَب والمشقَّة ما الله به عليم. يتطلَّب الأمر قلعها مِن مكان كما يتطلَّب الأمر نقْلَها إلى مكان غرْسها، والحفر لها ثم سقْيها وتعهدها وقد تحيا، وقد تموت قبل أن ينتفعَ منها، ومع هذه الكلفة والمشقَّة نجد العبدَ مثابرًا في هذا العمل ومستهينًا له. فاتَّقوا الله - يا عباد الله - في أنفسِكم، واحذروا مِن التفريط في أمور الخير التي تنال بكلِّ سهولة، واحذروا مِن الغفلة والانشغال عن ذِكْر الله، والاشتغال بما يضرُّ عما ينفَع، فإنَّ العبد إذا اشتغل بذِكْر الله سلِم مِن الاشتغال بما يكون سببًا لهلاكه، فإنَّه لا بدَّ له مِن أن يتكلَّم، فإن لم يتكلَّم بذِكْر الله وذكر أوامره تكلَّم بمحرم من غِيبة ونميمة، وكذب وفُحش وباطل، ولا يصون العبد لسانه عن هذه المحرَّمات إلا بالاشتغال بذِكْر الله - تعالى - فمَن عوَّد لسانه ذِكْر الله صان اللهُ لسانَه عن الباطل، ومَن يبس لسانه عن ذكْر الله ترطَّب بالباطل؛ ومَن نسي الله نسيَه، نسوا اللهَ فنسيهم، ومَن أعْرض عن ذِكْر الله عاش معيشةً ضنكًا وشقاءً، ومن اشتغل بذِكْر الله عاش عيشةَ هناء وطُمأنينة، وصِين قلبُه. قال ابن القيِّم - رحمه الله -: سمعتُ شيخ الإِسلام ابن تيمية - قدَّس الله تعالى رُوحه - يقول: الذِّكْر للقلب مثلُ الماء للسَّمَك، فكيف يكون حال السَّمَك إذا فارق الماء؟ ولا شكَّ أنَّ ذِكر الله هو حياةُ القلوب وسعادة الدارين، فمَن لزِم ذكْر الله حيي قلْبه واطمأنَّت نفْسه، وسهلتْ أعماله وتيسرت أموره، ومَن غفل عن ذِكْر الله مات قلْبه وتعقَّدت حياته، وشقِي في دنياه وأُخراه، وتعدَّى شقاؤه إلى مجالسه ومصاحبه فما أسعدَ الذاكرين وأشقَى الغافلين! فليتفقَّد العبْد حاله، وليحاسب نفْسَه، فإنَّ الناصح لنفْسه مَن يحاسبها قبل أن تحاسَب. فاحذروا - يا عباد الله - عقوبات الغفْلة ما دُمتم في زمان المهلة، فقد تتحسَّر النفوس وتتقطَّع القلوب على التفريط والغفْلة، ولا سبيلَ إلى تداركِ ما فات، فاغتنِموا الحياة والعمل، فاليومَ عَمَلٌ ولا حساب، وغدًا حساب ولا عمَل. أعوذ بالله منِ الشيطان الرجيم، قال الله العظيم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 41 - 43]. بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفَعَني وإيَّاكم بما فيه مِن الآيات والذِّكر الحكيم، وتاب عليَّ وعليكم، إنَّه هو التوَّاب الرحيم. أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرَّحيم. واعلموا أنَّ حياتكم الحقيقيَّة هي بذِكْر الله وملازمة طاعته، فمَن لازَم ذِكْر الله استنار قلْبه وسعِد في حياته وطرد شيطانه وهواه، ومَن ترَك ذِكْر الله لازمه الشيطان، وأورده مواردَ العطَب والهلاك. قال - تعالى -: ﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾ [الزخرف: 36]، وقال - جلَّ وعلا -: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾ [طه: 124-126]. فاتَّقوا الله يا عبادَ الله... [1] أخرجه الترمذي (3462). وقال: حديثٌ حسن، قال الأرناؤوط: وهو كما قال. [2] أخرجه الترمذي (3464، 3465)، قال الأرناؤوط: وهو حديثٌ حسَن.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |