من أصول أهل السنة والجماعة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الصحبة الصالحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 123 )           »          فوائد من قصة يونس عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 97 )           »          ثمرات الابتلاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 83 )           »          نهي العقلاء عن السخرية والاستهزاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 65 )           »          فتنة المسيح الدجال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 67 )           »          معجزة الإسراء والمعراج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          كيف أتعامل مع ابني المدخن؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          حقوق الأخوة في الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          الأقصى: فضائل وأحداث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          الشباب أمل وألم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-11-2019, 08:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,210
الدولة : Egypt
افتراضي من أصول أهل السنة والجماعة

من أصول أهل السنة والجماعة
د. محمد بن عبدالله بن صالح السحيم


لأهل السنة والجماعة أصول عظيمة في الإيمان والعبادة والسلوك والمعاملة، وهذه الأصول مستمدة من الكتاب والسنة، ومتلقاة من عمل الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ومن سار على نهجهم من التابعين وأتباعهم، والعمل بها واتباعها والسير على نهجها، يعصم الأمة بإذن الله من الزلل، ويحفظ الأفراد والمجتمعات من الفتن والتفرق والاختلاف.




ومما ينبغي أن يعلم أن كل فرقة أو طائفة لها أصولها، لكن أصول الفرق الضالة أصول مبتدعة ليس عليها دليلٌ شرعي، بل الدليل الشرعي على خلافها، فللمعتزلة أصولهم الخمسة، وللرافضة الغلاة أصولهم، كما أن للمتصوفة الغلاة أصولهم الضالة، وربما اجتمع في الفرقة الواحدة أصول كثيرة من فرق شتى، فالرافضة أخذوا من أصول الفلاسفة ومن أصول المعتزلة ومن أصول الخوارج، وكذا الخوارج أخذوا من أصول المعتزلة ومن أصول المتصوفة، وهَلُمَّ جرًّا.



وأصول أهل السنة والجماعة الكبرى هي:

الأول: الإيمان بالله على مراد الله، وهذا الإيمان يتضمن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره؛ قال تعالى: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 285].



وقال جل ثناؤه: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49]، والإيمان بالله يتضمَّن الإيمان بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، وهذا أمر لا تكاد تَخلو منه سورة من سور القرآن، بل صدر سورة الفاتحة شاهد لذلك؛ قال تعالى: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 3، 4]، فدلَّت هذه الآيات على أنواع التوحيد الثلاثة، وعلى الإيمان باليوم الآخر.



وهذا الأصل خالف فيه طوائف كثيرة، فتوحيد الربوبية خالف في جانب منه المعتزلة، وللمتكلمين تقسيم للتوحيد غير هذا التقسيم، كما خالف في توحيد الألوهية بعض المتكلمين، وبعض الطرقية والمتصوفة الغالية، وخالف في توحيد الأسماء والصفات المعتزلة والأشاعرة والماتريدية، وخالف في الملائكة الفلاسفة، وخالف في اليوم الآخر في بعض مسائله الغلاة المتصوفة والمعتزلة، والخوارج والرافضة، وخالف في القدر الأشاعرة والمعتزلة وهم على طرفي نقيض، ففريق قالوا بالجبر، وفريق نفوا بعض مراتب القدر.



الثاني: أن الإيمان قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الأنفال: 2 - 4]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بضع وسبعون - أو بضع وستون - شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان»؛ صحيح مسلم (1/ 63)، ومما يدل على زيادة الإيمان في قلب العبد إذا عمل الصالحات قوله تعالى: ﴿ ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2]، وقال جل ثناؤه: ﴿ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ [التوبة: 124]، ومما يدل على ضَعف الإيمان قوله صلى الله عليه وسلم: «مَن رأى منكم منكرًا فليُغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»؛ صحيح مسلم (1/ 69)، وخالف في هذا الأصل المرجئة فقالوا: بعدم دخول الأعمال في مسمى الإيمان، وأن الإيمان بالقلب ولا تؤثر فيه الأعمال زيادةً ولا نقصًا، وخالف فيه المعتزلة والخوارج أيضًا، فقالوا: الإيمان لا يزيد ولا ينقص، ومن عمل كبيرة من كبائر الذنوب التي دون الكفر والشرك ولم يتُب منها، فهو عند المعتزلة في منزلة بين المنزلتين في الدنيا، وفي الآخرة خالد في النار إن لم يتُب منها، وعند الخوارج أن من عمل الكبيرة فهو في الدنيا كافر خارج من الملة، وفي الآخرة خالد في النار إن لم يتُب منها، وبهذا الأصل الفاسد عند الخوارج والمعتزلة استحلوا سفك الدماء المعصومة.



الثالث: أن أهل السنة لا يكفرون المسلم بالكبيرة، ولا يكفرون إلا من ارتكب ناقضًا من نواقض الإيمان المعروفة، وخالف في هذا الخوارج والمعتزلة والرافضة، وعلى المسلم ألا ينشغل بتكفير الناس وتفسيقهم، ورميهم بالتبديع، وأن يترك هذا الأمر لأهله من العلماء الكبار الذين ولَّاهم الله القيام على الدين وحفظ حدوده والذب عنه.



الرابع: وجوب طاعة ولاة أمور المسلمين ما لم يأمروا بمعصية، فإذا أمروا بمعصية لا تجوز طاعتهم فيها، وتجب طاعتهم بالمعروف في غيرها؛ قال عزَّ شأنه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 59]، وقال معالي الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: (ويرون أن معصية الأمير المسلم معصية للرسول صلى الله عليه وسلم عملًا بقوله صلى الله عليه وسلم: «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن يعصني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني»؛ رواه البخاري ومسلم (3/ 1466)، واللفظ له، ويرون الصلاة خلفهم والجهاد معهم، والدعاء لهم بالصلاح والاستقامة، ومناصحتهم)؛ ا هـ.



الخامس: تحريم الخروج على الأئمة مالم يروا كفرًا بواحًا عندهم فيه من الله برهان، وهذا الأصل، والذي قبله خالف فيهما الخوارج والمعتزلة، فهم يرون الخروج على الأئمة إذا رأوا منهم الوقوع في الكبائر، وكم تنكَّبت الأمة من أهوال ونكبات بسبب الخروج على هذا الأصل.



السادس: سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم أجمعين، ويعتقدون أنه ما كان ولا يكون بعد الأنبياء خير من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنه أجمعين، ويكفيهم فخرًا وشرفًا تزكيةُ الله لهم ورضاه عنهم؛ قال تعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100]، وأثنى الله عليهم في التوراة والإنجيل، فقال الحق وقوله الحق: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الفتح: 29]، وبيَّن الحق أن سبيل المؤمنين الصادقين هو الاستغفار لمن سبقوهم في الإيمان؛ قال الحق: ﴿ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10]، ونهى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عن سب الصحابة أو الانتقاص من شأنهم، فقال صلى الله عليه وسلم: «لا تسبُّوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده، لو أن أحدكم أنفق مثل أُحد ذهبًا، ما أدرك مدَّ أحدهم، ولا نصيفه»؛ رواه البخاري ومسلم، واللفظ لمسلم؛ صحيح مسلم (4/ 1967)، وخالف في هذا الأصل العظيم الرافضة والخوارج، فالرافضة يسبون الصحابة والخوارج قاتلوهم.



السابع: محبة أهل بيت النبوة وتوليهم؛ قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [الشورى: 23]، وقال صلى الله عليه وسلم: (أذكِّركم الله في أهل بيتي)؛ مسند أحمد، ط الرسالة (32/11)، ونساؤه من أهل بيته قال صلى الله عليه وسلم: (ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأُجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به"، فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: «وأهل بيتي أذكِّركم الله في أهل بيتي، أذكِّركم الله في أهل بيتي، أذكِّركم الله في أهل بيتي»، فقال له حصين: ومن أهل بيته؟ يا زيد، أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرَّم الصدقة بعده، قال: ومَن هم؟ قال: هم آل علي وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس، قال: كل هؤلاء حرَّم الصدقة؟ قال: نعم)؛ صحيح مسلم (4/ 1873)، وفي آية الأحزاب دليل على أن نساءه من أهل بيته؛ قال تعالى: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [الأحزاب: 33].



الثامن: تعظيم الوحي والعمل به وتقديمه على كل رأي أو معقول أو ذوق أو هوى أو غيره، فهم يعتمدون على القرآن والسنة على وَفْق مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم ووفق فهم الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين، ولا يفرِّقون بين السنة والقرآن في الاستدلال، كما لا يفرِّقون بين أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، سواء كانت آحادًا أو متواترة، فيستدلون بهما في مسائل الاعتقاد ومسائل العبادات والمعاملات، لا يفرقون بين ذلك، بل كلٌّ من عند الله، ويعلمون أن الشرع لا يعارض العقل، وأن القدر لا يخالف الأمر، ولا يخالف العقل، وأن الدين كله خير، وأنه يقود إلى المكرمات وصالح الأعمال، ولا يمنع الدين من خير قط، بل كل خير سالم من الشر، فقد جاء الشرع به وحث عليه.



وقد خالف في هذا الأصل أصحاب الهوى من المتكلمين وغلاة المتصوفة والرافضة والخوارج، فلم يقبلوا من الوحي إلا ما وافق أهواءهم أو آراءهم، والله يقول وهو أصدق القائلين: ﴿ وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [المؤمنون: 71].



التاسع: أن ما أخبر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم من حقائق الإيمان وأمور الغيب، فهو حق على حقيقة، سواء أدركته العقول، أو قصرت عن فهمه واستيعابه، ولا يردونه بأهوائهم، ولا يتكلفون له التأويلات الباطلة، بل يؤمنون به ويسلمون ويكِلون علم ما لم يعلموا إلى عالمه، وضل في هذا الأصل المتكلمون والفلاسفة والرافضة، فهم يقدمون آراءهم ومعقولاتهم على الوحي، ويردون من الوحي ما لم تستسغه عقولهم.



ومما يتواصى به أهل السنة والجماعة فيما بينهم، ويوصون به من له حق عليهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عملًا بقوله تعالى: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104]، كما يأمرون بمكارم الأخلاق وينهون عن سفاسفها؛ قال شيخ الإسلام في ختام رسالته الواسطية: (ثم هم مع هذه الأصول: يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة، ويرون إقامة الحج، والجهاد والجمع والأعياد، مع الأمراء أبرارًا كانوا أو فجَّارًا، ويحافظون على الجماعات، ويدينون بالنصيحة للأمة، ويعتقدون معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضًا»، وشبَّك بين أصابعه، وقوله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، ويأمرون بالصبر على البلاء، والشكر عند الرخاء، والرضا بِمُرِّ القضاء، ويدعون إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، ويعتقدون معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خلقًا»، ويندبون إلى أن تصل مَن قطعك، وتعطي مَن حرَمك، وتعفو عمَّن ظلمَك، ويأمرون ببر الوالدين، وصلة الأرحام، وحسن الجوار والإحسان إلى اليتامى، والمساكين، وابن السبيل، والرفق بالمملوك، وينهون عن الفخر، والخُيلاء، والبغي، والاستطالة على الخلق بحق أو بغير حق، ويأمرون بمعالي الأخلاق، وينهون عن سفسافها، وكل ما يقولونه أو يفعلونه من هذا أو غيره، فإنما هم فيه متبعون للكتاب والسنة، وطريقتهم هي دين الإسلام؛ الذي بعث الله به محمدًا صلى الله عليه وسلم)؛ العقيدة الواسطية (ص 129).



فأنت ترى أن أصول أهل السنة والجماعة معتمدة ومستمدة من الكتاب والسنة، وليست نابعة من فكر يصيب ويخطئ، ولا من عقل يضل ويهتدي، ولا من شخص قابل للغي والهوى، وليست أصولهم هي مجرد تنظير في الكتب ودروس تُتلقى، بل يختمون كتبهم ووصاياهم بهذه المكارم التي هي سياج كريم لهذه الأصول، وهم أول من يطبق هذه الأصول، ويتحلى بهذه المكارم، فعلماء أهل السنة والجماعة في كل عصر هم أئمة هدى يهدون من ضل إلى الرشاد، فنسأل الله أن يسلك بنا سبيل المؤمنين، وأن يجمعنا ووالدينا وولاتنا وعلماءنا على الهدى، وأن يُجنبنا الردى، وأن يحشرنا في زمرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.76 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.90%)]