|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() التحذير من فتنة معاصرة الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر الحمد لله ذي اللطف والمِنَن، الهادي إلى خير منهج وسَنَن، والعاصم وحده من مضِلات الفِتَن، أحمده سبحانه، وأسأله للجميع عفوه وغفرانه، وعافيته وإحسانه، وأن يجنبنا فتنته وامتحانه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في إلهيته وعبادته، كما لا شريك له في خلقه وملكه وتدبيره بعلمه وحكمته، وعدله ورحمته، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، له الأمر النافذ في خلقه وبريته. وأشهد أن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- عبد الله ورسوله، الذي بلغ البلاغ المبين، وبيَّن وحي الله للعالمين، وحذر أمَّته فتنًا كقِطَع الليل المظلم، وأوضح سبل النجاة منها لكل مسلم. صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، الذين آمنوا به، وعزروه ونصروه، واتبعوا النور الذي أنزل معه، أولئك هم المفلحون. أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله -تعالى- حق تقواه، وتنافسوا فيما فيه محبتُه ورحمته ورضاه، واحذروا موجباتِ سخطه، وأسبابَ عقوبته ومقته في الدنيا ويوم لقاه؛ فإن الله -تبارك وتعالى- قد بيَّن لكم ووعظكم، ونهاكم وأمركم، وبشَّركم وأنذركم، قال -تعالى-: ﴿ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 138]. وقال - سبحانه -: ﴿ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [يونس: 57]. وقال - جل ذكره -: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 26 -28]. عباد الله، وإنما حصل لكم البلاغ والبيان، والبشارة والنذارة، بواسطة نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم -الذي امتنَّ الله عليكم ببعثته ورسالته، ويُمْنِ بيانه وسفارته، كما قال - سبحانه -: ﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ * فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: 151، 152]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما أنا لكم بمثابة الوالد أعلِّمكم)). وخرج مسلم عن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- قال: قال -عليه الصلاة والسلام-: ((ما بعث الله نبيًّا قبلي إلا كان حقًّا عليه أن يدُل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم من شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعل الله عافيتها في أولها، وسيصيب آخرَها فتنٌ وأمور تنكرونها، فمن أحب أن يُزَحزَح عن النار ويُدخَل الجنة، فلتَأتِه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأتِ إلى الناس ما يحب أن يؤتوه إليه)). وفي المسند عن حذيفة -رضي الله عنه- قال: "قام فينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مقامًا، فما ترك شيئًا يكون بين يدي الساعة، إلا ذكره في مقامه، حفِظه من حفظه، ونسيه من نسيه". أيها المسلمون، وإن من أعظم الأمور التي ذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم- وبيَّن علاماتها، وحذر منها غاية التحذير: الفتنَ التي تحدث في آخر الزمان، ويشبه أن يكون زمانكم هذا؛ لأن من علاماته: كثرةَ الزلازل، وقبض العلم الشرعي بقبض العلماء، وظهور الجهل، وكثرة القتل في الناس على غير وجه شرعي؛ كما روى الإمام أحمد في مسنده، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تقوم الساعة حتى يُقبَض العلم - يعني بقبض أهله - ويقارب الزمان، وتكثر الزلازل، وتظهر الفتن، ويكثر الهَرْج؛ يعني: القتل)). وفيه أيضًا عن معاوية -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إنه لم يبقَ من الدنيا إلا بلاء وفتن؛ فأعدوا للبلاء صبرًا)). وفي الطبراني عن أبي أمامة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ستكون فتن، يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا، إلا من أحياه الله بالعلم)). معشر المسلمين، ولقد أوضح النبي -صلى الله عليه وسلم- أن هذه الفتن تكون في ديار الإسلام وبين المسلمين؛ فقد روي عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قعودًا، فذكر الفتن، فأكثر ذكرها... إلخ"، وفيه قال: ((ثم فتنة الدُّهَيْماء، لا تدع أحدًا من هذه الأمة إلا لطمتْه لطمة، فإذا قيل: انقطعت، تمادت، يصبح الرجل فيها مؤمنًا، ويمسي كافرًا... إلخ)). وعن سعيد بن زيد -رضي الله عنه- قال: ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتنًا كقطع الليل المظلم، أراه قال: ((قد يذهب فيها الناس أسرع ذَهاب))، قال: فقيل: أكلهم هالك، أم بعضهم؟ قال: ((حسبهم -أو بحسبهم- القتل)). وروى الإمام أحمد بسنده إلى أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن بين يدي الساعة الهَرْج))، قالوا: وما الهَرْج؟ قال: ((القتل))... إلخ، وفيه: ((أنه ليس بقتلكم المشركين، ولكن قتل بعضكم بعضًا))، قالوا: ومعنا عقولنا يومئذٍ؟! قال: ((إنه لتنزع عقول أهل ذلك الزمان، ويخلف له هباء من الناس، يحسب أكثرهم أنهم على شيء، وليسوا على شيء)). وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((تكون فتنةٌ، النائم فيها خير من المضطجع، والمضطجع فيها خير من القاعد، والقاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الراكب، والراكب فيها خير من المُجري، قتلاها كلها في النار))، قال: قلت: يا رسول الله، ومتى ذلك؟ قال: ((ذلك أيام الهَرْج))، قلت: ومتى أيام الهَرْج؟ قال: ((حين لا يأمن الرجل جليسه)). وعند أحمد، عن أُهْبَان -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا كانت الفتنة بين المسلمين، فاتخذ سيفًا من خشب)). وفي ذلك الحض على اجتناب الفتنة، والدعاة إليها. وفي البخاري وابن ماجه، عن حذيفة - رضي الله عنه - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يكون دعاةٌ على أبواب جهنم، مَن أجابهم قذفوه فيها))، قلت: يا رسول الله، صِفْهم لنا، قال: ((هم قوم من أهل جلدتنا، يتكلمون بألسنتنا))، وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((أشقى الناس فيها -يعني: الفتن- كل خطيب مِصْقَع، أو راكب موضِع؛ أي: مسرع، لا يخلص من شرها إلا من أخلص الدعاء كدعاء الغرقى في البحر)). أيها المؤمنون: ولقد تضمنت أحاديث الفتن في كتب السنة، أن هذه الفتن تظهر في بلاد العرب، فهم المستهدفون فيها؛ لأنهم أهل الدين وحماة الإسلام. وقال -عليه الصلاة والسلام-: ((إنها ستكون فتنةٌ، تستنطف العرب - أي تغربلهم - قتلاها في النار)). وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((ويلٌ للعرب من شر قد اقترب، أفلح مَن كفَّ يده)). وعنه -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويل للعرب من شر قد اقترب، فتنة عمياء، بكماء، صماء، القاعد فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، ويل للساعي فيها من الله يوم القيامة)). معشر المؤمنين: كما تضمنت أحاديث الفتن ذِكرَ فتنة الغوغاء -الجماهير- الموصوفة بالدهيماء، وأنها عمياء بكماء صماء، وأنها تبدأ من المغرب، ثم تنتشر في عدة جهات، وأنها تستهدف الولاية العامة التي تجمع الأمة، وتحفظ الهيبة؛ ففي مستدرك الحاكم، عن ابن مسعود -رضي الله عنه- ذكر ((فتنة تُقبِل من المغرب)). وخرَّج نُعَيم بن حمَّاد في الفتن، عن عصمة بن قيس السلمي، صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يتعوَّذ من فتنة المشرق، قال: فقيل له: فالمغرب؟ قال: تلك أعظم وأطم، وفي رواية: أنه كان يتعوَّذ بالله من فتنة المشرق، ثم من فتنة المغرب في صلاته. فهذه -معاشر المؤمنين- أوصافٌ دقيقة لنوع من فتن آخر الزمان، يشبه أن تكون فتنة المظاهرات على الحكومات والحكام؛ لأن هذه الفتنة تجمع أخلاط الناس من الأخيار والفجار، والمسلمين والكفار، تستهدف قيادات المجتمعات، دون تفريق بين قيادة وقيادة، كما أنها لا ترفع شعار إقامة الدين وتحكيم الشريعة، ولم تُظهِر البراءة من الكفر وأهله، بل إن جملة من المشاركين فيهما يرفعون لواء الديموقراطية الكفري، وهم على تنسيق مع سفارات أجنبية، وينتظرون أو يطالبون بتدخل دول الكفر، والأنظمة الأممية الكفرية لنصرتهم، فانطبق على جملة من المشاركين فيها قوله -صلى الله عليه وسلم- في وصفهم: ((إذا رأيتَ الناس قد مَرَجت عهودهم -أي اختلطت وفسدت- وخفَّت أماناتهم، وكانوا هكذا -وشبك بين أصابعه- فالزم بيتك، واملك عليك لسانك، وخذ ما تعرف، ودعْ ما تنكر، وعليك بخاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة))؛ رواه الحاكم عن ابن عمر، وصححه الحاكم، وأقره الذهبي. وفي المسند -ورجاله رجال الصحيح-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يا بن حَوَالَة، كيف تصنع في فتنة تثور من أقطار الأرض كأنها صَيَاصِي البقر؛ أي: قرونها)). وخرج نعيم بن حماد -بسند صحيح- عن حذيفة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((تكون فتنة، تَعُوج فيها عقول الرجال، حتى ما تكاد ترى فيها رجلاً عاقلاً)). وله -رحمه الله- أيضًا عن حذيفة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ثم تكون فتنة لا تكون بعدها جماعة، ترفع فيها الأصوات، وتَشخَص فيها الأبصار، وتَذهَل فيها العقول))، وفي رواية: فقلت: هل بعد هذا الخير من شر؟ قال؛ يعني: النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم، فتنة عمياء صماء، ودعاة على أبواب جهنم، من أجابهم قذفوه فيها)). وله عن الحكم بن نافع قال؛ يعني: النبي -صلى الله عليه وسلم- في الفتنة الرابعة: ((يَصِيرون إلى الكفر، مع هذا مرة، ومع هذا مرة، ومع هذا مرة، بلا إمام ولا جماعة)). وفي رواية: ((والرابعة صماء عمياء، مطبقة، تمور مور الموج في البحر)). وفي رواية: ((الرابعة الصماء، العمياء، المطبقة، تعرك فيها الأمة بالبلاء عرك الأديم - الجلد - حتى ينكر فيها المعروف، ويعرف فيها المنكر، تموت فيها قلوبهم كما تموت أبدانهم)). وفي المسند - بإسناد صحيح - عن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كيف أنت إذا بقيتَ في حثالةٍ من الناس)). وفي رواية: ((يأتي على الناس زمان يغربلون فيه غربلة، يبقى منهم حثالةٌ، قد مرجت عهودهم وأماناتهم، واختلفوا فكانوا هكذا -وشبَّك بين أصابعه)) قال: قلت: فما أصنع عند ذاك يا رسول الله؟ قال: ((اتقِ الله - عز وجل - وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بخاصتك، وإيَّاك وعوامَّهم)). وفيه أيضًا عن النعمان بن بشير - رضي الله عنه - قال: صحبنا النبي -صلى الله عليه وسلم -وسمعناه يقول: ((إن بين يدي الساعة فتنًا، كأنها قطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنًا، ثم يُمسِي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ثم يصبح كافرًا، يبيع أقوامٌ خلاقَهم -أي حظهم من الدين وثوابه -بعَرَضٍ من الدنيا يسير)). قال الحسن البصري - راوي الحديث عن النعمان بن بشير -: "والله، لقد رأيناهم صورًا ولا عقول، أجسامًا ولا أحلامَ، فراشَ نارٍ، وذِبَّان طمعٍ، يغدون بدرهمينِ، ويروحون بدرهمين، يبيع أحدهم دينه -[قلت: ومنه بيعة ولي الأمر، وحقه الذي أوجبه الله له، وأوصى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتحريم الخروج عليه، ومنازعته سلطانه] - بثمن العَنْز". وفي المسند عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((اللهم لا يدركني ولا تدركوا زمانًا لا يتبع فيه العليم، ولا يستحيا فيه من الحليم، قلوبهم قلوب الأعاجم، وألسنتهم ألسنة العرب)). وفيه عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: قال - صلى الله عليه وسلم - الحديث، وفيه: ((ثم تنشأ دعاة الضلالة، فإن كان لله يومئذٍ في الأرض خليفة، جلد ظهرك، وأخذ مالك، فالزمه، وإلا فمت وأنت عاضٌّ على جذل شجرة - أي: جذعها)).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |