سياسة الجودة الشرعية في المصرفية الإسلامية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4457 - عددالزوار : 1224308 )           »          الفرح بالعيد مشاعر تتجدد وأمل يتجلى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          صفة النحر والذبح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          كل الأحاديث الصحيحة في دعاء يوم عرفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          الذكر والدعاء في يوم عرفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          عيد الأضحى آداب وأحكام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 191 )           »          وقفاتٌ إيمانية وتربوية مع العيد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          مفهوم تعدد النيات في العمل الواحد: كيف تضاعف أجرك وثوابك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          طريقة عمل فتة العيد فى وقت قصير.. لو عندك عزومة ومفيش وقت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          أسرع طرق تنظيف الممبار.. 3 حيل ذكية توفر الجهد والوقت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #2  
قديم 14-02-2020, 04:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,388
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سياسة الجودة الشرعية في المصرفية الإسلامية

سياسة الجودة الشرعية في المصرفية الإسلامية

د. عبدالعزيز بن سطام بن عبدالعزيز آل سعود





المبحث الثاني:

ماهية سياسة الجودة الشرعية وإشكاليات تطبيقها


تعريف الجودة الشرعية:
المقصود بسياسة الجودة الشرعية بإطلاق أمران: فمن حيث كونها شرعية يقصد بها: مطابقة الأداء لمقتضى الفتوى المعتبرة.ومن حيث الجودة يقصد بها: دوام إتقان العمل بالفتوى المعتبرة بصفة متواصلة. ومن حيث السياسة يقصد بها: اتخاذ كافة التدابير اللازمة لضمان دوام الإتقان للعمل المطابق لمقتضى الفتوى. وبناءً على ما تقدم يكون تعريف سياسة الجودة الشرعية هو: تدبير أمر دوام مطابقة العمل بالفتوى المعتبرة لمقتضى الفتوى بإتقان.

وللجودة الشرعية عناصر لا بد من توفرها وهي: وجود التدقيق على الفتوى التي تبنى عليها المنتجات المالية، ويمثل ذلك وظيفة الإجازة الشرعية، ويتبع ذلك أدوات ووسائل التطبيق الصحيح للفتوى، ويمثل ذلك وظيفة المطابقة، ثم وجود التدقيق في صحة الإجازة الشرعية والمطابقة، ويمثل ذلك وظيفة الرقابة الرسمية، وتفصيل ذلك كما يلي:
1- الإجازة الشرعية المهنية: وهي الفتوى بإجازة المنتج بجميع وثائقه من عقود واتفاقيات ونماذج وملاحق وغيرها، والجودة فيها تعتمد على مدى اعتبار جهة الفتوى والفريق المساند لجهة الفتوى والوضوح في طريقة النظر ومراحل الوصول لحكم المنتج وكيفية إصدار الفتوى وصياغتها، وكيفية تبليغ الجهات المعنية بها والإفصاح عنها، وجميع ذلك يجب أن يسبق تطبيق المنتج، ويمثل مرحلة إجازة المنتج بفتوى معتبرة من حيث المصدر ومنهجية النظر وإجراءات الإجازة والصياغة.

2- إلزامية المطابقة الشرعية: وهي لزوم الأداء الصحيح لمقتضى الفتوى، والجودة فيه تعتمد على وضوح الإجراءات ودقة الآليات ومستوى ثقافة الالتزام الشرعي بمقتضى الفتوى، وتدريب العاملين على جميع ذلك، والمتابعة والتدقيق الداخلي والخارجي لضمان حسن الأداء وصحته، وكون الفتوى إلزامية يعني أن تنص الأنظمة المرعية على أن الفتوى إلزامية لا يصح التنصل منها، وأن يحاسب الموظف على مخالفتها مثل مخالفته لأي نظام آخر ملزم.

3- الرقابة الرسمية: وهي الرقابة التي تقوم بها جهات الفتوى الرسمية وجهات الرقابة الحكومية سواء منها السابقة لغرض إجازة المنتج، أو اللاحقة لغرض التأكد من مطابقة الأداء لمقتضى الفتوى، والرقابة اللاحقة للجهات الرقابية الحكومية على صحة الأداء [20]، وجودتها تعتمد على استخداممعايير واضحة للعمل تكون محل اتفاق، ثم العمل بموجب نتيجة المراقبة من حيث:
أ- إلغاء إجازة المنتج غير المطابق للفتوى أو المنع من العمل بالفتوى غير المجازةوتطبيق عقوبات نظامية على المخالف، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الرقابة القضائية وجودتها تكون في إتاحة الفرصة لمن وقعت عليه عقوبة على سبيل القرار الإداري بالتظلم لدى المحاكم الإدارية.

ب- استبعاد أرباح العمليات الباطلة إلى حساب التطهير أو إعادتها إلى من أُخذت منه بغير حق بحسب نوع الإبطال.

‌ج- التوصية بمحاسبة المخالف للفتوى حسب نوع المخالفة.

لأجل ذلك فإن الجهات الرقابية مسؤولة عن إلزام الجهات المعنية بتدريب الموظفين وتوعيتهم بالقرار والفتوى الشرعية وإجراءات التطبيق الصحيح وتثقيفهم لفهم التطبيق الصحيح والتدرب عليه.

إشكالية عمل المؤسسة بالفتوى:
تعاني المصارف الإسلامية من مشكلة تعدد الآراء الفقهية؛الأمر الذي أدى إلى اختلاف الفتاوى الصادرة عن الهيئات الشرعية في هذه المصارف في حكم النشاط المصرفي الواحد، فقد يحدث أن تصدر هيئة شرعية في إحدى المصارف فتوى في حكم نشاط مصرفي محدد ويصدر عن هيئة شرعية في مصرف آخر فتوى مختلفة تماما عن الفتوى السابقة في هذا النشاط نفسه؛ وهذا يؤدي إلى إحداث بلبلة فكرية لدى المسؤولين عن إدارة هذه المصارف والقائمين عليها. وقد نتج عن ذلك كله تعطيل بعض الصيغ التي توفر لهذه المصارف مرونة في العمل[21].

ولأجل ذلك فسياسة الجودة الشرعية صنعة جوهرها قصد الإتقان، وضبطها يتطلب إدراكا لمصدر الإشكاليات المهنية في عمل المؤسسات بالفتوى؛وفحوى هذا الإدراك هو أن متطلبات الجودة الشرعية في العمل الفردي تختلف تماماً عن متطلبات الجودة الشرعية في العمل المؤسسي، فعمل الشخص بالفتوى يختلف تماماً عن عمل المؤسسة بالفتوى.

العمل الشخصي بالفتوى:
في هذه الحالة عادة ما يسأل الشخص المستفتي المفتي فيفتيه، فيفهم المستفتي الصورة المراد أداؤها بالحكم الشرعي الذي بُيِّن بالفتوى، فيؤديه بنفسه، ويكون تدينه له، أي أن المستفتي الفرد يُدَيَّن في سؤاله، أي يحال إلى ديانته فلا يُطالب بأي إثبات، فإن سأل سؤالاً فإن صورة السؤال وحال المستفتي تؤخذ منه فقط، ويُقال له: إن كان الحال كما ذكرت فالفتوى كيت وكيت، ولا يلزم التثبت من صدقه في حكايته الواقعة بل هذا شأنه؛ لأن الفتوى غير ملزمة له أصلاً، وإن خَدَع فإنما يخدع نفسه ولا يخدع المفتي، أما بالنسبة للمؤسسات فإن الفتوى يجب أن تكون ملزمة لها-، وبناء على التزامها للجمهور وملاكها المساهمين والجهات التي أجازت المنتج - وعليه فمن صميم عمل الهيئة الشرعية أن تتوثق من صحة حكاية الواقعة، فإذا شكت في صورة الواقعة فعليها طلب ما يثبت حكاية الحال قبل فتواها بالإجازة.

العمل المؤسسي بالفتوى:
تواجه المؤسسة عدة إشكاليات متعلقة بإصدار الفتوى الشرعية و العمل بها هي:
1- إشكاليات متعلقة بالأنظمة والقواعد والتعليمات الصادرة عن الجهات المنظمة أو المشرفة على المؤسسات المالية.

2- إشكاليات متعلقة بجهة الفتوى وجهة الاستفتاء.

3- إشكاليات متعلقة بعمل اللجان الشرعية.

4- إشكاليات متعلقة بجهات الإدارة أو المؤسسة.

5- إشكاليات متعلقة بالموظف أو العامل.

6- إشكاليات متعلقة بجهة الاستهلاك أو الاستفادة.

7- إشكاليات العمل الدولي بالفتوى.

وتفاصيل ذلك كما يلي:
أولاً: إشكاليات متعلقة بالأنظمة والقواعد والتعليمات الصادرة عن الجهات المنظمة أو المشرفة على المؤسسات المالية:
نشأت الأنظمة والتعليمات المالية والاستثمارية في عالم رؤاه وأدواته الاقتصادية غير متوافقة في بعض جوانبها مع أحكام الشريعة؛ مما أدى إلى أن تكون الأنظمة والتعليمات التطبيقية - وهي دقيقة التحكم في العمل المؤسسي المالي - غير متوافقة في بعض جوانبها مع رؤى التعاملات المالية الإسلامية وأدواتها، وصاحب ذلك تخلف وتأخر القائمين على التعاملات المتوافقة عن اقتراح الأنظمة والتعليمات والمعايير اللازمة والمطالبة بتطويرها لنهوض هذا القطاع وتطوره، الأمر الذي أوجد تحديات أهمها وجود فراغ نظامي وإداري على مستوى السياسات والتعليمات، وسواء أكانت هذه التحديات من جهة عدم توافر البيئة القانونية والرقابية التي تخدم هذه الصناعة، أم أشد من ذلك وهو وقوف هذه القوانين ضدها.

أم كانت ناشئة من السكوت عن هذه الصناعة، وعدم التصريح بالاعتراف بها، ومن ثَم فهي تعمل في بيئة مجهولة العواقب قانونياً ورقابياً، أم كانت تعمل في بيئة تعترف بها قانوناً ورقابياً، لكن على وجه الإجمال، بحيث لا توجد التفاصيل الوافية والملائمة لطبيعة هذه الصناعة، أم كانت تعمل في بيئة يتوافر فيها نوع من التفصيل القانوني وشيء من المعايير الرقابية، ولكن تواجهها التحديات خارج بيئتها[22].

فإن محصلة ذلك كله هو جعل تطور هذا القطاع صعباً؛لأنه يعمل ضمن بيئة إدارية وقانونية غير محفزة للنجاح [23].

ثانياً: إشكالية جهة الفتوى وجهة الاستفتاء:
تصوير واقعة الفتوى في الغالب يتسم بالطابع الشخصي، وليس المؤسسي، ولا يختلف ذلك إذا وُضع تصوير واقعة الفتوى من قبل فرد أو مجموعة، فالمعول عليه هنا ليس عدد من يُوَصِّف واقعة الفتوى، أو عدد مَن يشترك في إصدار الفتوى، وإنما الافتقار إلى منهجية مكتوبة يتم التدرب عليها بين مجموع المختصين، بحيث يتم تقويم توصيف واقعة الفتوى بموجب تلك المنهجية، ويضبط اللفظ والغرض من اللفظ؛فيقل الاختلاف في الفهم والاستخدام، ومع الأهمية الكبيرة للنص على المنهج إلا أنه لا يكاد يذكر في نظم المؤسسات المالية الإسلامية أو في لوائح هيئات الرقابة الشرعية، والشيء نفسه يمكن أن يُقال في جهة الفتوى، سواء الأفراد أو المجامع الفقهية والهيئات الشرعية[24]، وبخاصة إذا ضمت جهات الفتوى غير المتخصصين في فقه المعاملات ثم صدرت القرارات بالتصويت حسب الأغلبية والذي يحدث في بعض جهات الفتوى الآن خير شاهد على ذلك، فالقرارات في بعضها يصدر بالأغلبية، حتى وإن لم تناقش الأدلة الشرعية، فيقال: إن العقد الفلاني جائز شرعاً بموجب قرار جهة الفتوى بالأغلبية". وماذا لو كان الدليل الشرعي مع الأقلية؟فكيف تكون الجودة الشرعية في العمل؟لا بد من وجود ضوابط شرعية إجرائية وموضوعية مكتوبة ليجري العمل بموجبها، ولتضبط عمل جهات الفتوى، وإلا ستتحول هذه الجهات مع اتساع العمل المؤسسي إلى مجالس إدارة للفتوى وليس مجالس علمية لبيان شرع الله، وبخاصة في عمل اللجان الشرعية التي تتقاضى عائداً ماديّاً ومعنويّاً من الجهة المستفيدة من الفتوى، هذا وقد أشارت دراسة أجريت على 60 مصرفاً إسلامياً إلى أن نسبة 1% من رأس مال كثير من هذه المصارف مملوك لأعضاء هيئات الرقابة الشرعية فيها [25]، لذا فواقع اللجان تلك في حال تدنت الجودة الشرعية من الخطورة بمكان قد تصل معها الفتوى إلى حال الشهادة إذا جرت نفعًا[26]، ينتقد الدكتور عبدالحميد الغزالي، عضو في هيئة الرقابة الشرعية للمصرف الإسلامي الدولي في مصر "اتحاد البنوك الإسلامية" الذي يقول بأنه يمنح بعض الفقهاء مخصصات ضخمة، بل إن بعض "البنوك الإسلامية" تمنح الفقهاء المرتبطين بها، أجوراً عالية جعلت بعضهم يتجاوز ليصل إلى مرتبة الشريك في عمليات البنك. والملاحظ أن هذه المخصصات الهائلة التي يحصل عليها أعضاء هيئة الرقابة الشرعية لا تستبعد الشك في أن يقدم الفقيه المأجور بهذا الشكل، الفتوى التي تلائم البنك، بصرف النظر عن قيمتها وصحتها من الوجهة الشرعية.وأن هؤلاء هم الذين أساءوا إلى تجربة "البنوك الإسلامية" في إغداق الأموال على الفقهاء، فإن من شأن ذالك أن يؤثر تأثيراً سلبياً على مواقفهم، ويقلل من مصداقية الفتاوى التي يقدمونها، هذه الممارسات تستحضر مسألة: جواز أخذ الأجرة على الفتوى، هل يجوز؟[27].

لقد اتفق الفقهاء على أن الأوْلى أن يكون المفتي متبرعا بفتواه، ولا يأخذ عليها أجرًا[28]، ولكن إن أراد أن يأخذ أجرا، فهل يصح له ذلك؟ ذهب الفقهاء في هذه المسألة إلى أكثر من قول، نعرضها فيما يلي:
القول الأول: ذهب الحنفية[29] والشافعية [30] والحنابلة في قول[31]، إلى أنه لا يجوز أخذ الأجرة على الفتوى مطلقا.واستدل أصحاب هذا القول: بجملة أدلة، من أبرزها:
أ- أن الفتيا منصب تبليغ عن الله ورسوله فلا يجوز المعاوضة عليه كما لو قال له: لا أعلمك الإسلام أو الوضوء أو الصلاة إلا بأجرة فهذا حرام قطعا.

ب- أن المفتي في فتياه يأمر بحق وينهى عن باطل فلا يحل له أخذ أجرة على هذا الأمر[32].

القول الثاني: ذهب المالكية إلى أنه إذا تعينت الفتوى على المفتي فلا يجوز له أخذ الأجرة من المستفتي، وإذا لم تتعين جاز له الأخذ. واستدل أصحاب هذا القول بأن المفتي إذا تعينت عليه الفتوى فلا يحل له أخذ الأجرة على أمر متعين عليه؛ وأن الأجرة هنا بمثابة عوض على واجب عليه[33].

القول الثالث: ذهب إليه بعض الحنابلة إلى أنه إذا لم يكن للمفتي كفاية فيجوز له أخذ الأجرة ممن يستفتيه وإلا فلا[34].

واستدل أصحاب هذا القول بأنه: إن كان المفتي باشتغاله بالفتوى وبما يتعلق بها يمنعه عن تكسبه، فهذا الأمر سيفضي إلى ضرر به وبمن يعولهم ويوقعهم في حرج ومشقة وهذا أمر منفي شرعا، وإن اشتغل بتكسبه سيحصل الضرر للمستفتي وهذا ضرر أيضا، لذا لا بد من الأجرة[35].

والراجح - والله أعلم - هو جواز أخذ الأجرة على عمل الهيئات الشرعية في صناعة الفتوى الاقتصادية والمالية ولكن وفق ضوابط شرعية وأنظمة مرعية.

ثم إن ضمان مصداقية المفتين يأتي من تمتعهم بالاستقلال الكامل في إصدار الفتاوى التي تطلب منهم، أي يجب أن يسري في حقهم ما يمكن أن نسميه بمبدأ استقلالية الفقه.

وبالنتيجة فإن الشكل الحالي لهيئات الرقابة الشرعية وطرقها في العمل مسألة غير مقبولة، وأنه إذا أردنا منها العمل بمصداقية عليها أن تنفصل عن "البنوك الإسلامية"، بمعنى أن لا يأخذ الأشخاص أجورهم حسب ما يقدره لهم كل "بنك إسلامي" على حدة، بل لابد من استقلالهم حتى عن البنوك المركزية[36].

تنهج بعض الهيئات الشرعية إلى تصوير واقعة الفتوى بين الجهة السائلة وبين مستشاري الأمانة وذلك قبل عرضها على الهيئة، ثم بعد ذلك يجري إعداد بيان الموضوع وصورة المسألة والبحوث والقرارات السابقة المشابهة، ثم بعد قراءة ذلك يجري تداول الرأي في المسألة، فإن بقي إشكال في الفتوى شُكّلَ فريق لاستكمال الدراسة، واستدعي بعض الأفراد من الجهة السائلة، ونوقشوا في التصور، وهكذا إذا احتاجت المسألة إلى زيادة في البحث الفقهي تُوجه الهيئة باستكماله وعرض المسألة مرة أخرى، ولكن في الغالب لا تكون هذه الإجراءات مطابقة بصورة صحيحة في اللجان الشرعية؛لذا فإن صورة واقعة الفتوى لا تكون شاملة لمتغيرات العمل بالفتوى؛الأمر الذي يحدث فراغاً عند محاولة الأداء الصحيح، بحيث ترد أمور ملازمة للأداء، ولم ترد في الفتوى، وقد تكون مؤثرة في الحكم ومنتجة فيه، و تكون مسؤولية رفع وتصحيح هذا النقص مسؤولية كاملة على جهة الاستفتاء، عملا بقاعدة: "المفتي أسير المستفتي"، هذا بالإضافة إلى أن الصياغة في الغالب لا تُدرس بالاشتراك بين جهة الفتوى وجهة الاستفتاء؛ بحيث تكون الصيغ والمفردات المستخدمة في الفتوى منضبطة وواضحة ليكون معناها محل اتفاق عند جميع الأطراف، فلا تختلف الفهوم في المقصود منها، وما الأداء الصحيح وما كيفيته، وهذا في الغالب غير مطبق ولا يحصل بين جهة الفتوى وجهة الاستفتاء.

ثم إنه لا يوجد موضوع في الفتاوى المالية يكون خاليًا من اختلاف أو تعارض أو تضاد بين المفتين في جهات الفتوى وبين المستفتين، سواء على مستوى الأشخاص أم على مستوى الجهات، وهذا أمر طبيعي في النوازل الجديدة التي لم يستقر العلم فيها، ولم ينضبط العمل بها بطريقة صحيحة، ولذلك تتأكد الحاجة إلى منهجية واضحة للجوانب الإجرائية المتعلقة بالفتوى، والحاجة ماسة إلى نظام يضبط العلاقة بين المفتي والمستفتي - سواء أكانوا أشخاصاً حقيقيين أم شخصيات اعتبارية، أسوة بنظام المرافعات الذي يضبط العلاقة بين القاضي والمتقاضين، وهذا مما تقتضيه المصلحة المعتبرة شرعاً وضوابط بيان الأحكام الشرعية، ومنها على وجه الخصوص بيان الحكم الشرعي عند أول الحاجة، فتحص-ل بذلك المقاصد الشرعية من الأحكام.

ثالثاً: إشكالية عمل اللجان الشرعية:
عند استعراض مهام اللجان الشرعية نجد أنها متعددة ومتنوعة، ومنها ما يكون على نوعين: المهام المعنوية وتتمثل في اطمئنان المتعاملين مع البنوك الإسلامية إلى كل ما تقدم إليه من أعمال، والمهام العملية، وهي النظر فيما يعرضه عليها البنك من عقود وأعمال للتأكد من توافقها مع الشريعة الإسلامية، أو وضع عقود أخرى أو إعادة صياغتها أي إنها تضطلع "بولاية الإفتاء في البنك" كما تتابع حسن تنفيذ القرارات التي تتخذها، وتقوم بدور استشاري قبل ممارسة البنك لأي عمل، وعموما فهي مكلفة بتوجيه مسار البنك من الناحية الشرعية[37]، طبيعة عملها هذه تتضمن القيام بالإفتاء والحسبة والشهادة، إضافة لأعمال أخرى لا تندرج ضمن أي مما ذكر. فالهيئة من خلال قيامها بالإجابة عن الاستفسارات المتعلقة بشرعية المعاملات، وقيامها باعتماد الجوانب الشرعية في العقود والمنتجات قبل العمل بها، إنما تقوم بدور المفتى، ولما كان من الأعمال المنوطة بالهيئة القيام بممارسة دور رقابي على نشاطات المؤسسة للتثبت من مطابقتها لأحكام الشريعة الإسلامية، والعمل على تصحيحها إن اقتضى الأمر، كان عملها هذا شبيهاً بما يقوم به المحتسب الذي يراقب الأعمال في السوق للوقوف على مطابقتها لأحكام الشريعة الإسلامية وتصحيح ما يظهر له من مخالفات، كما أن قيام الهيئة بإصدار تقريرها السنوي للجمعية العمومية المتضمن إبداء رأيها حول مدى التزام المؤسسة في أعمالها بأحكام الشريعة الإسلامية هو من قبيل الشهادة[38]، أما قيامها بتقديم البدائل للمنتجات المالية والمصرفية المحظورة شرعاً، والإسهام في تطوير المنتجات المالية الإسلامية فهي، إما عقد إجارة بحيث يكون المقابل حسب مدة العمل، أو عقد جعالة بحيث يكون المقابل حسب المنتجات والخدمات التي تم تصميمها، وبصفة عامة فطبيعة العقد بين اللجان الشرعية والجهة المستفيدة غير واضحة، ولعل من أهم الأسباب عدم وجود صورة نظامية متعارف عليها لتكليف اللجان الشرعية من قبل جهة الإدارة المستفيدة، فالراصد لعمل الهيئات الشرعية يظهر له عدم تعامل المؤسسات والهيئات الشرعية بخطاب الارتباط إلا في نطاق محدود، فالغالب الأعم في طريقة ارتباط هيئة الرقابة الشرعية بالمؤسسة هو عدم وجود آلية نظامية وموثقة للارتباط. فبعض الهيئات الشرعية ترتبط بالمؤسسة شفاهة، وبعضها بكتاب أو رسالة قصيرة - من المؤسسة إلى أعضاء الهيئة منفردين - يغلب على محتواها طلب الموافقة على عضوية الهيئة، دون أن يتضمن أي تفاصيل أخرى[39].


ولعل السبب في ذلك يرجع إلى حداثة عمل الهيئات الشرعية نسبيا عند موازنته بمهنة المراجعة الخارجية، وإلى عدم وجود قوانين أو لوائح أو تعليمات أو إرشادات من الجهات الإشرافية على عمل المؤسسات تختص بعمل الهيئات الشرعية، وكذلك عدم وجود جمعيات أو منظمات متخصصة تعمل على ضبط عمل اللجان الشرعية وترسيخ مبادئ عملها ومعاييره على غرار مهنة المراجعة الخارجية.

إن عدم تنظيم الآلية التي ترتبط بها هيئة الرقابة الشرعية بالمؤسسة له آثار سلبية على كل من المؤسسة والهيئة، وغياب ترتيب هذه العملية يفسح المجال للعفوية والفردية التي لا تنسجم مع أصول ومبادئ العمل المؤسسي الذي تخضع له المؤسسات [40]، وتلاحظ السمة الفردية في طريقة إنشاء اللجان الشرعية، فهي تنشأ ككيانٍ بعد قيام المؤسسة بالاتصال والتنسيق مع أعضاء الهيئة بشكل فردي وصولا إلى التشكيل المناسب وموافقتهم على عضوية الهيئة[41].

الوظيفة الأساسية للجان الشرعية:
للجان الشرعية وظيفة أساسية هي تحقيق أهداف وإستراتيجية المعاملات المالية الإسلامية التي تعمل كمنظومة متكاملة للمقاصد الشرعية العليا في المنهج الإسلامي، وغايتها تلبية حاجات الإنسان الضرورية والحاجية والتحسينية وفق منهج وأحكام الشرع التفصيلية، بحيث تتخذ المصالح والمفاسد مقياساً متوازناً بين مصلحة الفرد والمجتمع معاً وفق الضوابط الشرعية، ومتوازناً بين عاجل الحوائج وآجل النتائج، فتكون العبرة للاعتبار الشرعي خروجاً من فوضى المقاييس الشخصية وقطعاً لتضاريسها.فالمصالح والمفاسد التي تعتبر مقياساً للآمر في الشرع الإسلامي هو موافقة الأمر لمقاصد الشريعة.وما يهمنا في هذا البحث ليس التكييف الفقهي لطبيعة عمل اللجان الشرعية -- مع أهميته - وإنما توصيف العملية الأساسية التي تختص بها اللجان الشرعية باستقلال عن الجهات الأخرى، وبذلك تخرج وظائف الفتوى والرقابة والتدقيق ومهماتها لاشتراكها مع جهات متعددة ومتنوعة، ويدخل العملية الأساس التي تختص بها اللجان الشرعية والتي يفضل الاقتصار عليها هي: "عملية تصميم منتجات وخدمات مالية وفق مقتضى الفتوى تباع أو تقدم بمقابل".

ولما كانت طبيعة الفتاوى أنها ليست منتجاً أو خدمة جاهزة يجعلها قابلة لأن تكون محل تعاقد على بيع أو خدمة بمقابل أو عائد مادي؛ لذلك احتيج إلى وجود لجان شرعية في جهات الإدارة لاستخراج المنتجات والخدمات المالية وتصميمها وفق مقتضى الفتوى.

وحاصل عمل اللجان الشرعية هو الإشراف على تصميم منتج يباع أو خدمة تقدم وفق مقتضى فتوى معتبرة ويتم ذلك على عدة مراحل هي:
المرحلة الأولى: الجودة الموضوعية وتشمل الفتوى وهي كالآتي:
تعيين الحكم الكلي الفقهي للواقعة وأن يكون مبنيّاً على أصل شرعي: فالعلم بالحق مقدمة للحكم به، والمفتي لا يستطيع أن يحكم فيما يقع إلا بعد العلم بما يجب، فعلى المفتي إذا أراد تنزيل الحكم على الواقعة تعيين الحكم الكلي الفقهي الملاقي لها، وذلك يكون بتمييز الحكم الكلي من عدة أحكام متشابهة أو متداخلة معه أو باستنباطه بالاجتهاد بناء على أصوله الشرعية من الكتاب والسنة والإجماع وغيرها من أدلة شرعية الأحكام، أو باتباع عالم سابق قرر حكم المسألة بدليلها أو بالتقليد[42].

كما أن عليه التحقق من أصله الشرعي الذي يبنى عليه، وهل هو قار أو متغير، فمن الأحكام الفقهية ما يكون مبنياً على أعراف طارئة أو مصالح مؤقتة، أو غيرها من الاعتبارات التي يتجدد النظر في حكمها بتغير مناطها. وعلى المفتي الرجوع إلى نص الحكم، والتحقق من الشروط والأوصاف المقتضية له من مظانها، ولا يكتفي بحفظه للنص؛لأنه ربما فاته قيد أو وصف مؤثر.



أن يكون الحكم مفسراً: لا يكفي عند تنزيل الحكم على واقعة الفتوى تعيينه وتأصيله، بل لا بد من بيانه وتفسيره، فإذا كان الحكم الكلي قد ورد في عبارات تحتاج إلى تفسير وبيان فلا بد من تفسيره قبل تنزيله على الواقعة؛ حتى يكون حال تنزيله على الواقعة مفهوماً ظاهر المعنى.


أن تكون الواقعة الفتويَّة مؤثرة في الفتوى: إن الواقعة الفتويَّة هي المحل الذي ينزل إليه الحكم، فلا بد أن تكون مؤثرة في تحقيق مناط الحكم على واقعة الفتوى، فإذا لم تكن مؤثرة في موضع الفتوى فإنها تكون طردية غير مؤثرة في تنزيل الحكم على الواقعة فلا تصح.


وضوح الواقعة الفتويِّة وبيانها: لا بد أن تكون الواقعة مفهومة وواضحة للمفتي فيستطيع تنزيل الحكم الكلي عليها، فإذا كان فيها خفاء بيّنها و فسّرها بطرق التبيين والتفسير المقررة.


اشتراك الواقعة الفتويَّة مع الحكم الكلي في الأوصاف المؤثرة: إن تنزيل الأحكام على واقعة الفتوى يتم بانطباق الأوصاف المؤثرة المقررة في الحكم الكلي على الأوصاف المؤثرة المقررة في الواقعة الفتويَّة، وبغير ذلك لا يتم تنزيل الحكم على الواقعة.


مراعاة أصول تنزيل الحكم على الفتوى: لا يكفي النظر إلى الأحكام الكلية مجردة من أحوال الوقائع وآثارها، بل نظر ذلك لا بد منه؛ وذلك حتى لا ينساق المفتي وراء أمر قد يظهر له من دون تبصّر في آثاره، ولا ينظر إلى باطنه وقرائن أحواله ولا ضرورته وحاجته أو خصوصيَّته وغير ذلك من الأمور[43].


التوصيف المطابق للفتوى: توصيف المنتج أو الخدمة الذي تحققت فيه علة الحكم، وتوصيفه للعمل به وفق الضوابط والمقاصد الشرعية.

التصميم المطابق للتوصيف: التصميم الأولي لشكل المنتج أو الخدمة وفق التوصيف، وتصميم الإجراء وفق الضوابط وتصميم الأهداف وفق المقاصد.


ضبط المنتج ليكون قدر استطاعة المنشأة الإدارية: بالاشتراك مع جهة الإدارة يضبط المنتج أو الخدمة؛ لتتوافق مع موارد وقدرات وأهداف جهة الإدارة.


ضبط المنتج ليكون حسب الوثائق التي تمت إجازتها: ويشمل ذلك النظر الشرعي في إجازة جميع الوثائق ذات الصلة بالمنتج مثل الاتفاقيات والعقود والنماذج وغيرها، تمهيداً للأمر بالتنفيذ وبذل الموارد في سبيل صحة وسلامة العمل ونجاحه.


المرحلة الثانية: الجودة الإجرائية في تصميم منتج أو خدمة تكون وفق الفتوى ومحققة لمقتضاها وهي كالآتي:
إن تشكيل اللجان الشرعية[44] سواءً في مؤسسات مالية واقتصادية أو خارجها يفترض أن لا يقصد به مجرد الاقتصار على إصدار أو تفسير وشرح الفتاوى الشرعية، وإنما يفترض أن يكون المقصود هو الإشراف على تصميم منتجات وخدمات صالحة لأن تكون محل تعاقد بمقابل أو عائد مادي. وأن يتم ذلك دون الإخلال بالحكم الشرعي، وبتوفير أكبر قدر من الموارد والجهد على جهة الإدارة في جميع الأعمال المترتبة على تقديم وتسويق المنتج أو الخدمة، وتعظيم المقابل أو العائد قدر الإمكان، شريطة أن لا يكون ذلك مؤثرا أو منتجاً في الحكم، وإلا لزم مراجعته من قبل اللجنة الشرعية.

إن ما تقوم به اللجنة الشرعية هو بيان ضوابط الحكم الشرعية في أصل الفكرة والإجراءات ثم إجازة المنتج وجميع وثائقه، ويشمل ذلك تصميم الإجراءات اللازمة لتطبيق القرارات وفق ما صدر عنها، وهذا العمل في الحقيقة يعتبر عملية مستمرة لتحويل العمل بالفتاوى إلى خطط عمل مؤسسي لبيع أو تقديم منتج وفق موارد المؤسسة، وبما يحقق أهدافها، ولأجل ذلك يحتاج الأمر إلى وجود منهجية واضحة ومكتوبة ومعلنة تبين دون لَبْس كيفية تحقيق اللجنة للمقصود من كل خطوة من الخطوات السابقة، فكلما زاد توثيق العمل، زادت القدرة على تقدير الجودة الشرعية في العمل.

رابعاً: الإشكالية التي تواجهها جهة الإدارة أو المؤسسة:
بعد أن يتم تحويل العمل بالفتوى إلى خطة عمل مؤسسي لبيع أو تقديم منتج، يتجه جهد الإدارة إلى ثلاثة أعمال مختلفة ومكملة بعضها لبعض وهي:
أ- صياغة التعليمات الإدارية وإصدارها: والتعليمات هي التي تخرج المنتج والخدمة التي تم تصميمهما إلى حيز الواقع، والتنفيذ وبصورة تعكس السياسة الإدارية لجهة الإدارة بحيث تبلغ لجميع من يلزم من الموظفين، فتصدر القرارات للإجابة عن ثلاثة أسئلة هي:
سؤال "ماذا": ما هو العمل الصحيح؟وجواب السؤال يكون بأن تصدر جهة الإدارة قراراً تحدد فيه الصورة الصحيحة للعمل المطلوب، ثم يُوصِّف ويوضِّح القرار الصورة الصحيحة للعمل المطلوب.

سؤال "كيف": كيف هو العمل الصحيح؟وجواب السؤال يكون بأن تصدر جهة الإدارة قراراً توضح فيه خطوات وطريقة العمل الصحيح.


سؤال "مَنْ": من يقوم بماذا؟وجواب السؤال يكون بأن تصدر جهة الإدارة قراراً يوضح تقسيم العمل والصلاحيات للأفراد والجهات المختصة، بحيث لا يلتبس على العاملين الدور الذي يلزم كل منهم القيام به للإتيان بالأداء الصحيح.



يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 299.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 297.47 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (0.58%)]