|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ربط الترتيب الزمني بين موقف الحشر والشفاعة لأهل الموقف الشيخ عبدالله بن حمود الفريح بعد بيان أهوال يوم القيامة، وأحوال الناس في ذلك اليوم، نرجع إلى ما توقفنا عنده سابقًا؛ وهو: (أرض المحشر).. وتقدَّم أن الشمس تدنو من الخلائق مقدار ميل، ويبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون، ولا يحتملون، فيطلبون حينئذ من يشفع لهم، ويخفف عنهم ما هم فيه، فيطلبون من الأنبياء أن يشفعوا لهم عند الله - تعالى- ليأتي لفصل الحساب، ويخلصهم من كربات يوم القيامة وأهواله. ففي حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، عند مسلم قَالَ: " قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَجْمَعُ الله النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَهْتَمُّونَ لِذلِكَ، - وفي رواية: فَيُلْهَمُونَ لِذلِكَ - فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا علَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هذَا، قَالَ: فَيَأْتُونَ آدَمَ.... "[1] الحديث، - وسيأتي -، فيبدأ الناس بالبحث، والطلب، والتحول على الأنبياء واحدًا، واحدا وكل واحد يثنون عليه بما له من الفضائل عند الله - تعالى - والمزايا التي اختص بها، وكأنهم يقولون أن هذه المزايا والخصائص تعني قربك من الله - تعالى -، فاشفع لنا عند الله - تعالى - بتخليصنا من هذه الكرب، ولك أن تتصور هذه الكرب والهول، كل منشغل بنفسه، لا يريد أحدًا أن يقترب منه أو يطلب منه شيئًا، وليس مبالياً بأحد حتى أقرب الناس إليه، فهو يريد لنفسه الخلاص. تصور حال الناس وأنت معهم، والعرق يصب صبًا، يتفاوتون بحسب أعمالهم، همٌّ وغمٌّ، وكربٌّ يبحثون عن هذه النجاة، ويتجولون يبحثون عن الوساطة، والشفاعة. أتركك مع تصوير النَّبي صلى الله عليه وسلم للموقف: ففي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ:" أُتِيَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا بِلَحْمٍ، فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ، فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً، فَقَالَ: "أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَلْ تَدْرُونَ بِمَ ذَاكَ؟ يَجْمَعُ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ الأَوَّلِينَ، وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ، فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ مَا لاَ يُطِيقُونَ، وَمَا لاَ يَحْتَمِلُونَ، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: أَلاَ تَرَوْنَ مَا أَنْتُمْ فِيهِ؟ أَلاَ تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ؟ أَلاَ تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ؟ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: ائْتُوا آدَمَ، فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ، خَلَقَكَ الله بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلاَئِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلاَ تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ آدَمُ: إِنَّ رَبِّي غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ نَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِي، نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ، فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُل إِلَى الأَرْضِ، وَسَمَّاكَ الله عَبْدًا شَكُورًا. اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ. أَلاَ تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلاَ تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ. وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ دَعَوْتُ بِهَا عَلَى قَوْمِي. نَفْسِي. نَفْسِي. اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ. فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ نَبِيُّ اللّهِ وَخَلِيلُهُ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ. اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ. أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلاَ تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ إِبْرَاهِيمُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلاَ يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ. وَذَكَرَ كذبَاتِهِ. نَفْسِي. نَفْسِي. اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى مُوسَىٰ. فَيَأْتُونَ مُوسَىٰ فَيَقُولُونَ: يَا مُوسَىٰ أَنْتَ رَسُولُ اللّهِ. فَضَّلَكَ الله، بِرِسَالاَتِهِ وَبِتَكْلِيمِهِ، عَلَى النَّاسِ. اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ. أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلاَ تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ مُوسَىٰ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ. وَإِنِّي قَتَلْتُ نَفْسًا لَمْ أُومَرْ بِقَتْلِهَا. نَفْسِي. نَفْسِي. اذْهَبُوا إِلَى عِيسىٰ. فَيَأْتُونَ عِيسىٰ فَيَقُولُونَ: يَا عِيسىٰ أَنْتَ رَسُولُ اللّهِ، وَكَلَّمْتَ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ، وَكَلِمَةٌ مِنْهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ. فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ. أَلاَ تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلاَ تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ عِيسىٰ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ ذَنْبًا. نَفْسِي. نَفْسِي. اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي. اذهبوا إِلَى مُحَمَّدٍ. فَيَأْتُونّي فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللّهِ وَخَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ. وَغَفَرَ الله لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ. اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ. أَلاَ تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلاَ تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ الْعَرْشِ فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي. ثُمَّ يَفْتَحُ الله عَلَيَّ وَيُلْهِمُنِي مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ لأَحَدٍ قَبْلِي. ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ. سَلْ تُعْطَهْ. اشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِي. أُمَّتِي. فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ أَدْخِلِ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِكَ، مَنْ لاَ حِسَابَ عَلَيْهِ، منَ الْبَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ. وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ. فِيمَا سِوَى ذٰلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ لَكَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرٍ. أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى"[2]. فهذا الحديث يفيدنا بفائدتين إحداهما: هي محور حديثنا، والأخرى ستأتي في (فصل الحساب). وهي: أن هناك من لا يحاسبون وإنما يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، وسيدخلون من الباب الأيمن من أبواب الجنة مباشرة، فيختصرون ما سيأتي من أحداث يوم القيامة، فلا تمر عليهم؛ لأنهم سيذهبون إلى الجنة، فيا لها من سعادة وفضل عظيم، وسيأتي الحديث عنهم - نسأل الله من فضله -. وأما التي هي محور حديثنا؛ فهي شفاعة النَّبي صلى الله عليه وسلم في أهل ذلك الموقف العظيم، الذين بلغ بهم الهمُّ والكرب ما لا يطيقون، ولا يحتملون، فيشفع لهم النَّبي صلى الله عليه وسلم بعدما ينتهون إليه، فيأتي بعدها الجبار - جلّ جلاه - للقضاء، فيفصل بين العباد والحساب. والذي يهمنا أن هذه هي أولى الشفاعات للنَّبي صلى الله عليه وسلم وهي الشفاعة لأهل الموقف بتخليصهم من الكربات ومجيء الله - تعالى - للفصل بين العباد والحساب. مستلة من: "فقه الانتقال من دار الفرار إلى دار القرار" [1] رواه مسلم برقم (193). [2] رواه البخاري برقم (4712)، رواه مسلم برقم (194).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |