|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() حكم الرخصة (مقالات في الرخصة والعزيمة - 7) د. عمر بن محمد عمر عبدالرحمن لقد سبق حَصْرُ أقسام الرخصة باعتبار حكْمها في أربعة أحكام، وهي: الأول: الوجوب: والرخصة الواجبة: هي التي ألزم الشارعُ المكلَّفَ الأخذ بها. نحو: أكْل الميتة ولحْم الخنزير وشرْب الخمر للمضطر، والتيمُّم عند فقْد الماء. ووجوب الرخصة في هذا المقام يقرِّبها مِن العزيمة. ولِذا قال ابن دقيق العيد: "وهذا يَقتضي أن تكون عزيمةً؛ لِوجود الملزوم والتأكيد...". وقال: "ولا مانع أن يُطلق عليه (رخصة) مِن وجْه و(عزيمة) مِن وجْه؛ فمِن حيث قام الدليل المانع نسمِّيه (رخصةً)، ومِن حيث الوجوب نسمِّيه (عزيمة)"؛ اهـ[1]. وقال الطوفيُّ: "ويَجوز أن يقال: التيمُّم وأكْل الميتة كلٌّ منهما رخصة عزيمة باعتبار الجهتين، وبالجملة فالنَّفس متعلِّق بها حقَّان: حق الله سبحانه وتعالى، وحق المكلَّف؛ فكل تخفيف تَعلَّق بالحقَّين فهو بالإضافة إلى حقِّ الله سبحانه وتعالى عزيمة، وبالإضافة إلى حق المكلَّف رخصة"؛ اهـ[2]. • وإني أتفق مع الشيخين الكريمين رحمهما الله تعالى في أنَّ الحكم في هذا المقام له وجهان باعتبارَين مختلفين. ولكني لا أتَّفق معهما في جواز إطلاق لفظ (العزيمة) هنا؛ لأنَّ الحكم وإن كان فيه إلزام وطلبٌ حتميٌّ، إلَّا أنه خلاف حكم سابق؛ وهذا هو جوهر الرخصة. الثاني: الندب: وهي: الرخصة التي طلَب الشارع فِعلها مع جواز تَرْكها. نحو: القصر في السَّفر، والجمع في المطر. الثالث: الإباحة: واعتبر الشاطبي أنَّ الرخصة حكمها الإباحة مطلقًا مِن حيث هي رخصة، وأنَّ الإباحة المنسوبة إلى الرخصة بمعنى رَفع الحرج، وليست من قبيل الإباحة بمعنى التخيير بين الفعل والترك[3]. وإنِّي مع الشاطبي في تفسير معنى الإباحة التي هي حُكم الرخصة، ولكني لست معه في قَصر حكم الرخصة على الإباحة، إلَّا إنْ قصَد بها أنها تَرفع الحرج والحظر عن الفعل الذي كان محظورًا قبل الرخصة ثمَّ رخِّص في فِعله، مع تَفاوت في درجة إتيانه بين وجوب وندب وإباحة، والإباحة عند البعض تكون مرادفةً لِلجواز[4]. ومثالها في المعاملات: السَّلَم والقِراض، والمساقاة والإجارة، والعَرايا التي صرَّحَت السُّنَّة بالترخيص فيها؛ ففي الحديث[5]: ((وأرخص لكم في العَرَايا)). وفي العبادات: نحو: تعجيل الزكاة[6]؛ وذلك فيما رواه عليٌّ رضي الله عنه: "أنَّ العباس رضي الله عنه سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدَقته قبل أن تَحِلَّ، فرخَّص له في ذلك[7]". ومنه أيضًا: المسح على الخفَّين[8]. الرابع: خلاف الأَوْلى: وهي: التي يكون ترْكُها خيرًا مِن فعلها. نحو: الإفطار في السفر عند عدم التضرُّر بالصوم، وترْك الاقتصار على الحَجَر في الاستنجاء. وزاد الزركشي حكْمًا خامسًا، وهو: الكراهة، فقال: "الثالث: رخصة مكروهة أصْلها التحريم؛ كالقصر دون ثلاثة أيام"؛ اهـ[9]. وتَبِعَه السيوطيُّ[10]، ولكنَّه صرَّح في "التشنيف" بأنَّ الرخصة لا تجامع التحريم ولا الكراهة؛ وهو ظاهر قوله صلى الله عليه وآله وسلَّم: ((إنَّ الله يُحِبُّ أن تُؤتى رُخَصُه)). ثمَّ قال: "لكن في كلام الأصحاب ما يوهِم مجيئها مع الرخصة؛ أمَّا التحريم فإنَّهم قالوا: لو استنجى بذهب أو فضَّة، أجزأه، مع أنَّ استعمال الذهب والفضة حرام، والاستنجاء بغير الماء رخصة، وأمَّا الكراهة، فكالقَصر في أقل مِن ثلاث مراحل؛ فإنَّه مكروه"؛ اهـ[11]. • وإني أتَّفق مع الكثرة في حكْم الرخصة؛ مِن وجوب، أو ندب، أو إباحة، أو خلاف الأَوْلى. وأمَّا كراهة القصر في سفَر دون ثلاثة أيام أو في أقل مِن ثلاثة مراحل، فلا أرى كراهةً في ذلك. ويمكن أن تكون الرُّخصة مكروهةً؛ كما مثَّل البعض[12] بالسَّفر لِلترخُّص[13]. [1] البحر المحيط 1/ 238. [2] شرح مختصر الروضة (1/ 466، 467). [3] انظر: الموافقات (1/ 307، 308). [4] المستصفى (1/ 74). [5] روى البخاري ومسلم، والترمذي والنسائي، وابن ماجه وأحمد، عن أبي هريرة وزيد بن ثابت وغيرِهما: أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم رخَّص في العرايا. [6] انظر تشنيف المسامع (1/ 80). [7] رواه أبو داود والترمذي، وابن ماجه وأحمد والدارمي، وغيرُهم، عن علي رضي الله عنه. [8] انظر: مغني المحتاج (1/ 63)، والكافي (1/ 71). [9] البحر المحيط (1/ 330). [10] الأشباه والنظائر ص (82). [11] تشنيف المسامع (1/ 83). [12] انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص (101). [13] انظر: حكْم الرخصة في: بيان المختصر (1/ 411)، والكاشف (1/ 291)، ومنهاج الوصول مع الإبهاج (1/ 81 - 83)، وشرح تنقيح الفصول ص (85)، ونهاية السول (1/ 95)، وشرح الكوكب المنير (1/ 479، 480)، والقواعد والفوائد ص (100 - 102)، وشرح مختصر الروضة (1/ 465)، والمختصر ص (68)، وجمع الجوامع مع البناني (1/ 121)، والوجيز ص (53، 54).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |