شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله - الصفحة 31 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير قوله تعالى: {ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه...} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          المبالغة في تشقيق العلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          كشف الأستار بشرح قصة الثلاثة الذين حبسوا في الغار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 13 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (اللطيف، الخبير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          {يغشى طائفة منكم} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          جوامع الكلم النبوي: دراسة في ثراء المعاني من حديث النغير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          حتى لا تفقد قلبك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          وفاة ملكة جمال الكون! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الإمام أبو بكر الصديق ثاني اثنين في الحياة وبعد الممات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          حقوق الحيوان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-11-2024, 01:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [166]
الحلقة (197)



شرح سنن أبي داود [166]

وردت عدة كيفيات لصلاة الليل عن النبي صلى الله عليه وسلم، فتارة كان يصلي ركعتين ركعتين إلى ست أو ثمان ويختم بركعة، وتارة يختم بثلاث متصلة، وتارة بخمس متصلة، وكان آخر عهده وأقل صلاته سبع ركعات، وما زاد عن ثلاث عشرة ركعة، والأمر في ذلك واسع بحسب نشاط العبد واجتهاده ورغبته في العبادة.

تابع باب ما جاء في صلاة الليل


شرح حديث (قام فصلى ركعتين ركعتين حتى صلى ثماني ركعات...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عبد المجيد عن 5يحيى بن عباد عن سعيد بن جبير أن ابن عباس رضي الله عنهما حدثه في هذه القصة، قال: (قام فصلى ركعتين ركعتين، حتى صلى ثماني ركعات، ثم أوتر بخمس ولم يجلس بينهن) ]. أورد المصنف الحديث من طريق أخرى، وأنه صلى ركعتين ركعتين حتى بلغ ثمان ركعات، ثم أوتر بخمس فلم يجلس بينهن، فصارت ثلاثة عشر، وهذا يؤيد ما تقدم من ترجيح رواية خمس على سبع، وأن المقصود بذلك خمس قبلها شيء، وليست خمساً مستقلة ومنفردة؛ لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى في الليل أقل من سبع ركعات، وعلى هذا فتكون الخمس التي جاءت في الحديث المتقدم والتي حصل فيها الشك من الراوي بين السبع والخمس أن المقصود من ذلك خمس قبلها شيء، وهذا الحديث فيه ثنتين ثنتين ثنتين ثنتين -أربع مرات- ثم يأتي بالخمس ولا يجلس إلا في آخرها، فصار المجموع ثلاثة عشر.

تراجم رجال إسناد حديث (قام فصلى ركعتين ركعتين حتى صلى ثماني ركعات...)


قوله: [ حدثنا قتيبة ]. هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد العزيز بن محمد ]. هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد المجيد ]. هو عبد المجيد بن سهيل ، وهو ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن يحيى بن عباد ]. يحيى بن عباد ، ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ]. سعيد بن جبير و ابن عباس مر ذكرهما.

شرح حديث (كان رسول الله يصلي ثلاث عشرة ركعة بركعتيه قبل الصبح...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحراني حدثني محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ثلاث عشرة ركعة بركعتيه قبل الصبح، يصلي ستاً مثنى مثنى، ويوتر بخمس لا يقعد بينهن إلا في آخرهن) ]. بعدما أنهى أبو داود رحمه الله أحاديث عائشة أتى بأحاديث ابن عباس من طرق مختلفة، ثم عاد إلى أحاديث عائشة وأتى بجملة منها، ثم سيعود بعد ذلك إلى أحاديث ابن عباس، وأورد هذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها، وهو مثل حديث ابن عباس المتقدم قبل هذا، إلا أن فيه أنه صلى ثمان ركعات، وهنا صلى ست ركعات، وأوتر بخمس يعني: هنا ذكر ست ركعات، وفي الحديث المتقدم ثمان ركعات، فتكون الخمس مع الست إحدى عشر، ومع ركعتي الفجر تكون ثلاث عشرة ركعة، فيصلي ثنتين ثنتين ثنتين ثم خمساً لا يجلس إلا في آخرها.

تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله يصلي ثلاث عشرة ركعة بركعتيه قبل الصبح...)


قوله: [ حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحراني ]. عبد العزيز بن يحيى الحراني صدوق ربما وهم، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثني محمد بن سلمة ]. هو محمد بن سلمة الباهلي ، وهو ثقة أخرج له البخاري في جزء القراءة و مسلم وأصحاب السنن. [ عن محمد بن إسحاق ]. هو محمد بن إسحاق المدني ، وهو صدوق أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن محمد بن جعفر بن الزبير ]. محمد بن جعفر بن الزبير ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عروة بن الزبير عن عائشة ]. عروة بن الزبير ثقة فقيه أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب، وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث (أن النبي كان يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة بركعتي الفجر)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن عراك بن مالك عن عروة عن عائشة رضي الله عنها: أنها أخبرته: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة بركعتي الفجر) ]. وهذا الحديث مثل الذي قبله، إلا أن ذاك فيه تفصيل، وهذا ليس فيه تفصيل. (ثلاث عشرة بركعتي الفجر)، يعني: إحدى عشر بدون ركعتي الفجر.

تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي كان يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة بركعتي الفجر)


قوله: [ حدثنا قتيبة عن الليث ]. قتيبة مر ذكره، والليث بن سعد المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يزيد بن أبي حبيب ]. هو يزيد بن أبي حبيب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عراك بن مالك ]. عراك بن مالك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عروة عن عائشة ]. عروة و عائشة قد مر ذكرهما.

شرح حديث (أن رسول الله صلى العشاء ثم صلى ثماني ركعات قائماً...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا نصر بن علي و جعفر بن مسافر أن عبد الله بن يزيد المقرئ أخبرهما عن سعيد بن أبي أيوب عن جعفر بن ربيعة عن عراك بن مالك عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العشاء، ثم صلى ثماني ركعات قائماً، وركعتين بين الأذانين، ولم يكن يدعهما). قال جعفر بن مسافر في حديثه: (وركعتين جالساً بين الأذانين) زاد: جالساً ]. أورد أبو داود حديث عائشة وليس فيه ذكر الوتر؛ لأنه ما ذكر الوتر، وإنما ذكر ثمان ركعات، وذكر الركعتين اللتين كان يصليهما وهو جالس، وليسا بين الأذانين يعني: بين الأذان والإقامة، وإنما الركعتان اللتان تكون بعد صلاته في الوتر. قوله: [ (بين الأذانين) ] يقول عنها الشيخ الألباني رحمة الله عليه: ذكر الأذانين غير صحيح؛ لأن التي كان يصليها بعد ذلك وهو جالس هي الركعتان التابعة لصلاة الليل، ولم يكن صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر وهو جالس، بل كان يصليهما -وهما خفيفتان جداً- وهو قائم صلى الله عليه وسلم. وقلنا: إنه ما ذكر الوتر، والوتر هو ركعة أو أكثر، إما ثلاث وإما واحدة، إذا كان ثلاث ركعات تكون صلاة الليل إحدى عشر، وإذا كان واحدة تكون تسعاً، فيمكن أن يكون المقصود بذلك الوتر، وحديث عائشة الذي مر أنه ذكرها ثلاث عشرة ركعة بركعتي الفجر، ويكون الشذوذ في كلمة (جالساً) قد يكون محتملاً ما ذكرته.

تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله صلى العشاء ثم صلى ثماني ركعات قائماً...)


قوله: [ حدثنا نصر بن علي ]. هو نصر بن علي الجهضمي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و جعفر بن مسافر ]. جعفر بن مسافر صدوق ربما أخطأ، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ أن عبد الله بن يزيد المقرئ ]. عبد الله بن يزيد المقرئ ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن أبي أيوب ]. سعيد بن أبي أيوب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جعفر بن ربيعة ]. جعفر بن ربيعة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عراك بن مالك عن أبي سلمة ]. عراك بن مالك مر ذكره و أبو سلمة هو: ابن عبد الرحمن بن عوف ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة قد مر ذكرها.
شرح حديث (كان يوتر بأربع وثلاث، وست وثلاث...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح و محمد بن سلمة المرادي قالا: حدثنا ابن وهب عن معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبي قيس قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: (في كم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر؟ قالت: كان يوتر بأربع وثلاث وست وثلاث، وثمان وثلاث، وعشر وثلاث، ولم يكن يوتر بأنقص من سبع، ولا بأكثر من ثلاث عشرة) ]. أورد المصنف حديث عائشة أنها سئلت: بكم كان يصلي من الليل مختوماً بالوتر؟ فقالت: كان يوتر بأربع وثلاث، والثلاث متصلة، ويحتمل أن تكون منفصلة ثنتان وواحدة، والأقرب أنها متصلة، وأما الأربع فلا تحتمل الاتصال، بل هي منفصلة. قوله: [ (وست وثلاث) ] وكذلك الست تكون متصلة ومنفصلة. [ (وثمان وثلاث، وعشر وثلاث) ] فلم يكن يصلي بأقل من سبع الذي هو أربع وثلاث، ولم يكن يصلي بأكثر من ثلاث عشرة التي هي عشر وثلاث. هذا الحديث مشتمل على بيان أحوال صلاته صلى الله عليه وسلم من الليل، وأنها تكون سبعاً، وهي أقل شيء، وتكون تسعاً، وتكون أربع ركعات وثلاثاً، وست ركعات وثلاثاً، وثمان ركعات وثلاثاً، وتكون إحدى عشرة ركعة، وتكون ثلاث عشرة ركعة. يعني: كان يصلي سبعاً وهذه أقل شيء، ويصلي تسعاً، ويصلي إحدى عشرة ركعة، ويصلي ثلاث عشرة ركعة، وهذه أكثرها، فما كان يزيد على ثلاث عشرة ركعة، وما كان ينقص عن سبع ركعات. والحديث فيه ذكر هذه الأحوال التي هي سبع وتسع وإحدى عشرة وثلاث عشرة. وهل يصح إطلاق الوتر على مجموع قيام الليل؟ نعم يطلق عليه الوتر، ولكن الأقرب في الوتر أنه لا يؤتى به إلا خاتماً للصلاة سواء كانت ثلاثاً أو خمساً أو واحدة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح أتى بركعة واحدة توتر له ما قد صلى)، فلا شك أن العدد يكون وتراً بها بدل ما كان شفعاً، فيطلق الوتر على صلاة الليل كلها، ويطلق على آخر شيء من الصلاة: ركعة أو ثلاث أو خمس.
تراجم رجال إسناد حديث (كان يوتر بأربع وثلاث وست وثلاث...)

قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ] أحمد بن صالح ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل. [ ومحمد بن سلمة المرادي ]. هو محمد بن سلمة المرادي المصري ، وهو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري ، ثقة فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن معاوية بن صالح ]. معاوية بن صالح صدوق له أوهام، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن. [ عن عبد الله بن أبي قيس ]. عبد الله بن أبي قيس ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن. [ عن عائشة ]. عائشة رضي الله عنها، وقد مر ذكرها. [ قال أبو داود : زاد أحمد بن صالح : (ولم يكن يوتر بركعتين قبل الفجر، قلت: ما يوتر؟ قالت: لم يكن يدع ذلك) ولم يذكر أحمد : وست وثلاث ]. الكلام الأخير الذي قاله أبو داود غير واضح المعنى. قال: ولم يذكر أحمد بن صالح - وهو شيخه الأول- وست وثلاث. يعني: وإنما ذكر (بأربع وثلاث، وست وثلاث، وثمان وثلاث، وعشر وثلاث). قوله: (وزاد أحمد بن صالح : (ولم يكن يوتر ركعتين قبل الفجر) في بعض النسخ لا يوجد لفظ (ركعتين) وإنما الوارد: (ولم يكن يوتر قبل الفجر) ، وفي بعض النسخ: (لم يكن يوتر بركعتين قبل الفجر) بحرف الباء. فيمكن والله أعلم أن يكون كذلك، لكن الركعتين هي التي أتت بالإشكال، فيمكن أن يكون هذا هو المقصود يعني: أن وتره لا يصل إلى السحر الذي هو قبيل الأذان، وإنما ينتهي قبل ذلك بمدة، كما أتى في أحاديث مرت بنا في هذا الباب، أنه كان يأتي السحر وقد انتهى من صلاته، وأنه يرقد ليستريح.


شرح حديث (كان يصلي ثلاث عشرة ركعة من الليل، ثم إنه صلى إحدى عشرة ركعة...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مؤمل بن هشام حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن منصور بن عبد الرحمن عن أبي إسحاق الهمداني عن الأسود بن يزيد أنه دخل على عائشة رضي الله عنها فسألها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل فقالت: (كان يصلي ثلاث عشرة ركعة من الليل، ثم إنه صلى إحدى عشرة ركعة وترك ركعتين، ثم قبض صلى الله عليه وسلم حين قبض وهو يصلي من الليل تسع ركعات، وكان آخر صلاته من الليل الوتر) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ثلاث عشرة ركعة من الليل، ثم إنه نقص ركعتين وصلى إحدى عشرة ركعة وترك ركعتين، ثم قبض صلى الله عليه وسلم حين قبض وهو يصلي من الليل تسع ركعات، وكان آخر صلاته من الليل الوتر). المعروف أنه لما مرض وكبر كان يصلي سبع ركعات -هو أقل شيء حفظ عنه صلى الله عليه وسلم- وكان آخر شيء يصليه الوتر، وهذا فيه بيان أن الوتر يطلق على الركعة الأخيرة، أو على الثلاث مجتمعة، أو على الخمس مجتمعة، وكل صحيح، إن أريد به الركعة المنفردة على أساس أنها وتر أو الثلاث تكون وتراً، أو الخمس تكون وتراً، وإن أريد به العدد الذي هو متصل وجاء بركعة بعدها، فإنه يكون وتراً بها، كما جاء في حديث: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً)، وقوله في الحديث الآخر: (ثم يأتي بركعة توتر له ما مضى). فالعدد الشفع إذا أضيف إليه ركعة صار وتراً، والست إذا أضيفت لها واحدة صارت وتراً، والثمان إذا أضيفت لها واحدة صارت وتراً، والعشر كذلك، وهكذا. والحديث ضعفه الألباني ، ولا أدري ما وجه تضعيفه، وقد جاء فيه أن التسع هي التي كان قبض وهو يفعلها، ولكن سبق أن مر في بعض الأحاديث أنه كان يصلي سبعاً لما مرض صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث (كان يصلي ثلاث عشرة ركعة من الليل ثم إنه صلى إحدى عشرة ركعة...)

قوله: [ حدثنا مؤمل بن هشام ]. مؤمل بن هشام ، ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ]. إسماعيل بن إبراهيم هو ابن علية ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن منصور بن عبد الرحمن ]. منصور بن عبد الرحمن صدوق يهم، أخرج له مسلم و أبو داود . [ عن أبي إسحاق الهمداني ]. أبو إسحاق الهمداني هو السبيعي عمرو بن عبد الله الهمداني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأسود بن يزيد ]. هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة رضي الله عنها مر ذكرها. قضية كيف يكون آخر شيء تسع وقد ثبت عنه سبع، وتضعيف الشيخ الألباني ؟ هذا يدل عليه فعل الإمام مسلم رحمه الله، حيث أنه لم يخرجه بتمامه، وإنما أخرج: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل حتى يكون آخر صلاته وتراً).

شرح حديث (سألت ابن عباس كيف كانت صلاة رسول الله بالليل؟...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني أبي عن جدي عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن مخرمة بن سليمان أن كريباً مولى ابن عباس أخبره قال: (سألت ابن عباس رضي الله عنهما: كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالليل؟ قال: بت عنده ليلة وهو عند ميمونة رضي الله عنها، فنام حتى إذا ذهب ثلث الليل أو نصفه استيقظ، فقام إلى شن فيه ماء، فتوضأ وتوضأت معه، ثم قام فقمت إلى جنبه على يساره، فجعلني على يمينه، ثم وضع يده على رأسي كأنه يمس أذني، كأنه يوقظني، فصلى ركعتين خفيفتين قد قرأ فيهما بأم القرآن في كل ركعة، ثم سلم، ثم صلى حتى صلى إحدى عشرة ركعة بالوتر، ثم نام، فأتاه بلال فقال: الصلاة يا رسول الله! فقام فركع ركعتين ثم صلى للناس) ]. مرت جملة من الأحاديث في باب صلاة الليل من طرق مختلفة عن عائشة ، وعن ابن عباس ، وهذه الطريق التي أوردها المصنف هنا هي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو أنه سأله كريب عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل، فقال: بت عن ميمونة أي: خالته أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، فلما مضى ثلث الليل أو نصفه قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من منامه، وأتى إلى شن معلق، والشن: هو القربة القديمة، وتوضأ منها، ثم دخل في الصلاة، فجاء ابن عباس رضي الله عنهما وصف إلى يساره، فأقامه عن يمينه، وجعل يلمس أذنه ورأسه كأنه يوقظه من النعاس الذي قد يكون به، فصلى ركعتين، ثم صلى ركعتين ركعتين حتى صلى إحدى عشرة ركعة، وبعد ذلك نام حتى جاءه المؤذن وقال له: الصلاة، فصلى ركعتين، ثم خرج إلى الناس فصلى بهم صلى الله عليه وسلم. هذه كيفية من كيفيات صلاة الليل، وهو أنه صلى ركعتين ركعتين حتى أكمل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة إذا كانت الركعتان الخفيفتان محسوبة، وإذا كانت غير محسوبة فتكون إحدى عشرة ركعة، وقد جاء إحدى عشرة وثلاث عشرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي مبيت ابن عباس رضي الله عنهما عند خالته ميمونة ليعرف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل دليل على فضله ونبله، وحرص الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم على معرفة السنن، ومعرفة أفعال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، حتى الأمور المتعلقة بالبيت. ثم أيضاً يدل على أن المأموم ليس له أن يصف عن يسار الإمام إذا كان واحداً، وأنه إن صف عن يساره أداره عن يمينه من ورائه، وأيضاً فيه دليل على ائتمام المتنفل بالمنتفل، ودليل على أنه لا يلزم النية في الإمامة أن تكون من أول الصلاة؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام دخل في الصلاة على أنه سيصلي وحده منفرداً، وفي أثناء ذلك دخل معه ابن عباس ، فدل هذا على أنه لا يلزم في الإمامة أن تكون النية موجودة فيها من أول الصلاة، بل عندما يوجد الائتمام تحصل الإمامة كما حصل من ابن عباس رضي الله عنهما، فإنه بعدما شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة جاء وصف عن يساره، فأقره الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك، ولكنه أداره عن يمينه، وذلك لبيان أن موقف المأموم الواحد يكون عن يمين الإمام ولا يكون عن يساره.

تراجم رجال إسناد حديث (سألت ابن عباس كيف كانت صلاة رسول الله بالليل؟..)


قوله: [ قال: حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث ]. هو عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد ، ثقة، أخرج حديثه مسلم و أبو داود والنسائي . [ حدثني أبي ]. أبوه هو شعيب بن الليث ، وهو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن جدي ]. جده: الليث بن سعد المصري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن خالد بن يزيد ]. خالد بن يزيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن أبي هلال ]. صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مخرمة بن سليمان ]. مخرمة بن سليمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن كريباً مولى ابن عباس ]. كريب مولى ابن عباس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. ابن عباس هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث (بت عند خالتي ميمونة فقام النبي ليصلي من الليل...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا نوح بن حبيب و يحيى بن موسى قالا: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ابن طاوس ، عن عكرمة بن خالد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (بت عند خالتي ميمونة رضي الله عنها فقام النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي من الليل، فصلى ثلاث عشرة ركعة منها ركعتا الفجر، حزرت قيامه في كل ركعة بقدر: (يا أيها المزمل)، لم يقل نوح : منها ركعة الفجر) ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس من طريق أخرى، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ثلاث عشرة ركعة، منها ركعتا الفجر، معناه: أنها تصير إحدى عشرة ركعة، وبلغت ثلاث عشرة بركعتي الفجر، وهذا في قول بعض الرواة، وإلا فأحد الشيخين لم يقل فيها ركعتي الفجر، يعني: أنها ثلاثة عشر كلها ولم ينص فيها على ركعتي الفجر، ويمكن أن تكون فيها ركعتا الفجر، ويمكن أن تكون كلها دون ركعتي الفجر. وقد سبق عدة أوجه لصلاة الرسول صلى الله عليه وسلم في الليل، وفيها ذكر ركعتي الفجر، وعدها مع الركعات الثلاثة عشر، وفيها عدم ذكرها، وذكر ركعتين وهو قاعد بعد الوتر، وفيه صفات أخرى مر ذكرها.
تراجم رجال إسناد حديث (بت عند خالتي ميمونة فقام النبي ليصلي من الليل...)

قوله: [ حدثنا نوح بن حبيب ]. نوح بن حبيب ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ ويحيى بن موسى ]. يحيى بن موسى ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا معمر ]. هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن طاوس ]. ابن طاوس هو عبد الله بن طاوس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عكرمة بن خالد ]. عكرمة بن خالد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [عن ابن عباس ]. وقد مر ذكره.
شرح حديث (لأرمقن صلاة رسول الله الليلة..)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه أن عبد الله بن قيس بن مخرمة أخبره عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أنه قال: (لأرمقن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة، قال: فتوسدت عتبته أو فسطاطه، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين خفيفتين، ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين دون اللتين قبلهما، ثم أوتر، فذلك ثلاث عشرة ركعة) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه في بيان صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل، وأنها ثلاثة عشر ركعة: ركعتين.. ركعتين.. والركعة الأخيرة هي الوتر، يوتر بها العدد الماضي، فيكون مجموع ما صلاه صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة، اثنتا عشرة ركعة في ستة تشهدات وتسليمات، وركعة واحدة ختم بها صلاته من الليل فصارت وتراً. وفيه أن زيد بن خالد قال: (لأرمقن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل) وهذا يدل على نبل الصحابة وفضلهم، وحرصهم على معرفة السنن، فقال: (فتوسدت عتبته أو فسطاطه) وهذا يحتمل أن يكون خارج الحجرة، والفسطاط: هو الخيمة الكبيرة، فكان أن صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين خفيفتين، ثم ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين، يعني: أكد وصفها ذلك ثلاث مرات، ثم ركعتين دونهما، وهكذا حتى بلغ مجموع ما صلاه من الصلوات اثنتا عشرة ركعة في ستة تشهدات وتسليمات، ثم أتى بالركعة، فكان مجموع ذلك ثلاث عشرة ركعة، وهذا هو أكثر ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد عرفنا أن أقل ما جاء عنه هو سبع، وأن أكثر ما جاء عنه هو إحدى عشرة ركعة صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

تراجم رجال إسناد حديث (لأرمقن صلاة رسول الله الليلة...)


قوله: [ حدثنا القعنبي ]. هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، وأحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن أبي بكر ]. هو عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. أبوه هو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن عبد الله بن قيس بن مخرمة ]. عبد الله بن قيس بن مخرمة ثقة مخضرم، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن زيد بن خالد الجهني ]. زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (... فصلى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن مخرمة بن سليمان عن كريب مولى ابن عباس (أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أخبره أنه بات عند ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها، وهي خالته، قال: فاضطجعت في عرض الوسادة، واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في طولها، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا انتصف الليل، أو قبله بقليل، أو بعده بقليل استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلس يمسح النوم عن وجهه بيده، ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران، ثم قام إلى شن معلقة فتوضأ منها فأحسن وضوءه، ثم قام يصلي، قال عبد الله : فقمت فصنعت مثلما صنع، ثم ذهبت فقمت إلى جنبه، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده اليمنى على رأسي، فأخذ في أذني يفتلها، فصلى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين -قال القعنبي : ست مرات- ثم أوتر، ثم اضطجع حتى جاءه المؤذن فقام فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح) ]. أورد المؤلف حديث ابن عباس من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم من بعض الطرق عنه: أنه صلى ثلاث عشرة ركعة اثنتان اثنتان اثنتان ست مرات، وركعة أوتر بها ما مضى، وذلك مطابق لما جاء في حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه. قوله: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن مخرمة بن سليمان عن كريب عن ابن عباس ]. مر ذكرهم جميعاً.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29-11-2024, 01:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

الأسئلة



حكم صلاة الركعتين بعد الوتر

السؤال: الركعتان بعد الوتر اللتان كان يصليهما النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس، هل هما سنة يعمل بها؟


الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم ما داوم عليهما، وإنما فعلهما في بعض الأحيان، فلو أن أحداً فعلهما اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان فلا بأس ذلك.

حكم صلاة الليل جالساً

السؤال: هل يصلي جالساً وهو قادر على القيام؟


الجواب: إي نعم، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم كما هو معلوم جاء في بعض الروايات أنه كان يبتدئ الصالة جالساً ثم يقوم، والرسول صلى الله عليه وسلم إذا صلى جالساً فله الأجر كاملاً، وأما غيره فأجره على النصف، فإذا فعل ذلك في بعض الأحيان لا بأس بذلك، وإن فعله قائماً لا شك أنه أولى وأكمل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لو صلى جالساً حصل على الأجر كاملاً، وأما الإنسان فأجره على النصف من الصلاة، كما جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحاديث.

الجمع بين صلاة النبي لركعتين بعد الوتر وبين أمره

السؤال: فعله للركعتين بعد الوتر يعارض قوله صلى الله عليه وسلم: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً) فكيف يجمع بينهما؟


الجواب: لا تعارض بينهما؛ ولو أن الإنسان فعل هذا في بعض الأحيان اقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان لا بأس بذلك. ومثل ذلك لو أوتر الإنسان ولكنه قام بعد ذلك وصلى، لكنه لا يوتر ثانية، ولا يقال: إنه إذا حصل منه الوتر فيمنع من الصلاة بعدها، بل إذا احتاج إلى أن يصلي يصلي، كالذي صلى أول الليل يخشى ألا يقوم، ثم قام آخر الليل، لا يقال له: لا تصل، بل يصلي ما شاء ولكنه لا يوتر ثانية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا وتران في ليلة).

حال حديث (إذا كانت ليلة النصف من شعبان نزل الله عز وجل إلى السماء الدنيا...)

السؤال: ورد حديث في ليلة النصف من شعبان: (إذا كانت ليلة النصف من شعبان نزل الله عز وجل إلى السماء الدنيا، فيغفر لكل إنسان إلا مشرك أو مشاحن) وقد صححه جمع من أهل العلم، ومنهم الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة رحمه الله، فهل في هذا الحديث مزية لهذه الليلة من حيث زيادة الذكر والاستغفار والتضرع إلى الله في آخر الليل؟


الجواب: يوجد كثير من أهل العلم لم يصححوا هذا الحديث، وضعفوا كل الأحاديث التي وردت فيما يتعلق بليلة النصف من شعبان، واليوم سواء كان ليلاً أو نهاراً ليس له مزية، وليس للإنسان أن يخص ليلة النصف من شعبان بشيء؛ لأنه لم تثبت بذلك سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما الإنسان يبحث عن السنن ويتبعها، ولا يشغل نفسه بأفعال ذكرها أهل العلم ضمن الأمور المحدثة المنكرة، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم هو القدوة والأسوة، وأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم هم خير الناس وأسبقهم إلى كل خير، ولو كان خيراً لسبقوا إليه. وقد قال عليه الصلاة والسلام: (ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، قيل: من يا رسول الله؟ فقال: هم من كان على ما أنا عليه اليوم وأصحابي)، فالواجب على المسلم أن يكون متبعاً وأن يحذر من البدع، ولشيخنا عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه رسالة كتبها عن ليلة النصف من شعبان مع رسائل أخرى ثلاث أطلق عليها اسم: التحذير من البدعة. والألباني لم يصحح الحديث وإنما حسن إسناده، ولفظه غير اللفظ الذي ذكرت، فلفظه: (إن الله ليطلع على عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر لكل إنسان إلا مشرك أو مشاحن) وليس فيه ذكر النزول.


حكم شراء الأطعمة التي صنعت لمناسبة ليالي النصف من شعبان


السؤال: في أيام النصف من شعبان تباع أكلات مخصصة لهذه الأيام، فهل يجوز شراء مثل هذه الأطعمة وأكلها؟!

الجواب: لا يجوز شراء مثل هذه الأشياء، فهذا فيه تشجيع لأهل البدع وتأييد لهم، بل يجب التحذير والتنبيه على أن ليلة النصف من شعبان ويوم النصف من شعبان لا يخصص بشيء؛ لأن هذا من الأمور المحدثة والمنكرة، والإنسان لا يعين على إظهار البدع وإحيائها، بل عليه أن ينبه على ذلك وأن يحذر منه.

حكم الصلاة في الحرم إحدى عشرة ركعة بعد الإمام ثم ينصرف المأموم

السؤال: جاء الحديث عن عائشة رضي الله عنها بأن صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم بالليل كانت إحدى عشرة ركعة، وجاء في حديث آخر: (من صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة)، فكيف نفعل بصلاة التراويح هنا في الحرم، هل نصلي مع الإمام ثلاثةً وعشرين ركعة كاملة حتى ينصرف، أم نصلي إحدى عشرة ونخرج من الصلاة، أرجو التوفيق بين الحديثين؟


الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم ما منع من الزيادة، وهذا الحديث حكاية لفعله صلى الله عليه وسلم، وأما الزيادة فلا يوجد دليل يدل على المنع منها، بل فيه ما يدل على الجواز، وهو حديث: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة توتر له ما قد صلى) يعني: تصلي ثنتين.. ثنتين.. ثنتين.. وإذا خشيت طلوع الفجر ائت بركعة توتر ما مضى، فهذا يدل على أن الأمر في ذلك واسع، والإنسان عندما يصلي وراء إمام يصلي ثلاثاً وعشرين أو ثلاثين أو أقل أو أكثر فإنه يتابع الإمام، ويكون بذلك حقق ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة)، وكون الإنسان يصلي مع الإمام الأول ثم ينصرف لا يقال: إن الإمام قد انصرف، بل الناس يصلون ولم ينصرفوا، والإمام لم ينصرف، وإنما تحول من كونه إماماً إلى كونه مأموم، حتى يعقبه الآخر بالقراءة، ويكون هذا يبدأ بنشاط، وذاك يمكن يكون قد تعب، فيكون في ذلك مصلحة. وليس معنى ذلك أن الصلاة تنتهي بانتهاء صلاة الإمام الأول، فهو ما انصرف وذهب إلى بيته، وإنما تحول من كونه إماماً إلى كونه وراء الإمام. ثم لو فرضنا أن هذه العشرين ركعة صار فيها لكل ركعتين إمام، هل يصلي ركعتين مع الأول وينصرف؟! أولاً: الإمام ما انصرف، إنما تحول الإمام إلى كونه مأموماً فهذا للمصلحة، فأنت تصلي مع الناس وتستمر ولا تنصرف إلا إذا انصرف الإمام فهذا خير لك، ولم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على منع الزيادة إلا هذا الحديث، لكن ما قال: لا تزيدوا. فلا شك أن فعله صلى الله عليه وسلم هو الأولى، لكن إذا صليت وراء إمام يصلي أكثر فلا تنصرف قبل انصرافه، بل كن معه وذلك خير لك.

حكم الاشتراك في مطعم الجامعة بدفع القيمة مقدماً

السؤال: نحن طلاب في الجامعة نشترك في المطعم وندفع لهم النقود مقدماً، ويعطوننا (البونات) حتى نهاية الشهر، وقد يفقد (البون)، وقد يغيب الطالب، فهل هذا داخل في بيع الغرر؟


الجواب: لا أبداً، كيف يكون داخلاً في بيع الغرر؟! لأن هذا شيء المصلحة تدعو إليه، وهو من تهيئة الطعام، فهم أعطوك على اعتبار أنك ستحضر وأنهم سيصنعون لك طعاماً، فإذا غبت عنه فمعناه أنه ضاع على حسابك، فكونك غبت عنه لحاجة أو أنك دعيت أو عزمت على دعوة فتخلفت، يعني: هم يصنعون الطعام بعدد الأوراق التي صرفت، فهذا ليس من الغرر، بل هذا فيه فائدة ومصلحة ولا غرر فيه، وليس معناه أنهم ربحوا، لا، فالطعام موجود، فإذا تخلفت عنه فلا غرر في ذلك، ولا محظور.

حكم المكوث في المملكة بدون إقامة

السؤال: سمعنا قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59] فهل طاعة أولي الأمر متعلقة بطاعة الله ورسوله؟ ولا يكون العبد مطيعاً لله وللرسول إذا عصى أولي الأمر؟ إن كان كذلك فنحن متخلفون هنا في المدينة، فهل هذا التخلف فيه معصية لأولي الأمر؟ وأيضاً نحن نعمل ونكسب مالاً فما حكم هذا المال إن كنا عصاة لأولي الأمر؛ لأن ولي الأمر لا يرضى بذلك، وهل لغيرنا أن يساعدنا من حيث الإيجار والمعيشة وما حكم ذلك، فنرجو منكم أن تفتونا مأجورين فنحن في حيرة؟


الجواب: على الإنسان ألا يذل نفسه، وألا يوقع نفسه في أمر لا يصلح أن يقع فيه، وإذا كان لا يسمح له بأن يبقى فعليه أن يرجع، أو يبحث عن الإقامة والبقاء بطريق سائغ لا محظور فيه، ولا يترتب عليه ضرر به، هذا هو الذي ينبغي للإنسان، وطاعة ولي الأمر هي من طاعة الله ورسوله ما لم يأمر بمعصية، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني)، ثم ما فائدة الأمير إذا كان يأمر ولا يطاع، فإذا أمر بشيء ليس فيه معصية، بل هو أمر مباح وسائغ ولا معصية فيه فإن على الإنسان أن يسمع ويطيع. والإنسان الذي دخل هذه البلاد وليس عنده شيء يمكنه من الإقامة فعليه ألا يعرض نفسه للإهانة وألا يتخلف، فعليه أن ينصرف أو يسعى لأن يحصل الإقامة بطريق يسلم فيها، ولا يرتب على نفسه شيء من الضرر أو يتسبب في أن يلحق بنفسه شيئاً من الضرر والإهانة.

مقدار ما يعق به عن المولود ذكراً أو أنثى

السؤال: هل تصح العقيقة عن التوأمين بكبش واحد كبير، أم لا بد من كبشين، والتوأمان من الإناث؟


الجواب: كل جارية لها شاة، وكل ذكر له شاتان، فالتوأمان إذا كانا ذكرين فيعق عنهم بأربع شياه، وإذا كان التوأمان إناثاً فيعق بشاتين، وإذا كانا ذكراً وأنثى فثلاث شياه، ثنتان للذكر وواحدة للأنثى.

مس المرأة ينقض الوضوء

السؤال: هل مس المرأة ينقض الوضوء؟

الجواب: مس المرأة لا ينقض الوضوء إلا إذا حصل بسب المس خروج شيء نجس فإنه ينتقض الوضوء، وأما إذا كان في غير ذلك فإنه لا ينتقض الوضوء.

حكم جهر المرأة في صلاتها بالليل

السؤال: هل الأفضل للمرأة وهي تصلي بالليل في بيتها أن ترفع صوتها وتجهر بالقراءة، أم تسر بالقراءة وكذلك في الصلوات المفروضة الجهرية؟


الجواب: لها أن تجهر إذا لم يسمعها أحد ليس من محارمها، أو لا يتأذى بها أحد من أهل بيتها، فإذا كان لا يتأذى أحد من أهل بيتها من جهرها فلا بأس بذلك.

بطلان وصية الشيخ أحمد حامل مفاتيح الحرم

السؤال: هذه وصية الشيخ أحمد حامل مفاتيح الحرم، وهي مشهورة، ولا زال الناس يروجونها الآن؟


الجواب: لا شك أن الباطل له أنصار، وله أناس يعتنون به، ولا يهتمون بالسنن، وهذا من الضلال والإضلال؛ لأن الإنسان كونه يضل بنفسه هذه مصيبة، ولكن أعظم من ذلك مصيبة أن يضل ويُضِل مع ذلك، والواجب هو معرفة الحق والرجوع إلى أهل العلم، ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أتم الله شريعته، فليست في نقص يحتاج إلى أن يعرف عن طريق رؤيا، والرؤى والمنامات لا يعول عليها، وإنما ما جاء منها مطابقاً للحق فهو حق؛ لأن الحق معروف بدونها، وأما أن يأتي شيء فيه مخالفة للحق ومخالفة لما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم فإن هذا باطل. وكما يروج الباطل ينبغي أن يروج الحق، والشيخ ابن باز رحمة الله عليه قد كتب في ذلك رسالة قيمة مفيدة مطبوعة مع ثلاث رسائل بعنوان: التحذير من البدع، فينبغي كلما حصل إظهار هذا الأمر المنكر أن يظهر هذا الحق، وأن ينشر في مقابله الحق بعد نشر الباطل، حتى يظهر الحق لمن قد يخفى عليه. وبعض الناس بسبب جهله قد ينطلي عليه مثل هذا الكذب الذي جاء في هذه الوصية المنسوبة إلى أحمد خادم الحجرة، ورسالة الشيخ عبد العزيز بن باز قيمة ومفيدة، وواضحة جلية.


معنى حديث (ولم يكن يوتر بركعتين قبل الفجر)


السؤال: ألا يكون معنى زيادة أحمد بن صالح التي فيها: (ولم يكن يوتر بركعتين قبل الفجر) أي: الركعتين بعد الوتر اللتين يصليهما وهو جالس؟

الجواب: لم يكن يدع ذلك، أي: هاتان الركعتان اللتان لم يكن يدعهما، وهما ركعتا الفجر، وأما الركعتان اللتان قبل الوتر فكان يدعهما، ولعل المقصود به: أن ركعتي الفجر كانت تحسب في بعض الأحاديث مع صلاة الليل، وعليه فقد كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة مع الفجر، ومعنى: (لم يدعهما) أنه كان محافظاً عليهما أي: ركعتي الفجر، وأنها محسوبة، فالعبارة ما زالت فيها خطأ، أعني: (لم يكن يوتر).

حكم الصلاة خلف المبتدع ومن تزوج بسبع نسوة

السؤال: ما حكم الصلاة خلف الإمام المبتدع، والإمام المتزوج بسبع نسوة، وهو يعلم حرمة ذلك؟

الجواب: كيف يليق بمسلم أن يتجاوز الأربع التي حددت والتي لا زيادة عليها، بل إن العلماء قالوا: إن من أراد خامسة وعنده أربع ليس له أن يتزوج بدلاً من واحدة إلا بعدما تخرج الأولى من العدة، حتى لا يكون قد جمع خمساً في عصمته لأن الرجعية زوجة، فكيف يكون ذلك؟! هذا من الغريب! وإذا كان مستحلاً لهذا فهو كافر، وإذا كان غير مستحل فهو عاصٍ ومخطئ خطأ كبيراً، ويستحق العقوبة إذا كان هناك من يطبق الأحكام الشرعية. ثم ألا ينصح هذا الشخص؟! ألا يبين له إذا كان الأمر كما قيل؟! فما أدري عن صحة الكلام، والله أعلم.

حكم التلفظ بالنية في الاعتكاف

السؤال: ما حكم قول القائل: نويت سنة الاعتكاف، وهل يجوز كتابتها على الحائط داخل المسجد؟

الجواب: التلفظ بالنية في جميع الأعمال من البدع ما عدا الحج، فإنه يمكن أن يتلفظ الإنسان بما نوى، فيقول: لبيك حجاً! لبيك عمرة وحجا! وكل ما سوى ذلك فهو من البدع المحدثة، سواء كتب على الجدار أو تلفظ به، فهو يكتب على الجدار حتى يذكر الداخل بأن يأتي بهذه البدعة.

حكم لعب الأطفال المجسمة

السؤال: ما حكم إعطاء العروسة التي هي لعبة الأطفال للأطفال؟

الجواب: هذه العرائس التي هي على شكل الآدميين هي من الصور المحرمة، وليست من قبيل ما كان معروفاً عن عائشة رضي الله عنها؛ لأن المعروف عن عائشة شيء ليس من هذا القبيل، بل كان عندها أعواداً تلفها بخرق ويكون بعضها معترضاً، وبعضها مستقيماً، فهذه ليست صورة، وأما العرائس فهي صور حقيقية مجسمة، فلا يجوز تعاطي ذلك، وإنما الذي يجوز مثلما حصل لعائشة شيء من خرق وأعواد، أما شيء آخر يكون على هيئة وشكل الآدمي أو على شكل مجسم للآدمي سواء كان صغيراً أو كبيراً، فذلك لا يجوز."




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29-11-2024, 04:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [167]
الحلقة (198)



شرح سنن أبي داود [167]

(اكلفوا من العمل ما تطيقون) ما أخصرها من عبارة نبوية تجمع أطراف الموضوع، وتحث على عدم الإفراط والتفريط في جميع أنواع الطاعات، وإذا ضمت إليها عبارة (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل) عُلمت حقيقة العبارة الأولى.

ما يؤمر به من القصد في الصلاة


شرح حديث (اكلفوا من العمل ما تطيقون...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة. حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اكلفوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل، وكان إذا عمل عملاً أثبته) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة: باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة، والقصد: هو التوسط والاعتدال، وعدم الإفراط والتفريط، بحيث أن الإنسان لا يكون يقدم على العبادة في وقت من الأوقات فيكثر، ثم يهمل بعد ذلك، بل عليه أن يكون على قصد واعتدال، وأن يكون له صلاة يداوم عليها ولو كانت قليلة، لأن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل، كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أن العمل القليل الذي يداوم عليه الإنسان خير من الكثير الذي ينقطع عنه الإنسان. ويقولون: (قليل تداوم عليه خير من كثير تنقطع عنه) وذلك أن الإنسان إذا داوم على الشيء ولو كان قليلاً يكون مستمراً على عبادة، وعلى صلة بالله عز وجل، وإذا وافاه الأجل يوافيه وهو على حالة طيبة؛ لأنه مشتغل بالعبادة باستمرار، ولكنه إذا كان يقدم ويكثر من العبادة في أوقات، ثم يهمل في أوقات قد يأتيه الموت في وقت الإهمال، فلا يكون مثل هذا الذي يداوم على العمل وإن كان قليلاً، ولهذا يقول الله عز وجل في كتابه العزيز: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]، فقوله سبحانه وتعالى: (وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) معناه: داوموا على الإسلام حتى إذا وافاكم الأجل يوافيكم وأنتم عليه، والإنسان لا يعرف متى يموت حتى يحسن حاله عند الموت، بل الموت يأتي فجأة، ولكن الإنسان إذا داوم على العبادة والفرائض، وداوم على شيء ولو كان قليلاً من النوافل فإن هذا هو الأولى، ولهذا قيل لبشر الحافي : إن أناساً يجتهدون في رمضان، فإذا خرج تركوا، فقال: بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان. الله عز وجل يعبد في كل وقت وفي كل حين، فالإنسان يداوم على الشيء ولو كان قليلاً أولى من الإكثار من العبادة في وقت، ثم الإهمال بعد ذلك، ولهذا أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اكلفوا من الأعمال ما تطيقون)، يعني: اعملوا الشيء الذي تطيقونه ولو كان قليلاً، فإن القليل المداوم عليه فائدته عظيمة، وصلة الإنسان بربه وثيقة، (فإن الله لا يمل حتى تملوا)، ففسر قوله: (فإن الله لا يمل حتى تملوا) بتفسيرات لعل من أقربها: أن الله لا يمل حتى لو مللتم، وقيل في معناه: أنه لا يمل من الثواب حتى تملوا من الأجر، وقد ورد في ذلك حديث ضعيف ذكره ابن جرير وأورده ابن كثير في تفسيره لسورة المزمل نقلاً عن ابن جرير ، ولكنه حديث ضعيف، الذي فيه التنصيص على ذكر الثواب والعمل، ويبدو والله أعلم أن المقصود منه: أن الله لا يمل ولو حصل منكم الملل، حتى إن مللتم هو لا يمل. (فإن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل) ما كان مداوماً عليه ولو كان قليلاً؛ لأننا عرفنا الفائدة من وراء ديمة العمل، واستمرار العمر، ودوام العمل، وهو أن الإنسان على صلة بالله مستمرة، ولو كانت تلك العبادة قليلة التي هي النوافل، (أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل) فكان إذا عمل شيئاً أثبته، يعني: داوم عليه، كان عليه الصلاة والسلام يحب أن يداوم على الشيء الذي عمله، لأنه كان إذا عمل شيئاً أثبته، وقد عرفنا فيما مضى قريباً أن النبي صلى الله عليه وسلم شغل عن ركعتين بعد الظهر فصلاهما بعد العصر، ثم داوم عليهما، أي: على أنه يصلي ركعتين بعد العصر، وهذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث (اكلفوا من العمل ما تطيقون...)

قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الليث عن ابن عجلان ]. الليث هو: ابن سعد ، ابن عجلان هو: محمد بن عجلان المدني ، صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن سعيد المقبري ]. سعيد المقبري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سلمة ]. أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (... فإني أنام وأصلي وأصوم وأفطر وأنكح النساء...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبيد الله بن سعد حدثنا عمي حدثنا أبي عن ابن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى عثمان بن مظعون رضي الله عنه فجاءه، فقال: يا عثمان ! أرغبت عن سنتي؟ قال: لا والله يا رسول الله! ولكن سنتك أطلب، قال: فإني أنام وأصلي، وأصوم وأفطر، وأنكح النساء، فاتق الله يا عثمان ، فإن لأهلك عليك حقاً، وإن لضيفك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً، فصم وأفطر، وصل ونم) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عن (أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى عثمان بن مظعون رضي الله عنه، وكان أراد التبتل والانقطاع للعبادة، فقال له: يا عثمان ! أرغبت عن سنتي؟) والسنة هي الطريقة التي عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أن طريقته الكتاب والسنة، أي: العمل بمقتضى الكتاب والسنة، هذه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرنا فيما مضى أن السنة تطلق على أربعة إطلاقات، إطلاقاً عاماً وهو هذا، السنة بمعنى: الطريقة، وتشمل الكتاب والسنة. وقال: (لا والله يا رسول الله! بل سنتك أطلب)، يعني: أنا أريد اتباع سنتك، قال: (أما إني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، فاتق الله يا عثمان ، فإن لأهلك عليك حقاً، ولضيفك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، فصم وأفطر، وصل ونم) فأرشده صلى الله عليه وسلم إلى ألا يشدد على نفسه في العبادة، بل يكون معتدلاً متوسطاً، يكون على قصد، فيصلي وينام، ويصوم ويفطر، ويتزوج النساء، ويعطي كل ذي حق حقه، ويعطي أهله حقوقهم، ونفسه حقها، وضيفه حقه، ويعطي كل ذي حق حقه، ولا يشتغل عن العبادة بالحقوق، بل يجمع بينها وبين غيرها، وذلك بالاعتدال والتوسط فيها، هذا هو الذي به يكون الإنسان متمكناً من أن يأتي بها، ويأتي بغيرها معاً، وأما إذا اشتغل بها وحدها فإنه يقصر، أو يؤثر ذلك في تقصيره، أو عدم إتيانه بالأمور المطلوبة لأهله ولضيفه ولنفسه. قوله: [ (وإن لضيفك عليك حقاً) ]. يعني: إذا كان صائماً باستمرار فالضيف يحتاج إلى مؤاكلته ومؤانسته يعني: أشياء مطلوبة، وهذا من إكرام الضيف، فإذا كان مشتغلاً بالصيام معناه أن الضيف يأتي ويأكل وحده وهو لا يأكل معه، وأما إذا كان يصوم ويفطر فإنه يتمكن من إكرام الضيف بالأكل معه ومؤانسته، وإدخال السرور عليه، ألا يأكل ضيفه وحده وهو بعيد عنه أو مختف عنه، وإنما يأكل معه ويؤانسه، ويدخل السرور عليه.

تراجم رجال إسناد حديث (... فإني أنام وأصلي وأصوم وأفطر وأنكح النساء...)

قال: [ حدثنا عبيد الله بن سعد ]. عبيد الله بن سعد بن إبراهيم ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا عمه ]. عمه يعقوب بن إبراهيم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبي ]. أبوه سعد بن إبراهيم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن إسحاق ]. ابن إسحاق هو: محمد بن إسحاق المدني ، صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن هشام بن عروة ]. هشام بن عروة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. أبوه: عروة بن الزبير ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين وقد مر ذكرها.
شرح حديث (.. كان كل عمله ديمة...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال: سألت عائشة : كيف كان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ هل كان يخص شيئاً من الأيام؟ قالت: لا، كان كل عمله ديمة، وأيكم يستطيع ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستطيع؟! ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها، عن علقمة أنه سألها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عن عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه يخص شيئاً من الأيام، يعني معناه: أنه يخص شيئاً دون شيء، أو أنه يجتهد في أوقات، فقال: قالت: (كان عمله ديمة)، يعني: يداوم على العمل، (وأيكم يستطيع ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستطيع؟) وهذا فيه إشارة إلى أن المداومة على العمل مطلوبة، لكن المداومة التي فيها قصد واقتصاد، وليس فيها تكلف وتشديد على النفس؛ لأن هذا يؤدي إلى الضعف، ويؤدي إلى الانقطاع عن العبادة، ولكن القليل الذي يداوم عليه الإنسان هذا هو الذي يستمر عليه الإنسان، ويبقى مع الإنسان، ويكون الإنسان معه نشيطاً. وأما التشديد على النفس فهذا يؤدي إلى الترك، وإلى الضعف، وإلى الفتور، وإلى كون الإنسان لا يؤدي الحقوق الأخرى التي تكون عليه لغيره.
تراجم رجال إسناد حديث(... كان كل عمله ديمة...)

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن جرير ]. جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن منصور ]. منصور بن المعتمر الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إبراهيم ]. إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علقمة ]. علقمة وهو: ابن قيس النخعي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين، وقد مر ذكرها، والرجال كلهم كوفيون إلا عائشة .
ما جاء في قيام شهر رمضان


شرح حديث (...من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه…)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب تفريع أبواب شهر رمضان. باب في قيام شهر رمضان. حدثنا الحسن بن علي و محمد بن المتوكل قالا: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر قال الحسن في حديثه : ومالك بن أنس عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة، ثم يقول: من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك، ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وصدراً من خلافة عمر رضي الله عنه) ]. أورد أبو داود رحمه الله تفريع أبواب شهر رمضان، والمقصود من ذلك كما هو معلوم ذكر الأبواب المتعلقة بقيام شهر رمضان، وما يتعلق في ذلك من ليلة القدر، وأورد أبو داود ترجمة: باب قيام رمضان، أورد فيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرغبهم في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة، يعني: أنه كان يرغبهم ولكنه لم يعزم عليهم، يعني: لم يوجبه عليهم، وإنما كان مرغباً لهم، يرغبهم فيه، وكان صلى الله عليه وسلم يخشى أن يفرض عليه، ولهذا صلى بهم بعض الليالي ثم ترك، وبين أنه ترك خشية أن يفترض عليهم. ولكنه بعد ما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهى زمن التشريع، وبقيت الشريعة مستقرة، فليس هناك وحي ينزل من السماء على أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانتهى الوحي بوفاة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد كملت الشريعة، واستقرت الأحكام، وقد علم أن صلاة الليل مرغب فيها، فرجع الناس إليها في عهد عمر ؛ لأن المحذور قد زاد، وهو خشية الفرض، فرجعوا إلى إظهاره، وإلى الإتيان به جماعة، فجمع عمر الناس على ذلك بعد مضي صدر من خلافته، فهو مندوب ومستحب ومرغب فيه، وهو من الصلوات النوافل التي تشرع لها الجماعة، والإنسان يحرص على أن يصلي تلك الصلاة جماعة مع المسلمين في المساجد؛ لأنها صلاة تشرع لها الجماعة، ففعلها في المساجد أولى من فعلها في البيوت؛ لأنها تشرع لها الجماعة، فكان الحكم أن الندب موجود، والترغيب موجود، والذي يخشاه رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فقد، بكونه توفي عليه الصلاة والسلام ولم يفرض. فإذاً: أعاد عمر رضي الله عنه الناس إلى ذلك الذي فعله بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد صلى بهم ليالي، ولكنه تركه خشية أن يفرض، فرجع الناس إلى ما كانوا عليه في زمن النبوة. إذاً: فالتراويح، أو صلاة الليل، أو قيام الليل جماعة في المساجد سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورغب فيها، وفعلها بالناس عدة ليالي، وتركها خشية أن تفرض، وبعد ذلك أعيد الناس إلى ما كانوا فعلوه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: [ (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) ]. (إيماناً) تصديقاً بما جاء عن الله وبأمر الله، وبوعد الله، (واحتساباً) أي: احتساب الأجر عند الله، يعني: فعل ذلك محتسباً مخلصاً في قصده، يرجو ثواب ربه على ذلك العمل الذي شرعه الله عز وجل، فجزاؤه على ذلك أن يغفر له ما تقدم من ذنبه، وهذا يكون بالنسبة للصغائر، وأما الكبائر فإن تطهيرها يحتاج إلى توبة منها، وندم عليها، وعزيمة على ألا يعود إليها، وأما الصغائر فإنها تكفر بالأعمال الصالحة التي منها قيام رمضان. وجاء في بعض الروايات: (ما تأخر) لكن ما صح في ذلك شيء، لكن الذي جاء في الصحيح وفي غيره هو هذا الذي معنا: (ما تقدم).

تراجم رجال إسناد حديث (.. من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)


قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. الحسن بن علي الحلواني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ ومحمد بن المتوكل ]. ومحمد بن المتوكل ، صدوق له أوهام، أخرج له أبو داود . [ قالا حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر ]. عبد الرزاق و معمر قد مر ذكرهما. [ قال الحسن في حديثه : ومالك بن أنس ]. قال الحسن في حديثه يعني: الشيخ الأول، ومالك بن أنس يعني: بالإضافة إلى معمر ، وأما محمد بن المتوكل فهو يروي عن معمر وحده، ومعنى هذا أن أبا داود له شيخان أحدهما يروي في إسناده عنه عن شيخين، يعني: اتفقا على معمر وانفرد الحسن بمالك بن أنس ، ومالك بن أنس مر ذكره. [ عن الزهري ]. الزهري هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سلمة عن أبي هريرة ]. أبو سلمة مر ذكره، وأبو هريرة هو: عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.
رواية حديث (من قام رمضان) من طريق أخرى

[ قال أبو داود : وكذا رواه عقيل و يونس و أبو أويس : (من قام رمضان) ]. يعني: مثلما رواه في الإسناد المتقدم: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً)، خاص بذكر القيام، يعني: هؤلاء الثلاثة رووه كما رواه الذين رووه في الإسناد المتقدم: (من قام رمضان) وليس معه ذكر الصيام. [ وروى عقيل : (من صام رمضان وقامه) ]. يعني: جمع بين الصيام والقيام، معناه أن عقيلاً جاء عنه القيام وحده، وجاء أيضاً عن غيره، وعقيل جاء عنه أيضاً الجمع بين الصيام والقيام، يعني: (من صام رمضان وقامه إيماناً واحتساباً). قوله: [ وكذا رواه عقيل ]. عقيل هو: عقيل بن خالد بن عقيل المصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ويونس ]. يونس بن يزيد الأيلي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وأبو أويس ]. أبو أويس هو: عبد الله بن عبد الله بن أويس ، وهو صدوق يهم، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

شرح حديث (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مخلد بن خالد و ابن أبي خلف المعنى قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة من طريق أخرى: وفيه: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتسباباً غفر له ما تقدم من ذنبه)،وليلة القدر هي ليلة من ليالي رمضان، وقد جاء ذلك في الصيام، وجاء ذلك في القيام، وجاء ذلك في ليلة القدر، وهو أن من فعل تلك الأشياء إيمانا ًواحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.

تراجم رجال إسناد حديث (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه...)


قوله: [ حدثنا مخلد بن خالد ]. مخلد بن خالد ، هو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود . [ و ابن أبي خلف ]. ابن أبي خلف هو: محمد بن أحمد بن أبي خلف ، وهو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود . [ قالا: حدثنا سفيان عن الزهري ]. سفيان هو: ابن عيينة المكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. والزهري مر ذكره. [ عن أبي سلمة عن أبي هريرة ]. أبو سلمة و أبو هريرة قد مر ذكرهما. [ قال أبو داود : وكذا رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة و محمد بن عمرو عن أبي سلمة ]. يعني: لما تقدم من ذكر الصيام وليلة القدر، و يحيى بن أبي كثير هو اليمامي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، و محمد بن عمرو هو: ابن وقاص الليثي ، صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (أن النبي صلى في المسجد فصلى بصلاته ناس...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي عن مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم: (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى في المسجد، فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح قال: قد رأيت الذي صنعتم، فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم، وذلك في رمضان) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في ليلة من ليالي رمضان يعني: في آخر الشهر في العشر الأواخر، فصلى وصلى أناس بصلاته، ثم في الليلة التي تليها علم بعض الناس فكثروا فصلى بهم، ولما جاء في الليلة الثالثة لم يخرج عليهم، وقد اكتظ المسجد؛ لأن الذين صلوا حضروا وأخبروا من لم يصل، فكثر الناس، فلم يخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد ذلك أخبرهم قال: إني علمت مكانكم، ولكني خشيت أن يفرض عليكم -يعني: قيام رمضان- فهذا يبين لنا السبب الذي من أجله لم يواصل بهم صلى الله عليه وسلم الصلاة؛ خشية أن يفرض عليهم، وهذا من رحمته بأمته وشفقته عليها صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وقد وصفه الله بقوله: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128] صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. قوله: [ حدثنا القعنبي عن مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة ]. وقد مر ذكرهم جميعاً.
شرح حديث (... أيها الناس أما والله ما بت ليلتي هذه بحمد الله غافلاً...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هناد بن السري حدثنا عبدة عن محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان الناس يصلون في المسجد في رمضان أوزاعاً، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربت له حصيراً فصلى عليه، بهذه القصة قالت فيه: قال -تعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم-: أيها الناس! أما والله ما بت ليلتي هذه بحمد الله غافلاً، ولا خفي علي مكانكم) ]. أورد أبو داود حديث عائشة من طريق أخرى، وهو أنه أمر عائشة بأن تضرب له حصيراً، فصلى وصلى الناس بصلاته، يعني: في الليلة الأولى، ثم الليلة الثانية، وفي الثالثة لم يخرج عليهم، ولما أصبح قال: (أما والله ما بت ليلتي هذه بحمد الله غافلاً، ولا خفي علي مكانكم) يعني: بل هو مستيقظ وعلى علم، ولكنه لم يفعل، لم يخرج عليهم ليصلي بهم كما صلى بهم في الليلتين الماضيتين؛ خشية أن يفترض عليهم قيام رمضان، فيكون في ذلك مشقة عليهم، فأراد أن يكون من قبيل المندوب، وألا يكون من قبيل الواجب عليهم، فحقق ما أراده صلى الله عليه وسلم، والشيء الذي خشيه لم يحصل؛ لأنه توفي عليه الصلاة والسلام ولم يفرض عليهم قيام رمضان، فبقي الندب على ما هو عليه.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29-11-2024, 04:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث (... أيها الناس أما والله ما بت ليلتي هذه بحمد الله غافلاً..)

قوله: [ حدثنا هناد بن السري ]. هناد بن السري ، ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد، و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا عبدة ]. عبدة بن سليمان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن عمرو ]. محمد بن عمرو هو: ابن وقاص الليثي الذي مر ذكره، عن محمد بن إبراهيم هو التيمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سلمة عن عائشة ]. أبو سلمة و عائشة قد مر ذكرهما.
شرح حديث (... إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة..)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع أخبرنا داود بن أبي هند عن الوليد بن عبد الرحمن عن جبير بن نفير عن أبي ذر رضي الله عنه قال: (صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان، فلم يقم بنا شيئاً من الشهر، حتى بقي سبع، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا، حتى ذهب شطر الليل، فقلت: يا رسول الله! لو نفلتنا قيام هذه الليلة، قال: فقال: إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة، قال: فلما كانت الرابعة لم يقم، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قال: قلت: وما الفلاح؟ قال: السحور، ثم لم يقم بنا بقية الشهر). ]. أورد أبو داود حديث أبي ذر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل بهم في رمضان، صام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان، ولم يصل بهم في الشهر لا في عشره الأول، ولا في العشر الأوسط، فلما جاءت العشر الأواخر، وبقي سبع من الشهر خرج وصلى بهم، ثم لم يخرج في الليلة التي بعدها. قوله: [ (فلما كانت السادسة لم يقم بنا) ]. يعني: في الليلة السابعة قام بهم يعني: التي هي الأولى من السبع، ثم في الليلة السادسة وهي التي بعدها ليلة خمسة وعشرين ما قام بهم، ولما جاءت الليلة الخامسة قام بهم. قوله: [ (حتى ذهب شطر الليل، فقلت: يا رسول الله! لو نفلتنا قيام هذه الليلة) ]. يعني: لو صليت بنا بقية الليلة، يعني: نصلي نافلة كما صليناها، فيكون الليل كله صلاة، فقال: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) فهذا يدلنا على أن الإنسان يؤدي الجماعة مع الإمام، ويصلي مع الناس حتى تنتهي الصلاة، ثم يكون بذلك حصل على قيام ليلة كاملة كما جاء بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: [ (فلما كانت الرابعة لم يقم) ]. فلما كانت الرابعة التي بقيت. قوله: [ (فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس فقام بنا) ]. فلما جاءت الليلة الثالثة ليلة سبع وعشرين أو ليلة ثمان وعشرين، وتكون ليلة سبع وعشرين إذا كان الشهر ناقصاً، أو ليلة ثمان وعشرين إذا كان الشهر كاملاً، فجمع أهله ونساءه والناس فصلى بهم حتى خشي أن يفوتهم الفلاح وهو السحور، يعني معناه: أنه وصل إلى وقت السحور، وخشوا أن يفوتهم السحور لمواصلة الصلاة. [ (ثم لم يقم بنا بقية الشهر) ]. يعني: الليالي التي بقيت لم يصل بهم صلى الله عليه وسلم. وهذه القصة في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الليالي الثلاث الأخيرة غير القصة التي في حديث عائشة ؛ لأن هناك صلى بهم ليلتين فاجتمعوا في الثالثة فلم يقم، بينما هنا صلى بهم ثلاث ليال، وهي آخر الشهر، والذي يبدو أنهما حادثة واحدة، ولكن التفصيل فيه فرق، يمكن هنا صلى ثلاث ليال في حديث أبي ذر ، وحديث عائشة صلى ليلتين، فالذي يبدو أن القصة واحدة، ولكن أبو ذر ذكر ما ذكر، وعائشة ذكرت ما ذكرت.

تراجم رجال إسناد حديث (.. إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة...)


قوله: [ قال: حدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج حديثه أبو داود و البخاري و الترمذي و النسائي . [ حدثنا يزيد بن زريع ]. يزيد بن زريع ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن داود بن أبي هند ]. داود بن أبي هند ، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن الوليد بن عبد الرحمن ]. الوليد بن عبد الرحمن ، ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم وأصحاب السنن. [ عن جبير بن نفير ]. عن جبير بن نفير ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي ذر ]. أبو ذر جندب بن جنادة رضي الله عنه، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حكمة تسمية السحور بالفلاح

مداخلة: لماذا يسمى السحور الفلاح؟ الجواب: هم يقولون: الفلاح: هو البقاء، والسحور يقال له: فلاح؛ لأنه يبقي الإنسان على قوته ونشاطه في حال الصيام، بخلاف ما إذا كان غير متسحر أو واصل بدون سحور، فإنه لا يحصل معه القيام بالصيام على سلامة، وعلى قوة ونشاط.
شرح حديث (أن النبي كان إذا دخل العشر أحيا الليل، وشد المئزر...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا نصر بن علي و داود بن أمية أن سفيان أخبرهم عن أبي يعفور وقال داود بن أمية : عن ابن عبيد بن نسطاس عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر أحيا الليل، وشد المئزر، وأيقظ أهله) ، قال أبو داود : وأبو يعفور اسمه عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس ]. أورد أبو داود حديث عائشة (أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا ليله، وأيقظ أهله، وشد المئزر) أحيا ليله يعني: بالصلاة، وأيقظ أهله يعني: للصلاة، وقيل: إن المقصود بإيقاظ أهله يوصي من يوقظهم؛ لأنه يكون معتكفاً صلى الله عليه وسلم. وشد المئزر قيل: إن المقصود بذلك هو الابتعاد عن النساء وغشيانهن، وقيل: إن المقصود بذلك إشارة إلى التشمير والجد في العمل والاجتهاد فيه، وذلك في العشر الأواخر.
تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي كان إذا دخل العشر أحيا الليل وشد المئزر...)

[ حدثنا نصر بن علي ]. نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وداود بن أمية ]. داود بن أمية ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود . [ أن سفيان أخبرهم ]. سفيان وهو: ابن عيينة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي يعفور ]. أبو يعفور وهو: عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب. [ عن أبي الضحى ]. أبو الضحى مسلم بن صبيح ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مسروق ]. مسروق بن الأجدع ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة وقد مر ذكرها.
شرح حديث (.. أصابوا ونعم ما أصابوا)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني مسلم بن خالد عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أناس يصلون في ناحية المسجد، فقال: ما هؤلاء؟ فقيل: هؤلاء ناس ليس معهم قرآن، وأبي بن كعب رضي الله عنه يصلي، وهم يصلون بصلاته، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أصابوا ونعم ما صنعوا!). قال أبو داود : ليس هذا الحديث بالقوي، مسلم بن خالد ضعيف. ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في رمضان فوجد أناساً يصلون خلف أبي بن كعب ، فقال: ما هذا، فقيل: أناس ليس معهم قرآن: يصلون، فقال: (أصابوا ونعم ما صنعوا)، فهذا يدل على أن صلاة التراويح كانت موجودة في زمنه صلى الله عليه وسلم، لكن الحديث غير صحيح، بل الرسول عليه الصلاة والسلام صلى بهم وترك ذلك خشية أن يفرض عليهم، وأما كونهم يصلون والرسول صلى الله عليه وسلم أقرهم فلم يثبت ذلك، والحديث ضعفه أبو داود نفسه.

تراجم رجال إسناد حديث (... أصابوا ونعم ما صنعوا..)


قوله: [ حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني ]. أحمد بن سعيد الهمداني ، هو صدوق، أخرج له أبو داود . [ حدثنا عبد الله بن وهب ]. عبد الله بن وهب المصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني مسلم بن خالد ]. مسلم بن خالد ، وهو صدوق كثير الأوهام، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ عن العلاء بن عبد الرحمن ]. العلاء بن عبد الرحمن ، صدوق ربما وهم، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. أبوه: عبد الرحمن بن يعقوب ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة قد مر ذكره، والذي فيه هو مسلم بن خالد الذي هو كثير الأوهام.
الأسئلة



الجمع بين صلاة التراويح جماعة مع ورود الأحاديث في أفضلية صلاة المرء في بيته

السؤال: كيف يكون الجمع بين صلاة التراويح جماعة في المسجد أفضل مع الأحاديث الواردة في أفضلية صلاة النوافل في البيت؟


الجواب: الأشياء التي تشرع لها الجماعة هي أولى من الصلاة في البيت، وأما الأشياء التي لا تشرع لها الجماعة فالبيت أفضل.

تحريم التصوير

السؤال: هل علة تحريم الصورة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم هي خشية أن يعبدها الناس، فإذا زالت الخشية فهل الصورة لا تزال محرمة؟


الجواب: التصوير محرم سواء خشي عبادته أم لم تخش، ولكنه إذا خشي عبادته أشد وأخطر، وإلا فالتصوير محرم سواء خشي أن يعبد أو لم يخش أن يعبد، كل ذلك محرم لا يجوز.

معنى قول ابن القيم إن اللوم إذا ارتفع صح الاحتجاج بالقدر...إلخ


السؤال: ما المراد من قول ابن القيم رحمه الله: إن اللوم إذا ارتفع صح الاحتجاج بالقدر، وإذا كان اللوم واقعاً فالاحتجاج بالقدر باطل؟


الجواب: لا أدري أيش معنى هذا الكلام! ولكن قصة موسى وآدم هي المعروفة التي ذكر فيها اللوم قال: أتلومني على أمر قد كتبه الله علي، وهو إنما احتج على المصيبة، ولم يحتج على الأصل الذي هو القدر، وإنما المصيبة التي حصلت للناس في إخراج أبيهم من الجنة، فالقدر يحتج به على المصائب، لا على المعائب، وأما العبارة هذه فلا أ دري هل حقيقتها عند ابن القيم ؟! ولكن ابن القيم شرح حديث احتجاج آدم وموسى في شفاء العليل، وأخرج له باباً خاصاً لعله الباب الرابع من أبواب هذا الكتاب الذي هو مشتمل على ثلاثين باباً كلها تتعلق بالقدر، وكان مما تكلم فيه وأفرده هذا الحديث.

أنواع الكفر

السؤال: هل يكون الكفر بالاعتقاد فقط، أم يكون بالاعتقاد والقول والفعل أيضاً؟


الجواب: هو كما هو معلوم العمل والقول مع الاعتقاد لا شك أنه كفر، ولكن القول إذا كان ما قصده الإنسان، وإنما حصل منه سبق لسان، وكذلك العمل إذا حصل نسياناً أو سهواً من غير قصد، فلا يكون كفراً، ولكن حيث يوجد العمل ويوجد القول، ويكون معه الاعتقاد هذا هو الكفر، وإلا فإنه قد يوجد الفعل بدون اعتقاد، ويوجد القول بدون اعتقاد، بسبق اللسان، مثل ذاك الذي قال: (اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح). الجواب: والمرجئة يرون أن الاعتقاد إنما هو الاعتقاد بالقلب، والتصديق يكون بالقلب، والأعمال ليست داخلة في الإيمان، وكذلك القول، وإنما العبرة بالتصديق، وهؤلاء هم الذين يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وعلى عكسهم الخوارج الذين قالوا: إن مرتكبي الكبيرة خرجوا من الإيمان، ودخلوا في الكفر، والمعتزلة الذين قالوا: خرجوا من الإيمان ولم يدخلوا في الكفر، وهم في منزلة بين منزلتين، مع اتفاقهم جميعاً على أن مرتكب الكبيرة خالد مخلد في النار، فهؤلاء أفرطوا وهؤلاء فرطوا، المرجئة فرطوا إذ جعلوا أي عمل من الأعمال، وأي معصية من المعاصي، فإنها لا تضر صاحبها، بل المؤمن بقلبه مؤمن كامل الإيمان، وهذا تفريط وإهمال وتضييع وتسيب، وعلى عكس ذلك التشدد والمجاوزة للحد، وهو القول بخلود مرتكبي الكبيرة في النار، أو القول بكفره، وأنه ليس من المسلمين، أو أنه خرج من الإسلام، فهذا هو الغلو والتشدد. والتوسط لأهل السنة والجماعة، فيقولون عن مرتكب الكبيرة: إنه مؤمن بإيمانه، فاسق بكبيرته، حصل منه الإيمان، وحصلت منه المعصية، فهو ناقص الإيمان، مؤمن عنده أصل الإيمان ولم يفقد الإيمان، فهم لا يعطونه الإيمان الكامل كما تعطيه إياه المرجئة، ولا يسلبونه أصل الإيمان كما تسلبه إياه الخوارج والمعتزلة، بل هم يقولون: مؤمن ناقص الإيمان، مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، لا يعطونه الإيمان الكامل كما تعطيه المرجئة، ولا يسلبونه الإيمان من أصله كما تسلبه الخوارج والمعتزلة. ويقولون: يجتمع في الإيمان محبة وبغض وعداوة، فيجتمعان في الإنسان، فيكون المؤمن العاصي أو الفاسق يحب على ما عنده من الإيمان، ويبغض على ما عنده من الفسق والعصيان، ونظير ذلك البيت الذي يقول فيه الشاعر: الشيب كره وكره أن أفارقه فاعجب لشيء على البغضاء محبوب فالشيب إذا نظر فيه إلى الشباب ما صار مرغوباً، ولكن إذا نظر إلى ما بعده وهو الموت صار مرغوباً فيه، فيقول الشاعر: الشيب كره وكره أن أفارقه. كره بالنسبة للشباب؛ لأن الشباب أحب وأنسب، ولكنه إذا نظر إلى الموت وراءه صار محبوباً. قال: وكره أن أفارقه. يعني: بالموت. ثم قال: فاعجب لشيء على البغضاء محبوب مبغوض باعتبار، ومحبوب باعتبار.

حكم موظف يعمل على بعد مائة وثلاثين كيلو من محل إقامته

السؤال: أنا موظف أعمل على بعد مائة وثلاثين كيلو من المدينة، فهل يجوز لي أن أقصر وأجمع الظهر مع العصر، مع العلم أني إذا وصلت المدينة فإن العصر يؤذن وأنا في المدينة؟


الجواب: أقول: ما دام أنك تصل المدينة قبل العصر فينبغي لك أن تقصر ولا تجمع، وإذا وصلت المدينة تصلي مع الناس.

حكم وصل شعبان مع رمضان بالصيام

السؤال: بعض الناس يكثرون الصيام في شعبان، ويصلونه أحياناً مع رمضان، ولكن لا يصومون شعبان كاملاً، هل هذا الفعل صحيح؟

الجواب: لا، ليس بصحيح، ليس لهم أن يصوموا آخر شعبان، وإنما يصوموا من أوله ويتركوا من آخره، يعني: الإنسان الذي يصوم من أجل أن يحتاط لرمضان هذا لا يجوز، فإذا صام نصفه الأول وأضاف إليه من النصف الثاني لا بأس، وكونه يترك الصيام من الأول ثم يصوم إلى نهاية الشهر ليس للإنسان؛ لأن هذا لا يدخل تحت قوله: (إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه) الذي هو الإثنين والخميس، بحيث يوافق الثلاثين لا بأس، وأما كون الإنسان يعتاد أن يصوم آخر الشهر للاحتياط لرمضان فليس له ذلك."




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 29-11-2024, 04:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [168]
الحلقة (199)





شرح سنن أبي داود [168]

جعل الله تعالى لعباده المؤمنين مواسم للخير ما يتنافسون فيها على رضوان الله سبحانه، ومن ذلك ليلة القدر، وقد جاءت الأحاديث مختلفة في تحديد ليلتها مما أدى إلى اختلاف العلماء في ذلك.

ما جاء في ليلة القدر


شرح حديث: (... والله إنها لفي رمضان ليلة سبع وعشرين لا يستثني...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في ليلة القدر. حدثنا سليمان بن حرب و مسدد المعنى قالا: حدثنا حماد بن زيد عن عاصم عن زر قال: قلت لأبي بن كعب رضي الله عنه: أخبرني عن ليلة القدر يا أبا المنذر ! فإن صاحبنا سئل عنها فقال: من يقم الحول يصبها، فقال: رحم الله أبا عبد الرحمن ، والله لقد علم أنها في رمضان -زاد مسدد : ولكن كره أن يتكلوا، أو أحب ألا يتكلوا، ثم اتفقا- والله إنها لفي رمضان ليلة سبع وعشرين لا يستثني، قلت: يا أبا المنذر ! أنى علمت ذلك؟ قال: بالآية التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت لزر : ما الآية؟ قال: تصبح الشمس صبيحة تلك الليلة مثل الطست ليس لها شعاع حتى ترتفع ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب في ليلة القدر]. بعد ما ذكر ما يتعلق بقيام رمضان ومنه ليلة القدر أخرجها في باب خاص لعظم شأنها، ولما ورد فيها من النصوص، وقد جاءت نصوص تتعلق بها، فأورد جملة من النصوص في هذا الباب. وليلة القدر جاء عظم شأنها في القرآن الكريم، وأنزل الله فيها سورة تتلى في كتاب الله عز وجل فقال: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [القدر:1-5]، وهي ليلة مباركة التي قال الله عز وجل: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ [الدخان:3]. أورد أبو داود حديث أبي بن كعب رضي الله عنه الذي فيه أنها في رمضان، وأنها ليلة (27) من الشهر، وبين رضي الله عنه العلامة التي أرشدهم إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي أن الشمس في صبيحتها لا شعاع لها. قوله: [ عن زر أنه قال: قلت لأبي بن كعب : أخبرني عن ليلة القدر يا أبا المنذر ، فإن صاحبنا سئل عنها فقال: من يقم الحول يصبها ]. قال زر بن حبيش رحمة الله عليه لأبي بن كعب : يا أبا المنذر ! أخبرني عن ليلة القدر، فإن صاحبنا -أي: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه- سئل عنها فقال: من يقم الحول يصبها. يعني: من يكون مواصلاً على قيام الليل في جميع أيام السنة فإنه يوافقها ويصيبها؛ لأنها في السنة، فقال أبي رضي الله عنه: رحم الله أبا عبد الرحمن كره أن يعرفوها ويتكلوا عليها ويتركوا العمل في غيرها، فأراد أن يكون عملهم في طول السنة، وفي جميع الليالي؛ لأن العمل الدائم والمستمر فيه الخير الكثير، وفيه موافقة هذه الليلة المباركة. لكن الأمر الذي لا شك فيه أنها في رمضان وفي العشر الأواخر منه، ولهذا أخبر أبي رضي الله عنه بعدما ترحم على أبي عبد الرحمن وبين أن السبب الذي جعله يقول هذا الكلام، هو: جعل الناس يجتهدون في العبادة طول العام، وفي جميع ليالي السنة، وكل يصلي لنفسه، ولذلك يوافق ليلة القدر، وقال: إن أبا عبد الرحمن يعلم أنها في رمضان. [ والله لقد علم أنها في رمضان، ولكن كره أن يتكلوا أو أحب ألا يتكلوا ]. شك من الراوي. يقول أبي : إن عبد الله بن مسعود يعلم أنها في رمضان، ولكن ما الذي دفعه إلى أن قال: من يقم السنة يدركها؟ هذا كلام صحيح، فهو لم يقل: إنها تكون في جميع أيام السنة ومنها رمضان ومنها العشر الأواخر، فمن تحصل منه المداومة على العمل في جميع الليالي فإنه لا بد وأن يدركها، يحصلها، يمر عليها. (ولكن كره أن يتكلوا) معناه: أنهم ربما يتكاسلوا ولا يشتغلوا في جميع الليالي، وإذا جاءت تلك الليلة اجتهدوا فيها وتركوا ما سواها، ولعل هذا هو السر الذي من أجله لم يأت تحديدها بليلة معينة من العشر الأواخر، لكنها في جميع العشر الأواخر، والإنسان إذا اجتهد في العشر الأواخر فإنه يحصلها. قوله: [ والله إنها لفي رمضان ليلة سبع وعشرين لا يستثني ]. يقول ذلك أبي ولا يستثني، يعني: لا يقول: إن شاء الله، والاستثناء هو قول: إن شاء الله في اليمين، يعني: أنه متحقق من أنها في ليلة سبع وعشرين. قوله: [ قلت: يا أبا المنذر ! أنّى علمت ذلك؟ قال: بالآية التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت لزر : ما الآية؟ قال: تصبح الشمس صبيحة تلك الليلة مثل الطست ليس لها شعاع حتى ترتفع ]. فسئل أبي رضي الله عنه عن الآية أو العلامة التي يستدل بها عليها، فقال: تكون الشمس في صبيحتها كالطست لا شعاع لها، معناه: أنه يمكن رؤيتها كلها ليس فيها الشعاع الذي ينبعث منها، وإنما تكون ظاهرة بارزة للناس، فلا يكون هناك الشعاع الذي يسترسل منها، ويمتد منها كالخيوط، وإنما تكون كالطست مستديرة ترى جميع أطرافها وأجزائها دون أن يكون هناك شعاع يمنع من رؤية هيئتها وشكلها. ولعله عرف عن النبي صلى الله عليه وسلم العلامة وجربها، أو نظر في الليالي فوجدها كذلك، ولهذا فإن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين، ولا شك أنها أرجى الليالي وأقربها، ولكن لا يقطع بذلك؛ لأنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم نصوص عديدة تدل على ليالي أخرى، وقد وقعت في زمنه صلى الله عليه وسلم في ليلة واحد وعشرين، ولهذا يظهر والله أعلم أنها ليست ثابتة مستقرة في ليلة في جميع السنين؛ لأنها حصلت فعلاً في ليلة واحد وعشرين في زمنه صلى الله عليه وسلم، وجاءت نصوص أخرى عنه: (التمسوها في السبع الأواخر) والسبع الأواخر ليست فيها ليلة واحد وعشرين، ومعنى هذا: أن ليلة القدر تكون في سبع وعشرين لكن لا يقطع بذلك ولا يجزم به. ويمكن أن تكون في الأشفاع والأوتار؛ ففي بعض الأحاديث أنها تكون في التسع الباقية، إذا ذهبت ليلة واحد وعشرين جاءت ليلة اثنين وعشرين وهي شفع، فهي تكون في العشر الأواخر ولكنها تكون في الأوتار أرجى، وفي ليلة سبع وعشرين أرجى من غيرها.

تراجم رجال إسناد حديث: (... والله إنها لفي رمضان ليلة سبع وعشرين لا يستثني...)


قوله: [ حدثنا سليمان بن حرب ]. سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ومسدد ]. مسدد ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ المعنى قالا: حدثنا حماد بن زيد ]. هو حماد بن زيد بن درهم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عاصم ]. هو عاصم بن بهدلة ابن أبي النجود ، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن زر ]. هو زر بن حبيش ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي بن كعب ]. أبي بن كعب رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (... أو القابلة يريد ليلة ثلاث وعشرين)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله السلمي حدثنا أبي حدثنا إبراهيم بن طهمان عن عباد بن إسحاق عن محمد بن مسلم الزهري عن ضمرة بن عبد الله بن أنيس ، عن أبيه رضي الله عنه قال: (كنت في مجلس بني سلمة وأنا أصغرهم، فقالوا: من يسأل لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر، وذلك صبيحة إحدى وعشرين من رمضان، فخرجت فوافيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة المغرب، ثم قمت بباب بيته فمر بي، فقال: ادخل، فدخلت، فأوتي بعشائه فرآني أكف عنه من قلته، فلما فرغ قال: ناولني نعلي، فقام وقمت معه، فقال: كأن لك حاجة، قلت: أجل، أرسلني إليك رهط من بني سلمة يسألونك عن ليلة القدر، فقال: كم الليلة؟ فقلت: اثنتان وعشرون، قال: هي الليلة، ثم رجع فقال: أو القابلة. يريد ليلة ثلاث وعشرين) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن أنيس رضي الله عنه: أن بني سلمة اجتمعوا وهو معهم وهو أصغرهم، فقالوا: من يسأل لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر، فذهب إليه ووقف عند بابه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ادخل، فطلب العشاء وأوتي به، ورآه يكف عن الأكل لقلته -الذي هو للنبي صلى الله عليه وسلم- ثم قال له: ناولني نعلي، فناوله إياهما وخرج، قال: كأن لك حاجة، قال: نعم، أرسلني رهط من بني سلمة يسألون عن ليلة القدر، فقال: أي ليلة هذه؟ فقال: اثنتان وعشرون، وكان ذلك في يوم واحد وعشرين أو في المغرب ليلة اثنين وعشرين، فقال: هي هذه الليلة، ثم قال: أو التي بعدها. يعني: ليلة ثلاث وعشرين، فهذا الحديث يدل على أن ليلة القدر تكون إما في ليلة اثنان وعشرون وإما في ثلاث وعشرون تتحرى في هذه الليالي.
تراجم رجال إسناد حديث: (... أو القابلة يريد ليلة ثلاث وعشرين)

قوله: [ حدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله السلمي ]. أحمد بن حفص بن عبد الله السلمي صدوق، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا أبي ]. وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا إبراهيم بن طهمان ]. إبراهيم بن طهمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عباد بن إسحاق ]. عباد بن إسحاق هو عبد الرحمن بن إسحاق يقال له: عباد وهو صدوق أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن. (عن محمد بن مسلم الزهري ]. محمد بن مسلم الزهري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ضمرة بن عبد الله بن أنيس ]. ضمرة بن عبد الله بن أنيس مقبول، أخرج حديثه أبو داود و النسائي . [ عن عبد الله بن أنيس ]. عبد الله بن أنيس رضي الله عنه، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن. يقول في الذخائر: نسبه إلى أبي داود فقط، ونسبه المنذري إلى للنسائي أيضاً، وجاءت زيادة عند المنذري يقول: قال أبو داود : هذا حديث غريب، ويروى عنه أنه قال: لم يرو الزهري عن ضمرة غير هذا الحديث.

شرح حديث عبد الله بن أنيس: (... انزل ليلة ثلاث وعشرين)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير أخبرنا محمد بن إسحاق حدثنا محمد بن إبراهيم عن ابن عبد الله بن أنيس الجهني عن أبيه رضي الله عنه قال: (قلت: يا رسول الله! إن لي بادية أكون فيها وأنا أصلي فيها بحمد الله، فمرني بليلة أنزلها إلى هذا المسجد؟ فقال: انزل ليلة ثلاث وعشرين، فقلت لابنه: كيف كان أبوك يصنع؟ قال: كان يدخل المسجد إذا صلى العصر، فلا يخرج منه لحاجة حتى يصلي الصبح، فإذا صلى الصبح وجد دابته على باب المسجد فجلس عليها فلحق بباديته). يمكن أن يكون المقصود بـ: (لحاجة) يعني: من الحاجات غير الضرورية، أما الحاجات الضرورية فلابد من الخروج لها، كأن يقضي حاجته، ولكن المقصود الحاجة التي يستغنى عنها أو يمكن تأخيرها، أو الصبر عنها. أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن أنيس رضي الله عنه وفيه: أنه كان ببادية، وأنه كان يصلي بحمد لله، ويريد ليلة من ليالي رمضان أن ينزل يصلي في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال له: (انزل ليلة ثلاث وعشرين)، فلما كانت الليلة جاء فدخل بعد عصر اثنين وعشرين، ولم يخرج إلا صبيحة ثلاث وعشرين، وهذا فيه دلالة على أن هذه الليلة هي من الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر.
تراجم رجال إسناد حديث (.. انزل ليلة ثلاث وعشرين..)

قوله: [ حدثنا أحمد بن يونس ]. أحمد بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا زهير ]. هو زهير بن معاوية ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا محمد بن إسحاق ]. هو محمد بن إسحاق المدني ، صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا محمد بن إبراهيم ]. هو محمد بن إبراهيم التيمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عبد الله بن أنيس الجهني عن أبيه]. ابن عبد الله هو ضمرة الذي مر في الإسناد السابق، وقد مر ذكرهما.

شرح حديث: (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب أخبرنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، في تاسعة تبقى، وفي سابعة تبقى، وفي خامسة تبقى). أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، في تاسعة تبقى..)، يعني: ليلة اثنين وعشرين تاسعة؛ لأنه إذا مضى واحد وعشرون بقي تسع، تصير اثنين وعشرين. (في خامسة تبقى). أي: ليلة خمس وعشرين، وهذا على احتمال التمام للشهر، يعني: على أن الشهر تام تكون ليلة اثنين وعشرين هي التاسعة، وعلى احتمال أن الشهر تسع وعشرون فليلة واحد وعشرين هي التاسعة. (في سابعة تبقى). ليلة واحد وعشرين وليلة اثنين وعشرين، وكذلك سابعة تبقى تكون ليلة ثلاث وعشرين، وأربع وعشرين. (في خامسة تبقى). على اعتبار أن الشهر كامل تكون ليلة خمسة وعشرين، وإذا كان ناقصاً تكون ليلة أربع وعشرين، معناها: تصير هذه الأيام متصلة، واحد وعشرون، اثنان وعشرون، ثلاث وعشرون، أربع وعشرون، خمس وعشرون، كلها محتملة على اعتبار التمام والكمال.
تراجم رجال إسناد حديث: (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان...)

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا وهيب ]. هو وهيب بن خالد ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا أيوب ]. هو أيوب بن أبي تميمة السختياني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عكرمة ]. هو عكرمة مولى ابن عباس ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
من قال ليلة إحدى وعشرين


شرح حديث: (كان رسول الله يعتكف العشر الأوسط من رمضان...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيمن قال: ليلة إحدى وعشرين. حدثنا القعنبي عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعتكف العشر الأوسط من رمضان، فاعتكف عاماً حتى إذا كانت ليلة إحدى وعشرين، وهي الليلة التي يخرج فيها من اعتكافه، قال: من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر، وقد رأيت هذه الليلة ثم أنسيتها، وقد رأيتني أسجد من صبيحتها في ماء وطين، فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر، قال أبو سعيد : فمطرت السماء من تلك الليلة، وكان المسجد على عريش، فوكف المسجد، فقال أبو سعيد : فأبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين من صبيحة إحدى وعشرين) ]. أورد أبو داود من روى أنها ليلة إحدى وعشرين، يعني: أن ليلة القدر تكون في ليلة إحدى وعشرين، وأورد حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأوسط من رمضان يتحرى ليلة القدر، فلما جاءت ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج فيها من اعتكافه قال: (من اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر، فإني رأيت هذه الليلة وأنسيتها، وقد رأيتني أسجد من صبيحتها في ماء وطين، فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر) يعني: في العشر الأواخر هي أرجى من غيرها. ثم قال أبو سعيد : حصل مطر في ليلة واحد وعشرين، وخد السقف وكان من الجريد، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، ولما انصرف وإذا على جبهته أثر الماء والطين، فتحققت رؤياه بأنه سيسجد في صبيحتها في ماء وطين في صبيحة تلك الليلة التي هي ليلة واحد وعشرين، وحصلت في تلك السنة فعلاً كما جاء في هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والرسول قال: (التمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر) يعني: العشر الأواخر، وليلة واحد وعشرين هي من الأوتار. وهذه الرؤيا التي رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم تأويلها مطابق للرؤيا؛ وأنه سوف يسجد في ماء وطين، وصار يسجد في ماء وطين في صبيحتها، والرؤيا تأتي في التعبير مطابقة للمرئي، وتأتي على صورة المثال، وعلى ضرب الأمثلة، وقد جاء في قصة صاحبي يوسف عليه الصلاة والسلام الذي في السجن أن أحدهما رأى أنه يعصر خمراً، والثاني: رأى أنه يحمل فوق رأسه خبزاً تأكل الطير منه، وكان تأويل ذلك أن أحدهما يعصر خمراً، يعني: التأويل مطابق للرؤيا، وأما الآخر فهو ليس مطابقاًَ بل هو من ضرب المثال، وأنه يقتل ويصلب، فتأكل الطير من رأسه، الحاصل أن ما جاء في حديث أبي سعيد شاهد لكون الرؤيا تأتي مطابقة للمرئي.

تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يعتكف العشر الأوسط من رمضان...)


قوله: [ حدثنا القعنبي ]. هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة الإمام الفقيه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن يزيد بن عبد الله بن الهاد ]. يزيد بن عبد الله بن الهاد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ]. محمد بن إبراهيم التيمي مر ذكره، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سعيد الخدري ]. هو سعد بن مالك بن سنان الخدري ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان والتمسوها في التاسعة...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الأعلى أخبرنا سعيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، والتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة). قال: قلت: يا أبا سعيد ! إنكم أعلم بالعدد منا، قال: أجل، قلت: ما التاسعة والسابعة والخامسة؟ قال: إذا مضت واحدة وعشرون فالتي تليها التاسعة، وإذا مضى ثلاث وعشرون فالتي تليها السابعة، وإذا مضى خمس وعشرون فالتي تليها الخامسة. قال أبو داود : لا أدري أخفي علي منه شيء أم لا. ]. أورد أبو داود حديث أبي سعيد رضي الله عنه من طريق أخرى، وفيه: التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر، والتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة، فسأله عن المراد بالتاسعة والسابعة؟ فقال: (إذا مضت واحدة وعشرون فالتي تليها هي التاسعة، هذا على اعتبار كمال الشهر، وإذا مضى ثلاث وعشرون فالتي تليها هي السابعة. قوله: [ (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، والتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة قال: قلت: يا أبا سعيد ! إنكم أعلم بالعدد منا، قال: أجل، قلت: ما التاسعة والسابعة والخامسة؟ قال: إذا مضت واحدة وعشرون فالتي تليها التاسعة، وإذا مضى ثلاث وعشرون فالتي تليها السابعة، وإذا مضى خمس وعشرون فالتي تليها الخامسة) ]. وهذا فيه بيان المراد بالتاسعة والسابعة والخامسة، وأن ذلك باعتبار كمال الشهر. [ قال أبو داود : لا أدري أخفي علي منه شيء أم لا ]. ولكن المقصود منه: خفي شيء زائد عما ذكره، وهذه شبيهة بعبارة مرت قريباً لأبي داود الذي قال: خفي علي بعضه.

تراجم رجال إسناد حديث: (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان والتمسوها في التاسعة...)


قوله: [ حدثنا محمد بن المثنى ]. محمد بن المثنى هو أبو موسى العنزي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الأعلى ]. عبد الأعلى بن عبد الأعلى البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا سعيد عن أبي نضرة ]. يحتمل أن يكون سعيد بن أبي عروبة و سعيد بن إياس الجريري ، وكل منهما ثقة، وكل منهما أخرج له أصحاب الكتب الستة، وعبد الأعلى يروي عن الاثنين، وهما يرويان عن أبي نضرة . وأبو نضرة هو المنذر بن مالك بن قطعة ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي سعيد ]. أبو سعيد مر ذكره. يقول: سعيد الذي يروي عن أبي نضرة هو الجريري وليس ابن أبي عروبة ؛ لأن ابن أبي عروبة يروي عن أبي نضرة بواسطة قتادة وفي تهذيب الكمال ذكر الاثنين يرويان عن أبي نضرة .
من روى أنها ليلة سبع عشرة


شرح حديث: (اطلبوها ليلة سبع عشرة من رمضان...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من روى أنها ليلة سبع عشرة. حدثنا حكيم بن سيف الرقي أخبرنا عبيد الله -يعني: ابن عمرو - عن زيد -يعني: ابن أبي أنيسة - عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اطلبوها ليلة سبع عشرة من رمضان، وليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، ثم سكت) ]. أورد أبو داود من روى أنها ليلة سبع عشرة من رمضان، ومعلوم أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يعتكف العشر الأوسط من رمضان كما مر في الحديث، وأنه لما جاءت ليلة واحد وعشرين قال: (من اعتكف فليعتكف العشر الأواخر، والتمسوها في العشر الأواخر، وفي كل وتر) فدل هذا على أن ليلة القدر في العشر الأواخر، وعلى هذا فالحديث الذي ورد مخالف للأحاديث الكثيرة الدالة على أنها في العشر الأواخر، ولا يصح أن يكون قبل أن يحصل له العلم أنها في العشر الأواخر، لكن الحديث متكلم فيه من حيث الثبوت، وذلك من أجل بعض الرواة فيه، ومنهم أبو إسحاق، ومنهم أيضاً شيخ أبي داود الذي تكلم فيه، فالحافظ قال عنه في التقريب: صدوق.
تراجم رجال إسناد حديث: (اطلبوها ليلة سبع عشرة من رمضان...)

قوله: [ حدثنا حكيم بن سيف الرقي ]. حكيم بن سيف الرقي صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي ، تكلم فيه بعض العلماء بالتضعيف. [ أخبرنا عبيد الله يعني: ابن عمرو ]. عبيد الله بن عمرو الرقي ثقة ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زيد يعني: ابن أبي أنيسة ]. زيد بن أبي أنيسة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي إسحاق ]. أبو إسحاق وهو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ، وهو ثقة، ولكنه يدلس، وأخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، ولعل التضعيف لهذه العلة. [ عن عبد الرحمن بن الأسود ]. هو عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد بن قيس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. هو الأسود بن يزيد بن قيس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن مسعود ]. هو : عبد الله بن مسعود الهذلي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
من روى بالسبع الأواخر


شرح حديث: (تحروا ليلة القدر في السبع الأواخر)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من روى بالسبع الأواخر. حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تحروا ليلة القدر في السبع الأواخر) ]. أورد أبو داود رحمه الله باباً في من روى أن ليلة القدر في السبع الأواخر، وأورد حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (تحروا ليلة القدر في السبع الأواخر) من رمضان، يعني: في ثلاث وعشرين فما فوقها. (تحروا) معناه: اجتهدوا في العبادة طالبين ليلة القدر، وذلك في السبع الأواخر، ومعناه: أنهم يتعبدون ويقومون الليالي يتحرونها ويرجونها ليصادفوها ويوافقوها، ويكون ذلك في السبع الأواخر. وهل يلزم أن يعرف الشخص هذه الليلة حتى يحصل ويدرك هذا الأجر؟ الذي يبدو أنه لا يلزم، لكن من أتى بالعشر الأواخر فإنه يحصلها وإن لم يعرفها، إذا اجتهد فيها كلها يرجى له خير، وإن اجتهد في بعضها وترك بعضها يمكن أن تكون في المتروك.
تراجم رجال إسناد حديث: (تحروا ليلة القدر في السبع الأواخر)

قوله: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن دينار ]. القعنبي و مالك مر ذكرهما، وعبد الله بن دينار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. ابن عمر هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما الصحابي الجليل، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا من أعلى الأسانيد عند أبي داود لأنه سند رباعي.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 29-11-2024, 04:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

من قال سبع وعشرين


شرح حديث: (ليلة القدر ليلة سبع وعشرين) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من قال سبع وعشرين. حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي أخبرنا شعبة عن قتادة أنه سمع مطرفاً عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر قال: (ليلة القدر ليلة سبع وعشرين) . ]. أورد أبو داود باب من قال: سبع وعشرين. أورد حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليلة القدر ليلة سبع وعشرين) وهذا يدل على أن هذه الليلة هي أرجى الليالي، وفي حديث أبي بن كعب رضي الله عنه كان يحلف على أنها ليلة سبع وعشرين. قوله: [ حدثنا: عبيد الله بن معاذ ]. عبيد الله بن معاذ ثقة، أخرج حديثه البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا أبي ]. هو معاذ بن معاذ العنبري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مطرف ]. هو مطرف بن عبد الله بن الشخير ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن معاوية بن أبي سفيان ]. معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
من قال هي في كل رمضان


شرح حديث: (هي في كل رمضان)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من قال: هي في كل رمضان. حدثنا حميد بن زنجويه النسائي أخبرنا سعيد بن أبي مريم حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير أخبرنا موسى بن عقبة عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أسمع عن ليلة القدر فقال: هي في كل رمضان). قال أبو داود : رواه سفيان و شعبة عن أبي إسحاق موقوفاً على ابن عمر لم يرفعاه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ]. أورد أبو داود هذه الترجمة فقال: [هي في كل رمضان]، يعني: في جميع لياليه، من أول ليلة إلى آخر ليلة، وأورد حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً وموقوفاً، أن الرسول صلى الله عليه و سلم سئل عنها قال: (هي في كل رمضان)، وأنها تطلب في أي ليلة من ليالي رمضان، لكن الأحاديث جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها في العشر الأواخر، والرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالتماسها وتحريها في العشر الأواخر، وكان اعتكف العشر الأوسط، ثم اعتكف العشر الأواخر يتحراها، وقال: (التمسوها في العشر الأواخر والتمسوها في كل وتر) فدل ذلك على أنها في العشر الأواخر، وليست في العشر الأول، ولا في العشر الأوسط. وقد جاء الحديث عن ابن عمر موقوفاً ومرفوعاً، والشيخ الألباني صحح الحديث على أنه موقوف على ابن عمر رضي الله تعالى عنه، وعلى هذا فإن الأحاديث التي جاءت أنها في العشر الأواخر سواء محددة ليلة من الليالي أو تدل على الالتماس في جميع الليالي، كل ذلك يدل على انحصارها في العشر الأواخر، وأنها لا تكون في العشر الأوسط ولا في العشر الأول. ولو صح الحديث مرفوعاً فيحمل على أنه قبل أن يُعلم النبي صلى الله عليه وسلم أنها في العشر الأواخر. ولا يستقيم أن يحمل الحديث على أن ليلة القدر كانت في سنة فيها شهر رمضان أو أنها كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم زالت بموته صلى الله عليه وسلم؛ لأن المقصود أنهم يسألون عن ليلة القدر، وأنها تطلب في كل رمضان، فمعناه في كل الشهر، وليس معناه: أن مقصود ذلك في الرمضانات القادمة، وأنها محددة في زمنه وتنتهي. والمقصود ظاهر من الحديث فمعناه: التمسوها من العشر في كل رمضان، وليس المقصود التمسوها في كامل رمضان والمراد كونهم يبحثون عنها ليتعبدوا الله تعالى فيها، هذا هو السؤال، وليس المقصود أنهم يشكون أنها انتهت، وأنها لا توجد بعد حياته صلى الله عليه وسلم. الحافظ ابن حجر أورد أربعين قولاً في فتح الباري في تحديد ليلة القدر. والعجيب هو ممن أخرج ليلة القدر عن رمضان، وقال: إنها ليلة أخرى في غير شهر رمضان.
تراجم رجال إسناد حديث (هي في كل رمضان)

قوله: [ حدثنا حميد بن زنجويه النسائي ]. حميد بن زنجويه النسائي ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ أخبرنا سعيد بن أبي مريم ]. سعيد بن أبي مريم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير ]. محمد بن جعفر بن أبي كثير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا موسى بن عقبة ]. موسى بن عقبة المدني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي إسحاق ]. أبو إسحاق هو السبيعي مر ذكره. [ عن سعيد بن جبير ]. سعيد بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عمر ]. عبد الله بن عمر مر ذكره. [ قال أبو داود : رواه سفيان و شعبة عن أبي إسحاق موقوفاً على ابن عمر ]. يعني: من قوله، وسفيان هو الثوري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وشعبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وكل منهما وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث.
الأسئلة



حكم من اعتكف أقل من عشرة أيام

السؤال: هل يلزم الاعتكاف عشرة أيام كاملة، أم يجوز أن يعتكف يوماً أو يومين؟


الجواب: يمكن للإنسان أن يعتكف يوماً أو يومين، لكن الأفضل والأكمل أن يعتكف العشر الأواخر كلها.

حكم من اعتكف خمسة أيام في مكة والباقية في المدينة


السؤال: سأعتكف خمسة أيام في مكة وخمسة أيام في المدينة، هل يجوز؟


الجواب: لا نعلم شيئاً يمنع من ذلك، وكونه يعتكف خمسة أيام ثم ينتقل ويعتكف لا بأس؛ لأن كل واحد منهما هو على سبيل الاستقلال، فكونه يجمع بينهما لا بأس.

كيفية الجمع بين الروايات الواردة في ليلة القدر


السؤال: كيف نجمع بين هذه الروايات الواردة في تحديد ليلة القدر؟

الجواب: نجمع بينها بأن الإنسان يصلي العشر الأواخر كلها، ويجتهد فيها، وبذلك يحصلها إن شاء الله. والأحاديث كلها وردت، والنتيجة أنها تدل على أنها أخفيت، وأن الناس يجتهدون في تلك الليالي من أجل أن يحصلوها، لا أن يأتوا إلى ليلة معينة ويهملوا ما سواها، والأحاديث قالها الرسول صلى الله عليه وسلم في مناسبات وأحوال مختلفة، فما كان صحيحاً يدل على مقتضاه، ولكن كونها أخفيت في العشر، وأن الإنسان يحرص على أن يأتي بالعبادة في العشر حتى يدرك هذه الليلة، هذا هو الذي ينبغي أن يسير عليه الإنسان، ولو حصلت ليلة معينة لاتكل الناس عليها، واجتهدوا فيها، وأهملوا ما سواها. كما أنها قلنا إنها متنقلة، يعني: كونها ليلة واحد وعشرين حصل، والرسول جاء عنه أن أرجاها ليلة سبع وعشرين، وجاء عنه: (التمسوها في السبع الأواخر في التاسعة والخامسة والسابعة) كل هذا خارج عن الواحد والعشرين، والمؤكد أنها حصلت في ليلة واحد وعشرين في زمنه صلى الله عليه وسلم في سنة من السنوات كما جاء في حديث أبي سعيد ، فالتنقل هو الأظهر فيها.

حكم الاستدلال بعدد آيات سورة القدر على أنها ليلة سبع وعشرين

السؤال: من اللطائف أن ليلة القدر تكررت ثلاث مرات في سورة القدر، ومجموع حروفها تسعة، فثلاثة في تسعة يساوي سبعة وعشرين، وكذلك أن عدد كلماتها ثلاثون، وكلمة (هي) من قوله: (سلام هي) توافق العدد السابع والعشرين من كلمات السورة، فما رأيكم في هذا؟


الجواب: ذكروا هذا الكلام، لكن هذا عندما تكون ليلة سبع وعشرين يرجحونها، وأنها أرجى الليالي، لكن هذه لا تدل على شيء.

أفضلية العمرة ليلة سبع وعشرين

السؤال: هل العمرة في ليلة سبع وعشرين أفضل من غيرها؟


الجواب: لا توجد أفضلية إلا من ناحية أنها أرجى أن تكون ليلة القدر.

أعظم عبادة تعمل ليلة القدر


السؤال: ما هي أعظم عبادة أعملها في ليلة القدر؟

الجواب: لا يوجد إلا كون الإنسان يصلي ويقرأ القرآن، ويذكر الله عز وجل، وهذه العبادات التي تحيا بها الليالي، قراءة القرآن، والصلاة، وذكر الله سبحانه وتعالى.

حكم الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

السؤال: هل يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة؟

الجواب: نعم يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة، والحديث الذي ورد في هذا لا يدل على النفي في غيرها، ولكن هذا يدل على أفضليته فيها، وأنه لا اعتكاف كاملاً، فهو من قبيل الحصر الإضافي، وليس حصراً حقيقياً، مثل: (إنما الربا في النسيئة) ومع وجود ربا الفضل وهو غير النسيئة، والمقصود بذلك الربا الأشد والأخطر. فإذاً: هذا حصر إضافي، وليس حصراً حقيقياً، بمعنى: أنه لا يتعداها، ولكن هذا يرجع إلى الفضل والأفضلية والتميز، والله تعالى ذكر: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187].

حكم العمل في تسليك أسلاك الدشوش

السؤال: أقوم بتجهيز مشغل الكهرباء، ويطلب بعض الناس تسليك أسلاك الدش في جميع الغرف، وأنا أرفض ذلك؛ لأنه حرام، فما تقولون؟

الجواب: يجب عليه ألا يعمل هذا التسليك؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان.

حكم من نذر ألا يعمل معصية ثم عملها

السؤال: نذرت نذراً على ألا آتي معصية وحددتها بعينها، محاولاً مجاهدة نفسي عن الهوى، فما حكم فعلي هذا إذا وقعت مني هذه المعصية؟

الجواب: الإنسان يجب عليه أن يبتعد عن المعاصي، وإذا نذر ألا يفعل فيكون ذلك أيضاً أشد وألزم؛ لأنه ألزم نفسه وعاهد الله عز وجل ونذر لله أنه لا يفعل ذلك الشيء، وإذا وقعت منه المعصية، وحصل منه عدم التنفيذ فعليه أن يجاهد نفسه، وأن يصدق في قصده ونيته، ولكن عليه أن يكفر كفارة يمين؛ لأن النذر كفارته كفارة يمين إذا لم ينفذه، أو حصل منه المخالفة للشيء الذي نذره.

حكم لبس الحزام أثناء الإحرام

السؤال: ما حكم لبس الحزام أثناء الإحرام مع أن فيه مخيطاً؟


الجواب: لا بأس بذلك ولو كان مخيطاً؛ لأن المخيط الممنوع هو الذي يكون على هيئة الإنسان، مثل القميص والسراويل وغير ذلك، وأما كونه يستعمل الحزام ولو كان مخيطاً أو نعالاً فيها خياطة، كل ذلك لا بأس به.

حكم الدعوة السرية فيما يتعلق بالقضايا السياسية

السؤال: هل يصح قول من يقول بجواز الدعوة السرية فيما يتعلق بالقضايا السياسية لضعف المسلمين، واحتج بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم السرية في أول بعثته؟

الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعو إلى التوحيد، وقد أرسل بهذه الرسالة وهو يؤديها، وأما من يقوم بدعوة سرية لسياسة لحصول ضرر أو ما إلى ذلك فهذا لا يجوز لا سراً ولا جهراً.

حكم صلاة الوتر بعد المغرب أو بعد أذان الفجر

السؤال: هل يجوز للرجل أن يصلي الوتر بعد صلاة المغرب أو بعد أذان الفجر؟

الجواب: الوتر يكون من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر. هذا محل الوتر، ومن فاته أمكنه أن يقضيه في الضحى، ويضيف إليه ركعة؛ لئلا يكون وتراً في النهار.

ألفاظ التوثيق والتجريح متفاوتة

السؤال: هل هناك فرق بين الصيغ التالية: صدوق، صدوق يهم، صدوق له أوهام، صدوق يخطئ، صدوق كثير الخطأ، صدوق ربما أخطأ؟


الجواب: نعم فهي متفاوته: صدوق. ليس معها شيء هذه أعلاها، ثم صدوق يضاف إليها: يهم، أو له أوهام، أو يخطئ، أو كثير الأخطاء، فكلمة: صدوق إذا جاءت ليس مضافاً إليها شيء هي أعلى من غيرها، وأما إذا أضيف إليها شيء فيتفاوت، (ربما وهم) هذا يدل على الوهم النادر، أو (صدوق يهم)، أسوأ من صدوق ربما وهم، و(صدوق كثير الخطأ) هذه عبارة شديدة، أي: أن خطأه كثير، وهذه أنزل من غيرها من الصيغ التي ذكرت.

حكم تقديم صلاة الجمعة عن وقت صلاة الظهر

السؤال: هل يجوز تقديم صلاة الجمعة عن وقت صلاة الظهر؟


الجواب: نعم يجوز، صلاة الجمعة يمكن أن يؤتى بها قبل الزوال، وصلاة الظهر لا يؤتى بها إلا بعد الزوال، والأولى ألا يؤتى بالجمعة إلا بعد الزوال.


حكم من صدم طفلاً خطأً ولم يستطع الصيام لكبر سنه


السؤال: رجل صدم طفلاً خطأ ودفع ديته، ولم يستطع الصيام لكبر سنه، فماذا يلزم عليه الآن، هل عليه الإطعام؟


الجواب: الإطعام لا يأتي في قضية القتل؛ لأن الله ما ذكر إلا العتق، ومن لم يستطع صام شهرين متتابعين، ولم يذكر الإطعام، فالأمر دائر بين العتق والإطعام، العتق أولا ً إذا قدر عليه، وإذا لم يستطع فإنه ينتقل إلى صيام الشهرين المتتابعين، وإذا كان استطاع بماله أن يبحث ويجد من يكون رقيقاً ويشتريه ويعتقه حصل بذلك المطلوب، وإذا لم يستطع فالواجب دين في ذمته، فأقول: إذا كان يصوم رمضان يصوم شهرين متتابعين، فمن يستطيع أن يصوم شهر رمضان يستطيع أن يصوم شهرين متتابعين، وإذا مات وعليه صوم الكفارة يمكن لغيره أن يصوم عنه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه).

أفضلية الاعتكاف في مكة على المدينة

السؤال: أيهما أفضل الاعتكاف في مكة أو في المدينة؟


الجواب: لا شك أن المسجد الحرام أفضل من المسجد النبوي، والاعتكاف هناك لا شك أنه أفضل من الاعتكاف هنا؛ لأن الصلاة هناك بمائة ألف صلاة، والصلاة هنا بألف صلاة.

حكم زكاة الحلي

السؤال: الحلي التي تلبسه المرأة هل فيه زكاة؟


الجواب: فيه خلاف بين أهل العلم، والأظهر أن فيه زكاة؛ لعموم الأدلة الدالة على زكاة الذهب والفضة؛ ولأنه وردت أدلة خاصة تدل على الزكاة فيها، وهو حديث المسكتين التي قال: (تؤدين زكاة هذا؟) فورد ذكر الزكاة عنه في النصوص العامة وكذلك الأحاديث الخاصة، فأقرب الأقوال وأولاها هو القول بوجوب الزكاة في حلي النساء.

حكم من أقسم على إتيان طاعة معينة ثم تركها

السؤال: شخص كان إيمانه مرتفعاً في يوم من الأيام، فأقسم على أن يواظب على طاعة معينة ولا يتركها، ثم ضعف إيمانه، وترك تلك الطاعة نهائياً فماذا عليه؟

الجواب: الواجب على الإنسان أن يكون صادقاً في قوله، ومحسناً في قصده، وإذا ألزم نفسه بشيء هو لازم له في الشرع، فذلك تأكيد وزيادة في اللزوم، وإذا أقسم ولم يحصل أنه وفّى بيمينه فعليه أن يكفر عن اليمين التي ما وفى بها وحنث فيها.

الاعتكاف

السؤال: هل يجوز للشخص أن ينوي اعتكاف الليالي فقط أو النهار فقط، أو يجب عليه أن يعتكف يوماً بليلته؟

الجواب: الأظهر هو أن يعتكف يوماً بليلته؛ لأن هذا هو الذي جاء في حديث عمر ، نذر أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال له صلى الله عليه وسلم: (أوف بنذرك) وجاء في بعض الروايات: (يوم)، وجمع بينها بأنها يوم وليلة، وحيث ذكر اليوم معناه: ومعه ليلته."




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 29-11-2024, 04:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [169]
الحلقة (200)





شرح سنن أبي داود [169]

أنزل الله تعالى القرآن على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وتعبدنا بتلاوته، وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى قراءته في وقت أكثره شهر وأقله ثلاثة أيام، وذكر أنه لا يفقه القرآن من قرأه في أقل من ثلاث، ولقراءة القرآن فضل عظيم بينته أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

في كم يقرأ القرآن


شرح حديث عبد الله بن عمرو (اقرأ القرآن في شهر...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أبواب قراءة القرآن وتحزيبه وترتيله. باب في كم يقرأ القرآن. حدثنا مسلم بن إبراهيم و موسى بن إسماعيل قالا: أخبرنا أبان عن يحيى عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (اقرأ القرآن في شهر، قال: إني أجد قوة، قال: اقرأ في عشرين، قال: إني أجد قوة، قال: اقرأ في خمس عشرة، قال: إني أجد قوة، قال: اقرأ في عشر، قال: إني أجد قوة، قال: اقرأ في سبع ولا تزيدن على ذلك) ، قال أبو داود : وحديث مسلم أتم ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: أبواب قراءة القرآن وتحزيبه وترتيله. (قراءة القرآن) أي: ما يقرأ منه، ومتى يختم، وفي كم يوم يختمه الإنسان، هذا فيما يتعلق بقراءة القرآن. (وتحزيبه): أي: من يقرأ القرآن يقسمه إلى أحزاب، بحيث يكون له في كل يوم حزب ومقدار معين يحرص على قراءته. وترتيله أن يقرأه مرتلاً، لا هذاً وبسرعة شديدة، وإنما بترتيل، كما قال الله عز وجل: وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً [المزمل:4] دون أن يكون مسرعاً سرعة يحصل بها إخلال، أو يحصل بها نقص في القراءة. وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (اقرأ القرآن في كل شهر -أي: في كل يوم جزءاً- فقال: إني أجد قوة، قال: اقرأه في عشرين، قال: إني أجد قوة، قال: اقرأه في خمس عشرة، قال: إني أجد قوة، قال: اقرأه في عشر، قال: إني أجد قوة، قال: اقرأه في سبع ولا تزد على ذلك)، أي: ولا تزد على ذلك من ناحية النقص في الأيام، لا من حيث الزيادة في الأيام، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أرشده أولاً أن يقرأه في شهر، ثم كل مرة يقول: أجد قوة، حتى وصل إلى سبع، والمعنى: أنه لا يقرؤه في أقل من سبعة أيام. لكن جاء في بعض الأحاديث ما يدل على أنه يقرؤه في ثلاثة أيام، وهذا أقل مقدار جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأيام التي يقرأ فيها القرآن أنها ثلاث، بحيث يقرأ في كل يوم عشرة أجزاء ويختمه في ثلاث، لكن كونه يختمه في سبعة أيام، أي: في كل أسبوع مرة، هذا فيه تسهيل عليه، بخلاف ما لو كان في ثلاث فقد يكون فيه مشقة. وقد جاء عن الصحابة أنهم كانوا يحزبون القرآن على سبعة أحزاب كل حزب في يوم، ويختمون القرآن في سبعة أيام، وسيأتي الحديث في ذلك، والحاصل أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما إلى أن يقرأ القرآن في سبع، بحيث يختم القرآن في كل أسبوع، وهذا خير كثير إذا حصلت المداومة والاستمرار على ذلك، بحيث يقرأ في كل يوم أربعة أجزاء وشيئاً. وقوله: [ (اقرأ القرآن في شهر) ]. هذا هو الحد الذي لا ينبغي للإنسان أن يفوته أو يحصل منه التهاون والتساهل في أن يقرأه في أكثر من ذلك، نسأل الله عز وجل أن يعيننا على كل خير؛ فعلى الإنسان ألا يجعل ختم القرآن في رمضان فقط، وإنما يختمه في رمضان وغير رمضان، ولكن في رمضان يكون أكثر، أما أن يقصر ذلك على رمضان ولا يقرأ القرآن إلا في رمضان، فلا شك أن هذا عمل غير جيد، فقد جاء عن بشر الحافي أنه قيل له: إن أناساً يجتهدون في رمضان، فإذا خرج رمضان تركوا، فقال: بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان.

تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن عمرو (اقرأ القرآن في شهر...)


قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وموسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قالا: أخبرنا أبان ]. هو أبان بن يزيد العطار ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن يحيى ]. هو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن إبراهيم ]. هو محمد بن إبراهيم التيمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سلمة ]. هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عمرو ]. هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وهو من عبّاد الصحابة، ولهذا كثير من الأحاديث التي جاءت في قراءة القرآن وكذلك في صيام التطوع هي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما. [ قال أبو داود : وحديث مسلم أتم ]. وهو شيخه الأول؛ لأنه ذكر شيخين: موسى بن إسماعيل التبوذكي ، ومسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، ثم قال: وحديث مسلم أتم.

شرح حديث عبد الله بن عمرو (قال لي رسول الله: صم من كل شهر ثلاثة أيام واقرأ القرآن في شهر...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا سليمان بن حرب أخبرنا حماد عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: صم من كل شهر ثلاثة أيام، واقرأ القرآن في شهر، فناقصني وناقصته، فقال لي: صم يوماً وأفطر يوماً)، قال عطاء : واختلفنا عن أبي، فقال بعضنا: سبعة أيام، وقال بعضنا: خمساً. ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (صم من كل شهر ثلاثة أيام، واقرأ القرآن في شهر قال: فناقصني وناقصته..)، يعني: أنه أخبره بأنه يجد قوة، ويريد منه أن ينقص في هذا المقدار من الزمان، فكان ينقص شيئاً فشيئاً، حتى قال: (فناقصني وناقصته فقال: صم يوماً وأفطر يوماً) كان يطلب الزيادة على ذلك حتى وصل إلى أن يصوم يوماً ويفطر يوماً بحيث يصوم خمسة عشر يوماً من الشهر، ويفطر خمسة عشر يوماً من الشهر، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يريد منه أن يبقى على الحد الأقل وهو يطلب منه الزيادة على ذلك. قوله: [ قال عطاء : واختلفنا عن أبي فقال بعضنا: سبعة أيام، وقال بعضنا: خمساً ]. يعني: غيره خالفه في الرواية عن أبيه، فقال بعضهم: خمساً، وقال بعضهم: سبعاً، أي: أن يختم القرآن في سبع؛ لأنه قال له: في شهر، ثم نزل إما إلى سبع وإما إلى خمس، ولكن الذي جاء في الرواية السابقة وفي غيرها من الروايات أنه يقرؤه في سبع، ولا يزيد على ذلك، ومعناه: أنه يختم القرآن في أسبوع، لكن كما قلت: جاء أيضاً ما يدل على أنه يختمه في ثلاثة أيام، وهي أقل من الخمس والسبع.

تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن عمرو (قال لي رسول الله: صم من كل شهر ثلاثة أيام واقرأ القرآن في شهر...)

قوله: [ حدثنا سليمان بن حرب ]. سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا حماد ]. هو حماد بن زيد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عطاء بن السائب ]. عطاء بن السائب صدوق اختلط، وحماد بن زيد ممن روى عنه قبل الاختلاط، فاختلاطه لا يؤثر، وأخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. أبوه هو السائب بن مالك ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ عن عبد الله بن عمرو ]. هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، وهو الذي مر في الإسناد الذي قبل هذا.

شرح حديث عبد الله بن عمرو (يا رسول الله! في كم أقرأ القرآن...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن المثنى حدثنا عبد الصمد أخبرنا همام أخبرنا قتادة عن يزيد بن عبد الله عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: (يا رسول الله! في كم أقرأ القرآن؟ قال: في شهر، قال: إني أقوى من ذلك، ردد الكلام محمد بن المثنى العنزي ، وتناقصه حتى قال: اقرأه في سبع، قال: إني أقوى من ذلك، قال: لا يفقه من قرأه في أقل من ثلاث) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو الذي فيه أنه سأله في كم يوم يقرأ القرآن؟ فقال: في شهر، فناقصه، يعني: طلب منه أن يحدد له شيئاً أقل من هذا، حتى وصل إلى سبعة أيام قال: (اقرأه في سبع، قال: إني أقوى من ذلك، قال: لا يفقه من قرأه في أقل من ثلاث). وهذا يدل على أنه يقرأ في ثلاث، ولكن السبع أولى؛ لأن فيها رفقاً بالنفس، وفيها أيضاً إمكان المحافظة على ذلك؛ لأنه عندما يوزع على أيام الأسبوع ويكون لكل يوم نصيب، فيختمه في أسبوع، من الجمعة إلى الجمعة، ومن الخميس إلى الخميس، يكون في ذلك سهولة ويسر، واعتدال وتوسط، وعدم مشقة، ولكنه يمكن أن يقرأه في ثلاث، ولكن لا ينقص عن ثلاث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يفقه القرآن من قرأه في أقل من ثلاث)، أي: أن ذلك يؤدي إلى السرعة التي لا يتأمل معها الإنسان ولا يتدبر ولا يتفكر في معاني آيات الله عز وجل.

تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن عمرو (يا رسول الله! في كم أقرأ القرآن...)


قوله: [حدثنا ابن المثنى ]. هو محمد بن المثنى أبو موسى الزمن ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الصمد ]. هو عبد الصمد بن عبد الوارث ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا همام ]. هو همام بن يحيى ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يزيد بن عبد الله ]. هو يزيد بن عبد الله بن الشخير ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عمرو ]. هو عبد الله بن عمرو بن العاص وقد مر ذكره. قوله: [ ردد الكلام محمد بن المثنى العنزي ]. هو محمد بن المثنى فهو مشهور بكنيته، ولهذا في تهذيب التهذيب في تلاميذ الشيوخ بدلاً ما يقول في كثير من الأحيان: محمد بن المثنى يقول: أبو موسى ، وهذا معناه: أنه مشهور بكنيته.

شرح حديث عبد الله بن عمرو (اقرأ القرآن في شهر قال إن بي قوة، قال اقرأه في ثلاث)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن حفص أبو عبد الرحمن القطان خال عيسى بن شاذان أخبرنا أبو داود أخبرنا الحريش بن سليم عن طلحة بن مصرف عن خيثمة عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ القرآن في شهر، قال: إن بي قوة، قال: اقرأه في ثلاث). قال أبو علي : سمعت أبا داود يقول: سمعت أحمد -يعني ابن حنبل - يقول: عيسى بن شاذان كيس ]. أورد حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، وفيه اختصار، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (اقرأ القرآن في شهر)، ثم ذكر في الآخر أنه يقرؤه في ثلاث، وهذا مطابق لما تقدم: (لا يفقه القرآن من يقرؤه في أقل من ثلاث) فهذا هو الحد الأدنى، ولم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم في إخباره لعبد الله بن عمرو بن العاص بعد سؤاله ومراجعته أنه أنقصه عن ثلاث، بل قال: (لا يفقه القرآن من قرأه في أقل من ثلاث). والحديث فيه اختصار، فليس فيه أنزله من ثلاثين إلى ثلاث، وإنما فيه تدرج، ولكن هذا أقل شيء.

تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن عمرو (اقرأ القرآن في شهر، قال إن بي قوة، قال اقرأه في ثلاث)


قوله: [حدثنا محمد بن حفص أبو عبد الرحمن القطان خال عيسى بن شاذان ]. محمد بن حفص أبو عبد الرحمن القطان مقبول، أخرج حديثه أبو داود . [ أخبرنا أبو داود ]. هو سليمان بن داود الطيالسي ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري معلقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ أخبرنا الحريش بن سليم ]. الحريش بن سليم مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن طلحة بن مصرف ]. طلحة بن مصرف ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن خيثمة ]. هو خيثمة بن عبد الرحمن ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عمرو ]. عبد الله بن عمرو قد مر ذكره. والحديث ألفاظه موجودة في الأحاديث التي مرت، فكونه فيه مقبولان لا يؤثر. [ قال أبو علي : سمعت أبا داود يقول: سمعت أحمد -يعني ابن حنبل - يقول: عيسى بن شاذان كيس ]. أبو علي هو اللؤلؤي الذي يروي عن أبي داود ، قال: سمعت أبا داود يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول عن عيسى بن شاذان : إنه كيس، وعيسى بن شاذان ليس من رجال الإسناد، وإنما جاء عرضاً هكذا، فهو ابن أخت محمد بن حفص شيخ أبي داود ، فهو ليس من رجال الإسناد، وقول أحمد بن حنبل فيه: إنه كيس، هو توثيق بلا شك.
تحزيب القرآن


شرح حديث (قرأت جزءاً من القرآن)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب تحزيب القرآن. حدثنا محمد بن يحيى بن فارس أخبرنا ابن أبي مريم أخبرنا يحيى بن أيوب عن ابن الهاد قال: سألني نافع بن جبير بن مطعم فقال لي: (في كم تقرأ القرآن؟ فقلت: ما أحزبه، فقال لي نافع : لا تقل: ما أحزبه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قرأت جزءاً من القرآن، قال: حسبت أنه ذكره عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة باب تحزيب القرآن، أي: جعله على أحزاب وأقسام يقرأ الإنسان في كل يوم حزباً، وكما أشرت أنه روي عن الصحابة أنهم كانوا يحزبون القرآن سبعة أحزاب، بحيث يختمونه في كل أسبوع، فيجعلون البقرة والنساء وآل عمران حزباً، كما سيأتي في أثر عن أوس بن حذيفة قال: سألت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: كيف تحزبون القرآن؟ فقالوا: ثلاثاً، وخمساً، وسبعاً، وتسعاً، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل وحده، وأوله (ق)، على اعتبار أن سورة الفاتحة غير محسوبة، وإذا حسبت سورة الفاتحة يصير أول المفصل سورة الحجرات. وعلى القول الثاني أن سورة الفاتحة لا تحسب، وأنه يحسب من البقرة، فيبدأ حزب المفصل من (ق)، ولهذا نجد في بعض الطبعات القديمة للمصحف أن السور التي هي بدء الحزب يكون لها شكل معين في رسم الصفحة الأولى، مثل الإسراء والصافات و(ق) مثلاً، توضع علامات على هذه الأحزاب السبعة التي جاءت في أثر أوس بن حذيفة الذي سيأتي. قوله: [ (سألني نافع بن جبير بن مطعم ، فقال لي: في كم تقرأ القرآن؟ فقلت: ما أُحِّزبه) ]. يعني: في كم تقرأ القرآن؟ وهل لك حزب معين تلتزم به؟ قال: ما أحزبه. أي أنه ما كان يقرأ بأحزاب، وإنما يقرأ من غير أن يحدد. قوله: [ قال: لا تقل: ما أحزبه، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (قرأت جزءاً من القرآن) ]. وهو مقدار من القرآن. قوله: [ (حسبت أنه ذكره عن المغيرة بن شعبة ) ]. أي: حسبت أنه ذكر الحديث عن المغيرة بن شعبة ، فهذا شك في إضافته إلى ذلك الصحابي. وقوله: (لا تقل: ما أحزبه). نهاه عن عدم التحزيب؛ لأن القرآن يقسم أقساماً وأجزاءً وأحزاباً.
تراجم رجال إسناد حديث (قرأت جزءاً من القرآن)

قوله: [ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ]. هو محمد بن يحيى بن فارس الذهلي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ أخبرنا ابن أبي مريم ]. هو سعيد بن الحكم المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا يحيى بن أيوب ]. يحيى بن أيوب صدوق ربما أخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن الهاد ]. هو يزيد بن عبد الله بن الهاد ، مثل: يزيد بن عبد الله بن الشخير ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: سألني نافع بن جبير بن مطعم ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن المغيرة بن شعبة ]. وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (قدمنا على رسول الله في وفد ثقيف...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد أخبرنا قران بن تمام (ح) وحدثنا عبد الله بن سعيد أخبرنا أبو خالد وهذا لفظه، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى عن عثمان بن عبد الله بن أوس عن جده رضي الله عنه، قال عبد الله بن سعيد في حديثه: أوس بن حذيفة قال: (قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف، قال: فنزلت الأحلاف على المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، وأنزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بني مالك في قبة له، قال مسدد : وكان في الوفد الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من ثقيف، قال: كان كل ليلة يأتينا بعد العشاء يحدثنا، وقال أبو سعيد : قائماً على رجليه حتى يراوح بين رجليه من طول القيام، وأكثر ما يحدثنا ما لقي من قومه من قريش، ثم يقول: لا سواء، كنا مستضعفين مستذلين، قال مسدد : بمكة، فلما خرجنا إلى المدينة كانت سجال الحرب بيننا وبينهم، ندال عليهم ويدالون علينا، فلما كانت ليلة أبطأ عن الوقت الذي كان يأتينا فيه، فقلنا: لقد أبطأت عنا الليلة، قال: إنه طرأ عليّ جزئي من القرآن، فكرهت أن أجيء حتى أتمه، قال أوس : سألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كيف يحزبون القرآن؟ قالوا: ثلاث، وخمس، وسبع، وتسع، وإحدى عشرة وثلاث عشرة، وحزب المفصل وحده) قال أبو داود : وحديث أبي سعيد أتم ]. أورد أبو داود حديث أوس بن حذيفة ، وفي أوله قال: (قدمنا على رسول صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف، فنزلت الأحلاف على المغيرة بن شعبة ، ونزل بني مالك في قبة كانت للرسول صلى الله عليه وسلم. قال مسدد : وكان في الوفد الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثقيف). يعني: أوس بن حذيفة. قوله: [ قال: (كان كل ليلة يأتينا بعد العشاء يحدثنا) ]. يعني: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتيهم كل ليلة بعد العشاء يحدثهم، ويكون واقفاً حتى يطول القيام ويراوح بين رجليه، أي: يعتمد على هذه تارة، ويعتمد على هذه تارة، وكان يحدثهم بما جرى لهم بمكة من الإيذاء، وأنهم بعد ما هاجر إلى المدينة صارت الحرب بينهم وبين أهل مكة سجالاً، يدال عليهم ويدالون عليه. قوله: [ (فلما كان ليلة من الليالي أبطأ عن الوقت الذي كان يأتينا فيه) ]. أي: أبطأ عن المجيء الذي كانوا ألفوه واعتادوه منه، فسألوه، فقال: (إنه طرأ عليّ جزئي من القرآن) أي: المقدار الذي كان يقرؤه في اليوم وكان قد شغل عنه، فأراد أن يتداركه فتأخر عنهم؛ لأنه كان يقرأ جزأه من القرآن، أي: المقدار الذي خصصه لقراءته في كل يوم. ثم قال أوس : (سألت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: ثلاثاً، وخمساً، وسبعاً، وتسعاً، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل وحده) أي: ثلاث سور من القرآن حزب، فإن حسبت الفاتحة صارت الفاتحة والبقرة وآل عمران، وإن بدئ البدء من البقرة صارت البقرة وآل عمران والنساء، ثم خمساً، وسبعاً، وتسعاً، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، ثم بعد ذلك يكون الوقوف على الحجرات أو على (ق)، فإن حسبت الفاتحة صار الحزب المفصل الذي هو الحزب السابع يبدأ من الحجرات، وإن لم تحسب الفاتحة وبدئ من البقرة فإن الحزب يبدأ بـ(ق)، وبذلك يكون القرآن سبعة أحزاب، وقد قسموا القرآن هكذا حتى يقرءوه كل أسبوع مرة. والحديث ضعفه الألباني لأن فيه من هو مقبول، وفي المتن أيضاً نكارة، وهو كون الرسول صلى الله عليه وسلم يأتي ويقف حتى يتعب من الوقوف، ويراوح بين رجليه وهم جلوس يحدثهم، فكيف يقف الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الوقوف الطويل وهم جالسون، ويحدثهم ويتكلم معهم، ولا شك أن إتيان الضيوف وإيناسهم شيء طيب، ولكن كونه بهذه الهيئة وبهذه الكيفية يبدو أن فيه نكارة، فاللائق والمناسب أن يكون جالساً، حتى يستريح هو وهم أيضاً؛ لأنه عندما يكون واقفاً وهم جالسون لا يرتاحون مع ذلك، فاللفظ فيه غرابة ونكارة. والتحزيب هذا ليس ببعيد؛ لأنه ما دام الحد الذي حدده الرسول صلى الله عليه وسلم سبعة أيام، وهو من أحرص الناس على كل خير، وكونهم يحافظون على قراءة القرآن، وجعلوه أحزاباً يحافظون عليها، ويستمرون عليها، ليس ببعيد، لكنه من ناحية الإسناد فيه ما فيه، ومن ناحية المتن أيضاً فيه النكاية التي أشرت إليها.

تراجم رجال إسناد حديث (قدمنا على رسول الله في وفد ثقيف...)


قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد ، وهو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ أخبرنا قران بن تمام ]. قران بن تمام صدوق ربما أخطأ، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ ح وحدثنا عبد الله بن سعيد ]. هو عبد الله بن سعيد أبو سعيد الأشج ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا أبو خالد ]. هو سليمان بن حيان ، وهو صدوق يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى ]. عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى صدوق يخطئ ويهم، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد و مسلم و أبو داود و الترمذي في الشمائل، و النسائي و ابن ماجة . [ عن عثمان بن عبد الله بن أوس ]. عثمان بن عبد الله بن أوس مقبول، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ عن جده ]. جده هو أوس ، وهو صحابي، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ قال عبد الله بن سعيد في حديثه: أوس بن حذيفة ]. أي: قال: عن جده أوس بن حذيفة . [ قال أبو داود : وحديث أبي سعيد أتم ]. أي: الشيخ الثاني، وهو عبد الله بن سعيد الأشج ؛ لأنه ذكره في الأول باسمه، وذكره في الآخر بكنيته أبي سعيد .
شرح حديث (لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المنهال الضرير أخبرنا يزيد بن زريع أخبرنا سعيد عن قتادة عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير عن عبد الله -يعني ابن عمرو - رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)، وهذا يدل على أن الثلاث هي الحد الأدنى، وأنه لا ينقص عنها، وأنه من نقص عنها فإنه لا يفقه القرآن ولا يتدبره؛ لأن ذلك لا يتأتى بسرعة شديدة.
تراجم رجال إسناد حديث (لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)

قوله: [ حدثنا محمد بن المنهال الضرير ]. محمد بن المنهال الضرير ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ أخبرنا يزيد بن زريع ]. يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا سعيد عن قتادة ]. هو سعيد بن أبي عروبة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وقتادة هو قتادة بن دعامة السدوسي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير ]. أبو العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عمرو ]. عبد الله بن عمرو قد مر ذكره.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 29-11-2024, 04:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح حديث عبد الله بن عمرو (أنه سأل النبي في كم يقرأ القرآن؟ قال في أربعين..)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا نوح بن حبيب أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن سماك بن الفضل عن وهب بن منبه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: (أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم في كم يقرأ القرآن؟ قال: في أربعين يوماً، ثم قال: في شهر، ثم قال: في عشرين، ثم قال: في خمس عشرة، ثم قال: في عشر، ثم قال: في سبع، لم ينزل من سبع) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم في كم يقرأ القرآن؟ قال: في أربعين، ثم قال: في شهر، ثم نزل حتى وصل إلى سبع ولم ينزل عن سبع، يعني: أنه لم ينقصه عن سبع، لكن قد جاء في بعض الأحاديث المتقدمة أنه نزل إلى ثلاث، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يفقه القرآن من قرأه في أقل من ثلاث)، وهي تشبه العبارة التي جاءت في أول الحديث (ولا تزد على ذلك) يعني: في النقصان، وليس معناه أنه لا يزيد في الأيام؛ لأن الأيام مرخص له أن يزيد فيها، فله أن يقرأ في عشر ليال، أو خمس عشرة ليلة أو عشرين ليلة، ولكن المقصود أنه لا يزيد على ذلك، بحيث يقرؤه في أقل من سبعة أيام. وقد قال الألباني : إنه صحيح، إلا قوله: (لم ينزل من سبع)؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث ثلاث، ومعنى: (لم ينزل من سبع) مثل: (لا تزد على ذلك) في أول حديث، وهذا إرشاد إلى الأولى، ثم بعد ذلك نقصه إلى ثلاث، فدل على أن الثلاث يمكن أن ينزل إليها، ويمكن أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قال له ذلك في أوقات مختلفة، وأن المفاوضة حصلت في أوقات مختلفة.

تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن عمرو (أنه سأل النبي في كم يقرأ القرآن؟ قال في أربعين...)


قوله: [ حدثنا نوح بن حبيب ]. نوح بن حبيب ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر ]. عبد الرزاق مر ذكره، ومعمر هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سماك بن الفضل ]. سماك بن الفضل ثقة، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن وهب بن منبه ]. وهب بن منبه ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة ففي التفسير. [ عن عبد الله بن عمرو ]. عبد الله بن عمرو قد مر ذكره.

شرح حديث ابن مسعود أنه أتاه رجل فقال له: إني أقرأ المفصل في ركعة...


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عباد بن موسى أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن علقمة و الأسود قالا: أتى ابن مسعود رجل فقال: (إني أقرأ المفصل في ركعة، فقال: أهذاً كهذ الشعر، ونثراً كنثر الدقل؟! لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ النظائر السورتين في ركعة، النجم والرحمن في ركعة، واقتربت والحاقة في ركعة، والطور والذاريات في ركعة، وإذا وقعت ونون في ركعة، وسأل سائل والنازعات في ركعة، وويل للمطففين وعبس في ركعة، والمدثر والمزمل في ركعة، وهل أتى ولا أقسم بيوم القيامة في ركعة، وعم يتساءلون والمرسلات في ركعة، والدخان وإذا الشمس كورت في ركعة). قال أبو داود : هذا تأليف ابن مسعود رحمه الله ]. أورد أبو داود حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، أنه قال له رجل: إني أقرأ المفصل في ركعة، فقال: أهذاً كهذ الشعر ونثراً كنثر الدقل؟! يعني: بسرعة شديدة وفائقة كهذ الشعر ونثر الدقل، والدقل هو التمر الذي يتساقط ويختلط بعضه ببعض لتساقطه، ثم قال: لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ النظائر في ركعة، ثم ذكر جملة من السور، وكل سورة تكون نظيرة لسورة. والحديث في الصحيحين، لكن بدون ذكر تفصيلات هذه السور، وإنما فيه ذكر النظائر التي كان الرسول يقرأ بها، لكن تفاصيلها خارج الصحيحين. وقد صححه الألباني بدون سرد السور، والحديث متفق عليه بدون سرد السور. وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري عند شرحه لهذا الحديث: ولا خلاف بين العلماء أن قراءة القرآن بغير ترتيل جائزة، وأنه بالترتيل أحسن وأفضل. [ قال أبو داود : وهذا تأليف ابن مسعود ]. أي: ترتيب هذه السور هي هكذا في مصحف ابن مسعود . وترتيب السور فيه خلاف بين أهل العلم، فمنهم من قال: إنه باجتهاد الصحابة، ولهذا يقولون: تجوز قراءة هذه قبل هذه، ومنهم من قال: إنه بتوقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن هذا هو الذي حصل في العرضة الأخيرة، أي: بينه وبين جبريل في آخر شهر من شهور رمضان التي عاشها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في السنة العاشرة، والشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في أدب المشي إلى الصلاة يقول: إن جمهور العلماء على أنه بالاجتهاد، قال: وترتيب الآيات واجب لأنه بالنص، وترتيب السور بالاجتهاد لا بالنص في قول جمهور العلماء، ولهذا تنوعت مصاحف الصحابة في كتابتها. وهذا الفعل من ابن مسعود يقوي هذا القول، فإن مصحفه يخالف ترتيب المصحف الموجود.
تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود أنه أتاه رجل فقال له: إني أقرأ المفصل في ركعة...

قوله: [ حدثنا عباد بن موسى ]. عباد بن موسى ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ أخبرنا إسماعيل بن جعفر ]. إسماعيل بن جعفر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إسرائيل ]. إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي إسحاق ]. أبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله الهمداني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علقمة ]. هو علقمة بن قيس النخعي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ والأسود ]. وهو: الأسود بن يزيد بن قيس النخعي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن مسعود ]. عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. والحديث فيه أبو إسحاق السبيعي ، وهو مدلس، لكن الحديث بدون سرد السور في الصحيحين.

شرح حديث (من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حفص بن عمر أخبرنا شعبة عن منصور عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد أنه قال: سألت أبا مسعود رضي الله عنه وهو يطوف بالبيت، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه). ]. أورد أبو داود حديث أبي مسعود رضي الله عنه أنه سأله عبد الرحمن بن يزيد وهو يطوف بالبيت، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه). والآيتان من آخر سورة البقرة هي قوله تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ [البقرة:285] هذه الآية والتي بعدها. وقوله: (كفتاه) يمكن أن يقال: كفتاه عن غيرهما، أو كفتاه السوء؛ لأن فيهما وقاية وحفظاً، ولا مانع من إرادة هذه المعاني كلها، بأن تكون كفتاه عن غيرهما، لأهميتهما وعظم شأنهما، وأيضاً تقيه وتكفيه الشر والسوء. وأيضاً ذكروا أن من معاني (كفتاه) أي: كفتاه عن قيام الليل. لكن الإنسان لا يتكل على بعض النصوص التي يراها، ثم يتساهل ويتهاون، بل ينبغي أن يفرح بهذا الخير ويعمل الخير. وفيه جواز الكلام في الطواف والسؤال في مسائل العلم وما إلى ذلك؛ لأن عبد الرحمن بن يزيد سأل أبا مسعود وهو يطوف بالبيت فأجابه، فدل على أن الكلام والسؤال والتساؤل في مسائل العلم لا بأس به في الطواف. قوله: [ (في ليلة) ] لا يوجد تحديد، والليلة كما هو معلوم تبدأ بالغروب وتنتهي بطلوع الفجر.
تراجم رجال إسناد حديث (من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه...)

قوله: [حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و النسائي . [ أخبرنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن منصور ]. هو: منصور بن المعتمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إبراهيم ]. هو إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن يزيد ]. هو عبد الرحمن بن يزيد النخعي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي مسعود ]. هو أبو مسعود عقبة بن عامر الأنصاري البدري، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وكلمة (كفتاه) لها معان عدة، فقيل: (كفتاه) أي: من قيام الليل، وقيل: من الشيطان، وقيل: من الآفات، ويحتمل من الجميع، قال في النهاية: أي: أغنتاه عن قيام الليل، وقيل: أراد أنهما أقل ما يجزئ من القراءة في قيام الليل، وقيل: تكفيان السوء وتقيان من المكروه. قاله السيوطي . وعلى كلٍ: كل هذه المعاني صحيحة، لكن مسألة قيام الليل والتهاون به من أجل هذا لا ينبغي؛ لأن قيام الليل جاء في أصرح من هذا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله)، ومعناه بالجمع بينهما، لا أن صلاة الصبح تعادل الليل كله، وإنما هذه تعدل النصف الأول، وهذه تعدل النصف الأخير. فالذي يبدو أن المراد أن الإنسان إذا قرأ هذا المقدار في ليلة من الليالي، فإنه يكفيه، لكن لا يكفيه عن قراءة القرآن، كما أن قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] كونها تعدل ثلث القرآن فالإنسان لا يقرأها ثلاث مرات ويقول: لقد قرأت القرآن.
شرح حديث: (من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرنا عمرو أن أبا سوية حدثه أنه سمع ابن حجيرة يخبر عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين) قال أبو داود : ابن حجيرة الأصغر : عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة ] . أورد أبو داود رحمه الله أحاديث عديدة تتعلق بتحزيب القرآن وتجزئته، وهذا الحديث حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما فيه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين)، وهذا في قيام الليل؛ لأن قوله: (من قام) أي: صلى وقرأ هذا المقدار من الآيات. وقوله: (من القانتين) كلمة القنوت تأتي بعدة تفسيرات، فتأتي بمعنى: السكوت، وبمعنى: طول القيام، وبمعنى: الدعاء، ويأتي بمعانٍ أخرى، وهنا يحتمل أن يكون المراد بالقانتين الذين يحصل منهم طول القيام في صلاة الليل، ويحتمل غير ذلك. قوله: [ (ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين) ] أي: الذين يحصلون على الأجر العظيم، والأجور الكبيرة الواسعة؛ لأن المقنطرين نسبة للقنطار، أو ما يزن القناطير أو يماثلها في كثرتها، وهذا كناية عن عظم الأجر والثواب.
تراجم رجال إسناد حديث: (من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين

قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. أحمد بن صالح ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل. [ حدثنا ابن وهب ] هو عبد الله بن وهب المصري ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا عمرو ] هو عمرو بن الحارث المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن أبا سوية حدثه ] عبيد بن سوية ، وهو صدوق أخرج له أبو داود . [ أنه سمع ابن حجيرة ]. هو عبد الرحمن بن حجيرة الأكبر ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن عبد الله بن عمرو بن العاص ]. وهو صحابي جليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم. [ قال أبو داود : ابن حجيرة الأصغر : عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة ]. لكن الذي معنا في الإسناد هو الأكبر وليس الأصغر، والأصغر ليس له رواية إلا عند النسائي في عمل اليوم والليلة، وله عنده حديث واحد، والذي خرج له مسلم وأصحاب السنن هو أبوه عبد الرحمن بن حجيرة الذي يقال له: الأكبر، فلا أدري هذا البيان من أبي داود لابن حجيرة على اعتبار تمييز الأصغر من الأكبر، وأن الأصغر هو فلان، ومعناه أن الأكبر هو أبوه، أو أنه وهم منه، وأنه يريد أن يوضح الذي في الإسناد، بل ما ذكر الذي في الإسناد، ولكنه ذكر ابنه الذي هو عبد الله بن عبد الرحمن . فالحاصل أن هذا الذي نسبه أبو داود ليس هو الذي في الإسناد، بل الذي في الإسناد أبوه، وكل منهما يقال له: ابن حجيرة، ويميز بينهما بأن يقال: ابن حجيرة الأكبر و ابن حجيرة الأصغر ، فالذي معنا في الإسناد هو ابن حجيرة الأكبر . والحافظ ابن حجر ذكر أنه أراد أن يميز بينهما.
شرح حديث: (أتى رجل إلى رسول الله فقال: أقرئني يا رسول الله...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يحيى بن موسى البلخي و هارون بن عبد الله قالا: أخبرنا عبد الله بن يزيد أخبرنا سعيد بن أبي أيوب حدثني عياش بن عباس القتباني عن عيسى بن هلال الصدفي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: (أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أقرئني يا رسول الله! فقال: اقرأ ثلاثاً من ذوات (الر)، فقال: كبرت سني، واشتد قلبي، وغلظ لساني، قال: فاقرأ ثلاثاً من ذوات (حم)، فقال مثل مقالته، فقال: اقرأ ثلاثاً من المسبحات، فقال مثل مقالته، فقال الرجل: يا رسول الله! أقرئني سورة جامعة، فأقرأه النبي صلى الله عليه وسلم (إذا زلزلت الأرض) حتى فرغ منها، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليها أبداً، ثم أدبر الرجل، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أفلح الرويجل مرتين) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما، أنه جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أقرئني يا رسول الله! فقال: اقرأ ثلاثاً من ذوات (الر) قال: قد كبرت سني، واشتد قلبي، وغلظ لساني) يعني: تقدم بي السن، فما أستطيع أن أحفظ كما أريد وكما أبغي، (واشتد قلبي) يعني: حصل له ما حصل من عدم القوة والضبط والحفظ؛ لكبر سنه. (وغلظ لساني) يعني: ثقل فصار لا يستطيع أن يقرأ وأن يتمكن من القراءة كما لو كان صغيراً. (فقال: اقرأ ثلاثاً من ذوات حم) نزل معه إلى أن يقرأ ثلاثاً من ذوات (حم)، ومعلوم أن في هذه السور ما هو أقصر من ذوات (الر)، وأقصر السور في الحواميم سورة الدخان، (فقال: مثل مقالته ) يعني: كبر سني.. إلى آخره، (فقال: اقرأ ثلاثاً من المسبحات)، وهي التي بدأت بسبح .. سبح لله.. ويسبح لله، فقال مثل ما قال. ثم قال الرجل: (أقرئني سورة جامعة، فأقرأه: إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا [الزلزلة:1] حتى فرغ منها)، وهي جامعة لقوله في آخرها: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه -[الزلزلة:7-8]، وهي التي لما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمر الأهلية هل فيها زكاة؟ فقال: (لا أجد فيها إلا هذه الآية ما أنزل علي فيها هذه الآية الفاذة الجامعة: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه [الزلزلة:7-8])، أي: أن من يعمل الخير ولو كان قليلاً يسيراً يجده أمامه، ومن يعمل الشر سواء كان قليلاً أو كثيراً يجده أمامه، وهذا الذي جاء في هذه الآية مثل ما جاء في الحديث القدسي: (يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه. قوله: ). (فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد عليها) يعني: لا أزيد على العمل بما جاء فيها، والذي جاء فيها أنه يعمل الخير ويترك الشر، هذا هو ما اشتملت عليه هذه السورة في نهايتها من هذا الكلام الجامع الذي يدخل تحته كل خير وكل شر، وأن من قدم خيراً وجده أمامه، ومن قدم شراً وجده أمامه، والله عز وجل لا يضيع عنده شيء، ولا يعاقب إنساناً إلا بذنبه ولا يؤاخذه إلا بجريرته. فقال عليه الصلاة والسلام: (أفلح الرويجل) يعني: إذا صدق فيما قال من أنه يسعمل بما في هذه السورة الجامعة. وقوله: (الرويجل) قيل: هو تصغير رجل، ولكنه على خلاف القياس؛ لأن القياس أن الرجل يصغر على رجيل، وإنما الذي يصغر على رويجل هو الراجل، وهو الماشي وهو ضد الراكب، قال تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً [البقرة:239] يعني: راكبين أو ماشين على أرجلهم، وقيل: إنه تصغير راجل، وأن المقصود به هذا الرجل الذي ذهب يمشي، فقوله: (أفلح الرويجل) أي: الذي ذهب يمشي. وعليه فإن كان المقصود به تصغير رجل فهو تصغير على خلاف القياس، وإن كان المراد به تصغير راجل الذي هو الماشي فهو على القياس.

تراجم رجال إسناد حديث (أتى رجل إلى رسول الله فقال: أقرئني يا رسول الله...)


قوله: [ حدثنا يحيى بن موسى البلخي ]. يحيى بن موسى البلخي ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ وهارون بن عبد الله ] هوهارون بن عبد الله الحمال البغدادي ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ قالا: أخبرنا عبد الله بن يزيد ] هو عبد الله بن يزيد المقري المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا سعيد بن أبي أيوب ] هو سعيد بن أبي أيوب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني عياش بن عباس القتباني ] عياش بن عباس القتباني ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن. [ عن عيسى بن هلال الصدفي ] عيسى بن هلال الصدفي ، وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن عبد الله بن عمرو ] عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما وقد مر ذكره. والحديث ضعفه الألباني ، ولا أدري ما وجه تضعيفه، والإسناد كما هو واضح كله ثقات، وفيهم من هو صدوق، وقد صححه الحاكم ووافقه الذهبي ، وقال: إنه صحيح.
الأسئلة



ما جاء عن بعض السلف أنه كان يختم القرآن في اليوم مرتين


السؤال: كيف يجمع بين قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقرءوا القرآن في أقل من ثلاث) وبين ما نقل عن السلف خاصة في رمضان وفي العشر الأواخر من الاجتهاد في قراءة القرآن، مثلما يذكر عن الشافعي أنه كان يختم القرآن في اليوم الواحد مرتين؟

الجواب: هذه الأشياء التي فيها مبالغات لا أدري ما صحتها، ومعلوم أن قراءة القرآن بالتدبر والتأمل لا يمكن أن تحصل في ذلك، والذي أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي ينبغي أن يحرص عليه، لا سيما وقد قال عليه الصلاة والسلام: (لا يفقه القرآن من قرأه في أقل من ثلاث).

حكم لبس البنطلون

السؤال: ماذا تقولون عن لبس البنطلون في هذه البلاد؟

الجواب: على المسلم بل هو أن يلبس لباس المسلمين في كل مكان، في هذه البلاد وفي غير هذه البلاد، والبنطلون ليس من لباس المسلمين، بل هو لباس الكفار، ولكن بعض المسلمين قلدوهم فيه وتابعوهم.

حكم بطاقة التهنئة بيوم العيد

السؤال: ما حكم بطاقة التهنئة بيوم العيد؟


الجواب: التهنئة بيوم العيد سائغة، وقد جاء ما يدل على ذلك، وكونه يكتب تهنئة أيضاً لا بأس بذلك، ولا نعلم شيئاً يمنع منه، وقد ذكرت في الفوائد المنتقاة في آخرها أثراً: أن الصحابة كانوا إذا لقي بعضهم بعضاً يوم العيد قال بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنكم، وقد ذكره الحافظ ابن حجر وأظنه قال: وإسناده إسناد الصحيح، وقد أشرت إليه في آخر الفوائد المنتقاة في الفوائد المتفرقة في القسم الأخير.

جواز زواج الرجل بربيبة أبيه

السؤال: تزوج رجل وله أولاد بامرأة لها بنات، فهل أولادهما بينهم محرمية؟


الجواب: بنات زوجة أبيهم من رجل آخر يعتبرن أجنبيات، وهن يعتبرن ربيبات له، فلهم أن يتزوجوا بهن؛ لأن بعضهم عن بعض أجانب، وليسوا محارم لهن؛ بل يجوز لهم أن يتزوجوا منهن.

حكم الاقتصار على سورة الفاتحة في الصلاة

السؤال: هل يجوز قراءة سورة الفاتحة دون غيرها في كل ركعة في صلاة النافلة؟

الجواب: الواجب هو سورة الفاتحة، وما زاد على ذلك فهو سنة، والإنسان عليه أن يحرص على أن يأتي بالسنن، ويقرأ ما تيسر من القرآن بعدها.

حكم قراءة الإخلاص والمعوذتين بعد الفجر والمغرب ثلاث مرات

السؤال: هل من السنة أن تقرأ سورة الإخلاص والمعوذتين ثلاث مرات بعد صلاة العصر؟


الجواب: تقرأ ثلاث مرات بعد صلاة المغرب والفجر، أما في العصر والأوقات الأخرى فتقرأ مرة واحدة.

درجة الحديث الذي في سنده صدوق له أوهام أو صدوق سيئ الحفظ


السؤال: ما درجة الحديث الذي في سنده صدوق له أوهام، أو صدوق سيء الحفظ؟

الجواب: غالباً يصححونه أو يحسنونه إذا لم يكن ذلك الشيء الذي رواه مما أخذ عليه؛ لأن أوهامه أحياناً تكون محصورة، فإذا كان الوهم من ذلك الشخص في هذا الحديث فإنه يضعف، ويكون هذا هو الذي عيب عليه، وأما إذا كان الحديث ليس مما أخذ عليه، ولا يعتبر من أوهامه فلا يؤثر ذلك.

معنى حديث (إن الإيمان ليئرز إلى المدينة كما تئرز الحية إلى جحرها)

السؤال: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الإيمان ليئرز إلى المدينة كما تئرز الحية إلى جحرها)؟


الجواب: معناه: أن المسلمين يأوون ويأتون إليها، ويحرصون على الإتيان إليها، كما تحرص الحية على الذهاب إلى جحرها.

من عبارات الشيخ في حب الصحابة

السؤال: نود منكم أن تذكروا لنا الكلمة التي ذكرتموها في آخر كتاب المهدي حول حبكم للصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وجزاكم الله خيراً؟

الجواب: الكلمة التي قلتها هي أنني قلت: من أحب أعمالي إليّ وأرجاها لي عند ربي حبي الجم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبغضي الشديد لمن يبغضهم، وأرجو الله عز وجل وأسأله بحبي إياهم أن يزيدهم فضلاً على فضلهم، وأن يزيد من لم يرعو عن غيه من شانئهم ذلاً وهواناً وخذلاناً.

حكم المأموم إذا ترك ركناً من أركان الصلاة

السؤال: هل يتحمل الإمام عن المأموم ركناً من أركان الصلاة؟

الجواب: لا يتحمل، الركن لا بد منه، فإذا كان الإنسان قد فاته ركن من الأركان بأن ترك الركوع أو السجود فعليه أن يقوم ويقضي ويأتي بركعة بعد ذلك، ولا يتحمل الإمام شيئاً لا بد منه كالأركان.

إذا قرأ الإمام آية سجدة فركع وسجد المأمومون

السؤال: قرأ الإمام آية سجدة ثم ركع ولم يسجد، ولكن المأمومين سجدوا حتى سمعوا قول الإمام: سمع الله لمن حمده، فما الحكم؟

الجواب: هؤلاء يمكن أن يتداركوا؛ لأنهم إذا سمعوا الإمام يقول: سمع الله لمن حمده، قاموا وركعوا، وقالوا: سبحان ربي العظيم، ثم رفعوا ولحقوا بالإمام، فيمكنهم ذلك.

الصعق والإغماء عند سماع آيات القرآن

السؤال: ورد عن بعض السلف أنهم كانوا يصعقون عند سماع القرآن، فهل هذا صحيح؟


الجواب: بعض السلف حصل له ذلك، ومنهم زرارة بن أوفى الذي يأتي في الأسانيد، فقد ذكر ابن كثير في تفسيره أنه قرأ قوله تعالى: فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ [المدثر:8-9] وكان يصلي بالناس وكان أمير البصرة، فخر مغشياً عليه، ثم مات رضي الله عنه وأرضاه، لكن هذا الأمر ليس تكلفاً، بل هو شيء يأتي من الله عز وجل، وبعض الناس يتكلفون شيئاً وهو يخالف ما في بواطنهم، مثل البكاء والتباكي، فالبكاء أن يبكي من غير اختياره، وأما التباكي فهو أ، يتكلف البكاء. وهذا الكلام يقال في المتكلفين الذين يتمايلون ويتساقطون، وهو: إذا كانوا صادقين فليكونوا فوق جدار ويفعلو هذا الفعل؛ لأنهم سوف يقعون ويموتون، وهم لا يريدون الموت.
ما جاء في عدد الآي


شرح حديث (سورة من القرآن ثلاثون آية تشفع لصاحبها

قال المصنف رحمه الله: [ باب في عدد الآي. حدثنا عمرو بن مرزوق أخبرنا شعبة أخبرنا قتادة عن عباس الجشمي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (سورة من القرآن ثلاثون آية تشفع لصاحبها حتى يغفر له، تبارك الذي بيده الملك) ]. أورد أبو داود باباً في عدد الآي، وأورد فيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سورة من القرآن ثلاثون آية -أي: آياتها ثلاثون- تشفع لصاحبها حتى يغفر له (تبارك الذي بيده الملك)) فهي ثلاثون آية، وفي هذا دليل على أن البسملة ليست من السورة؛ لأنها ثلاثون آية بدونها،إلا على قول من يقول إنها جزء من الآية، فتكون جزءاً من الآية التي بعدها فتكون متصلة بها. والمشهور والمعروف أن البسملة آية مستقلة من القرآن يؤتى بها للفصل بين السور، وليست آية من السور، وإنما هي بعض آية في سورة النمل قال تعالى: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [النمل:30]، وأما التي تأتي في أوائل السور فهي آية من القرآن يؤتى بها للفصل بين السور، وليست آية من كل سورة. قوله: [ (تشفع لصاحبها حتى يغفر له) ]. المقصود بذلك أن قراءته لها هي التي تشفع له حتى يغفر له.

تراجم رجال إسناد حديث (سورة من القرآن ثلاثون آية تشفع لصاحبها...)


قوله: [ حدثنا عمرو بن مرزوق ] عمرو بن مرزوق ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود . [ أخبرنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عباس الجشمي ] عباس الجشمي مقبول، أخرج له أصحاب السنن. [ عن أبي هريرة ] هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق. والحديث صحيح صححه جماعة من أهل العلم، وهذه السورة من السور التي ثبت في فضلها هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكثير من السور التي جاء في ذكرها فضائل لم يثبت فيها شيء، وإنما ثبت في سور ومنها سورة الملك، فهذا الحديث دال على فضلها، وأنها تشفع لصاحبها يوم القيامة، أي: للذي يقرؤها. وممن صحح الحديث الألباني وغيره صححه، ولا أدري هل له أسانيد، أو أن الشخص الذي تكلم فيه -الذي هو مقبول- الكلام فيه غير مسلم."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 29-11-2024, 06:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [170]
الحلقة (201)





شرح سنن أبي داود [170]

لقد سن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم السجود عند قراءة السجدة في أي سورة من القرآن، وعدد هذه السجدات كما ورد خمس عشرة سجدة؛ لكن منها ما هو متفق عليه بين العلماء، ومنها ما هو مختلف فيه.

تفريع أبواب السجود وكم سجدة في القرآن



شرح حديث: (أن رسول الله أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب تفريع أبواب السجود وكم سجدة في القرآن. حدثنا محمد بن عبد الرحيم بن البرقي حدثنا ابن أبي مريم أخبرنا نافع بن يزيد عن الحارث بن سعيد العتقي عن عبد الله بن منين من بني عبد كلال عن عمرو بن العاص رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن، منها ثلاث في المفصل، وفي سورة الحج سجدتان). قال أبو داود : روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (إحدى عشرة سجدة). وإسناده واه ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: [باب تفريع أبواب السجود] أي: سجود التلاوة، وكم سجدة في القرآن، يعني: كم عدد السجدات في القرآن التي يسجد بها، والتي إذا بلغها الإنسان وهو يقرأ القرآن سجد بها، و(أل) هنا عوض عن المضاف إليه، أي: بدلاً من أن يقول سجود التلاوة، قال: السجود. وكم سجدة في القرآن، أي: كم سجدات في القرآن؟ أجمع العلماء على أنه ليس في القرآن أكثر من خمس عشرة سجدة، ذكر ابن حزم في مراتب الإجماع -والذي علق عليه ابن تيمية وتتبعه في بعض الأشياء، وهذا من المواضع التي حكى فيها الإجماع- على أنه ليس في القرآن أكثر من خمس عشرة سجدة. ثم هذه السجدات الخمس عشرة عشر منها لا خلاف بين أهل العلم فيه، وخمس هي محل خلاف بين أهل العلم، والصحيح أنه يسجد فيها كلها، والمختلف فيها الصحيح فيها ثبوت السجود فيها، وبهذا يكون القول الراجح أن الخمس عشرة سجدة التي أجمع على أنه ليس هناك شيء أكثر منها أنها محل سجود للتلاوة. والخمس التي هي محل خلاف هي: سجدات المفصل الثلاث، وسجدة (ص)، والسجدة الثانية من الحج، وأما ما سواها وهي العشر الباقية فمتفق عليها، والغالب على السجدات التي هي محل إجماع أن السجود فيها جاء على سبيل الإخبار، وأكثر السجدات المختلف فيها جاءت بصيغة الأمر: فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا [النجم:62]، وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ [العلق:19]، وفي الحج: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا [الحج:77]. أورد أبو داود رحمه الله حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن، منها ثلاث في المفصل، وفي سورة الحج سجدتان، وهذه الخمس التي ذكرها عمرو رضي الله عنه أربع منها هي محل خلاف، والأولى من سجدتي الحج هذه باتفاق العلماء، ويضاف إلى الأربع التي جاءت في كلام عمرو بن العاص رضي الله عنه سجدة (ص)، فإنها أيضاً من محل الخلاف.

تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن...)


قوله: [ حدثنا محمد بن عبد الرحيم بن البرقي ]. هو محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم بن البرقي وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا ابن أبي مريم ]. ابن أبي مريم هو سعيد بن الحكم ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا نافع بن يزيد ]. نافع بن يزيد ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن الحارث بن سعيد العتقي ]. الحارث بن سعيد العتقي ، وهو مقبول، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ عن عبد الله بن منين ]. عبد الله بن منين وثقه يعقوب بن سفيان ، وبعض أهل العلم تكلم في هذا الحديث بسبب عبد الله بن منين هذا، وقد أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ عن عمرو بن العاص ]. عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه الصحابي الجليل المشهور، وهو من دهاة العرب، وهو الذي أمره الرسول صلى الله عليه وسلم على جيش ذات السلاسل، وعند ذلك سأل الرسول صلى الله عليه وسلم: من أحب الناس إليك، فذكر أشخاصاً ولم يذكره، فسكت بعد ذلك رضي الله عنه، وكأنه فهم أن هذا التأمير يدل على تقديم وتفضيل، ولكن يكفيه شرفاً وفضلاً أنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه من أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وأما من يقول: إنه من المنافقين فقد آذى نفسه بمثل هذا الكلام لما تكلم في عمرو بن العاص وفي غيره من الصحابة، وهذا من الكلام الساقط الذي لا يليق لا ينبغي أن يتفوه به وأن يتكلم به، ومع الأسف الشديد أن سيد قطب هو الذي قال: إن عمرو بن العاص و معاوية بن أبي سفيان من المنافقين.
رواية أن عدد السجدات إحدى عشرة سجدة

[ قال أبو داود : روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (إحدى عشرة سجدة) وإسناده واه ]. ثم أشار أبو داود رحمه الله إلى حديث روي عن أبي الدرداء ، وأن القرآن فيه إحدى عشرة سجدة، قال: وإسناده واهٍ. معناه: ضعيف شديد الضعف، فلا حجة به ولا قيمة له، وإنما السجدات هي خمس عشرة، وليست إحدى عشرة. و أبو الدرداء هو عويمر بن زيد ، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (يا رسول الله أفي الحج سجدتان؟ قال نعم...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح أخبرنا ابن وهب أخبرني ابن لهيعة أن مشرح بن هاعان أبا المصعب حدثه أن عقبة بن عامر رضي الله عنه حدثه قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله! أفي سورة الحج سجدتان؟ قال: نعم، ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما). ]. أورد أبو داود حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه، أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أفي الحج سجدتان؟ قال: نعم، ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما)، كأن هذا السؤال فيه إشارة إلى السجدة المختلف فيها؛ لأن سؤاله معناه: أن واحدة معروفة وهو يريد أن يتحقق من الثانية، فقال: (أفي الحج سجدتان؟ قال: نعم، ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما)، وهذا يدل على تأكد السجود، ولكن قوله: (فلا يقرأهما) يمكن أن يُحمل -والله أعلم- على أن الإنسان لا يقرأهما في الصلاة؛ حتى لا يحتاج إلى سجود، وأما كونه يقرأهما في غير الصلاة فهذا أمر مطلوب أن الإنسان يقرأ القرآن كله، ولكن كونه يختارهما ثم لا يسجد فيهما أنه لا يناسب، أو أن المقصود منه بيان عظم شأن السجود، وأنه لا ينبغي أن يتهاون فيه، ويدل الحديث على تأكده وجوبه عند من يقول بوجوبه، وإن كان المشهور عند جمهور العلماء أن سجود التلاوة كله سنة، وليس بواجب، وأن من سجد قد أصاب، ومن لم يسجد فلا شيء عليه كما جاء ذلك عن عمر رضي الله تعالى عنه.
تراجم رجال إسناد حديث (يا رسول الله أفي الحج سجدتان؟ قال نعم...)

قوله: [ حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح ]. أحمد بن عمرو بن السرح ثقة، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ أخبرنا ابن وهب ]. ابن وهب مر ذكره. [ أخبرني ابن لهيعة ]. ابن لهيعة هو عبد الله بن لهيعة المصري ، وهو صدوق احترقت كتبه، وراوية العبادلة عنه ومنهم عبد الله بن وهب أعدل وأثبت من غيرها، وحديثه أخرجه مسلم و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ أن مشرح بن هاعان أبا المصعب حدثه ]. مشرح بن هاعان مقبول، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد، وأبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ أن عقبة بن عامر ]. عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. والحديث ذكره الألباني في ضعيف السنن، ولكنه أحال على المشكاة، وذكر في المشكاة تصحيحه، وقال: إنه عند أبي داود من رواية عبد الله بن وهب ، وبذلك تكون روايته مستقيمة، فالحديث صحيح. هكذا قال. بقي الكلام في مشرح أو أنه عنده شواهد أخرى، لكنه ما أشار إلى الشواهد، وإنما أشار إلى رواية عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة . والترمذي و المنذري تكلموا في مشرح هذا.
من لم ير السجود في المفصل


شرح حديث: (أن رسول الله لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من لم ير السجود في المفصل. حدثنا محمد بن رافع حدثنا أزهر بن القاسم قال محمد : رأيته بمكة حدثنا أبو قدامة عن مطر الوراق عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة). ]. أورد أبو داود باباًَ في من لم ير السجود في المفصل، يعني: في سجدات المفصل، وسجدات المفصل ثلاث، هي: النجم، وإذا السماء انشقت، واقرأ؛ لأن المفصل يبدأ من (ق)، أو من الحجرات ويقال له: مفصل؛ لأن سوره كثيرة، وفصلت تفصيلاً، وصار عددها كبيراً، ويشتمل المفصل على أكبر مقدار من السور؛ لأن الذي قبل المفصل محصور. أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة، وهذا ليس بثابت ولا صحيح، بل الرسول صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في حديث أبي هريرة أنه صلى مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه سجد في سورة إذا السماء انشقت وفي اقرأ وكل منهما مفصل، وأبو هريرة إنما أسلم عام خيبر، فإسلامه متأخر، وكونه صلى مع الرسول صلى الله عليه وسلم وسجد معه فيه الإثبات. إذاً: فهذا الحديث غير صحيح، وفي إسناده من هو متكلم فيه، والثابت خلافه، وهو: حصول السجود من رسول الله صلى الله عليه وسلم في سجدات المفصل.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة)


قوله: [ حدثنا محمد بن رافع ] هو محمد بن رافع النيسابوري القشيري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا أزهر بن القاسم ]. أزهر بن القاسم صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . قال محمد : رأيته بمكة. يعني: محمد بن رافع وكأنه أخذ الحديث عنه لما رآه بمكة. [ حدثنا أبو قدامة ]. أبو قدامة هو الحارث بن عبيد ، وهو صدوق يخطئ، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم و أبو داود و الترمذي . [ عن مطر الوراق ] مطر الوراق صدوق كثير الخطأ، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن عكرمة ]. عكرمة ، وهو مولى ابن عباس ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. فالحديث فيه هذان الشخصان المتكلم فيهما، وهما: مطر الوراق الذي هو كثير الخطأ، أبو قدامة وهو صدوق، ولو صح الحديث فإنه نفي من ابن عباس عما علمه، وغيره علم خلاف ما علم، والمثبت مقدم على النافي، حتى لو صح الحديث، فالتوفيق ممكن بأن يقال: إن هذا مثبت وهذا نافي، وهذا نفى على حسب علمه؛ لأنه ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، و أبو هريرة فعل ذلك مع رسول الله عليه الصلاة والسلام، و أبو هريرة إسلامه متأخر، وقد حصل منه إثبات السجود خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث: (قرأت على رسول الله النجم فلم يسجد فيها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هناد بن السري حدثنا وكيع عن ابن أبي ذئب عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن عطاء بن يسار عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: (قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم النجم فلم يسجد فيها) ]. أورد أبو داود حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه، أنه قرأ على الرسول صلى الله عليه وسلم سورة النجم فلم يسجد فيها، والحديث صحيح، وقوله: (لم يسجد فيها) لعله لم يفعل ذلك ليبين أنه جائز، وقد جاء عنه السجود، أو أنه لم يفعل ذلك؛ لأن زيداً هو القارئ، والسامع إنما يسجد تبعاً للقارئ لا يسجد وحده، ولهذا قال أبو داود في الحديث الذي بعده: (كان زيد الإمام فلم يسجد فيها) ؛ لأن زيداً هو الإمام، يعني: هو الذي كان يقرأ.

تراجم رجال إسناد حديث: (قرأت على رسول الله النجم فلم يسجد فيها)


قوله: [ حدثنا هناد بن السري ]. هو هناد بن السري أبو السري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا وكيع ]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن أبي ذئب ]. ابن أبي ذئب هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ]. يزيد بن عبد الله بن قسيط ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عطاء بن يسار ]. عطاء بن يسار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زيد بن ثابت ]. زيد بن ثابت رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (قرأت على رسول الله النجم فلم يسجد) من طريق أخرى

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن السرح أخبرنا ابن وهب حدثنا أبو صخر عن ابن قسيط عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه قال أبو داود : كان زيد الإمام فلم يسجد فيها ]. أبو صخر هو حميد بن زياد ، وهو صدوق يهم، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، و مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي في مسند علي و ابن ماجة . [ عن ابن قسيط عن خارجة بن زيد بن ثابت ]. ابن قسيط هو الذي مر ذكره في الإسناد السابق، ونسبه إلى جده. و خارجة بن زيد بن ثابت هو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وهو من المتفق على عدهم من الفقهاء السبعة، وهم عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، وخارجة بن زيد بن ثابت ، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، وسليمان بن يسار ، وسعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير بن العوام فهؤلاء ستة متفق على عدهم، والسابع فيه ثلاثة أقوال: قيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، ذكره ابن القيم في أول كتابه: إعلام الموقعين، عندما ذكر جملة من المفتين في المدن المختلفة، وعندما جاء إلى المدينة ذكر أن فيها سبعة فقهاء من فقهاء عصر التابعين السبعة، ذكرهم وذكر السابع منهم أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وذكر بيتين من الشعر البيت الثاني يجمع السبعة، وسابعهم أبو بكر فقال الشعر الذي ذكره: إذا قيل من في العلم سبعة أبحر روايتهم ليست عن العلم خارجة عبيد الله عروة قاسم سعيد أبو بكر سليمان خارجة خارجة هذا هو الذي معنا خارجة بن زيد ، وهذا جناس في البلاغة؛ لأن الأول: روايتهم ليست خارجة، وفي الآخر قال خارجة هو خارجة بن زيد بن ثابت .
من رأى فيها السجود


شرح حديث (أن رسول الله قرأ سورة النجم فسجد فيها...)


قال المصنف رحمه الله: [ باب من رأى فيها السجود. حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن الأسود عن عبد الله رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم فسجد فيها، وما بقي أحد من القوم إلا سجد، فأخذ رجل من القوم كفاً من حصى أو تراب فرفعه إلى وجهه وقال: يكفيني هذا: قال عبد الله : فلقد رأيته بعد ذلك قتل كافراً). ]. أورد أبو داود : [باب من رأى فيها السجود]، يعني: بسجدات المفصل، وأورد حديث عبد الله بن مسعود في السجود في سورة النجم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قرأ السورة وسجد، وسجد معه المسلمون والكفار، حتى أن واحداً منهم أخذ كفاً من تراب، ووضعه أو سجد عليه وقال: هذا يكفي، قال عبد الله بن مسعود : فرأيته قتل كافراً يوم بدرٍ، يعني: بسبب هذا الاستكبار الذي حصل منه وعدم السجود على الأرض، حيث أخذ تراباً ورفعه إلى رأسه وجعله على جبهته، فالحاصل: هذا فيه إثبات السجود في النجم.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله قرأ سورة النجم فسجد فيها)

قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ]. شعبة مر ذكره. [ عن أبي إسحاق ] هو أبو إسحاق السبيعي وهو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأسود ]. هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله ] هو عبد الله بن مسعود الهدلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
السجود في إذا السماء انشقت واقرأ


شرح حديث: سجدنا مع رسول الله في (إذا السماء انشقت) و(اقرأ باسم ربك الذي خلق)


قال المصنف رحمه الله: [ باب السجود في إذا السماء انشقت واقرأ. حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن أيوب بن موسى عن عطاء بن ميناء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في: (إذا السماء انشقت) (واقرأ باسم ربك الذي خلق)). قال أبو داود : أسلم أبو هريرة رضي الله عنه سنة ست عام خيبر، وهذا السجود من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آخر فعله. ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: [باب السجود في (إذا السماء انشقت) و(اقرأ)]، وهذا التفصيل ما أدري ما وجهه عند أبي داود رحمه الله؛ لأنه ذكر المفصل، ومن لم ير السجود، ثم قال: [من رأى فيها السجود] ومعلوم أن: النجم، وإذا السماء انشقت، واقرأ كلها في المفصل، ولو اقتصر على الترجمة السابقة وهي: [من رأى فيها السجود] وهي عكس الترجمة السابقة [من لم ير السجود]، لكان ذلك كافياً، ولكنه نص على الترجمة في: إذا السماء انشقت، واقرأ، وأورد حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: (سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في: (إذا السماء أنشقت) و(اقرأ باسم ربك الذي خلق)) وكان هذا في آخر الأمر، كما بين أبو داود ، أن إسلام أبي هريرة كان في زمان خيبر، ولم يصحب النبي صلى الله عليه وسلم إلا بعد خيبر. إذاً: فهو من آخر أمره صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث: سجدنا مع رسول الله في (إذا السماء انشقت) و(اقرأ باسم ربك الذي خلق)


قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد ، ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا سفيان ]. سفيان وهو ابن عيينة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أيوب بن موسى ]. أيوب بن موسى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عطاء بن ميناء ] عطاء بن ميناء صدوق، أخرج له أصحاب الكتب. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة مر ذكره.

شرح حديث: (.. سجدت بها خلف أبي القاسم فلا أزال أسجد بها حتى ألقاه)


قال المصنف رحمه الله: [ حدثنا مسدد حدثنا المعتمر قال: سمعت أبي حدثنا بكر عن أبي رافع قال: صليت مع أبي هريرة رضي الله عنه العتمة، فقرأ: (إذا السماء انشقت) فسجد، فقلت: ما هذه السجدة؟ قال: سجدت بها خلف أبي القاسم صلى الله عليه وسلم، فلا أزال أسجد بها حتى ألقاه. ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن أبا رافع الصائغ صلى خلفه فقرأ بسورة: (إذا السماء انشقت) وسجد بها، فقلت له: ما هذه السجدة؟ قال: (سجدت بها خلف أبى القاسم صلى الله عليه وسلم، فلا أزال أسجد بها حتى ألقاه). يعني: سوف أستمر على ذلك حتى نهاية حياتي. [ (فلا أزال أسجد بها حتى ألقاه) ]. يعني: حتى يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدار الآخرة، أو يلقى الله عز وجل بأن يموت، لكن الذي يبدو أن الضمير يرجع إلى محمد صلى الله عليه وسلم، يعني: هو ذكر أنه صلى خلفه فلا يزال كذلك حتى يلقاه، يعني: حتى يموت.

تراجم رجال إسناد حديث: (.. سجدت بها خلف أبي القاسم فلا أزال أسجد بها حتى ألقاه)


قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا المعتمر ]. المعتمر هو ابن سليمان بن طرخان التيمي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: سمعت أبي ]. أبوه هو سليمان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا بكر ] هو بكر بن عبد الله المزني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي رافع ] هو أبو رافع الصائغ ، وهو نفيع ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. وقد مر ذكره.
الأسئلة



حكم الطهارة لسجود التلاوة

السؤال: هل يشترط لسجود التلاوة الطهارة، واستقبال القبلة، وستر العورة؟


الجواب: تشترط له الطهارة، بل يمكن للإنسان أن يسجد وهو على غير طهارة. وأما استقبال القبلة: فيستقبل القبلة، وأما الطهارة فلا تشترط؛ لأن الإنسان يقرأ القرآن في جميع أحواله ما لم يكن جنباًً، وإذا جاءت سجدة سجد سواء كان على طهارة أو على غير طهارة. وأما ستر العورة فكما هو معلوم أنها مطلوبة دائماً وأبداً، ولاشك أن الإنسان عندما يسجد لله عز وجل ويكون على تلك الهيئة الحسنة لابد أن يكون متجملاً متستراً فلا يصلح أن يسجد وهو غير ساتر للعورة. أقول: دائماً يجب على أن الإنسان أن يستر عورته، ولاشك أن كون الإنسان يسجد لله عز وجل ويدعو وهو مستقبل القبلة عليه أن يكون على تلك الهيئة الحسنة، ولا يصلح أن يسجد وهو غير ساتر للعورة.


حكم سجود التلاوة عند الاستماع إلى المذياع

السؤال: ما حكم سجود التلاوة إذا سمع آية السجدة من الإذاعة أو المسجل فهل تجوز السجدة؟


الجواب: ليس للإنسان أن يسجد؛ لأن السامع تبعاً للقارئ، والقارئ إذا كان عند الإنسان وسجد يسجد معه، وأما إذا لم يكن عنده وكان بعيداً مثل الإذاعة وسجد فلا يسجد معه.

حكم الإنصات للقراءة من المذياع

السؤال: ما حكم الإنصات للقراءة من المذياع أو الشريط؟


الجواب: هذا شيء طيب، وأمر مطلوب، فإذا فتح القرآن عليه أن يستمع أو يغلقه، ما يجعل القرآن يقرأ ويشتغل عنه بالكلام، بل إما استماع وإما إغلاق.

حكم التهنئة يوم العيد بغير اللغة العربية

السؤال: ما حكم التهنئة يوم العيد بغير اللغة العربية؟


الجواب: الشخص الذي لغته غير عربية يمكن أنه يهنئ بلغته.

حكم التعزية في المقبرة لأهل الميت

السؤال: ما رأيك في التعزية في المقبرة لأهل الميت؟

الجواب: التعزية في المقبرة سائغة، كونه يلتقي بمن يلتقي به من أقارب الميت أو من غيرهم ممن يعزى فيعزيه في المقبرة، أو الشارع، أو المسجد، أو البيت، وفي كل مكان؛ لأن التعزية ليس لها مكان معين، بل يعزي في المقبرة والشارع والبيت، والمسجد، وأي مكان يلقى فيه من يريد تعزيته يعزيه عند أول لقاء يتم بينهما.

نصيحة لمن يقرأ ظلال القرآن لسيد قطب

السؤال: ما نصيحتكم لنا في قراءة تفسير الظلال؟

الجواب: تفسير الظلال للشيخ سيد قطب رحمه الله فيه خلط بين الغث والسمين، وهو من الكتاب في الحقيقة وليس من العلماء، والعلم لا يحصل من مثل هذا الكتاب، بل يمكن للإنسان أن يبتلى بشيء مما في الكتاب، أو يحصل له شيء مما فيه خطورة بسبب ما هو موجود في الكتاب من الأمور التي لا تليق ولا تنبغي. والإنسان لا يتسع عمره لأن يقرأ كل شيء، وهناك كتب سليمة، وفائدتها كبيرة، وهي كتب علمية، وأصحابها من أهل العلم الذين يعول عليهم سواء في المتقدمين أو المتأخرين، فكون الإنسان يقرأ في مثل تفسير ابن جرير ، وتفسير ابن كثير ، وتفسير الشيخ عبد الرحمن بن سعدي من المعاصرين يجد فيها الخير الكثير، ويجد كلام العلماء، ويجد نفَسَ العلم والعلماء، لا سيما مثل تفسير ابن سعدي رحمه الله، فهو تفسير نفيس مع وجازته، عباراته واضحة سلسة، وفيه استنباطات دقيقة، وهو كتاب يصلح للخواص والعوام، لو قرئ على العوام في المساجد حصلوا منه الفوائد وعرفوا معاني القرآن، ولو اطلع عليه الخواص لوجدوا فيه العلم ودقة الاستنباط، فإن الرجل أعطي فهماً في كتاب الله عز وجل، ووفق للاعتناء به، فمن يقرأ كتبه وتفسيره يجد العلم الغزير، ويجد كلام العالم، ولهجة العالم التي هي واضحة وجلية. وأما كتاب سيد قطب فإن فيه ما فيه، فعلى الإنسان أن يشتغل بما هو خير، وبما هو مأمون الجانب، وبما يأمن على نفسه العواقب منه من كتب نافعة، وأما مثل هذا الكتاب الذي فيه تخليط، وفيه جموح فكري، وإرخاء القلم بأن يكتب أموراً لا تنبغي ولا تصلح، كالكلام في بعض الأنبياء، بأن يقول عن موسى: إنه عصبي، ويقول عن عثمان رضي الله عنه في بعض كتبه: إن خلافته فجوة، وهذا حط من شأن عثمان ، وأنه في خلافته أدركته الشيخوخة، وأنها فجوة. هذا كلام ساقط لا يصلح ولا يليق، بل أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه حصل في زمنه الخير الكثير، وحصلت الفتوحات، وكان إلى نهاية حياته في عقله وفهمه وعلمه، ما حصل عنده شيء يجعل مثل هذا الشخص يقول: إنه أدركته الشيخوخة، وأن خلافته كانت فجوة. هذا كلام ساقط خدمة لأعداء الإسلام والمسلمين الذين يريدون أن يأخذوا ممن ينتسب إلى السنة شيئاً يستدلون به على أهل السنة. والحاصل: أن مثل هذا الكتاب لا ينبغي أن يشتغل به، وإنما يشتغل بما هو مأمون الجانب، وبما فيه السلامة، وبما فيه العلم، والكتاب الذي يخرج بنتيجة وبسلامة، يخرج الإنسان منه بعلم وبسلامة، أما كتاب سيد قطب فإنه لا يحصل فيه علماً، وقد يخرج منه ببلاء. وأما طعنه في عمرو بن العاص رضي الله عنه، فهو موجود في كتاب شخصيات إسلامية. تكلم عن عمرو بن العاص و معاوية قال: إنهم أصحاب غش ونفاق. هذا معاوية بن أبي سفيان كاتب الوحي عنده غش، فمعناه: أنه يدخل في القرآن شيئاً ليس منه، وهو كاتب الوحي، والرسول ائتمنه على كتابة الوحي! نعوذ بالله من الخذلان! وأبو زرعة الرازي يقول: من ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه زنديق، وذلك أن الرسول حق، والكتاب حق، وإنما أدى إلينا الكتاب والسنة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم يريدون أن يجرحوا شهدونا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة."




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 29-11-2024, 06:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله



شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [171]
الحلقة (202)



شرح سنن أبي داود [171]

إذا قرأ القارئ للقرآن آية فيها سجدة تلاوة فيسن له أن يسجد، وإذا كان يستمع لقراءته أحد سن له أن يسجد، وسجود التلاوة مستحب في كل سجدات التلاوة في القرآن، ويدعو بالدعاء الوارد فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ما جاء في السجود في (ص)


شرح حديث: (ليس (ص) من عزائم السجود)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب السجود في (ص). حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حدثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (ليس (ص) من عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها). ]. ذكر رحمه الله فيما مضى عدة أحاديث تتعلق بالسجود في بعض سجدات القرآن، مثل سجدات المفصل، وسجدتي الحج، وذكرت فيما مضى أن العلماء أجمعوا على أنه ليس في القرآن أكثر من خمس عشرة سجدة، وذكرت أن عشراً من تلك السجدات أو تلك المواضع مجمع عليها بين العلماء، وأن خمساً فيها خلاف، والخمس التي فيها خلاف هي الثلاث التي في المفصل، وسجدة (ص)، والسجدة الثانية من الحج، وقد مر حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل: أفي الحج سجدتان؟ قال: نعم، ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما)، والحديث فيه عبد الله بن لهيعة . وأضيف أن الحاكم في المستدرك لما ذكر الحديث من طريق ابن لهيعة قال: وقد صح عن عمر وابنه وابن مسعود و أبي موسى و أبي الدرداء واثنين من الصحابة -نسيتهما- ثم ذكر أسانيده إلى هؤلاء السبعة، فقد جاء عن سبعة من الصحابة أنهم كانوا يسجدون في سجدتي في الحج، كما ذكر ذلك الحاكم في المستدرك. والباب الذي معنا فيه السجود في (ص)، وأورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليست (ص) من عزائم السجود)، يعني: ليس السجود في (ص) من عزائم السجود، (وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد فيها)، فهذا فيه أنها من المواضع أو من السجدات التي سجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن في الحديث أنها ليست من عزائم السجود، وكأن السجدات بعضها متأكد، وبعضها دون ذلك، وكلها يسجد فيها؛ لأن ابن عباس لما قال هذا عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: رأيته يسجد فيها، فدل ذلك على أنها من مواضع السجود، وأنه يسجد فيها، وهي من الأماكن التي اختلف فيها العلماء، فمنهم من قال: يسجد فيها، ومنهم من قال: لا يسجد فيها، ولكن حيث سجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم -كما جاء في هذا الحديث وفي غيره- فإن السجود فيها سنة، ويستحب للقارئ أن يسجد في هذا الموضع من مواضع السجود.

تراجم رجال إسناد حديث: (ليس (ص) من عزائم السجود)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا وهيب ]. هو وهيب بن خالد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أيوب ]. هو أيوب بن أبي تميمة السختياني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عكرمة ]. هو عكرمة مولى ابن عباس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: (قرأ رسول الله وهو على المنبر (ص) فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو -يعني: ابن الحارث - عن ابن أبي هلال عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: (قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر (ص)، فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه، فلما كان يوم آخر قرأها، فلما بلغ السجدة تشزن الناس للسجود، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما هي توبة نبي، ولكني رأيتكم تشزنتم للسجود، فنزل فسجد، وسجدوا) ]. أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة (ص) وهو على المنبر، فلما جاء عند السجدة نزل من المنبر وسجد، وسجد الناس معه صلى الله عليه وسلم، ثم إنه قرأها مرة أخرى فرآهم تشزنوا، أي: تهيأوا واستعدوا واحفوفزوا لأن يسجدوا؛ لأنهم قد عرفوا السجدة قبل ذلك؛ لأنه كان على المنبر ونزل وسجد، وهذه المرة هو على المنبر أيضاً، فعلى العادة التي يعرفونها وأخذوها عنه صلى الله عليه وسلم تهيئوا لأن يفعلوا مثل ما فعلوا في المرة السابقة. فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: (إنها توبة نبي، وإنني رأيتكم تشزنتم للسجود فنزل وسجد)، فهذا يدل على ما دل عليه الحديث الذي قبله، وأنها ليست من عزائم السجود، ولكن السجود فيها سنة، وثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه يُسجد فيها، وأنها إذا تركت في بعض الأحيان فلا بأس بذلك؛ لأنها ليست واجبة، وكذلك سجدات القرآن كلها ليست بواجبة، من سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه، كما جاء ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه. فالحديث أيضاً يدل على ما دل عليه الحديث السابق من أن (ص) فيها سجدة، وأن الإنسان يشرع له أن يسجد فيها عندما يأتي إليها، وإن لم يسجد فلا حرج عليه ولا بأس بذلك.

تراجم رجال إسناد حديث: (قرأ رسول الله وهو على المنبر (ص) فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه...)


قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. أحمد بن صالح ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل. [ حدثنا ابن وهب ]. ابن وهب هو عبد الله بن وهب المصري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني عمرو -يعني: ابن الحارث - ]. عمرو بن الحارث ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن أبي هلال ]. ابن أبي هلال هو سعيد بن أبي هلال ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عياض بن عبد الله ]. هو عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي السرح ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سعيد الخدري ]. هو سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
في الرجل يسمع السجدة وهو راكب في غير الصلاة


شرح حديث: (أن رسول الله قرأ عام الفتح سجدة فسجد الناس كلهم...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يسمع السجدة وهو راكب في غير الصلاة. حدثنا محمد بن عثمان الدمشقي أبو الجماهر حدثنا عبد العزيز -يعني: ابن محمد - عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ عام الفتح سجدة، فسجد الناس كلهم: منهم الراكب، والساجد في الأرض، حتى إن الراكب ليسجد على يده). ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: [باب في الرجل يسمع السجدة وهو راكب]، الراكب عندما يكون قارئاً للقرآن فإنه يسجد، ويكون سجوده بالإيماء وهو على راحلته؛ لأن سجود التلاوة منوط بالتلاوة، فإذا جاءت سجدة وأراد أن يسجد فله أن يسجد، وإن لم يسجد فلا شيء عليه، وإن سجد وهو راكب فلا بأس بذلك، ولكنه إذا كان يقود سيارة فليس له أن يسجد إلا إذا كان متمكناً ومطمئناً إلى عدم إخلاله بقيادة السيارة، وهو متيقظ ومتنبه للطريق، ولا يعمل عملاً تترتب عليه مضره له ولغيره، لا يجوز له ذلك، وهي كما عرفنا مستحبة، من فعلها فقد أصاب، ومن لم يفعلها فلا إثم عليه، كما جاء ذلك عن عمر رضي الله عنه. وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عمر رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ عام الفتح سجدة فسجد الناس معه منهم الراكب والساجد في الأرض، حتى إن الراكب ليسجد على يده)، معناه: أنه يجعل يده على السرج فيسجد عليها حتى تتمكن جبهته منها. والحديث في إسناده مصعب بن ثابت ، وهو لين الحديث، لا يحتج به، فالحديث لا يصح، ولكن كون الإنسان يسجد وهو راكب لا بأس بذلك، لكن إذا كان يقود سيارة لابد من أن يطمئن إلى عدم ترتب ضرر على ذلك، وإذا كان راكباً بعيراً فإنه يسجد بالإيماء، وإن لم يسجد لا حرج عليه.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله قرأ عام الفتح سجدة فسجد الناس كلهم...)


قوله: [ حدثنا محمد بن عثمان الدمشقي أبو الجماهر ]. محمد بن عثمان الدمشقي أبو الجماهر ثقة أخرج له أبي داود و ابن ماجة . [ حدثنا عبد العزيز -يعني: ابن محمد -]. هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير ]. مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير لين الحديث، وحديثه أخرجه أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن نافع ]. هو نافع مولى ابن عمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: (كان رسول الله يقرأ علينا السورة فيسجد ونسجد معه...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يحيى بن سعيد ح وحدثنا أحمد بن أبي شعيب الحراني حدثنا ابن نمير المعنى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة -قال ابن نمير : في غير الصلاة، ثم اتفقا- فيسجد ونسجد معه، حتى لا يجد أحدنا مكاناً لموضع جبهته). ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن ويكون عنده أصحابه، فيسجد ويسجدون معه، يعني: كانوا جالسين ومتحلقين حوله، ثم عندما يسجد يسجدون، فيكون المكان ضيقاً لا يستوعب السجود كما ينبغي، قال: (فيسجد ونسجد معه، حتى إن الواحد لا يجد مكاناً ليضع فيه جبهته)؛ لأنهم كانوا متقاربين، وعندما تحولوا إلى السجود لم يتسع المقام لهم كما كان يتسع لهم في حال الجلوس. وهذا يدل على سجود التلاوة، وعلى أن المستمع يسجد كما يسجد التالي، ولكن المستمع يسجد تبعاً للقارئ؛ لأنه إمامهم، فإذا سجد يسجدون معه، وإن لم يسجد لا يسجدون.
تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يقرأ علينا السورة فيسجد ونسجد معه...)

قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا يحيى بن سعيد ]. هو يحيى بن سعيد القطان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا أحمد بن أبي شعيب الحراني ]. هو أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب الحراني ، وهو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا ابن نمير ]. هو عبد الله بن نمير ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله ]. هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر المصغر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع عن ابن عمر ]. نافع و ابن عمر مر ذكرهما.

شرح حديث: (كان رسول الله يقرأ علينا القرآن فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا معه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن الفرات أبو مسعود الرازي أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن، فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا معه). قال عبد الرزاق : وكان الثوري يعجبه هذا الحديث. قال أبو داود : يعجبه لأنه كبر. ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن، ويكبر عندما يسجد ويسجدون معه، وهذا مثل الذي قبله أنه كان يسجد ويسجدون معه، وفيه زيادة التكبير، فما سوى التكبير موجود في الحديث الذي قبله. هذا الحديث في إسناده عبد الله بن عمر المكبر، وهو أخو عبيد الله بن عمر الذي مر ذكره في الإسناد السابق، والمصغر عبيد الله ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وأما المكبر فهو ضعيف أخرج له مسلم مقروناً بأخيه عبيد الله ولم يرو له منفرداً، وأخرج له أصحاب السنن، وأخوه ثقة متفق على ثقته رحمه الله، وأما هو فهو ضعيف. إذاً: الحديث بهذا الإسناد لا يصح، لكن الحاكم أخرجه من طريق عبيد الله ، وفيه ذكر التكبير، ذكر هذا الحافظ ابن حجر في التلخيص، وتبعه بعض أهل العلم، ولكن ذكر الشيخ الألباني رحمه الله أن المستدرك ليس فيه ذكر التكبير، وإنما فيه ذكر السجود، وأن الصنعاني و الشوكاني وغيرهما من العلماء تابعوا الحافظ على ذكر التكبير، وعلى هذا إذا لم يكن إلا هذا الحديث الذي هو حديث ابن عمر الذي فيه عبد الله بن عمر المكبر، فالتكبير لا يكون ثابتاً، لكن لعل الحافظ ابن حجر اطلع على نسخة فيها ذكر التكبير، والطبعة الموجودة من المستدرك فيها أخطاء كثيرة، فينبغي أن يُرجع إلى مخطوطات المستدرك ليتحقق من وجود ذكر التكبير أو عدم وجوده، فإن الحافظ ابن حجر قال ذلك عن اطلاع وعلم، وإن كانت خالية وليس فيها ذكر التكبير فيكون ذلك وهماً منه، وعلى هذا فالأمر غير متبين حتى ينظر في النسخ المخطوطة للمستدرك. وإذا لم يكن ذلك ثابتاً في المستدرك ولا في غيره فإن الأصل هو عدم التكبير حتى يأتي ما يدل عليه، وجمهور أهل العلم على القول بالتكبير عند السجود. ومن أهل العلم من قال: إن سجود التلاوة صلاة، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم)، وعلى هذا فبعض أهل العلم يستدل بهذا الحديث، لكن كون سجود التلاوة صلاة ليس محل اتفاق، بل فيه خلاف؛ لأن من أهل العلم من قال: يصح أن يسجد على غير طهارة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن على كل أحواله، والصحابة يكونون مجتمعين معه، ويسجد ويسجدون معه، ولا يلزم أن يكونوا كلهم متطهرين، فقد يكون بعضهم غير متطهر، لا سيما المجامع التي تجمع الناس، والأماكن التي يسجدون فيها حتى لا يجد أحد مكاناً يضع جبهته فيه لكثرتهم، قالوا: فهذا يفيد أن اشتراط الطهارة في سجود التلاوة ليس بلازم. ومثل ذلك سجود الشكر؛ لأن سجود الشكر يحصل عند الخبر المفاجئ، وقد يكون الإنسان غير متطهر فيسجد لله شكراً. وبعض أهل العلم استدل بحديث: (تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم)، واستحب أيضاً أن يسلم منه، لكن كثير من العلماء ما ذكروا التسليم، وإنما ذكروا التكبير فقط. أما إذا كان الإنسان في الصلاة فالأمر في ذلك واضح، يكبر عند السجود، ويكبر عند القيام؛ لعموم ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم (أنه كان يكبر في كل خفض ورفع في الصلاة)، وهذا من الخفض والرفع في الصلاة، ولكن الشأن في خارج الصلاة، فهذا هو الذي يحتاج إلى أن يتحقق فيه من نسخ المستدرك. فعلى فرضية أنه إذا ثبت هذا الحديث فيؤخذ به لثبوته، وأما القيام فلم يثبت فيه شيء فلا يكبر، لكن بعض أهل العلم يقول: يكبر عند السجود، ويكبر عند القيام، ويتشهد ويسلم، وبعضهم يقول: يسلم بلا تشهد.

تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يقرأ علينا القرآن فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا معه)


قوله: [ حدثنا أحمد بن الفرات أبو مسعود الرازي ]. أحمد بن الفرات أبو مسعود الرازي ثقة، أخرج له أبو داود . [ أخبرنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا عبد الله بن عمر ]. هو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر المكبر وهو ضعيف، أخرج له مسلم مقروناً بأخيه عبيد الله وأصحاب السنن. [ عن نافع عن ابن عمر ]. نافع و ابن عمر مر ذكرهما. [ قال عبد الرزاق : وكان الثوري يعجبه هذا الحديث ]. يعني: من أجل أن فيه ذكر التكبير، كما قال: أبو داود . والألباني ذكر الحديث في إرواء الغليل، وذكره عنه الشيخ عبد العزيز السدحان وله رسالة قيمة بعنوان: التبيان في سجدات القرآن، يعني: أتى بالأحاديث والآثار التي وردت فيما يتعلق بالسجدات، وذكر عن الشيخ عبد العريز بن باز رحمه الله أنه كان يقول بالتكبير عند السجود، وأنه جاء في إسناد جيد، وأنه أحاله على الحاكم ، ولعله تبع ابن حجر ، ثم قال: إن الحافظ في التلخيص ذكر كذا، وذكر الشيخ الألباني في إرواء الغليل أن الشوكاني و الصنعاني تابعوا ابن حجر ، والحديث ليس فيه ذكر التكبير عند المستدرك، وإنما فيه ذكر السجود، وأنهم سجدوا معه صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر التكبير. فأنا أقول: الأمر يحتاج إلى معرفة ذكر التكبير في الكتب المخطوطة للمستدرك، حتى يعرف هل الحافظ ابن حجر استند على شيء، أو أنه وهم منه لا سيما والمستدرك المطبوع فيه خطأ كثير.
ما يقول إذا سجد


شرح حديث: (كان رسول الله يقول في سجود القرآن بالليل...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يقول إذا سجد. حدثنا مسدد حدثنا إسماعيل حدثنا خالد الحذاء عن رجل عن أبي العالية عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجود القرآن بالليل، يقول في السجدة مراراً: سجد وجهي للذي خلقه، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته). ]. أورد أبو داود باب ما يقول إذا سجد في التلاوة، وأورد حديث عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجود القرآن بالليل -يعني: إذا سجد وهو يتلو القرآن في صلاة الليل- (سجد وجهي لله الذي خلقه، وشق سمعه وبصره، بحوله وقوته) ويقول ذلك مراراً. فهذا الحديث يدل على أنه يؤتى بهذا الذكر في سجود التلاوة، ويؤتى كذلك أيضاً بدعاء السجود الذي هو ذكر السجود: سبحان ربي الأعلى، ولكن يأتي مع هذا بهذا الذكر الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقوله: [ (وشق سمعه وبصره) ] أضاف ذلك إلى الوجه؛ لأنه متصل به، وإلا فإن: (الأذنان من الرأس)، كما جاء ذلك في الحديث، وذلك باعتبار المسح، فهما ممسوحان لا مغسولان، فقوله هنا: (وشق سمعه وبصره) يعني: ذكر السمع مضافاً إلى الوجه، ولعل ذلك لاتصاله به وقربه منه، ثم الرأس يطلق على ما فوق العنق، ويطلق على غير الوجه الذي يمسح عليه مثل قوله: (وحلق رأسه) يعني: يحلق شعر رأسه.

تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يقول في سجود القرآن بالليل..)


قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا إسماعيل ]. هو ابن علية ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا خالد الحذاء ]. هو خالد بن مهران الحذاء ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن رجل عن أبي العالية ]. وهو هنا غير مذكور، ولكنه جاء عند الترمذي عن خالد عن أبي العالية ، وقال: صحيح، وعلى هذا فالرجل هنا مبهم، ولكنه جاء متصلاً عن خالد الحذاء إلى أبي العالية ، والحديث صحيح. [ عن أبي العالية ]. أبو العالية هو رفيع الرياحي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 464.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 458.92 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (1.27%)]