|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() المستخفي بالصدقة د. محمد ويلالي المستظلون في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله (6) المستخفي بالصدقة تحدثنا في آخر جزء عن الصنف الخامس من الأصناف السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وهو صنف من يقول: "إني أخاف الله" حين تدعوه امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسها، وكذلك المرأة العفيفة التي تقول: "إني أخاف الله" حين يدعوها الرجال بمغريات المال والجاه والشباب، فيتخلصان من فتنة الشهوات بما عندهما من إيمان راسخ، وخوف من رب لا يَضيع عنده أجر المحسنين. ونقف اليوم - إن شاء الله - عند الصنف السادس من أولئك السبعة السعداء الأبرار، وهو "رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ"، نقف عند الأعمال الصالحة، كيف تكون ظلا لصاحبها يوم القيامة؟ كما قال أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه -: "الشَّمسُ فوق رؤوسِ النَّاس يومَ القيامة، فأعمالهم تُظِلُّهم أو تُضَحِّيهِم". ومن هذه الأعمال الجليلة الصدقة. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كلُّ امرئٍ في ظلِّ صدقتِه حتى يُقضَى بين الناسِ" صحيح الجامع. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الصدقة لتطفئ عن أهلها حر القبور، وإنما يستظل المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته" الصحيحة. قال يزيد: "وَكَانَ أَبُو الْخَيْرِ لاَ يُخْطِئُهُ يَوْمٌ إِلاَّ تَصَدَّقَ فِيهِ بِشَيْءٍ وَلَوْ كَعْكَةً، أَوْ بَصَلَةً، أَوْ كَذَا". ومن أعظم أنواع الصدقة، أن تُنظِر المعسر أو تتجاوزَ عنه. قال تعالى: ﴿ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 280]. قال أبو اليسر - رضي الله عنه -: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ، أَظَلَّهُ الله فِي ظِلِّهِ" مسلم. وهذا يعني أن يوم القيامة عسير، لكنه على المؤمن يسير، ومن أعظم أسباب يسره، التيسير على المعسر، الذي لم يستطع سداد الدَّين، فنمهله حتى ييسر الله عليه، أو نسقط عنه الدين. قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ يَسَّرَ على مُعسِرٍ، يَسَّرَ الله عَليهِ في الدُّنيا والآخرَةِ" مسلم. وفي الصحيحين عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تَلَقَّتِ الْمَلاَئِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ. قَالُوا: أَعَمِلْتَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا؟ قَالَ: كُنْتُ آمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا الْمُعْسِرَ، وَيَتَجَوَّزُوا عَنِ الْمُوسِرِ. قَالَ الله - عَزَّ وَجَلَّ -: (تَجَوَّزُوا عَنْهُ)". أما فضائل التصدق في سبيل الله فكثيرة، منها: 1- الصدقة برهان على صدق صاحبها، ودليلٌ على قوة إيمانه، وشديدِ تعلقه بربه. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ" مسلم. 2- الصدقة تطفئ غضب الرب، وبخاصة صدقة السر. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن صدقة السر تطفئ غضب الرب - تبارك وتعالى -" صحيح الترغيب. 3- الصدقة مَحرقة للخطايا ومحو لها. يقول - صلى الله عليه وسلم -: "الصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ" صحيح سنن الترمذي. 4- الصدقة وقاية من النار ولو كانت قليلة زهيدة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ" متفق عليه. 5- الصدقة دواء للأمراض الحسية، فمن كان به مرض، أو بأحد أقربائه وأحبائه، ثم تصدق بنية الشفاء من هذا المرض، شفاه الله - عز وجل - قال - صلى الله عليه وسلم -: "داووا مرضاكم بالصدقة" صحيح الترغيب. قال ابن شقيق: "سمعت ابن المبارك ـ وسأله رجل عن قرحةٍ خرجت في ركبته منذ سبع سنين، وقد عالجها بأنواع العلاج، وسأل الأطباء فلم يَنتَفع به ـ فقال: اذهب فاحفر بئراً في مكان حاجةٍ إلى الماء، فإني أرجو أن ينبع هناك عين ويُمسَك عنك الدم. ففعل الرجل فبَرَأ". 6- ومما شاهده الناس وتواطأوا عليه، أن الصدقة تدفع البلايا عن صاحبها. فقد جاء في وصية يحيى - عليه السلام - لبني إسرائيل قوله: "وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ، وَقَدَّمُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ فَقَالَ: أَنَا أَفْدِيهِ مِنْكُمْ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. فَفَدَى نَفْسَهُ مِنْهُمْ" صحيح سنن الترمذي. قال ابن القيم - رحمه الله -: "إن للصدقة تأثيراً عجيباً في دفع أنواع البلاء.. وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم وأهل الأرض كلهم، لأنهم جربوه". 7- الصدقة توصل صاحبها إلى مقام نيل حقيقة البر - قال تعالى: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92]. 8- المتصدق يحظى بدعوة المَلَك له بالإخلاف وزيادة الرزق كل يوم. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا" متفق عليه. 9- الصدقة تزيد المال ولا تنقصه. قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ الله عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ الله" مسلم. 10- للصدقة باب من أبواب الجنة جعله الله للمتصدقين يسمى باب الصدقة. قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (أي: من أنفق شيئين من نوع واحد، نحو درهمين، أو قميصين)، نُودِيَ فِي الْجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَذَا خَيْرٌ. فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ" متفق عليه. 11- الصدقة تطهر المال من كل ما يشوبه من لغو، وكذب، وحلف، وغفلة. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الْبَيْعَ يَحْضُرُهُ اللَّغْوُ وَالْحَلِفُ، فَشُوبُوهُ (طهروه) بِالصَّدَقَةِ" صحيح سنن ابي داود. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ"، بالتنكير، يفيد مطلق الصدقة، سواء كانت كثيرة أم قليلة. ولذلك أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة - رضي الله عنها - فقال: "يَا عَائِشَةُ، اسْتَتِرِي مِنَ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنَّهَا تَسُدُّ مِنَ الْجَائِعِ مَسَدَّهاَ مِنَ الشَّبْعَانِ" صحيح الترغيب. وتصدقت - رضي الله عنها - بعِنَبة وقالت: "كم فيها من مثقال ذرة". وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ"، دليل على المبالغة في الإسرار والاستتار بصدقته، حتى لو افترضنا أن اليد اليسرى تعقل، لما علمت بصدقة اليد اليمنى. والأظهر في الصدقة أن تكون سرا، إلا إذا وجدت مصلحة تقتضي الإعلان. قال تعالى: ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 271]. وكان علي زين العابدين يوزع جِرابا من الخبز على مائة أسرة من أهل المدينة ليلا سرا، وكان يقول: "إنَّ صَدَقة السِّرِّ تُطفِئُ غَضَب الرَّبِّ - عَزَّ وَجلَّ -"، وما كشفوا أمره حتى توفي - رحمه الله -. فالسر يبعد عن الرياء، ويحقق معنى الإخلاص، ويحفظ السائل من أن تُعرف يده السفلى، وتحقق تعففه وستره، كما قال تعالى: ﴿ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ﴾ [البقرة: 273]. وقد يكون إعلان الصدقة خيرا من الإسرار بها، كأن يكون المتصدق قدوة، يريد أن يقتدي الناس به، أو تشجيعا على مشاريع الخير، أو لفتح باب التنافس في أوجه الإنفاق. ويتعلق بالصدقة مجموعة من الأحكام والآداب، منها: 1- يَحسُن بالمتصدق أن يتصدق حال الصحة والقوة، فهو أفضل من الصدقة حال الضعف والمرض ودنو الأجل. فقد سأل رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ قَالَ: "أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْغِنَى، وَلاَ تُمْهِلْ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ: لِفُلاَنٍ كَذَا، وَلِفُلاَنٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلاَنٍ" متفق عليه. 2- يعظم أجر الصدقة إذا كانت عن قلة وحاجة، لما فيها من الإيثار وتفضيل الغير على النفس. فقد سئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "جُهْدُ الْمُقِلِّ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ" صحيح سنن أبي داود. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "سبق درهم مائة ألف درهم". قالوا: وكيف؟ قال: "كان لرجل درهمان، تصدق بأحدهما، وانطلق رجل إلى عَرْض ماله، فأخذ منه مائة ألف درهم، فتصدق بها" صحيح سنن النسائي. 3- الذي يحتسب إنفاقه على أولاده، يجعل الله نفقته صدقة. قال - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا أَنْفَقَ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةً وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا، كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً" متفق عليه. 4- الصدقة على القريب أكثر أجرا من الصدقة على غيره. قال - صلى الله عليه وسلم -: "الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَهِيَ عَلَى ذِي الْقَرَابَةِ اثْنَتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ" صحيح سنن ابن ماجة. 5- الصدقة الجارية تنفع صاحبها في الحياة وبعد الموت. قال - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ: إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ" مسلم. ومنها: سقيُ الماء وحفر الآبار، ورصدُ مشروع يُنفَق مردودُه على المحتاجين، وبناءُ المساجد، والنفقةُ على طلاب العلم النافع، وتوزيعُ المصاحف، وبناءُ البيوت لابن السبيل واليتيم والأرملة، ونحوُ ذلك.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |