لا يكن حبك كلفا ولا بغضك تلفا - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 530 - عددالزوار : 301938 )           »          محمود شاكر (شيخ العربية) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          داود وسليمان عليهما السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 37 )           »          أحداث في غزوة خيبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          شبهات حول موقف الأمويين من الإسلام والردود عليها (pdf) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          غزوة خيبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          من أقدار الله في التاريخ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          دعوة الملوك إلى الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          موقف المسلم من الزلازل والكوارث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 627 )           »          إرهاقٌ بلا صوت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-11-2020, 08:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,339
الدولة : Egypt
افتراضي لا يكن حبك كلفا ولا بغضك تلفا

لا يكن حبك كلفا ولا بغضك تلفا


بكر البعداني




الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



أما بعد:

فهذه المقالة سنتحدث فيها وعلى عجالة على ما عنونت به لها، وقبل أن أشرع فيما أريد إيصاله وبيانه لك أخي القارئ الكريم وأنت أختي القارئة الكريمة، أقول: إن هذا القول: "لا يكن حبُّك كلفًا، ولا بغضك تلفًا" هو قطعة مِن مقولة أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه.



وقد أخرجه البخاري في الأدب المفرد رقم: (1322) وهو صحيح، وغيره: عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "لا يكن حبك كلفًا ولا بغضك تلفًا، فقلت: كيف ذاك؟! قال: إذا أحببتَ كَلفت كلَفَ الصبي، وإذا أبغضت أحببتَ لصاحبك التلَف".



ومعناه كما قال السخاوي رحمه الله: "إذا أحببت فلا تُفرِط، فتكون مثل كَلَف النساء والصبيان، وإذا أبغضتَ فلا تفرط إفراطًا تود أن من تبغضه بتلفه".



وهذا الأثر يبين أن هذا الفعل غير سليم، ويجر صاحبَه - شعَر أو لم يشعر - إلى أحد أودية الهلاك، فهو - أعني: هذا الأثر - يُعَدُّ - إن صح التعبير - كالمصحِّح للناس والمقوِّم لهم في هذا الباب، وهو باب الحب والولاء، والعداوة والبغضاء، وهو يرشدهم إلى أمرٍ مهم تهمهم معرفته، وما يمكن أن يكون سببًا ينأون به عن الجهل والظلم، كما أن هذا الأثر يسير بنا في الحقيقة نحو المنهج الإسلامي المضبوط والمنضبط، والذي لا وَكس فيه ولا شطَط، ويرسي - كذلك - الدعامة الأساسية لقواعد الولاء والبراء وأصوله، وينحو بنا نحو الطريق السليم، بله المستقيم؛ لتوطيد عُرى الإسلام، بل أوثق عراها، فقد روى الطبراني[1] وغيره، عن ابن عباس رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي ذر رضي الله عنه: ((أيُّ عرى الإيمان - أظنه قال: - أوثق؟))، قال: الله ورسوله أعلم، قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((أوثق عرى الإيمان: الموالاة في الله، والمعاداة في الله، والحب في الله، والبغض في الله)).



بل إنه من أعظم الأسباب في استكمال الإيمان، فلقد أخرج أبو داود في سننه[2] عن أبي أمامة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((من أحبَّ لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله؛ فقد استكمل الإيمان)).



ومع هذا المنهج المنضبط - كما أسلفنا - يكون هذا العبد معذورًا، وغير متَّبِع لهواه، بل ويكون مسددًا له للظن والذي دومًا ما قد يُخطئ ويُصيبُ؛ ومرشدًا له إلى طريق الحق؛ إذ كيف يضل من كان هذا حاله؟! وحبه لله، وبغضه لله، وموالاته له، ومعاداته له، فلا يكاد يُبقي ولو بقيَّةً يسيرة لنفسه وهواه.



فيتسنَّى له بهذا المنهج أن يصحِّح ما قد يطرأُ على هذه العلاقة - يومًا ما - مما قد يخفى عليه في مطلعها وبدايتها؛ ولذلك قال عمر رضي الله عنه: "لا يكن حبك كلفًا، ولا بغضك تلفًا".



إذًا، فينبغي أن يكون هذا الحب بقدر ما في المحبوب من موافقة الكتاب والسنة، والبغض لما في المبغوض من مخالفة الكتاب والسنة؛ ذلك أن العبد المؤمن يرضيه ما يُرضي الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ويُسخطه ما يسخط اللهَ ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ويحب ما أحبه الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ويبغض ما أبغضه اللهُ ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فيوالي أولياءهما، ويعادي أعداءهما، وهذا هو الذي استكمل الإيمان، كما يقول شيخ الإسلام رحمه الله وغيرُه من أهل العلم.



وهذا في الحقيقة هو المراد من قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؛ فيما رواه الترمذي[3] عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله عنه أراه رفعه قال: ((أحبِب حبيبَك هونًا ما؛ عسى أن يكون بغيضك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونًا ما؛ عسى أن يكون حبيبيك يومًا ما)).



أي: فليكن حبًّا مقتصدًا لا إفراط فيه؛ فربما انقلب ذلك بتغير الزمان والأحوال بُغضًا، وإضافة (ما) إليه تفيد التقليل؛ يعني: لا تسرف في الحب والبغض، فلا تسرف في حبه؛ فتندم عليه إذا أبغضته، أو فلا تكون قد أسرفت في بغضه فتستحي منه إذا أحببته، كما ذكر ذلك غيرُ واحد من أهل العلم[4].



فهونك في حبٍّ وبغضٍ فربَّما

بدا جانبٌ مِن صاحبٍ بعد جانبِ






وقد قال ابن العربي رحمه الله وهو يبين معناه: "معناه أن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن، فقد يعود الحبيبُ بغيضًا وعكسه، فإذا أمكنْتَه من نفسك حال الحبِّ، وعاد بغيضًا، كان لمعالم مضارِّك أجدر؛ لِما اطَّلع منك حال الحب بما أفضيت إليه من الأسرار"[5].



فالمعنى إذًا: لا تسرف في الحب والبغض؛ فعسى أن يصير الحبيبُ بغيضًا والبغيض حبيبًا، والناظر في السير كثيرًا ما يرى من هذا؛ لذلك فلا تسرف في الحب ولا في البغض، واقتصد فيهما، فالاقتصاد مطلبٌ شرعي علمَنا إياه رسولنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.



ولقد أحسن من قال:



وكن مَعدِنًا للخير واصفح عن الأَذى

فإنك راءٍ ما عملتَ وسامِعُ



وأحبِبْ إذا أحببتَ حبًّا مقاربًا

فإنك لا تدري متى أنت نَازعُ؟!



وأبغِض إذا أبغضتَ غير مباين

فإنك لا تدري متى أنت راجع؟!






ومثله قول النمر بن تولب[6]:



وأحبِبْ حبيبَك حبًّا رويدًا

لئلاَّ يعولك أن تصْرمَا



وأبغضْ بغيضك بغضًا رويدًا

إذا أنتَ حاولتَ أن تحْكمَا






وقد روي عن الحسن البصري رحمه الله أنه كان يقول: "أحبوا هونًا، وأبغضوا هونًا، فقد أفرط أقوامٌ في حب أقوام فهلكوا، وأفرط أقوام في بغض أقوام فهلكوا؛ فلا تفرط في حبك، ولا تفرط في بغضك"[7].



ومن جيد ما قيل في هذا المعنى - كما قال أبو عبيد - ما روي عن بعض الحكماء أنَّه قال: "لا تكن في الإخاء مكثرًا، ثم تكون فيه مدبرًا؛ فيُعرف سرفُك في الإكثار، بجفائك في الإدبار"[8].



ويقال: إن من أمثال أكثم بن صيفي: "الانقباض من الناس مكسبة للعداوة، وإفراط الأنس بالناس مكسبة لقرناء السوء"[9]، قال أبو عبيدة: يريد أن الاقتصاد أدنى إلى السلامة.



وقد جاء عن عبدالله بن عون، قال: "كان في بعض الكتب التي كنت أقرأ على محمد بن سيرين: بُني، لا تكن حلوًا فتُبتلع، ولا مرًّا فتُلفظ، ولكن بين ذلك"[10].



وفي قول مطرف لابنه عبدالله: "والحسنة بين السيئتين، وخير الأمور أوساطها"[11].



ويريد مطرِّفُ بن الشِّخِّير أن يخبر: أن الغلوَّ ومجاوزة القصد في العبادة وغيرها أو التقصير عنه سيئة، والسيئتان: إحداهما: مجاوزة القصد، والثانية: التقصير عنه، والحسنة التي بينهما هي القصد والعدل"[12].



فالواجب إذًا: التزام الهدي النبوي والأدب الشرعي، في العلاقة مع الآخرين، فلا نبالغ في الحب والثناء، ولا في الطعن والذمِّ والهجاء، وإذا أحببنا فلا نفرِط، وإذا أبغضنا فلا نشطط، فالقصدَ القصد كما حثَّ رسولنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولنعلم أن الإغراقَ في كل شيء مذموم.



وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.





[1] (3/ 125)، وهو وإن كان فيه ضعف لكن له شواهد تقويه، فانظر له الصحيحة رقم: (998) ورقم: (1728).



[2] رقم: (4681)، وسنده حسن وله شواهد، انظر الصحيحة رقم: (380).



[3] رقم: (1997)، وفيه ضعف لكن له شواهد تقويه.



[4] النهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 663)، ولسان العرب (13/ 438).



[5] فيض القدير شرح الجامع الصغير (1/ 176).



[6] جمهرة الأمثال (1/ 184).



[7] أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (5/ 261).



[8] المجالسة وجواهر العلم (3/ 417).




[9] المجالسة وجواهر العلم (3/ 60)



[10] الجامع لابن وهب رقم: (475)



[11] شرح السنة (4/ 52) للإمام البغوي.



[12] شرح صحيح البخاري (8/ 406) لابن بطال.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 60.10 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 58.43 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.78%)]