|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) ما جاء في كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة صــ 8إلى صــ14 الحلقة (11) [تراجم رجال إسناد حديث: (إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم)] قوله: [حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي]. عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [حدثنا ابن المبارك]. هو عبد الله بن المبارك المروزي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن محمد بن عجلان]. هو محمد بن عجلان المدني صدوق أخرج حديثه البخاري تعليقا ومسلم وأصحاب السنن. [عن القعقاع بن حكيم]. القعقاع بن حكيم ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن. [عن أبي صالح]. هو ذكوان السمان، وأبو صالح كنيته واسمه ذكوان ولقبه السمان ويقال: الزيات؛ لأنه كان يجلب الزيت والسمن فلقب بـ الزيات ولقب بـ السمان، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبو صالح. [عن أبي هريرة]. أبو هريرة هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه وأرضاه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثا على الإطلاق، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثرهم على الإطلاق، وقد سبق أن مر ذكره وذكر ابن عمر وابن عباس وأنس وجابر وهنا ذكر أبي هريرة، وبقي أبو سعيد وعائشة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.فهؤلاء السبعة معروفون بكثرة الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو هريرة كان إسلامه متأخرا؛ فإنه أسلم عام خيبر في السنة السابعة، ومع ذلك كان أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا، وذلك له أسباب، منها: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له بالحفظ، فكان لا ينسى شيئا سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومنها: أنه كان مقيما في المدينة، ومن المعلوم أن المدينة كان الناس يردون عليها ويصدرون عنها، بخلاف بعض الصحابة فإنهم راحو يمينا وشمالا، وكان من يأتي إلى المدينة يقصد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي في المدينة ويأخذ منه، فكثر حديث أبي هريرة رضي الله عنه حديثه لذلك. ومنها: أن أبا هريرة رضي الله عنه طالت حياته وعمر بعد الخلفاء الراشدين لمدة طويلة حتى لقيه من لم يلقهم، وأخذ عنه من لم يأخذ عنهم، ولهذا كثرت أحاديثه وكثر الآخذون عنه، فلهذه الأسباب وغيرها كثر حديث أبي هريرة. ومنها: أنه كان ملازما للرسول صلى الله عليه وسلم، فقد كان الناس يذهبون للبيع والشراء وهو يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم، ويأكل مما يأكل، ويسمع حديثه إذا حدث.فملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم، ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم له، ومكثه في المدينة، وكونه عمر بعد الخلفاء الراشدين كل هذه أسباب جعلت أبا هريرة رضي الله عنه يكون أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا وإن كان متأخر الإسلام. [شرح حديث: (إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة)] قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد بن مسرهد، حدثنا سفيان عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي أيوب رواية قال: (إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول، ولكن شرقوا أو غربوا.فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت قبل القبلة فكنا ننحرف عنها ونستغفر الله)]. سبق أن ذكر معنى هذه الترجمة وهي: كراهة استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، وهذا حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه الذي فيه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا تستقبلوا القبلة ببول ولا غائط ولكن شرقوا أو غربوا.قال: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة فكنا ننحرف عنها ونستغفر الله).هذا الحديث مع ما تقدمه من الأحاديث يدل على أن القبلة لا تستقبل عند قضاء الحاجة وكذلك لا تستدبر، وهذا فيه احترام القبلة وتوقيرها، وأن الإنسان عندما يقضي حاجته لا يستقبل ولا يستدبر القبلة. وجاء: (ولكن شرقوا أو غربوا)، وهذا إنما يكون في حق من كان في جهة المدينة، وكذلك من كان جنوب مكة فإنه يشرق أو يغرب، وأما من كان عن مكة من جهة الغرب والشرق فإنه لا يشرق ولا يغرب؛ لأنه إذا شرق أو غرب استقبل القبلة أو استدبرها ولكنه يجنب أو يشمل؛ لأن النهي عن الاستقبال والاستدبار هو المقصود، والأمر بالتشريق والتغريب إنما ذكر حتى لا يكون هناك الاستقبال والاستدبار، وهذا إنما يتأتى في حق أهل المدينة ومن كان على جهة المدينة، وكذلك من الجهة الجنوبية من كان عن مكة من جهة الجنوب فإنه يشرق أو يغرب، ومن كان عنها غربا أو شرقا فإنه يشمل أو يجنب عند استقباله القبلة. وأبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه يقول: (قدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة -يعني: فيها استقبال الكعبة- فكنا ننحرف عنها يسيرا ونستغفر الله) وهذا يدلنا على أن أبا أيوب رضي الله عنه يرى التعميم في ترك الاستقبال سواء كان في البنيان أو في غير البنيان مطلقا.وقد ذهب عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه إلى أن هذا المنع إنما يكون في الفضاء، وأما ما كان في البنيان فإنه لا بأس أن يستقبل أو يستدبر، وسيأتي الحديث الذي يدل على ذلك حيث رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستقبلا الشام مستدبرا الكعبة. قالوا: فالجمع بين هذه الأحاديث: أن ما جاء في حديث أبي أيوب يحمل على ما كان في الفضاء، وما كان في حديث ابن عمر يحمل على ما كان في البنيان.وأبو أيوب كما ذكرت يرى التعميم، ولهذا لما قدم الشام ووجد المراحيض التي بنيت نحو الكعبة كان ينحرف عنها ويستغفر الله.والذي ينبغي إذا بنيت البيوت وجعلت فيها أماكن لقضاء الحاجة أن يلاحظ عدم توجيه المراحيض إلى القبلة أو استدبارها؛ لأنه وإن كان جائزا أن الإنسان يستقبل أو يستدبر في داخل البنيان كما جاء في حديث ابن عمر ولكن لاشك أنه إذا أمكن عدم الاستقبال أو الاستدبار ولو كان ذلك في البنيان فإنه يكون أولى، فالأولى عدم الاستقبال والاستدبار في البنيان وغير البنيان.ولكن من حيث الجواز فإن حديث ابن عمر يدل عليه، وأن ذلك سائغ ولا بأس به، لكن عندما تبنى أماكن قضاء الحاجة في البيوت ينبغي أن توضع على هيئة متفقة مع ما جاء في حديث أبي أيوب من حيث إن الاستقبال أو الاستدبار لا يكون إلى القبلة، وإن كان ذلك جائزا في البنيان إلا أن غيره لاشك أنه أولى وأفضل.وإذا لم يمكن ذلك فإن ذلك جائز. وقوله هنا: (فكنا ننحرف عنها ونستغفر الله) ذكر الاستغفار يحتمل أن يكون المراد به أن الانحراف ليس بكامل؛ لأنه جاء في بعض الروايات: (يسيرا) لأن الأماكن وضعت على هيئة تستقبل أو تستدبر، فالانحراف معها يكون فيه عدم تمام، فيستغفر الله مما حصل من التقصير. وقد جاء عن بعض أهل العلم أنه قال: إن قوله: (نستغفر الله) أي: لبانيها، وهذا لا يستقيم؛ لأنه قد يكون الذي بناها غير مسلم وغير المسلم لا يستغفر له، ولكن الذي يبدو أنه استغفار من أبي أيوب لنفسه حيث إنه لم يحصل منه أن يترك الاستقبال أو الاستدبار على التمام والكمال؛ لأن الأماكن وضعت على هيئة يكون فيها الاستقبال أو الاستدبار إلى جهة القبلة، ولكن من أجل الابتعاد عن الاستقبال والاستدبار صار ينحرف عنها يسيرا ويستغفر الله أيضا مما حصل من التقصير. [تراجم رجال إسناد حديث: (إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة)] [حدثنا مسدد بن مسرهد]. مسدد بن مسرهد ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي. [حدثنا سفيان]. سفيان هو سفيان بن عيينة المكي، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.وإذا جاء سفيان غير منسوب كما هنا فإنه يحمل على ابن عيينة؛ لأنه مكثر من الرواية عن الزهري، ولا يحمل على الثوري؛ لأنه ليس معروفا بالرواية عنه، وسفيان بن عيينة مكي والزهري مدني، ومعروف أن ابن عيينة من الرواة عنه والثوري كان في الكوفة وليس معروفا بالرواية عن الزهري، وإنما المعروف هو سفيان بن عيينة. إذا: إذا جاء سفيان مهملا -أي: غير منسوب كما هنا- عن الزهري فيحمل على ابن عيينة ولا يحمل على الثوري. [عن الزهري] الزهري هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة فقيه، وهو مشهور بنسبتين: نسبة الزهري كما هنا إلى جده زهرة، ونسبة ابن شهاب نسبة إلى جده شهاب، وغالبا يقال فيه: ابن شهاب أو الزهري هذه شهرته، وهو ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو الذي قيل: إنه أول من عني بجمع سنة رسول الله صلى الله عليه بتكليف من الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه.وهذه الأولية تحمل على الأولية من جهة التكليف من ولي الأمر، وإلا فإن العناية بكتابة السنن حصلت في زمن الصحابة، وحصلت من بعض الصحابة، كما كان عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه يكتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الأولية التي أضيفت إلى الزهري هي من جهة أنه كلف من ولي الأمر وهو الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه. ولهذا يقول السيوطي في الألفية: أول جامع الحديث والأثر ابن شهاب آمر له عمر أي: عمر بن عبد العزيز.وابن شهاب الزهري حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن عطاء بن يزيد الليثي]. عطاء بن يزيد الليثي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي أيوب رواية]. هو أبو أيوب الأنصاري واسمه خالد بن زيد وهو مشهور بكنيته أبي أيوب رضي الله تعالى عنه، وأبو أيوب الأنصاري هذا هو الذي نزل الرسول صلى الله عليه وسلم في ضيافته أول ما قدم المدينة قبل أن يبني المسجد والحجرات المجاورة له. وقد جاء في صحيح مسلم: أن بيته كان مكونا من دورين، وكان قد أنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدور السفلي، ثم جاء وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يتحول إلى الدور الأعلى، وأن يكون هو في الدور السفلي رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه عند أصحاب الكتب الستة. وكلمة: (رواية) هذه هي بمعنى: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: أنه يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهناك عبارات تؤدي معنى: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) مثل: رواية أو مرفوعا أو يرفعه أو ينميه، وهي عبارات معروفة عند علماء الحديث والمصطلح وهي بمعنى إضافة ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنها مختصرة، وهنا قال: رواية، يعني: أنه يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم. [شرح حديث: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلتين ببول أو غائط)] قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حدثنا عمرو بن يحيى عن أبي زيد عن معقل بن أبي معقل الأسدي قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلتين ببول أو غائط).قال أبو داود: وأبو زيد هو مولى بني ثعلبة]. أورد أبو داود رحمه الله حديث معقل بن أبي معقل الأسدي رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن نستقبل القبلتين ببول أو غائط)، وقوله هنا: (نهى أن نستقبل القبلتين) القبلتان هما: الكعبة المشرفة وبيت المقدس؛ لأن بيت المقدس هو القبلة الأولى، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستقبلها قبل أن يهاجر، وبعد أن هاجر ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ثم حول إلى الكعبة المشرفة بعد ستة عشر شهرا. وقيل في معنى القبلتين: إن المقصود بذلك أنه لا يستقبل القبلة -أي: الكعبة- ولا يستدبرها؛ لأنه إذا استدبرها فإنه يكون بذلك مستقبلا بيت المقدس.وهنا يستقيم المعنى مع الأحاديث من جهة أن فيه استقبالا للكعبة أو استدبارا لها؛ لأن الاستدبار لها يكون فيه استقبال لبيت المقدس. وقيل: إن المقصود بذلك: أن بيت المقدس كان قبلة فيما مضى، فمن أجل ذلك قيل فيه ما قيل هنا، وأنه لا يستقبل، لكن هذا لا يستقيم؛ لأن مقتضى هذا: أن من كان عن بيت المقدس من جهة الشرق لا يتجه إلى الغرب، ومن كان عنه من جهة الغرب لا يتجه إلى الشرق، وأن يعامل معاملة القبلة التي هي الكعبة المشرفة.وهذا لم يأت في غير هذا الحديث، والحديث غير صحيح، واستقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط هذا جاءت فيه أحاديث أخرى، ولكن الإشكال هو أن بيت المقدس يعامل معاملة القبلة، وهذا لم يأت إلا في هذا الحديث فلا يعول عليه؛ لأنه ليس بثابت، أما إذا كان المقصود به أنه لا يستدبر القبلة حيث يكون من جهة الشمال؛ لأنه يكون بذلك جمع بين الأمرين مستقبلا لبيت المقدس ومستدبرا للكعبة فهذا مستقيم من جهة استدبار الكعبة، والنهي عن الاستدبار قد جاءت فيه أحاديث صحيحة. لكن إذا عمل بالحديث فمعناه: أن من كان شرق بيت المقدس لا يستقبل جهة الغرب، ومن كان غرب بيت المقدس لا يستقبل جهة الشرق فيكون بذلك معاملا معاملة الكعبة، وذلك لم يأت إلا في هذا الحديث، والحديث غير ثابت. [تراجم رجال إسناد حديث: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلتين ببول أو غائط)] قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل]. موسى بن إسماعيل هو التبوذكي أبو سلمة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو جد ابن أبي عاصم صاحب كتاب (السنة) من جهة أمه، فـ أبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد جده من جهة أبيه هو أحمد بن عمرو بن الضحاك، وموسى بن إسماعيل هذا جده من قبل أمه.وموسى بن إسماعيل هذا ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا وهيب]. هو وهيب بن خالد ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا عمرو بن يحيى]. عمرو بن يحيى ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي زيد]. أبو زيد هو مولى بني ثعلبة، وقيل: إن اسمه الوليد، وهو مجهول، وحديثه أخرجه أبو داود وابن ماجة. [عن معقل بن أبي معقل الأسدي]. معقل بن أبي معقل الأسدي صحابي أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة. [شرح أثر ابن عمر في جواز استقبال القبلة عند البول إذا وجد ساتر] قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا صفوان بن عيسى عن الحسن بن ذكوان عن مروان الأصفر قال: (رأيت ابن عمر رضي الله عنهما أناخ راحلته مستقبل القبلة ثم جلس يبول إليها، فقلت: أبا عبد الرحمن! أليس قد نهي عن هذا؟ قال: بلى، إنما نهي عن ذلك في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس)]. أورد أبو داود رحمه الله أن مروان الأصفر قال: (إن ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة وجعل يبول) يعني: وراءها، فجعلها له سترة بينه وبين القبلة، فقال له: (أليس قد نهى عن هذا؟) يعني: عن استقبال القبلة بالبول والغائط واستدبارها، فقال: (بلى، إنما نهي عن ذلك في الفضاء)، يعني: إذا لم يكن هناك ما يستره، أما إذا كان هناك ما يستره فلا بأس بذلك.وهذا يفيد بأن استقبال القبلة ببول أو غائط ينهى عنه إذا كان ذلك في الفضاء ومن غير ساتر، أما إذا كان هناك سترة بينه وبين القبلة فإن ذلك لا بأس به، وهذا الحديث محتمل بأن يكون في سفر وأن يكون في الحضر.فالإنسان عليه أن يحرص دائما وأبدا على ألا يستقبل القبلة ولا يستدبرها، وإذا كان الأمر في فضاء وكان الأمر يتطلب كون الإنسان يقضي حاجته إلى سترة، أو أن يكون متجها إلى جهة أخرى فإن مقتضى هذا أنه يستتر بشيء، وهذا هو الأولى، فإذا أمكن أن يكون استتاره بالشيء إلى غير جهة القبلة فهذا هو الذي ينبغي؛ بحيث يجمع بين السترة بينه وبين من قد يراه من جهة الأمام وبين كونه غير مستقبلا القبلة.وهذا الحديث محتمل لأن يكون في السفر، وأن يكون في العراء والفضاء، وأن يكون في أماكن خالية، ويكون بذلك مستقبلا القبلة، ولكن بينه وبينها راحلته التي يقضي حاجته متجها إليها. [تراجم رجال إسناد أثر ابن عمر في جواز استقبال القبلة عند البول إذا وجد ساتر] قوله: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس]. محمد بن يحيى بن فارس هو الذهلي، وهو ثقة أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن الأربعة. [حدثنا صفوان بن عيسى]. صفوان بن عيسى ثقة أخرج له البخاري تعليقا ومسلم وأصحاب السنن. [عن الحسن بن ذكوان]. الحسن بن ذكوان صدوق يخطئ ويدلس وحديثه أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة. [عن مروان الأصفر]. مروان الأصفر اسم أبيه خاقان أو سالم والأصفر لقبه، وهو ثقة أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي. [قال: رأيت ابن عمر]. عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم: عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عباس، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهم: أبو هريرة وابن عمر وابن عباس وأبو سعيد وأنس وجابر وأم المؤمنين عائشة، وقد مر ذكرهم فيما مضى.
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) ذكر الله تعالى على غير طهر صــ 1إلى صــ 10 الحلقة (14) شرح سنن أبي داود [007] من آداب قضاء الحاجة ألا يذكر الله عز وجل عند قضاء الحاجة؛ لأن ذكر الله عز وجل يجب أن ينزه عن مثل هذه الأحوال، فلا يذكر في المواضع المستقذرة، ويستحب أن يذكر عز وجل على طهارة. رد السلام في حال البول [شرح حديث: (مر رجل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه)] قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: أيرد السلام وهو يبول؟ حدثنا عثمان وأبو بكر ابنا أبي شيبة قالا: حدثنا عمر بن سعد عن سفيان عن الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر قال: (مر رجل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه). قال أبو داود: وروي عن ابن عمر وغيره: (أن النبي صلى الله عليه وسلم تيمم ثم رد على الرجل السلام)]. قوله: [باب: أيرد الرجل السلام وهو يبول؟] أي: هل الإنسان إذا كان على قضاء الحاجة وسلم عليه أحد يرد عليه السلام أو لا يرد؟و a أنه لا يرد؛ وذلك أن السلام ذكر لله عز وجل؛ ولأنه دعاء ورده دعاء، والسلام من أسماء الله عز وجل.وذكر الله لا يكون عند قضاء الحاجة، ومن ذلك رد السلام، وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: (أن رجلا مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه)، وهذا يدل على أن الإنسان لا ينبغي له أن يسلم على من يقضي حاجته؛ لأن كون النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد عليه فيه إشارة وتنبيه إلى أنه ليس للإنسان أن يسلم على من يبول، وأنه إذا سلم عليه وهو يبول لا يرد؛ لأن ترك النبي صلى الله عليه وسلم الرد عليه يدل على أنه لا ينبغي للإنسان أن يرد السلام وهو يقضي الحاجة.وعلى هذا فيفهم من الحديث أن الإنسان لا ينبغي له أن يسلم على من يبول، وعلى المسلم عليه الذي يقضي حاجته ألا يرد السلام، وفيه أيضا دليل على أن ذكر الله عز وجل لا يكون في حال قضاء الحاجة.وفيه أيضا دليل على أن الإنسان إذا كان يقضي حاجته لا ينبغي له أن يتكلم، ولا أن يخاطب الناس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما أجاب المسلم بشيء، لا بكلام ولا برد السلام؛ لأن التحية ورد السلام لا يناسب أن يكون في مثل هذه الحال، فهذا يفيد أن الإنسان لا يتكلم وهو يقضي حاجته.وإذا كانت هناك ضرورة تدعو إلى الكلام فللإنسان أن يتكلم على قدر الحاجة.ثم أشار أبو داود رحمه الله إلى أن النبي عليه الصلاة والسلام بعدما تيمم رد عليه، فقال: وروي عن ابن عمر وغيره: (أن النبي صلى الله عليه وسلم تيمم ثم رد عليه السلام)، يعني: أنه بعدما انتهى من بوله تيمم ثم رد عليه السلام.وهذا فيه أن الإنسان حينما يرد السلام ينبغي أن يكون على طهارة، ولكن إذا كان الإنسان ليس على قضاء الحاجة وكان غير متوضئ وغير متيمم فيجوز له أن يذكر الله وأن يرد السلام؛ ولكن الأولى والأشرف أن يكون على طهارة، وقد أورد أبو داود رحمه الله هذا الحديث مسندا في باب التيمم في الحضر. والمقصود من هذا: أن يكون رد السلام على حال أكمل وأفضل، وإلا فإن ذكر الله عز وجل والإنسان محدث وليس على وضوء سائغ وجائز، وسيأتي الحديث الذي يدل على ذلك، وهو: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه)، يعني: سواء كان متوضئا أو غير متوضئ. ولكن الذي حصل في هذا: هو الإشارة إلى ما هو أكمل وإلى ما هو أفضل، والحديث الذي سيأتي يدل على أن ذلك سائغ وجائز، ولا تنافي بين هذا الحديث والحديث الذي سيأتي والذي فيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه). [تراجم رجال إسناد حديث: (مر رجل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه)] قوله: [حدثنا عثمان وأبو بكر ابنا أبي شيبة].أبو شيبة هو محمد بن إبراهيم، ويكنى بـ أبي شيبة وابناه هما: عثمان وأبو بكر، وأبو بكر اسمه عبد الله ولكنه مشهور بكنيته، وكل منهما ثقة، وكل منهما خرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.وأبو بكر هو المشهور أكثر من عثمان في كثرة الرواية، وكثرة الحديث؛ ولهذا خرج له مسلم في صحيحه - أي: لـ أبي بكر - أكثر من ألف وخمسمائة حديث، وهو أكثر الشيوخ الذين روى عنهم مسلم، يعني: أن الأحاديث التي حدث بها مسلم عن شيوخه أكثرها ما كان عن أبي بكر بن أبي شيبة.وقد اشتهر أبو بكر بن أبي شيبة بكنيته، وكذلك ينسب إلى أبيه بالكنية، فيقال: أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو بكر اسمه عبد الله، وأبو شيبة اسمه محمد، وهذا فيه الاشتهار بالكنى، والاشتهار بكنية الأب أيضا، ومثل هذا شهرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه أبو بكر بن أبي قحافة، فهو مشهور بكنيته وينسب إلى أبيه مكنى، وهو عبد الله بن عثمان رضي الله عنه، وليس مشهورا باسمه واسم أبيه، وأبوه ليس مشهورا باسمه، وإنما اشتهر بالكنية.وهنا أبو بكر بن أبي شيبة اشتهر بكنيته وكنية أبيه.وأبو بكر رضي الله عنه ليس له ولد اسمه بكر، ولا لـ عمر ابن اسمه حفص، ولكن هذه كنى حصل الاشتهار بها، ولعلها حصلت في زمن مبكر وقبل أن يولد للإنسان ولد، فاستمر عليها وعلى ذكرها.[حدثنا عمر بن سعد].هو أبو داود الحفري، والحفر: محلة من الكوفة، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن الأربعة.[عن سفيان].هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.وهنا جاء غير منسوب، لأن أبا داود الحفري من أهل الكوفة، وهو يروي عن سفيان الثوري، وكذلك الضحاك بن عثمان يروي عنه أيضا سفيان الثوري، وحديث سفيان الثوري أخرجه أصحاب الكتب الستة. وكما قلت: هو من الذين وصفوا باللقب الرفيع الذي هو من أعلى صيغ التعديل: أمير المؤمنين في الحديث، وهو مشهور بالفقه، ومشهور بالحديث رحمة الله عليه. [عن الضحاك بن عثمان]. هو الضحاك بن عثمان الأسدي، وهو صدوق يهم، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [عن نافع]. هو نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.(عن ابن عمر).هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عن الصحابة أجمعين. [حكم ذكر الله عز وجل عند قضاء الحاجة] والنهي في هذا الحديث الذي يبدو أنه على التحريم؛ لأن الإنسان عند أن يقضي حاجته لا يذكر الله، بل يجب أن ينزه ذكر الله عز وجل عن أن يكون في حال مكروهة أو حال فيها قذر، أو فيها خروج شيء مستقذر. [شرح حديث: (إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر)] قال المصنف رحمه الله تعالى: حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الأعلى حدثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن حضين بن المنذر أبي ساسان عن المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه: (أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلم عليه فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه فقال: إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر، أو قال: على طهارة)].أورد أبو داود رحمه الله تعالى حديث المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه: (أنه مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلم عليه فلم يرد عليه السلام، حتى توضأ ورد عليه السلام، ثم اعتذر النبي صلى الله عليه وسلم إليه وقال: إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر).أي: أن حالة البول هذه حالة ليست محلا لذكر الله عز وجل، ولكن بعد أن يقضي الإنسان حاجته -حتى قبل أن يتوضأ- هذه حالة لا مانع فيها من ذكر اسم الله عز وجل، ولا مانع من قراءة القرآن، والقرآن هو خير الذكر وأفضل الذكر.ولكن كون النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد عليه السلام إلا بعد أن توضأ، وأشار إلى أنه كره أن يرد إلا وهو على طهارة فيه إشارة إلى الأكمل، وفي هذا أيضا إشارة إلى أن الإنسان ينبغي له أن يحرص على أن يكون على طهارة؛ حتى يكون أكمل في ذكره لله عز وجل وفي قراءته للقرآن.وإن كان ذكره لله عز وجل بعدما ينتهي من بوله وقبل أن يتوضأ سائغ وجائز، إلا أن هذا فيه إشارة إلى الأكمل وإشارة إلى الأفضل، وفيه حسن خلقه صلى الله عليه وسلم في اعتذاره للمهاجر بن قنفذ وبيانه له حتى يكون في ذلك بيان لهذا الحكم الشرعي، ولتطييب خاطره ونفسه من كونه سلم ولم يرد عليه، وفيه تنبيه أيضا كما أسلفت إلى أن الإنسان لا ينبغي له أن يسلم على من يقضي حاجته. [تراجم رجال إسناد حديث: (إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر)] قوله: [حدثنا محمد بن المثنى].هو أبو موسى العنزي الملقب: الزمن البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، فكل منهم روى عنه مباشرة بدون واسطة.وسبق أن ذكرت في درس مضى أن ثلاثة من صغار شيوخ البخاري هم من رجال الكتب الستة وماتوا في سنة واحدة، وهم: محمد بن المثنى هذا، ومحمد بن بشار بندار ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، فهؤلاء ثلاثة شيوخ لأصحاب الكتب الستة، وقد ماتوا في سنة واحدة قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، وهي سنة (252هـ).وذكروا عن محمد بن المثنى أنه مثل محمد بن بشار في أمور كثيرة، فقالوا: اتفقا في سنة الولادة، وسنة الوفاة، وكلاهما من أهل البصرة، وكانا متفقين في كثير من الشيوخ والتلاميذ، ولهذا قال الحافظ ابن حجر في ترجمة محمد بن المثنى: وكان هو وبندار كفرسي رهان. يعني: متماثلين، لا أحد منهما يسبق الآخر، كما أن فرسي الرهان يكون بينهما تماثل. وقال: إن هذين الاثنين ماتا في سنة واحدة، وكانا كفرسي رهان، واتفقا في أمور كثيرة. [حدثنا عبد الأعلى]. هو عبد الأعلى بن عبد الأعلى البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا سعيد]. هو ابن أبي عروبة، وإذا جاء سعيد يروي عن قتادة فالمقصود به ابن أبي عروبة.وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن قتادة]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن الحسن]. هو الحسن بن أبي الحسن البصري، وهو ثقة، أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن حضين بن المنذر أبي ساسان] .حضين بن المنذر أبي ساسان ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة. [عن المهاجر بن قنفذ]. المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه صحابي، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة.وفي هذا الحديث أنه توضأ، وفي الحديث الذي روي عن ابن عمر وغيره أنه تيمم، والذي يبدو أنهما قصتان، إحداهما فيها وضوء، والأخرى فيها تيمم. ذكر الله تعالى على غير طهر [شرح حديث: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه)] قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر.حدثنا محمد بن العلاء حدثنا ابن أبي زائدة عن أبيه عن خالد بن سلمة -يعني: الفأفاء- عن البهي عن عروة عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله عز وجل على كل أحيانه)]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة بعنوان: باب في الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر، بعد أن ذكر الترجمة السابقة التي فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد السلام إلا بعدما توضأ أو تيمم.ومن المعلوم أن الوقت الذي بين قضاء الحاجة وبين التيمم أو الوضوء يجوز للإنسان أن يذكر الله عز وجل فيه، والنبي صلى الله عليه وسلم ما حصل منه رد السلام إلا بعد الوضوء أو التيمم، وهذا فيه إشارة إلى الأكمل، وأن الإنسان إذا ذكر الله في حال طهارته فهذا أكمل وأفضل.وبعد هذا أورد هذه الترجمة الدالة على جواز ذكر الله عز وجل على غير طهارة، لكن ليس في حال قضاء الحاجة، ففي حال قضاء الحاجة لا يرد الإنسان السلام، ولكن فيما بين قضاء الحاجة وبين الوضوء أو التيمم يجوز للإنسان أن يذكر الله عز وجل.فأورد أبو داود رحمه الله هذا الباب بعد الباب الذي قبله إشارة إلى أن ما جاء في الباب الذي قبله إنما هو إشارة إلى الأكمل، وفي هذا الباب إشارة إلى الجواز وعدم الحرج، وأنه لا بأس بذلك، وأن الذكر قبل الوضوء خلاف الأولى، ولكن ليس من قبيل التحريم، وإنما الأولى والأفضل والأكمل أن يكون الذكر على طهارة، ولكن ذكر الله عز وجل على غير طهارة جائز لحديث عائشة هذا الذي أورده أبو داود رحمه الله.وكثيرا ما يأتي في التراجم وفي الأحاديث ذكر الرجل، ولا مفهوم له، بمعنى: أن حكم المرأة لا يخالف حكم الرجل، بل حكم الرجل والمرأة واحد، والأحكام هي للرجال والنساء، ولكن يذكر الرجال في التراجم ويأتي ذكرهم في الأحاديث بلفظ الرجل أو الرجال؛ لأن الغالب أن الخطاب مع الرجال؛ لا لأن الحكم يختص بالرجال؛ فبعض الرجال لا يذكر الله على كل أحيانه وبعض النساء كذلك.وقد جاءت أحاديث كثيرة فيها ذكر الرجال، ولا مفهوم لذكر الرجال، بمعنى: أن النساء ليس لها حكم آخر، بل حكم النساء هو حكم الرجال، والأصل هو تساوي النساء والرجال في الأحكام، إلا ما جاء يخص الرجال دون النساء، وما جاء يخص النساء دون الرجال، فعند ذلك يصار إلى التفريق، أما حيث لا تفريق وحيث لا يأتي شيء يدل على أن هذا خاص بالرجال أو هذا خاص بالنساء فالأصل هو التساوي بين الرجال والنساء.وقد جاءت جملة كبيرة من الأحاديث في هذا المعنى الذي هو ذكر الرجل، ولا مفهوم له، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تتقدموا رمضان بيوم أو يومين إلا رجلا كان يصوم صوما فليصمه) وكذلك المرأة التي تصوم صوما تداوم عليه فلها أن تصوم.فقوله: (إلا رجل) هذا لا مفهوم له، بل المرأة مثل الرجل. وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (من وجد متاعه عند رجل قد أفلس…)، كذلك المرأة إذا كانت مفلسة وقد بيع لها شيء والمبيع موجود عندها فالذي وجده من الغرماء أحق به، سواء وجده عند رجل أو عند امرأة، فقوله: (من وجد متاعه عند رجل) لا مفهوم للرجل، فالمرأة مثل الرجل. وعلى هذا فالقاعدة: أن أحكام الرجال والنساء واحدة، ولا يختص الرجال بحكم دون النساء، ولا النساء بحكم دون الرجال، إلا إذا جاء شيء يدل على التخصيص؛ إما لأنها أحكام تتعلق بالنساء أو لأنها أحكام يفرق فيها بين الرجال والنساء.وهذه الأحكام التي يفرق بها بين الرجال والنساء كثيرة، وقد أشرت إلى جملة منها في الفوائد المنتقاة من فتح الباري وكتب أخرى، وهذه هي الفائدة الوحيدة التي ما عزوتها إلى كتاب؛ لأنني لم أنقلها من كتاب، ولكنني كنت أدون ما يعرض لي من فروق بين الرجال والنساء، فتجمعت جملة كبيرة، فأوردتها في ذلك الكتاب، وهي غير معزوة إلى أحد؛ لأنها مسائل كثيرة يفرق فيها بين الرجال والنساء، فهي الفائدة الوحيدة التي لم تنسب ولم تعز إلى مصدر أو كتاب معين، وهي جملة كبيرة من الأحكام التي يختلف فيها الرجال عن النساء، ويفرق فيها بين الرجال والنساء. والحاصل: أن ذكر الرجل في التراجم وكذلك في الأحاديث لا مفهوم له، وإنما المقصود من ذلك: أن الغالب أن الخطاب مع الرجال دون النساء. وبعد ذلك أورد حديث عائشة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه). [تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه)] قوله: [حدثنا محمد بن العلاء]. هو محمد بن العلاء أبو كريب، مشهور بكنيته أبي كريب، وبعض المحدثين يذكره بكنيته، فيقول: أبو كريب ويكتفي بها، وبعضهم يذكره باسمه منسوبا، فيقول: محمد بن العلاء، وبعضهم يجمع بين الاسم والكنية والنسبة، ومعرفة الكنى للمحدثين مهمة، وفائدتها: ألا يظن الشخص الواحد شخصين، وذلك فيما لو جاء في أحد الأسانيد: أبو كريب، وجاء في إسناد آخر محمد بن العلاء.فالذي لا يعرف أن أبا كريب هو محمد بن العلاء يظن أن أبا كريب شخص، وأن محمد بن العلاء شخص آخر، لكن من يعرف أنه واحد فسواء جاء أبو كريب أو جاء محمد بن العلاء فالنتيجة واحدة؛ إذا إنها يراد بها شخص واحد، وإنما يذكر باسمه في بعض الأحيان، ويذكر بلقبه في بعض الأحيان، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [حدثنا ابن أبي زائدة] .هو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبيه]. وهو ثقة يدلس، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن خالد بن سلمة -يعني: الفأفاء -] .كلمة (يعني) سبق أن مر التنبيه عليها، وأن المقصود منها: أن تلميذ الراوي اكتفى باسمه، وتلميذه هو زكريا بن أبي زائدة، وهو ما زاد على أن قال: خالد بن سلمة، لكن يحيى بن زكريا، أو من دونه هو الذي قال: الفأفاء، وكلمة (يعني) لها قائل ولها فاعل، ففاعلها زكريا بن أبي زائدة، وقائلها: من دون زكريا بن أبي زائدة.وخالد بن سلمة صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن الأربعة. [عن البهي]. البهي لقب، واسم صاحب اللقب عبد الله بن يسار، وهو صدوق يخطئ، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن. [عن عروة] .هو عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وقد مر ذكرهم فيما مضى، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عائشة] .عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد مر ذكرهم قريبا.
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 0 والزوار 8) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |