|
|||||||
| فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
|
#1
|
||||
|
||||
|
الفقه على المذاهب الأربعة المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري الجزء الثالث [مباحث الاجارة] صـــــ 105 الى صــــــــ 130 الحلقة (135) القسم الخامس: استئجار الثياب والحلي والأمتعة والخيام ونحو ذلك فللإنسان أن يستأجر ثوبا ليلبسه أياما معلومة فإن فعل فله أن يستعمله بما قضت به العادة والعرف بالنسبة لحالة الثوب فغن كان قيما فلا يصح أن يلبسه بالليل ولا أن ينام بل يستعمله قياما أعد له فإن نلم فيه فتخرق عليه ضمانه وإذا ألبسه لغيره فضاع أو تخرق كان ضامنا له. أما إذا اشترط أن ينصبها في داره فنصبها في جهة أخرى في البد نفسها فلا ضمان عليه إذا كانت الدار مماثلة لداره. أما كانت مكشوفة تنزل فيها الشمس أو المطر فيضر القماش فإنه يضمن. وإذا استأجرت المرأة حليا معلوما إلى الليل لتلبسه ثم حبسته أكثر من يوم وليلة تكون غاضبة عليها الضمان وهذا إذا طلب منها ولم تدفعه لأصحابه. أما إذا حفظه بأن وضعته في مكان لا يلبس فيه عادة فإنه لا ضمان عليها. هذا ومما ينبغي التنبه له أن كل عين مستأجرة من حيوان أو متاع أو دار إذا فسدت بحيث لا يمكن الانتفاع بها سقط الأجر عن المستأجر من حين فسادها وعليه أجر مانتفع به مما مضى فإذا كان ساكنا بمنزل ثم تخرب في خلال الشهر فخرج منه عليه أن بدفع أجر الأيام التي قضاها من الشهر وإن اختلفا فيها فقال الساكن: إنها عشرة وقال المالك: إنها عشرون يحكم في ذلك حال المنزل والذي يشهد له من علامات الخراب يعمل بقوله. وأما الأعيان التي لا يصح استئجارها باتفاق فمنها نزو الذكور من الحيوانات على إناثها فلا يحل لأحد أن يؤجر ثوره ليحبل بقرة غيره ولا يؤجر حمارة الغير وهكذا لأن إحبال الحيوان غير مقدور عليه فلا يصح تأجيره. ومنها: الاستئجار على المعاصي مثل الغناء والنوح والملاهي كاستئجار بعض الفارغين من الشبان لبقوموا بأناشيد سخيفة ويتبادلون في مجلس الخمور والمحرمات فإن استئجارهم كبيرة لا يحل لمسلم أن يفعلها وهو الذين يسمونهم (كشكش) ومثل استئجار الأشخاص العاطلين لضرب الناس وإيذائهم بالسبب فإنه كبيرة لا يحل لمسلم أن يفعلها وهي إجارة باطلة لا يستحقون عليها أجرا، وأما إجارة المغنين فإن كان الغناء مما يجوز فإنها تصح وإلا فلا وقد تقدم في باب الوليمة في الجزء الثاني من الكتاب. أما الإجارة على الطاعات فأصول مذهب الحنفية تقضي أنها غير صحيحة أيضا لأن كل طاعة يختص بها المسلم لا يصح الاستئجار عليها ولأن كل قرية تقع من العامل إنما تقع عنه لا عن غيره فلو لم يكن أهلا لأدائها لا تنفع منه فلا يصح له أن يأخذ عليها أجرا من غيره ويستدلون بحديث روي عنه عليه السلام: "اقرؤوا القرآن ولا تأكلوا به" وقد عهد عمر إلى عمرو بن العاص: "وإن اتخذت مؤذنا فلا يأخذ على الأذان أجرا" هذا هو أصل مذهبهم وهو بظاهره عام يشمل كل الطاعات فكان من حقه أن لا بعض الطاعات للضرورة فاجازرا أخذ الأجرة على تعليم القرآن خوفا من ضياعه ومثله تعليم العلم. والأذان والإمامة والوعظ خوفا من تعطيلها. أما قراءة القرآن خصوصا على المقابر وفي الولائم والمآتم: إنه لا يصح الاستئجار عليها إذ لا ضرورة تدعو إليها. فمن أوصى لقارئ يقرأ على قبره بكذا أوقف له دارا أو أوصى بعتاقة أو نحو ذلك كانت وصيته باطلة لا قيمة لها لأن الأجرة على الطاعات بدعة محرمة كما ذكرنا. وإنما تنفذ مثل هذه الوصايا أو الوقفيات إذا جعلت صدقات، وقد قال صاحب الطريقة المحمدية رضي الله عنه ما نصه: الفصل الثالث في أمور مبتدعة باطلة أكب الناس على ظن أنها قرب مقصودة. ومنها الوصية من الميت بالطعام والضيافة يوم موته أو بعده وبإعطائه دراهم لمن يتلو القرآن لروحه أو يسبح أو يهلل له وكلها بدع منكرات باطلة والمأخوذة منها حرام للآخذ وهو عاض بالتلاوة والذكر لأجل الدنيا اهـ. ومحصل هذا كله أن أصل المذاهب منع الإجارة على الطاعات، ولهذا أجمعوا على أن الحج عن الغير من باب الإنابة لا من باب الاستئجار فمن حج عن غيره كان نائبا عنه في أداء هذه الفريضة ينفق على نفسه بقدر ما يؤدي فإن زاده معه شيء من المال الذي أخذه وجب لصاحبه ولو كان إجارة لما رد منه شيئا. وإما إقتاء المتأخرين بجواز أخذ الأجرة على بعض الطاعات فهو للضرورة خوفا من تعطليها فأجازوا أخذها على التعليم القرآن ونحوه ولم يجيزوه على قراءة القرآن إذ لا ضرورة في القراءة. ويرد على هذا ما ثبت من جواز أخذ الأجرة على الرقية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقوله: "إن أحل ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله" وأجيب بأن الرقية تلاوة فقط بل المقصود منها الطب وأخذ الأجرة على التداوي جائز. وقد يقال في زماننا أن الناس يتصرفون عن تعليم القرآن إذا لم يجدوا فيه شيئا يساعدهم على قوتهم فالعلة التي أباحوا من أجلها أخذ الأجرة على التعليم وهي خوف تقليل الحفاظ هي بعينها موجودة في الحفاظ الذين ينفقون الذين ينتفعون من قراءءتهم، وقد يكون للإفتاء بجواز أخذ الأجرة على القراءة من هذه الجهة وجه، ولكن الذي لا يمكن إقراره بحال إنما هو ما اعتاد بعض القراء من فعل ما ينافي التأديب مع كتاب الله تعالى كتلاوته على قارعة الطريق للتسول به وفي الأماكن التي نهىالشرع عنه الجلوس فيها وتلاوته على حالة تنافي الخشية والاتعاظ بآياته الكريمة كما يفعل بعض القراءة من التغني به في مجالس المآتم والولائم التي نهى الشارع عنها لما فيها من المنكرات وتأوه الناس في مجلسه كما يتأوهون في مجالس الغناء والإمعان في هذه الطريقة الممقوتة حتى أن بعض القراء يحرفون كلمه عن مواضعه تبعا لما يقتضيه نغم وتمشيا مع أهواء الناس وشهواتهم فإن ذلك كله حرام باطل لا يمكن الإقرار عليه بأي حال. ومن الأشياء التي لا تصح إجازتها الأياء التي تستأجر على خلاف شرائط الإجازة المتقدمة. ومن ذلك استئجار الشخص بجزء من عمله كأن يستأجر جمالا لينقل له جرنه ويأخذ باقية في نظير أجره أو يعطي طحانا إردبا من الحنطة ليطحنه ويأخذ منه كيلة في نظير أجره فإن كل ذلك ممنوع لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ولأن القدرة على تسليم الأجرة شرط في صحة الإجارة وفي هذه الحالة أن يسلم الأجرة لأنه ناطقه بالشيء المعمول فالطحان مثلا لا يمكنه أن يأخذ أجره إلا من الدقيق الذي ينتج من القمح المطحون وهو لم يوجد بعد فإذا وقعت مثل الإجازة وجب فيها أجر المثل بشرط أن لا تزيد على المسمى بينهما. والحيلة في جواز مثل ذلك أن يفرز أولا ويسلمه للمستأجر كأن يخرج الصوف أو القمح الذي يريد أن يدفعه أجرا ثم يسلمه للمستأجر وهذا جائز. ومن ذلك إجارة ماء الشرب وحده فإنها لا تصح واقعة على استهلاك عين السمك وإجارة المرعى لتأكل غنمه حشيشها فإن كل ذلك فيه استهلاك للعين فلا تنفع إجارته ولكنه يصح أن يستأجر تبعا لشيء آخر فيصح أن يستأجر القناة تجري فيها الماء فتقع الإجارة على الماء تبعا ويصح أن يستأجر قطعة من أرض المرعى ليجعلها مأوى لمواشيه (حوش) ويبيح له مالكها الرعي من حشيشها. وأما الأشياء المختلف في جواز استئجارها فمنها إجارة الحمام فإن بعضهم يقول: إن أخذ الحمامي أجرة مكروهة من الرجال والنساء. وبعضهم يقول: إنها مكروهة من النساء دون الرجال والصحيح أنها جائزة بلا كراهة لحاجة الناس إليها وربما كانت حاجة النساء إليها أكثر من لنفاسهن وضعفهن إنما الذي ينبغي النهي عنه هو كشف العورة فيها سواء كان من فيها نساء أم رجال إذ لا يحل للنساء أن ينظرن إلى عورة بعضهن كما لا يحل للرجال على التفصيل المتقدم في مباحث ستر العورة فعلى من يدخل الحمام أن يحتاط في ستر عورته وأن يغض بصره عن النظر إلى عورة غيره وإلا فقد فعل ما لا يحل له فعله سواء أكان ذلك في الحمام أو غيره. ومنها أجرة الحجام فقد قال بعضهم بكراهية لما ورد من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كسب الحجام خبيث، وثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث" والصحيح أنها جائزة بلا كراهة لما رواه البخاري من أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام أجره ولو كان مكروها لم يعطيه والحديث الأول منسوخ بما ورد أن رجلا "وقال يا رسول الله إن لي عيالا وغلاما حجاما أفاطعم عيالي من كسبه؟ قال: نعم" وأيضا فإن حديث البخاري مروي عن ابن عباس وحديث النهي رواه في السن عن أبي رافع. ومما لا شك فيه أن ابن عباس أعلم وأضبط وأفقه فيعمل بحديثه على أنه إذا اشترط الحجام أجرا معينا كره ذلك فيمكن حمل الكراهة على ذلك. ومن ذلك أجرة السمسار والدلال. فإن الأصل فيه عدم الجواز لكنهم أجازوا الناس إليه كدخول الحمام على أن الذي يجوز من ذلك إنما هو أجر المثل. فإذا اتفق شخص مع دلال أو مع سمسار على أن يبيع له أرضا بمائة جنيه على أن يكون له قرشين في كل جنيه مثلا فإن ذلك لا ينفذ وإنما الذي ينفذ هو أن يأخذ ذلك الدلال لأجر مثله في هذه الحالة. هذا وتصح إجارة الماشطة لتزيين العروس بشرط أن يذكر العمل أو مدته في العقد. وإذا استأجر شخص عاملا يمكن تعيين عمله كخياط ليخيط له هذا الثوب بكذا أو خباز ليخبز هذه الأرغفة بكذا أو هذا الإردب فإنه لا يصح له أن يجمع مع هذا التعيين الوقت فيقول خطه اليوم أو غدا أو اخبزه اليوم أو بعد ساعتين فإذا تأخر عن هذا الموعد يكون بأجرة أقل وإنما لا يجوز ذلك لأنه يفضي إلى المنازعة بأن يقول العامل المنفعة المعقودة عليها إنما هي العمل وذكر الوقت للحث على العجيل وحيث قد تم العمل في اليوم أو بعده فإنني استحق عليه الأجر كاملا ويقول المؤجر كلا بل المنفعة المعقود عليها مقدورة بالوقت فالمعقود عليه هو الوقت وحيث لم توجد قيمة المنفعة فلا تستحق الأجرة كاملة فلذا قبل بفساد العقد. نعم إذا قال على أت تفرغ منه أو تخيطه في اليوم فإن العقد ألا يفسد ويعتبر العقد على العمل وذكر هذه الكلمة يكون الغرض منه إنجاز العمل والفرقأن قوله في اليوم معناه أن تعمل في اليوم ولا يلزم أن يعمله جميعه في اليوم. وقوله على أن تفرغ منه اليوم يفيد أن ذكر اليوم ليس مقصودا كالعمل فيكون الغرض من التعاقد إنما هو العمل وأما كونه يفرغ منه اليوم فهو أمر ثانوي معناه اسعجال العمل على أن بعضهم يقول إن الإجارة لا تفسد بذلك مطلقا ولو قال اليوم بدون في أو على ويقع العقد على العمل ويكون الغرض من ذكر الوقت الحث على التعجيل. ويجوز أن يقول شخص لآخر إن خطت لي الثوب في هذا اليوم فتكون أجرته درهما وإن خطته غدا تكون أجرته نصف درهم. وإن سكنت هذه الدار حدادا فبعشرة وإن سكنتها عطارا فبخمسة. وهكذا في كل ما فيه ترديد الأجرة بالنسبة للزمان والمكان والمسافة. المالكية - قالوا: الأشياء المستأجرة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم ممتنع فلا يصح استئجاره، وقسم جائز، وقسم مكروه. فالقسم الأول: وهو الممتنع فهو ما خالف شرطا من شروطها وقد تقدم بيان كثير منه وبقيت أمور: أولها كراء الشجر لأخذ ثمره لأن فيه استفياء عين وهو الثمر قصدا لا تبعا وهو بيع عين قبل وجودها وذلك باطل. أما الشاة لأخذ لبنها فقد مر بيانه في الكلام على المنفعة فارجع إليه. وإذا استأجر دارا فيها نخلة أو كرمة فإن كان ثمرها قليلا واشترط المستأجر لأن تكون تابعة للدار في الإجلرة فإنه يغتفر تأجيرها وأخذ ثمرتها بشرط أن لا يزيد ثمن الثمر عن ثلث الأجرة. وذلك بأن تقوم الدار بغير الثمر فإن كانت عشرة وقيمة الثمر بعد إسقاط ما أنفق على الشجر من سقي ونحوه فإنه يصح في هذه الحالة أخذ الثمن لأن الخمسة إذا أضيفت إلى الأجرة وهي عشرة كان المجموع خمسة عشرة والخمسة ثلثها فيصح أخذه حينئذ أما إذا كانت قيمة أكثر من خمسة فإنه لا يصح لأن القاعدة من مذهب مالك أن كل شيء يمكن قليله من كثيره فثلثه والقليل يتسامح فيه ويستثنى من هذه القاعدة أمور ثلاثة: (1) الآفات التي تصيب الثمرة المبيعة فغن ثلثها ليس من القليل. (2) مساواة المرأة للرجل في دية الجراحة. (3) ما تحمله العاقلة من الدبة. ثانيها: الإجازة على التعليم الغناء فإنها لا تصح والغناء بالمد التطريب بالأهوية المعروفة في علم الموسيقى وقد عرفت في مباحث الوليمة أن المالكية لا يبحون سماع شيء من الغناء إلا إذا كان على وزان: أتيناكم أتيناكم * فحيونا نحيكم إلى أخره.... وكل ما لا يباح لا يصح تأجيره أما غيره فلهم فيه تفصيل فما كان منه مباحا فإنه يصح الأجرة على تعليمه عندهم. ومن ذلك أجرة آلات الطرب كالعود والمزمار فإن استعمالها وسماعها حرام فكذلك ثمنها وإجارتها. ثالثهما: إجارة النائحة (المعددة) فإنه حرام بلا خلاف. رابعهما: إجارة الدجالين الذين يزعمون أنهم يخبرون عن المسروق ويردون الضائع فإنها لا تحل ومثله الاستئجار على حل المربوط (العاجز عن إتيان امرأته) فغن اسئجاره لا يحل وقيل يحل إن تكرر نفعه. خامسها: استئجار الحائض لكنس المسجد فإنه لا يحل. سادسها: إجارة الدكان ليباع فيه الخمر والحشيش ونحوه مما يفسد العقل أو يضر بالبدن فإنها لا تصح وكذلك إجارة المنازل لتتخذ بيوتا للدعارة أو محلا للفسق أو نحو ذلك. وكما لا تصح إجارتها كذلك لا يصح بيعها على ثمنها المعتاد إن باعها بثمن زائد عنه. سابعها: الإجارة على طاعة مطلوبة من الأجير (طلب عين لا طلب كفاية) إذا كانت لا تقبل النيابة كالصلاة والصيام سواء كان طلبها على سبيل الوجوب أو على الندب. فلا يصح الاستئجار على صلاة ركعتي الفجر والوتر. أما ما يقبل النيابة كالحج، وقراءة القرآن وأذكار، والتهليل ونحوها ففيها خلاف مبنى على وصول ثوابها للميت. فبعضهم يقول: إنها تصل فالإجارة عليها صحيحة، وبعضهم يقول: إنها لا تصل فالإجارة عليها لا تصح والمنقول عن الإمام مالك أنها لا تصل وأن الإجارة عليها لا تصح، ولكن الظاهر من قول أصحابه الميل إلى الميل إلى أنها تصل عملا بحديث رواه النسائي: "من دخل مقبرة وقرأ قل هو الله أحد إحدى عشرة مرة وأهدى ثوابها لهم كتب الله له من الحسنات بعدد من دفن فيها" فلو لم يكن ثواب القرآن ينفع الميت ويصل إليه لما حث النبي صلى الله عليه وسلم قل هو الله أحد للأموات. أما الأعمال المطلوبة من المكلف على سبيل الكفاية كتكفين الميت وتغسيله ودفنه فيجوز الإجارة عليها بلا خلاف فما يأخذه (الحانوتية) على تغسيل الموتى وحملهم ودفنهم من الأجرة (جائز) ثامنها: تأجير العامل الذي يجني الزيتون أو النبق ونحوهما أو يعصره زيتا بجزء مما يخرج منه فلو قال له انقض لي هذه الشجرة يختلف في ذلك فمنه ما يسقط من ثمره بالهز كثيره ومنه ما يسقط قليل فيكون القدر الذي ينزل منه مجهول. وكذا إذا قال له اعصر هذا الزيتون أو الرقطم ولك جزء مما يخرج منه فإنه لا يصح لأن القدر الذي يخرج من الزيت مجهول وصفة الزيت الخارج بالعصر مجهولة إذ يمكن أن يكون جيدا وأن يكون رديئا ثخينا أو رقيقا نقيا أو مشوبا ينقصه. وبعضهم يقول إذا قال له انفض الثمر الذي على هذا الشجر كله ولك سدسه مثلا فإنه يجوز فإذا وقع شئ من هذا فإن للعامل أجر مثله وجميع الثمر أو الزيت لصاحبه فإن اقنسما كان ما يأخذه العامل حراما أما ما يأخذه رب العمل فهو حلالا لأنه كله ملكه. ومثل ذلك ما إذا قال له أدريس (هذا الجرن) ولك ثمن ما يخرج من الحب فإنه إجارة فاسدة للجهل بقدر ما يخرج من الحب. أما إذا قال له احصد هذا الغيط ولك سبعه أو ثمنه فإنه يصح لأن الزرع ظاهر مرئي فيمكنه معرفة القدر الذي بخرج منه. ثامنها: تأجير أرض صابحة للزراعة ليزرعها با الطهام فإنه لا يصح فإذا اسنأجر فدانا ليزرعه بخمسه (أرادب) من القمح أو الذرة أو الشعير أو نحو ذلك مما تنبته الأرض كالعدس والفول وجميع أنواع الطعام فإنه لا يصح أنه يمكنه أن يزرع الأرض من هذا النوع الذى أستأجر به فتؤل المسألة ألى بيع الطعاملأجل منع التفاضل والغرر لأنه يحتمل أن يخرج له من الزرع قدر الأجرة أو أقل أو أكثر. وكذلك لا يجوز تأجيرها بالطعام الذى لا تنبته كالعسل والجبن واللبن والشاة المذبوحة والشاة التى بها لبن. أما الشاة الحية التى لا لبن بها يجرز أنها ليست بطعام في هذه الحالة ولا يتولد منها طعام كذلك لاتصح بالسمك وطير الماء زعلة ذلك أنه ربما يزرعها طعاما كا القمح والذرة ونحو ذلك فيكون فيه بيع بطعام مخالف له وهو ممنوع. كذلك لا يجوز تأجيرها بما ينبت منها من غير الطعام كالقطن والكتان والعصفر والزعفران ونحو ذلك لأنه قد يزرع فيها ذلك النوع الذي أجره بها فيكون فيه بيع الزرع بمثله لأجل فإذا وفع فيه شيء من ذلك كان فاسدا وله كراؤها بالنقود. ويجوز كراء الأرض بالشجر الذي يمكث فيها زمنا طويلا واختلف في جواز كرائها بما ينبت وحده لا بما ينبته الناس كالحلف والحشيش والصحيح لأنه يجوز. وأما كراء الأرض لأجل بناء عليها دكان عليها جرن فيها جائز وكذلك كراء الدور والدكاكين بالطعام فإنه جائز بلا نزاع لانتفاع الشبه التي تقدمت. تاسعها: يمنع استئجار صانع على عمل بحيث لو لأتمه في يوم يكون له عشرة وإن لأتمه يومبن يكون له ثمانية لأنه في هذه الحالة يكون قد أجر العامل نفسه بما لا يعرف. فإذا استأجر خياطا على هذه الحالة وخاط له الثوب فله أجر مثله خاطه في يوم أو يومين فإن اتفق معه على أجرة معينة ثن قال له بعد ذلك عجل وأزيدك كذا فإن كان على يقين من أنه يستطيع الفراغ منه في الموعد الذي حدده فإنه يجوز أما إن كان لا يدري فيكون مكروها. عاشرها: أن يقول لآخر اعمل على دانتي كأن تحتطب عليها أو تحمل عليها الناس تحمل عليها الحبوب أو نحو ذلك أو يقول له اعمل على دابتي ولم يصرح بشيء مما يحمل عليها ولك نصف ما يتحصل من ثمن ما تحتطبه عليه وتبيعه أة نصف ما تكريها به. وتشتمل هذه الصورة على أربعة أوجه: الأول أن يقول اعمل على دابتي فيعمل بنفسه. الثاني: أن بقول اعمل عليها فيؤجرها لغيره ليعمل عليها. الثالث: أن يقول له خذ دابتي فاكرها فيأخذها ويعمل عليها بنفسه. الرابع أن يقول له خذها فاكرها فيأخذها ويكريها لغيره. والإجلرة في جميع هذه الأوجه فاسدة. فإذا وقع ذلك فحكم الأوجه الثلاثة الأول للعامل جميع ما يتحصل وعليه أجرة المثل لمالكها لأنه في هذه الأوجه يكون قد استأجر الدابة إجارة فاسدة فإذا لم يجد عملا يعمله عليها فبعضهم يقول تلزمه أجرتها مطلقا وبعضهم يقول لا تلزمه الأجرة إذ عاقه عن العمل عائق معروف. وحكم الوجه الرابع، وهو أن يقول له خذها فاكرها فيكريها، أن كل ما يتحصل من الكراء للمالك ويكون له أجر المثل فيما عمله فإذا تعاقد مع شخص ليحمله من بلد إلى آخر ومشى خلفه كان له أجر المثل على التعاقد وعلى المشي الذي مشاه وما يتحصل من الأجر للمالك لأن العامل في هذه الحالة يكون قد أجر نفسه إجارة فاسدة. هذا كله بعد الشروع في العمل أما قبله فتعين فسخ العقد، وإنما فسدت الإجارة في هذه الأوجه للجهالة بقدر الأجرة. أما إذا قال له خذ دابتي الذي واحتطب عليها ولك نصف الذي تجيء به، فإنه يصح بشرطين: الأول: أن يكون القدر الذي يجيء به من الخطب معروفا في العرف كأن تجري العادة بأن هذه الدابة تنقل قنطارين في اليوم أو يسترطا ذلك كأن يقولا نقسم كل قنطارين مما تنقله. الثاني: أن لا يحجر المالك على العامل كأن يقول لا تأخذ نصيبك إلا بعد أن يجتمع الحطب في مكان كذا، فيصح بهذين الشرطين لانتفاع جهالة هنا محققة فإنه لا يدري بكم يبيع الحطب الذي يجيء به فالثمن مجهول تماما. وهل السفينة والحمام والربع ونحو ذلك من الأشياء الثانية مثل الدابة في ذلك؟ والجواب أن بعضهم يقول إنها مثلها فإذا قال العمل في سفينتي أو في حمامي أو في داري أو لنا ولك نصف ما يتحصل من ريعها فإن ما يتحصل يكون لمالكها وللعامل أجر مثله. وبعضهم يقول إن السفينة والدار والحمام ونحو ذلك من الأعيان الثابتة التي لا يتولى العامل مؤنتها يكون لمالكها وللعامل أجرة مثله سواء قال اعمل عليها أو اكرها وسواء عمل عليها بنفسه أو أجرها لغيره. والثاني أصح. الحادي عشر: أن يبيع شخص لآخر نصف سلعة معين على أن يبيع المشتري النصف الثاني فلا يصح أن يقول شخص لآخر بعتك نصف داري هذه بمائة على أن تتولى بيع نصفها الثاني وإنما تمتنع هذه الصورة إن لم يعين محل البيع أو عين بلدا تبعد عن البلد الذي فيها العقد أكثر من ثلاثة أيام. أما إذا قال له أن تبيع لي النصف الثاني في هذه البلدة التي حصل العقد أو في بلد قريب منها فإنه يصح وذلك لأنه في الحال الأولى يكون قد اشترى معينا وهو نصف الدار ولم يتمكن من قبضة إلا بعد بيع النصف الثاني في بلد يبعد عن محل العقد أكثر أيام وذلك ممنوع. أما في الحالة الثانية وهي إذا كان محل البيع في البلد أو في بلد يصح تأجير القبض إليها بأن كانت مسافتها ثلاثة أيام فأقل فإنه يصح ولكن يشترط في هذه الحالة أن يجعل العاقدان للبيع أجلا معلوما بأن يقول على أن تبيع لي النصف الثاني بعد شهر مثلا حتى في المسألة بيع وإجارة. أما البيع فلأنه قد باع نصف الدار بثمن معلوم. وأما الإجارة فلأنه قد اجره على أن يبيع له الثاني في وقت كذا وذلك جائز لأنه يصح أن يجتمع البيع والإجارة في عقد واحد. أما إذا لم يؤجلا فيجتمع في المسألة بيع وجعالة فكأن قال بعتك النصف بمائة على أن يكون هذا البيع جعلا لبيع النصف الثاني وهو ممتنع وذلك لأنك التأجيل بعين الإجارة إذ الجعالة يفسدها التأجيل. وإذا باع شيئا مكيلا أو موزونا أو معدودا كأن أعطاه عشرين إردبا من القمح وباع له إردبين منها بجنيه وسمسرة على بيع باقيها في خمسة أيام فيكون له نصف أجرة السمسرة فيرد نصف الإردب الذي جعل في مقابل السمسرة ويحتمل أن يبيعها في آخر يوم من العشرة أو بعد العشرة فلا يريد شيئا فقد ترددت أجرة السمسرة وهي الإردب بين كون بعضه إجارة وبعضه سلفا يرده غير جائز. وإذا اشترط المشتري إنه باع النصف الثاني لا يرد شيئا من الأجرة فإنه يصح. فتحصل من ذلك أنه لا يجوز أن يبيع شخص لآخر سلعة بثمن معين وأجرة سمسرة على بيع النصف الثاني إلا بثلاثة شروط: الشرط الأول: أن يعين محل البيع بأن يكون في بلد لا تبعد عنه أكثر من ثلاثة أيام. الثاني: أن يجعل لبيع النصف الثاني أجلا. الثالث: أن يكون المبيع مثليا لا يعرف فإذا تحققت هذه الشروط صح لأنه يكون بيع وأجرة وهو جائز وإلا فلا. وأما القسم الثاني وهو الجائز فهو أمور: منها الأجرة على الإملمة مع الأذان فإنها جائزة بخلاف الأجرة على الصلاة وحدها فإنها لا تجوز كما تقدم. ومنها: الأجرة على تعليم القرآن والعلم والصنعة ونحو ذلك فإنها تجوز بشرط أن يعرف المعلم الشخص الذي يريد أن يتعلم. ومنها إجارة المراضع: فيصح أن يستأجر شخص مرضعة لابنه وتسمى (ظئرا) بشرط أن يعين الولد الذي يريد إرضاعه فإن كان غائبا فينبغي أن يذكر سنة. أما إذا كان حاضرا فينبغي رؤيته، وإن جربته المرضع لترى قوة رضاعه يكون حسنا. وإذا استؤجرت المرضع بإذن زوجها فإنه يمنع من وطئها سواء أضر بالصغير أو لم يضر. وبعضهم يقول: إنه لا يمنع من وطئها إلا إذا أضر بالصغير فإن وطئها على القول الأول يكون لأب الصغير فسخ الإجارة. وكذلك يمنع الزوج من السفر من بلد أهل الرضيع وإذا سافر الأبوان من بلد الظئر لزمهما دفع الأجرة كالملة وإلا تركا الصبي لترضعه في محل العقد. أما إذا أجرت نفسها بغير إذن زوجها فله كل ذلك ويفسخ الإجارة. وليس للمرضعة أن ترضع ولدا آخر بعد التعاقد على إرضاع معين ولو لم يضر بالأول فإن فعلت فسخت الإجارة. وليس عليها أن تحضن الصغير لأن الإرضاع لا يستلزم الحضانة وبالعكس. وإذا استأجرها لإرضاع صغيرين فمات أحدهما فسخت الإجارة وكذلك تفسخ الإجارة بسبب ظهور حمل المرضع بأن كانت حاملا وقت العقد ولكن لم يظهر حملها ثم ظهر في أثنائه. وهل تفسخ إن خيف الضرر على الرضيع أو تفسخ مطلقا؟ خلاف فبعضهم يقول: مجرد ظهور الحمل كاف في جواز الفسخ وبعضهم يقزل: لا بل يفسخ إن خيف وهل يجب على أهل الصغير الفسخ إن خيف الضرر أولا يجب؟ إذا خافوا عليه الموت يجب عليهم الفسخ وإلا فلا يجب وكذلك تفسخ إجارة المرضع إن مرضت مرضا لا تقدر على إرضاع الصغير وإذا فسخت الإجارة فللمرضع حساب ما أرضعت. وإذا كان أب الصغير قد أعطاها الأجرة مقدما فأكلتها فلا تطالب بدفعها. وإذا فسخت الإجارة فلا تلزم المرضع أن تحضر غيرها محلها في إرضاع الصغير. ومنها: أنه يجوز للمالك أن يستأجر العين الذي أجرها من المستأجر فإذا استأجر محمد دارا من خالد فإنه يصح لخالد أن يستأجر تلك الدار من محمد بنفس القيمة التي أجر بها أو أكثر أو أقل بجنسها أو بغير جنسها فإذا استأجرها فإذا بجنيه ذهب فله أن يؤجر لمالكها بجنيه كذلك أو بجنيه ونصف كما أن له أن يؤجرها له بإردب من القمح أو بثوب من القماش وهكذا، وإنما الممنوع ما يوجب التهمة. يتبع
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |