|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() حقيقة لا إله إلا الله أ. عبدالعزيز بن أحمد الغامدي الخطبة الأولى الحمد لله الذي ملأ قلوبَ الموحدين من أنوار (لا إله إلا الله)، ونوّر بصائر المؤمنين لـمَّا أشرقت في قلوبهم لا إله إلا الله، أرسل الرسل لأجلها مبشرين، وعن ضدها محذرين، وأنزل معهم الكتب بالبراهين. أحمده سبحانه أن جعلنا من أهلها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبدالله ورسوله، أرسله الله مجددًا دعوة إخوانه الأنبياء لتحقيق لا إله إلا الله، وهو القائل: « أمرتُ أن أقاتلَ الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق لا إله إلا الله». وهو القائل: « يا أيُّها الناس: قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا». اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه، ومن سار على منهجهم إلى يوم الدين. أما بعد، فاتقوا الله يا ذوي العقول الصحاح، ويا ذوي البصائر والفلاح: ونادُوا في الغُدوِّ والرواح: لا فلاح إلا بلا إله إلا الله، ويا ذوي الإيمان والصلاح؛ ويا ذوي التجارة والأرباح: جددوا إيمانكم في المساء والصباح بقول وتأمل لا إله إلا الله، فما خُلقت السماوات والأرض إلا بها ولها، ولا فرضت الفرائض إلا لتحقيقها، ولا سُلت سيوف الجهاد ولا أبيحت الدماء والأموال إلا من أجلها، ولا شرعت الشرائع إلا لتحقيقها، ولا حَبِطَت أعمالُ كثير من العاملين إلا عند الخروج عن حكم لا إله إلا الله، وما أُهلكت أمم إلا لتنكبها لـ (لا إله إلا الله)، ولا نجاة يوم القيامة إلا لمن جاء بـ (لا إله إلا الله) مخلصًا، وما ستملأ نارُ جهنم إلا بمن لم يخضع لـ (لا إله إلا الله). عباد الله، إن معنى قول (لا إله إلا الله): لا معبود بحق إلا الله، فهي الإقرار بأنه لا يُعبد بحق إلا الله؛ فلا يستحق أحد أن يصرف له شيء من العبادات القلبية كالمحبة والخوف والرجاء والتوكل غيرَ الله تعالى؛ ولا يستحق أحد أن يصرف له شيءٌ من العبادات العملية من صلاة ونذر وذبح ودعاء واستعانة واستغاثة غيَره سبحانه، فالواجب أن يفرد جل وعلا بجميع العبادات الظاهرة والباطنة. فإن أخل العبد بشيء من ذلك؛ فصرف العبادة لغير الله؛ كمن يستغيث أو يدعو غير الله، فإن لا إله إلا الله لا تنفعه بشيء حتى لو نطقها آلاف المرات؛ بل هو مشرك كافر متوعد بالخلود في النار؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَار ﴾ [المائدة: 72]. والمنافقون يقولونها وهم متوعدون بالدرك الأسفل من النار، لأنهم لم يحققوا ما تقتضيه هذه الكلمة العظيمة. كفار قريش عرفوا معنى (لا إله إلا الله) فلم ينطقوها، وجحدوا بها، قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم: (قولوا: لا إله إلا الله)، فقالوا: ﴿ أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً ﴾. ما أقبح أن يكون بعض المسلمين لا يعرف معنى (لا إله إلا الله) بينما كفار قريش يعرفون معناها. وهذا يدل على عدم معرفة بعض المسلمين للفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، وأنهم لا يعرفون أن المشركين يوحدون توحيد الربوبية غير أنهم لا يوحدون توحيد الألوهية. لأنك تجد من يفسر هذه الكلمة العظيمة حينما يسأل عن معناها بأن معناها لا خالق إلا الله، أو يقول لا رب إلا الله، وهذا الكلام صحيح لكنه ليس معنى لا إله إلا الله، إذ معناها: لا معبود بحق إلا الله. إخوة الإيمان، ذكر أهل العلم لهذه الكلمة شروطًا لابد من الإتيان بها ليكون قائلها منتفعًا بها، ولا ينجو العبد في الآخرة يوم الحساب والجزاء إلا إذا جاء بها، استنبطها أهل العلم من الآيات الواردة فيها في القرآن، ولهذا فإنها لا تنفع قائلها إلا حيث يستكمل شروطها، وهذه الشروط هي: 1- العلم المنافي للجهل بمعناها. 2- اليقين المنافي للشك في مدلولها. 3- القبول المنافي للرد لها. 4- الانقياد المنافي للترك لمقتضاها. 5- الإخلاص لله المنافي للشرك. 6- الصدق ظاهرا وباطنا المنافي للكذب. 7- المحبة لها ولأهلها المنافية للبغضاء. قيل للتابعي الجليل وهب بن منبه: أليس مفتاح الجنة (لا إله إلا الله)؟! قال: بلى، ولكن ما من مفتاح إلا له أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك، وإلا لم يفتح لك. ولذا قال ابن القيم: (هذا وفتح الباب ليس بممكنٍ إلا بمفتاحٍ له أسنانِ، مفتاحه بشهادة الإخلاص والتوحيد تلك شهادة الإيمانِ، أسنانُه الأعمال وهي شرائع الإسلام والمفتاح في الأسنان). إخوة الإسلام، كما أن لهذه الشهادة العظيمة ركنان أساسيان، ألا وهما النفي والإثبات، الأول من الشطر الأول للشهادة وهو (لا إله) وفيه نفي استحقاق العبادة عن كل ما سوى الله، والركن الثاني من الشطر الثاني للشهادة (إلا الله) وفيه إثبات العبادة لله وحده لا شريك له. قال الله تعالى: ﴿ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ ﴾ [البقرة: 256] قال التابعي المفسر سعيد بن جبير: العروة الوثقى لا إله إلا الله. كلمة ما أجلها وأعلاها لمن وفق لمعرفة معناها والعمل بمقتضاها باطنًا وظاهرًا، ولقي الله بها وقد أخلصها وصفاها، ومن شوائب الشرك طهرها ونقاها، أولئك هم الآمنون من شدائد القيامة وشَقَاها. في "الصحيحين" عن أبي هريرة مرفوعًا: من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله؟! قال: (من قال: لا إله إلا الله خالصًا من قلبه). جعلني الله وإياكم ممن أخلصها وصفاها وقام بشروطها واستوفاها، وأدى حقوقها ووفاها، وجانب نواقضها وتوقاها، وفاضت عليها نفسه إذا توفاها. أقول ما سمعتم، وأستغفر الله.... الخطبة الثانية إن أصدق وأجلّ وأنفع مفتاحٍ لحياة الإنسان عند خروجه إلى الدنيا لا إله إلا الله، هكذا يجب على الوالدين تربية أولادهم، يقول إبراهيم التيمي: (كانوا يستحبون أن يلقنوا الصبي حين أول ما يتكلم يقول: لا إله إلا الله، ويكون ذلك أول شيء يتكلم به). وكانت أم سليم تلقن أنسًا؛ وتشير إليه: (قل: لا إله إلا الله، قل: أشهد أن محمدًا رسول الله). وصحّ عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة)، ولهذا شرع تلقين المحتضر بلين ولطف وقول مختصر، وقال صلى الله عليه وسلم كما في "صحيح مسلم": (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله). لا إله إلا الله عصمة المال والدم، قال صلى الله عليه وسلم: (من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه، وحسابه على الله)؛ رواه مسلم. لا إله إلا الله أول الواجبات، وأفضل الحسنات، وأعظم مكفرٍّ للسيئات، لا إله إلا الله كلمة طيبة تشرح الصدور، وتزيل الهموم، وتفرج الكروب، وتنوِّر الدروب. لا إله إلا الله كلمة التوحيد، ومفتاح دعوة المرسلين. لا إله إلا الله أول ما يدعى إليها، وتتكاتف جهود دعاة الإسلام لنشرها وتحقيقها، قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ: (فليكن أولَ ما تدعوهم إليه شهادةُ أن لا إله إلا الله)، فأول واجب على العبيد توحيد العبادة لله رب العالمين. لا إله إلا الله كلمة حجاب عن النار قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله). (لا إله إلا الله) تحرر العبد من الرق لمخلوقين، وتعلق القلب بخالق الخلق أجمعين. (لا إله إلا الله) أعظم العز والتمكين والنصر على أعداء الدين. (لا إله إلا الله) جلابة للنعم، دافعة للنقم. (لا إله إلا الله) زكاة القلوب وشفاء الصدور والعيوب. (لا إله إلا الله) نعم العدة والتجارة عند مفارقة هذه الدار الفانية، ومن عاش على شيء مات عليه، ومن مات عليه بعث عليه. اللهم اجعلنا ممن قال (لا إله إلا الله) خالصًا من قلبه، اللهم اجعلنا ممن عمل وحقق مقتضاها، اللهم أحينا مسلمين وتوفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين، اللهم اجعل آخر كلامنا من الدنيا لا إله إلا الله. اختصار ومراجعة: الأستاذ: عبدالعزيز بن أحمد الغامدي
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |