|
ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس ملتقى يختص بالتنمية البشرية والمهارات العقلية وإدارة الأعمال وتطوير الذات |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() التربية بالثناء علي بن حسين بن أحمد فقيهي بوح القلم (تأملات في النفس والكون والواقع والحياة) التربية بالثناء • جاء في الحديث الصحيح عن عبدالله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس أحدٌ أحبَّ إليه المدحُ من الله عز وجل؛ من أجل ذلك مدح نفسه))؛ أي: لا أحدَ أشدُّ حبًّا للمدح والثناء الصادق من المولى جل وعلا، فإنه عز وجل يحبُّ الحمدَ والشكر من عباده، ويكافئهم عليه بالزيادة والامتنان؛ كما قال تعالى: ﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إبراهيم: 7]، ومن أجل ذلك أثنى على نفسِه بنفسِه، وأثنى عليه رسلُه بما هو أهلُه؛ ليعلم العباد كيفيَّةَ الثَّناء والتمجيد له سبحانه؛ فقال عز وجل: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]. • وقد أثنى المولى جل وعلا على بعض الأعيان والأوصاف والمخلوقات والموجودات بقوله: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 41]، ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 51]، ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، ﴿ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: 30]، ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ﴾ [البقرة: 271]، ﴿ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 24]. • وفي الواقع النبوي نجده صلى الله عليه وسلم يتَّخذ من المدح والثناء أُسلوبًا لتربية الأصحاب، وطريقًا لتهذيب الأتباع؛ ((إنه ليس من الناس أحدٌ أمنَّ عليَّ في نفسه وماله من أبي بكر بن أبي قحافة، ولو كنتُ متَّخذًا من الناس خليلًا لاتَّخذتُ أبا بكرٍ خليلًا؛ ولكنْ خُلَّةُ الإسلام أفضلُ))، و((إن عبدالله رجلٌ صالح، لو كان يصلي من الليل))، و((فضلُ عائشةَ على النساء كفضل الثَّريدِ على سائر الطعام))، و((الأنصار لا يحبُّهم إلا مؤمنٌ، ولا يُبغِضُهم إلا منافق، فمن أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله)). • للمدح والثناء أثرُه البالغُ، ودوره البارز على النفس البشرية - وخاصةً المُتربِّين من النساء والصِّبيان والطُّلَّاب والمتعلمين - في التحفيز والتشجيع، ورفع المعنويات، وكسر الحواجز، وجبر الخواطر، وسيطرة المشاعر، وتعزيز القيم، وتقوية الروابط، وبيان المنزلة، واحتواء الخلافات، وحلِّ المشكلات؛ كما في المَشاهِد التالية: ♦ ((فاطمةُ سيِّدةُ نساء العالمين)). ♦ ((لقد ظننتُ يا أبا هريرة ألَّا يسألَني عن هذا الحديث أحدٌ أوَّلَ منك؛ لِما رأيتُ من حرصِك على الحديث)). ♦ ((أنت مني بمنزلة هارونَ من موسى)). ♦ "ما غِرتُ على أحدٍ من نساء النبي صلى الله عليه وسلم، ما غرت على خديجة، وما رأيتُها، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثِر ذِكرَها، وربما ذبح الشاةَ ثُمَّ يُقطِّعُها أعضاءً، ثم يبعثُها في صَدَائِقِ خديجة، فربما قلتُ له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأةٌ إلا خديجة؟!"، فيقول: ((إنها كانت، وكانت، وكان لي منها ولدٌ)). • ولقد حدَّد العلماءُ للمدح جملةً من الضوابط والقيود؛ حتى يؤتيَ أثرَه التربوي، وفائدتَه النفسية، ومنها: ♦ أن تدعوَ الحاجةُ أو الضرورة لذلك؛ من تشجيع أو تحفيز لعمل الخير، أو ترك الشر، أو توضيحِ مكانة، أو دفعِ تُهمةٍ، أو غيرها من المصالح والمنافع. ♦ ألَّا يكون المدح مبالَغًا فيه، أو في شيء لا حقيقة له، أو في وقت لا حاجة له، أو لشخص لا يستحقُّه. ♦ ألا يؤديَ المدح إلى مفسدةٍ على المادح من كَذِبٍ أو تملُّقٍ، أو على الممدوح من غرور وتكبر، أو ظلم وبغي، أو سُمعة ورياء. • ومضة: بيَّن الإمامُ النوويُّ وجْهَ الجمعِ بين نصوص إباحةِ المدح، والنهي عن الإطراء، فقال: "قال العلماء: وطريقُ الجمع بينها أن النهيَ محمولٌ على المُجازَفة في المدح والزيادة في الأوصاف، أو على من يُخافُ عليه فتنةٌ من إعجاب ونحوه إذا سمِع المدح، وأما من لا يُخافُ عليه ذلك لكمال تقواه ورسوخ عقله ومعرفته، فلا نهي في مدحه في وجهِه إذا لم يكن فيه مجازفة؛ بل إن كان يحصُلُ بذلك مصلحة كنَشَطِه للخير وازدياده منه، أو الدوام عليه والاقتداء به، كان مستحبًّا، والله أعلم".
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |