|
ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس ملتقى يختص بالتنمية البشرية والمهارات العقلية وإدارة الأعمال وتطوير الذات |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() سر النجاح بين أيدينا سارة عبدالله تتوقُ النفْسُ البشريَّة إلى تحقيق أحلامها، ولكن ما مِقدار سَعْي الإنسان لتحقيق تلك الأحلام؟! وقد يضعُ البعضُ منَّا - للأسف - عوائقَ أمامَ تحقيق أحلامه؛ بأنْ يحدِّثَ نفْسَه بأنَّ هذا الحُلْم أكبرُ من قُدرته، وأنَّه صعبٌ تحقيقُه أو مستحيل الوصول إليه، ولكنَّا بذلك ظَلَمْنا القُدرات البشريَّة الكامنة التي أودَعَها الله - عز وجل - فينا، وأوْكَلَ إلينا مُهمَّة الخِلافة في الأرض وعِمارتها، وقد قال أحدُ الكُتَّاب: "أنت ما تُؤمِنُ به". لو آمنَ الإنسان بقُدْرته، لوصَلَ إلى تحقيق أهدافِه وأحلامه، وما حقيقة التطور والإبداع والابتكار إلاَّ نتاج أحلامٍ، ثُمَّ سعي حثيثٌ لتحقيقها، وتوفيق من الله - عز وجل - فلا يوجد إنسانٌ إلا وهناك الكثير من المعوِّقات التي تصادفُه في حياته، بل وهناك الكثير من المثْقَلين والمتْعَبين، ولكنَّ همومَهم لم تمنعْهم من تحقيق أهدافهم، إنْ لم تكنْ تلك دافعًا لهم للوصول إلى الهدف، وهنا نربطُ ذلك بقصة جميلة تُحْكى بهذا الخصوص، وهي قصة الحصان الكبير الذي وقَعَ في البئر؛ حيث تَحكي القصة عن حصان أحدِ الْمُزارعين، وقَعَ في بئر مياه عميقة، ولكنَّها جافَّة، وأجْهَشَ الحيوان بالبكاء الشديد من الألم من أثَر السقوط، واستمرَّ هكذا لعِدَّة ساعات، كان المزارع خلالها يبحث الموقفَ ويفكِّر كيف يستعيد الحصان؟ ولم يستغرق الأمر طويلاً؛ كي يُقْنعَ نفسَه بأنَّ الحصان قد أصبح عجوزًا، وأن تَكْلفة استخراجه تقتربُ مِن تَكْلفة شراء حصان آخرَ، هذا إلى جانب أنَّ البئرَ جافَّة منذ زمنٍ طويل وتحتاج إلى ردْمِها بأيِّ شكلٍ، وهكذا نادى المزارع جيرانَه، وطلبَ منهم مساعدته في ردْمِ البئر؛ كي يحلَّ مشكلتين في آنٍ واحد؛ التخلُّص من البئر الجاف، ودفْنِ الحصان، وبدأ الجميع بالمعاول في جمع الأتْرِبة والنفايات وإلقائها في البئر. في بادِئ الأمر أدركَ الحصان حقيقة ما يَجْري؛ حيث أخَذَ في الصهيل بصوتٍ عالٍ يملؤه الألَمُ وطلبُ النجدة، وبعد قليل من الوقت انْدَهَش الجميع لانقطاع صوت الحصان فجْأَة، وبعد قليلٍ نظَرَ المزارع إلى داخل البئر وقد صُعِقَ لِمَا رآه؛ فقد وجَدَ الحصان مشغولاً بهزِّ ظهره كُلَّما سقطتْ عليه الأتْربة، فيرميها بدوره على الأرض، ويرتفع هو بمقدار خُطوة واحدة لأعلى. وهكذا استمرَّ الحال، الكلُّ يُلْقي الأوساخ إلى داخل البئر، فتقع على ظهْر الحصان، فيهز ظهرَه فتسقط على الأرض؛ حيث يرتفع خُطْوة بخُطوة إلى أعلى، وبعد الفترة اللازمة لملء البئر اقتربَ الحصان من سطح الأرض؛ حيث قفَزَ قفزةً بسيطة، وصَلَ بها إلى سطح الأرض بسلام، ولعلَّ هذه القصة تشرحُ لنا أنَّ العِبء الذي كان يُرْمَى على ظهر الحصان دفَعَه لأنْ يصِلَ إلى نهاية البئر للنجاة بنفْسِه، فهو لم يستسلمْ رغْم كلِّ الظروف التي أحاطتْ به، بل واصَلَ خُطاه؛ لتحقيق أهدافه في إنقاذ نفْسِه من الموت والوصول إلى نهاية البئر. وما قصص الناجحين والعلماء والمفكِّرين الذين تركوا - ولا يزالون - بصماتٍ في هذا العالم، ما كانتْ لتتحقق إلاَّ بعد أنْ فكَّروا في الاستفادة مما هو مُتاح لهم من قُدرات وإمكانات، ودفْعها في سبيل تحقيق أحلامهم، فهذه قصة خيَّاط ألماني مُهاجر يُدْعى "أوسكار شتراوس"، هاجَرَ إلى الولايات المتحدة الأمريكيَّة في عام 1850 إلى "كاليفورنيا" بعد اكتشاف كَميَّات كبيرة من الذهب هناك، ولكنَّه فشِلَ في اكتشاف أيِّ شيءٍ من الذهب الذي كان يَحْلُم به، ووصَلَ به الحال إلى أقصى درجة من الجوع والألم. وفي لحظة يأْسٍ قرَّر تمزيقَ خيمته ذات اللون الأزرق، وخَاطَ منها سراويل شديدة التحمُّل، أطلق عليها اسمَ: "شتراوس جينز". وبسبب متانتها العالية ومناسبتها لأعمال المناجِم أقبلَ على شرائها مُعظمُ العُمَّال، فازدهرتْ تجارته، وأصبحَ أغنَى من أيِّ مُنَقِّب هناك، وإلى اليوم تجارة "الجينز" مُزْدهرة في العالم كلِّه، وتحقِّق أرباحًا طائلة، والأمر كان من نِتاج رجلٍ وصَلَ إلى مرحلة اليأْس، ولكنَّه رغْم ذلك قرَّر أنْ يعملَ شيئًا. ورُبَّما قصة "شتراوس" ليستْ هي الوحيدة؛ فهناك قصة المزارع الهولندي الذي يُدْعَى: "فان كلويفرت"؛ حيث هاجَرَ إلى جنوب إفريقيا؛ للبحث عن حياة أفضل، وكان قد بَاعَ كلَّ ما يملكُ في "هولندا"، على أمَلِ شراء أرضٍ إفريقيَّة خصْبة يحوِّلها إلى مَزْرعة ضخْمة، وبسبب جَهْله، وصِغَر سنِّه دفَعَ كلَّ ماله في أرض جَدْباء غير صالحة للزراعة، ليس هذا فحسب، بل اكْتشف أنَّها مَليئة بالعقارب والأفاعي والكوبرا القاذفة للسُّمِّ، وبينما هو جالسٌ يندبُ حظَّه خَطَرتْ بباله فكرة رائعة وغير متوقَّعة؛ لماذا لا ينْسَى مسألة الزراعة برُمَّتها ويستفيد من كثرة الأفاعي حولَه لإنتاج مضادات السموم الطبيعيَّة؟ ولأنَّ الأفاعي موجودة في كلِّ مكان، ولأنَّ ما من أحدٍ غيره مُختص في هذا المجال؛ حقَّق نجاحًا سريعًا وخارقًا، بحيث تحوَّلتْ مزرعته اليوم إلى أكبر منتجٍ للقاحات السموم في العالم. ولعلَّنا من القَصص الثلاث السابقة نصلُ إلى أنَّ سِرَّ نجاحنا بين أيدينا متمثِّلاً: 1- في عقْلٍ وقُدرات أوْدَعَها الله - عز وجل - فينا. 2- مَتاعب وهموم تدفَعُ إلى إيجاد الفُرص الأفضل، والحياة المناسبة. 3- الإصرار والعزيمة على تجاوز الْمِحَن، فلولا تلك الْمِحَن، لَمَا وصَلَ الإنسان إلى الطموح. 4- توفيق من الله - عز وجل - في أنه هو مَن يحقِّق الأماني، ويوفِّق بني البشر لعمارة الأرض، ولا سيَّما مُهمة المسلم في الخِلافة في الأرض. فهلْ بعد ذلك يتقاعسُ شبابُنا وأبناءُ أُمَّتنا - على اختلاف فئاتهم العُمريَّة، ومشاربهم الفِكْريَّة والعلميَّة والثقافية - عن البحْث عن أسرار نجاحِهم، التي هي مُحيطة بهم وبين أيديهم؟
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |