|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() إضاءات نبوية إبراهيم الدميجي الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان، ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فيا أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى؛ وتدبروا قوله سبحانه في محكم آياته: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]. وروى الترمذي بسند صحيح عن العرباض بن سارية، قال: ((وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فقال: فإنه من يعِشْ منكم، يرى اختلافًا كثيرًا، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم، فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عَضوا عليها بالنواجذ))؛ وفي سنن البيهقي، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني قد خلفت فيكم ما لن تضلوا بعدهما، ما أخذتم بهما، أو عملتم بهما: كتاب الله، وسنتي، ولن تفرقا حتى يرِدا عليَّ الحوض)). إخوة الإسلام: في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم مواقف وعبر ودروس، نتناول اليوم بعضًا منها اتباعًا لسنته صلى الله عليه وسلم. فالموقف الأول نرى فيه كيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعين أصحابه بطريقة يحفظ بها عفتهم وحياءهم؛ ففي صحيح البخاري، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: ((كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة، فأبطأ بي جملي وأعيا، فأتى عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: جابر، فقلت: نعم، قال: ما شأنك؟ قلت: أبطأ عليَّ جملي وأعيا، فتخلفت فنزل يحجنه بمِحْجَنِهِ، ثم قال: اركب، فركبت، فلقد رأيته أكفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - أي من سرعته وقوته - قال: تزوجت، قلت: نعم، قال: بكرًا أم ثيبًا؟ قلت: بل ثيبًا، قال: أفلا جاريةً تلاعبها وتلاعبك؟ قلت: إن لي أخوات، فأحببتُ أن أتزوج امرأةً تجمعهن، وتمشطهن، وتقوم عليهن، قال: أما إنك قادم، فإذا قدِمت فالكَيْسَ الكيس))، والكيس هو العقل والحزم. ثم قال: ((أتبيع جملك؟ قلت: نعم، فاشتراه مني بأوقية، ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلي، وقدمت بالغداة، فجئنا إلى المسجد، فوجدته على باب المسجد، قال: الآن قدمت؟ قلت: نعم، قال: فَدَعْ جملك، فادخل فصلِّ ركعتين فدخلت فصليتُ، فأمر بلالًا أن يزِنَ له أوقيةً، فوزن لي بلال، فأرجح في الميزان، فانطلقت حتى وليت، فقال: ادعُ لي جابرًا، قلت: الآن يردُّ عليَّ الجمل، قال: خذ جملك، ولك ثمنه، فأعطاه الجمل والثمن؛ صلى الله عليه وسلم)). أما الموقف الثاني، فيبين لنا فيه صلى الله عليه وسلم الدعاء للأخ المسلم بظهر الغيب وفضله؛ ففي صحيح مسلم عن صفوان بن عبدالله، وكانت تحته الدرداء، قال: قدمت الشام، فأتيت أبا الدرداء في منزله فلم أجده، ووجدت أم الدرداء، فقالت: أتريد الحج العام؟ فقلت: نعم، قالت: فادعُ الله لنا بخير، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ((دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه مَلَكٌ موكَّل، كلما دعا لأخيه بخير، قال الملك الموكَّل به: آمين، ولك بمثل)). أما الموقف الثالث، فهو يدل على رحمته وعدله صلى الله عليه وسلم، ويتعلق بنصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة رضي الله عنها؛ ففي صحيح البخاري، حدثنا عليٌّ: ((أن فاطمة رضي الله عنها اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحن، فبلغها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - أُتيَ بسبيٍ، فأتته تسأله خادمًا فلم توافقه، فذكرت لعائشة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك عائشة له، فأتانا وقد دخلنا مضاجعنا، فذهبنا لنقوم فقال: على مكانكما، حتى وجدت برد قدميه على صدري، فقال: ألا أدلكما على خير مما سألتماه، إذا أخذتما مضاجعكما، فكبِّرا الله أربعًا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين، وسبِّحا ثلاثًا وثلاثين، فإن ذلك خير لكما مما سألتماه))؛ قال ابن تيمية: "وإن مما يعين على قوة الجسد، واحتمال الشدة التزام هذا الذكر قبل النوم؛ لأنه يغني عن الخادم)). أيها المسلمون: ومن دلائل النبوة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم قصة شربه اللبنَ مع أبي هريرة؛ فقد روى البخاري في صحيحه: ((أن أبا هريرة كان يقول: آلله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشُدُّ الحجر على بطني من الجوع، ولقد قعدت يومًا على طريقهم الذي يخرجون منه، فمر أبو بكر، فسألته عن آية من كتاب الله، ما سألته إلا ليشبعني، فمرَّ ولم يفعل، ثم مرَّ بي عمر فسألته عن آية من كتاب الله، ما سألته إلا ليشبعني، فمر فلم يفعل، ثم مرَّ بي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم فتبسم حين رآني، وعرف ما في نفسي، وما في وجهي، ثم قال: أبا هرٍّ، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: الْحَقْ ومضى فتبعته، فدخل فاستأذن، فأذن لي، فدخل فوجد لبنًا في قدح، فقال: من أين هذا اللبن؟ قالوا: أهداه لك فلان أو فلانة، قال: أبا هر، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: الْحَقْ إلى أهل الصُّفَّة، فادْعُهم لي، قال: وأهل الصفة أضياف الإسلام، لا يأوون إلى أهلٍ ولا مال، ولا على أحد، إذا أتته صدقة بعث بها إليهم، ولم يتناول منها شيئًا، وإذا أتته هدية أرسل إليهم، وأصاب منها وأشركهم فيها، فساءني ذلك، فقلت: وما هذا اللبن في أهل الصفة؟ كنت أحق أنا أن أُصيب من هذا اللبن شربةً أتقوى بها، فإذا جاء أمرني فكنت أنا أعطيهم، وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن، ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم بدٌّ، فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا، فاستأذنوا فأذِن لهم، وأخذوا مجالسهم من البيت، قال: يا أبا هر، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: خذ فأعطِهم، قال: فأخذت القدح، فجعلت أعطيه الرجل، فيشرب حتى يَروَى، ثم يرُد عليَّ القدح، فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد عليَّ القدح فيشرب حتى يروى، ثم يرد عليَّ القدح، حتى انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد روى القوم كلهم، فأخذ القدح فوضعه على يده، فنظر إليَّ فتبسم، فقال: أبا هر، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: بقيت أنا وأنت، قلت: صدقت يا رسول الله، قال: اقعد فاشرب، فقعدت فشربت، فقال: اشرب فشربت، فما زال يقول: اشرب حتى قلت: لا والذي بعثك بالحق، ما أجد له مسلكًا، قال: فأرني فأعطيته القدح فحمِد الله وسمَّى، وشرب الفضلة)). ومن المواقف الدالة على كمال حِلْمِه ورأفته صلى الله عليه وسلم، موقفه مع الأعرابي الذي جَبَذَهُ؛ ففي صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، قال: ((كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه بُرد نجرانيٌّ غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجَبَذَ بردائه جبذةً شديدةً، قال أنس: فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد، مُرْ لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه فضحك، ثم أمر له بعطاء)). اللهم اجعلنا من أهل شريعته وسنته وشفاعته، إله الحق. أقول قولي، وأستغفر الله لي ولكم. الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان، ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد: فيا أيها المسلمون، فاتقوا الله تعالى وارجوا اليوم الآخر، واتقوا يومًا تُرجعون فيه إلى الله، ثم تُوفَّى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون. عباد الرحمن: ومن المواقف في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم الدالة على كمال زهده في الدنيا قصة عمر والحصير؛ ففي صحيح البخاري ومسلم: ((فقلت: هذا عمر فأذِن لي، قال عمر: وفيه: وإنه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء، وتحت رأسه وسادة من أَدَمٍ - أي جلد - حشوها ليف - أي ليف النخل - وإن عند رجليه قَرَظًا مَضْبُورًا - أي ورق الشجر الذي يستخدم في دبغ الجلود - وعند رأسه أُهُبًا معلقةً، فرأيت أثر الحصير في جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكيت، فقال: ما يبكيك؟ فقلت: يا رسول الله، إن كسرى وقيصر فيما هما فيه، وأنت رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما ترضى أن تكون لهما الدنيا، ولك الآخرة؟)). ومن مواقفه صلى الله عليه وسلم: شفقته على عبدالله بن عمرو بن العاص، وعلى كل عابد وطالب علم؛ فعند ابن ماجه بسند صحيح عن عبدالله بن عمرو، قال: ((جمعت القرآن، فقرأته كله في ليلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أخشى أن يطول عليك الزمان، وأن تمَلَّ فاقرأه في شهر، فقلت: دعني أستمتع من قوتي وشبابي، قال: فاقرأه في عشرة، قلت: دعني أستمتع من قوتي وشبابي، قال: فاقرأه في سبع، قلت: دعني أستمتع من قوتي وشبابي، فأبى)). ومن نصحه صلى الله عليه وسلم لأمته، ما دل به أصحابه وأمته على كسب الحسنات؛ ومن ذلك ما ورد في صحيح مسلم عن سعد، قال: ((كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أيعجِز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة؟ فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال: يسبح مائة تسبيحة، فيُكتب له ألف حسنة، أو يُحط عنه ألف خطيئة)). وورد في مسند الإمام أحمد عن عقبة بن عامر، قال: ((خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصُّفَّة، فقال: أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بُطْحَان، أو إلى العقيق، فيأتي منه بناقتين كَوْمَاوَيْنِ في غير إثم ولا قطع رحم؟ فقلنا: يا رسول الله، نحب ذلك، قال: أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد، فيُعلِّم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث، وأربع خير له من أربع، ومن أعدادهن من الإبل)). وصدق الله العظيم: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128]، اللهم صلِّ على محمد.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |