خطر الخمر والمخدرات - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير سورة المسد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3089 - عددالزوار : 341169 )           »          المرأة في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          وجوب دعاء الله تبارك وتعالى وأنه عبادة خالصة له (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          عشر أيام = حياة جديدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          فتنة الابتلاء بالرخاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          التجارب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الأسوة الحسنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          وقفات مع القدوم إلى الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11 - عددالزوار : 1699 )           »          حقوق الأم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-05-2023, 08:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,047
الدولة : Egypt
افتراضي خطر الخمر والمخدرات

خطر الخمر والمخدرات
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

الْحَمْدُ لِلَّهِ؛ كَرَّمَ الْإِنْسَانَ بِالْعَقْلِ، وَشَرَّفَهُ بِالْعِبَادَةِ، وَكَلَّفَهُ بِحَمْلِ الْأَمَانَةِ، وَفَضَّلَهُ عَلَى سَائِرِ الْحَيَوَانِ: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الْإِسْرَاء: 70]. نَحْمَدُهُ وَأَشْكُرُهُ، وَأَتُوبُ إِلَيْهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ دَلَّتْ دَلَائِلُ الشَّرْعِ وَالْعَقْلِ وَالْفِطْرَةِ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ وَإِلَهِيَّتِهِ، وَأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، وَصِفَاتِهِ الْعُلَى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشُّورَى: 11]. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَعْلَمُ النَّاسِ بِرَبِّهِ، وَأَتْقَاهُمْ لَهُ، أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، وَعَلَّمَهُ الْحِكْمَةَ، وَخَاطَبَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾ [النِّسَاء: 113]، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْعَمَلِ لِلْآخِرَةِ، وَالْحَذَرِ مِنَ الدُّنْيَا، وَالتَّخَفُّفِ مِنَ الذُّنُوبِ، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [الحشر: 18، 19]

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الْعَقْلُ السِّوِيُّ يُلَائِمُ الْفِطْرَةَ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ النَّاسَ عَلَيْهَا، وَالْعَقْلُ وَالْفِطْرَةُ يُوَافِقَانِ الشَّرْعَ الْحَكِيمَ؛ لِأَنَّ الَّذِي خَلَقَ الْعُقُولَ، وَفَطَرَ الْفِطَرَ، هُوَ الَّذِي شَرَعَ الشَّرَائِعَ، وَتَعَبَّدَ النَّاسَ بِالدِّيَانَةِ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَانَ الْحِفَاظُ عَلَى الْعَقْلِ وَالْفِطْرَةِ مِنْ مَقَاصِدِ الشَّرْعِ، وَمِنَ الضَّرُورَاتِ الَّتِي تُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهَا، وَلَمَّا كَانَتِ الْخُمُورُ والمخدرات مُغَيِّبَةً لِلْعُقُولِ، مُفْسِدَةً لِلْفِطَرِ؛ جَاءَتِ الشَّرِيعَةُ بِتَحْرِيمِهَا، وَقَدْ صَحَّ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُتِيَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ بِإِيلِيَاءَ بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا، ثُمَّ أَخَذَ اللَّبَنَ؛ فَقَالَ جِبْرِيلُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ، وَلَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَثَبَتَ الشَّرْعُ عَلَى وَفْقِ مَا اخْتَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ؛ إِذْ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ وما في معناها مما يغيب العقل كالمخدرات بسائر أنواعها، وَأُبِيحَ اللَّبَنُ، وَكَانَ هَذَا حُكْمًا ثَابِتًا مُحْكَمًا إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، وَلَا يُحَرِّمُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَّا مَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْعِبَادِ، وَالْخَمْرُ والمخدرات فِيهَا أَضْرَارٌ دِينِيَّةٌ وَدُنْيَوِيَّةٌ؛ وَلِذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا وَفِي الْمَيْسِرِ: ﴿ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ﴾ [الْبَقَرَة: 219] وَسَمَّاهَا: رِجْسًا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ، وَأَمَرَ بِاجْتِنَابِهَا؛ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا فِيهَا مِنْ أَضْرَارٍ.

وَاسْتَحَقَّ مُتَعَاطِيهَا بَيْعًا وَشِرَاءً وَاسْتِعْمَالًا لَعْنَةَ اللَّهِ تَعَالَى؛ كَمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ» زَادَ ابْنُ مَاجَهْ: «وَآكِلَ ثَمَنِهَا» وَلِأَنَّ شَارِبَهَا مَلْعُونٌ فَإِنَّ كَمَالَ الْإِيمَانِ مَنْفِيٌّ عَنْهُ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

وأَضْرَارُ الْخَمْرِ والمخدرات كَثِيرَةٌ، وَتعاطيها كَبِيرَةٌ، وهي أُمَّ الْخَبَائِثِ، وَمَنْ تَأَمَّلَ أَحْوَالَ شَارِبِي الْخَمْرِ، ومدمني المخدرات؛ أَيْقَنَ بِأَنَّهَا تَقُودُ إِلَى كُلِّ خَبِيثٍ؛ فَهِيَ تُفْقِدُ الْمَرْءَ عَقْلَهُ، وَإِذَا فَقَدْ عَقَلَهُ كَانَ حَرِيًّا بِفِعْلِ كُلِّ فَاحِشَةٍ، وَارْتِكَابِ كُلِّ مُنْكَرٍ مِنْ قَتْلٍ وَزِنًى وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَرُبَّمَا وَصَلَ الْإِنْسَانُ إِلَى الْكُفْرِ بِسَبَبِ مُعَاقَرَتِهَا وإدمانها إِمَّا اسْتِحْلَالًا لَهَا، وَإِمَّا اسْتِهْزَاءً بِاللَّهِ تَعَالَى وَرُسُلِهِ وَكِتَابِهِ وَشَعَائِرِ دِينِهِ، كَمَا هُوَ وَاقِعُ كَثِيرٍ مِمَّنْ أَدْمَنُوا عَلَيْهَا؛ وَلِذَلِكَ سَمَّاهَا اللَّهُ تَعَالَى رِجْسًا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ، وَالرِّجْسُ ضَرَرُهُ مُتَحَقِّقٌ، وَالشَّيْطَانُ لَا يَعْمَلُ إِلَّا عَلَى شَقَاءِ بَنِي آدَمَ، وَقَدْ أَقْسَمَ بِعِزَّةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَنْ يُغْوِيَ الْبَشَرَ، فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنَ الْخَمْرِ وَمَجَالِسِهَا وَأَهْلِهَا؛ فَإِنَّهَا شَقَاءٌ فِي الدُّنْيَا، وَعَذَابٌ فِي الْآخِرَةِ.

إن انْتِشَارَ الْخُمُورِ والمخدرات سَبَبٌ لِانْتِشَارِ الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ؛ وَذَلِكَ يُسَبِّبُ الْعُقُوبَاتِ مِنْ أَمْرَاضٍ وَخَوْفٍ وَفِتْنَةٍ وَغَيْرِهَا، وَمَا فَشَتِ الْخَمْرُ والمخدرات فِي أُمَّةٍ إِلَّا رُفِعَ مِنْهَا الْأَمْنُ بِسَبَبِ مَا تَفْعَلُهُ فِي عُقُولِ السُّكَارَى والمدمنين، فَتَكْثُرُ جَرَائِمُ الْقَتْلِ وَالِاعْتِدَاءِ، وَحَوَادِثُ السَّيْرِ وَمَا شَاكَلَهَا؛ وَلِذَلِكَ نَادَى كَثِيرٌ مِنْ مُفَكِّرِي الْبِلَادِ الْغَرْبِيَّةِ بِمَنْعِ تَعَاطِيهَا؛ لِمَا رَأَوْا مِنْ أَضْرَارِهَا عَلَى أَفْرَادِهِمْ وَأُمَّتِهِمْ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تُكَافَحَ الْخُمُورُ وَالْمُخَدِّرَاتُ إِلَّا بِتَقْوِيَةِ الدِّيَانَةِ فِي قُلُوبِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ مُتَعَاطِيَهَا إِنْ لَمْ يَقْتَنِعْ بِتَرْكِهَا مِنْ دَاخِلِهِ فَلَا النَّصَائِحُ وَالتَّوْعِيَةُ تُقْنِعُهُ، وَلَا الْقُوَّةُ تَرْدَعُهُ، وَالْوَاقِعُ يَشْهَدُ لِهَذِهِ الْحَقِيقَةِ فِي كُلِّ أُمَّةٍ انْتَشَرَتْ فِيهَا هَذِهِ السُّمُومُ، وَالْقَنَاعَةُ بِاجْتِنَابِهَا لَا تُوجَدُ بِتَمَامِهَا فِي التَّوْعِيَةِ الصِّحِّيَّةِ، أَوْ بَيَانِ مَخَاطِرِهَا، أَوْ ذِكْرِ مَصِيرِ مُتَعَاطِيهَا، إِذَا كَانَ مَنْ نُرِيدُ تَوْعِيَتَهُ ضَعِيفَ الْإِيمَانِ، قَلِيلَ الدِّيَانَةِ، وَمِنْ هُنَا فَإِنَّ الْحَلَّ الْأَمْثَلَ لِلْقَضَاءِ عَلَى هَذِهِ السُّمُومِ هُوَ تَقْوِيَةُ الْإِيمَانِ فِي الْقُلُوبِ.

إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْبِلَادِ الْإِسْلَامِيَّةِ فَشِلَتْ فِي مُكَافَحَةِ هَذِهِ السُّمُومِ؛ لِأَنَّهَا تَقُومُ بِتَوْعِيَةٍ صِحِّيَّةٍ وَاجْتِمَاعِيَّةٍ؛ لَكِنَّهَا تُجَفِّفُ مَنَابِعَ الدَّعْوَةِ، وَتُكَافِحُ الْمَنَاشِطَ الَّتِي تَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْتِزَامِ الْإِسْلَامِ، وَمَا دَامَتْ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ فَلَنْ تَسْتَطِيعَ مُكَافَحَتَهَا.

إِنَّ إِزَالَةَ الْعُقُولِ بالخمور والمخدرات، وَالْإِغْرَاقَ فِي الشَّهَوَاتِ وَالْمَلَذَّاتِ هَدَفٌ اسْتِرَاتِيجِيٌّ لِكُلِّ أُمَّةٍ تُعَادِي أُخْرَى، تُرِيدُ الْقَضَاءَ عَلَيْهَا مِنْ دَاخِلِهَا، وَحَرْبُ الْأَفْيُونِ مَشْهُورَةٌ وَمَعْرُوفَةٌ لَدَى أَكْثَرِ النَّاسِ، وَلَنْ يَتِمَّ إِبْطَالُ هَذَا السَّعْيِ الشَّيْطَانِيِّ إِلَّا بِالْإِصْلَاحِ الدَّاخِلِيِّ، فَكَمَا أَنَّ الْمُفْسِدَ يُفْسِدُ مِنَ الدَّاخِلِ، فَكَذَلِكَ الْإِصْلَاحُ لَا يُجْدِي إِلَّا إِذَا كَانَ مِنَ الدَّاخِلِ؛ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِدَعْمِ الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَجَعْلِهَا عَلَى رَأْسِ اهْتِمَامَاتِ مَنْ يُرِيدُونَ الصَّلَاحَ لِأُمَّتِهِمْ، وَحِمَايَةِ أَفْرَادِهَا مِنْ مَخَاطِرِ الْمُسْكِرَاتِ وَالْمُخَدِّرَاتِ، وَالتَّجَارِبُ الْعَدِيدَةُ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ، فَحَيْثُمَا وُجِدَ الِالْتِزَامُ بِالْإِسْلَامِ فِي مُجْتَمَعٍ مَا انْعَدَمَتْ هَذِهِ السُّمُومُ مِنْهُ، وَفِي إِحْدَى الدُّوَلِ النَّصْرَانِيَّةِ اعْتَرَضَ بَعْضُ الْمَسْؤُولِينَ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ فِي حَيٍّ مِنَ الْأَحْيَاءِ، فَخَرَجَ أَهْلُ الْحَيِّ يُطَالِبُونَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، تَدْعَمُهُمْ فِي ذَلِكَ الشُّرْطَةُ النَّصْرَانِيَّةُ؛ لِأَنَّهُمُ اكْتَشَفُوا أَنَّهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يُبْنَى فِيهِ الْمَسْجِدُ تَنْخَفِضُ مُعَدَّلَاتُ اسْتِعْمَالِ الْمُخَدِّرَاتِ، وَارْتِكَابِ الْجَرَائِمِ.

نسْأَلُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يَحْفَظَ شَبَابَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ هَذِهِ السُّمُومِ، وَأَنْ يَهْدِيَهُمْ صِرَاطَهُ الْمُسْتَقِيمَ، وَأَنْ يَمْلَأَ قُلُوبَهُمْ بِالْإِيمَانِ وَالْحِكْمَةِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: كحين حرمت الخمر وَأَخَذَ الْمُنَادِي يُنَادِي: "إِنَّ الْخَمْرَ حُرِّمَتْ"، كانَ جَمْعٌ مِنَ الصَّحَابَةِ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَيْهَا يَشْرَبُونَ، فَلَمَّا سَمِعُوا النِّدَاءَ بِتَحْرِيمِهَا لَمْ يَتَوَانَوْا وَلَمْ يَتَرَدَّدُوا؛ بَلْ بَادَرُوا بِامْتِثَالِ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا: «انْتَهَيْنَا، انْتَهَيْنَا»، وَقِصَصُهُمْ فِي الِاسْتِجَابَةِ لِهَذَا الْأَمْرِ عَدِيدَةٌ وَمَشْهُورَةٌ. قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «... إِنِّي لَقَائِمٌ أَسْقِيهَا أَبَا طَلْحَةَ وَأَبَا أَيُّوبَ وَرِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِنَا إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: هَلْ بَلَغَكُمُ الْخَبَرُ؟ قُلْنَا: لَا؟ قَالَ: فَإِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ، فَقَالَ: يَا أَنَسُ، أَرِقْ هَذِهِ الْقِلَالَ، فَمَا رَاجَعُوهَا وَلَا سَأَلُوا عَنْهَا بَعْدَ خَبَرِ الرَّجُلِ»، وَفِي رِوَايَةٍ: «فَخَرَجْتُ فَهَرَقْتُهَا فَجَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ». وَفِي رِوَايَةٍ: «فَوَاللَّهِ مَا قَالُوا: حَتَّى نَنْظُرَ وَنَسْأَلَ».

إِنَّ سُرْعَةَ اسْتِجَابَةِ صَحَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَمْرِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِي تَحْرِيمِ شَرَابٍ أَلِفُوهُ وَاعْتَادُوهُ، وَأَحَبُّوهُ وَعَشِقُوهُ لَمِمَّا يَدْعُو لِلدَّهْشَةِ وَالْإِعْجَابِ وَالْإِكْبَارِ، هَرَقُوهَا وَتَخَلَّصُوا مِنْهَا، وَكَسَرُوا جِرَارَهَا؛ فَوْرَ نُزُولِ تَحْرِيمِهَا. لَمْ يَحْتَاجُوا مَوَاعِظَ خُطَبَاءَ، وَلَا بَيَانَاتِ عُلَمَاءَ، وَلَا أَجْهِزَةَ إِعْلَامٍ تَنْهَاهُمْ عَنِ الْخَمْرِ وَتُبَيِّنُ لَهُمْ أَضْرَارَهَا، وَلَمْ يَجْعَلْهُمْ يُبَادِرُونَ إِلَى التَّخَلُّصِ مِنْهَا خَوْفُهُمْ مِنْ رِجَالِ الْحِسْبَةِ، أَوْ أَفْرَادِ الشُّرْطَةِ، أَوْ حُكْمِ الْمَحْكَمَةِ!! لَمْ يَحْتَاجُوا إِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ؛ لِأَنَّ الرَّقِيبَ كَانَ دَاخِلَ قُلُوبِهِمْ، وَلِأَنَّ خَوْفَهُمْ كَانَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لَا مِنَ الْمَخْلُوقِينَ، فَكَفَتْهُمْ آيَةٌ وَاحِدَةٌ يُنَادِي بِهَا الْمُنَادِي، فَتَسِيلُ عَلَى إِثْرِهَا سِكَكُ الْمَدِينَةِ خَمْرًا.

فلا بد من زرع مراقبة الله تعالى في قلوب الشباب والفتيات للحد من تعاطيهم للخمور والمخدرات بدعوتهم إلى التمسك بالدين، وإلا فلن تجدي النصائح والتوجيهات.

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدٍ كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ...
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.98 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.27 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.00%)]