خواطر الكلمة الطيبة - الصفحة 5 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1121 - عددالزوار : 129672 )           »          الصلاة مع المنفرد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          الاكتفاء بقراءة سورة الإخلاص (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          أصول العقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          الإسلام يبيح مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم وحمايتهم من أي اعتداء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          تحريم الاعتماد على الأسباب وحدها مع أمر الشرع بفعلها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3097 - عددالزوار : 369944 )           »          وليس من الضروري كذلك! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          مساواة صحيح البخاري بالقرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          محرومون من خيرات الحرمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-02-2025, 08:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,794
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة – فضل المساجد


  • كلما غدوت أو رحت إلى المسجد أعد الله لك نزلاً في الجنة بعدد ذهابك إليه وإيابك ومعنى النزل هو ما أُعد للضيف من مكان وطعام ونحوه
  • عظَّم الله عزوجل شأن بيوته في الأرض وأمر برفعها وبنائها وعمارتها بذكره وجعلها خير بقاع الأرض
  • من تعلق قلبه بالمسجد جعله الله مع السبعة الذين يظلهم الله في ظل عرشه يوم القيامة وهذه منزلة عالية لا ينالها أي أحد
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أتاني اللَّيلةَ ربِّي -تبارَكَ وتعالى- في أحسَنِ صورةٍ، قالَ أحسبُهُ قال في المَنامِ فقالَ: يا محمَّدُ هل تدري فيمَ يختصمُ الملأُ الأعلى؟ قالَ: قلتُ: لا، قالَ: فوَضعَ يدَهُ بينَ كتفيَّ حتَّى وجَدتُ بَردَها بينَ ثدييَّ أو قالَ: في نحري، فعَلِمْتُ ما في السَّماواتِ وما في الأرضِ، قالَ: يا مُحمَّدُ، هل تدري فيمَ يختصمُ الملأُ الأعلى؟ قلتُ: نعَم، في الكفَّاراتِ، والكفَّاراتُ المُكْثُ في المسجدِ بعدَ الصَّلاةِ، والمَشيُ على الأقدامِ إلى الجماعاتِ، وإسباغُ الوضوءِ في المَكارِهِ، ومن فَعلَ ذلِكَ عاشَ بخيرٍ وماتَ بخيرٍ، وَكانَ مِن خطيئتِهِ كيومِ ولدتهُ أمُّهُ، وقالَ: يا محمَّدُ، إذا صلَّيتَ فقل: اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ فِعلَ الخيراتِ، وتركَ المنكراتِ، وحُبَّ المساكينِ، وإذا أردتَ بعبادِكَ فتنةً فاقبِضني إليكَ غيرَ مَفتونٍ».
فضل المساجد
لقد عظَّم الله -عزوجل- شأن بيوته في الأرض، وأمر برفعها وبنائها وعمارتها بذكره، وجعلها خير بقاع الأرض، وإن حياة المسلم ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالمسجد؛ لأنه يدخله في اليوم خمس مرات، فدعونا نأخذ جولة سريعة عن فضائل المساجد، وكيف رغَّب الله -عزوجل- عباده في الذهاب إلى المساجد؟ وما الأجور التي لا نجد ثوابها إلا في المسجد؟
تجلس في خير بقاع الأرض
من فضائل المساجد أنك تجلس في خير بقاع الأرض؛ فالمساجد أفضل البقاع التي يحبها الله -عز وجل-؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها» (رواه مسلم).
تكفير السيئات ورفع الدرجات
إنك لا تخطو خطوة إلى بيت الله -عزوجل- إلا جعل الله لك بكل خطوة تخطوها درجة وتمسح عنك سيئة، ويزداد ثواب هذه الخطوة إلى عشر حسنات إذا ذهبت إلى المسجد مبكرًا لانتظار صلاة، فقد قال: - صلى الله عليه وسلم -: «إذا تطهَّر الرجل ثم مر إلى المسجد يرعى الصلاة كتب له كاتبه بكل خطوة يخطوها إلى المسجد عشرا» (رواه ابن خزيمة)، ويزداد هذا الأجر لو مشيت إلى صلاة الجمعة فيكتب الله لك بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها؛ حيث روى أوس بن أوس الثقفي - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من غسل يوم الجمعة واغتسل ثم بكَّر وابتكر، ومشى ولم يركب ودنا من الإمام فاستمع، ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها» (رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه).
سبع وعشرون درجة
إنك إذا صليت الفريضة في جماعة في أيّ مكان كتب لك ثواب سبع وعشرين درجة، أما إذا صليتها جماعة في المسجد، فإنك ستكسب ثوابًا إضافيًّا يعدل ثواب حجة كاملة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من خرج من بيته متطهرًا إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم» (أبو داود).
صلاة الضحى في المسجد
إنك لو صليت ركعتي الضحى في أيّ مكان فلك ثواب من تصدق بعدد سلامى جسمه والبالغ عددها ثلاثمائة وستين سُلامى، أما لو صليت الضحى في المسجد، فسيرتفع ثوابها إلى ثواب أداء عمرة، وهذه سُنة يغفل عنها كثير من الناس، وقد قال: - صلى الله عليه وسلم -: «من خرج من بيته متطهرًا إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم، ومن خرج إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر» (رواه أبو داود).
يكتب لك أجر الصلاة
إنه يكتب لك أجر الصلاة وأنك من المصلين منذ خروجك من بيتك إلى المسجد حتى رجوعك إليه؛ حيث روى عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «... والقاعد يرعى الصلاة كالقانت، ويُكتب من المصلين من حين يخرج من بيته حتى يرجع إليه» (رواه الإمام أحمد وابن حبان والحاكم).
الملائكة تستغفر لك
إنك إذا جلست في المسجد تنتظر الصلاة وكَّل الله لك ملائكة تستغفر لك ما دمت تنتظر الصلاة؛ فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه يقولون: اللهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم تب عليه، ما لم يؤذ فيه ما لم يحدث» (رواه مسلم).
يجعل الله لك نزلا في الجنة
إنك كلما غدوت أو رحت إلى المسجد أعد الله لك نزلاً في الجنة بعدد ذهابك إليه وإيابك، ومعنى النزل هو ما أعد للضيف من مكان وطعام ونحوه، قال - صلى الله عليه وسلم -: «من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح» متفق عليه.
يشهد الله لك بالإيمان
إن مَن عَمَرَ المسجد بذكر الله -عزوجل-، شهد الله له بالإيمان، قال -تعالى-: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ} (التوبة: 18).
يجعلك الله مع السبعة الذين يظلهم في ظله
إن من تعلق قلبه بالمسجد، جعله الله مع السبعة الذين يظلهم الله -عز وجل- في ظل عرشه يوم القيامة، وهذه منزلة عالية الكل يرجوها، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «سبعة يظلهم الله يوم القيامة في ظله، يوم لا ظل إلا ظله، -وذكر منهم-: ورجل قلبه معلق في المسجد» (رواه البخاري ومسلم).
يكتب لك ثواب الجماعة
فقد بلغ من كرم الله -عز وجل- وترغيبه لبيوت الله، أن من قصد المسجد يريد صلاة الجماعة، كتب الله له ثواب الجماعة، ولو رأى الناس قد صلوا عنه، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «من توضأ فأحسن وضوءه، ثم راح فوجد الناس قد صلوا، أعطاه الله مثل أجر من صلاها وحضرها، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا» (رواه أبو داود والنسائي والحاكم)؛ فلذلك إذا فاتتك الصلاة فلا تكسل وتصلي في بيتك، وإنما اقصد بيت الله لتنال كل الأجور سابقة الذكر.
ثواب حجة وعمرة
إن من جلس في المسجد بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس، كتب الله له ثواب حجة وعمرة، وهذا لا يحصل إلا في المسجد، روى أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صلى الغداة في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة « (رواه الترمذي).
يبني الله لك بيتًا في الجنة
إن من بنى مسجدًا أو ساهم في بنائه ولو كان صغيرًا، بنى الله له بيتًا في الجنة، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «من بنى لله مسجدًا ولو كمفحص قطاة لبيضها بنى الله له بيتًا في الجنة» (رواه الإمام أحمد)، ولنعلم أن قصور الجنة تتفاضل، وأن من أفضل هذه القصور وأشرفها ما بُني ثوابا لمن بنى مسجدا، كما قال النووي -رحمه الله تعالى- استنادًا لما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من بنى مسجدا لله بنى الله له في الجنة مثله»، أي مثله في الشرف، فكما أن المساجد أشرف البيوت في الأرض، فكذلك فإن أشرف القصور في الجنة تلك التي بنيت ثوابًا لمن بنى مسجدًا، ولا غرابة في ذلك، فكل الأجور التي سيحصل عليها المصلون إذا ذهبوا للمسجد ستكون في صحيفة من بنى المسجد.


اعداد: د. خالد سلطان السلطان





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26-03-2025, 12:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,794
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة – احذر هؤلاء الثلاثة!


  • المخلص هو الذي يقصد بعمله وجه الله وحده، والتقرب إليه سبحانه بصلاته وصومه وصدقاته وحجه وغير ذلك من العبادات لا رياء ولا سمعة ولا لقصد الدنيا
  • الرياء منكر ومن الشرك ويجب الحذر منه كون الإنسان يصلي أو يتصدق أو يقرأ القرآن حتى يمدح فهذا الرياء لا يجوز ويجب الحذر منه
احذر ثلاثة أشياء تفسد أعمالك! وهذه الثلاثة هي من جملة أشياء كثيرة قد تُفسد الأعمال، نسأل الله العفو والعافية، ولكن هؤلاء الثلاثة نبه عليها ابن رجب -رحمة الله عليه- بأنها من مفسدات الأعمال وأن الإنسان يجب عليه أن يحذرها.
وأخذ ذلك من حديث رواه الإمام الترمذي -رحمة الله تعالى عليه- برواية أم سلمه زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال الله -عزوجل-: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ}، فمن الأعمال التي كانت ملقاة على كاهل أمهات المؤمنين -رضي الله عنهن- أنهن يبلغن ما سمعوه من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ليس اختيارا وإنما يبلغن وجوبًا كل ما رأوه وسمعوه من النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وهي مهمة عظيمة، في حين أن بعض الناس يظن أنهن كن زوجات للنبي - صلى الله عليه وسلم - وانتهى الأمر، وما يدري بأن عليهن واجب التبليغ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أقواله وأفعاله وأوامره ونواهيه التي هي بالأساس وحي من الله -تبارك وتعالى-. تقول أم سلمة -رضي الله عنها وأرضاها-: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم من الصبح يقول: «اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ عِلمًا نافعًا، ورِزْقًا طيِّبًا، وعمَلًا مُتقَبَّلًا»، كان - صلى الله عليه وسلم - يقول ذلك الدعاء كل صباح بعدما يصلى الصبح، وبعدما يختم أذكار الصلاة ويشرع في أذكار الصباح، قال ابن رجب -رحمة الله عليه-: العلم النافع هو الذي قد خلا من ثلاثة أمور وكلها أمور دنيوية:
ألا يبتغي بهذا العلم رئاستها
قال: (ألا يبتغي بهذا العلم رئاستها) فلا تتعلم هذا العلم لكي تتصدر المجالس تقول لنفسك تلك مجالس الأكابر وهؤلاء التجار وهؤلاء وهؤلاء أما المجالس التي فيها فقراء مثلنا هؤلاء لا أجالسهم أو أمر عليهم، فسخر هذا العلم وهو العلم الشرعي؛ لأن العلم النافع هو الذي يوصل الإنسان إلى العمل الصالح وهذا ليس بعمل صالح.
وألا يبتغي بهذا العلم الشهرة
الأمر الثاني قال: (وألا يبتغي بهذا العلم الشهرة) بعض الناس ماذا يريدون من العلم؟ أن يشتهر بأنه قارئ، أو يشتهر بأنه حافظ، أن يشتهر بأنه متقن، أن يشتهر بأنه إنسان ما شاء الله في العلم بحر، هذا مبتغاه، وهذا النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطانا فيه مثالا حقيقيا وواقعيا، وهو حديث أبي هريرة، الذي كان إذا ذكر هذا الحديث يشهق ويغمى عليه من شدة الخوف أن يكون داخلا في هذا الحديث وهو ناج منه -رضي الله عنه وأرضاه- بشهادة الله وشهادة رسوله - صلى الله عليه وسلم - لهم بالمغفرة والرحمة والتجاوز ودخول الجنة يقول: «حدَّثني رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ اللَّهَ -تبارَكَ وتعالى- إذا كانَ يومُ القيامةِ نزلَ إلى العبادِ ليَقضيَ بينَهم، وَكلُّ أمَّةٍ جاثيةٌ، فأوَّلُ من يدعو بهِ رجلٌ جمعَ القرآنَ، ورجلٌ يُقتلُ في سبيلِ اللَّهِ، ورجلٌ كثيرُ المالِ، فيقولُ للقارئِ: ألم أعلِّمْكَ ما أنزلتُ علَى رسولِي؟ قالَ: بلى يا ربِّ قالَ: فماذا عمِلتَ فيما عُلِّمتَ؟ قالَ: كنتُ أقومُ بهِ أثناءَ اللَّيلِ وآناءَ النَّهارِ، فيقولُ اللَّهُ لهُ: كذبتَ، وتقولُ الملائِكةُ: كذبتَ، ويقولُ اللَّهُ: بل أردتَ أن يقالَ: فلانٌ قارئٌ، فقَد قيلَ، ويؤتى بصاحبِ المالِ فيقولُ اللَّهُ: ألم أوسِّع عليْكَ حتَّى لم أدعْكَ تحتاجُ إلى أحدٍ؟ قالَ: بلَى قالَ: فماذا عملتَ فيما آتيتُكَ؟ قالَ: كنتُ أصلُ الرَّحمَ، وأتصدَّقُ؟ فيقولُ اللَّهُ: كذبتَ، وتقولُ الملائِكةُ: كذبتَ، فيقولُ اللَّهُ: بل أردتَ أن يقالَ: فلانٌ جوَّادٌ، فقد قيلَ ذاكَ، ويؤتى بالَّذي قتلَ في سبيلِ اللَّهِ، فيقالُ لهُ: فيمَ قُتلتَ؟ فيقولُ: أُمِرتُ بالجِهادِ في سبيلِكَ، فقاتلتُ حتَّى قُتلتُ، فيقولُ اللَّهُ: كذبتَ، وتقولُ الملائِكةُ: كذبتَ، ويقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ لهُ: بل أردتَ أن يقالَ: فلانٌ جَريءٌ: فقد قيلَ ذلِكَ، ثمَّ ضربَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - علَى رُكبتيَّ، فقال: يا أبا هُريرةَ، أولئِكَ الثَّلاثةُ أوَّلُ خَلقِ اللَّهِ تُسعَّرُ بِهمُ النَّارُ يومَ القيامَةِ» فهذه الشهرة مصيبه.
وألا يبتغي بها المدح
الثالثة: أن يبتغي بها المدح، يعني يريد دائمًا الناس يثنون عليه وعلى علمه، فالذي يريد مدح الناس أخذ أجره من الناس، فالله -عز وجل- لا يقبل من الأعمال إلا ما كان له خالصًا وابتغي به وجهه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، أما غير ذلك فهو مردود على صاحبه، لذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما جاءه رجل وقال له: يا محمد إن مدحي زين وذمي شين، قال: ذاك رب العالمين». ومدح الناس لا ينافي الإخلاص، ولكن طلب هذا المدح هو الإشكال، فإن سمعت مثلاً من الناس مدح فهذا فضل الله عليك لأن مدح الناس يعتبر من شهادة وتزكية، والنبي - صلى الله عليه وسلم - عندما امتدح الناس رجل في جنازته وأثنوا عليها خيرا فقال: وجبت وجبت وجبت، فقالوا: ما وجبت يا رسول الله؟ فقال: وجبت لها الجنة، ثم قال: أنتم شهداء الله في خلقه، ولذلك العلم النافع الذي كان يدعو به النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقصد به الرئاسة، ولا يقصد بها الشهرة، ولا يقصد به المدح، أعاذنا الله وإياكم من سائر الآفات التي تقطع الأعمال.
حقيقة الإخلاص
قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: الإخلاص هو قصد الرب -جل وعلا- بالعمل، أن يقصد المسلم بعمله وجه الله، والدار الآخرة، قال الله -جل وعلا-: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (البينة:5) وقال سبحانه: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (غافر:14)، فالمخلص هو الذي يقصد بعمله وجه الله، بصلاته، بصومه، بصدقاته، بحجه، بغير ذلك من العبادات، يقصد التقرب إلى الله لا لغيره، لا رياء ولا سمعة، ولا لقصد الدنيا، وإنما يفعل ما يفعل يرجو ثواب الله، ويرجو إحسانه -سبحانه وتعالى-، وأما الرياء كونه يفعل لأجل يرائي الناس لأجل يمدحه الناس هذا منكر، ومن الشرك، قال الله -جل وعلا-: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (النساء:142)، فالرياء منكر ومن الشرك يجب الحذر منه، كون الإنسان يصلي حتى يمدح، أو يتصدق حتى يمدح، أو يقرأ حتى يمدح هذا الرياء لا يجوز هذا، يجب الحذر من ذلك.


اعداد: د. خالد سلطان السلطان





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16-04-2025, 08:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,794
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة – محبة الله للعبد


  • من علامات حب الله تعالى لعبده المؤمن شعوره بأنه يحب الله ورسوله وأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما
  • من علامات محبة الله عز وجل لعبده المؤمن أن يوفق إلى الرفق واللين وحسن الخلق وترك العنف
  • إذا أردت أن يحبك الله عز وجل فعليك باتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم ومجالسة الصالحين وزيارتهم
هناك محاضرة للشيخ أبو بكر الجزائري عنوانها: (هل الشأن أن تُحِبّ أو أن تُحَبّ؟)، فالشأن أن تُحِبّ الله -عز وجل-؛ لأنك أنت المحتاج له -سبحانه-، فالله هو الغني عن العالمين، ولكن أن تُحَبّ ويذكر ذلك في الملأ الأعلى أنَّ الله يحبك، فهذا والله من الرحمة العظيمة؛ لأن مثل هذا يعين العبد على الثبات على الأمر والاستمرار في الطاعة والتسابق إليها والسير في الطريق الموصل إلى رحمة الله -تعالى-.
ولذلك جاء في بعض الآثار أنَّ عبدالله بن الحسن قال: كانت لي جارية رومية وضيئة، فالتمستها في إحدى الليالي فلم أجدها، فقمت أطلبها فإذا هي ساجدة، وهي تقول: «بحبك لي إلا غفرت لي ذنوبي»، فقلت لها: لا تقولي: «بحبك لي»، ولكن قولي: «بحبي لك». فقالت: لا يا مولاي، بحبه لي أخرجني من الشرك إلى الإسلام، وبحبه لي أيقظ عيني وكثير من خلقه نيام.
كيف يعرف العبد أن الله يحبه؟
والسؤال المهم هو كيف يعرف العبد أن الله يحبه بعد ما يفعل الأسباب التي تنال بها محبة الله؟ فلا شك أن من علامات حب الله -تعالى- لعبده المؤمن شعوره بأنه يحب الله ورسوله، وأن يكونا أحب إليه مما سواهما، ومن نفسه التي بين جنبيه، وأن يكون مستقيمًا على فعل الطاعات واجتناب المنهيات، مواليا للمؤمنين ومحبًا لهم ومتواضعا معهم، مبغضًا للمعصية والكفر والبدعة وأهلها، فمن توفرت فيه هذه الصفات فهو من أولياء الله وأحبائه. فقد كانت هذه صفات أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال -تعالى-: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُود} (الفتح:29)، وقال -تعالى-: (فسَوْف يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (المائدة:54)، ومن صفات أحباب الله ورسوله ما رواه أحمد عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي».
الحماية من فتن الدنيا وشهواتها
ومن علامات حب الله -عز وجل- للعبد المؤمن أن يحميه من فتن الدنيا وشهواتها، فالسعيد من جُنّب الفتن، فقد روى محمود بن لَبِيدٍ - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يَحْمِي عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ يُحِبُّهُ كَمَا تَحْمُونَ مَرِيضَكُمْ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ تَخَافُونَ عَلَيْهِ»، وفي رواية الترمذي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا حَمَاهُ الدُّنْيَا كَمَا يَظَلُّ أَحَدُكُمْ يَحْمِي سَقِيمَهُ الْمَاءَ»، وهذا لا يعني أن من أحبه الله أفقره ومن أبغضه أغناه؛ لكن المقصود أن الله يعصمه من التعلق بشهوات الدنيا ويصرف قلبه عن حبها والانشغال بها؛ لئلا يركن إليها وينسى همَّ الآخرة.
التوفيق إلى الرفق واللين
ومن علامات محبة الله -عز وجل- لعبده المؤمن، أن يوفق إلى الرفق واللين وترك العنف، فقد روى جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله إذا أحب أهل بيت أدخل عليهم الرفق» رواه ابن أبي الدنيا، وفي حديث آخر قال - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ» رواه البخاري، فإذا رأيت الرجل ليناً لطيفاً رفيقاً مع الناس عامة، ومع زوجته وأهل بيته خاصة، فهذا من علامات حب الله له، وكم نسمع عن أناس يكثرون من إهانة زوجاتهم أمام أولادهم وأقاربهم! بل إن منهم من يتعمد إذلال زوجته ورفع صوته عليها أمام أهلها تحقيراً لها وتكديراً لخاطر أهلها الذين أكرموه وائتمنوه على فلذة كبدهم، وما هذا من أخلاق الرجال ولا من سنة سيد الأنام - صلى الله عليه وسلم -، بل قد تكون علامة على عدم حب الله -تعالى- له.
الابتلاء في الدين أو الدنيا
ومن علامات محبة الله -عز وجل- لعبده المؤمن أن يبتليه في دينه أو دنياه، فقد روى أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ»، فالله -عز وجل- يبتليك ليمتحنك، فقد يبتليك بالغنى أو الفقر، بالصحة أو المرض، بالفراغ أو الشغل، في المال أو النفس، فمن رضي وصبر محص الله ذنبه، ومن لم يرض خسر عظيم الثواب، ولن يستعيد ما فقده بعدم الرضا، قال -تعالى-: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}، وقال -تعالى-: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}.
إعانة الناس وتفريج كربهم
من علامات محبة الله للعبد أن يوفق لخدمة الناس وإعانتهم وتفريج كربهم؛ حيث روى عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-، أن رجلا جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله؟ فقال: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله -عز وجل- سرور تدخله على مسلم، تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهرا - يعني مسجد المدينة - ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه يوم القيامة رضا، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يقضيها له ثبت الله قدميه يوم تزول الأقدام» رواه الأصبهاني وابن أبي الدنيا.
التوفيق إلى حسن الخلق
ومن علامات حب الله للعبد أن يوفق إلى حسن الخلق، فعن أسامة بن شريك - رضي الله عنه - قال: كنا جلوسا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - كأنما على رؤوسنا الطير، ما يتكلم منا متكلم؛ إذ جاءه أناس فقالوا: من أحب عباد الله إلى الله -تعالى-؟ قال: «أحسنهم خلقا».
ماذا أفعل ليرضى الله عني؟
إذا أردت أن يحبك الله -عز وجل- فعليك باتباع سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقد قال الله -عز وجل- {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، وإذا أردت أن يحبك الله -عز وجل- فعليك بمجالسة الصالحين وزيارتهم، فقد قال معاذ بن جبل - رضي الله عنه - سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: «وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ»، وروى أبو هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّ رَجُلاً زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى؛ فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، قَالَ هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ لا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ» رواه مسلم، وإذا أردت أن يحبك الله -عز وجل-، فالزم فرائض الله -تعالى- ولا تضيعها وبادر إلى الإكثار من النوافل بشتى أنواعها، من صلاة وصيام وصدقة وقراءة قرآن ونحو ذلك، فقد روى أبو هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : قال الله -عز وجل-: «وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ..».


اعداد: د. خالد سلطان السلطان





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23-04-2025, 04:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,794
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة – سمات الداعية الصادق


  • الداعية صورة «متجسدة» لأعمال الإسلام وشرائعه في نفسه ونموذج صادق، وتطبيق واقعي، للأفكار والمبادئ السامية
لو سألك سائل كم عدد الناس الذين دعوتهم إلى الإسلام؟ كثير منا يجيب عن هذا السؤال ويقول: ما دعوت أحدا؛ لأنه ينصرف ذهنه لقضية واحدة وهي الخطابة والدروس، وكم عدد الأشخاص الذين أثرت فيهم فتحولوا من الكفر إلى الإسلام، أو تحولوا من المعصية إلى الطاعة، أو من الفسوق إلى الاستقامة والالتزام؟
وإذا كان هذا هو الظن فكثير من الأنبياء والمرسلين لن نجعلهم في صف الدعاة إلى الله -تعالى-؛ لأن هذا مفهوم خطأ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَرَأَيْتُ النبيَّ ومعهُ الرُّهَيْطُ، والنبيَّ ومعهُ الرَّجُلُ والرَّجُلانِ، والنبيَّ ليسَ معهُ أحَدٌ»، والمدة الزمنية التي عاشها هذا النبي في أمته متفاوتة، قد تكون مئة سنة أو مئتين أو ثلاثمئة ولم يسلم معه إلا واحد، فهل هذا النبي الذي ليسه معه أحد لم يكن يحسن الدعوة إلى الله أو قصر في تلك الدعوة؟ والجواب حاشاه ذلك.
المعنى الحقيقي للدعوة
إذا فالدعوة إلى الله -عز وجل- ليست بالمفهوم الضيق الذي يفهمه كثير من الناس، لكن المعنى الحقيقي للدعوة هو أن يكون الداعي إلى الله صورة متجسدة لأعمال الإسلام وشرائعه في نفسه؛ حيث يكون الداعية صورة حية، ونموذجا صادقا، وتطبيقا واقعيا، للأفكار والمبادئ السامية، فإنه مهما عمل الداعية على توضيح منهج الإسلام المتكامل، أو رسم صورة مثالية للمسلم، فإن ذلك لن يحقق النتائج ذاتها ، ولن يغني عن وجود واقع حقيقي يمثله إنسان صادق، يحقق بعمله وسلوكه هذه الصورة. وعلى هذا يكون الإنسان داعية إلى الله بمجرد استقامته والتزامه بشرع الله -عزوجل-، فلو رأوه ملتحيا أو مقصرا إزاره فذلك تطبيق لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكم من الناس أثروا في غيرهم دون الدخول معهم في نقاش. والسؤال: هل لك أجر في ذلك؟ والجواب: نعم؛ لأن التزامك وتدينك الصادق يعد انعكاسًا لهذا الدين، فلابد أن تضع نصب عينيك أنك تمثل دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك إذا قصرت إزارك فوق الكعب بهذا تكون داعية إلى الله -عزوجل- بهذا السلوك وموجه من خلاله للآخرين، فالقدوة المؤثرة أن يكون الداعية صورة صحيحة وصادقة لكل ما يدعو إليه، ويريد غرسه في المدعو، وأن يكون فعله وسلوكه صادقاً قبل كلامه، ولا ريب أن الدعوة بالفعل والعمل، أقوى وأوقع في النفس، وأعون على الحفظ والفهم، وأدعى إلى الاقتداء والتأسي، من الدعوة بالقول والبيان، فالدعوة بأسلوب القدوة هو الأسلوب الملائم للفطرة، وقد كان ذلك من أعظم أساليب النبي - صلى الله عليه وسلم -.


اعداد: د. خالد سلطان السلطان





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 04-06-2025, 10:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,794
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة .. توقير المرأة لزوجها


  • من عِظَمِ حقِّ الزوج أن طاعته مقرونة بحق الله تعالى
  • اهتم الإسلام اهتمامًا عظيمًا بصلاح البيوت لأن الأسرة هي الدِّعامة الأساسية في صرح الأمة
من ينظر في سيرة الصحابة والتابعين وتابعي التابعين، يجد بأن قضية تعليم الأمة وتوجيهها لا يأتي من الرجال فقط؛ بل يأتي كذلك من النساء؛ فقد كانت نساء الصحابة والتابعين يقدمون خلاصات عملية؛ حتى تفهم الأمة أهمية تطبيق هذه الآداب والأخلاق التي دعا إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - وامتثلها هذا الجيل العظيم في تلك القرون المباركة، فعظم الله شأن هذه القرون وجعل لها مكانة؛ بسبب تطبيقها لهذا الشرع الحكيم ولهذه الآداب التي جاء بها محمد - صلى الله عليه وسلم -.
إن تعلم الآداب والأخلاق أمر مهم، وتعليم الآخرين هذه الآداب والأخلاق أيضا أمر مهم، وأقصد بالآخرين أولا هم أهل بيتك: زوجك وأبناؤك، تعليمهم الآداب التي غفل عنها كثير من الناس، فيعلم أهل بيته، ويطبقون ما تعلموه داخل البيت مع بعضهم بعضا.
العقيدة آداب وأخلاق
العقيدة آداب وأخلاق، واتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - سلوك، والصلاة والعبادات حقوق ومعاملات، تعاملك مع نفسك آداب وأخلاق ومع الآخرين أيضا آداب وأخلاق؛ لذلك قال الله -عز وجل-: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}، بالأخلاق الكريمة وبهذا التشريع العظيم، ومن هذه الأشياء ما قالته زوجة سعيد بن المسيب -رحمه الله- تُعلّم بنات جيلها وانتقلت هذه الكلمة من ذلك الجيل في القرن الثاني إلى أن وصل إلى يومنا هذا في القرن الخامس عشر الهجري، قالت: «وكنا نتكلم مع أزواجنا كما يتكلم الرجال مع ملوكهم».
جواز تعظيم المرأة لزوجها
الإمام النووي -رحمة الله عليه- يقف عند إسناد حديث رواه الإمام مسلم عن أم الدرداء تقول حدثني سيدي (تقصد زوجها) أبو الدرداء أنه سمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا دعا المسلم لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكل به آمين ولك بمثله»، فيقف الإمام النووي على كلمة أم الدرداء حدثني سيدي قال: وفيه جواز تعظيم المرأة لزوجها وتوقيره ظاهرًا وباطنًا، فهذا الجيل وهو جيل الصحابة ومن بعده كان يعظم الرجل ويعطيه قدره.
مستوى راقٍ من الأخلاق
فنحن اليوم نقف على ما وصلت إليه أم الدرداء وزوجة سعيد بن المسيب لهذا المستوى، ولكن اليوم نرى ما خرَّج لنا هذا الجيل الحالي؛ حتى اضطرت الحكومات أن تفتح محاكم للأسرة تترك للمرأة التعبير كيفما شاءت لا الرجال، ولا تقولوا إني قاسٍ على المرأة! لا والله، ولكن بسبب المرأة اليوم فتحنا هذه المحاكم؛ لأن المرأة الآن صارت تطرق الأبواب المفتحة للمحامين، ثق تماما أنَّ 90% من الرجال لا يذهبون للمحامين، بل النساء هم من يذهبن للمحامين ويفصلن على مزاجهن، ويستصدرن أحكاما من القاضي بقدر ما يستطعن، حتى حدثت مشكلات كثيرة للرجال، فما عادوا يستطيعون الزواج بثانية، فالقضية قضية سلوك وأخلاق هذا الجيل وهذه المشكلات والقضايا {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} مطلوب منا أن تعرف الزوجة قيمة الزوج! ونذكرها بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ولو كان ذلك لكان على المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها».
شرع الله القوامة للرجال وعظم شأن الزوج، وعلم المرأة حقه، وعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه وأمهات المؤمنين، وعلم الصحابة كيف يتعامل معهم نساؤهم حتى قال في حاشية الأحناف: «ويكره أن تسمى المرأة زوجها باسمه بل تضع له تعظيما كسيدي ومولاي»، فهذا شرع ودين وآداب وأخلاق، وفي المقابل الله -عز وجل- خاطب الرجال فقال لهم: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، وقال -تعالى-: {فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} أي: أيها الرجل لا تظلم فالله -عز وجل- علي كبير، فالله جعل لك حقوقا وللمرأة حقوقا، وعليكما واجبات، وعظم الله شأن الزوج؛ لما يقع عليه من مسؤوليات، وعلى المرأة أن تتعامل مع الزوج بما أمر الله ورسوله.
الأسرة ومقومات البيت المسلم
اهتم الإسلام اهتمامًا عظيمًا بصلاح البيوت؛ لأن الأسرة هي الدِّعامة الأساسية في صرح الأمة، واللبنة الأولى في تكوين المجتمع؛ فعلى قدر ما تكون اللبنة قويةً يكون البناء راسخًا منيعًا، وكلما كانت ضعيفة كان البناء واهيًا، آيلاً للانهيار والتصدع؛ فالبيت المسلم هو المدرسة الأولى التي يتخرج فيها الأعضاءُ الفاعلون في المجتمع، وموقع الأسرة من المجتمع كموقع القلب من الجسد؛ فصلاح المجتمع بصلاح الأسرة، وفساده بفسادها.
إنّ الأسرة في الإسلام بناءٌ متين الأساس، مترابط الأركان، أصله ثابت، وفرعه في السماء، يؤسس هذا البناء على تقوى من الله، واتباع لشريعته -سبحانه-، بالزواج الشرعي الذي هو الطريقة السوية المشروعة لتكوين الأسرة، تلك الطريقة التي تليق بكرامة الإنسان، وتتوافق مع فطرته السليمة.
وقد وضع الشرع أسسًا ومعايير يبنى عليها اختيار الزوج لزوجته، والزوجة لزوجها، قال الله -تعالى-: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (النور: 32)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: تَزَوَّجُوا الوَدُودَ الوَلُودَ»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ»، «إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ»، وجاء رجل إلى الحسن بن علي يسأله قائلًا: قد خطب ابنتي جماعة، فمن أزوجها؟ قال: ممن يتقي الله؛ فإنه إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها، وباجتماع الزوج الصالح والزوجة الصالحة، يُبنى البيتُ الصالح بإذن الله -تعالى-، فإذا تم الزواج.. فلتكن الحياة قائمة على السكينة والمودة والرحمة، فلهذا شرع الزواج، قال -تعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: 21).



اعداد: د. خالد سلطان السلطان





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16-07-2025, 08:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,794
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة – مسؤولية الدعاء وفضل القرآن


  • القرآن الكريم جاء تبيانًا لكل شيء، يهدي إلى الحق والرشد وإلى طريق مستقيم، يخرج الناس من الظلمات إلى النور
عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: «لما رأيتُ مِنَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - طِيبَ النَّفْسِ، قلتُ يا رسولَ اللهِ ادعُ اللهَ لي قال - صلى الله عليه وسلم -: «اللهمَّ اغفرْ لعائشةَ ما تقدَّم من ذنبِها وما تأخَّرَ وما أسرَّتْ وما أعلنَتْ فضحكتْ عائشةُ حتى سقط رأسُها في حِجرِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من الضَّحِكِ فقال أَيَسُرُّكِ دُعائي فقالتْ ومالي لا يَسُرُّني دُعاؤُكَ فقال واللهِ إنها لَدَعْوتي لأُمَّتي في كلِّ صلاةٍ».
هذا الحديث يبين لنا أهمية الدعاء واهتمام النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمته ويظهر ذلك جليا في حرصه الشديد على الدعاء لهم، بل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبكي خوفًا على أمته وحرصًا على نجاتهم، وكان يدعو لهم في صلاته وفي كل وقت، كما ادخر دعوته المستجابة ليوم القيامة ليشفع بها لأمته.
الدعاء للجمعية
إنَّ إحساسي وشعوري بمسؤولية الدعاء للآخرين وأنا في عرفة، جعلني أدعو لجمعية إحياء التراث المباركة، ولكل القائمين عليها والعاملين فيها جميعًا ولإخواني الدعاة والعلماء وللمسلمين والمسلمات، هذا في الحقيقة مما هو واجب على أن أذكره لكم اقتداءً بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأنا أذكره لإخواني وأصحابي وأحبابي أننا ما نسيناكم من الدعاء في ذلك المكان العظيم الذي يرجوه كل واحد منا؛ بل كل المسلمين يرجون أن لو يكونوا كلهم في عرفة في ذلك اليوم فيدعون الله -عزوجل-. إنَّ الله -عزوجل- برحمته وعلمه قدر أنه لا يأتي إلى هذا المكان إلا فئة قليلة من الناس، فيتنزل الله -عزوجل- في عشية عرفة، فيقول ويشهد الملائكة أني قد غفرت لكم ولمن شفعتم له، أنتم يا من حضرتم المشهد ومن تدعون لهم من الناس، فهذا والله من رحمة الله -عزوجل- فمن يعلم بهذا الحديث لا يقصر أبدا في الدعاء للآخرين سواء من الأقارب أو من الأحباب أو من المسلمين أو المسلمات، الأحياء منهم والأموات؛ فإن الله -عزوجل- يكتب لهذا الداعي عن كل مسلم ومسلمة حسنة، تكون في ميزان حسناته، أسأل الله -عزوجل- أن يثقل موازيننا وموازينكم.
فضل القرآن والانشغال به
هذه مقدمة بسيطة أردت أن أقدم بها قبل حديثي الأساسي، وهو قول سفيان الثوري - رحمه الله-؛ حيث قال في آخر حياته كلمة فيها الكثير من العبر قال: «يا ليتني اقتصرت على القرآن ولم يشغلني شيء عن معانيه»، تعرفون من سفيان الثوري -رحمه الله-؟ هذا رجل من كبار محدثي هذه الأمة، رجل تنقل في البلدان، حفظ وروى والتقى مع علماء ومشايخ أخذ منهم علم الحديث، وأصبح راويا من رواة الإسلام؛ بل حتى أهل القرآن رأوا أنهم يجب أن يذهبوا إليه حتى يأخذوا من علمه! نحن نعرف أن هناك رواية بالسند عن عاصم بن أبي النجود عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنه - عاصم هو شيخ سفيان الثوري -رحمهما الله-، ومن المواقف الجميلة التي حدثت بينهما أنه جاء يومًا ودخل على مجلس سفيان ففرح به ورحب به فقال عاصم: «يا سفيان جئتنا صغيرا فعلمناك، واليوم جئتك كبيرا لتعلمني»، الكلمة نفسها رويت عن ابن تيمية -رحمه الله تعالى- قال: «ندمت على تضييع أكثر أوقاتي في غير معاني القرآن».
موقف مؤثر
ومن المواقف التي أتذكرها هنا في آخر زيارة للشيخ أبي إسحق الحويني -رحمه الله- للكويت عندما كان يسجل برنامجه الأخير بقناة المعالي، استضفته عندي في البيت مع إخوة كثر من طلبة العلم، فماذا قال؟ أخبرنا أنه يدرس الآن رواية حمزة في القرآن، يريد أن يأخذ سندًا من الشيخ المعصراوي، فتذكرت موقف عاصم مع سفيان -رحمهم الله- وكان يقول ما أريد أن أنشغل الآن عن القرآن أريد أن أركز على القرآن.
استعن بالله ولا تعجز
فيا أخي الكريم، أنت الآن ما زلت في سعة من أمرك؛ فاجمع همك وعزمك ولا تقل كَبْر بي العُمر؛ فنحن نتذكر أن من خريجي الأترجة في الفيحاء كان منهم في ذلك اليوم رجل عمره 74 و72 و68 رجال أعمارهم من فوق الـ65 عاما إلى 75 عاما؛ فلا تقل أنا كبرت ولكن انظر إلى هؤلاء الشيبان الذين عندهم الهمة يريدون أن يعوضوا ما مضى بهم من أيام وسنين، فاستعن بالله ولا تعجز.


اعداد: د. خالد سلطان السلطان





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 01-10-2024, 05:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,794
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة – الإخلاص قضية العمر



  • احذر من أن تكون أعمالك لتحصيل مرضاة الناس أو للهروب من ذمهم عليك أن تضع نصب عينيك رضا رب العالمين وهذا هو مفهوم الإخلاص
  • ينبغي للمسلم أن يهتم بأعمال القلوب وأن يعتني بها غاية العناية فالقلب عليه مدار صلاح العبد فإذا صلح صلح الجسد كله وإذا فسد فسد الجسد كله
كلمة جليلة ذكرها الإمام ابن قدامة المقدسي -عليه رحمة الله- في كتابه منهاج القاصدين، وهذا الكتاب القيم ذكر فيه ابن قدامة خلاصة ما وصل إليه في مسائل متفرقة في علوم مختلفة، وذكر في هذا الكتاب سبب هلاك كثير من الناس، حتى قال في نهاية عبارته «وهذا الذي أهلكهم فوجب معالجتة».
فما هذا المرض الذي اهتم أن يلفت الأنظار إليه ابن قدامة حتى قال فيه إنه وجب معالجته؟، يقول -رحمه الله-: «اعلم أن أكثر الناس إنما هلكوا: لخوف مذمة الناس، وحب مدحهم؛ فصارت حركاتهم كلها على ما يوافق رضى الناس؛ رجاء المدح، وخوفًا من الذم، وذلك من المهلكات فوجبت معالجته»، فمثل هذا سعى إلى مرضاة الناس ومدحهم والهروب من ذمهم؛ فأصبحت حركاته وسكناته على منظور مدح الناس وذمهم وقال: «وهذا من المهلكات التي أخبر عنها النبي - صلى الله عليه وسلم -، «فوجب معالجته».
هل هذا يرضى الله -عز وجل؟
القضية يا إخواني عندما تريد فعل أي شيء فقط ضع أمامك: هل هذا يرضى الله -عز وجل- أم لا؟ فقط نقطة وأوقف تفكيرك على هذا، هل هذا يُسخط الله -عز وجل- أم لا؟ نقطة وأوقف تفكيرك على هذا، لأنك إذا تطالع مدح الناس وذم الناس فالناس أهواء، هذا يمدح على شيء وذاك يذم على الشيء نفسه بالظبط، فإرضاء الناس غاية لا تدرك، أما إرضاء الله -عز وجل- غاية تدرك.
كيف تُدرك محبة الله -عز وجل؟
بأن أتعلم محاب الله -عز وجل- التي ذكرها في كتابه الكريم، وذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - في سنته، وأعمل بها وأجتهد عليها، ستصل إلى محاب الله -عز وجل-، فرضا الله -عز وجل- الوصول إليه سهل وليس صعبا، يبتدئ بالإسلام وأركانه، والإيمان بأركانه، والإحسان والعمل فيه وتمشي على طريق محمد - صلى الله عليه وسلم - الموصل في النهاية الى محاب الله -عز وجل-، وجعل الله -عز وجل- في النهاية الجزاء هو الجنة، قال -تعالى-: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}. ذلك الله رب العالمين جاء رجل الى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا محمد إن مدحي زينٌ، وإن ذمي شينٌ» فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ذلك الله رب العالمين» يعني ليس أنت، ليس كلامك هو الذي يرفع ويخفض، قال ابن القيم تعليقا على تلك الواقعه: «فعليك بمدح من كل الخير بمدحه، واحذر من كل الشر في ذمه» وأجمل منه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من التمس رِضا اللهِ بسخَطِ الناسِ، رضِيَ اللهُ عنه، وأرْضى عنه الناسَ، ومن التَمس رضا الناسِ بسخَطِ اللهِ، سخِط اللهُ عليه، وأسخَط عليه الناسَ» فمن أراد الناس خسر الناس وخسر الله -تعالى-، ومن أراد وجه الله -تعالى- وقدم رضاه على غيره رضي عنه وأرضى عنه الناس، فهو الذي إذا مدحك ورضى عنك سخر القلوب لك، وإذا ذمك والله ما ينفعك أحد، كم من جنازة لم يعلم بها أحد أو مشى معها قليل من الناس، ولكن الله أرسل لها جموع أهل السماوات السبع ليشيعوها، وكم من جنازة رجل في هذه الدنيا مشت وراءه جموع من الناس وما مشى معه إلا ملائكة العذاب.
احذر أن تكون من هؤلاء!
لذا فاحذر من أن تكون أعمالك لتحصيل مرضاة الناس أو للهروب من ذمهم، لكن دع تلك الأمور كلها خلفك فهي لن تنفعك أبدًا، عليك أن تنسى هذه الأمور وضع في هدفك وبوصلتك رضا رب العالمين، وهذا هو معنى الإخلاص الذي ندرسه في كتب العقيدة والتوحيد، واعلم أن تلك القضية هي القضية الأولى في حياتك ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيَّ عن بينة، وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء.
الزهد في الثناء والمدح
وأما الزهد في الثناء والمدح فيسهله عليك علمك أنه ليس أحد ينفع مدحه ويزين، ويضر ذمه ويشين إلا الله وحده»، واستدل بحديث الأعرابي الذي جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: يا محمد أعطني فإن مدحي زين وذمي شين، قال: «ذاك الله -عز وجل»، يعني هو الذي مدحه ينفع وذمه يضر، ومع الأسف أننا نغفل عن مثل هذه الأمور ونتشبث بالدنيا ومظاهرها وأهلها، فمَن منا يستحضر حديث: «فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم؟».
ذكر الله -تعالى
وعلى هذا فعلى الإنسان أن يلهج بذكر الله -جل وعلا- سواء كان خاليًا، أم في ملأ يُذَكِّرُهم بهذا الذكر ويكون له مثل أجورهم، فيذكره الله -جل وعلا- في نفسه إن ذكره في نفسه، ويذكره في ملأ من الملائكة وهم خير من الملأ الذين ذكره فيهم هذا العبد. بعض الناس لو قيل له: إن فلانًا من الوجهاء أو من الأعيان أو من الوزراء أو من الأمراء ذكرك البارحة وأثنى عليك، تجده لا يكاد يَقر له قرار من الفرح! وهذا العبد مثله لا يملك له ضرًا ولا نفعًا ولا يستطيع أن ينفعه بشيء إلا وقد كتبه الله له، ولا يستطيع أن يضره بشيء إلا بشيء قد كتبه الله عليه، فينتبه المسلم لمثل هذه الأمور، ويتعاهد نيته، والنية -كما يقول أهل العلم- شرود.
الاهتمام بأعمال القلوب
وتبعًا لهذا ينبغي للمسلم أن يهتم بأعمال القلوب، وأن يعتني بها غاية العناية، ولا شك أن القلب عليه المدار، فإذا صلح صلح الجسد كله، وإذا فسد فسد الجسد كله، كما في الحديث الصحيح: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب»، فعلينا أن نُعنى ونهتم بهذا الأمر، ونسعى في إصلاح قلوبنا بما جاء عن الله وعن رسوله - صلى الله عليه وسلم - من أدوية وعلاجات لأمراض القلوب، ونستفيد ونستعين بما كتبه أهل التحقيق من أهل العلم في هذا الباب، كابن القيم وابن رجب -رحمهما الله-، وعلينا أن نتعاهد هذه القلوب، ونقطع الطرق المؤدية إلى فسادها، فالشيطان هو قاطع الطريق في هذا المجال.
كيف نحقق الإخلاص لله -تعالى؟
الإخلاص شرط من شرائط قبول العمل الصالح الذي يبتغى به وجه الله، فإذا لم يكن العمل خالصًا له فإنه حينئذٍ لا يقبل، وإذا لم يكن صوابًا على سنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- فإنه لا يقبل، وعلى هذا فعلى كل مسلم أن يسعى جاهدًا في تصحيح نيته، وأن يخلص عمله لله -جل وعلا-، وألّا ينظر في عمله قبله ولا بعده ولا في أثنائه إلى المخلوق، وإنما ينظر إلى الخالق الذي كلفه بهذا العمل. ابن القيم -رحمه الله- في الفوائد يقول: «إذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص فأقبل على الطمع أولًا فاذبحه بسكين اليأس، وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة، فإذا استقام لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخلاص، فإن قلتَ: وما الذي يسهل علي ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح؟ قلتُ: أما ذبح الطمع فيسهله عليك علمك يقينًا أنه ليس من شيء يطمع فيه إلا وبيد الله وحده خزائنه لا يملكها غيره، ولا يؤتي العبد منها شيئًا سواه.


اعداد: د. خالد سلطان السلطان





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13-11-2024, 06:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,794
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة – طلب العلم من الجهاد في سبيل الله



بعض الناس يرون الجهاد في سبيل الله هو موضع القتال فقط ولكن الله عز وجل جعل سعي الإنسان في طلب العلم من الجهاد في سبيله أيضا
عندما نسمع كلمة «في سبيل الله» تنصرف أذهاننا إلى شيء عظيم وهو فعلا عظيم ألا وهو: (الجهاد في سبيل الله -سبحانه وتعالى-)، فالله -جل وعلا- قد فضل المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما، وأعد الله -عز وجل- لمن جاهد في سبيله الأجور الكثيرة العظيمة والفضائل الجليلة التي جعلها الله لهم في مستقر رحمته وجنته، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوحي إليه أن يبين للناس أن كلمة «في سبيل الله» أيضا لها معان واسعة لأعمال يحبها الله -عز وجل-، فلا تقتصر هذه الكلمة على صنف واحد من الأعمال وهو الجهاد في سبيل الله، ولكن أي عمل تستطيع من خلاله أن تحارب أعداء الدين، عده الشارع -سبحانه و-تعالى-- من الجهاد في سبيل الله.
وإذا أردنا أن نعرف فضل الجهاد في سبيل الله فلنقرأ هذا الحديث: مرَّ رجلٌ منْ أصحابِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بشِعبٍ فيهِ عُيَيْنةٌ من ماءٍ عذبةٌ فأعجبتْهُ لطِيبها، فقال: لو اعتزلْت الناسَ فأقمتُ في هذا الشِّعبِ ولن أفعل حتى أستأذنَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فذكَر ذلكَ لرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقال: «لا تفعلْ فإنَّ مقامَ أحدِكم في سبيل اللهِ أفضلُ منْ صلاتِهِ في بيتهِ سبعينَ عامًا، ألا تحبُّون أن يغفرَ اللهُ لكمْ، ويدخلُكم الجنةَ؟ اغزُوا في سبيلِ اللهِ، منْ قاتلَ في سبيلِ اللهِ فُواقَ ناقةٍ وجبتْ لهُ الجنةُ».
من أفضل الأعمال عند الله -تعالى
إن من أفضل الأعمال عند الله -عز وجل- الصلاة بالليل والناس نيام، وهي من أول الأعمال التي وصى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - أول ما دخل المدينة «أيُّها الناسُ أفشوا السلامَ وأطعِموا الطعامَ وصِلُوا الأرحامَ وصَلُّوا بالليلِ والناسُ نيامٌ تدخلوا الجنةَ بسلامٍ».
أعمال يتهاون فيها الناس
ومن الأعمال الجليلة التي يتهاون فيها بعض الناس: مقام الجلوس لطلب العلم، مثل: حضور حلقة من حلقات العلم، وتفسير كتاب الله، وسماع أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، وغيرها من العلوم الشرعية، يقول الشيخ عبدالرحمن السعدي -رحمه الله-: «مجلس علم تجلسه، خير لك من الدنيا وما فيها، وفائدة تستفيدها وتنتفع بها لا شيء يزنها ويساويها»، فضلا عن أن هذا المجلس يعد من الجهاد في سبيل الله، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما من خارجٍ خرج من بيتِه في طلبِ العلمِ، إلا وَضعت له الملائكةُ أجنحتَها رضًا بما يصنعُ، حتى يَرجعَ».
سعي الإنسان في طلب العلم
بعض الناس يرون الجهاد في سبيل الله هو موضع القتال فقط، ولكن الله -عز وجل- جعل سعي الإنسان في طلب العلم من الجهاد في سبيله، فمجرد خاطرة أو كلمة إذا احتسبناها فهي في سبيل الله، فبهذا الوعي نحن نجاهد المشركين والمنافقين والمعرضين والمبتدعين وأصحاب الأهواء، فنرد على شبهاتهم فإذا لم نطلب العلم لا يوجد معنا سلاح، ولذلك الله -عز وجل- أول ما أوحى إلى نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - (اقرأ) قال أهل العلم: تعلَّم حتى تكون متحصنا بالسلاح، وقال -تعالى-: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} وقال الله -تعالى-:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِي نَ وَالْمُؤْمِنَات ِ}، فجعل العلم قبل القول والعمل وهكذا بوب هذا الباب الإمام البخاري، فمجالس العلم ولو كانت قليلة أو بسيطة لا تستهن بشيء ولو كان بسيطا.
قصة واقعية
أذكر أنه كان في يوم من الأيام عندنا لقاء مع الشيخ عثمان الخميس منذ سنوات عدة، وكان الموضوع عن الصلاة، وأحكامها وما إلى ذلك، فقلت لشاب أن يحضر معي اللقاء ودعوته إليه، فسأل عن الموضوع، فقلت له الموضوع عن «الصلاة» فقال نحن طلبة شريعة وما إلى ذلك واستبسط الموضوع، فقلت تعال تحفنا الملائكة ونأخذ أجر مجلس علم فرفض وقال: إنه يريد أن يتابع بعض أعماله. ومرت السنون وقدر الله أن أقابله في مسجدي بعد خطبة الجمعة وبعد الصلاة جاء سلم علي، وجلس وجاء أحد الإخوة المصلين وقال والله يا شيخ عندي سؤال في الصلاة، فقلت له أبشر عندنا هنا متخصص وهو خريج كلية الشريعة، تفضل فوالله يا إخوة سأل سؤالا بسيطا لا أذكر السؤال ولكن أذكر أنه سؤال بسيط، فقلت يجاوبك الشيخ فقال: تفضل يا شيخ أنت جاوبه فجاوبت الرجل وذهب فسألته لم لم تجاوب الرجل؟ السؤال سهل! فقال والله نسيت، فقلت له أنت تدري لماذا نسيت؟ لأنك لم تدرك أن العلم ينسى إن لم تتعهده بالمدارسة ومجالس العلم، وإلا فالمعلومة صيد تقيد بالكتابة والقراءة والمراجعة، وذكرته بالموقف السابق مع درس الشيخ عثمان الخميس عن الصلاة، فلا تحتقر المعلومة أيا ما كانت فيتحقق لك مقام طالب العلم في سبيل الله أفضل عند الله من صلاة رجل ستين عاما خاليا.
فضل طلب العلم
يكفي شرفًا لأهل العلم أن الله -عز وجل- استشْهَدهم على ما شَهِدَ به هو -تبارك و-تعالى--، قال -عز وجل-: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَة ُ وَأُولُو الْعِلْمِ} (آل عمران: 18)، الملائكة شهدوا وأولو العلم أيضًا شهدوا ألا إله إلا الله.
العلماء هم ورثة الأنبياء، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وإن العُلَماءَ ورثةُ الأنبياءِ، إن الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورَّثوا العلمَ، فمَن أخذَهُ أخذَ بحظٍّ وافرٍ»، الأنبياء لم يتركوا لنا مالًا أو جواهرَ، أو ذهبًا أو فضة، وإنما تركوا لنا العلم، الذي عنده العلم قد أخذ أوفر الحظوظ، فلا شيء في الدنيا أشرف من العلم، لذلك أمر الله -عز وجل- نبيَّه أن يستزيدَه من العلم، قال -تعالى-: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (طه: 114)، قال العلماء: لو كان شيء أشرف من العلم، لأمرَ اللهُ نبيَّه أن يستزيده منه كما أمره أن يستزيده من العلم.
العلم نور يهدي الله به من يشاء في هذه الدنيا، قال -تعالى-: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى} (الرعد: 19)، «الناس في الدنيا صنفان، إما شخص لديه علم ونور يهتدي به، وإما أعمى لا يرى.
رفع الله -عز وجل- قدر أهل العلم لا لحسبٍ ولا لجاه ولا لمال، وإنما بسبب العلم: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (المجادلة: 11)، قال - صلى الله عليه وسلم -: «مَن سلَكَ طريقًا يلتَمِسُ فيهِ علمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طريقًا إلى الجنَّةِ»، وسلوك الطريق المقصود به الطريق الحسي الطريق الذي يسير عليه الإنسان، الطريق الحسي الذي تقرعه الأقدام، ويسير فيه الإنسان، لكي يتعلم، ويذهب إلى مكان العلم، ومنه أيضًا الرحلة لطلب العلم، فجابر بن عبدالله - رضي الله عنه - أحد صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأنصار سافر شهرًا كاملًا في طلب حديث واحد.
أجر العلم لا ينقطع حتى بعد موت الإنسان، قال - صلى الله عليه وسلم -: «إذا مات الإنسان انقطع عنه عملُه إلا من ثلاثةٍ: إلا من صدقةٍ جاريةٍ أو علمٍ ينتفعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له».
يكفي في فضل العلم أنه علامة على إرادة الله -عز وجل- الخير، قال - صلى الله عليه وسلم -: «من يُرِدِ اللهُ به خيرًا، يُفقِّهْه في الدِّينِ»، يعني كما أن الله -عز وجل- يشرح صدر الإنسان لطلب العلم ويصبره على الطلب، ويأتي ويبذل ويذاكر ويجتهد، هذا من علامة إرادة الله -عز وجل- الخير بهذا العبد، لا يمر عليه يوم في حياته إلا ويتعلم مسألة ويفهم مسألة، ويزداد علمًا، لذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - كانَ يقولُ إذا صلَّى الصُّبحَ حينَ يسلِّمُ: «اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ عِلمًا نافعًا، ورزقًا طيِّبًا، وعملًا متقبَّلًا»، وقوله: «من يرد الله به خيرًا، يفقهه في الدين»، هذا يدخل فيه جانبان، فقه العقائد: العقيدة التوحيد، أصول الإيمان، وفقه الأحكام والشرائع: تعلُّم الحلال والحرام، وأمور الدين، يتعلم ذلك من الكتاب والسنة.


اعداد: د. خالد سلطان السلطان
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 26-01-2025, 08:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,794
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة {فَـلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَـا}


  • الحياة الدنيا لا تدوم على حال ولا تصفو لأحد تمام الصفاء وقد رُكبت على التقلب والتغير ما بين قبض وبسط وسعة وضيق وفرح وحزن
قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ}، قال العلامة السعدي -رحمه الله- في تفسير هذه الآية: يقول -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ} بالبعث والجزاء على الأعمال، {حَقٌّ} أي: لا شك فيه، ولا مرية، ولا تردد، وقد دلت على ذلك الأدلة السمعية والبراهين العقلية، فإذا كان وعده حقا، فتهيئوا له، وبادروا أوقاتكم الشريفة بالأعمال الصالحة، ولا يقطعكم عن ذلك قاطع، {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} بلذاتها وشهواتها ومطالبها النفسية، فتلهيكم عما خلقتم له، {وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}.
وكما أنَّ الله -عزوجل- وعد وعودًا دنيوية تحققت، فهناك أيضًا وعود أخروية ستتحقق، وهي ما جاءت به الإخبار عن الغيب الذي لا يعلمه إلا الله -تعالى-، ولقد وصف النبي -صلى الله عليه وسلم - الدنيا فقال: «الدُّنيا حُلوةٌ خضِرةٌ، وإنَّ اللهَ مُستخلِفَكم فيها؛ فناظرٌ كيف تعملون»، فالدنيا تأخذ القلب بزينتها وشهواتها من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا، فكل هذه النعم قد يتعلق بها الإنسان تعلقا يفوق تعلقه بالآخرة؛ لذا يقول الله -عزوجل- {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}.
الحياة لا تدوم لأحد
إنَّ طبيعة الحياة الدنيا أنها لا تدوم على حال، ولا تصفو لأحد تمام الصفاء، وقد ركبت على التقلب والتغير، ما بين قبض وبسط، ولقاء وفراق، وسعة وضيق، وفرح وحزن، وضحك وبكاء، وعافية وبلاء؛ لذلك قال الله -تعالى-: {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}، ثم قال الله -عزوجل- {لا يغرنكم بالله الغرور} أي لايمنيك أصحاب الأماني فيصدونك عن حقيقة هذه الحياة «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون».
{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ}
ثم قال الله -تعالى-: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (فاطر: 6)، قال الشيخ السعدي -رحمه الله-: الشيطان الذي هو عدوكم في الحقيقة لتكن منكم عداوته على بال، ولا تهملوا محاربته كل وقت؛ فإنه يراكم وأنتم لا ترونه، وهو دائمًا لكم بالمرصاد.
{إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}، هذا غايته ومقصوده ممن تبعه، أن يهان غاية الإهانة بالعذاب الشديد، إن شئت فانظر الى السابقين من الأمم السابقة بل من أجدادنا وأهلينا أين ذهبوا؟ بل كل يوم نحن نودع من يرحلون عنا إلى أين يذهبون؟ وكثير من الناس الذين يرحلون عنا؟! لذا فالوعد حق، والموت حق، والرحيل للدار الآخرة حق، فلا ننسى ذلك الوعد، كن مغتربا؛ لذلك يعجبني حال كثير من المغتربين، تراهم يتبسطون في أمورهم؛ لأنهم يوقنون بالعودة إلى بلادهم، فكذلك نحتاج أن نكون مع الآخرة أن نوقن بعودتنا لها وأن نعمل لذلك.
{ولا تنس نصيبك من الدنيا}
نحن لا ندعو إلى ترك الدنيا بالكلية فليس هذا أمر الله ، قال -سبحانه-: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ}، قال الشيخ السعدي -رحمه الله- : أي قد حصل عندك من وسائل الآخرة ما ليس عند غيرك من الأموال، فابتغ بها ما عند اللّه، وتصدق ولا تقتصر على مجرد نيل الشهوات، وتحصيل اللذات، {وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}، أي: لا نأمرك أن تتصدق بجميع مالك وتبقى ضائعًا، بل أنفق لآخرتك، واستمتع بدنياك استمتاعًا لا يثلم دينك، ولا يضر بآخرتك، {وَأَحْسَنُ} إلى عباد اللّه {كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} بهذه الأموال.
كن في الدنيا كأنك غريب
عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: أخذ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بمنكِبي، فقال: «كُنْ في الدُّنيا كأنَّك غريبٌ أو كعابرِ سبيلٍ»، وكان ابنُ عمرَ - رضي الله عنه - يقولُ: إذا أصبحتَ فلا تنتظِرِ المساءَ، وإذا أمسيْتَ فلا تنتظِرِ الصَّباحَ، وخُذْ من صِحَّتِك لمرضِك، وفي حياتِك لموتِك.
وكان عبدالله ابن مسعود - رضي الله عنه - يقول: «اللَّهُمّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيمَانًا لاَ يَرْتَدُّ، وَنَعِيمًا لاَ يَنْفَدُ، وَمُرَافَقَةَ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم - فِي أَعْلَى جَنَّةِ الْخُلْدِ»، هذا الدعاء من الأدعية. العظيمة؛ لاشتماله على أعظم المقاصد، وأرجى المطالب، وأعلى الأماني في الدنيا والآخرة، في مرافقة سيد الأولين والآخرين في أعلى جنات النعيم، ولا شك أن هذا أعظم وأعلى المنازل؛ ولهذا كان - صلى الله عليه وسلم - يلازم هذا الدعاء في خير الأعمال، وأفضلها، ألا وهي الصلاة، فقد كان -صلى الله عليه وسلم - يقول: «قد صليت منذ كذا وكذا، ما صليت فريضة ولا تطوعًا إلا دعوت اللَّه به في دبر كل صلاة»، ويقول -صلى الله عليه وسلم -: «إنه من دعائي الذي لا أكاد أن أدع»، أي هذا الدعاء، وهذا يدل على كمال همّته، وشدّة حرصه لمطلوبه، وسبب هذا الدعاء، أن رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم - دخل المسجد وهو مع أبي بكر وعمر، وإذا ابن مسعود يصلي، وإذا هو يقرأ (النساء)، فانتهى إلى رأس المائة، فجعل ابن مسعود يدعو وهو قائم يصلي، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم - «اسأل تعطه، اسأل تعطه».
حقيقة الحياة الدنيا
قال الله -تعالى-: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (الأنعام: 32)، قال ابن كثير: «أي إنما غالبها كذلك»، وقال -تعالى-: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (العنكبوت: 64)، قال ابن كثير: «يقول -تعالى- مخبراً عن حقارة الدنيا وزوالها وانقضائها، وأنها لا دوام لها، وغاية ما فيها لهو ولعب {وإن الدار الآخرة لهي الحيوان} أي الحياة الدائمة الحق التي لا زوال لها ولا انقضاء بل هي مستمرة أبد الآباد»، وقال -تعالى-: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ} (الرعد: 26)، وقال -تعالى-: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} (طه:131)، قال ابن كثير: «يقول -تعالى- لنبيه محمد -[-: لا تنظر إلى ما هؤلاء المترفون وأشباههم ونظراؤهم فيه من النعيم، فإنما هو زهرة زائلة، ونعمة حائلة لنختبرهم بذلك وقليل من عبادي الشكور، وقال مجاهد (أزواجاً منهم) يعني الأغنياء، فقد آتاك خيراً مما آتاهم، وعن جابر - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرّ بالسوق داخلاً من بعض العالية والناس كنفته فمرَّ بجدي أسكَّ ميِّتٍ، فتناوله بأذنه ثم قال: «أيّكم يحب أن هذا له بدرهم؟»، فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ قال: «أتحبون أنه لكم؟»، قالوا: والله لو كان حيَّاً لكان عيباً فيه، لأنه أسكَّ، فكيف وهو ميِّتٍ؟! فقال: «والله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم».


اعداد: د. خالد سلطان السلطان




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 04-06-2025, 11:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,794
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة .. فضل ذكر الله -عزوجل-


  • قال ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع في قوله: «فاذكروني أذكركم» إن الله ذاكرُ من ذكره وزَائدُ من شكره ومعذِّبُ من كفَره
إخواني، لو قيل لأحد من الناس: هل يعجبك أن يذكر اسمك عند علية القوم وأكابر الناس؟ بالتأكيد كلنا يحب ذلك، لكن هناك أمر أعظم في نفوس المؤمنين، فعن النعمان بن بشير - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ مما تذكرون من جلالِ الله: التَّسبيحَ والتهليلَ والتحميدَ، ينعطِفْنَ حولَ العرشِ، لهن دويٍّ كدويِّ النحلِ، تُذَكِّرُ بصاحبها، أما يحبُّ أحدُكم أن يكونَ له -أو لا يزالُ له- من يُذكِّرُ به».
في هذا الحديث يخبر النعمان بن بشير -رضي الله عنهما-، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن مما تذكرون من جلال الله»، أي: تعظيمه «التسبيح»، وهو قول: «سبحان الله»، وما شابه ذلك، «والتهليل» وهو قول: «لا إله إلا الله»، «والتحميد» وهو قول: «الحمد لله»، «ينعطفن حول العرش»، أي: هؤلاء الكلمات والجمل الأربع يمِلن ويدرن حوله، والمراد طوافهن حول العرش، «ولهن دويّ كدويّ النحل»، أي: صوت يشبه صوت النحل؛ من كثرة تكرار هذه الكلمات وترديدها، «تذكر بصاحبها»، أي: تذكر أن قائلها فلان، في المقام الأعلى، وفي هذا أعظم حض على الذكر بهذه الألفاظ، «أما يحب أحدكم أن يكون له - أو لا يزال له - من يذكر به»، أي: عند الله وحول عرشه.
وهذا من الحث على الإكثار من هذا الذكر؛ فالتسبيح: تنزيه لله عن كل ما لا يليق به، والتحميد: إثبات لأنواع الكمال لله في أسمائه وصفاته وأفعاله، والتهليل: إخلاص وتوحيد لله وبراءة من الشرك، والتكبير: إثبات لعظمة الله، وأنه لا شيء أكبر منه؛ فاشتملت هذه الجمل على جملة أنواع الذكر من التنزيه والتحميد والتوحيد والتمجيد، ودلالتها على جميع المطالب الإلهية إجمالًا. ولهذه الكلمات فضائل عظيمة أخرى، ومن ذلك: أنهن مكفرات للذنوب، وأنهن غرس الجنة تُغرس لقائلها.
قال -تعالى-: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} (البقرة:152) قال ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: «فاذكروني أذكركم»، إن الله ذاكرُ من ذكره، وزَائدُ من شكره، ومعذِّبُ من كفَره، وقال السدّي: « اذكروني أذكركم» قال: ليس من عبد يَذكر الله إلا ذكره الله.
وسئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: كيف يكون ذكر الله للعبد؟ فقال: يثني عليه -سبحانه وتعالى-في الملأ الأعلى، «من ذكرني في ملأٍ ذكرتهُ في ملأٍ خير منهم» فالله - جلّ وعلا- يذكر من ذكرهُ في عبادتهِ؛ لأن ذكر الله يكون في الثناء على الله وبالتسبيحِ والتهليلِ والتكبيرِ وغير ذلك، ويكون أيضاً بسائر الطاعات من صلاةٍ وصيامٍ وغير ذلك من العبادات؛ فهي ذكرٌ لله -سبحانه وتعالى -فمن ذكر الله ذكرهُ الله؛ لأن الجزاء من جنس العمل {هَل جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}.



اعداد: د. خالد سلطان السلطان

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 163.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 157.78 كيلو بايت... تم توفير 5.89 كيلو بايت...بمعدل (3.60%)]