|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() ![]() سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 12: سيرة أمّ المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق (ت: 57هـ) اسمها ونسبها وكنيتها هي عائشة بنت أبي بكر عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر القرشية التيمية رضي الله عنها وأرضاها. وقد تقدّم الكلام على نسب أبيها رضي الله عنهما. وأمّا كنية عائشة فهي أمّ عبد الله، كما كناها النبي صلى الله عليه وسلم. - قال معمر بن راشد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن عائشة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: (كل نسائك لها كنية غيري! فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اكتني بأم عبد الله)). فكان يقال لها "أم عبد الله" حتى ماتت ولم تلد قط). رواه أبو نعيم في معرفة الصحابة. - وقال أبو معاوية الضرير، عن هشام بن عروة، عن عباد بن حمزة عن عائشة قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقلت: (يا رسول الله! كنيت نساءك فاكنني). قال: (( اكتني بابن أختك عبد الله )). رواه ابن سعد. - وقال أنس بن عياض الليثي، عن هشام بن عروة، عن عبّاد بن حمزة أنَّ عائشة قالت: يا نبي الله ألا تكنيني؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اكتني بابنك عبد الله بن الزبير)). فكانت تكنى بأم عبد الله. رواه ابن سعد. أسرتها أبوها أفضل الأمّة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وقدّ تقدّمت سيرته ولله الحمد. وأمّها أمّ رَوْمان الكنانية، واختلف في اسمها؛ فقيل: زينب، وقيل: دعد. - قال مصعب بن عبد الله الزبيري في "نسب قريش": (أمّ رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن عتاب بن أذينة بن سبيع بن دهمان بن الحارث بن غنم بن مالك بن كنانة). والخلاف في تسمية آبائها كثير، وقول مصعب الزبيري فيه نظر لأنه ثبت في الصحيحين في خبر أضياف أبي بكر الصديق رضي الله عنه وعنها أنه قال لها: (يا أخت بني فراس ما هذا؟). وفراس أخو الحارث وهما ابنا غنم بن مالك بن كنانة؛ فإما أن تكون من بني فراس بن غنم، وإما أن يكون أبو بكر نسبها إلى أشهر الأخوين. - قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: (تقدَّم أنَّ أمَّ رَومان من ذرية الحارث بن غنم وهو أخو فراس بن غنم فلعلَّ أبا بكر نسبها إلى بني فراس لكونهم أشهر من بني الحارث، ويقع في النسب كثير من ذلك، وينسبون أحياناً إلى أخي جدّهم أو المعنى يا أخت القوم المنتسبين إلى بني فراس، ولا شك أنَّ الحارث أخو فراس؛ فأولاد كلّ منهما إخوة للآخرين لكونهم في درجتهم، وحكى عياض أنَّه قيل في أمّ رومان: إنها من بني فراس بن غنم لا من بني الحارث، وعلى هذا فلا حاجة إلى هذا التأويل). - وقال أبو عمر ابن عبد البر: (والخلاف من أبيها إلى كنانة كثير جداً، وأجمعوا أنها من بني غنم بن مالك بن كنانة). - وقال الواقديّ: (كانت أمّ رومان الكنانية تحت عبد اللَّه بن الحارث بن سخبرة بن جرثومة الأزديّ، وكان قد قدم مكة فحالف أبا بكر قبل الإسلام، وتوفي عن أمّ رومان بعد أن ولدت له الطّفيل، ثم خلف عليها أبو بكر). وقد اختلف في وفاة أمّ رومان على أقوال أقربهما قولان: أحدهما: أنها ماتت سنة تسع للهجرة، ويُروى حديث فيه مقال في شهود النبي صلى الله عليه وسلم دفنها. - قال حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن القاسم بن محمد، قال: لما دُلّيَت أم رَومان في قبرها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من سرَّه أن ينظر إلى امرأة من الحور العين فلينظر إلى أمّ رومان)). رواه ابن سعد في الطبقات، وأبو نعيم في معرفة الصحابة. وهذا حديث مرسل، وعليّ بن زيد بن جدعان ضعيف الحديث. والآخر: أنها ماتت في خلافة عثمان. وقد رجّح البخاري بقاءها بعد النبي صلى الله عليه وسلم بزمن، واحتجّ برواية مسروق عنها، ومسروق إنما قدم المدينة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. - قال أبو وائل شقيق بن سلمة: حدثني مسروق بن الأجدع قال: حدّثتني أمّ رومان وهي أمّ عائشة رضي الله عنهما قالت: بينا أنا قاعدة أنا وعائشة إذ ولجت امرأة من الأنصار فقالت: فعل الله بفلان وفعل...) فذكرت حديث الإفك. وهو في صحيح البخاري وغيره. ولعائشة من الإخوة: 1: عبد الرحمن، وهو شقيقها وأكبر أولاد أبي بكر، أسلم بعد الهجرة. 2: وعبد الله، وأمّه قُتيلة بنت عبد العزى ، أصيب بسهم يوم الطائف فمرض منه حتى مات بالمدينة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان له ولد ثم انقرض عقبه. 3: ومحمد، وأمّه أسماء بنت عميس، ولدت به في حجّة الوداع، ونشأ في حجر عليّ بن أبي طالب، وفي خلافة عليّ ولها من الأخوات: 1: أسماء، وهي أكبر بنات أبي بكر، وأمّها قُتيلة، وهي شقيقة عبد الله، وقد تزوجها الزبير بن العوام وأنجبت له: عبد الله، والمنذر، وعروة. 2: وأمّ كلثوم، وأمّها حبيبة بنت خارجة بن زيد الخزرجية، وُلدت بعد موت أبيها، وتزوّجها طلحة بن عبيد الله، وأنجبت له: زكريا وعائشة. ثم خلف عليها عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي، فولدت له: عثمان، وإبراهيم، وموسى. ولعائشة أخ من أمّها أسنّ منها هو الطفيل بن عبد الله بن الحارث بن سخبرة الأزدي. مولدها ونشأتها وُلدت عائشة رضي الله عنها قبل الهجرة بنحو ثمان سنين، وذلك بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بنحو خمس سنين؛ فقد صحّ في صحيح مسلم وغيره من طريق معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة، ومن طريق أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم النخعي عن الأسود بن يزيد عن عائشة، أنها كانت بنت ثمان عشرة حين مات النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان موت النبي صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول من العام الحادي عشر بعد الهجرة. - قال الحافظ ابن حجر في الإصابة: (ولدت بعد المبعث بأربع سنين أو خمس، فقد ثبت في الصّحيح أنّ النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم تزوجها وهي بنت ست، وقيل سبع، ويجمع بأنها كانت أكملت السّادسة ودخلت في السّابعة). وقد نشأت عائشة رضي الله عنها بمكة في كنف أبويها وهما مسلمان، وشهدَت ما لقيا من أذى مشركي قريش، وعرَفَتْ قوة الصحبة بين النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق رضي الله عنه. - قال الليث بن سعد، عن عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عروة بن الزبير، أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (لم أعقل أبويَّ إلا وهما يدينان الدين، ولم يمرّ علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار بكرة وعشية، ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجداً بفناء داره، فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن، فيقف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون منه وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلاً بكاء، لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن؛ فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين). رواه البخاري من هذا الطريق، ورواه عبد الرزاق، وأحمد، وإسحاق بن راهويه من طريق معمر عن الزهري عن عروة بنحوه. إسلامها وهجرتها وُلدت عائشة رضي الله عنها مسلمة، ولم تعقل أبويها إلا وهما على الإسلام، وهاجرت مع بنات النبي صلى الله عليه وسلم وآل أبي بكر بصحبة طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه على المشهور في كتب السير. - قال محمد بن عمر الواقدي: حدثنا موسى بن محمد بن عبد الرحمن، عن ريطة، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة أنها سُئلت: متى بنى بك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة خلَّفنا وخلَّف بناته؛ فلما قدم المدينة بعث إلينا زيد بن حارثة، وبعث معه أبا رافع مولاه، وأعطاهما بعيرين وخمسمائة درهم أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي بكر، يشتريان بها ما يحتاجان إليه من الظهر، وبعث أبو بكر معهما عبد الله بن أريقط الديلي ببعيرين أو ثلاثة، وكتب إلى عبد الله بن أبي بكر يأمره أن يحمل أهله أمي أمّ رومان وأنا وأختي أسماء امرأة الزبير، فخرجوا مصطحبين؛ فلما انتهوا إلى قديد اشترى زيد بن حارثة بتلك الخمسمائة ثلاثة أبعرة، ثم رحلوا من مكة جميعاً؛ وصادفوا طلحة بن عبيد الله يريد الهجرة بآل أبي بكر، فخرجنا جميعاً وخرج زيد بن حارثة وأبو رافع بفاطمة وأمّ كلثوم وسودة بنت زمعة، وحمل زيد أم أيمن وأسامة بن زيد، وخرج عبد الله بن أبي بكر بأمّ رومان وأختيه، وخرج طلحة بن عبيد الله، واصطحبنا جميعا حتى إذا كنّا بالبيض من مِنَى نفر بعيري وأنا في مَحَفَّة معي فيها أمي، فجعلت أمي تقول: وابنتاه! واعروساه! حتى أُدرك بعيرنا وقد هبط من لفت؛ فسلَّم الله عز وجل، ثم إنا قدمنا المدينة فنزلتُ مع عيال أبي بكر، ونزل آل رسول الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ يبني المسجد وأبياتاً حول المسجد، فأنزل فيها أهله، ومكثنا أياماً في منزل أبي بكر). رواه ابن سعد في الطبقات، والحاكم في المستدرك. - وقال الزبير بن بكار الأسدي: حدثني محمد بن الحسن بن زبالة المخزومي، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: (لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم خلَّفنا وخلَّف بناته، فلما استقر بالمدينة بعث زيد بن حارثة، وبعث معه أبا رافع مولاه، وأعطاهما بعيرين وخمسمائة درهم أخذها من أبي بكر يشتريان بها ما يحتاجان إليه من الظهر، وبعث أبو بكر معهما عبد الله بن أريقط الدؤلي ببعيرين أو ثلاثة، وكتب إلى عبد الله بن أبي بكر أن يحمل أهله أمَّ أبي بكر وأمَّ رومان وأنا وأخي وأسماء امرأة الزبير، فخرجوا مصحبين حتى انتهوا إلى قديد اشترى زيد بن حارثة بتلك الخمسمائة درهم ثلاثة أبعرة، ثم دخلوا مكة جميعاً، فصادفوا طلحة بن عبيد الله يريد الهجرة، فخرجنا جميعاً، وخرج زيد وأبو رافع بفاطمة وأم كلثوم وسودة بنت زمعة، وحمل زيدٌ أمَّ أيمن وولدها أيمن، وأسامة، واصطحبنا حتى إذا كنا بالبيض من نمر نفر بعيري وأنا في محفة معي فيها أمي، فجعلت أمي تقول: وابنتاه واعروساه، حتى إذا أُدرك بعيرنا وقد هبط من الثنية ثنية هرشا فسلّم الله، ثم إنا قدمنا المدينة، فنزلت مع عيال أبي بكر، ونزل آل النبي صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ يبني المسجد وأبياتاً حول المسجد، فأنزل فيها أهله). رواه الطبراني في المعجم الكبير، وابن زبالة أخباري متروك الحديث من بابة الواقدي. - وقال خليفة بن خياط: حدثنا بكر بن سليمان عن ابن إسحاق، ووهب بن جرير، عن أبيه، عن ابن إسحاق، قال: «نزل أبو بكر على حبيب بن إساف أخي بلحارث بن الخزرج بالسنح» ، ويقال: «بل نزل على خارجة بن زيد بن أبي زهير أخي بني الحارث بن الخزرج». رواه الطبراني في المعجم الكبير. - وقال محمد بن عمر الواقدي، عن موسى بن يعقوب قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير قال: «نزل أبو بكر على خارجة بن زيد بن أبي زهير وتزوج ابنته، ولم يزل في بني الحارث بن الخزرج بالسنح حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم». رواه ابن سعد في الطبقات. والسُّنح أصلها جمع سانح، مثل بازل وبُزل، وهي هنا اسم موضع في عوالي المدينة. - قال ياقوت الحموي: (وهي منازل بني الحارث بن الخزرج بعوالي المدينة، وبينها وبين منزل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ميل). وقولها: ( حتى إذا كنا بالبيض من مِنَى) لا أعرف موضعاً في مِنَى ولا ما حولها يُسمَّى "البيض" إلا أن يكون المراد بالبيض أعلام الحَرم؛ فقد كانت من حجارة بيضاء اللون، وتُجمع على بيض. وفسّره بعض المتأخرين بما ذكره ياقوت الحموي في معجم البلدان بقوله: (بيض أيضاً من منازل بني كنانة بالحجاز، قال بديل بن عبد مناة الخزاعي يخاطب بني كنانة: ونحن منعنا بين بيض وعتود ... إلى خيف رضوى من مجرّ القبائل ونحن صبحنا بالتلاعة داركم ... بأسيافنا، يسبقن لوم العواذل). وفي هذا التعيين نظر؛ لبعد موضعه جداً عن منى. زواج النبي صلى الله عليه وسلم بها تزوّج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة في شوّال بعد السنة العاشرة من البعثة، وذلك قبل الهجرة بسنتين أو ثلاث سنين، وهي بنت ستّ سنين، ودخل بها بعد الهجرة إلى المدينة في شوال في السنة الأولى أو الثانية من الهجرة، وقد بلغت تسع سنين. - قال هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أريتك في المنام ثلاث ليال! جاءني بك الملك في سرقة من حرير، فيقول: هذه امرأتك، فأكشف عن وجهك فإذا أنت هي، فأقول: إن يكُ هذا من عند الله يُمضه)). رواه البخاري ومسلم، وقد رواه عن هشام جماعة من الأئمة منهم: وهيب بن خالد، وحماد بن زيد، وأبو أسامة الكوفي، وأبو معاوية، ورواياتهم في الصحيحين وغيرهما بألفاظ متقاربة. - وقال محمد بن بشر العبدي: حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، قالا: لما هلكت خديجة جاءت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون، قالت: يا رسول الله ألا تزوج؟ قال: ((من؟)). قالت: إن شئت بكراً، وإن شئت ثيباً؟ قال: ((فمن البكر؟)). قالت: ابنة أحبّ خلق الله عز وجل إليك عائشة بنت أبي بكر. قال: ((ومن الثيب؟)). قالت: سودة بنت زمعة، آمنت بك، واتبعتك على ما تقول. قال: ((فاذهبي فاذكريهما عليَّ)). فدخلت بيت أبي بكر، فقالت: يا أمَّ رومان! ماذا أدخل الله عز وجل عليكم من الخير والبركة؟ قالت: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة. قالت: انتظري أبا بكر حتى يأتي، فجاء أبو بكر، فقالت: يا أبا بكر ماذا أدخل الله عز وجل عليكم من الخير والبركة؟ قال: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة، قال: وهل تصلح له؟ إنما هي ابنة أخيه، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له. قال: " ارجعي إليه فقولي له: ((أنا أخوك وأنت أخي في الإسلام، وابنتك تصلح لي)). فرجعت فذكرت ذلك له، قال: انتظري وخرج. قالت أم رومان: إنَّ مطعم بن عدي قد كان ذكرها على ابنه، فوالله ما وعد وعداً قط فأخلفه لأبي بكر، فدخل أبو بكر على مطعم بن عدي وعنده امرأته أمّ الفتى، فقالت: يا ابن أبي قحافة! لعلك مصبئ صاحبنا مدخله في دينك الذي أنت عليه إنْ تزوّج إليك. قال أبو بكر للمطعم بن عدي: أَقَوْل هذه تقول. قال: إنها تقول ذلك. فخرج من عنده، وقد أذهب الله عز وجل ما كان في نفسه من عدته التي وعده فرجع، فقال لخولة: ادعي لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعته فزوّجها إيّاه وعائشة يومئذ بنت ست سنين، ثم خرجت فدخلت على سودة بنت زمعة. فقالت: ماذا أدخل الله عز وجل عليك من الخير والبركة؟ قالت: ما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطبك عليه. قالت: وددت، ادخلي إلى أبي فاذكري ذاك له، وكان شيخاً كبيراً قد أدركته السنّ، قد تخلّف عن الحج، فدخلت عليه، فحيته بتحية الجاهلية؛ فقال: من هذه؟ فقالت: خولة بنت حكيم. قال: فما شأنك؟ قالت: أرسلني محمد بن عبد الله أخطب عليه سودة. قال: كفء كريم، ماذا تقول صاحبتك؟ قالت: تحبّ ذاك. قال: ادعها لي؛ فدعتها؛ فقال: أي بنية إنَّ هذه تزعم أنَّ محمد بن عبد الله بن عبد المطلب قد أرسل يخطبك، وهو كفء كريم، أتحبين أن أزوجك به؟ قالت: نعم. قال: ادعيه لي، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه فزوجها إياه، فجاءها أخوها عبد بن زمعة من الحج، فجعل يحثي على رأسه التراب! فقال بعد أن أسلم: لعمرك إني لسفيه يوم أحثي في رأسي التراب أن تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة. قالت عائشة: (فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحارث من الخزرج في السنح). قالت: (فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل بيتنا واجتمع إليه رجال من الأنصار، ونساء فجاءت بي أمي وإني لفي أرجوحة بين عذقين ترجح بي، فأنزلتني من الأرجوحة، ولي جُميمة ففرقتها، ومسحت وجهي بشيء من ماء، ثم أقبلت تقودني حتى وقفت بي عند الباب، وإني لأنهَجُ حتى سَكَنَ من نَفَسي، ثم دخلتْ بي فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ على سرير في بيتنا، وعنده رجال ونساء من الأنصار، فأجلستني في حجره، ثم قالت: هؤلاء أهلك فبارك الله لك فيهم، وبارك لهم فيك. فوثب الرجال والنساء، فخرجوا وبنى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا، ما نُحرت عليَّ جزور، ولا ذبحت عليَّ شاة، حتى أرسل إلينا سعد بن عبادة بجفنة كان يرسل بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا دار إلى نسائه وأنا يومئذ بنت تسع سنين). رواه أحمد. - وقال عبد الله بن نمير، عن الأجلح [بن عبد الله الكندي] عن عبد الله بن أبي مليكة قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة إلى أبي بكر الصديق؛ فقال: يا رسول الله! إني كنت أعطيتها مُطعماً لابنه جبير فدعني حتى أسلَّها منهم؛ فاستسلّها منهم فطلّقها فتزوَّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه ابن سعد. - وقال عبد الله بن عمر بن أبان: حدّثنا أبو أسامة، عن الأجلح، عن ابن أبي مليكة، قال: «خطب النبي صلى الله عليه وسلم عائشة إلى أبي بكر وكان أبو بكر قد زوجها جبير بن مطعم فخلعها منه، فزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي ابنة ست سنين، تركها ثلاث سنين، ثم بنى بها وهي بنت تسع سنين». رواه الطبراني في المعجم الكبير. - وقال هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «تزوَّجني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا بنت ست سنين، فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحارث بن خزرج، فوعكت فتمرق شعري، فوفى جميمة فأتتني أمي أم رومان، وإني لفي أرجوحة، ومعي صواحب لي، فصرخت بي فأتيتها، لا أدري ما تريد بي فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار، وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي، ثم أخذت شيئاً من ماء فمسحت به وجهي ورأسي، ثم أدخلتني الدار، فإذا نسوة من الأنصار في البيت، فقلن على الخير والبركة، وعلى خير طائر، فأسلمتني إليهن، فأصلحن من شأني، فلم يرعني إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى، فأسلمتني إليه، وأنا يومئذ بنت تسع سنين». رواه البخاري، ومسلم. - وقال مصعب بن عبد الله الزبيري: حدثني عبد الله بن معاوية، عن هشام بن عروة، أنَّ عروة كتب إلى الوليد بن عبد الملك بن مروان: « ونكح رسول الله صلى الله عليه وسلم عند متوفَّى خديجة عائشة رضي الله عنها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أريها في المنام ثلاث مرارٍ يُقال: هذه امرأتك عائشة، وكانت عائشة يوم نكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنت ست سنين، ثم بنى بها وقدم المدينة وهي بنت تسع سنين». رواه الحاكم في المستدرك. - وقال عبدة بن سليمان، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، قالت: «تزوَّجني النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأنا بنت ستّ سنين، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين». رواه مسلم. - وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بنت سبع سنين، وزفَّت إليه وهي بنت تسع سنين ولُعَبها معها، ومات عنها وهي بنت ثمان عشرة». رواه مسلم. - وقال أبو معاوية الضرير، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: «تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بنت ست، وبنى بها وهي بنت تسع، ومات عنها وهي بنت ثمان عشرة». رواه مسلم في الصحيح، وابن سعد في الطبقات. - وقال سفيان الثوري، عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي عبيدة، عن عائشة، قالت: «أدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا بنت تسع سنين، ومكثت عنده تسع سنين». رواه الطبراني في المعجم الكبير. - وقال سفيان الثوري، عن إسماعيل بن أمية، عن عبد الله بن عروة، عن عروة، عن عائشة، قالت: «تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال، وبنى بي في شوال، فأيّ نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحظى عنده مني؟!!». قال: «وكانت عائشة تستحب أن تدخل نساءها في شوال». رواه عبد الرزاق، وابن سعد، وإسحاق بن راهويه، وأحمد، ومسلم، وغيرهم. - قال أبو عاصم النبيل تلميذ سفيان الثوري: (إنما كره الناس أن يدخلوا النساء في شوال لطاعون وقع في شوال في الزمن الأول). رواه ابن سعد. - وقال الزبير بن بكار: حدثني محمد بن حسن، عن أسامة بن حفص، عن يونس، عن ابن شهاب قال: «تزوج عائشة بنت أبي بكر في شوال، وأعرس بها بالمدينة في شوال على رأس ستة عشر شهراً من مهاجره إلى المدينة». رواه الطبراني في المعجم الكبير، ومحمد بن حسن بن زبالة أخباريّ متروك الحديث من بابة الواقدي. - وقال أبو عبد الله الذهبي: (دخل بها النبي صلى الله عليه وسلم في شوال بعد بدر، ولها من العمر تسع سنين). - - قلت: ( ظاهر ما ذكرته عائشة رضي الله عنها من سياق خبر زواجها يرجّح أنها زفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم في السنة الأولى، وما ذكره الذهبي إن كان مستنده ما ذكره ابن زبالة؛ فليس ممن يُركن إليه). - وقال زيد بن الحباب بن الريّان: حدثني حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: «لما تزوَّجني النبي صلى الله عليه وسلم سمَّنني أهلي بكل شيء فلم أسمن، فأطعموني القثاء والرطب فسمنت عليه أحسن السمن». رواه الطبراني في المعجم الكبير. يتبع ![]()
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() ![]() سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 13: سيرة أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي الأزدي (ت:59هـ) اسمه وكنيته ونسبه اشتهر أبو هريرة رضي الله عنه بكنيته حتى غلبت على اسمه، وقد اختلف في اسمه على أقوال كثيرة؛ ومن أسباب الاختلاف أنَّ له اسماً في الجاهلية قد هُجر فلم يشتهر ضبطه، وله اسم في الإسلام، لكن غلبت كنيته على اسمه؛ فلم يشتهر أيضاً. فأما اسمه في الجاهلية فاختلف فيه على أقوال كثيرة أشهرها وأحظاها بالنظر قولان: القول الأول: اسمه عبد شمس، وهو قول أبي سلمة بن عبد الرحمن من أصحاب أبي هريرة، وقول محمد بن إسحاق، وشعبة بن الحجاج، وأبي نعيم الفضل بن دُكين، وأبي مسهر الغساني، ويحيى بن معين، وأحمد بن صالح المصري، وأبي بكر ابن أبي شيبة، والبخاري، وأبي زرعة الرازي. زاد ابن إسحاق ذكر اسم والده: صخر. - قال حسين بن حريث: حدثنا الفضل بن موسى، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة [بن عبد الرحمن] قال: (عن أبي هريرة عبد شمس من الأزد من دوس). رواه البخاري في التاريخ الكبير. - وقال يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق قال: حدثني بعض أصحابي عن أبي هريرة قال: (كان اسمي في الجاهلية عبد شمس بن صخر؛ فسمّيت في الإسلام عبد الرحمن). رواه البخاري في التاريخ الكبير من طريق ابن نمير عن يونس، ورواه ابن عساكر في تاريخ من طريق أحمد بن عبد الجبار عن يونس بنحوه. - وقال محمد بن الهيثم بن حماد قاضي عُكبرا: حدثنا أبو سعيد الجعفي، قال: حدثنا ابن إدريس، عن شعبة قال: (اسم أبي هريرة عبد شمس). رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق. - وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، قال: حدثنا أحمد بن عثمان الأودي قال: سمعت أبا نعيم يقول: (اسم أبى هريرة عبد شمس). - وقال أبو زرعة الدمشقي: سمعت أبا مسهر يقول: (اسم أبي هريرة عبد شمس). رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق. - وقال عباس بن محمد الدوري: سمعت يحيى بن معين يقول: (أبو هريرة اسمه عبد شمس). رواه أبو بشر الدولابي، وابن أبي حاتم. - وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة: سمعت عمي أبا بكر يقول: (اسم أبي هريرة عبد شمس). رواه ابن عساكر. - وقال أبو الفضل جعفر بن أحمد بن عبد السلام البزاز: حدثنا الحسين بن نصر قال: سمعت أحمد بن صالح يقول: (اسم أبي هريرة عبد شمس). رواه ابن عساكر. - وقال البخاري في التاريخ الكبير: (عبد شمس أبو هريرة الدوسي اليماني رضى الله عنه نزل المدينة). القول الثاني: عبد عمرو بن عبد غنم، وهو قول أبي حفص الفلاس. - قال أبو حفص الفلاس: واختلفوا في اسمه، والذي صحَّ أنه عبد عمرو بن عبد غنم، رواه الزهري عن محرر بن أبي هريرة، قال: اسم أبي: (عبد عمرو بن عبد غنم). - وقال عمر بن علي المقدمي، عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن المحرَّر بن أبي هريرة قال: (كان اسم أبي: عبد عمرو بن عبد غنم). رواه ابن أبي الدنيا في منازل الأشراف، وابن عساكر في تاريخ دمشق. - وقال سفيان بن حسين الواسطي، عن الزهري، عن المحرَّر بن أبي هريرة قال:(كان اسم أبي: عبد الرحمن بن غنم).رواه ابن عساكر. - قلت: لم يذكر من رواه عن سفيان بن حسين غير عمر بن علي المقدمي، وأبو حفص الفلاس قد أدرك الرواية عن سفيان بن حسين، لكن رواية سفيان بن حسين عن الزهري معلولة، وقد اختُلف عليه مع ذلك. - قال أبو بكر ابن خزيمة: (في رواية السيناني دلالة واضحة أن اسمه كان عبد شمس فإنه إسناد متصل، ومحمد بن عمرو عن أبي سلمة أحسن إسناداً من سفيان بن حسين عن الزهري عن المحرر، اللهم إلا إن يكون كان له اسمان قبل إسلامه، أحدهما: عبد شمس، والآخر: عبد عمرو، ولا أحسب اسمه كان بعد الإسلام عبد شمس، ولا عبد عمرو، ولست أنكر أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم غيَّر اسمه بعد الإسلام؛ فسماه عبد الله كما حكى أحمد بن حنبل عن أبي عبيدة أن اسمه عبد الله، قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يغيّر أسامي من أسامي أهل الجاهلية، وقد أمليتُ تلك الأخبار في كتاب الأدب).رواه ابن عساكر. - قلت: (السيناني هو الفضل بن موسى المروزي(ت:192هـ) أحد الرواة عن محمد بن عمرو بن علقمة). وأما اسم أبي هريرة في الإسلام فقد اختلف فيه على قولين: القول الأول: عبد الرحمن، وهو أشهر القولين، قال به ابن إسحاق، وهو الأشهر عند المحدثين. - قال أبو بكر ابن البرقي: قال ابن هشام: (كان اسم أبي هريرة: عبد الرحمن بن صخر).رواه أبو بشر الدولابي. - وقال أبو أحمد الحاكم: (أصحّ شيء عندنا في اسم أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر). - وقال ابن عبد البرّ: (روى إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، قال: اسم أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر. وعلى هذه اعتمدت طائفة ألفت في الأسماء والكنى). القول الثاني: عبد الله، وهو قول أبي خيثمة زهير بن حرب، ورواه إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس الأصبحي عن أبيه وجادة. - وقال إسماعيل [ابن أبي أويس]: وجدت في كتاب أبي: (اسم أبي هريرة في الجاهلية عبد شمس، واسمه في الإسلام عبد الله). رواه البخاري في التاريخ الكبير. وحُكي في اسمه أُقوال أخر: - قال ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب قال: (اسم أبي هريرة عبد نهم بن عامر، وهو دوسي، وهو حليف لأبي بكر الصديق).رواه أبو بشر الدولابي. - وقال أبو حاتم الرازي: حدثنا الأويسي قال: أخبرنا ابن لهيعة قال: (اسم أبي هريرة عبد نهم بن عامر). رواه ابن عساكر. - وقال محمد بن إسماعيل بن أبي فديك: قال موسى بن يعقوب [المطلبي]: (اسم أبي هريرة: عبد الله بن عمرو بن أبي الأسود).رواه البخاري في التاريخ الكبير. - وقال ابن أبي خيثمة: سمعت أحمد بن حنبل يقول: (أبو هريرة يقال: اسمه عبد شمس، وعبد نهم بن عامر، ويقال: عبد غنم، ويقال: سكين). - وقال صالح بن أحمد بن حنبل: قال سمعت أبي يقول: (اسم أبي هريرة يقال: عبد شمس، ويقال: عبد نهم بن عامر، ويقال: عبد غنم، ويقال: سكين، ويقال: عبد الله). - وقال ابن أبي خيثمة: سمعت أبي يقول: (أبو هريرة اسمه عبد الله بن شمس، ويقال: عامر). - وقال أبو عبد الله البخاري: (قالوا: اسم أبي هريرة عبد شمس، ويقال: عبد تيم، ويقال: سكين، وعمرو، وقال غيرهم: عبد نهم). - وقال أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراييني(ت:316هـ): (واسمه عبد عمرو بن عبد نهم، وقيل: عامر بن عبد شمس، وقيل سكين بن عامر، وقيل: عبد الله، وقيل عبد نهم بن عامر، وقيل: عبد غنم، وقيل: عبد شمس رضي الله عنه). - وقال: (ويقال: عبد غنم، ويقال: سكين..، ويقال: عامر بن عبد شمس، وسمي في الإسلام: عبد الله، ويقال: عبد الرحمن، ويقال: عبد عمرو بن غنم، ويقال: عبد نعم، وقيل: عبد نهم بن عامر، وقيل: عبد شمس بن عامر، وقيل: عبد شمس بن عبد عمرو، وقيل: اسمه سكين بن عمرو، وقيل: عبد الله بن عامر، من الازد ثم من دوس). - وقال أبو عمر ابن عبد البر: (اختلفوا في اسم أبي هريرة، واسم أبيه اختلافاً كثيراً، لا يحاط به ولا يضبط في الجاهلية والإسلام). - وقال أبو زكريا النووي: (ذكر ابن عبد البر أيضاً أنه اختُلف فيه على عشرين قولاً، وذكر غيره نحو ثلاثين قولاً، واختلف العلماء في الأصحّ منها، والأصحّ عند المحققين الأكثرين ما صحَّحه البخاري وغيره من المتقنين أنه عبد الرحمن بن صخر). كنيته له كنيتان: أبو هريرة، وأبو هرّ. فأما كنيته أبو هريرة فكان يكنى بها في الجاهلية والإسلام، وأما كنيته "أبو هر" فأوّل من كناه بها النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روي عن أبي هريرة أنه كان يحبّ أن يُكنى بها، لكن ثبت في الصحيح أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كناه بأبي هريرة أيضاً. - قال روح بن عبادة: حدثنا أسامة بن زيد، عن عبد الله بن رافع، قال: قلت لأبي هريرة، لم كنيت أبا هريرة؟ قال: أما تفرق مني؟ قلت: بلى والله إني لأهابك. قال: (كنت أرعى غنم أهلي، فكانت لي هُريرة صغيرة؛ فكنتُ أضعها بالليل في شجرة، فإذا كان النهار ذهبت بها معي؛ فلعبت بها فكنوني أبا هريرة). رواه الترمذي. - وقال أحمد بن عبد الجبار: حدثنا يونس [بن بكير]، عن محمد بن إسحاق قال: حدثني بعض أصحابي عن أبي هريرة قال: (وإنما كناني بأبي هريرة أبي؛ لأني كنت أرعى غنماً فوجدتُ أولادَ هرة؛ فجعلتُها في كمّي فلما أرحت عليه غنمه سمع أصوات هرّ؛ فقال: ما هذا يا عبد شمس؟ فقلت: أولاد هرّ وجدتها. قال: فأنت أبو هريرة؛ فلزمتني بعد). رواه ابن عساكر. - وقال عبد الله بن المؤمل: حدثنا ابن أبي ذباب، عن أبي هريرة، قال: قال لي رسول الله: ((يا أبا هرّ)). رواه ابن أبي خيثمة. - وقال مسدد بن مسرهد: حدثنا أبو الأحوص، قال: حدثنا ابن إسحاق، عن كميل بن زياد النخعي، عن أبي هريرة، قال: كنت أمشي مع النبي فقال لي: ((يا أبا هر)). رواه ابن أبي خيثمة. - وقال محمد بن بكار: حدثنا أبو معشر، عن محمد بن قيس؛ قال: كان أبو هريرة يقول: (لا تكنوني أبا هريرة؛ كناني رسول الله "أبا هر"). قال: (ثكلتك أمّك، والذكر خير من الأنثى). رواه ابن أبي خيثمة. - وقال حميد الطويل، عن بكر بن عبد الله المزني، عن أبي رافع، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جنب، فأخذ بيدي، فمشيت معه حتى قعد، فانسللت، فأتيت الرحل، فاغتسلت ثم جئت وهو قاعد، فقال: «أين كنت يا أبا هر»، فقلت له، فقال: «سبحان الله يا أبا هر إن المؤمن لا ينجس». رواه أحمد، والبخاري. - وقال عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال: قلت: يا رسول الله! من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال: ((لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أوَّلَ منك، لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله، خالصاً من قبل نفسه)). رواه أحمد، والبخاري، والنسائي في الكبرى. نشأته - قال سليم بن حيان بن بسطام الهذلي: سمعت أبي يقول: سمعت أبا هريرة يقول: (نشأتُ يتيماً، وهاجرتُ مسكيناً، وكنت أجيراً لبسرة بنت غزوان بطعام بطني وعقبة رجلي؛ فكنت أخدم إذا نزلوا، وأحدو إذا ركبوا؛ فزوجنيها الله؛ فالحمد لله الذي جعل الدين قواماً، وجعل أبا هريرة إماماً). رواه ابن سعد، وابن ماجة، وأبو نعيم في الحلية، والبيهقي في السنن الكبرى، وشعب الإيمان. إسلامه أسلم أبو هريرة عام خيبر، وقدم المدينةَ مهاجراً والنبي صلى الله عليه وسلم قد خرج إلى خيبر؛ فخرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوافاه وقد فتح الله خيبر للمسلمين. - قال ابن أبي خيثمة: (أسلم أبو هريرة زمن خيبر). - وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عثمان بن أبي سليمان، قال: سمعت ابن مالك قال: سمعت أبا هريرة يقول: (قدمت المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر فوجدتُ رجلاً من بني غفار يؤمّ الناس في صلاة الفجر؛ فسمعته يقرأ في الركعة الأولى بسورة مريم، وفي الثانية ب "ويل للمطففين").رواه ابن سعد. - وقال عبد الصمد بن عبد الوارث: حدثنا أبو خلدة، قال: حدثنا أبو العالية، عن أبي هريرة، قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ممن أنت؟ قال: قلت: من دوس. قال: ((ما كنتُ أرى أنَّ في دوسٍ أحداً فيه خير)). رواه الترمذي، والبزار. - قلت: كان هذا قبل أن يدعو النبي صلى الله عليه وسلم لدوس، وكان سيدهم الطفيل بن عمرو الدوسي يشكو جفاءهم وتأبّيهم عن الإسلام حتى سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو عليهم؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم اهد دوساً وائتِ بها))، وكان ذلك بعد إسلام أبي هريرة، وكثرت الهداية فيهم ببركة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم. - وقال أبو أسامة حماد بن أسامة الكوفي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: لما قدمتُ على النبي صلى الله عليه وسلم قلت في الطريق: يا ليلة من طولها وعنائها ... على أنها من دارة الكفر نجت قال: وأبق مني غلام في الطريق فلما قدمتُ على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فبايعتُه فبينا أنا عنده إذ طلع الغلام؛ فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( يا أبا هريرة! هذا غلامك)).فقلت: (هو لوجه الله؛ فأعتقته). رواه ابن سعد في الطبقات، وأبو بشر الدولابي في الكنى. - وقال حماد بن سلمة: أخبرنا علي بن زيد، قال: أخبرنا عمار بن أبي عمار، قال: (كان أبو هريرة وأبو موسى قدما بين الحديبية وخيبر). رواه ابن أبي خيثمة. - وقال محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب؛ قال: (وقد ذكروا - والله أعلم - أنه قدم على رسول الله بخيبر نفر من دوس؛ فيهم: أبو هريرة). رواه ابن أبي خيثمة. - وقال عكرمة بن عمار: حدثنا أبو كثير [يزيد بن عبد الرحمن السحيمي]، حدثني أبو هريرة، قال: كنت أدعو أمّي إلى الإسلام وهي مشركة، فدعوتها يوماً فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره، فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي. قلت: يا رسول الله! إني كنتُ أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أمَّ أبي هريرة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اهدِ أمّ أبي هريرة» فخرجت مستبشراً بدعوة نبيّ الله صلى الله عليه وسلم، فلما جئتُ فصرتُ إلى الباب، فإذا هو مجاف، فسمِعَت أمّي خشف قدمي؛ فقالت: مكانك يا أبا هريرة! وسمعت خضخضة الماء. قال: فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها، ففتحت الباب. ثم قالت: يا أبا هريرة! أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله. قال: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيته وأنا أبكي من الفرح. قال: قلت: يا رسول الله! أبشر قد استجاب الله دعوتك، وهدى أمَّ أبي هريرة؛ فحمد الله وأثنى عليه، وقال خيراً. قال: قلت: يا رسول الله! ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين، ويحببهم إلينا، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « اللهم حبّبّ عُبيدك هذا - يعني أبا هريرة - وأمّه إلى عبادك المؤمنين، وحبب إليهم المؤمنين» فما خُلِق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبَّني). رواه أحمد، ومسلم. - قال ابن سعد: (وأمه ابنة صفيح بن الحارث بن شابي بن أبي صعب بن هنية بن سعد بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس، وكان سعدُ بن صفيح خالُ أبي هريرة من أشداء بني دوس). صحبته وملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم أسلم أبو هريرة وهو شابّ عاقل فَطن؛ فرغب في ملازمة النبي صلى الله عليه وسلم، وحفظ حديثه، حتى شغله ذلك عن التكسّب، وكان مع أهل الصفّة، وصبر على ما لقي من الفاقة، ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوماً شديداً منذ أسلم حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستكمل ثلاثة أعوام وأشهراً. - قال إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: (صحبت النبيَّ صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين، ما كنت سنواتٍ قطّ أعقلَ مني ولا أحبَّ إليَّ أن أعي ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم مني فيهن).رواه أحمد، وابن سعد، ويعقوب بن سفيان. - وقال داود بن عبد الله الأودي عن حميد الحميري أنه حدَّثهم، قال: (لقيتُ رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم صحبه أربع سنين كما صحبه أبو هريرة). رواه ابن أبي خيثمة، ويعقوب بن سفيان. - قلت: التفاوت بسبب اطراح الأشهر الزائدة عن السنوات الثلاث أو جبرها. مناقبه وفضائله لأبي هريرة رضي الله عنه فضائل كثيرة ومناقب عدة؛ نالها بسبقه قومَه إلى الإسلام، وهجرته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وشدة ملازمته إياه، وحرصه على العلم، وحفظ الحديث؛ حتى امتاز به امتيازاً ظاهراً، فكان له بحديث النبي صلى الله عليه وسلم اختصاصٌ لا يُنكر، وفضل لا يخفى. وقد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالحرص على العلم، ودعا له بالحفظ؛ فكان لا ينسى شيئاً سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وبورك له فيما حدّث به عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى صارَ أكثر أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم رواية لحديث، وتلك منقبة عظيمة له؛ إذ كلّ حديث حدّث به فهو من العلم النافع الذي تركه، وكلّ من عمل بما حدّث به فله مثل أجره مهما تسلسل التحديث عنه. وقد دعا له النبي صلى الله عليه وسلم أن يحببه وأمه إلى المؤمنين، فكانت محبّته من علامات الإيمان، وتلك منقبة أخرى عظيمة. - وقال الفضل بن العلاء: حدثنا إسماعيل بن أمية، عن محمد بن قيس، عن أبيه، أنه أخبره أنَّ رجلاً جاءَ زيد بن ثابت، فسأله عن شيء، فقال له زيد: عليك أبا هريرة؛ فإني بينما أنا وأبو هريرة وفلان في المسجد ذات يوم ندعو الله ونذكر ربنا خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس إلينا فسكتنا؛ فقال: « عودوا للذي كنتم فيه ». قال زيد: فدعوتُ أنا وصاحبي قبل أبي هريرة، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمّن على دعائنا، ثم دعا أبو هريرة، فقال: اللهم إني أسألك مثل ما سألك صاحباي هذان، وأسألك علما لا ينسى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «آمين». فقلنا: يا رسول الله! ونحن نسأل الله علماً لا ينسى؛ فقال: «سبقكم بها الغلام الدوسي» رواه النسائي في السنن الكبرى والطبراني في الأوسط. - وقال أبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي: حدثنا عكرمة بن عمار، قال: حدثني أبو كثير السحيمي، قال: حدثني أبو هريرة وركبتي تمس ركبته وقال لنا: والله لا يسمع بي مسلم ولا يراني إلا أحبني. قال: قلت: وما ذاك يا أبا هريرة؟ قال: إنَّ أمّي كانت امرأةً مشركة، فذكر حديثاً طويلاً قال في آخره: قال: قلت: يا رسول الله! قد استجاب الله دعوتك! قد هدى أمَّ أبي هريرة. قال: قلت: يا رسول الله! ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين ويحببهم إلينا، قال: ((اللهم حبّبْ عبيدك وأمَّه إلى عبادك المؤمنين وحببهم إليهما)).رواه ابن أبي خيثمة بهذا السياق، وأصل الحديث في صحيح مسلم، ومسند الإمام أحمد. ![]()
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() ![]() سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 14: عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي (ت:65هـ) العالم العابد الزاهد؛ أسلم قبل أبيه، وهاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وكان حافظاً للقرآن؛ ربما قرأه في ليلة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى نهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأمره بالقصد والاعتدال قال أبو سلمة بن عبد الرحمن: حدثني عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: كنت أصوم الدهر وأقرأ القرآن كل ليلة، قال: فإما ذُكرت للنبي صلى الله عليه وسلم، وإما أرسل إلي فأتيته، فقال لي: «ألم أُخبر أنك تصوم الدهر وتقرأ القرآن كل ليلة؟» فقلت: بلى، يا نبي الله، ولم أرد بذلك إلا الخير. قال: «فإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام» قلت: يا نبي الله، إني أطيق أفضل من ذلك. قال «فإن لزوجك عليك حقا، ولزورك عليك حقا، ولجسدك عليك حقا» قال: «فصم صوم داود نبي الله صلى الله عليه وسلم، فإنه كان أعبد الناس» قال: قلت: يا نبي الله، وما صوم داود؟ قال: «كان يصوم يوما ويفطر يوما» قال: «واقرأ القرآن في كل شهر» قال: قلت: يا نبي الله، إني أطيق أفضل من ذلك. قال: «فاقرأه في كل عشرين». قال: قلت: يا نبي الله، إني أطيق أفضل من ذلك. قال: «فاقرأه في كل عشر». قال قلت: يا نبي الله، إني أطيق أفضل من ذلك. قال: «فاقرأه في كل سبع، ولا تزد على ذلك، فإن لزوجك عليك حقا، ولزَورك عليك حقا، ولجسدك عليك حقا» قال: فشدَّدت، فشُدِّد علي. قال: وقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «إنك لا تدري لعلك يطول بك عُمُر». قال: «فصرت إلى الذي قال لي النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كبرت وددت أني كنت قبلت رخصة نبي الله صلى الله عليه وسلم» رواه مسلم. قال ابن أبي مليكة: قال طلحة بن عبيد الله: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (نعم أهل البيت عبد الله وأبو عبد الله وأم عبد الله). رواه الإمام أحمد، وله شاهد من حديث عقبة بن عامر. قال أبو معاوية الضرير: حدثنا الأعمش عن خيثمة قال: انتهيت إلى عبد الله بن عمرو بن العاص وهو يقرأ في المصحف. قال فقلت: أي شيء تقرأ؟ قال: جزئي الذي أقوم به الليلة). رواه ابن سعد. وقد أَذن له النبي صلى الله عليه وسلم في كتابة الحديث؛ فكان يكتب ما يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، فكتب حديثاً كثيراً، وكانت عنده صحيفة يسميها الصادقة. - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: قلت: يا رسول الله، أكتب ما أسمع منك؟، قال: نعم، قلت: في الرضا والسخط؟، قال: نعم، فإنه لا ينبغي لي أن أقول في ذلك إلا حقا). رواه الإمام أحمد والحاكم. - قال همام بن منبّه: سمعت أبا هريرة، يقول: «ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثا عنه مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب» رواه البخاري. - سليمان بن بلال عن صفوان بن سليم عن عبد الله بن عمرو قال: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في كتابة ما سمعته منه فأذن لي فكتبته؛ فكان عبد الله يسمي صحيفته تلك الصادقة. رواه ابن سعد. - قال معن بن عيسى: أخبرنا إسحاق بن يحيى بن طلحة عن مجاهد قال: رأيت عند عبد الله بن عمرو بن العاص صحيفة فسألت عنها فقال: هذه الصادقة! فيها ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس بيني وبينه فيها أحد). رواه ابن سعد في الطبقات. - اجتهد في العلم والعبادة وتلاوة القرآن ولزم ذلك حتى كبرت سنّه، ولم يترك ذلك خشية أن يترك شيئاً فارق عليه النبي صلى الله عليه وسلم. وكان معروفاً بتواضعه؛ وحسن خلقه؛ قال سليمان بن ربيعة الغنوي: (كنا نُحدَّث أنه أشد الناس تواضعاً). ذكره الذهبي. - تعلّم اللسان السرياني، وأصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب؛ فقرأ في كتبهم؛ لكنّه لم يكن كثير التحديث منها؛ فمروياته من أخبار بني إسرائيل قليلة غير كثيرة؛ وأكثر ما يرويه في التفسير إما مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإما من اجتهاده في التفسير. قال همام بن يحيى: حدثنا قتادة عن الحسن عن شريك بن خليفة قال: (رأيت عبد الله بن عمرو يقرأ بالسريانية). رواه ابن سعد. من مروياته في التفسير: أ: شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن يحيى بن قمطة، عن عبد الله بن عمرو: {فلنولينك قبلة ترضاها} حيال ميزاب الكعبة). رواه ابن جرير. ب: عوف بن أبي جميلة عن أبي المغيرة القواس، عن عبد الله بن عمرو قال: (إن ابني آدم اللذين قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر، كان أحدهما صاحب حرث، والآخر صاحب غنم. وأنهما أمرا أن يقربا قربانا، وإن صاحب الغنم قرب أكرم غنمه وأسمنها وأحسنها طيبة بها نفسه وإن صاحب الحرث قرب شر حرثه) رواه ابن جرير. وممن روى عنه التفسير: حفيده شعيب بن محمد، وأبو عبد الرحمن الحبلي، وسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وعروة بن الزبير، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وحميد بن عبد الرحمن بن عوف، وعمرو بن ميمون الأودي، وابن أبي مليكة، وعبد الرحمن بن جبير بن نفير، وعامر الشعبي، وبشر بن شغاف التميمي، وأبو أيّوب الأزدي، وأبو يحيى الأعرج، وعيسى بن هلال الصدفي، ومعدان بن أبي طلحة اليعمري، وسالم بن أبي الجعد، والهيثم بن الأسود، وشفيّ الأصبحي، ويحيى بن قمطة، وعمرو بن عاصم، ونافع بن عاصم، وفاطمة السهمية، وعطية العوفي، وشهر بن حوشب. وحدّث عنه أيضاً: نوف البكالي، ووهب بن جابر الخيواني، وأبو قلابة الجرمي، وفي رواية هؤلاء عنه بعض الإسرائيليات. وأرسل عنه: الحسن البصري، ومجاهد، وقتادة السدوسي، وبكر بن سوادة، وأبو الزبير المكي محمد بن مسلم بن تدرس، ومكحول، والأعمش. ![]()
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() ![]() سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 15: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي (ت:68هـ) ابن عمّ النبي صلى الله عليه وسلم، وخادمه، وأبو الخلفاء العباسيين. ولد في شعب بني هاشم، وهم محصورون فيه قبل الهجرة بثلاث سنين. هاجر مع أبيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل فتح مكة؛ فلقيه بالجحفة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قادم إلى مكة بجيش الفتح؛ على ما ذكره غير واحد من أهل السير. ثم لزم رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر حياته، وكان غلاماً ذكيّا فطناً حافظاً؛ حريصاً على العلم والتفقّه في الدين؛ وكان من حرصه على العلم أن سأل خالته ميمونة بنت الحارث أمّ المؤمنين أن يبيت عندها ليلة من الليالي التي يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها ليرى عمله في الليل؛ فأذنت له، والقصّة مروّية في صحيح مسلم. وهذا يدلّ على أنّه كان يتتبّع هدي النبي صلى الله عليه وسلم جُهده. وحفظ المفصَّل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالحكمة والفقه في الدين والعلم بالتأويل. - قال هُشيم: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، «جمعت المحكم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم»، فقلت له: وما المحكم؟ قال: «المفصل» رواه البخاري. - قال هاشم بن القاسم: حدثنا ورقاء، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الخلاء، فوضعتُ له وضوءا قال: «من وضع هذا؟» فأخبر فقال: «اللهم فقهه في الدين» - وعن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كنت في بيت ميمونة بنت الحارث؛ فوضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طهورا فقال: "من وضع هذا"؟ قالت ميمونة: عبد الله. فقال صلى الله عليه وسلم: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل). رواه أحمد وابن حبان. - عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «اللهم علمه الكتاب» رواه البخاري، وفي رواية في الصحيح أيضاً: «اللهم علمه الحكمة» - عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، قال: سُئل ابن عباس: مثل من أنت حين قبض النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: «أنا يومئذ مختون» قال: وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك). رواه البخاري. يدرك: يبلغ سنّ الاحتلام. وفي رواية أنه كان ابن عشر سنين، وقد أعلّها أبو حاتم، والأقرب ما تقدّم. ومن دلائل حرصه على طلب العلم أنّه لمّا رأى أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد توفّي اجتهد في طلب العلم عند كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. - قال يعلى بن حكيم، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت لرجل من الأنصار: يا فلان هلم فلنسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فإنهم اليوم كثير». فقال: واعجبا لك يا ابن عباس، أترى الناس يحتاجون إليك، وفي الناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من ترى؟!! فتركَ ذلك، وأقبلتُ على المسألة، فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فآتيه وهو قائل؛ فأتوسد ردائي على بابه؛ فتسفي الريح على وجهي التراب، فيخرج، فيراني، فيقول: يا ابن عم رسول الله ما جاء بك؟ ألا أرسلت إلي فآتيك؟ فأقول: لا، أنا أحق أن آتيك. فأسأله عن الحديث. قال: فبقي الرجل حتى رآني، وقد اجتمع الناس علي؛ فقال: «كان هذا الفتى أعقل مني» رواه الدارمي. - وقال سليمان الأحول، عن طاووس بن كيسان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم». رواه الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه، وابن عساكر في تاريخ دمشق. - قال جرير بن عبد الحميد الضبي، عن المغيرة بن مقسم الضبي، قال: قيل لابن عباس كيف أصبت هذا العلم؟ قال: «بلسان سؤول، وقلب عقول». رواه عبد الله بن الإمام أحمد في فضائل الصحابة لأبيه، والبيهقي في المدخل، وفيه انقطاع، ورواه المعافى بن زكريا في الجليس الصالح من طريق الأصمعي، عن عبد الحميد بن الحسن الهلالي، عن مغيرة، عن الشعبي، عن ابن عباس. - وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن الزهري قال: قال المهاجرون لعمر ألا تدعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس؟ قال: «ذاك فتى الكهول! إنَّ له لساناً سؤولاً، وقلباً عقولاً». رواه عبد الرزاق في مصنفه، وأحمد في فضائل الصحابة، وابن أبي شيبة في مصنفه، وغيرهم. وكان الصحابة يعرفون له حرصه على طلب العلم وفطنته وذكاءه؛ وكان حسن الخلق متواضعاً لا يؤذي أحداً، ولا يعسّر على أحد، يأتي العالم في محلّه، ويجلّه ويبجّله، ويتفطّن لما يعنيه في طلب العلم؛ فكان علماء الصحابة يحبّونه ويقرّبونه؛ حتى حصّل علماً كثيراً مباركاً. - عن أبي بشر اليشكري عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: (كان عمر يأذن لي مع أهل بدر). - وروى يحيى بن اليمان عن عبد الملك بن سليمان عن سعيد بن جبير قال: قال عمر لابن عباس: (لقد علمت علما ما علمناه). ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام وقال: سنده صحيح. - قال الشعبي: قال ابن عباس: قال لي أبي: يا بني، إن عمر يدنيك، فاحفظ عني ثلاثا: (لا تفشين له سرا، ولا تغتابن عنده أحدا، ولا يجربن عليك كذبا). - عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال: سمعت أبي يقول: (ما رأيت أحدا أحضر فهما ولا ألبَّ لبا، ولا أكثر علما، ولا أوسع حلما من ابن عباس! ولقد رأيت عمر بن الخطاب يدعوه للمعضلات ثم يقول: عندك قد جاءتك معضلة. ثم لا نجاوز قوله وإن حوله لأهل بدر من المهاجرين والأنصار). رواه ابن سعد في الطبقات عن شيخه الواقدي، والواقدي متكلّم فيه. - عن الأعمش، عن مسلم بن صبيح، عن مسروق قال: قال عبد الله، «نعم ترجمان القرآن ابن عباس، لو أدرك أسناننا ما عشره منا رجل» رواه أحمد فضائل الصحابة. قال إبراهيم الحربي: (يقول: (لو أدرك أسناننا): لو كان في السن مثلنا ما بلغ أحدٌ منا عُشْرَه في العلم). قال ابن كثير: (وقد مات ابن مسعود رضي الله عنه في سنة اثنتين وثلاثين على الصحيح، وعمر بعده ابن عباس ستا وثلاثين سنة؛ فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود رضي الله عنه؟!!). - قال أبو نعيم: حدثنا صالح بن رستم، عن ابن أبي مليكة، قال: صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة ومن المدينة إلى مكة، وكان يصلي [الفريضة] ركعتين؛ فإذا نزل قام شطر الليل، ويرتّل القرآن يقرأ حرفا حرفا، ويكثر في ذلك من النشيج والنحيب). رواه أحمد في فضائل الصحابة وابن أبي شيبة في مصنفه والبيهقي في شعب الإيمان. - وقال حماد بن زيد: حدثنا أيوب، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاووس قال: (ما رأيت أحدا أشدَّ تعظيما لمحارم الله من ابن عباس. ولو أشاء أن أبكي إذا ذكرته لبكيت). رواه ابن سعد. وكانت له كتب وصحف بقيت بعد وفاته عند مولاه كريب. - قال موسى بن عقبة: وضع عندنا كُريب حمل بعير، أو عدل بعير - من كتب ابن عباس؛ فكان علي بن عبد الله بن العباس إذا أراد الكتاب كتب إليه: (ابعث إليَّ بصحيفة كذا وكذا؛ فينسخها ويبعث إليه بإحداهما). رواه ابن أبي خيثمة. كُف بصره في آخر عمره، وسكن الطائف، وبها توفّي سنة 68 هـ ، وقد جاوز السبعين. روي من طرق متعددة أنه لما مات ابن عباس جاء طائر أبيض، فدخل في أكفانه. مما روي عنه في التفسير: أ: عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، في قوله تعالى: {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس} قال: «هي رؤيا عين، أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به إلى بيت المقدس»، قال: {والشجرة الملعونة في القرآن} قال: «هي شجرة الزقوم» رواه البخاري. ب: منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس، {فيما عرضتم به من خطبة النساء} يقول: «إني أريد التزويج، ولوددت أنه تيسر لي امرأة صالحة» رواه البخاري. ج: عن عمرو بن دينار، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كانت في بني إسرائيل قصاص ولم تكن فيهم الدية، فقال الله لهذه الأمة: {كتب عليكم القصاص في القتلى} - إلى هذه الآية - {فمن عفي له من أخيه شيء} قال ابن عباس: «فالعفو أن يقبل الدية في العمد» قال: {فاتباع بالمعروف} :«أن يطلب بمعروف ويؤدي بإحسان» رواه البخاري. روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن الخلفاء الراشدين وعن عائشة وميمونة وأبيّ بن كعب وابن مسعود وزيد بن ثابت، وأبي طلحة، وأبي ذر، وأسامة بن زيد، وأبي هريرة، وجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وروى عنه في التفسير خلق كثير؛ منهم: مجاهد بن جبر، وعكرمة، وعطاء بن أبي رباح، وطاووس بن كيسان، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وأربدة التميمي، ومقسم بن بَجَرة، ويوسف بن مهران، وعطاء بن يسار، وأبو الجوزاء، وزر بن حبيش، ومحمد بن كعب القرظي، والحكم بن عتيبة، وأبو عثمان النهدي، وأبو العالية الرياحي، وأبو صالح مولى أم هانئ، وعمرو بن دينار، وأبو الضحى. وأرسل عنه: الزهري، والضحاك بن مزاحم، وعلي بن أبي طلحة، والحسن البصري، وابن سيرين، وقتادة، وأيوب السختياني، ومكحول، وعطاء الخراساني، وابن جريج، ومحمد بن السائب الكلبي، وأبو نصر الأسدي، والحسن بن عبد الله العرني. ![]()
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() ![]() سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل سيرة عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي القرشي(ت:73هـ) ) رضي الله عنه 16: عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي القرشي (ت:73هـ) هو أوّل مولود ولد للمسلمين بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، فرح المسلمون بودلاته، وحنّكه النبي صلى الله عليه وسلم بتمرة، وسمّاه عبد الله، وأمّه أسماء بنت أبي بكر الصديق، وكان أبوه الزبير يشبّهه بأبي بكر. كان من أهل العلم والجهاد، اختاره عثمان في كَتَبة المصاحف العثمانية، وشغل بالجهاد في مواطن كثيرة حتى غزا أفريقية وغيرها، ثم عاد إلى المدينة، وكان مع عثمان يوم الدار، واستخلفه على الصلاة بأهل الدار لما حُصر، وقاتلَ ذلك اليوم دفاعاً عن عثمان وجرح بضعة عشر رجلاً، وشهد وقعة الجمل مع أبيه، ثمّ عاد إلى المدينة، ولم يزل مقيماً بها حتى توفي معاوية بن أبي سفيان سنة 60هـ، ثم دُعي إلى بيعة يزيد بن معاوية فخرج إلى مكة، وأقام بها مدة حتى جرت بينه وبين يزيد بن معاوية فتنة انتهت بأن دعا إلى نفسه بعد موت يزيد سنة 64هـ؛ فبويع بالخلافة وغلب على الحجاز واليمن والعراق ومصر، وبقي في مكة معلماً ومقرئاً وحاكماً إلى أن قتله الحجاج سنة 73هـ في أيام عبد الملك بن مروان، وذلك نحو تسع سنين. وكان قارئاً عابداً فقيهاً عالماً بالقرآن والسنن، حَسَن الصلاة والقراءة، وقد شُغل بالجهاد في الفتوح ثم حروب الفتن عن كثير من العلم، وكان على ذلك يُعلّم ويُفتي ويقرئ، وقد رويت عنه حروف في القراءة، وله أقوال في التفسير مروية في كتب التفسير المسندة. ولما استقرّ له الأمر في مكة كان إمامَهم وخطيبَهم، وأقرّ عبدَ الله بن السائب على إمامة الناس في قيام رمضان. - قال محمد بن المرتفع العبدري: سمعت ابن الزبير يقول: (يا معشر الحاج سلوني؛ فعلينا كان التنزيل، ونحن حضرنا التأويل). رواه ابن سعد. - وقال أحمد بن يونس: حدثنا الزنجي بن خالد، عن عمرو بن دينار، قال: (ما رأيت مصلّيا أحسن صلاة من ابن الزّبير). رواه ابن أبي خيثمة. - وقال سلمة بن شبيب: سمعت عبد الرزاق يقول: (أخذ أهل مكةَ الصلاةَ عن ابن جريج، وأخذها ابن جريج عن عطاء، وأخذها عطاء عن ابن الزبير، وأخذها ابن الزبير من أبي بكر الصديق، وأخذ أبو بكر الصديق، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذها النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام). قال عبد الرزاق: (وما رأيت أحدا أحسن صلاةً من ابن جريج، كان يصلي ونحن خارجين فنرى كأنه اسطوانة وما التفت يمينا ولا شمالا). رواه ابن عساكر. - قال ابن وهب: أخبرني مالك قال: كان عبد الله بن الزبير يؤم الناس بمكة، فكان يقرأ قراءة؛ فعاب عليه بعض الناس قراءته، وقالوا له: إن الناس يقرأون غير هذه القراءة؛ فقال: (وددت أني أقرأ قراءتكم، ولكن جرى لساني على هذه القراءة). روى ابن الزبير عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أبيه الزبير، والخلفاء الراشدين، وخالته عائشة وغيرهم. ممن روى عنه حروفاً في القراءات: مجاهد، وعمرو بن دينار، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وعبيد الله بن أبي يزيد. وروى عنه في التفسير: أخوه عروة بن الزبير، وأبناؤه عامر وعباد، وأبناء عروة هشام ومحمد، وابن أبي مليكة، ومحمد بن المرتفع العبدري، وعمرو بن دينار، وعطاء بن أبي رباح، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، ووهب بن كيسان، ومصعب بن شيبة، وإسحاق بن سويد، وأبو الزبير المكي، ومعقل بن داوود، وسليط بن عبد الله بن يسار، وابن شهاب الزهري، وغيرهم. وابن إسحاق له نسخة في التفسير يرويها عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جدّه. وأرسل عنه: ابن أخيه محمد بن جعفر بن الزبير، وسفيان الثوري، ومالك بن أنس. ![]()
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 03-12-2024 الساعة 04:36 AM. |
#6
|
||||
|
||||
![]() ![]() سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل سيرة عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي القرشي (ت:74هـ) رضي الله عنهما 18 سيرة أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي القرشي (ت:74هـ) اسمه ونسبه: هو عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزّى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عديّ بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، القرشيّ المضري. يلتقي نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في كعب بن لؤيّ. وهو شقيق أمّ المؤمنين حفصة بنت عمر، أمّهما زينب بنت مظعون بن حبيب الجُمَحِية القرشية، وكانت من المهاجرات. مولده ونشأته وإسلامه: ولد بمكّة قبل الهجرة بعشر سنين، وأسلم بمكة وهو غلام صغير، وشهد إسلام أبيه عمر بن الخطاب، ثمّ هاجر معه إلى المدينة. - قال سفيان بن عيينة: قال عمرو بن دينار: قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: لما أسلم عمر اجتمع الناس عند داره، وقالوا: صبا عمر، وأنا غلام فوق ظهر بيتي، فجاء رجل عليه قباء من ديباج، فقال: قد صبا عمر فما ذاك، فأنا له جار. قال: (فرأيت الناس تصدعوا عنه؛ فقلت: من هذا؟ قالوا: العاص بن وائل). رواه البخاري. - وقال عبد الله بن وهب: حدثني عمر بن محمد قال: أخبرني جدي زيد بن عبد الله بن عمر، عن أبيه قال: بينما هو في الدار خائفاً، إذ جاءه العاص بن وائل السهمي أبو عمرو، عليه حلَّة حَبِرة وقميص مكفوف بحرير، وهو من بني سهم، وهم حلفاؤنا في الجاهلية. فقال له: ما بالك؟ قال: زعم قومك أنهم سيقتلوني إن أسلمت. قال: لا سبيل إليك. بعد أن قالها أمنتُ؛ فخرج العاص فلقيَ الناسَ قد سال بهم الوادي؛ فقال: أين تريدون؟ فقالوا: نريد هذا ابن الخطاب الذي صبا، قال: لا سبيل إليه؛ فكرَّ الناس). رواه البخاري. مناقبه وفضائله: لابن عمر رضي الله عنهما مناقب كثيرة؛ منها هجرته مع أبيه، وشهوده الخندق وما بعدها من المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، وشهوده بيعة الرضوان، وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم عنه أنه رجل صالح. - قال عبد الرزاق، عن الزهري، عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: كان الرجل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا قصَّها على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي صلى الله عليه وسلم. قال: وكنت غلاما شاباً عزباً، وكنت أنام في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا لها قرنان كقرني البئر، وإذا فيها ناس قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار. قال: فلقيهما مَلَك؛ فقال لي: لم تُرَع. فقصصتها على حفصة، فقصّتها حفصة، على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل». قال سالم: (فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلا). متفق عليه. وفي رواية في صحيح البخاري من طريق يونس بن يزيد الأيلي عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، عن أخته حفصة أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لها: «إنَّ عبد الله رجلٌ صالح». - وقال عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وهي مثل المسلم، حدثوني ما هي؟» فوقع الناس في شجر البادية، ووقع في نفسي أنها النخلة. قال عبد الله: فاستحييت، فقالوا: يا رسول الله، أخبرنا بها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هي النخلة» قال عبد الله: فحدثت أبي بما وقع في نفسي، فقال: «لأن تكون قلتَها أحبّ إليّ من أن يكون لي كذا وكذا» رواه البخاري ومسلم. بعض أخباره زمن النبي صلى الله عليه وسلم: كان ابن عمر وهو شابّ أعزب ينام في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ليكون أقرب إليه، وكان المسجد مجمع عامّة المسلمين وكبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأصاب علماً كثيراً على حداثة سنّه؛ نشأ في عبادة الله مع أكرم صحبة، وفي أحسن منبت بعد بيت النبوة، وكان حريصاً على ملازمة النبي صلى الله عليه وسلم واتّباع هديه؛ فكان يحضر مجالس النبي صلى الله عليه وسلم، ويصحبه في بعض شؤونه، ويخدمه. - قال عبيد الله بن عمر العمري: حدثني نافع، قال: أخبرني عبد الله بن عمر «أنه كان ينام وهو شاب أعزب لا أهل له في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم» رواه البخاري. جهاده ومشاهده مع النبي صلى الله عليه وسلم: عُرض على النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر فردّه لصغر سنّه؛ ثمّ عرض عليه في أحد فردّه؛ ثم عرض عليه في غزوة الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة فأجازه؛ ثمّ لم يُعلم أنّه تخلّف عن غزاة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فشهد بعد الخندق غزوةَ بني المصطلق، وبيعة الرضوان، وغزوة خيبر، وفتح مكة، وغزوة حنين، وحصار الطائف، وغزوة تبوك، وغيرها. وغزا في سرايا بعث بها النبي صلى الله عليه وسلم منها غزوة مؤتة، وغزوة إلى نجد، وغيرهما. ولما دخل النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة في يوم الفتح ومعه بلال وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة، وأغلق الباب ثم صلى في جوف الكعبة، ثم خرج؛ وابتدر الناس إلى الكعبة كان أوّل من دخل بعدهم عبد الله بن عمر؛ فوجد بلالاً وراء الباب قائماً؛ فسأله: أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأشار له إلى المكان الذي صلى فيه، والخبر في صحيح البخاري. وحجّ مع النبي صلى الله عليه وسلم حجّة الوداع، واعتمر مع النبي صلى الله عليه وسلم عُمَرَه كلَّها. قالت عائشة رضي الله عنها: (ما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم عمرة إلا وهو شاهده) رواه البخاري ومسلم. فكان من أعلم الصحابة بمناسك الحجّ والعمرة؛ لشدّة حرصه على معرفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم واتّباعه. ثم جاهد في زمان الخلفاء الراشدين وبعده، فقاتل المرتدّين في زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وشهد يوم اليمامة. ثم شهد القادسية، واليرموك، وفتح بيت المقدس، وفتح مصر، وبارز في عهد عمر دهقاناً من دهاقنة الفرس فقتله. ثم غزا في بلاد فارس مراراً، حتى بلغ أذربيجان. وقد روي في كلّ ما تقدّم أحاديث وآثار يطول المقام بتقصّيها. - قال عبيد الله العمري: أخبرني نافع عن ابن عمر قال: (عرضني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد في القتال، وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يُجِزْني، وعرضني يوم الخندق، وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني). رواه البخاري ومسلم. - وقال عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه، أن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «أول يوم شهدته يوم الخندق»رواه البخاري. - وقال مالك، عن نافع، أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال حين خرج إلى مكة معتمرا في الفتنة: «إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأهل بعمرة من أجل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أهل بعمرة عام الحديبية» رواه البخاري ومسلم. - وقال عبد الله بن عون: كتبت إلى نافع؛ فكتب إلي: «إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق وهم غارّون، وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم، وسبى ذراريهم، وأصاب يومئذ جويرية» حدثني به عبد الله بن عمر، وكان في ذلك الجيش). رواه البخاري ومسلم. - وقال عبد الله بن سعيد [بن أبي هند]، عن نافع، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: أمّر رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة مؤتة زيدَ بن حارثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة». قال عبد الله: (كنت فيهم في تلك الغزوة، فالتمسنا جعفر بن أبي طالب، فوجدناه في القتلى، ووجدنا ما في جسده بضعا وتسعين، من طعنة ورمية). رواه البخاري. - وقال جرير بن حازم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: (أصبنا يوم اليرموك طعاماً وعلفاً فلم يُقسم). رواه ابن عساكر. - وقال أبو سعيد بن يونس: (شهد الفتح بمصر واختط بمصر، وروى عنه أكثر من أربعين رجلاً من أهل مصر). - وقال الخطيب البغدادي: (خرج إلى العراق فشهد يوم القادسية ويوم جلولاء وما بينهما من وقائع الفرس وورد المدائن). - وقال عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر (أنه أقام بأذربيجان ستة أشهر حبسه بها الثلج؛ فكان يقصر الصلاة). رواه عبد الرزاق وابن سعد. - وقال أبو إسحاق الفزاري، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر أنه قال: (أريح علينا الثلج ونحن بأذربيجان ستة أشهر في غزاة). قال ابن عمر: (وكنا نصلي ركعتين). رواه البيهقي في السنن الكبرى. وغزوة أذربيجان اجتمع عليها جند العراق وجند الشام، وكانت في آخر خلافة عمر وأوّل خلافة عثمان. أخباره في خلافة عثمان بن عفان: كان ابن عمر مع صلاحه وورعه عاقلاً رشيداً حسن الرأي، أوصى عمر أن يشهد مشورة الستة الذين أوصى أن يختاروا من بينهم رجلاً للخلافة من بعده؛ فاجتمع رأيهم على عثمان. واجتهد عثمان في توليته القضاء فأبى أشدّ الإباء، حتى قال لعثمان: أما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من عاذ بالله فقد عاذ بمعاذ؟)) فقال عثمان: (بلى). فقال: (فإني أعوذ بالله أن تستعملني فأعفاه). والقصة في مسند الإمام أحمد ومعجم الطبراني. وبقي مشتغلاً في زمن عثمان بالجهاد في سبيل الله والعبادة. - ولمّا حوصر عثمان تقلّد سيفه ليقاتل دونه؛ ولكن عثمان عزم على الصحابة أن لا يراق بسببه دم. علمه وفقهه: كان ابن عمر من علماء الصحابة ومن أهل الفتوى فيهم، وقد حدّث عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أكابر أصحابه فأكثر وأطاب، حتى عُدَّ من القلّة المكثرين من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وأفتى ونصح وجاهد، واجتهد في فعل الخيرات، والتعبد بأنواع العبادات، وعمّر حتى انتفع خلق كثير بعلمه وهديه. - قال زيد بن أبي أنيسة، عن القاسم بن عوف الشيباني، قال: سمعت ابن عمر، يقول: «لقد عشنا برهة من دهرنا وإنَّ أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فيتعلَّم حلالها وحرامها، وما ينبغي أن يوقف عنده فيها كما تعلَّمون أنتم القرآن، ثم لقد رأيت رجالاً يُؤتَى أحدهم القرآن فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه، ينثره نثر الدقل». رواه الطحاوي والحاكم والبيهقي. - وقال أبو المليح، عن ميمون بن مهران (أن ابن عمر تعلم سورة البقرة في أربع سنين). رواه ابن سعد. - وقال عبد الله بن وهب عن الإمام مالك بن أنس قال: (أقام ابن عمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستين سنة يفتي الناس في الموسم وغير ذلك). وقال: (وكان ابن عمر من أئمة الدين). رواه الخطيب البغدادي. توقّيه في الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم: كان ابن عمر على سعة علمه وكثرة حديثه واجتهاده في اتّباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم حريصاً على التثبت في الفتيا وأداء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم كما سمعه بلفظه، ولا يجد غضاضة إذا سُئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم. - قال مصعب بن سلام: حدثنا محمد بن سوقة: سمعت أبا جعفر [محمد بن علي] يقول: كان عبد الله بن عمر إذا سمع من نبي الله صلى الله عليه وسلم شيئاً أو شهد معه مشهداً، لم يقصر دونه أو يعدوه، قال: فبينما هو جالس وعبيد بن عمير يقص على أهل مكة، إذ قال عبيد بن عمير: مثل المنافق كمثل الشاة بين الغنمين، إن أقبلت إلى هذه الغنم نطحتها، وإن أقبلت إلى هذه نطحتها، فقال عبد الله بن عمر: ليس هكذا، فغضب عبيد بن عمير، وفي المجلس عبد الله بن صفوان، فقال: يا أبا عبد الرحمن، كيف قال رحمك الله؟ فقال: قال: ((مثل المنافق مثل الشاة بين الربيضين، إن أقبلت إلى ذا الربيض نطحتها، وإن أقبلت إلى ذا الربيض نطحتها)). فقال له: رحمك الله هما واحد. قال: كذا سمعت، كذا سمعت). رواه أحمد. - وقال سفيان بن عيينة: حدثنا محمد بن سوقة، عن محمد بن علي أنه سمعه، يقول: (كان ابن عمر إذا سمع شيئاً لم يزد فيه، ولم ينقص منه، ولم يجاوزه إلى غيره، ولم يقصر عنه). رواه الحميدي. - وقال زهير بن معاوية: سمعت محمد بن سوقة يذكر عن أبي جعفر محمد بن علي قال: (لم يكن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد أحذر إذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ألا يزيد فيه، ولا ينقص منه، ولا، ولا، من عبد الله بن عمر). رواه ابن سعد. - وقال يزيد بن هارون: أخبرنا شعبة، عن عبد الله بن أبي السفر، عن الشعبي، قال: (جالست ابن عمر سنة؛ فما سمعته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً). رواه ابن سعد. - وقال سفيان بن عيينة: قال لي ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: صحبت ابن عمر إلى المدينة فلم أسمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديثاً واحداً، قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتي بجمّار، فقال: «إن من الشجر شجرة مثلها كمثل المسلم» فأردت أن أقول: هي النخلة، فإذا أنا أصغر القوم فسكتّ. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «هي النخلة» رواه البخاري ومسلم. - وقال عمران بن حدير، عن أبي مجلز، عن ابن عمر، قال: (أيها الناس إليكم عني؛ فإنّي قد كنتُ مع من هو أعلم مني، ولو علمتُ أني أبقى فيكم حتى تفضوا إليَّ لتعلَّمتُ لكم). رواه ابن سعد. - وقال عبد العزيز بن أبي رواد: أخبرني نافع أن رجلا سأل ابن عمر عن مسألة فطأطأ ابن عمر رأسه ولم يجبه حتى ظنَّ الناس أنه لم يسمع مسألته. قال: فقال له: يرحمك الله أما سمعت مسألتي؟ قال: (بلى ولكنكم كأنكم ترون أن الله ليس بسائلنا عما تسألوننا عنه!! اتركنا يرحمك الله حتى نتفهَّم في مسألتك؛ فإن كان لها جواب عندنا، وإلا أعلمناك أنه لا علم لنا به). رواه ابن سعد. - وقال هشام بن عروة عن أبيه قال: سئل ابن عمر عن شيء فقال: (لا علم لي به) فلما أدبر الرجل قال لنفسه: (سُئل ابن عمر عما لا علم له به؛ فقال لا علم لي به). رواه ابن سعد، وروى نحوه ابن عساكر من طريق الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر. - وقال أحمد بن محمد الأزرقي: حدثنا عمرو بن يحيى عن جده قال: سئل ابن عمر عن شيء فقال: لا أدري؛ فلما ولى الرجل أفتى نفسه؛ فقال: (أحسن ابن عمر، سئل عما لا يعلم فقال لا أعلم). رواه ابن سعد. مذهبه في كتابة العلم: كان ابن عمر رحمه الله لا يُحبّ أن يُكتب عنه شيء، ولا أن ينقل قوله، ويغضب من ذلك، وروي أنه كانت له صحفاً ينظر فيها لخاصة نفسه. - قال عفّان: حدّثنا شعبة عن أيوب عن سعيد بن جبير قال: كنت أسأل ابن عمر في صحيفة، ولو علم بها كانت الفيصل بيني وبينه، قال: فسألته عن الإيلاء؛ فقال: (أتريد أن تقول: قال ابن عمر، وقال ابن عمر؟!). قال: قلت: نعم، ونرضى بقولك ونقنع. قال: (يقول في ذلك الأمراء). رواه ابن سعد. - وقال أبو حمزة السكري، عن إبراهيم الصائغ، عن نافع (أن ابن عمر كان لا يخرج من بيته غدوة حتى ينظر في كتبه). رواه البخاري في التاريخ الكبير، والبيهقي في المدخل إلى السنن، وهذا إسناد جيد. حرصه على اتّباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم: مما اشتهر عن ابن عمر وعرف به حبّه الشديد للنبي صلى الله عليه وسلم، وحرصه على اتباع هديه، في كبير أموره وصغيرها، حتى كان في سفره للحجّ والعمرة يحرص على تتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم، والصلاة في المواضع التي صلى فيها، ويتوخّى ذلك أشدّ التوخّي. - قال سفيان بن عيينة، عن عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر، عن أبيه قال: (ما سمعت ابن عمر يذكر النبي صلى الله عليه وسلم إلا بكى). رواه الفسوي في المعرفة، والدارمي في سننه. - وقال إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس المدني قال: حدثني أبي، عن عاصم بن محمد، عن أبيه قال: (ما سمعت ابن عمر ذاكرا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ابتدرت عيناه تبكيان). رواه ابن سعد. - وقال وكيع بن الجراح، عن أبي مودود، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان في طريق مكة يقول برأس راحلته يثنيها ويقول: « لعلَّ خفاً يقع على خف» يعني خف راحلة النبي صلى الله عليه وسلم، رواه ابن أبي شيبة. أبو مودود المدني اسمه عبد العزيز بن أبي سليمان وثّقه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين. وقال عبد العزيز بن مسلم، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي مسجد قباء كل سبت، ماشيا وراكبا». قال عبد الله بن دينار: وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما «يفعله» رواه البخاري. - وقال أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو تركنا هذا الباب للنساء». قال نافع: (فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات). رواه أبو داوود وابن سعد والطبراني في الأوسط. عبادته وهديه: نشأ ابن عمر في عبادة الله تعالى، وحفظ وصايا النبي صلى الله عليه وسلم له، وما بلغه من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يزل يتعبّد ويتهجّد، ويجاهد ويتصدّق، ويفتي من يستفتيه، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويفعل الخيرات، ويجتهد في ذلك اجتهاداً بالغاً، حتى كان من أكثر الصحابة صلاة وصياماً وتلاوة للقرآن، وأشدّهم لزوماً لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأكابر أصحابه، حتى كان يغدو كلَّ سبتٍ إلى قباء ماشياً فيصلي فيه اتّساء بالنبي صلى الله عليه وسلم. وكان لا يداهن في دينه، ولا يهاب أحداً في كلمة الحق، إلا أن يدفع فساداً أعظم. - قال سليمان الأعمش: حدثني مجاهد، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي، فقال: «كن في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابر سبيل» وكان ابن عمر، يقول: (إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك). رواه البخاري - وقال سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، أن ابن عمر، قال: «ما وضعت لبنة ولا غرست نخلة منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم» رواه ابن أبي شيبة. - وقال نافع مولى ابن عمر: سمعت ابن عمر يقول: أتى رجلٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم؛ فقال: يا رسول الله حدِّثني بحديث واجعله موجزًا؛ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((صلِّ صلاةَ مودِّع؛ فإنَّك إن كنت لا تراه فإنه يراك، وأيّس مما في أيدي الناس تكن غنيًّا، وإياك وما يُعتذر منه)). رواه الطبراني والبيهقي في الزهد والخطيب البغدادي والضياء المقدسي وحسَّنه الألباني. - إبراهيم النخعي عن الأسود بن يزيد عن عبد الله بن مسعود قال: (لقد رأيتنا ونحن متوافرون، وما فينا شاب هو أملك لنفسه من عبد الله بن عمر). رواه ابن سعد. - قال عمر بن حمزة: أخبرني الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذؤيب ، قال : قالت عائشة : (ما أعلم رجلا سلَّمه الله من أمور الناس، واستقام على طريقة مَن كان قبله استقامةَ عبد الله بن عمر). رواه ابن أبي شيبة. - وقال عبد الله بن عمر العمري، عن أبي النضر، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «ما رأيت ألزمَ للأمر الأول من عبد الله بن عمر» رواه الحاكم في المستدرك. - وقال شعبة: حدثنا حصين بن عبد الرحمن، عن سالم بن أبي الجعد قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: (ما منّا من أحدٍ أدرك الدنيا إلا قد مالت به إلا عبد الله بن عمر). رواه ابن عساكر. - وقال إسماعيل ابن إبراهيم: حدثنا أيوب، عن محمد بن سيرين أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أدركتِ الفتنةُ أحداً منا إلا لو شئتُ أن أقولَ فيه لقلت فيه إلا عبد الله بن عمر» رواه ابن أبي شيبة بهذا اللفظ، ورواه سعيد منصور، ولم يذكر "من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم" - وقال إسماعيل ابن إبراهيم: حدثنا أيوب عن محمد بن سيرين قال: نُبئت أن ابن عمر كان يقول: (إني لقيت أصحابي على أمرٍ؛ فإن خالفتهم خشيت أن لا ألحق بهم). رواه سعيد بن منصور، وابن سعد. - وقال إسماعيل ابن إبراهيم: حدثنا أيوب، عن محمد بن سيرين قال: قال رجل: (اللهم أبقِ عبد الله بن عمر ما أبقيتني، أقتدي به، فإني لا أعلم أحدا على الأمر الأول غيره). رواه سعيد بن منصور وابن سعد. - وقال سفيان بن عيينة، عن ابن جريج، عن طاووس قال: (ما رأيت رجلاً أورعَ من ابن عمر، ولا رأيت رجلاً أعلمَ من ابنِ عباس رضي الله عنهما). رواه أحمد بن منيع كما في المطالب العالية، وأبو يوسف الفسوي في المعرفة والتاريخ، والبيهقي في المدخل إلى السنن. - وقال حماد بن سلمة: أخبرنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يجلس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يرتفع الضحى ولا يصلي، ثم ينطلق إلى السوق فيقضي حوائجه، ثم يجيء إلى أهله فيبدأ بالمسجد فيصلي ركعتين، ثم يدخل بيته. رواه ابن سعد. - وقال عبد الرحمن بن يزيد بن جابر: حدثني سليمان بن موسى، عن نافع، عن ابن عمر: «أنه كان يحيي الليل صلاة» ، ثم يقول: «يا نافع أسحرنا؟» فيقول: لا، «فيعاود الصلاة» ثم يقول: «يا نافع أسحرنا؟» فأقول: نعم «فيقعد فيستغفر ويدعو حتى يصبح» رواه الطبراني في المعجم الكبير، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم في تفاسيرهم. - وقال أبو أسامة، عن ابن عون، عن نافع: أن ابن عمر، كان إذا قرأ القرآن كره أن يتكلم أو لم يتكلم حتى يفرغ مما يريد، أو لم يتكلم حتى يفرغ إلا يوماً كنت قد أخذت عليه المصحف وهو يقرأ فأتى على الآية فقال: «أتدري فيما أنزلت» رواه ابن أبي شيبة. - وقال وكيع بن الجراح: حدثنا هشام بن سعد، عن نافع، قال: كان ابن عمر «يعمل في خاصة نفسه بالشيء لا يعمل به في الناس» رواه ابن أبي شيبة. - وقال حبيب بن الشهيد: قيل لنافع: ما كان يصنع ابن عمر في منزله؟ قال: (لا تطيقونه! الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما). رواه ابن سعد. - وقال يزيد بن هارون، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين قال: «كان ابن عمر كلما استيقظ من الليل صلى» رواه ابن أبي شيبة. - وقال زائدة عن منصور بن المعتمر قال: قال عبد الله بن عمر: « لو بات رجلٌ ينفق ديناراً ديناراً، ودرهماً درهماً، ويحمل على الجياد في سبيل الله، وبات رجل يتلو كتاب الله حتى يصبح متقبلا منه، وبتّ أتلو كتاب الله حتى أصبح متقبلاً مني، لم أحبّ أنَّ لي عمله بعملي » رواه ابن أبي شيبة. - وقال محارب بن دثارٍ رحمه الله قال: دخلت على ابن عمر رضي الله عنه بيته وهو يصلي، فإذا هو يبكي في صلاته، فلما انصرف أقبل عليَّ وعلم أني قد رأيته وهو يبكي، فقال: (إن هذه الشمس لتبكي من خشية الله، ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا). - وقال عبد الله بن عمر أيضا: ((لأن أدمع دمعة من خشية الله أحب إلي من أن أتصدق بألف دينار)) ذكرهما محمد بن نصر المروزي في قيام الليل. - وقال البراء بن سليم، عن نافع، عن ابن عمر قال: ما تلا هذه الآية قط إلا بكى {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله}). رواه ابن أبي شيبة. - وقال الحافظ أبو أسامة الكوفي، عن عثمان بن واقد، عن نافع قال: (وكان ابن عمر إذا قرأ هذه الآية {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله}بكى حتى يغلبه البكاء). رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، وأبو نعيم في الحلية، وابن عساكر في تاريخ دمشق. يتبع ![]()
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
![]() ![]() سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل سيرة جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الخزرجي الأنصاري(ت:78هـ) رضي الله عنهما 19: سيرة جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الخزرجي الأنصاري (ت:78هـ) من علماء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفقهائهم، ولد قبل الهجرة ببضع عشرة سنة، وله مناقب كثيرة: - منها شهوده بيعة العقبة الثانية وهو شابّ مع أبيه وخاليه. - وشهوده تسع عشرة غزوة مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يتخلّف عن بدر وأحد إلا لمنع والده إياه ليخلّفه على بناته. - وشهوده بيعة الرضوان، وهو من رواة أحاديثها. - واستغفار النبي صلى الله عليه وسلم له خاصة في ليلة واحدة خمساً وعشرين مرّة. - وعناية النبي صلى الله عليه وسلم به، وتلطّفه له، وتعزيته له في والده، وإعانته على قضاء دينه بأمر يعدّ من دلائل النبوة. - ومنها أنّ النبي صلى الله عليه وسلم خصّه بشهود بعض دلائل النبوة. - ومنها حرصه على طلب العلم وحفظه حتى رحل مسيرة شهر في طلب حديث واحد. - ومنها أنه من المكثرين من رواية الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. - ومنها تصدّره للفتيا والتعليم سنين طويلة بالمدينة ، وجاور بمكة نحو سنة فانتفع به أهل العلم فيها. مشاهده مع النبي صلى الله عليه وسلم: شهد بيعة العقبة الثانية مع أبيه وخاليه وهو صغير، ثم منعه أبوه من القتال ببدر وأحدٍ ليخلِفَه في أهله، واستشهد أبوه يوم أحد، وهو الذي كلّمه الله كفاحاً بعد موته. ولم يتخلّف جابر بن عبد الله عن غزوة غزاها النبي صلى الله عليه وسلم بعد أحد، فكانت أول غزوة غزاها غزوة حمراء الأسد، وشهد بيعة الرضوان. - قال ابن جريج: قال عطاء: قال جابر: «أنا وأبي وخالي من أصحاب العقبة» رواه البخاري في صحيحه. - ,قال سفيان بن عيينة: كان عمرو [بن دينار] يقول: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يقول: «شهد بي خالاي العقبة» ، رواه البخاري في صحيحه وقال: قال ابن عيينة: (أحدهما البراء بن معرور). - وقال زكريا بن إسحاق المكي: أخبرنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله، يقول: «غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة» قال جابر: «لم أشهد بدرا، ولا أحداً منعني أبي، فلما قتل عبد الله يوم أحد، لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة قط» رواه أحمد ومسلم. - وقال عمرو بن دينار: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية: «أنتم خير أهل الأرض» وكنا ألفا وأربع مائة، ولو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة). رواه البخاري ومسلم. - قال الذهبي: قال ابن سعد: (شهد العقبة مع السبعين، وكان أصغرهم، وأراد شهود بدر، فخلفه أبوه على أخواته، وكن تسعا، وخلفه يوم أحد فاستشهد يومئذ، وكان أبوه عقبيا بدريا من النقباء). - وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: (كنت أمتح لأصحابي الماء يوم بدر). قال الواقدي: هذا وهم من أهل العراق. - قال الذهبي: (صدق، فإن زكريا بن إسحاق روى عن أبي الزبير، عن جابر، قال: "لم أشهد بدرا ولا أحدا، منعني أبي فلما قتل لم أتخلف عن غزوة" أخرجه مسلم). استغفار النبي صلى الله عليه وسلم له: - قال حماد بن سلمة: أنبأنا أبو الزبير عن جابر قال: (استغفر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين مرة ليلة البعير). رواه الترمذي في سننه والنسائي في فضائل الصحابة. - قال أبو عيسى الترمذي: (ومعنى قوله: ليلة البعير ما روي عن جابر من غير وجه أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فباع بعيره من النبي صلى الله عليه وسلم واشترط ظهره إلى المدينة، يقول جابر ليلة بعت من النبي صلى الله عليه وسلم البعير استغفر لي خمسا وعشرين مرة، وكان جابر قد قتل أبوه عبد الله بن عمرو بن حرام يوم أحد وترك بنات، فكان جابر يعولهن وينفق عليهن، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبر جابرا ويرحمه لسبب ذلك). تعزية النبي صلى الله عليه وسلم له في وفاة أبيه: - قال موسى بن إبراهيم بن كثير الأنصاري: سمعت طلحة بن خراش يقول: سمعت جابر بن عبد الله يقول: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال لي: يا جابر ما لي أراك منكسرا؟ قلت: يا رسول الله استشهد أبي، وترك عيالا ودينا. قال: أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: ما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجاب، وأحيا أباك فكلمه كفاحا. فقال: يا عبدي تمن علي أعطك. قال: يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية. قال الرب عز وجل: إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون. قال: يا رب فأبلغ من ورائي. فأنزل الله عز وجل هذه الآية: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا...} الآية كلها ). رواه الترمذي وابن ماجة وابن خزيمة في التوحيد وابن أبي عاصم في السنة وابن حبان وغيرهم من طرق عن موسى بن إبراهيم به. عيادة النبي صلى الله عليه وسلم له: - قال سفيان بن عيينة: سمعت ابن المنكدر يقول: سمعت جابر بن عبد الله يقول: مرضت فجاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني وأبو بكر، وهما ماشيان؛ فأتاني وقد أغمي علي، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صبَّ وضوءَه عليَّ؛ فأفقت، فقلت: يا رسول الله كيف أقضي في مالي؟ كيف أصنع في مالي؟ قال: (فما أجابني بشيء حتى نزلت آية الميراث) متفق عليه. حرصه على حفظ الحديث ورحلته في طلبه: - قال القاسم بن عبد الواحد المكي: حدثني عبد الله بن محمد بن عقيل، أن جابر بن عبد الله قال: بلغني حديث عن رجل سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتريت بعيرا، ثم شددت عليه رحلي، فسرت إليه شهرا، حتى قدمت عليه الشام فإذا عبد الله بن أنيس، فقلت للبواب: قل له: جابر على الباب، فقال ابن عبد الله؟ قلت: نعم، فخرج يطأ ثوبه فاعتنقني، واعتنقته، فقلت: حديثا بلغني عنك أنك سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم في القصاص، فخشيت أن تموت، أو أموت قبل أن أسمعه ...) فذكر الحديث، وهو في مسند الإمام أحمد والأدب المفرد للبخاري، ومعجم الصحابة لابن قانع، والمعجم الكبير للطبراني. - قال البخاري في صحيحه في كتاب العلم: (باب الخروج في طلب العلم، ورحل جابر بن عبد الله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد). شيء من أخباره وما شهد من دلائل النبوة: - قال حجاج بن أبي زينب: حدثني أبو سفيان طلحة بن نافع، قال: سمعت جابر بن عبد الله، قال: كنت جالسا في داري، فمرَّ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إلي، فقمت إليه، فأخذ بيدي، فانطلقنا حتى أتى بعض حجر نسائه، فدخل ثم أذن لي، فدخلت الحجاب عليها، فقال: «هل من غداء؟» فقالوا: نعم، فأتي بثلاثة أقرصة، فوضعن على نبي، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرصا، فوضعه بين يديه، وأخذ قرصا آخر، فوضعه بين يدي، ثم أخذ الثالث، فكسره باثنين، فجعل نصفه بين يديه، ونصفه بين يدي، ثم قال: «هل من أدم؟» قالوا: لا إلا شيء من خل، قال: «هاتوه، فنعم الأدم هو» رواه مسلم في صحيحه، والدارمي وزاد: قال جابر: «فما زلت أحب الخل منذ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم»، فقال أبو سفيان: «فما زلت أحبه منذ سمعته من جابر» - وقال حنظلة بن أبي سفيان: أخبرنا سعيد بن ميناء، قال: سمعت جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما قال: لما حفر الخندق رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم خمصا شديدا، فانكفأت إلى امرأتي، فقلت: هل عندك شيء؟ فإني رأيت برسول الله صلى الله عليه وسلم خمصا شديدا، فأخرجت إليَّ جراباً فيه صاع من شعير، ولنا بهيمة داجن فذبحتُها، وطحَنَتِ الشعير، ففرَغَتْ إلى فراغي، وقطعتُها في برمتها، ثم وليت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: لا تفضحني برسول الله صلى الله عليه وسلم وبمن معه، فجئته فساررته، فقلت: يا رسول الله ذبحنا بهيمة لنا وطحنا صاعا من شعير كان عندنا، فتعال أنت ونفر معك، فصاح النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أهل الخندق، إن جابرا قد صنع سورا، فحي هلا بكم» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تنزلن برمتكم، ولا تخبزن عجينكم حتى أجيء». فجئت وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم الناس حتى جئت امرأتي، فقالت: بك وبك، فقلت: قد فعلتُ الذي قلتِ، فأخرجت له عجينا فبصق فيه وبارك، ثم عمد إلى برمتنا فبصق وبارك، ثم قال: «ادع خابزة فلتخبز معي، واقدحي من برمتكم ولا تنزلوها» وهم ألفٌ، فأقسم بالله لقد أكلوا حتى تركوه وانحرفوا، وإن برمتنا لتغطّ كما هي، وإن عجيننا ليخبز كما هو). رواه البخاري ومسلم. - وقال شعبة، عن محارب بن دثار قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يقول: بعتُ من النبي صلى الله عليه وسلم بعيراً في سفر، فلما أتينا المدينة قال: «ائت المسجد فصل ركعتين» فوزن - قال شعبة: أراه فوزن لي - فأرجح، فما زال معي منها شيء حتى أصابها أهل الشأم يوم الحرة). رواه أحمد والبخاري، ورواه أحمد أيضاً ومسلم من طريق الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر، قال: أقبلنا من مكة إلى المدينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتل جملي، وساق الحديث بقصته، وفيه ثم قال لي: «بعني جملك هذا»، قال: قلت: لا، بل هو لك، قال: «لا، بل بعنيه» قال: قلت: لا، بل هو لك يا رسول الله، قال: «لا، بل بعنيه»، قال: قلت: فإن لرجل علي أوقية ذهب، فهو لك بها، قال: «قد أخذته، فتبلغ عليه إلى المدينة»، قال: فلما قدمت المدينة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال: «أعطه أوقية من ذهب وزده»، قال: فأعطاني أوقية من ذهب، وزادني قيراطا، قال: فقلت: لا تفارقني زيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: (فكان في كيس لي فأخذه أهل الشام يوم الحرة). - وقال سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله، قال: أصابنا عطش بالحديبية فجهشنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين يديه تور فيه ماء، فقال: بأصابعه هكذا فيها، وقال: (( خذوا بسم الله "، قال: فجعل الماء يتخلل من بين أصابعه كأنها عيون، فوسعنا، وكفانا)). رواه أحمد والدارمي والنسائي في الكبرى. - وقال أبو إسماعيل حاتم بن إسماعيل العبدري، عن يعقوب بن مجاهد أبي حزرة، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا واديا أفيح، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته، فاتبعته بإداوة من ماء، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ير شيئا يستتر به، فإذا شجرتان بشاطئ الوادي، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إحداهما، فأخذ بغصن من أغصانها؛ فقال: «انقادي علي بإذن الله» فانقادت معه كالبعير المخشوش، الذي يصانع قائده، حتى أتى الشجرة الأخرى، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: «انقادي علي بإذن الله» فانقادت معه كذلك، حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما، لأم بينهما - يعني جمعهما - فقال: «التئما علي بإذن الله» فالتأمتا. قال جابر: فخرجت أحضر مخافة أن يحس رسول الله صلى الله عليه وسلم بقربي فيبتعد؛ فجلست أحدث نفسي، فحانت مني لفتة، فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا، وإذا الشجرتان قد افترقتا، فقامت كل واحدة منهما على ساق، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف وقفة، فقال برأسه هكذا - وأشار أبو إسماعيل برأسه يمينا وشمالا - ثم أقبل، فلما انتهى إلي قال: «يا جابر هل رأيت مقامي؟» قلت: نعم، يا رسول الله. قال: «فانطلق إلى الشجرتين فاقطع من كل واحدة منهما غصنا، فأقبل بهما، حتى إذا قمت مقامي فأرسل غصنا عن يمينك وغصنا عن يسارك» قال جابر: فقمت فأخذت حجرا فكسرته وحسرته، فانذلق لي، فأتيت الشجرتين فقطعت من كل واحدة منهما غصنا، ثم أقبلت أجرهما حتى قمت مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرسلت غصنا عن يميني وغصنا عن يساري، ثم لحقته، فقلت: قد فعلت، يا رسول الله فعم ذاك؟ قال: «إني مررت بقبرين يعذبان، فأحببت، بشفاعتي، أن يرفه عنهما، ما دام الغصنان رطبين». قال: فأتينا العسكر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا جابر ناد بوضوء» فقلت: ألا وضوء؟ ألا وضوء؟ ألا وضوء؟ قال: قلت: يا رسول الله ما وجدت في الركب من قطرة، وكان رجل من الأنصار يُبرد لرسول الله صلى الله عليه وسلم الماء في أشجاب له، على حمارة من جريد، قال: فقال لي: «انطلق إلى فلان ابن فلان الأنصاري، فانظر هل في أشجابه من شيء؟» قال: فانطلقت إليه فنظرت فيها فلم أجد فيها إلا قطرة في عزلاء شجب منها، لو أني أفرغه لشربه يابسه، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله إني لم أجد فيها إلا قطرة في عزلاء شجب منها، لو أني أفرغه لشربه يابسه، قال: «اذهب فأتني به» فأتيته به، فأخذه بيده فجعل يتكلم بشيء لا أدري ما هو، ويغمزه بيديه، ثم أعطانيه، فقال: «يا جابر ناد بجفنة» فقلت: يا جفنة الركب فأتيت بها تحمل، فوضعتها بين يديه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بيده في الجفنة هكذا، فبسطها وفرق بين أصابعه، ثم وضعها في قعر الجفنة، وقال: «خذ يا جابر فصب علي، وقل باسم الله» فصببت عليه وقلت: باسم الله، فرأيت الماء يتفور من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم فارت الجفنة ودارت حتى امتلأت، فقال: «يا جابر ناد من كان له حاجة بماء» قال فأتى الناس فاستقوا حتى رووا، قال: فقلت: هل بقي أحد له حاجة؟ فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الجفنة وهي ملأى). رواه مسلم في صحيحه، وابن حبان في صحيحه، والبيهقي في دلائل النبوة، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف والدارمي في سننه من طريق إسماعيل بن عبد الملك عن أبي الزبير عن جابر بسياق مختلف. - وقال زكريا بن أبي زائدة: حدثني عامر الشعبي قال: حدثني جابر بن عبد الله أنه كان يسير على جمل له قد أعيا، فأراد أن يسيّبه، قال: فلحقني النبي صلى الله عليه وسلم فدعا لي، وضربه، فسار سيرا لم يسر مثله، قال: «بعنيه بوقية»، قلت: لا، ثم قال: «بعنيه»، فبعته بوقية، واستثنيت عليه حملانه إلى أهلي، فلما بلغت أتيته بالجمل، فنقدني ثمنه، ثم رجعت، فأرسل في أثري، فقال: «أتراني ماكستك لآخذ جملك، خذ جملك، ودراهمك فهو لك». رواه أحمد في مسنده، ومسلم في صحيحه، والنسائي في السنن الكبرى وابن حبان في صحيحه. - وقال حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن جابر بن عبد الله، قال: كان ليهوديّ على أبي تمر، فقتل يوم أحد، وترك حديقتين، وتمر اليهودي يستوعب ما في الحديقتين؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « هل لك أن تأخذ العام بعضه وتؤخر بعضه؟» فأبى اليهودي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « يا جابر إذا حضر الجداد، فآذني فآذنته، فجاء هو وأبو بكر، فجعل يجدّ ويكال من أسفل النخل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بالبركة، حتى وفينا جميع حقه من أصغر الحديقتين - فيما يحسب عمار- ثم أتيتهم برطب وماء، فأكلوا وشربوا، ثم قال: «هذا من النعيم الذي تسألون عنه» رواه النسائي وأبو يعلى والبيهقي في شعب الإيمان. - وقال زكريا بن أبي زائدة: حدثني عامر الشعبي قال: حدثني جابر بن عبد الله أن أباه توفي وعليه دين. قال فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: إن أبي ترك عليه دينا وليس عندنا إلا ما يخرج نخله فلا يبلغ ما يخرج نخله سنتين ما عليه فانطلق معي لكيلا يفحش علي الغرماء. قال فمشى حول بيدر من بيادر التمر ودعا ثم جلس عليه وقال: أين غرماؤه؟ فأوفاهم الذي لهم وبقي مثل الذي أعطاهم). رواه ابن سعد. تصدّره لتعليم العلم: - قال وكيع عن هشام بن عروة قال: رأيت لجابر بن عبد الله حلقة في المسجد , يؤخذ عنه). رواه البيهقي في المدخل إلى السنن، وذكر ابن حجر في الإصابة أنّه في مصنف وكيع. - وقال عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت: خرجت أنا وأبي نطلبُ العلمَ في هذا الحيِّ من الأنصار قبل أن يهلكوا؛ فكان أول من لَقِيَنا أبو اليسَر فذكر الحديث.. ثم قال: ثم مضينا حتى أتينا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في مسجده وهو يصلي..) فذكر الحديث. رواه مسلم في صحيحه، والبخاري في الأدب المفرد، وابن شبة في تاريخ المدينة، وابن حبان في صحيحه، وغيرهم. - وقال محمد بن عمرو بن علقمة: حدثنا أبو سلمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: وجدت عامة علم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هذا الحي من الأنصار، إن كنت لأقيل عند باب أحدهم ولو شئت أن يؤذن لي عليه لأذن، ولكن أبتغي بذلك طيب نفسه"). رواه ابن أبي خيثمة في كتاب العلم، والبيهقي في المدخل إلى السنن، والخطيب البغدادي في الجامع. - قال أبو بكر البيهقي رحمه الله: (جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام وأبوه من أكابر الصحابة، شهد العقبة في السبعين من الأنصار , الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها، استشهد أبوه يوم أحد، وبقي جابر بعد النبي صلى الله عليه وسلم مدة مديدة حتى احتاجوا إلى علمه). من وصاياه: - قال الهيثم بن محمد الخشاب: أخبرنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، عن جابر بن عبد الله، قال: (ينبغي للعالم أن يغسل قلبه كما يغسل الرجل ثوبه من النجس). - وبإسناده، عن جابر، قال: (تعلموا الصمت، ثم تعلموا الحلم، ثم تعلموا العمل بالعلم، ثم انشروا). رواهما البيهقي في شعب الإيمان. وفاته: كُفَّ بصره في آخر عمره، وتوفي بالمدينة، واختلف في سنة وفاته - فقال خارجة بن الحارث، وابن نمير، والهيثم بن عدي، والمدائني، والواقدي، وأبو حفص الفلاس، وابن زبر الربعي، وابن حبان: سنة 78هـ ، واختاره الذهبي. - وفي رواية أخرى عن الهيثم بن عديّ: سنة 68هـ. وهو خطأ. - وفي رواية أخرى عن ابن نمير ذكرها ابن زبر: سنة 72هـ.، وهو خطأ أيضاً. - وقال ابن سعد: سنة 73هـ، وهذه سنة وفاة جابر بن سمرة. - وقال ابن عبد البر: سنة 74هـ، ولا أعلم له مستنداً. - وعن أبي نعيم الفضل بن دكين روايتان، إحداهما: سنة 77ه، والأخرى: سنة 79هـ، ولعلهما على التقريب، والصواب بينهما. وأرجح الأقوال قول الجمهور، وهو أنه توفي سنة 78هـ، وقد ذكر أنه مات هو وعبد الرحمن بن غنم الأشعري في وقت واحد، وعبد الرحمن توفي سنة 78هـ. - قال محمد بن عمر الواقدي: (مات جابر بن عبد الله سنة ثمان وسبعين، وحدثني خارجة بن الحارث، قال: «رأيت على سريره بردا، وصلى عليه أبان بن عثمان، وهو والي المدينة، ومات جابر بن عبد الله وهو ابن أربع وتسعين، وكان يكنى أبا عبد الله، وكان قد ذهب بصره» رواه أبو نعيم في معرفة الصحابة. - وقال عاصم بن سويد: سمعت جَدّي معاوية بن معبد قال: (أدركت جابر بن عبد الله في بني حرام، يجلس في الشمس يستدبرها بظهره فاسودّ ظهره؛ فلما مات أخذ حسن بن حسن بن علي بين عمودي سرير جابر). رواه البخاري في التاريخ الكبير. - وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: (ويقال أنه مات وهو ابن أربع وتسعين وصلى عليه أبان بن عثمان وهو والي المدينة وكان آخر من مات من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة). رواه ابن عساكر. - قال أبو مسهر: (عبد الرحمن بن غنم هو رأس التابعين كان بفلسطين وقيل: تفقه به عامة التابعين بالشام, وكان صادقا فاضلا كبير القدر مات هو وجابر بن عبد الله في وقت). قال الهيثم بن عدي وشباب: توفي سنة ثمان وسبعين. - قال قتادة: كان آخر أصحاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم موتا بالمدينة جابر). رواه البغوي في معجم الصحابة وابن أبي شيبة في المصنف قال أبو القاسم البغوي: (وهذا عندي وهم، وآخر من مات بالمدينة سهل بن سعد، أخبرت عن ابن نمير قال: مات جابر بن عبد الله في سنة ثمان وسبعين). - وقال ابن عيينة: حدثنا أبو حازم قال: (كان سهل بن سعد آخر من بقي بالمدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه ابن أبي خيثمة. وسهل بن سعد توفي سنة إحدى وتسعين وقيل سنة ثمان وثمانين؛ فهو بعد جابر ببضع عشرة سنة، لكن كان يروى عن قتادة أن سهلاً توفّي بمصر. ورجّح الحافظ العراقي أنّ آخر الصحابة موتاً بالمدينة محمود بن الربيع توفي بها سنة تسع وتسعين للهجرة. رواة التفسير عن جابر: روى عن جابر بن عبد الله جماعة من كبار مفسري التابعين، منهم: سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد بن جبر، وعكرمة مولى ابن عباس، وزيد بن أسلم، وعامر بن شراحيل الشعبي، ووهب بن منبه، وقتادة بن دعامة السدوسي، ومحمد بن كعب القرظي، وعطية العوفي، وأرسل عنه عطاء الخراساني. ومن الرواة المكثرين من الرواية عنه: أبو الزبير المكي واسمه محمد بن مسلم بن تدرس، ومحمد بن المنكدر، وعمرو بن دينار، وأبو سفيان طلحة بن نافع. وممن له رواية عنه في كتب التفسير المسندة سوى من تقدّم: أبو جعفر الباقر محمد بن علي بن الحسين، ومحمد بن عمرو بن الحسن، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وعبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، وسعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت، وسعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، وعبد الرحمن بن سابط، وسالم بن أبي الجعد، وسعيد بن أبي هلال، ويزيد بن صهيب الفقير، وعبد الله بن عبيدة، وعمار بن أبي عمار المكي، سعيد بن أبي كرب الهداني، وعبد الله بن عثمان بن خثيم، وطلق بن حبيب العنزي، وأبو نضرة العبدي، وسعيد بن مينا المكي، وسليمان بن قيس اليشكري وله صحيفة عنه من مروياته في التفسير: - قال عمرو بن دينار: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يقول: لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم} قال: «أعوذ بوجهك»، {أو من تحت أرجلكم} قال: «أعوذ بوجهك»، فلما نزلت: {أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض} قال: «هاتان أهون، - أو أيسر -» رواه أحمد والبخاري والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم. - وقال حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، قال: سمعت جابر بن عبد الله، يقول: «أتانا النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما فأطعمناهم رطبا، وسقيناهم ماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم» هذا من النعيم الذي تسألون عنه " رواه أبو داوود الطيالسي وأحمد والنسائي وأبو يعلى وابن جرير وابن حبان والطبراني. - وقال عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: «{الصراط المستقيم} هو الإسلام، وهو أوسع مما بين السماء والأرض» رواه ابن جرير والحاكم وصححه. ![]()
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]() ![]() سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل سيرة أنس بن مالك بن النضر النجاري الأنصاري (ت:92هـ) رضي الله عنه 20: أنس بن مالك بن النضر النجاري الأنصاري (ت:92هـ) قدم النبيُّ صلى الله عليه وسلم المدينة، وأنس ابن عشر سنين؛ فجاءت به أمّه أمّ سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخدمه؛ فواظب على خدمته عشر سنين، فكان من أعرف الناس بشؤون النبي صلى الله عليه وسلم، ورأى من دلائل النبوة شيئاً كثيراً ، وروى من ذلك ما دُوّن في الصحاح والمسانيد والسنن منه شيء كثير. وكان بعض كبار الصحابة يسألونه عن بعض ما يعلم من شؤون النبي صلى الله عليه وسلم؛ وكان من أسعد الناس حظا بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم، وأعظمهم بركة بتلك الصحبة؛ وقد دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة؛ فبورك له في عمره وولده وماله وعلمه بركة عظيمة هي من دلائل النبوة. - قال الزهري: أخبرني أنس بن مالك رضي الله عنه: أنه كان ابن عشر سنين مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة. قال: فكان أمهاتي يواظبنني على خدمة النبي صلى الله عليه وسلم فخدمته عشر سنين، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشرين سنة). رواه البخاري. - وقال سعيد من منصور: حدثني حماد بن زيد، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، قال: (خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما قال لي: أفا قط، ولا قال لي لشيء: لم فعلت كذا؟ وهلا فعلت كذا؟). رواه مسلم. - وقال إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة: حدثنا أنس، قال: جاءت بي أمي أم أنس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أزَّرتني بنصف خمارها، وردَّتني بنصفه، فقالت: يا رسول الله! هذا أنيس ابني، أتيتك به يخدمك فادع الله له، فقال: «اللهم أكثر ماله وولده». قال أنس: فوالله إن مالي لكثير، وإن ولدي وولد ولدي ليتعادّون على نحو المائة، اليوم). رواه مسلم. - وروى حُميد الطويل، عن أنس رضي الله عنه قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم، على أم سليم، فأتته بتمر وسمن، قال: «أعيدوا سمنكم في سقائه، وتمركم في وعائه، فإني صائم» ثم قام إلى ناحية من البيت، فصلى غير المكتوبة، فدعا لأم سليم وأهل بيتها، فقالت أم سليم: يا رسول الله، إن لي خويصة، قال: «ما هي؟»، قالت: خادمك أنس. فما ترك خير آخرة ولا دنيا إلا دعا لي به، قال: «اللهم ارزقه مالا وولدا، وبارك له فيه»، فإني لمن أكثر الأنصار مالا، وحدثتني ابنتي أمينة: أنه دفن لصلبي مقدم حجاج البصرة بضع وعشرون ومائة). رواه البخاري. - وقال جعفر بن برقان: حدثنا عمران البصري القصير، عن أنس بن مالك قال: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما أمرني بأمر فتوانيت عنه أو ضيعته، فلامني، فإن لامني أحد من أهل بيته قال: (( دعوه، فلو قُدِّرَ - أو قال: لو قُضِيَ - أن يكون كان)). رواه أحمد وابن سعد، وفيه انقطاع، عمران لم يسمع من أنس وإنما رآه رؤية، وللحديث طرق أخرى يرقى بها إلى درجة الصحّة. وكان شديد المحبّة للنبي صلى الله عليه وسلم حريصاً على اتّباع هديه، وكان من شدّة محبته للنبي صلى الله عليه وسلم يحبّ ما يرى أنّ النبي صلى الله عليه وسلم يحبّه من الطعام. - الإمام مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه، يقول: إنَّ خياطا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه، قال أنس: فذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الطعام، فقرّب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خبزا ومرقاً فيه دُبَّاء وقديد، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم «يتتبع الدباء من حوالي القصعة»، قال: «فلم أزل أحب الدباء من يومئذ» رواه البخاري. - قال: المثنى بن سعيد الذارع: سمعت أنس بن مالك يقول: (قلَّ ليلةٌ تأتي علي إلا وأنا أرى فيها خليلي صلى الله عليه وسلم) قال المثنى: وأنس يقول ذلك وتدمع عيناه. رواه الإمام أحمد وابن سعد في الطبقات. - وقال علي بن الجعد: أخبرنا شعبة، عن ثابت عن أبي رافع قال: قال أبو هريرة: (ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن أم سليم. يعني أنسا). ورواه ابن سعد والطبراني من طريق عفان عن حماد بن سلمة عن ثابت به، ورواه الطبراني في الكبير من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، عن شعبة، عن ثابت البناني، عن أبي رافع، عن أبي هريرة به. وقال أنس بن سيرين: كان أنس بن مالك أحسن الناس صلاة في الحضر والسفر. صلى أنس القبلتين، وشهد المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، حتى روي أنه خرجه معه إلى بدر يخدمه ولم يقاتل. ولزم النبيَّ صلى الله عليه وسلم حتى مات، ثم أحسن صحبة أبي بكر وعمر وكانا يثنيان عليه، ثم شهد بعض الفتوح مع المسلمين، ثم سكن البصرة، وكان له بها أرض وزرع ومال، وطال عمره حتى حدّث عنه خلق كثير من التابعين، وكان يحبّ طلاب العلم ويقرّبهم، وربّما آثرهم بالحديث على بنيه لما يرى من حرصهم على العلم. - قال ثابت البناني: كنا عند أنس بن مالك وجماعة من أصحابه؛ فالتفت إلينا فقال: (والله لأنتم أحب إلي من عِدَّتكم من ولد أنس إلا أن يكونوا في الخير مثلكم). رواه ابن سعد. - قال محمد بن سيرين: كان أنس إذا حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه ابن سعد. - قال محمد بن عبد الله الأنصاري: حدثني أبي عن عمه ثمامة بن عبد الله عن أنس بن مالك أنه قال لبنيه: (يا بني قيدوا العلم بالكتاب). رواه ابن سعد. - قال عفان بن مسلم: أخبرنا معتمر بن سليمان قال: سمعت أبي يقول: سمعت أنس بن مالك يقول: (ما بقي أحد صلى القبلتين كلتيهما غيري). رواه ابن سعد. - ابن عون عن عطاء الواسطي عن أنس بن مالك قال: (لا يتقي الله عبد حتى يخزن من لسانه). رواه ابن وهب وابن أبي شيبة وابن سعد وأبو داوود في الزهد. ومما روي عنه في التفسير: أ: عن أنس رضي الله عنه، قال: غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر، فقال: «يا رسول الله غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع»، فلما كان يوم أحد، وانكشف المسلمون، قال: «اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء - يعني أصحابه - وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء، - يعني المشركين - ثم تقدم»، فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: «يا سعد بن معاذ، الجنة ورب النضر إني أجد ريحها من دون أحد»، قال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صنع، قال أنس: فوجدنا به بضعا وثمانين ضربة بالسيف أو طعنة برمح، أو رمية بسهم ووجدناه قد قتل وقد مثل به المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه قال أنس: " كنا نرى أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه}). متفق عليه وهذا لفظ البخاري، وقد روى هذا الحديث عن أنس: ثابت وحميد الطويل، وقال البخاري: {نحبه} عهده. ب: هشيم، عن حميد، عن أنس، قال: قال عمر رضي الله عنه: اجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليه، فقلت لهن: {"عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن"} «فنزلت هذه الآية» رواه البخاري. ج: ثنا شعبة، قال: سمعت قتادة يحدث عن أنس في هذه الآية {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} قال: الحديبية). رواه البخاري وابن جرير. روى عنه في التفسير: قتادة، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، والزهري، وثابت البناني، وحميد الطويل، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وأبو مجلز حميد بن لاحق، وأبو رجاء العطاردي، وعاصم الأحول، ومعاوية بن قرة، والربيع بن أنس البكري. وممن اختلف في سماعه منه: حفيده ثمامة بن عبد الله بن أنس، وحديثه عنه في صحيح البخاري لكن أعلّه الدارقطني بالانقطاع. وأرسل عنه: الأعمش، وعاصم بن أبي النجود، وعطاء الخراساني، ويحيى بن أبي كثير، وحماد بن زيد، وأيوب السختياني، وهارون بن رئاب، وشعيب بن الحبحاب الأزدي، وعبد الملك بن أبي سليمان، وداوود بن أبي هند، ومطر الوراق، وحبيب بن أبي ثابت، وواقد بن سلامة البصري. وروى عنه من الضعفاء: أبان بن أبي عياش، ويزيد بن أبان الرقاشي، وعلي بن زيد بن جدعان، وأبو اليقظان عثمان بن عمير ويقال عثمان قيس. وأرسل عنه من الضعفاء: سعد بن سنان. ![]()
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
![]() ![]() سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل سيرة أبي عائشة مسروق بن الأجدع الهمْداني (ت:62هـ) رحمه الله 2: أبو عائشة مسروق بن الأجدع الهمْداني (ت:62هـ): الإمام العالم العابد الفقيه؛ كان ن كبار التابعين وأجلائهم، من المخضرمين أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يلقه، وصلّى خلف أبي بكر رضي الله عنه. كان والده من شعراء الجاهلية المعروفين، وأما هو فكان يكره الشعر، ويقول: أكره أن أجد في صحيفتي شعراً، وقد رُوي من طرق أن والده الأجدع وفد على عمرَ فسمّاه عبد الرحمن. - كان طَلابة للعلم، حريصاً عليه، أخذ العلم عن كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجالس عدداً منهم حتى حصّل علماً غزيراً. - قال الشعبي: (ما علمت أن أحداً كان أطلب للعلم في أفقٍ من الآفاق من مسروقٍ). - وقال علي بن المديني: (ما أقدم على مسروقٍ أحداً من أصحاب عبد الله، صلى خلف أبي بكرٍ، ولقي عمراً وعلياً، ولم يرو عن عثمان شيئاً، وزيد بن ثابت وعبد الله والمغيرة وخباب بن الأرت). رواه الخطيب البغدادي. -أبو إسحاق السبيعي عن مسروقٍ قال: (قدمت المدينة فسألت عن أصحاب النبي صلى الله الله عليه وسلم، فإذا زيد بن ثابتٍ من الراسخين في العلم). رواه ابن سعد. - الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال: لقد جالست أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؛ فوجدتهم كالإخاذ. فالإخاذ يروي الرجل والإخاذ يروي الرجلين والإخاذ يروي العشرة والإخاذ يروي المائة والإخاذ لو نزل به أهل الأرض لأصدرهم. فوجدت عبد الله بن مسعود من ذلك الإخاذ). رواه ابن سعد والبيهقي وابن عساكر. - شهد مسروق القادسية، وفيها جرح، وأصابت جراحة في رأسه، وشلت يده، وشهد مع عليّ وقعة الخوارج، واعتزل القتال في الفتنة؛ حضر وقعة صفين وقام بين الصفّين فذكّر ووعظ وحذّر ثم انصرف. - قال العجلي: (مسروق بن الأجدع يكنى أبا عائشة، كوفيّ تابعيّ ثقة، كان أحد أصحاب عبد الله الذين يقرئون ويفتون، وكان يصلَي حتى ترم قدماه). - قال علي بن الأقمر: كان مسروق يؤمنا في رمضان فيقرأ العنكبوت في ركعة. - قال سعيد بن جبير: (لقيني مسروق فقال: يا سعيد ما بقي شيء يرغب فيه إلا أن نعفر وجوهنا في هذا التراب). وله وصايا وحكم مأثورة عنه، منها: - الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال: (كفى بالمرء علما أن يخشى الله. وكفى بالمرء جهلا أن يعجب بعمله). رواه ابن سعد. - وقال: (المرء حقيق أن يكون له مجالس يخلو فيها فيذكر ذنوبه فيستغفر الله). تولّى القضاء في الكوفة، وكان لا يأخذ أجراً عليه، ومات ولم يترك ثمن كفنه. روى عن: علي وابن مسعود وعائشة وخباب بن الأرت، وروى عنه: أبو الضحى مسلم بن صبيح القرشي فأكثر، والشعبي، وعبد الله بن مرة، وسالم بن أبي الجعد، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، ويحيى بن الجزار، وعبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، وغيرهم. مما روي عنه في التفسير: أ: الأعمش، عن مسلم، عن مسروق قال: سئل عبد الله عن الكبائر، قال: ما بين فاتحة"سورة النساء" إلى رأس الثلاثين). رواه ابن جرير. ب: الحسن بن عبد الله، عن أبي الضحى، عن مسروق في قوله (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) قال: حين أُسري به). رواه ابن جرير. ج: منصور، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله، في قوله: {أو يأتي بعض آيات ربك} قال: (طلوع الشمس والقمر كالبعيرين القرينين من مغربها). ![]()
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
![]() ![]() سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل سيرة أبي إسماعيل مرة بن شراحيل البُكيلي الهمْداني (ت: 76هـ) رحمه الله 4: أبو إسماعيل مرة بن شراحيل البُكيلي الهمْداني (ت: 76هـ) يقال له: مرة الطيب، ومرة الخير؛ قال ابن حبان: (إنما سمّي طيّبا لكثرة عبادته). وقال الذهبي: (مخضرم، كبير الشأن). وقال العجلي: (كوفيّ تابعيّ ثقة). وكان من عبّاد أهل الكوفة، جمع من العلم فأكثر، لكن غلبت عليه العبادة. قال عطاء بن السائب: رأيت مصلى مرة الهمداني مثل مبرك البعير. وقال ابن حبان: (كان يصلى كل يوم ستمائة ركعة، وكان مسجده مثل مبرك البعير). قال الذهبي: (ما كان هذا الولي يكاد يتفرغ لنشر العلم، ولهذا لم تكثر روايته، وهل يراد من العلم إلا ثمرته). قلت: ومع هذا فمروياته في التفسير كثيرة. ومن مروياته في التفسير: أ: قال عبد الله بن وهب: أخبرنا سفيان الثوري، عن زبيد الإيامي، عن مرة بن شراحيل الهمداني قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: {اتقوا الله حق تقاته}، قال: فحق تقاته أن يطاع فلا يعصى، ويشكر فلا يكفر، وأن يذكر فلا ينسى). ورواه أيضاً ابن جرير. ب: عمرو بن قيس الملائي عن مرة الطيب: ليتق امرؤ ألا يكون من رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء. ثم قرأ هذه الآية: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء}). رواه ابن أبي حاتم. ج: قال موسى بن أبي عائشة: سألت مرة الهمداني عن قوله تعالى : {اللؤلؤ والمرجان} قال: « المرجان: جيد اللؤلؤ » رواه عبد الرزاق.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |