الهجرة: دروس وعبر - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         قصَّة موسى في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 28 - عددالزوار : 247 )           »          عابدة متعبدة ميمونة السوداء* (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          أرجوحة الصبر.... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          لحظات من رحمة المرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          قبلة الجبين..عرفان ووقار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          أدب التعليق وأصول التعقيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الصوم ... والتأهيل الحضاري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 26 )           »          أخطاءٌ لغويَّـة في ضَبط ألفاظ السنَّة النبويَّـة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          حكم المبيت بالمخيمات بعد طواف الوداع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4876 - عددالزوار : 1869946 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 04-10-2024, 11:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,757
الدولة : Egypt
افتراضي الهجرة: دروس وعبر

الهجرة: دروس وعبر

أبو سلمان راجح الحنق

خطبة الحاجة:
المقدمة:
أيها المسلمون، مكة المكرمة بداية انطلاق الدعوة المباركة، حيث شعَّ نور التوحيد عند البيت العتيق، قال سبحانه: ﴿ يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾ [المدثر: 1 - 5]، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا التكليف الرباني ودعاء قومه إلى قول كلمة التوحيد "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، كلمة تنفي كل ما يُعبَد من دون الله تعالى، وتثبت الوحدانية والعبادة لله وحده لا شريك له، فكانت تلك الكلمة كالصاعقة على مشركي قريش ممن تشرَّبت قلوبهم بحب الأصنام وعبادة الأحجار.

أيها المسلمون، فمن كان قلبه فيه صحة وسلامة من أدران الشرك وعبادة الأحجار، سارع إلى إجابة دعوة الحق، فآمن وصدق بما جاء به سيد الخلق.

فكان المجتمع المكي فريقين: فريقًا آمن بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفريقًا وقف حجر عثرة أمام دعوة الحق والهدى. فمن آمن برسالة الحق والهدى في ذلك المجتمع المكي، وقف لهم مشركو قريش بالمرصاد، وأذاقوهم صنوفًا من العذاب، فيمر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول أولئك الضعفاء والموالي ممن آمن برسالة الحق والهدى: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو لنا؟ فيجيبهم رسول رب العالمين، وهو يتألم لحالهم ويحزن لما يحصل لهم: "صبرًا آل ياسر؛ فإن موعدكم الجنة"، كلمات رائعات وبلسم شافٍ لمن أوذي في ذات الله، ومن أجل الدين الحق.

أيها الناس، إن حدث الهجرة حدثٌ عظيمٌ، وإن فيها لعبرًا، وليس المقصود سرد أحداثها، والوقوف عند كل درس من دروسها، غير أن ما يؤكده درس الهجرة أن الدين هو السياج الحامي لكل حق في الأنفس والأموال والأرض والحرية والكرامة.

أيها الناس، إذا حُفِظ الدينُ حُفِظَت النفسُ وحُفِظ المالُ بصدق العقيدة، تحفظ الأرض ويحفظ الأهل.

أيها المسلمون، تُهجَر الأوطان، ويُضحَّى بالأنفس والأموال من أجل الحفاظ على الإيمان.

إن من دروس الهجرة، بيان مكانة الدين وعظمته في النفوس، ومن أجله ضَحَّى أبو بكر الصدِّيق رضي الله عنه بماله، وترك داره وعياله، وجنَّد نفسه وماله وأولاده خدمة لمن كان سببًا في إنقاذه مما كان عليه أهل مكة، وكان رفيق رسول الله صلى الله عليه وسلم في حله وترحاله، وصاحبه في الغار الذي اتخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانًا يختفي فيه مع صاحبه الصِّدِّيق من أعيُن كفار قريش، اسمعوا إلى هذا الحوار اللطيف والكلمات التي تشعُّ نورًا، وفيها خوف على مقام خير الخلق، "يا رسول الله، لو نظر أحدهم إلى موضع قدميه لرآنا"، قالها أبو بكر الصديق خوفًا على حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان الجواب من رسول الله صلى الله عليه وسلم، جوابًا شافيًا كافيًا "يا أبا بكر، ما ظنُّك باثنين الله ثالثهما"، والأعجب من ذلك أن الله تعالى جلَّ في علاه خلَّد هذا الموقف وذلك الحوار وتلك الكلمات في القرآن العظيم كلامِه المبين ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40].

وهذا الشاب المقدام والشجاع المغوار يؤدي دوره في حادثة الهجرة، ويفدي صاحب الرسالة بروحه، ويخاطر بحياته حفظًا على حياة خير البرية ومُعلِّم البشرية وهادي الإنسانية بفضل رب البرية، وينام على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يعلم أن نومه على فراش رسول الله قد يُودِي بحياته إلى الموت، ولكنه الإيمان والفداء، والحب لرسول الله.

وهكذا كان حدث الهجرة حدثًا عظيمًا، إن العبرة في الهجرة تقرر أن الأمة الصحيحة في عقيدتها، الطاهرة في أخلاقها، المستقيمة في تربيتها على وفق شرع الله تعالى، كتاب الله تعالى وسنة رسوله، وعلى ما كان عليه الصحابة الأخيار الأبرار الأطهار، يغدو سلطانها أكثر تماسكًا وأقوى منعةً وأطول بقاء، وفي المقابل إذا كانت الأمة مضطربة في عقيدتها، فقيرة في أخلاقها، منحرفة في نظمها ومبادئها، فإنها في طريق الاضمحلال تسير، ويكون زوالها متحقق لا محالة.

أيها الناس، إن ذكر شيء من أحداث الهجرة، من أجل استثارة الهمم، وزيادة في الإيمان، وثقة بنصر الله تعالى لعباده المؤمنين الصادقين الذين شرفهم الله بالعمل بكتابه واتِّباع سنة نبيِّه وترسُّم خطى ذلك الجيل الفريد، الذي ضَحَّى بالأرواح، وبذل الغالي والرخيص، إيمانًا بالله تعالى، وتصديقًا بوعد الله تعالى، وحبًّا لمن أرسله الله تعالى رحمةً مهداةً صلوات الله وسلامه عليه، فالحبُّ الحقيقي لرسول الله ابحث عنه في هذه الآية: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31].

أيها الناس، لقد ضم مجتمع الهجرة في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصدِّيق القرشي، وعلي الهاشمي، وسلمان الفارسي وصهيبًا الرومي، وبلالًا الحبشي رضي الله عنهم جميعًا.

أيها المسلمون، ومن دروس الهجرة بيان ما بذله المهاجرون رضوان الله عليهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، من تضحية وفداء، وهجر للأهل والأوطان والأموال، وقابلهم الأنصار رضي الله عنهم بإيثار منقطع النظير لم يشهد له التاريخ مثيلًا، أنصار تبؤوا الدار والإيمان، يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أتوا، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.

فهل سيكون من جاء بعد المهاجرين والأنصار ممن قال الله فيهم: ﴿ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10].

بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم.

الخطبة الثانية
الحمد لله وحده، نصر عبده، وأعَزَّ جنده، وهزم الأحزاب وحده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا رسول الله، بعثه الله بالهدى ودين الحق، صبر وصابر، وجاهد وهاجر، حتى ارتفعت أعلام الدين، وحق القول على الكافرين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه أجمعين.

أيها المسلمون، وإن من دروس الهجرة، أن الانتساب إلى هذا الدين عِزٌّ ونصرٌ وتمكينٌ لأهله، كما مَكَّن الله تعالى لأصحاب نبيِّه عليه الصلاة والسلام، ورضي الله عنهم وأرضاهم، حيث إنهم صدقوا الله فصدقهم، ونصروا دين الله فنصرهم، واعتزوا بهذا الدين فعزهم الله "ومن يبتغي العزة في غير دين الله أذلَّه الله" كما قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

أيها الناس، إن استحقاق أمة الإسلام للعيش الكريم والبقاء على هذه الأرض بعزة وكرامة مرتبط بثباتها على دينها، وتحكيم شريعة ربِّها، والسير على منهج الله، كتاب الله تعالى وسُنَّة رسوله، وعلى ما كان عليه الصحابة الأخيار الأبرار الأطهار، وتراحمها فيما بينها، ودرس الأنصار واستقبالهم لإخوانهم المهاجرين، ومقاسمتهم معهم الأموال والدور والطعام خير مثال.

فهل نحن يا عباد الله في هذا العصر وفي هذا الزمن وبعد مضي ألف وأربعمائة من الهجرة على صاحبها الصلاة والسلام، هل نحن صادقون في التزامنا بما جاء به سيد الخلق صلى الله عليه وسلم؟ هل نحن عاملون بكتاب الله تعالى وتحكيمه والسير على توجيهاته والعمل بأحكامه؟ وهل نحن سائرون على هدي رسوله والعمل بسُنَّته والسير على طريقته وهديه، ومسلمين لحكمه ومقتدين بسنته وسيرته؟

هل نحن يا عباد الله استلهمنا درس البذل والعطاء والإحساس والشعور، بما يصيب المسلمين في هذا العصر، من ظلم وحصار وتجويع وإرهاب لإخواننا في أرض الشام "فلسطين وغزة" وتشبهنا بالأنصار الذين آثروا إخوانهم المهاجرين، ولو كان بهم خَصاصة؟ أليس لنا يا مسلمون أخوة في غزَّة، أصابتهم اللَّأْواء، وأثخنتهم الجروح، ورماهم الأعداء عن قوس واحدة، من يهود ونصارى ومنافقين وممن يحمل في قلبه عداوة لهذا الدين، ويبغض ما جاء به سيد الخلق صلى الله عليه وسلم من الدين القويم كتاب الله تعالى وسُنَّة رسوله؟!

حصار وتجويع، وقتل وتشريد، فأين قادة العالم الإسلامي؟! وأين الجيوش الجرَّارة؟! وأين الحميَّة الإسلامية؟! وأين النخوة الدينية؟! وأين النصرة للمؤمنين المستضعفين في أرض غزة؟!

الله المستعان، شعوب مُغيَّبة، لا هَمَّ لها إلا سفاسف الأمور إلا من رحم ربي، وقادة أسكرهم حب الدنيا، وحب المناصب الزائفة، وأعرضوا عن دين الله، فأعرض الله عنهم وأذلهم، أين هؤلاء القادة من قولة عمر الفاروق: "والله، لو تعثَّرت دابَّةٌ في أرض العراق لسألني الله عنها: لمَ لمْ تُعبِّد لها الطريق؟".

وهنا شعب بأكمله يُباد ويُحاصر، أخوة لنا في الدين والعقيدة، هم ملتزمون بدين الله تعالى القرآن الكريم والسنة المطهرة، وعلى آثار الصحابة سائرون، أين القادة والحُكَّام والجيوش والشعوب من الغيرة لدين الله والغيرة على الحرمات؟! وأين هم من تحرير المقدسات، وإنقاذها من رجس أحفاد القردة والخنازير؟!

ولكن أصابنا داءُ الأمم من قبلنا التفرقُ والاختلافُ، والشحناءُ والبغضاءُ، وحُبُّ الدنيا وكراهيةُ الموت، والإعراضُ عن كتاب الله تعالى وعن سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإعراض عن هدي السلف الصالح من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم جميعًا.

فهل تكون لنا ذكرى الهجرة محطة للمراجعة والمحاسبة والتوبة والصدق في العمل بالكتاب والسنة، والغيرة على الحُرُمات، وتطهير المقدسات، ورفع الظلم والجور عن إخواننا المسلمين في غزة، ﴿ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ﴾ [محمد: 38].

ألا وصلُّوا وسلِّموا على خير خلق الله محمد بن عبدالله وعلى آله وأصحابه وأزواجه أجمعين.

الدعاء.

عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 70.32 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 68.60 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.45%)]