|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء التاسع تَفْسِيرِ سُّورَةِ النِّسَاءُ الحلقة (521) صــ 396 إلى صــ 410 وقال آخرون : بل"المقيمون الصلاة" من صفة غير"الراسخين في العلم" في هذا الموضع ، وإن كان"الراسخون في العلم" من"المقيمين الصلاة" . وقال قائلو هذه المقالة جميعا : موضع"المقيمين" في الإعراب ، خفض . فقال بعضهم : موضعه خفض على العطف على"ما" التي في قوله : " يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك " ، ويؤمنون بالمقيمين الصلاة . ثم اختلف متأولو ذلك هذا التأويل في معنى الكلام . فقال بعضهم : معنى ذلك : " والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك " ، وبإقام الصلاة . قالوا : ثم ارتفع قوله : "والمؤتون الزكاة" ، عطفا على ما في"يؤمنون" من ذكر"المؤمنين" ، كأنه قيل : والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك ، هم والمؤتون الزكاة . وقال آخرون : بل"المقيمون الصلاة" ، الملائكة . قالوا : وإقامتهم الصلاة ، تسبيحهم ربهم ، واستغفارهم لمن في الأرض . قالوا : ومعنى الكلام : " والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك " ، وبالملائكة . وقال آخرون منهم : بل معنى ذلك : "والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك" ، ويؤمنون بالمقيمين الصلاة ، هم والمؤتون الزكاة ، كما قال جل ثناؤه : ( يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ) [ سورة التوبة : 61 ] . وأنكر قائلو هذه المقالة أن يكون : "المقيمين" منصوبا على المدح . وقالوا : إنما تنصب العرب على المدح من نعت من ذكرته بعد تمام خبره . قالوا : وخبر [ ص: 397 ] "الراسخين في العلم" قوله : " أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما " . قال : فغير جائز نصب"المقيمين" على المدح ، وهو في وسط الكلام ، ولما يتم خبر الابتداء . وقال آخرون : معنى ذلك : لكن الراسخون في العلم منهم ، ومن المقيمين الصلاة . وقالوا : موضع"المقيمين" ، خفض . وقال آخرون : معناه : والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك ، وإلى المقيمين الصلاة . قال أبو جعفر : وهذا الوجه والذي قبله ، منكر عند العرب ، ولا تكاد العرب تعطف بظاهر على مكني في حال الخفض ، وإن كان ذلك قد جاء في بعض أشعارها . قال أبو جعفر : وأولى الأقوال عندي بالصواب ، أن يكون"المقيمين" في موضع خفض ، نسقا على"ما" ، التي في قوله : "بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك" وأن يوجه معنى"المقيمين الصلاة" ، إلى الملائكة . فيكون تأويل الكلام : "والمؤمنون منهم يؤمنون بما أنزل إليك" ، يا محمد ، من الكتاب "وبما أنزل من قبلك" ، من كتبي ، وبالملائكة الذين يقيمون الصلاة . ثم يرجع إلى صفة"الراسخين في العلم" ، فيقول : لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون بالكتب والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر . وإنما اخترنا هذا على غيره ، لأنه قد ذكر أن ذلك في قراءة أبي بن كعب ( والمقيمين الصلاة ) ، وكذلك هو في مصحفه ، فيما ذكروا . فلو كان ذلك خطأ من الكاتب ، لكان الواجب أن يكون في كل المصاحف غير مصحفنا الذي [ ص: 398 ] كتبه لنا الكاتب الذي أخطأ في كتابه بخلاف ما هو في مصحفنا . وفي اتفاق مصحفنا ومصحف أبي في ذلك ، ما يدل على أن الذي في مصحفنا من ذلك صواب غير خطأ . مع أن ذلك لو كان خطأ من جهة الخط ، لم يكن الذين أخذ عنهم القرآن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمون من علموا ذلك من المسلمين على وجه اللحن ، ولأصلحوه بألسنتهم ، ولقنوه الأمة تعليما على وجه الصواب . وفي نقل المسلمين جميعا ذلك قراءة ، على ما هو به في الخط مرسوما ، أدل الدليل على صحة ذلك وصوابه ، وأن لا صنع في ذلك للكاتب . وأما من وجه ذلك إلى النصب على وجه المدح ل"الراسخين في العلم" ، وإن كان ذلك قد يحتمل على بعد من كلام العرب ، لما قد ذكرت قبل من العلة ، وهو أن العرب لا تعدل عن إعراب الاسم المنعوت بنعت في نعته إلا بعد تمام خبره . وكلام الله جل ثناؤه أفصح الكلام ، فغير جائز توجيهه إلا إلى الذي هو [ أولى ] به من الفصاحة . وأما توجيه من وجه ذلك إلى العطف به على"الهاء" و"الميم" في قوله : "لكن الراسخون في العلم منهم" أو : إلى العطف به على"الكاف" من قوله : "بما أنزل إليك" أو : إلى"الكاف" من قوله : "وما أنزل من قبلك" ، فإنه أبعد من الفصاحة من نصبه على المدح ، لما قد ذكرت قبل من قبح رد الظاهر على المكني في الخفض . [ ص: 399 ] وأما توجيه من وجه"المقيمين" إلى"الإقامة" ، فإنه دعوى لا برهان عليها من دلالة ظاهر التنزيل ، ولا خبر تثبت حجته . وغير جائز نقل ظاهر التنزيل إلى باطن بغير برهان . وأما قوله : "والمؤتون الزكاة" ، فإنه معطوف به على قوله : "والمؤمنون يؤمنون" ، وهو من صفتهم . وتأويله : والذين يعطون زكاة أموالهم من جعلها الله له وصرفها إليه"والمؤمنون بالله واليوم الآخر" ، يعني : والمصدقون بوحدانية الله وألوهته ، والبعث بعد الممات ، والثواب والعقاب"أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما" ، يقول : هؤلاء الذين هذه صفتهم"سنؤتيهم" ، يقول : سنعطيهم"أجرا عظيما" ، يعني : جزاء على ما كان منهم من طاعة الله واتباع أمره ، وثوابا عظيما ، وذلك الجنة . القول في تأويل قوله ( إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا ( 163 ) ) قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : " إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح " ، إنا أرسلنا إليك ، يا محمد ، بالنبوة كما أرسلنا إلى نوح ، وإلى سائر الأنبياء الذين سميتهم لك من بعده ، والذين لم أسمهم لك ، كما : - [ ص: 400 ] 10839 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن منذر الثوري ، عن الربيع بن خثيم في قوله : " إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده " ، قال : أوحى إليه كما أوحى إلى جميع النبيين من قبله . وذكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن بعض اليهود لما فضحهم الله بالآيات التي أنزلها على رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك من قوله : " يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء " فتلا ذلك عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالوا : "ما أنزل الله على بشر من شيء بعد موسى "! فأنزل الله هذه الآيات ، تكذيبا لهم ، وأخبر نبيه والمؤمنين به أنه قد أنزل عليه بعد موسى وعلى من سماهم في هذه الآية ، وعلى آخرين لم يسمهم ، كما : - 10840 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا يونس بن بكير وحدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق قال : حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال : حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال سكين وعدي بن زيد : يا محمد ، ما نعلم الله أنزل على بشر من شيء بعد موسى ! فأنزل الله في ذلك من قولهما : " إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده " إلى آخر الآيات . [ ص: 401 ] وقال آخرون : بل قالوا لما أنزل الله الآيات التي قبل هذه في ذكرهم : "ما أنزل الله على بشر من شيء ، ولا على موسى ، ولا على عيسى "! فأنزل الله جل ثناؤه : ( وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء ) ، [ سورة الأنعام : 91 ] ، ولا على موسى ولا على عيسى . ذكر من قال ذلك : 10841 - حدثني الحارث قال : حدثنا عبد العزيز قال : حدثنا أبو معشر ، عن محمد بن كعب القرظي قال : أنزل الله : " يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء " إلى قوله : " وقولهم على مريم بهتانا عظيما " ، فلما تلاها عليهم يعني : على اليهود وأخبرهم بأعمالهم الخبيثة ، جحدوا كل ما أنزل الله ، وقالوا : "ما أنزل الله على بشر من شيء ، ولا على موسى ولا على عيسى !! وما أنزل الله على نبي من شيء"! قال : فحل حبوته وقال : ولا على أحد !! فأنزل الله جل ثناؤه : ( وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء ) [ سورة الأنعام : 91 ] وأما قوله : " وآتينا داود زبورا " ، فإن القرأة اختلفت في قراءته . فقرأته عامة قرأة أمصار الإسلام ، غير نفر من قرأة الكوفة : ( وآتينا داود زبورا ) ، بفتح"الزاي" على التوحيد ، بمعنى : وآتينا داود الكتاب المسمى"زبورا" . وقرأ ذلك بعض قرأة الكوفيين : ( وآتينا داود زبورا ) ، بضم"الزاي" جمع"زبر" . كأنهم وجهوا تأويله : وآتينا داود كتبا وصحفا مزبورة . [ ص: 402 ] من قولهم : "زبرت الكتاب أزبره زبرا" و"ذبرته أذبره ذبرا" ، إذا كتبته . قال أبو جعفر : وأولى القراءتين في ذلك بالصواب عندنا ، قراءة من قرأ : ( وآتينا داود زبورا ) ، بفتح"الزاي" ، على أنه اسم الكتاب الذي أوتيه داود ، كما سمى الكتاب الذي أوتيه موسى "التوراة" ، والذي أوتيه عيسى "الإنجيل" ، والذي أوتيه محمد "الفرقان" ، لأن ذلك هو الاسم المعروف به ما أوتي داود . وإنما تقول العرب : "زبور داود " ، بذلك تعرف كتابه سائر الأمم . القول في تأويل قوله ( ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما ( 164 ) ) قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : إنا أوحينا إليك ، كما أوحينا إلى نوح وإلى رسل قد قصصناهم عليك ، ورسل لم نقصصهم عليك . فلعل قائلا يقول : فإذ كان ذلك معناه ، فما بال قوله : "ورسلا" منصوبا غير مخفوض ؟ قيل : نصب ذلك إذ لم تعد عليه"إلى" التي خفضت الأسماء قبله ، وكانت الأسماء قبلها ، وإن كانت مخفوضة ، فإنها في معنى النصب . لأن معنى الكلام : إنا أرسلناك رسولا كما أرسلنا نوحا والنبيين من بعده ، فعطفت "الرسل" على معنى الأسماء قبلها في الإعراب ، لانقطاعها عنها دون ألفاظها ، إذ لم يعد عليها ما خفضها ، كما قال الشاعر . [ ص: 403 ] لو جئت بالخبز له منشرا والبيض مطبوخا معا والسكرا لم يرضه ذلك حتى يسكرا وقد يحتمل أن يكون نصب"الرسل" ، لتعلق"الواو" بالفعل ، بمعنى : وقصصنا رسلا عليك من قبل ، كما قال جل ثناؤه : ( يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما ) [ سورة الإنسان : 31 ] . وقد ذكر أن ذلك في قراءة أبي ورسل قد قصصناهم عليك من قبل ورسل لم نقصصهم عليك ، فرفع ذلك ، إذ قرئ كذلك ، بعائد الذكر في قوله : "قصصناهم عليك" . وأما قوله : " وكلم الله موسى تكليما " ، فإنه يعني بذلك جل ثناؤه : وخاطب الله بكلامه موسى خطابا ، وقد : - 10842 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا يحيى بن واضح قال : حدثنا نوح بن أبي مريم ، وسئل : كيف كلم الله موسى تكليما ؟ فقال : مشافهة . [ ص: 404 ] وقد : - 10843 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبو أسامة ، عن ابن مبارك ، عن معمر ويونس ، عن الزهري ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال : أخبرني جزء بن جابر الخثعمي قال : سمعت كعبا يقول : إن الله جل ثناؤه لما كلم موسى ، كلمه بالألسنة كلها قبل كلامه يعني : كلام موسى فجعل يقول : يا رب ، لا أفهم! حتى كلمه بلسانه آخر الألسنة ، فقال : يا رب هكذا كلامك ؟ قال : لا ولو سمعت كلامي أي : على وجهه لم تك شيئا! قال ابن وكيع : قال أبو أسامة ( ) : وزادني أبو بكر الصغاني في هذا الحديث أن موسى قال : يا رب ، هل في خلقك شيء يشبه كلامك ؟ قال : لا وأقرب خلقي شبها بكلامي ، أشد ما تسمع الناس من الصواعق . [ ص: 405 ] 10844 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبو أسامة ، عن عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر قال : سمعت محمد بن كعب القرظي يقول : سئل موسى : ما شبهت كلام ربك مما خلق ؟ فقال موسى : الرعد الساكب . 10845 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال : حدثنا عبد الله بن وهب [ ص: 406 ] قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب قال : أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن : أنه أخبره عن جزء بن جابر الخثعمي قال : لما كلم الله موسى بالألسنة كلها قبل لسانه ، فطفق يقول : والله يا رب ، ما أفقه هذا!! حتى كلمه بلسانه آخر الألسنة بمثل صوته ، فقال موسى : يا رب هذا كلامك ؟ قال : لا . قال : هل في خلقك شيء يشبه كلامك ؟ قال : لا ، وأقرب خلقي شبها بكلامي ، أشد ما يسمع الناس من الصواعق . 10846 - حدثني أبو يونس المكي قال : حدثنا ابن أبي أويس قال : أخبرني أخي ، عن سليمان ، عن محمد بن أبي عتيق ، عن ابن شهاب ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام : أنه أخبره جزء بن جابر الخثعمي : أنه سمع [ كعب ] الأحبار يقول : لما كلم الله موسى بالألسنة كلها قبل لسانه ، فطفق موسى يقول : أي رب ، والله ما أفقه هذا!! حتى كلمه آخر الألسنة بلسانه بمثل صوته ، فقال موسى : أي رب ، أهكذا كلامك ؟ فقال : لو كلمتك بكلامي لم تكن شيئا! قال : أي رب ، هل في خلقك شيء يشبه كلامك ؟ فقال : لا وأقرب خلقي شبها بكلامي ، أشد ما يسمع من الصواعق . [ ص: 407 ] 10847 - حدثنا ابن عبد الرحيم قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا زهير ، عن يحيى ، عن الزهري ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، عن جزء بن جابر : أنه سمع كعبا يقول : لما كلم الله موسى بالألسنة قبل لسانه ، طفق موسى يقول : أي رب ، إني لا أفقه هذا!! حتى كلمه الله آخر الألسنة بمثل لسانه ، فقال موسى : أي رب ، هذا كلامك ؟ قال الله : لو كلمتك بكلامي لم تكن شيئا! قال : يا رب ، فهل من خلقك شيء يشبه كلامك ؟ قال : لا وأقرب خلقي شبها بكلامي ، أشد ما يسمع من الصواعق . القول في تأويل قوله ( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما ( 165 ) ) قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بذلك : إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ، ومن ذكر من الرسل "رسلا" ، فنصب"الرسل" على القطع من أسماء الأنبياء الذين ذكر أسماءهم "مبشرين" ، يقول : أرسلتهم رسلا إلى خلقي وعبادي ، مبشرين بثوابي من أطاعني واتبع أمري وصدق رسلي ، ومنذرين [ ص: 408 ] عقابي من عصاني وخالف أمري وكذب رسلي"لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل" ، يقول : أرسلت رسلي إلى عبادي مبشرين ومنذرين ، لئلا يحتج من كفر بي وعبد الأنداد من دوني ، أو ضل عن سبيلي بأن يقول إن أردت عقابه : ( لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى ) [ سورة طه : 134 ] . فقطع حجة كل مبطل ألحد في توحيده وخالف أمره ، بجميع معاني الحجج القاطعة عذره ، إعذارا منه بذلك إليهم ، لتكون لله الحجة البالغة عليهم وعلى جميع خلقه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 10849 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل " ، فيقولوا : ما أرسلت إلينا رسلا . "وكان الله عزيزا حكيما" ، يقول : ولم يزل الله ذا عزة في انتقامه ممن انتقم [ منه ] من خلقه ، على كفره به ، ومعصيته إياه ، بعد تثبيته حجته عليه برسله وأدلته"حكيما" ، في تدبيره فيهم ما دبره . [ ص: 409 ] القول في تأويل قوله ( لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا ( 166 ) ) قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : إن يكفر بالذي أوحينا إليك ، يا محمد ، اليهود الذين سألوك أن تنزل عليهم كتابا من السماء ، وقالوا لك : " ما أنزل الله على بشر من شيء " فكذبوك ، فقد كذبوا . ما الأمر كما قالوا : لكن الله يشهد بتنزيله إليك ما أنزل من كتابه ووحيه ، أنزل ذلك إليك بعلم منه بأنك خيرته من خلقه ، وصفيه من عباده ، ويشهد لك بذلك ملائكته ، فلا يحزنك تكذيب من كذبك ، وخلاف من خالفك" وكفى بالله شهيدا " ، يقول : وحسبك بالله شاهدا على صدقك دون ما سواه من خلقه ، فإنه إذا شهد لك بالصدق ربك ، لم يضرك تكذيب من كذبك . وقد قيل : إن هذه الآية نزلت في قوم من اليهود ، دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى اتباعه ، وأخبرهم أنهم يعلمون حقيقة نبوته ، فجحدوا نبوته وأنكروا معرفته . ذكر الخبر بذلك : 10850 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا يونس ، عن محمد بن إسحاق قال : حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال : حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس قال : دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من يهود ، فقال لهم : إني والله أعلم إنكم لتعلمون أني رسول الله! فقالوا : ما نعلم ذلك! فأنزل الله : " لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا " . 10851 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة قال : حدثني ابن إسحاق قال : حدثني محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة وسعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم عصابة من اليهود ، ثم ذكر نحوه . [ ص: 410 ] 10852 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا " ، شهود والله غير متهمة . القول في تأويل قوله ( إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيدا ( 167 ) ) قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : إن الذين جحدوا ، يا محمد ، نبوتك بعد علمهم بها ، من أهل الكتاب الذين اقتصصت عليك قصتهم ، وأنكروا أن يكون الله جل ثناؤه أوحى إليك كتابه"وصدوا عن سبيل الله" ، يعني : عن الدين الذي بعثك الله به إلى خلقه ، وهو الإسلام . وكان صدهم عنه ، قيلهم للناس الذين يسألونهم عن محمد من أهل الشرك : "ما نجد صفة محمد في كتابنا!" ، وادعاؤهم أنهم عهد إليهم أن النبوة لا تكون إلا في ولد هارون ومن ذرية داود ، وما أشبه ذلك من الأمور التي كانوا يثبطون الناس بها عن اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم والتصديق به وبما جاء به من عند الله . وقوله : " قد ضلوا ضلالا بعيدا " ، يعني : قد جاروا عن قصد الطريق جورا شديدا ، وزالوا عن المحجة . وإنما يعني جل ثناؤه بجورهم عن المحجة وضلالهم عنها ، إخطاءهم دين الله الذي ارتضاه لعباده ، وابتعث به رسله . يقول : من جحد رسالة محمد صلى الله [ ص: 411 ] عليه وسلم ، وصد عما بعث به من الملة من قبل منه ، فقد ضل فذهب عن الدين الذي هو دين الله الذي ابتعث به أنبياءه ، ضلالا بعيدا . ![]()
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 15 ( الأعضاء 0 والزوار 15) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |