طوبى للغرباء .. - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         القاضي المحدث ابن شبرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          الدنيا والآخرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          سنة حسنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          شهر شعبان نفحة ربانية وانطلاقة إيمانية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          إن عجائب القرآن أطرن نومي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          كيف تقضي إجازة صيفية سعيدة وهادفة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          الشباب في الصيف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          خلق الحياء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 18 )           »          مفتي مصر : محمد العباسي المهدي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-03-2025, 01:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,101
الدولة : Egypt
افتراضي طوبى للغرباء ..

طوبى للغرباء ..

محمد سيد حسين عبد الواحد


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أَمَّا بَعْدُ: فَيَقُولُ رَبُّ الْعَالَمِينَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {{وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَـٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ}} [سورة الحج]
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَامُ : لَمَّا نَزَلَتْ رِسَالَةُ التَّوْحِيدِ عَلَى النَّبِيِّ الْخَاتَمِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَأَ الْإِسْلَامُ ظُهُورَهُ ، وَانْتِشَارَهُ ، فِي عَالَمٍ قَدْ مُلِئَ إِلَى مَشَاشِهِ بِالظُّلْمِ ، وَالشِّرْكِ ، وَالْجَهْلِ ، وَالْفَوَاحِشِ . .
جَاءَ الْإِسْلَامُ يُنَادِي بِعِبَادَةِ اللَّهِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ الْفَرْدِ الصَّمُدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كَفْوَا أَحَدٍ ، جَاءَ الْإِسْلَامُ يَنْهَى عَنْ الْفَوَاحِشِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، جَاءَ الْإِسْلَامُ يُسَاوِي بَيْنَ النَّاسِ لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ وَلَا فَضْلَ لِأَبْيَضَ عَلَى أَسْوَدَ إِلَّا بِالتَّقْوَى النَّاسُ لِآدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ . .
{{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}} [سورة الحجرات] .
هَذِهِ الدَّعَوَاتُ الَّتِي جَاءَ بِهَا الْإِسْلَامُ عَلَى يَدِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ غَرِيبَةً عَلَى النَّاسِ الَّذِينَ عَاشُوا فِي ذَلِكَ الظَّلَامِ الدَّامِسِ مِنْ الْعَصَبِيَّةِ وَالْعُنْصُرِيَّةِ وَالْجَاهِلِيَّةِ لِفَتْرَةٍ تَتَجَاوَزُ مِئَاتِ السِّنِينَ ، يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ ، يَأْكُلُونَ الْمَيْتَةَ ، يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ ، يَأْتُونَ اَلْفَوَاحِشَ ، وَيَأْكُلُ الْقَوِيُّ فِيهِمْ الضَّعِيفُ . .
فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ، وَيَأْمُرُ بِالْإِحْسَانِ ، وَيَأْمُرُ بِصِلَةِ اَلرَّحِمِ ، وَيَأْمُرُ بِحُسْنِ اَلْجِوَارِ ، فَكَانَ الْإِسْلَامُ بِمَنْهَجِهِ هَذَا فِي عُيُونِ النَّاسِ غَرِيبًا . .
حَتَّى الْمُسْلِمُونَ الْأَوَائِلُ أَمْثَالُ عَمَّارٍ وَامْثَالِ يَاسِرٍ وَامْثَالِ بِلَالٍ فَإِنَّهُمْ وَاجَهُوا مِحَنًا شَدِيدَةً ، ذَلِكَ انْهُمْ عَاشُوا بَيْنَ النَّاسِ كَغُرَبَاءَ بِسَبَبِ إِسْلَامِهِمْ . .
قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ « بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا »
بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا : بِسَبَبِ الْعَدْلِ الَّذِي جَاءَ بِهِ ، وَبِسَبَبِ الْإِنْصَافِ الَّذِي يُنَادِي بِهِ ، وَبِسَبَبِ الْأَخْلَاقِ الْمِثَالِيَّةِ الَّتِي يَدْعُو إِلَيْهَا . .
بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا : بِسَبَبِ قِلَّةِ عَدَدِ الْمُسْلِمِينَ . .
بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا : بِسَبَبِ الْمُعَانَاةِ الَّتِي عَانَى مِنْهَا الْمُسْلِمُونَ أَيَّامَ مَكَّةَ . .
بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا : بِسَبَبِ الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ وَالْغُشْمِ ، وَبِسَبَبِ عَادَاتِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي كَانَ النَّاسُ عَلَيْهَا . .
ثُمَّ هَاجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إِلَى الْمَدِينَةِ فَعَاشُوا فِي الْمَدِينَةِ أَيْضًا غُرَبَاءَ . .
قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ " بَدَأَ الإِسلامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، فَطُوبى لِلغُرَبَاءِ "
ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى صَدَقَ وَعْدَهُ ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ ، وَأَعَزَّ جُنْدَهُ ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ ، وَنَشَرَ اللَّهُ تَعَالَى دِينَهُ وَدَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا وَاتَّسَعَتْ رُقْعَةُ الْإِسْلَامِ فَشَمِلَتْ ( آسْيَا وَإِفْرِيقِيَا وَأُورُوبَّا ) لِدَرَجَةِ أَنَّ خَلِيفَةً مِنْ خُلَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ يُقَالُ لَهُ هَارُونُ الرَّشِيدُ ( أَحَدُ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ ) كَانَتْ إِذَا مَرَّتْ السَّحَابَةُ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهِ خَاطَبَهَا فَقَالَ ( أَمْطِرِي حَيْثُ شِئْت فَسَوْفَ يَأْتِينِي خَرَاجُكِ )
ثُمَّ إِنَّ الصَّادِقَ الَّذِي لَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمَ أَنَّ الْإِسْلَامَ سَيَعُودُ فِي يَوْمٍ مِنْ الْأَيَّامِ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ..
سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَكُونُ الْإِسْلَامُ فِيهِ غَرِيبًا فِي نُفُوسِ النَّاسِ وَإِنْ كَثُرَ عَدَدُ الْمُسْلِمِينَ ، يَعُودُ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ ، فَتَتَغَيَّرُ النُّفُوسُ ، وَتَتَغَيَّرُ الْأَخْلَاقُ ، وَتَنْقَلِبُ مَوَازِينُ الْقِيَمِ ، وَلَا يَبْقَى مِنْ الْإِسْلَامِ إِلَّا اسْمُهُ ، وَلَا يَبْقَى مِنْ الْقُرْآنِ إِلَّا رَسْمُهُ . .
قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ « سيَأتي علَى النَّاسِ سنواتٌ خدَّاعاتُ يصدَّقُ فيها الكاذِبُ ويُكَذَّبُ فيها الصَّادِقُ ويُؤتَمنُ فيها الخائنُ ويُخوَّنُ فيها الأمينُ وينطِقُ فيها الرُّوَيْبضةُ قيلَ وما الرُّوَيْبضةُ قالَ الرَّجلُ التَّافِهُ في أمرِ العامَّة» صحيح ابن ماجه
السَّبَبُ فِي غُرْبَةِ الْإِسْلَامِ : هُوَ فَصْلُ الْعِبَادَاتِ عَنْ السُّلُوكِيَّاتِ وَعَنْ الْمُعَامَلَاتِ . .
يَعُودُ السَّبَبُ فِي غُرْبَةِ الْإِسْلَامِ : إِلَى فَصْلِ الْعِلْمِ عَنْ الْعَمَلِ ، تَكُونُ بَيْنَ أَيْدِينَا نُصُوصٌ مِنْ كِتَابِ رَبِّنَا وَمِنْ سُنَّةِ نَبِيِّنَا نَعْلَمُهَا وَنَحْفَظُهَا وَنَتَكَلَّمُ بِهَا ، وَلَكِنْ لَا نَعْمَلُ بِهَا . .
نَتَحَدَّثُ عَنْ أَخْلَاقِ الْعِفَّةِ وَالْوَرَعِ وَالْإِيثَارِ وَالْعَفْوِ عِنْدَ الْمَقْدِرَةِ وَعَلَى ارْضِ الْوَاقِعِ لَا نَرَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ . .
نَتَحَدَّثُ عَنْ خَوْفِ اللَّهِ وَعَنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَعَلَى ارْضِ الْوَاقِعِ لَا نَرَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ . .
السَّبَبُ فِي غُرْبَةِ الْإِسْلَامِ بَيْنَ أَبْنَائِهِ : هُوَ الْاهْتِمَامُ الْمُبَالَغُ فِيهِ بِالْمَظْهَرِ وَإِهْمَالُ الْجَوْهَرِ . .
وَبِهَذَا السَّبَبِ عَتَبَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ : {{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) }} [سورة الصف] ..
السَّبَبُ فِي غُرْبَةِ الْإِسْلَامِ : بَيْنَ أَبْنَاءِهِ انْتِشَارُ الْجَهْلِ ، وَكَثْرَةُ الْخُبْثِ ، وَقِلَّةُ الْحَيَاءِ ، وَإِلَفُ الْمَعَاصِي ، وَسُكُوتُ النَّاسِ عَنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ ، وَعَوْدَةُ النَّاسِ إِلَى عَادَاتِ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ، حَتَّى لَا يَبْقَى الْإِيمَانُ الْحَقُّ إِلَّا فِي نُفُوسِ الْقِلَّةِ الْقَلِيلَةِ . .
قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ « ما مِن نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ في أُمَّةٍ قَبْلِي إلَّا كانَ له مِن أُمَّتِهِ حَوارِيُّونَ، وأَصْحابٌ يَأْخُذُونَ بسُنَّتِهِ ويَقْتَدُونَ بأَمْرِهِ، ثُمَّ إنَّها تَخْلُفُ مِن بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يقولونَ ما لا يَفْعَلُونَ، ويَفْعَلُونَ ما لا يُؤْمَرُونَ، فمَن جاهَدَهُمْ بيَدِهِ فَهو مُؤْمِنٌ، ومَن جاهَدَهُمْ بلِسانِهِ فَهو مُؤْمِنٌ، ومَن جاهَدَهُمْ بقَلْبِهِ فَهو مُؤْمِنٌ، وليسَ وراءَ ذلكَ مِنَ الإيمانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ». صحيح مسلم.
وعن حذيفة بن اليمان: حَدَّثَنا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَدِيثَيْنِ، رَأَيْتُ أحَدَهُما، وأنا أنْتَظِرُ الآخَرَ؛ حَدَّثَنا: أنَّ الأمانَةَ نَزَلَتْ في جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ..
قال حذيفة: وحَدَّثَنا رسول الله عن رَفْع الأمانة فقالَ: يَنامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ، فَتُقْبَضُ الأمانَةُ مِن قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أثَرُها مِثْلَ أثَرِ الوَكْتِ ( وهو الأثرُ اليَسيرُ كالنُّقطةِ)
قال: ثُمَّ يَنامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ، فَيَبْقَى أثَرُها مِثْلَ المَجْلِ ( وهو النَّفَّاخاتُ الَّتي تَخرُجُ في الأيْدي عندَ كَثْرةِ العملِ بِنحْوِ الفأسِ)
قال: ثُمَّ يَنامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ، فَيَبْقَى أثَرُها مِثْلَ المَجْلِ كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ علَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَراهُ مُنْتَبِرًا وليسَ فيه شَيءٌ، فيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبايَعُونَ، فلا يَكادُ أحَدٌ يُؤَدِّي الأمانَةَ، فيُقالُ: إنَّ في بَنِي فُلانٍ رَجُلًا أمِينًا، ويُقالُ لِلرَّجُلِ: ما أعْقَلَهُ! وما أظْرَفَهُ! وما أجْلَدَهُ! وما في قَلْبِهِ مِثْقالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِن إيمان»
بَدَأَ الإِسلامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، فَطُوبى لِلغُرَبَاءِ، الذين هُم وَرَثَةُ الأَنبِيَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ وَالصَّالِحِينَ..
طُوبى لِلغُرَبَاءِ الذين يأمرون بِالمَعرُوفِ وَينهون عَنِ المُنكَرِ..
طُوبى لِلغُرَبَاءِ اَلَّذِينَ يَدْعُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى بَصِيرَةٍ . .
طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ فَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
"إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ؛ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ" فَقِيلَ: وَمَنِ الْغُرَبَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "الَّذِينَ يُصْلِحُونَ عِنْدَ فَسَادِ النَّاسِ" (رواه الطبراني).
الْغُرَبَاءُ الَّذِينَ بَشَّرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ « طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ » وَالْمَعْنَى لَهُمْ الْجَنَّةُ ، وَلَهُمْ النَّعِيمُ الْمُقِيمُ ، جَزَاءَ مَا أُوذُوا ، جَزَاءَ مَا اُتُّهِمُوا كَذِبًا ، وَجَزَاءَ مَا صَبَرُوا وَثَبَتُوا وَتَحَمَّلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . .
أُوِيسُ بْنُ عَامِرٍ الْقَرْنِيُّ - رَحِمَهُ اَللَّهُ - واحد من أولئك الغرباء يقول : " إنَّ قِيَامَ الْمُؤْمِنِ بِأَمْرِ اللَّهِ لَمْ يُبْقِ لَهُ صِدِّيقًا ، وَاَللَّهِ إنَّا لَنَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنْكَرِ فَيَتَّخِذُونَنَا أَعْدَاءً ، وَيَجِدُونَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْفُسَّاقِ أَعْوَانًا ؛ حَتَّى - وَاَللَّهِ - لَقَدْ رَمَوْنِي بِالْعَظَائِمِ ، وَاَيمِ اللَّهِ لَا يَمْنَعُنِي ذَلِكَ أَنْ أَقُومَ لِلَّهِ بِالْحَقِّ " .
هَؤُلَاءِ الْغُرَبَاءُ هُمْ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ الْقِيَمِ وَمِنْ الْأَخْلَاقِ . .
يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاس : بِتَقْدِيمِ الْقُدْوَةِ الْحَسَنَةِ . .
يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاس : بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ..
يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاس : حِينَ يَقُولُونَ الْحَقَّ لَا يَخَافُونَ فِي اللَّهِ لَوْمَةً لِآئِمٍ ، وَفِيهِمْ أَنْزَلَ اللَّهُ قَوْلَهُ : {﴿ وَلْتَكُنْ مِنكُم أُمَّةٌ يَدعُونَ إِلى الخَيرِ وَيَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ ﴾}
أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ الْغُرَبَاءِ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ وَيُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ ، وَيُثْبِتُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ وَنَحْنُ عَلَى ذَلِكَ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
اِيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَامُ : بِسَبَبِ مَا نَرَاهُ مِنْ سُلُوكِيَّاتِ النَّاسِ ، وَمَا نَسْمَعُ عَنْهُ مِنْ أَحْوَالِ النَّاسِ نَقُولُ وَبِمَلْئِ أَفْوَاهِنَا لَقَدْ بَاتَتْ الْقِيَامَةُ قَرِيبٌ . .
كَدُّنَا أَنْ نَعُدَ الْمُسْتَمْسِكِينَ بِدِينِهِمْ ، وَالْمُعْتَصِمِينَ بِأَخْلَاقِهِمْ ، وَالْمُحَافِظِينَ عَلَى أَمَانَتِهِمْ عَدًّا . .
أَصْبَحْنَا وَالْبَاطِلُ يَسُوقُ لَهُ أَنَّهُ الْحَقُّ ، وَالْحَقُّ يَسُوقُ لَهُ أَنَّهُ جَهْلٌ ، وَالْأَخْلَاقُ الْكَرِيمَةُ أَصْبَحَ يَسُوقُ لَهَا أَنَّهَا سَفَهٌ . .
مِنْ كَثْرَةِ الْفِتَنِ ، وَمِنْ كَثْرَةِ الْغِشِّ ، وَمِنْ كَثْرَةِ الْكَذِبِ ، كِدْنَا نَقُولُ وَلَا نُبَالِغُ بِأَنَّ الْقَابِضَ الْيَوْمَ عَلَى دِينِهِ ، الْمُتَمَسِّكَ بِأَخْلَاقِهِ وَامَانَتِهِ وَحَيَاءِهِ ، الْمُحَافِظَ عَلَى سُمَتِهِ كَمُسْلِمٍ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ . .
وَهَذَا لَا نَقُولُهُ لِلْمُتَمَسِّكِ بِدِينِهِ وَأَخْلَاقِهِ لِيَيْأَسَ أَوْ لِيُحْبَطَ إِنَّمَا نَقُولُهُ لَهُ لِيَسْتَبْشِرَ وَيَسْعَدَ . .
فَالْمُتَمَسِّكُ بِحُسْنِ أَخْلَاقِهِ الْيَوْمَ فِي وَسَطِ هَذَا الْعَبَثِ الَّذِي يُحِيطُ بِنَا ، الْمُتَمَسِّكُ بِدِينِهِ الْعَامِلُ بِقَالِ اللَّهِ وَقَالَ رَسُولُهُ لَهُ الْيَوْمَ أَجِرْ خَمْسِينَ رَجُلًا مِمَّنْ أَسْلَمُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَصَحِبُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ :"إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ" رواه الترمذي.
فِي تَتِمَّةٍ وَرَدَتْ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَرَدَتْ لَكِنْ لَيْسَتْ بِنَفْسِ هَذِهِ الدَّرَجَةِ مِنْ الصِّحَّةِ . . قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ اِجْرُ خَمْسِينَ مِنَّا أَمْ مِنْهُمْ ؟
قَالَ : لَهُمْ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ لِأَنَّكُمْ تَجِدُونَ عَلَى الْخَيْرِ أَعْوَانًا وَلَا يَجِدُونَ عَلَى الْخَيْرِ أَعْوَانًا "
نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ عِبَادَةِ الصَّالِحِينَ الْمُصْلِحِينَ الصَّادِقِينَ الْمُخْلِصِينَ إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَمَوْلَاهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيِيءٍ قَدِيرٌ .








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.15 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.84%)]