رمضان مدرسة الأخلاق والسلوك - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         القاضي المحدث ابن شبرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          الدنيا والآخرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          سنة حسنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          شهر شعبان نفحة ربانية وانطلاقة إيمانية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          إن عجائب القرآن أطرن نومي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          كيف تقضي إجازة صيفية سعيدة وهادفة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          الشباب في الصيف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          خلق الحياء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 18 )           »          مفتي مصر : محمد العباسي المهدي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-03-2025, 12:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,101
الدولة : Egypt
افتراضي رمضان مدرسة الأخلاق والسلوك

رمضان مدرسة الأخلاق والسلوك


  • حريٌّ بالمؤمن أن يحيي عبادة الخوف من الله وهي من أجلّ العبادات القلبية في نفسه فيخضع لربه ويخاف عذابه وبطشه
  • كلما ابتعد الإنسان عن شهوات الدنيا وملذاتها خشع قلبه لله تعالى وهذه علة الربط بين الصوم والتقوى من القرآن الكريم
  • من أبرز جوانب كمال الدين الإسلامي وقوته وحيويته ورصانته الترابط والتلازم الواقع بين أصوله والشمول والكمال الذي تتمتع به أسسه
  • من أهم الأخلاق التي يربي عليها الصيام حفظ اللسان من السباب والفسوق والفحش فضلا عن الكفر والشركيات
  • الصوم لم يشرعه الله تعالى فقط لامتحان صبر الإنسان على الجوع والعطش بل الصيام شُرع لغايات حميدة وجعله الله باعثا للأخلاق العالية ومهذبًا للنفوس
  • بالصيام يصفو قلب المؤمن وتسمو نفسه وتسكن شهوته وتتحرك في قلبه مشاعر التعظيم والإجلال لله -سبحانه وتعالى
من أهم جوانب كمال الدين الإسلامي وقوته وحيويته ورصانته، الترابط والتلازم الواقع بين أصوله والشمول والكمال الذي تتمتع به أسسه؛ فهو دين كامل متكامل، حتى إن الصحابة فرحوا فرحًا شديدا بهذا الكمال والتمام؛ حيث أنزل الله إليهم الكتاب والحكمة، وجعل دينهم كافيا كل الكفاية متكاملا غاية التكامل، ومهما يكن من أمر فإن الله -سبحانه وتعالى- شرع شرائع متلازمة ومترابطة بالعقائد والأخلاق، والدين قائم على هذه الأسس الثلاثة، ولله في كل أمر حكمة، وفي كل فعل حكمة وغاية.
لم يشرع الله سبحانه وتعالى الصوم لامتحان صبر الإنسان على الجوع والعطش، بل الصيام شُرع لغايات حميدة جليلة، وجعله الله باعثا للأخلاق العالية مهذبًا للنفوس، مُحيِيًا التقوى في القلوب، ومزكيًا للإنسان، ومهيئًا لإقبالها وانكسارها بين يدي الله -سبحانه-، وبهذا صرَّح المولى -سبحانه وتعالى-؛ حيث قال -تعالى-: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183)، فالتقوى غاية الغايات ومقصد المقاصد بالنسبة للصيام، «فالصوم وخلوة الإنسان وانصرافه عن الشواغل والصوارف، من أهم ما يعين الإنسان على تحقيق هذه العبادة الجليلة»؛ فالتقوى أساس الدين وحياته، الذي ينطلق منه المسلم في التخلّق بالأخلاق الحسنة؛ ولذا جعله الله أمرا عاما لجميع الأمم.
من أهم بواعث حسن الخلق
فلئن كان مؤدى الصوم تقوى الله -سبحانه وتعالى- ومخافته في السر والعلن، فهو من أهم البواعث على التخلق بجميل الأخلاق والاتصاف بالحسن من الأعمال، ووسيلة للارتياض بالصفات الملكية والانتفاض من غبار الكدرات الحيوانية، وفي الحديث الصحيح: «الصوم جُنَّة»، وعلى هذا أكد النبي - رمضان مدرسة الأخلاق والسلوك- أن غايته التقوى، وهي التي تهذّب اللسان وتؤدبه، ويكون صومه سببا في حمله على سعة الصدر وكريم الخُلُق، كما في الحديث: «من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه»، ومن أهم الأخلاق الحسنة التي يهذبها ويروّض المؤمن عليها ما يأتي:
أولا: المراقبة الذاتية والخوف من الله
حريٌّ بالمؤمن بالله -سبحانه- أن يحيي عبادة الخوف من الله -تعالى-، وهي من أجلّ العبادات القلبية في نفسه، فيخضع لربه، ويخاف من عذابه وبطشه إن هو عصاه ولم يتبع أمره، ويؤوب إليه، ويلجأ إليه بالتوبة والاستغفار والذكر والطاعة، قال ابن قدامة: «اعلم أن الخوف سوط الله -تعالى- يسوق به عباده إلى المواظبة على العلم والعمل؛ لينالوا بهما رتبة القرب من الله -تعالى-. والخوف له إفراط، وله اعتدال، وله قصور، والمحمود من ذلك الاعتدال، وهو بمنزلة السوط للبهيمة، فإن الأصلح للبهيمة ألا تخلو عن سوط، وليس المبالغة في الضرب محمودة، ولا التقاصر عن الخوف أيضا محمود، وهو كالذي يخطر بالبال عند سماع آية، أو سبب هائل، فيورث البكاء».
ثانيا: الصبر
وهو من أهم الأخلاق التي يربي عليها الصوم، فالصبر درس كبير من دروس الصيام، وعليه مدار هذه العبادة الجليلة، والصبر في الأصل من أهم الأخلاق التي حثَّ عليها الإسلام ورغب فيها؛ ولذا نجد ربنا ذكر الصبر قريبًا من تسعين مرة في كتابه الكريم، ورتَّب عليه الأجور والحسنات العظيمة، ورتب عليه ألوان الفضائل، وأجزل الثواب وأحسنه، فوصف الصابرين بأوصاف وخصّهم بخصائص لم تكن لغيرهم، فأخبر أنه معهم، فقال: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (البقرة: 153)، وجعل الإمامة في الدين منوطة بالصبر واليقين، فقال: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا} (السجدة: 24)، وجعل أجر الصابرين بغير حساب، فقال: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (الزمر: 10)، فالصيام مدرسة كبيرة من مدارس الصبر بالنسبة للمسلم؛ إذ الصيام يربِّي الإنسان ويُروّضه على أنواع الصبر كله.
ثالثا: الشكر
المقصود به: أن يظهر على الإنسان أثر نعمة الله عليه، فيشكره بقلبه إيمانًا، وبلسانه ذكرًا وحمدًا وثناءً، وبجوارحه عبادة وطاعة، وقد تكرر الأمر به مرات ومرات في النصوص كما قال -تعالى-: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} (البقرة: 152)، وقال -تعالى-: {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (الزمر: 66)، والشكر من أهم الأخلاق الحسنة في مدرسة الصيام، فهو من أهم الأخلاق التي يُروض عليها المسلم نفسه حين يصوم، ذلك أن العبد حين يصوم ويُمسك عن المتع والملذات التي أُمر في رمضان بالانتهاء عنها يُدرك ما أنعم الله به عليه طيلة العام، من التمتع بالمطعومات والمشروبات والمناكح، وحينئذ يبادر بشكر الله وحمده -سبحانه- عليها. أضف إلى ذلك أن من بلَّغه الله الشهر صحيحا معافى، يحمد الله -تعالى- أن بلَّغه الشهر الفضيل في صحة وعافية، يستطيع أن يؤدِّي فيها عباداته وطاعته، ويبلغ الدرجات والمنازل الرفيعة التي خصَّ الله بها شهر رمضان المبارك، قال ابن القيم: «لله -سبحانه- على عبده أمر أمره به، وقضاء يقضيه عليه، ونعمة يُنعم بها عليه، فلا ينفك من هذه الثلاثة… وله عليه عبودية في هذه المراتب كلها، فأحبُّ الخلق إليه من عرف عبوديته في هذه المراتب ووفاها حقَّها، فهذا أقرب الخلق إليه… وعبوديته في قضاء المصائب الصبر عليها، ثم الرضا بها وهو أعلى منه، ثم الشكر عليها وهو أعلى من الرضا، وهذا إنما يأتي منه إذا تمكن حبّه من قلبه وعلم حسن اختياره له وبره به ولطفه به».
رابعًا: الأمانة
وهذا من أهم الأخلاق وأعظمها في الدين الإسلامي، وقد جاء الحثّ عليها كثيرا والتحذير من ضدها وهو الخيانة، وأكد النبي - صلى اله عليه وسلم - أن الخيانة من صفات المنافقين، وأن الأمانة من أعز الأخلاق وأندرها، وورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: «أول ما يرفع من هذه الأمة الحياء والأمانة، فسلوها الله»، ومن هنا كانت الأمانة في المقام الأعلى بين الأخلاق الإسلامية، يقول أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -: «أصدق الصدق الأمانة، وأكذب الكذب الخيانة»، ولما كان الصيام عبادة خاصّة بين المرء وربه، فإنها تورث فيه مراقبة الله -سبحانه-، والأمانة في كل عمل يعمله، سواء علم به الناس أم لا؛ ولذا رتب المولى عليه الأجر الجزيل والثواب العظيم، فمن تمام الأمانة في المسلم أن ينقاد لما أمره الله، ولا يعترض ولا يقحم عقله فيما ليس من مجاله، ولا يقول: لماذا أصوم ويأتيني الكسل وتفسد الأخلاق؟ بل عليه أن يرد على الملبِّسين والمشكِّكين والطاعنين بامتثاله لأمر ربه واتباعه وتسليمه لمولاه، وهذا السر في كون جزاء الصوم بين العبد وربه؛ إذ هو فريضة تمثّل الأمانة وتجلّيها في أجمل صورة، قال الله -عز وجل في الحديث القدسي-: «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي، وأنا أجزي به، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك».
خامسًا: التربية على تمام الانقياد لله -سبحانه-
المسلم في غالب عامه يتمتع بأنواع المتع والمأكولات والمشروبات والمناكح وغيرها من المتع الكثيرة؛ وذلك لأن الله -سبحانه وتعالى- أحل له ذلك، فمحياه ومماته وحركاته وسكناته تبع لأمر الله -سبحانه- ، وحين ينهاه المولى عن تلك المتع والشهوات التي كان يتمتع بها، ينتهي بمجرد أمره دون أن يتساءل ويبحث: كيف؟ ولم؟ وإنما هو التسليم لأمر الله -سبحانه- وشرعه، ولا غرابة أن يتساءل من لم يفهم هذه الشعيرة العظيمة ممن لم يمنَّ الله عليه بالهداية عن سبب الامتناع عن المتع التي كانت من قبل حلالا زلالا يتمتع بها المسلم، ولكنه التسليم المطلق لأمر الله -سبحانه- وخالقه ورازقه الذي أنعم عليه بنعمةِ وُجوده ونعمةِ تربيته ونعمة تيسير الأكل والشرب والمتع له، فيا له من ربٍّ عظيم كريم!
سادسًا: تنقية القلب من الران ومن الانغماس في الماديات
من المعلوم أن الإغراق في الماديات والشهوات والملذات والمتع من أكبر سبل الشيطان لإغواء بني آدم، وفي الصيام إضعاف للشهوات وتضييق لسبلها؛ فبالصيام يصفو قلبه وتسمو نفسه وتسكن شهوته وتتحرك في قلبه مشاعر التعظيم والإجلال لله -سبحانه وتعالى-، قال ابن تيمية -رحمه الله-: «ثبت بالنص والإجماع منع الصائم من الأكل والشرب والجماع، وقد ثبت عن النبي - صلى اله عليه وسلم - أنه قال: «إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم»، ولا ريب أن الدم يتولد من الطعام والشراب، وإذا أكل أو شرب اتسعت مجاري الشياطين… ولهذا قال النبي - صلى اله عليه وسلم -: «إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين»، فإن مجاري الشياطين ضاقت، وإذا ضاقت انبعثت القلوب إلى فعل الخيرات التي بها تفتح أبواب الجنة، وإلى ترك المنكرات التي بها تفتح أبواب النار، وصفدت الشياطين فضعفت قوتهم وعملهم بتصفيدهم، فلم يستطيعوا أن يفعلوا في شهر رمضان ما كانوا يفعلونه في غيره، ولم يقل: إنهم قتلوا ولا ماتوا، بل قال: «صفدت» والمصفد من الشياطين قد يؤذي، لكن هذا أقل وأضعف مما يكون في غير رمضان، فهو بحسب كمال الصوم ونقصه، فمن كان صومه كاملا دفع الشيطان دفعا لا يدفعه دفع الصوم الناقص، فهذه المناسبة ظاهرة في منع الصائم من الأكل»، ولما في الصيام من كبح لجماح الشهوة البشرية أمر النبي - صلى اله عليه وسلم - العاجز عن النكاح أن يستعين به على نفسه وشهوته.
سابعا: رقة القلب وأوبته إلى الله -سبحانه-
كلما ابتعد الإنسان عن شهوات الدنيا وملذاتها خشع قلبه إلى الله -تعالى-، وهو ما يستنبطه المتأمل في تعقيب الله -عز وجل- لفريضة الصيام بكثرة اللجوء إلى الله -سبحانه- والخضوع له، فبعد أن ذكر فرض الصيام في سورة البقرة أرشد المسلمين إلى الدعاء والالتجاء إليه -سبحانه- بألطف ما يكون من الحث، فقال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَني فَإِني قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الداعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلهُمْ يَرْشُدُونَ} (البقرة: 186)، وبمثل هذا المعنى أخبر النبي - صلى اله عليه وسلم - فيما يرويه عن الله -تعالى- أنه «يستحيي أن يبسط العبد إليه يديه يسأله فيهما خيرًا فيردهما خائبتين».
ثامنا: حفظ اللسان
من أهم الأخلاق التي يربي عليها الصيام حفظ اللسان من السباب والفسوق والفحش فضلا عن الكفر والشركيات، وهو ما نجده في كثير من المجتمعات الإسلامية واقعا مجسدا، وحفظ اللسان لا شك أنه من أهم الواجبات والآداب والأخلاق الإسلامية الرفيعة كما وصى بذلك نبي الإسلام معاذًا - رضي الله عنه -، وبين له أنه ملاك أمر الدين كله، فيجب على المسلم أن يحفظ لسانه، ويبتعد عن الفحش والبذاءة والصخب والسباب والشتائم، وقبائح الألفاظ، والخوض في أعراض المسلمين، والغيبة والنميمة، ونحوِ ذلك. وأما عند صيام المؤمن فقد أكد النبي - صلى اله عليه وسلم - أنه مهذّب للسان مؤدب له، وأنه من أهم الجوارح التي يروّضها على الخير والحق، ويهذّب أقواله حتى لا ينطق إلا بما هو خير، فلا يصخب ولا يصرخ، بل يعامل الناس بالحلم والأناة، ويُعرض عن الجاهلين، ويكون صومه سببا في حمله على سعة الصدر وكريم الخُلُق، وهذا ما أشار إليه رسول الله - صلى اله عليه وسلم - فيما ورد من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى اله عليه وسلم -: «من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه»، وهذا توضيح وتجلية للغاية والمقصد الأعظم من الصوم ومشروعية هذه العبادة الجليلة؛ فإن الله -تعالى- لم يشرع الصيام لأجل امتحان الصبر عن الجوع والعطش وحسب، بل شُرع الصيام لحكمةٍ عظيمة وغاية نبيلة كما بينها النبيُّ - صلى اله عليه وسلم - في هذا الحديث، وهو التقوى الباعث على حفظ اللسان خصوصا والجوارح عموما عما حرم الله.
تاسعًا: الإحسان إلى الفقراء والمساكين
فمن طبيعة الإنسان أنه لا يشعر بقيمة النعمة إلا إذا فقدها، فلا يعرف قيمة ما فيه من صحة وعافية إلا إذا مرض وعاش معاناة المرض، ولا يشعر بقيمة الغنى والكفاف إلا إذا افتقر وفقد ما كان يملكه من النعم والخيرات، وفي فريضة الصيام يحس المسلم الغني المتعافي ما يعيشه غيره من المسلمين الفقراء والمرضى من ألم الجوع والعطش والفقر، فمن إخوته المسلمين من لا يجد ما يسد به جوعه طول عامه، ومنهم من لا يستطيع التلذذ بالطيبات وأنواع الأطعمة طوال عامه لما به من مرض وبأس، فإذا صام الغني المتعافي أحس بمعاناة إخوانه المسلمين، ولان قلبه وأشفق على حالهم، وجاد عليهم مما جاد الله به عليه.
أثر الصوم على صلاح الأخلاق
الصوم له أثر عظيم على صلاح أخلاق المسلم وتربيته وترويضه على النافع منها دون الضار، والحسن دون القبيح، بل الصيام شُرع لغايات حميدة جليلة، وجعله الله باعثا للأخلاق العالية، مهذبًا للنفوس، مُحيِيًا التقوى في القلوب، ومزكيًا للإنسان، ومهيئًا لإقباله وانكساره بين يدي الله -سبحانه-، سواء بالصبر أم الشكر أم المراقبة أم الخوف من الله والإحساس بالضعفاء والإحسان إلى الفقراء، فالصوم لا تقتصر منافعه على مجرد الجوع والعطش، بل فيه حِكم عظيمة جدًّا، ولله الحمد.


اعداد: المحرر الشرعي





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.55 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.87%)]