رسالة إلى أمي ... أم الشهيد - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         القاضي المحدث ابن شبرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          الدنيا والآخرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          سنة حسنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          شهر شعبان نفحة ربانية وانطلاقة إيمانية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          إن عجائب القرآن أطرن نومي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          كيف تقضي إجازة صيفية سعيدة وهادفة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          الشباب في الصيف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          خلق الحياء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 18 )           »          مفتي مصر : محمد العباسي المهدي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأمومة والطفل
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-04-2025, 08:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,101
الدولة : Egypt
افتراضي رسالة إلى أمي ... أم الشهيد

رسالة إلى أمي ... أم الشهيد





أمي يا بعد أمي ... كفكفي دموعك واسمعيني... فسأقول كلمتي، وأتركك لتكملي صلاتك ...
أعلم يا أمي أن كلامي لن يرجع المفقود، ولن يمنع قلبك أن يتقطَّع على فراق أخي الشهيد... أو حتى يخفِّفَ شوقك ولهفتك لقُبلة على جبين الوليد ..
والله إننا نقدِّر مصابك يا غالية، فكلُّنا نشهد كم سهرت الليالي الطويلة.. تعطينه من دمك وعافيتك.. حتى شبَّ ليكون ذلك الرجل، يتفجَّر عنفواناً، ويتنفس حرية وإباءً، ويرفع رأسه كرامةً.. ولكنَّك لم تَنسِي يوماً أن تُعلِّميه كيف يحبُّ وطنه .. وكيف يحمل سورية في قلبه هماً ومقصداً ..

يا أمَّ الشهيد والله إنه ما نزل للساحات متظاهراً، إلاّ لأنَّه ملَّ الظلم وكره الظالم، فهو إنسان وُلد حراً وقرر أن يموت حراً ...فلم يَهُن عليه أن يُداس أخوه في البيضا، ولم يتحمَّل أن يُقتل أخوه في درعا، وأن تُقطَّع أخته في حمص... ويُهجَّر أخوه في الجسر، وتقصف مآذنه في الدير...

لقد خرج مسالماً فأردوه شهيداً برصاصة غدر، فأرجوك لا تحزني يا أمي، فهو والله في عليين مع الشهداء والأنبياء والمرسلين.. يا أيتها الصابرة المحتسبة كلُّنا يعرف أن قلبك اعتصره الحزن مرةً على قتل ثمرة فؤادك وفرحة عمرك... ولكنه طُعن ألف ألف مرة حين رأيتهم وقد جرُّوه على طول شارع ذُلهم، وهم يضربون جسده الطاهر .. فلا تحزني فالله شهيدٌ على ظلمهم وجبروتهم، فهم لا يعرفون حرمةً للشهيد ولا هيبةً للموت .. لأنَّ ضميرهم غائب ومريض.

أرجوك يا أمَّ الشهيد سامحيني فسأعترف لك بما هو أعظم..أق لقد قتلوه وأنا واقفٌ أَرقُبُ غدرهم... لقد صِحتُ بأعلى صوتي وأنا أصوِّر ذلك المشهد بكل قسوته ودمائه ... يااااااارب ارحمنا وصبِّرنا.. هل في ديارنا من قست قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد قسوة... أليس عندهم أخوة.. ألم تلدهم أمهات... ولكن صوتي أخفاه هدير الدبابات ....

أرجوك يا أمي ارحميني أنا أعترف لك بكامل إنسانيتي وضعفي أننَّي كنتُ جباناً.. وتركتهم يُمثِّلوا بجسده الطاهر.. وما أدري هل كانوا يحقدون عليه.. لأنَّه حرٌ وهم مجرد عبيد.. هل لأنَّه خالدٌ وهم فانون .. ولكنَّهم والله ماضون ونحن إن شاء الله الباقون..

اسمعيني يا غالية والله إنَّ كل رصاصة دخلت جسده الطاهر كانت قد اخترقت قبل ذلك إنسانيتهم وأحرقت بقايا شرعيتهم.. يا أيها العادون ألا تدركون... لقد أهانت تلك المشاهد وجرحت قلوب الملايين .. لقد طعنتم بذلك كرامتنا قبل قلوبنا .. فكيف يمكن أن نعيش هانئين بعد اليوم، بدون أن نحاسب من أباح دماءنا، ومن اشترى رصاص غدره من قُوتِنا، ليضعه في صدور شبابنا، لقد غرَّه غُروره وأوهمته سلاسل أكاذيبه، فحرَّك تعاطف الملايين مع قضيتنا، فملأت صور شهدائنا أصقاع الدنيا، وشهد العالم بذهول جثث شهدائنا، وهي تداس وتهان بدون خجل ولا وَجل، ومخطئٌ من ظنَّ يوماً أنه لا حساب ولا عقاب في شريعة رب العباد، وموهوم من ظنَّ أنه يوجد حجابٌ أمام دعوة من ظُلم في البلاد.

آخٍ يا أمي من لوعتي ... والله إني أستيقظ كل صباح فأرى دماء أخي باقيةً في يدي.. ونظرته الأخيرة واقفةً تَرقُبُني .. وأفتح نافذتي فأرى صورته تبتسم في فضائي، فما أقسى تلك النظرة حين كانت تودِّعني وتوصيِّني... أن أَكمِل يـــــا حرُّ طريقي، ولا تنسى أن تُسلِّم على أمي...

أرجوك يا أمَّ الشهيد اغفري لي ضعفي وجبني، فأنا لم أقف يومها في وجه رصاص غدرهم.. ولم أحمِ أخي من سطوة غلِّهم.. ولكني كنت مجرد ضعيف.. وهم كانوا أكثر من وحوش ...لم يكن يوماً في قلوبهم مكانٌ لرحمة، فقد أعمتهم منافع دنياهم فاستسهلوا قتل شابٍ وشيب..

إن جريمة هذا الشعب الأبيِّ أنه نزل لساحات بلده ينادي.. الله.. سورية... حرية وبس.. فبأيِّ شريعة يَحقُّ لكم أن تقتُلوا الأحرار يا أيها العبيد.. والله لقد زال حكمكم بأيدي ظلمكم.

أتوسل إليكِ يا أم الشهيد سامحيني وارحمي ضعفي وقِلَّة حيلتي، ولكني ومن لحظتي... أُقسم على أَقدسِ أيمَاني، أنني لن أتنازل عن حقِّ أخي.. وسأقف هذه المرة كرجل ... وسأمسح دمعتي، وأنادي وأنا أتظاهر في ساحات بلادي ... لِيَسمع كل الغافلين ... قول ربِّ العالمين: (ولا تحسبنَّ الذين قُتلوا في سبيل الله أمواتاً.. بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون)... وليعرف كل الآثمين... أن أخي سيبقى حياً في قلوب أهله، وذكرى نابضةً في ضمير السوريين، ولن نقرأ عليه الفاتحة إلاَّ ونحن نقفُ صفاً واحداً، لنستقبل ذلك اليوم الذي تطلع فيه شمس حريتنا، كفيضٍ من نورٍ باهر، ينتشر في سمائِك سورية، وأعدك أيها الشهيد أنك سترقبه معنا ساطعاً في سماء درعا.. ومنساباً مع نسيم حمص.. وفواحاً مع ورود بانياس، وفياضاً كزيتون إدلب الخضراء.. وستتلهف لاستقبال عَبيرِه كلُّ مدنك وساحاتك سورية....

يا أم الشهداء لقد فتح ابنك عيون قلوبنا، فعرفنا من هم الشرفاء والمقاومون... وعرفنا أنَّ خصمنا حفنةٌ من المجرمون، ظنُّوا أنهم سيبقون للأبد، فقط لو قتلوا في كلَّ ساعةٍ شهيد ... وسجنوا مئة ألف حرٍّ وعنيد، وحاصروا كل ثائر وشهيد.

ولكنهم والله سيعلمون قريباً أن دماء الشهيد كانت عليهم لَعنةً إلى يوم الدين... وأن شبح حريته سيطاردهم في كل قرية وطريق.. حتى يرحلوا عن عرشهم ويكفُّوا عنا رصاص غدرهم.

أعاهدك يا أمَّ الشهيد ومعي كل أحرار سورية أنَّنا لن ننسى الغاية ولن نحيد عن الهدف ... وسننطلق كلَّ يومٍ على درب الحرية ثائرين، ونحن مؤمنون وموقنون أنَّ فجر الحرية قد لاح لنا من بـــــعيــــــــــد ... أقبلي يا حرية.. فقد دفع ثمنك الشهيد .. أقبلي يا كرامة فها هو ألف ألف شهيد، قد سقوا بدمائهم كل طريق.

وأخيراً سامحيني يا أم الشهيد ... فقد انتهى وقت كلامي وستسمعين فقط زمجرة غضــــبــــــي... وهبوا معي يا أيها الثوار ... لتشهدوا معي ولادة الشرف والفخار... فسورية لكل الأحرار.
بقلم: أسامة فاضل الخراط







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 49.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.88 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.37%)]