منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الموسوعة التاريخية ___ متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 294 - عددالزوار : 42109 )           »          أفضل الكلام وأحبه إلى الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 186 )           »          قلبٌ وقلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 58 - عددالزوار : 15440 )           »          خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 59 - عددالزوار : 15942 )           »          السؤال عن علة الحكم مرفوض فى الشريعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          الإجماع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          المقدمات المحتاج إليها قبل النظر ​ فى علم أصول الفقه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          فقه المآل بين أهل الظاهر وغيرهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          السنن تنقسم ثلاثة أقسام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          من قواعد الإجتهاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-06-2025, 09:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,593
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثامن
الحلقة (496)
صـ 425 إلى صـ 434



وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ «عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ؟ قَالَ: "حُرٌّ وَعَبْدٌ»" [1] .
وَالَّذِي فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مُوَافِقٌ لِهَذَا، أَيْ: اتَّبَعَهُ مِنَ الْمُبَلَّغِينَ الْمَدْعُوِّينَ، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَهُ: "وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ" [2] ، وَهَذِهِ خَاصَّةٌ لَمْ يَشْرَكْهُ فِيهَا أَحَدٌ.
وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا [النَّبِيُّ] - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَحَادِيثِ الْمُخَالَّةِ الَّتِي هِيَ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْهُ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ؛ فَقَالَ: "إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الْمُخَيَّرَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إِنَّ مِنْ [3] آمَنِ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ [4] ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا؛ وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ. لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلَّا خَوْخَةَ أَبِي بَكْرٍ» "وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ [5] :" «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّي [6] لَاتَّخَذْتُ [7] أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ
(1)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ قَبْلَ قَلِيلٍ

(2)
فِي الْحَدِيثِ قَبْلَ السَّابِقِ الَّذِي مَضَى

(3)
النَّبِيُّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م)

(4)
زِيَادَةٌ فِي (ن) فَقَطْ

(5)
(4 - 4) : زِيَادَةٌ فِي (ن) فَقَطْ

(6)
مِنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) ، (ب)

(7)
م: لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ. . .






وَمَوَدَّتُهُ» . * وَفِي رِوَايَةٍ "إِلَّا خُلَّةَ الْإِسْلَامِ" . وَفِيهِ: "قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ، وَقَالَ النَّاسُ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ، يُخْبِرُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ مِنْ زَهْرَةِ الْحَيَاةِ [1] الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا. وَفِي رِوَايَةٍ:" وَبَيَّنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ "، وَفِيهِ فَقَالَ:" «لَا تَبْكِ إِنَّ آمَنَ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ * [2] لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ» "[3] ."
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ عَاصِبًا رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ، فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: "«إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ آمَنَ عَلَيَّ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنَ النَّاسِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ خُلَّةُ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ، سُدُّوا عَنِّي كُلَّ خَوْخَةٍ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ»" .
وَفِي رِوَايَةٍ: "«لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُهُ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ»" .
وَفِي رِوَايَةٍ: "وَلَكِنْ أَخِي وَصَاحِبِي" .
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
(1)
الْحَيَاةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .

(2)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م)

(3)
سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِيمَا مَضَى 1/512 - 513 وَانْظُرْ أَيْضًا.





وَسَلَّمَ: "«لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ خَلِيلًا * لَاتَّخَذْتُهُ يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ» ."
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: "«لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا * [1] لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا؛ وَلَكِنْ أَخِي وَصَاحِبِي، وَقَدِ اتَّخَذَ اللَّهُ صَاحِبَكُمْ خَلِيلًا»" .
وَفِي رِوَايَةٍ: "«لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ؛ وَلَكِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ»" .
وَفِي أُخْرَى: "«أَلَا إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى كُلِّ خِلٍّ مِنْ خَلِّهِ [2] ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا إِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ»" [3] .
فَهَذِهِ النُّصُوصُ كُلُّهَا مِمَّا تُبَيِّنُ اخْتِصَاصَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ فَضَائِلِ الصُّحْبَةِ وَمَنَاقِبِهَا وَالْقِيَامِ [بِهَا] وَبِحُقُوقِهَا [4] بِمَا لَمْ يَشْرَكْهُ فِيهِ أَحَدٌ حَتَّى اسْتَوْجَبَ أَنْ يَكُونَ خَلِيلُهُ دُونَ الْخَلْقِ، لَوْ كَانَتِ الْمُخَالَّةُ مُمْكِنَةً.
وَهَذِهِ النُّصُوصُ صَرِيحَةٌ بِأَنَّهُ أَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَيْهِ وَأَفْضَلُهُمْ عِنْدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ؛ قَالَ: "فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ قُلْتُ [5] : فَمِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ:" أَبُوهَا "قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ عُمَرُ: وَعَدَّ رِجَالًا»" . وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: "قَالَ: فَسَكَتُّ مَخَافَةَ أَنْ يَجْعَلَنِي آخِرَهُمْ" [6] .
(1)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .

(2)
ن، س: إِلَى كُلِّ خَلِيلٍ مِنْ خَلِيلِهِ، م: إِلَى كُلِّ خَلِيلٍ مِنْ خُلَّتِهِ.

(3)
انْظُرْ مَا سَبَقَ 1/512، 2/436

(4)
ن، س، ب: وَالْقِيَامِ بِحُقُوقِهَا.

(5)
ن، م، س: قَالَ.

(6)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/354.





[فصل مما يبين فضيلة أبي بكر في الغار أن الله تعالى ذكر نصره لرسوله في هذه الحال]
فَصْلٌ.
وَمِمَّا يُبَيِّنُ مِنَ الْقُرْآنِ فَضِيلَةَ أَبِي بَكْرٍ فِي الْغَارِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ نَصْرَهُ لِرَسُولِهِ فِي هَذِهِ الْحَالِ [1] الَّتِي يُخْذَلُ فِيهَا عَامَّةُ الْخَلْقِ إِلَّا مَنْ نَصَرَهُ [2] اللَّهُ: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 40] أَيْ: أَخْرَجُوهُ فِي هَذِهِ الْقِلَّةِ مِنَ الْعَدَدِ لَمْ يَصْحَبْهُ إِلَّا الْوَاحِدُ؛ فَإِنَّ الْوَاحِدَ أَقَلُّ مَا يُوجَدُ فَإِذَا لَمْ يَصْحَبْهُ إِلَّا وَاحِدٌ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ فِي غَايَةِ الْقِلَّةِ.
ثُمَّ قَالَ: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 40] ؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَاحِبَهُ كَانَ مُشْفِقًا عَلَيْهِ مُحِبًّا لَهُ نَاصِرًا لَهُ حَيْثُ حَزِنَ، وَإِنَّمَا يَحْزَنُ الْإِنْسَانُ حَالَ الْخَوْفِ عَلَى مَنْ يُحِبُّهُ، وَأَمَّا عَدُوُّهُ فَلَا يَحْزَنُ إِذَا انْعَقَدَ سَبَبُ هَلَاكِهِ.
فَلَوْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ مُبْغِضًا [3] كَمَا يَقُولُ الْمُفْتَرُونَ لَمْ يَحْزَنْ وَلَمْ يَنْهَ عَنِ الْحُزْنِ، بَلْ كَانَ يُضْمِرُ الْفَرَحَ وَالسُّرُورَ، وَلَا كَانَ الرَّسُولُ يَقُولُ لَهُ: " {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} " .
فَإِنْ قَالَ الْمُفْتَرِي: إِنَّهُ خَفِيَ عَلَى الرَّسُولِ حَالُهُ لَمَّا أَظْهَرَ لَهُ الْحُزْنَ، وَكَانَ فِي الْبَاطِنِ مُبْغِضًا.
(1)
م: الْحَالَةِ

(2)
م: نَصَرَ

(3)
ن، م: مُبْغِضًا لَهُ.





قِيلَ لَهُ فَقَدْ قَالَ: " {إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} " ، فَهَذَا إِخْبَارٌ بِأَنَّ اللَّهَ مَعَهُمَا [جَمِيعًا] بِنَصْرِهِ [1] ، وَلَا يَجُوزُ لِلرَّسُولِ أَنْ يُخْبِرَ بِنَصْرِ اللَّهِ لِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَأَنَّ اللَّهَ [2] مَعَهُمْ وَيَجْعَلُ [3] ذَلِكَ فِي الْبَاطِنِ مُنَافِقًا فَإِنَّهُ مَعْصُومٌ فِي خَبَرِهِ عَنِ اللَّهِ لَا يَقُولُ عَلَيْهِ إِلَّا الْحَقَّ؛ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ حَالُ بَعْضِ النَّاسِ فَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مُنَافِقٌ كَمَا قَالَ: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 101] فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخْبِرَ عَنْهُمْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى إِيمَانِهِمْ.
وَلِهَذَا «لَمَّا جَاءَهُ الْمُخَلَّفُونَ عَامَ تَبُوكَ فَجَعَلُوا يَحْلِفُونَ وَيَعْتَذِرُونَ، وَكَانَ يَقْبَلُ عَلَانِيَتَهُمْ، وَيَكِلُ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ، لَا يُصَدِّقُ أَحَدًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاءَ كَعْبٌ وَأَخْبَرَهُ بِحَقِيقَةِ أَمْرِهِ [4] قَالَ: "أَمَّا هَذَا فَقَدَ صَدَقَ" ، أَوْ قَالَ: "صَدَقَكُمْ»" [5] .
وَأَيْضًا فَإِنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ لَمَّا [6] قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "«أَعْطَيْتَ فُلَانًا وَفُلَانًا، وَتَرَكْتَ فُلَانًا وَهُوَ [7] مُؤْمِنٌ" قَالَ: "أَوْ مُسْلِمٌ" مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا» [8] فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ إِخْبَارَهُ بِالْإِيمَانِ، وَلَمْ يَعْلَمْ مِنْهُ إِلَّا ظَاهِرَ الْإِسْلَامِ.
(1)
ن: فَهَذَا إِخْبَارٌ أَنَّ اللَّهَ مَعَنَا بِنَصْرِهِ، س، ب: فَهَذَا إِخْبَارٌ أَنَّ اللَّهَ مَعَنَا.

(2)
س، ب: وَاللَّهُ

(3)
م: وَيَحْصُلُ

(4)
ن، م: أَمَرَهُمْ

(5)
سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِيمَا مَضَى 2/433

(6)
لَمَّا: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .

(7)
ن، م: هُوَ

(8)
الْحَدِيثُ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4 4 - 305 (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ) ، سُنَنِ النَّسَائِيِّ 8/103 - 104 (كِتَابُ الْإِيمَانِ وَشَرَائِعِهِ، بَابُ تَأْوِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا. .) وَانْظُرِ الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ فِيمَا مَضَى 1/64 - 65.





فَكَيْفَ يَشْهَدُ لِأَبِي بَكْرٍ بِأَنَّ اللَّهَ مَعَهُمَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ؟ وَالْكَلَامُ بِلَا عِلْمٍ لَا يَجُوزُ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ بِهَذَا عَنِ الرَّسُولِ إِخْبَارَ مُقَرِّرٍ لَهُ، لَا إِخْبَارَ مُنْكِرٍ لَهُ فَعَلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ: " {إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} " مِنَ الْخَبَرِ الصِّدْقِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَضِيَهُ لَا مِمَّا [1] أَنْكَرَهُ وَعَابَهُ.
وَأَيْضًا فَمَعْلُومٌ أَنَّ أَضْعَفَ النَّاسِ عَقْلًا لَا يَخْفَى عَلَيْهِ حَالُ مَنْ يَصْحَبُهُ فِي مِثْلِ هَذَا السَّفَرِ الَّذِي يُعَادِيهِ فِيهِ الْمَلَأُ الَّذِينَ هُمْ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ [2] ، وَيَطْلُبُونَ قَتْلَهُ، وَأَوْلِيَاؤُهُ هُنَاكَ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُ؛ فَكَيْفَ يَصْحَبُ وَاحِدًا مِمَّنْ يُظْهِرُ لَهُ مُوَالَاتَهُ دُونَ غَيْرِهِ، وَقَدْ أَظْهَرَ لَهُ هَذَا حُزْنَهُ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ عَدُوٌّ لَهُ فِي الْبَاطِنِ. وَالْمَصْحُوبُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ وَلِيَهُ، وَهَذَا لَا يَفْعَلُهُ إِلَّا أَحْمَقُ النَّاسِ وَأَجْهَلُهُمْ.
فَقَبَّحَ اللَّهُ مَنْ نَسَبَ رَسُولَهُ الَّذِي هُوَ أَكْمَلُ الْخَلْقِ عَقْلًا وَعِلْمًا وَخِبْرَةً إِلَى مِثْلِ هَذِهِ الْجَهَالَةِ وَالْغَبَاوَةِ.
وَلَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ مَلِكِ الْمَغُولِ خُدَابَنْدَهْ [3] الَّذِي صَنَّفَ لَهُ هَذَا الرَّافِضِيُّ
(1)
ن، م، س: مِمَّنْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ

(2)
م: الَّذِي هُمْ أَظْهَرُهُمْ، وَهُوَ خَطَأٌ

(3)
ن، م، س، ب: خُرَبَنْدَاهْ. وَالْمُثْبَتُ هُوَ الَّذِي فِي (ك) ص 77 (م) وَهُوَ أُلْجَايِتُوخُدَابَنْدَهْ. وَسَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي مُقَدِّمَةِ هَذَا الْكِتَابِ، وَانْظُرْ أَيْضًا مَقَالَةَ كَرَامَرْزَ فِي: دَائِرَةِ الْمَعَارِفِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَقَدْ ذُكِرَ فِيهَا: وَلُقِّبَ فِي شَبَابِهِ "خَرْبَنْدَهْ" وَهُنَاكَ تَفَاسِيرُ مُخْتَلِفَةٌ لِهَذَا اللَّقَبِ. . عَلَى أَنَّ بُلُوشِيهَ. . يَقُولُ إِنَّ: خَرْبَنْدَهْ كَلِمَةٌ مَغُولِيَّةٌ مَعْنَاهَا الثَّالِثُ. . وَقَدْ عَهِدَتْهُ أُمُّهُ أَرُكُ خَاتُونَ خُدَابَنْدَهْ. . "."





كِتَابَهُ هَذَا فِي الْإِمَامَةِ أَنَّ الرَّافِضَةَ لَمَّا صَارَتْ تَقُولُ لَهُ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُبْغِضُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَانَ عَدُوَّهُ، وَيَقُولُونَ مَعَ هَذَا إِنَّهُ صَحِبَهُ فِي سَفَرِ الْهِجْرَةِ الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ الْأَسْفَارِ خَوْفًا. قَالَ كَلِمَةً تَلْزَمُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْخَبِيثِ، وَقَدْ بَرَّأَ اللَّهُ رَسُولَهُ مِنْهَا، لَكِنْ ذَكَرَهَا عَلَى مَنِ افْتَرَى الْكَذِبَ الَّذِي أَوْجَبَ أَنْ يُقَالَ فِي الرَّسُولِ مِثْلُهَا حَيْثُ قَالَ: "كَانَ قَلِيلَ الْعَقْلِ" .
وَلَا رَيْبَ أَنَّ فِعْلَ مَا قَالَتْهُ الرَّافِضَةُ فَهُوَ قَلِيلُ الْعَقْلُ. وَقَدْ بَرَّأَ اللَّهُ رَسُولَهُ وَصَدِيقَهُ مِنْ كَذِبِهِمْ وَتَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَهُمْ يَسْتَلْزِمُ الْقَدْحَ فِي الرَّسُولِ.
[فصل مما يبين أن الصحبة فيها خصوص وعموم كالولاية والمحبة]
فَصْلٌ.
وَمِمَّا يُبَيِّنَ أَنَّ الصُّحْبَةَ فِيهَا خُصُوصٌ وَعُمُومٌ، كَالْوِلَايَةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْإِيمَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الصِّفَاتِ الَّتِي يَتَفَاضَلُ فِيهَا النَّاسُ فِي قَدْرِهَا وَنَوْعِهَا وَصِفَتِهَا مَا أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كَانَ بَيْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ شَيْءٌ فَسَبَّهُ خَالِدٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "«لَا تَسُبُّوا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِي؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ»" . انْفَرَدَ مُسْلِمٌ بِذِكْرِ خَالِدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ [1] دُونَ الْبُخَارِيِّ [2] فَالنَّبِيُّ
(1)
ن: خَالِدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، م: خَالِدٍ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ.

(2)
سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِيمَا مَضَى 2/20 - 21 وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مُسْلِمٍ 4/1967 - 1968 (حَدِيثٌ رَقْمُ 222) .





صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِخَالِدٍ وَنَحْوِهِ: «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي» يَعْنِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَأَمْثَالَهُ؛ لِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَنَحْوَهُ هُمُ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ، وَهُمُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا قَبْلَ الْفَتْحِ وَقَاتَلُوا، وَهُمْ أَهْلُ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، فَهَؤُلَاءِ أَفْضَلُ وَأَخَصُّ بِصُحْبَتِهِ مِمَّنْ أَسْلَمَ بَعْدَ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، وَهُمُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَبَعْدَ مُصَالَحَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ مَكَّةَ وَمِنْهُمْ خَالِدٌ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ وَأَمْثَالُهُمْ.
وَهَؤُلَاءِ أَسْبَقُ مِنَ الَّذِينَ تَأَخَّرَ إِسْلَامُهُمْ إِلَى أَنْ فُتِحَتْ مَكَّةُ وَسُمُّوا الطُّلَقَاءَ مِثْلَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو [1] . وَالْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، وَأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ وَابْنَيْهِ يَزِيدَ وَمُعَاوِيَةَ وَأَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ، وَعِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَغَيْرِهِمْ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي هَؤُلَاءِ مَنْ بَرَزَ بِعِلْمِهِ عَلَى بَعْضِ مَنْ تَقَدَّمَهُ كَثِيرًا [2] كَالْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ [3] وَأَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَلَى بَعْضِ مَنْ أَسْلَمَ قَبْلَهُمْ مِمَّنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ وَكَمَا بَرَزَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى أَكْثَرِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا قَبْلَهُ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُ نَهْيٌ لِمَنْ صَحِبَهُ آخِرًا يَسُبُّ مَنْ صَحِبَهُ أَوَّلًا لِامْتِيَازِهِمْ عَنْهُمْ [4] فِي الصُّحْبَةِ بِمَا لَا يُمْكِنُ [5] أَنْ يَشْرَكَهُمْ فِيهِ حَتَّى قَالَ:
(1)
ن، م، س: سَهْلِ بْنِ عَمْرٍو. وَمَا أُثْبِتُهُ مِنْ (ب) . وَتَرْجَمَةُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ. . الْعَامِرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي "الْإِصَابَةِ 2/92 - 93 وَفِيهَا مَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ. وَذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ ثَلَاثَةً مِنَ الصَّحَابَةِ اسْمُهُمْ سَهْلُ بْنُ عَمْرٍو؛ مِنْهُمْ سَهْلُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ الْعَامِرِيُّ أَخُو سُهَيْلٍ. وَقَالَ عَنْهُ:" ذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ أَسْلَمَ بِالْفَتْحِ ""

(2)
ن: كَثِيرٌ، م: بِكَثِيرٍ.

(3)
ن، م: بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(4)
ب: عَنْهُ

(5)
ن، س: مِمَّا لَا يُمْكِنُ ب: بِمَا لَا يُمْكِنُهُ.





"«لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ»" .
فَإِذَا كَانَ هَذَا حَالَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنْ بَعْدِ الْفَتْحِ وَقَاتَلُوا، وَهُمْ مِنْ أَصْحَابِهِ التَّابِعِينَ لِلسَّابِقِينَ مَعَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ وَهُمْ أَصْحَابُهُ السَّابِقُونَ، فَكَيْفَ يَكُونُ حَالُ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَصْحَابِهِ بِحَالٍ مَعَ أَصْحَابِهِ؟ ! .
وَقَوْلُهُ: "«لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي»" قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، مِنْهَا مَا تَقَدَّمَ وَمِنْهَا مَا أَخْرَجُوهُ فِي الصَّحِيحِ [1] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "«لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ»" تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 2/20 - 21. .
فَصْلٌ.
[قول الرافضي يجوز أن يستصحبه معه لئلا يظهر أمره حذرا منه والرد عليه]
وَأَمَّا قَوْلُ الرَّافِضِيِّ: "يَجُوزُ أَنْ يَسْتَصْحِبَهُ مَعَهُ لِئَلَّا يَظْهَرَ أَمْرُهُ حَذَرًا مِنْهُ" .
وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا بَاطِلٌ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ لَا يُمْكِنُ اسْتِقْصَاؤُهَا.
أَحَدُهَا: أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ بِدَلَالَةِ الْقُرْآنِ مُوَالَاتُهُ لَهُ وَمَحَبَّتُهُ لَا عَدَاوَتُهُ، فَبَطَلَ هَذَا.
الثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ مُحِبًّا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُؤْمِنًا بِهِ، مِنْ أَعْظَمِ الْخَلْقِ اخْتِصَاصًا بِهِ، أَعْظَمُ مِمَّا تَوَاتَرَ
(1)
ن، س مَا أَخْرَجُوهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، ب: مَا أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ.





مِنْ شَجَاعَةِ عَنْتَرَةَ، وَمِنْ سَخَاءِ حَاتِمٍ، وَمِنْ مُوَالَاةِ عَلِيٍّ وَمَحَبَّتِهِ لَهُ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ التَّوَاتُرَاتِ الْمَعْنَوِيَّةِ فِيهَا الْأَخْبَارُ الْكَثِيرَةُ عَلَى مَقْصُودٍ وَاحِدٍ.
وَالشَّكُّ فِي مَحَبَّةِ أَبِي بَكْرٍ كَالشَّكِّ فِي غَيْرِهِ وَأَشَدَّ، وَمِنَ الرَّافِضَةِ مَنْ يُنْكِرُ كَوْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مَدْفُونَيْنِ فِي الْحُجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَبَعْضُ غُلَاتِهِمْ يُنْكِرُ أَنَّ يَكُونَ هُوَ صَاحِبَهُ الَّذِي كَانَ مَعَهُ فِي الْغَارِ. وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بُهْتَانِهِمْ بِبَعِيدٍ، فَإِنَّ الْقَوْمَ قَوْمُ بُهْتٍ يَجْحَدُونَ الْمَعْلُومَ ثُبُوتَهُ [1] بِالِاضْطِرَارِ، وَيَدَعُونَ ثُبُوتَ مَا يُعْلَمُ انْتِفَاؤُهُ بِالِاضْطِرَارِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ وَالنَّقْلِيَّاتِ.
وَلِهَذَا قَالَ مَنْ قَالَ: لَوْ قِيلَ: مَنْ أَجْهَلُ النَّاسِ؟ لَقِيلَ: الرَّافِضَةُ حَتَّى فَرَضَهَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ \ مَسْأَلَةٌ فِقْهِيَّةٌ: فِيمَا إِذَا أَوْصَى [2] لِأَجْهَلِ النَّاسِ؛ قَالَ: هُمُ الرَّافِضَةُ، لَكِنَّ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ؛ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ وَالْوَقْفَ لَا يَكُونَانِ [3] مَعْصِيَةً، بَلْ عَلَى جِهَةٍ لَا تَكُونُ مَذْمُومَةً فِي الشَّرْعِ. وَالْوَقْفُ وَالْوَصِيَّةُ لِأَجْهَلِ النَّاسِ فِيهِ جَعْلُ [4] الْأَجْهَلِيَّةِ وَالْبِدْعِيَّةِ مُوجِبَةً لِلِاسْتِحْقَاقِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِأَكْفَرِ النَّاسِ، أَوْ لِلْكَفَّارِ دُونَ الْمُسْلِمِينَ بِحَيْثُ يُجْعَلُ الْكُفْرُ شَرْطًا فِي الِاسْتِحْقَاقِ، فَإِنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ.
وَكَوْنُ أَبِي بَكْرٍ كَانَ مُوَالِيًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْظَمَ مِنْ غَيْرِهِ؛ أَمْرٌ عَلِمَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ وَالْأَبْرَارُ وَالْفُجَّارُ حَتَّى أَنِّي أَعْرِفُ طَائِفَةً مِنَ الزَّنَادِقَةِ كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ اتَّفَقَ عَلَيْهِ فِي الْبَاطِنِ النَّبِيُّ - صَلَّى
(1)
ن: نَبُوَّتَهُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(2)
م: وَصَّى.

(3)
ن، م، س: لَا تَكُونُ.

(4)
ن، س: جَهْلُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 130.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 128.89 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (1.31%)]