|
|||||||
| ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#121
|
||||
|
||||
|
المرأة والأسرة – 1275 الفرقان الأسرة وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم مما لا شك فيه أن «السيرة النبوية» هي النبراس الهادي والطريق المستقيم للبشرية جمعاء في سلوكهم وحركاتهم وسكناتهم، والأسرة هي جزء من هذا المجتمع؛ فهي بحاجة ماسة لمعرفة حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - لتقتدي به وتهتدي بهديه - صلى الله عليه وسلم -، وتظهر أهمية ارتباط الأسرة بسيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يلي:
اجعلي لأولادك نصيبًا من قصص السيرة اجعلي لأولادك نصيبًا من قصص السيرة النبوية الهادفة مع تدريبهم على استخلاص الدروس والعبر من هذه القصص؛ فهذا أسلوب تعليمي وتوجيهي كبير وعظيم؛ حيث إن الصغار تستهويهم القصص ولو كانت قصيرة ليقوى إيمانهم وليدركوا معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - وقبل ذلك يدركون قدرة الله -تبارك وتعالى-؛ فالتربية بالقصة مسلك قويم لتعديل السلوك وتقوية الإيمان. تمسك الأسرة بالسُنَّة النبوية إن تمسك الأسرة بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني بناء حياتها على ما جاء في القرآن والسُنَّة، ويتضمن ذلك معاملة الأفراد بلطف واحترام، وتعليمهم القيم الإسلامية، وتبادل المحبة والمودة، والتشاور في أمور الأسرة، والحفاظ على أسرار البيوت، وهذا ما يؤدي إلى استقرار الأسرة ومن ثم استقرار المجتمع. الأخت الفاعلة والواعية لاشك أن وجةود أخت فاعلة وواعية داخلز الأسرة تضع نُصْب عينَيْها أهميةَ بناء شخصية إسلامية متكاملة، نعمة عظيمة، هذه الأخت من أهم صفاتها أنها دائمًا تكون حريصة على توعية إخوتها توعيةً فكريةً وعقائدية وعلمية، وتُحبِّب إليهن الإيمان وشريعة الإسلام وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وترفع من مستوى تفكيرهن وهمومهن وتطلعاتهن وطموحاتهن الدينية والدنيوية، إنها الأخت الفاعلة القادرة بإذن الله -سبحانه وتعالى- على تحويل مسار الأسرة من العشوائية إلى الجد والنظام، ومن الضياع إلى الهدف الواضح، ومن البلادة وحب الخمول إلى العطاء وحب المعالي. لِنحمِ بيوتنا وأهلينا من الشيطان من أعظم أولويَّات إبليس في هذه الدنيا، أن يحطم قواعد البيت المسلم، فيزيل المودة والرحمة من بين أفراد الأسرة، ويبث بينهم العداوة والبغضاء؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ»؛ لذلك وجب علينا أن نحمي بيوتنا وأسرنا وأهلينا من شر الشيطان، ومن أهم ما نحمي به بيوتنا ذكر الله -عزوجل-، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ، وَلَا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ، فَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاء»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، وَالْبَيْتِ الَّذِي لَا يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ». ![]() الحِوار والتفاهم داخل الأسرة إن أعضاء الأسرة الناجحة هم الذين تآلفوا فتفاهموا في معرفة منازل نفوسهم، فأنزلوها مكانها، فاحترموا الكبير، وعطفوا على الصغير، وساعدوا المحتاج ونحو ذلك، وإنَّ من أهم العوامل التي تُساعد على استمرارية هذا النجاح وأمثاله، الحوار الهادف بين أفراد الأسرة، فهو وسيلة بناء وعلاج، فما أجملَه عندما يوجد بينهم بآدابه وشروطه! لأننا في الحوار نستخرج مكنون النفوس، ونمنحها الفرصةَ لتُعبِّر عمَّا يجول في خاطرها، وقد لا نصل إلى التربية الحقَّة لأولادنا حتى نتعرف على ذلك، لتكون توجيهاتنا في مجراها الصحيح والسليم؛ لأن الحوار هو تمهيدٌ في الوصول إلى الحقيقة التي نُريد معرفتها، فإذا عرفناها عرفنا آلية التعامل معهم تربيةً وتقويمًا وبناءً وعلاجًا ونحو ذلك. أهمية تعويد الأبناء أداء العبادات من المهم تعويد أبنائنا وبناتنا على الصلاة والصيام منذ صغرهم، وتعويد البنات على الحجاب وتحبيبهن في الطهر والعفاف والستر والحياء منذ صغرهن، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مُرُوا أولاكمِ بالصلاةِ وهم أبناءُ سبعِ سِنينَ، واضرِبوهم عليها وهم أبناءُ عَشرٍ، وفرِّقوا بينهم في المَضاجِعِ»، وكان الصحابة -رضوان الله عليهم- يعودون أولادهم على الصيام، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطوه اللعبة من العهن يلهونهم بها عن الطعام حتى يأتي موعد الإفطار. فوائد تربوية لمائدة طعام الأسرة لمائدة طعام الأسرة العديد من الفوائد التربوية التي تعود بالخير والنفع على جميع أفراد الأسرة؛ فهي منتدى يحقق الترابط، والمحادثات والحوارات المفيدة؛ وأبرز الفوائد التربوية لمائدة طعام الأسرة، هي غرس القيم في نفوس الأطفال، فمن خلالها نعلم الأطفال سُنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتغرس فيهم الشعور بالحب والأمان والمسؤولية، وتقدير الذات، والترابط بين أفراد الأسرة، وهي فرصة ليعتاد الأطفال التحدث مع الكبار، والاستماع إليهم، كما أن تناول الطعام يعد وقتًا سعيدًا للأطفال؛ لذا على الأب والأم الحرص على البعد عن مواطن الخلاف، حتى يكون وقت الطعام فرصة لاجتماع أفراد الأسرة، والحديث اللطيف، والنقاش حول مختلف الموضوعات والقضايا، ولا يجب أن يكون هذا الوقت وقتًا للتأديب والعتاب والتبكيت والضحك ورفع الصوت، والكلام الجارح، فعندما يكون وقت الطعام مبهجًا لطيفًا وسعيدًا ومريحًا، وخاليًا من الخلاف والنزاعات، يتطلع إليه الأبناء، ويشتاقون للتجمع حول الأب والأم. من الأخطاء التربوية إن من الخطأ في التربية أن يغضب الأب والأم لتقصير أولادهم في أمور العادات والأعراف والتقاليد والمباحات، ولا يغضبون إذا انتهكت حرمات الله، فيعتاد الأبناء على هذا، ويتحفزون لما يغضب الأب والأم من العادات، ولا يبالون إذا فعلوا ما يغضب الله.
__________________
|
|
#122
|
||||
|
||||
|
المرأة والأسرة – 1276 الفرقان كيف أربي أولادي بطريقة صحيحة؟ من الأسئلة التي تؤرق العديد من الآباء والأمهات: كيف نربي أبناءنا بطريقة صحيحة تضمن لهم الاستقامة والتفوق في الدنيا والآخرة؟ قدّم الإسلام لنا منهجًا واضحًا؛ إذ اهتم بتنشئة الأطفال إيمانيا وجسديا وعقليا، وتشمل التربية في الإسلام تعليم الأطفال القيم الدينية، وغرس الأخلاق الحميدة، وتدريبهم على الالتزام بالطاعات، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم ليكونوا قادرين على مواجهة تحديات الحياة، ومن وصايا النبي - صلى الله عليه وسلم - في تربية الأبناء:
المرأة في ظل الإسلام أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمرأة وصية خاصة في حجة الوداع فقال: «واتقوا الله في النساء، فإنهن عندكم عوان»، ووصى بها عند موته - صلى الله عليه وسلم - فأخذ يردد: «اتقوا الله في النساء ثلاث مرات إنهن عوان عندكم» بمعنى أسيرات عندكم. الصبر والاحتساب في تربية الأولاد ورعاية البيت لقد فطر الله -عزوجل- الناس على حب أولادهم، قال الله -تعالى-: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (الكهف:46)، ومن سنة الله في خلقه أن يبذل الأبوان الغالي والنفيس من أجل تربية أبنائهم وتنشئتهم وتعليمهم، ومسؤولية الوالدين في ذلك كبيرة؛ فالأبناء أمانة في عنق والديهم، وتربية الأم بالذات في السنوات الأول، وثوابها على حسن التربية عظيم، ومن أجل ذلك أوصى الله -تعالى- الأولاد بالإحسان إلى الأم، وقدم الإحسان إليها على الإحسان إلى الأب، اعترافًا بجميلها وتقديرًا لعنائها، كما أن لها الثواب عند الله -تعالى- إن أخلصت ذلك لوجه الله، فسيجعل الله -تعالى- ولدها قرة عين لها، كما ستنتفع بدعائه وبره بعد موتها، وانطلاقًا من هذه المعطيات، على المرأة المسلمة أن تصبر على تربية أولادها، وتحتسب الأجر الكثير في ذلك، ولتعلم أنهم إذا صلحوا فسيكونون قرة عين لها، ويكونون بها بررة، وستسعد بهم في الدنيا والآخرة، وإذا فسدوا فسيكون الحال بعكس ذلك. تربية الأبناء على الإحسان
![]() كيف أتعامل مع أخطاء أطفالي بطريقة إيجابية؟ تعامل الآباء مع أخطاء الأطفال يؤثر تأثيرًا كبيرًا على شخصيتهم وتطورهم؛ فينبغي اتباع خطوات منهجية لإصلاح السلوك دون التأثير السلبي على نفسية الطفل وذلك من خلال ما يلي: (1) التحكم في الغضب: عند حدوث الخطأ، يجب على الوالدين التزام الهدوء وتجنب الصراخ أو العقاب الفوري؛ لأن الغضب قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات تربوية غير صائبة. (2) فهم أسباب الخطأ: الحوار مع الطفل لفهم دوافعه يساعد الوالدين على معالجة الأسباب الجذرية للمشكلة بدل التركيز فقط على النتائج. (3) التوجيه بالحب: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مثالاً في استخدام التوجيه اللطيف؛ فعندما أخطأ شاب واستأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الزنا، لم يُعنفه النبي؛ بل سأله بهدوء: «أترضاه لأمك؟»، حتى اقتنع الشاب بخطئه؛ فهذا الأسلوب يُبرز أهمية الحكمة في التوجيه. (4) العقاب المناسب: إذا كان الخطأ يستدعي العقاب، فيجب أن يكون العقاب معتدلاً ومتناسبًا مع حجم الخطأ، مع التأكيد على أنه يستهدف تقويم السلوك وليس الانتقام. (5) التشجيع بعد التصحيح: من المهم الإشادة بأي تحسن في سلوك الطفل لتعزيز ثقته بنفسه وتحفيزه على التحلي بالسلوك الإيجابي. ![]() التعليم أساس بناء شخصية الطفل التعليم هو أساس بناء شخصية الطفل وتنمية قدراته؛ لذلك ينبغي غرس حب العلم في نفوس الأبناء منذ الصغر، وتعليمهم أن طلب العلم عبادة يؤجرون عليها. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «طلب العلم فريضة على كل مسلم». واجب الدعاء للأبناء بالهداية والصلاح الدعاء هو سلاح المؤمن، حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على الدعاء للأبناء وحذر من الدعاء عليهم؛ حيث قال: «لا تدعوا على أنفسكم ولا على أولادكم»، والدعاء سبب في حماية الأبناء من الفتن والانحراف. ما أهمية تربية الأطفال على القرآن؟ تُعدّ تربية الأطفال على القرآن الكريم ركيزة أساسية في تنشئتهم وفق القيم الإسلامية الصحيحة؛ فالقرآن مصدر الهداية والنور الذي ينير درب الإنسان في حياته الدنيا، ويرشده إلى الفوز في الآخرة، ومن وصايا الرسول في تربية الأبناء، أنه أولى - صلى الله عليه وسلم - أهمية كبيرة بتعليم القرآن للأطفال؛ لأن القرآن لا يُربّي القلب والروح فقط، بل يرسّخ القيم الأخلاقية، ويوجه الإنسان نحو الطاعات، ويجعله قويا أمام
__________________
|
|
#123
|
||||
|
||||
|
المرأة والأسرة – 1277 الفرقان أهلية المرأة للتكليف وتحمُّل المسؤولية كما أن الإسلام ضمن للمرأة حقوقًا، فكذلك فرض عليها واجبات هي مطالَبة بأدائها والقيام بها؛ فالله -سبحانه وتعالى- جعل المرأة أهلًا للتكليف وتحمُّل المسؤولية، وهذه الأهلية هي مناط تكريم للمرأة المسلمة، مثلها في ذلك مثل الرجل، فالنساء شقائقُ الرجال، وهي مساوية للرجل في أصول التكاليف الشرعية؛ من عبادة الله، وتوحيده، والإيمان به، وتعلُّم ما يلزمها من أمور دينها، وطاعة زوجها، وتربية أبنائها، ونحو ذلك من الواجبات الأخرى. عندما قالت أم سلمة زوجُ النبي - صلى الله عليه وسلم -رضي الله عنها-: يا نبي الله، ما لي أسمع الرِّجالَ يُذكَرون في القرآن، والنساء لا يُذكَرْنَ؟ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 35)، يقول الإمام ابن كثير -رحمه الله-: وقوله: {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} خبرٌ عن هؤلاء المذكورين كلِّهم أن الله -سبحانه- قد أَعَدَّ لهم؛ أي: هيَّأَ لهم مغفرة منه لذنوبهم، وأجرًا عظيمًا، وهو الجنة»، وقال -سبحانه-: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ} (النساء: 124)، قال ابن كثير: «شرع -سبحانه- في بيان إحسانه وكرمه ورحمته في قَبول الأعمال الصالحة من عباده ذُكْرانِهم وإناثهم، بشرط الإيمان، وأنه سيُدخِلهم الجنة ولا يظلمهم من حسناتهم ولا مقدارَ النَّقِير، وهو النُّقرة في ظهر نواة التمر، وقال عند تفسير قوله -تعالى-: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} (النساء: 34): {فَالصَّالِحَاتُ}: أي من النساء، {قَانِتَاتٌ} قال ابن عباس: يعني مطيعات لأزواجهن، {حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ} قال السدي وغيره: أي تحفظ زوجها في غَيْبتِه في نفسها وماله، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خير النساء امرأةٌ إذا نظَرتَ إليها سرَّتْك، وإذا أمَرتَها أطاعتْك، وإذا غِبتَ عنها حَفِظتْك في نفسها ومالك». أساس التربية السليمة للأبناء من أسس التربية السليمة للأبناء إيجاد أجواء الوئام والحب داخل الأسرة، وتيسير سبل أداء الطاعات والالتزام بها، وأن يكون هَمُّ الأبوين فضلا عن واجبات النفقة والكسوة؛ التربية على القيم، وبناء الوعي وإيصال المعارف الدينية الأساسية تدريجيا مع مراعاة المراحل العمرية، فإذا كانت الأسرة في الماضي تركز على تعليم الأبناء قيما أساسية مثل الاحترام والطاعة والعمل الجاد، مما أدى إلى تعزيز الروابط العائلية والمجتمعية، فقد تغيرت في زماننا أساليب التربية وتحدياتها؛ بسبب التطورات التكنولوجية وتعدد وسائل التواصل الاجتماعي؛ الأمر الذي يتطلب بذل جهود أكثر من أجل التوازن المطلوب بين تبني التقدم التكنولوجي والحفاظ على القيم الأساسية. دور المرأة في غرس القيم إن تربية الأجيال على القيم هي العنصر الأساس لتحقيق الاستقرار الأسري وتماسك مكونات المجتمع، وللمرأة المسلمة دور أساس في غرس هذه القيم والمبادئ الأخلاقية في نفوس الأجيال؛ فهي التي تعلمهم التمييز بين الصواب والخطأ، وتوجههم نحو التصرفات السليمة التي تتماشى مع القيم الاجتماعية، ومع تعاليم ديننا الحنيف. المرأة المسلمة ومنظومة القيم لا شك أن المرأة المسلمة لها دور كبير ومؤثر في بناء منظومة القيم داخل الأسرة؛ فهي التي تعين أبناءها على فهم المعايير الأخلاقية والاجتماعية، كالصدق والاحترام والمسؤولية، وتعينهم على تشكيل سلوكهم وبناء شخصيتهم، وتسعى لغرس تلك القيم والأخلاق في نفوسهم ومنها: توقير الكبير واحترام الصغير، والتعاون، والمشاركة، وتحمّل المسؤولية، وهي التي تعلم الأبناء مهارات التفكير وحل المشكلات والإبداع وزيادة ثقتهم بأنفسهم إيجابيا، وكيف يتعامل مع المحيط العام من حوله كالأصدقاء والأقارب والأقران في المدرسة. رسالة إلى فتاة الجامعة اعلمي يا بُنيتي، أنك في مرحلة جديدة من مراحل حياتك ستواجهين مجتمعًا جديدًا عليك، وخير ما تتزوَّدين به لهذه المرحلة ولكل مراحل حياتك هو: زاد التّقوى والإيمان كما قال -سبحانه-: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الألْبَابِ} (البقرة: 197)؛ فإيمانك بالله هو بوصلتك وخارطة طريقك، وهو دستورك الذي ينظِّم علاقاتك وصِلاتك بالآخرين، وإنَّ تقواك هي منهج حياتك، وصِمام أمانك، وسرُّ قوتك، وهي من ستصونك وتحميك. واعلمي يا بُنيتي، أنك تحملين على عاتقك رسالةً عظيمة هي رسالة العلم، فاعملي على صيانة الأمانة بمسؤولية، واحذري الشِّعارات التي تبثُّ سمومَ أفكارها التَّحرُّرية والتَّغريبيَّة، لتَصْرِفك عن رسالتك العلمية، ولكي ينزعوا عنك حشمتك ووقارك، وأدبك وحياءك! فالإسلام هو من منحك الحرِّيَّة الحقيقية والمساواة العادلة. واعلمي يا بُنيتي، أن تاجك هو الحَياء، وعلامَةُ إيمانِك التُّقى والعَفاف، فَلْيَكُن مظْهَرُكِ منسجمًا مع رسالتك العلمية، ولْيَكُنْ لباسُكِ الحجاب الشَّرعي السَّابغ الذي يعكس معدن جوهرك، ومرآة طُهْرِك وعِفَّتِك، وتجنَّبي مظاهر التَّبَرُّج والسُّفور، وكما هو شأن مظهَرِك كذلك شأن سُلوكِك وتصرُّفاتِك ينبغي أن تكون منسجمةً مع مظهرك ولباسك، لا يناقِضُه ولا يسيءُ لسمعتِك ولا لدينِك. مفاهيم لابد من العِلم بها من المفاهيم التي يجب على المرأة المسلمة فقه معناها: مفهوم العقيدة، وهي تعني ما عقد عليه القلب والضمير، وما تديَّن به الإنسان واعتقده، والعقيدة الإسلامية تعني المفاهيم الثابتة التي يجب الإيمان بها أولا وقبل كل شيء، إيمانًا لا يرقى إليه شك، ولا تؤثر فيه شبهة، وهي الركن الأساس الذي بدأ الإسلام به في تكوين شخصية المسلم، ومن طبيعتها تضافر النصوص الواضحة على تقريرها، وهي تمثل الجانب العلمي الذي يقيم عليه المسلم عبادته وسلوكه وعمله كله، ومرتكزها هو الإيمان بأصول العقائد التي أمرنا الله بالإيمان بها، وحددها رسوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث جبريل -عليه السلام- في تعريفه للإيمان. أهمية العقيدة للمرأة المسلمة تتجلى أهمية العقيدة للمرأة المسلمة في كونها أساس الطمأنينة النفسية، التي تُحررها من عبودية غير الله، وتدفعها إلى العمل الصالح، وتُكسبها الاستقامة على منهج الله، وتحميها من الضلال والفتن؛ فالعقيدة الصحيحة هي المصدر الذي تستمد منه المرأة قوتها، وتُوجّه من خلاله حياتها، وتؤدي به دورها الفعال في بناء أسرتها ومجتمعها، كما أن العقيدة الصحيحة تجلب الطمأنينة والانشراح للقلب والنفس؛ حيث تجعلها راضية ومستقرة، والعقيدة الصحيحة تدفع المرأة لأداء دورها الفعال في أسرتها ومجتمعها، أمّا مربية، وزوجة صالحة، ومشاركة في بناء المجتمع. شروط الحِجاب الشرعي
__________________
|
|
#124
|
||||
|
||||
|
المرأة والأسرة – 1278 الفرقان من السنن الغائبة عن مجتمعاتنا من السنن الغائبة والمستغربة التي هجرها أكثر المسلمين، أن يخطب الرجل لابنته من يراه صاحب دين وخلق، وقد جاء ذكر هذه السنة في القرآن الكريم حين عرض الشيخ الصالح ابنته على موسى -عليه السلام- في قوله -تعالى-: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} (القصص: 27). فصاحب «مَدْيَنَ» يعرض ابنته على موسى -عليه السلام-، وقد جاء غريبًا مهاجرًا، ولم يتحرج من هذا العرض، ولم يشترط في موسى أي شروط فوق طاقته، وإنما اكتفى بشرط أساسي وهو الدين والخلق والكفاءة، ومثال ذلك أيضًا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-؛ حين تأيَّمت حفصة بنته من خنيس بن حذافة السهمي- رضي الله عنه -، وكان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتوفِّي بالمدينة، فقال عمر -]-: «أتيت عثمان فعرضت عليه حفصة، فقال: سأنظر في أمري، فلبثت ليالي، ثم لقِيني، فقال: قد بدا لي ألا أتزوَّج يومي هذا، قال عمر: فلقيت أبا بكر الصديق، فقلت له: إن شئت زوَّجتك حفصة بنت عمر؟ فصمت أبو بكر، فلم يرجع إليّ شيئًا، وكنت أوجد عليه مني على عثمان، فلبثت ليالي، ثم خطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنكحتُها إياه، فلقِيني أبو بكر، فقال: لعلَّك وجدتَ عليّ حين عرضت عليّ حفصة، فلم أرجع إليك فيما عرضت عليّ، إلا أني كنت علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكرها، فلم أكن أُفشي سرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولو تركها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لقبِلتها»؛ رواه البخاري. منهج لقمان في التربية من أروع النماذج التربوية التي ساقها القرآن الكريم، وصايا لقمان الحكيم لابنه، التي جمعت بين العقيدة والعبادة والسلوك: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ... أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ... وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا... وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} (لقمان: 13 - 19)، إنها تربية متكاملة تجمع بين تهذيب العقيدة، وتقويم الأخلاق، وضبط الانفعالات، وبيان آداب التعامل مع الناس. التربية مسؤولية عظيمة التربية مسؤولية عظيمة لا تنتهي عند حدود البيت، بل تبني أمة، وتصنع مستقبلًا، فكل أب وأم مطالبان بأن يكونا قدوة في السلوك، ومرشدَين في العقيدة والفضائل، فلنسأل الله أن يصلح لنا ذريتنا، ويجعلهم قرة أعين لنا؛ كما قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} (الفرقان: 74). الأسرة وسيلة فعَّالة لحماية المجتمع عدّ الإسلام بناء الأسرة وسيلة فعَّالة لحماية المجتمع شيبًا وشبابًا، ذكورًا وإناثًا من الفساد، ووقاية المجتمع من الفوضى، ومِن ثَم فإن تحقيق هذا الهدف يكون بالإقبال على بناء الأسرة بناءً إيمانيا على القواعد والمبادئ التي حددها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله: «إذا خَطَب إليكم مَن تَرْضَوْنَ دِينَه وخُلُقَه، فزَوِّجُوه. إلا تفعلوا تَكُنْ فِتْنَةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ»؛ وقوله -[-: «تُنكَحُ المَرأةُ لأربعٍ: لمالِها، وحَسَبِها، ودِينِها، وجَمالِها؛ فاظفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَداكَ»؛ لأن عدم ذلك يحصل به ضرر على النفس باحتمال الانحراف عن طريق الفضيلة والطهر، كما يؤدي إلى ضرر المجتمع بانتشار الفاحشة وذيوع المنكرات. الزواج ضرورة فلا تجعلوه حُلمًا أصبحت كثير من مجتمعاتنا تتفنن في تعسير السبل ووضع العراقيل أمام الزواج المبكر، سواء في المبالغة في وضع شروط الزواج ورفع تكاليفه وغلاء المهور وغيرها، وقد دعمت العديد من وسائل الإعلام النظرة الاجتماعية السلبية للزواج المبكر، وربطت بينه وبين المشكلات الأسرية والصحية، بل إن هذه الوسائل الإعلامية ساهمت في الترويج لمفاهيم كثيرة خطأ، تجاوزت التنفير من الزواج المبكر إلى التركيز على المظاهر السطحية للزواج مثل: الحفلات والملابس والكماليات وغيرها، كما روجت تلك الوسائل لمواصفات الزوجين بعيدًا عن الخلق والدين، فالزوج لابد أن يكون غنيا ووسيمًا، أما الزوجة فيجب أن تكون جميلة وموظفة، الأمر الذي كان له أثره في تغير نظرة الشاب والفتاة للزواج؛ مما أدى إلى تراجع الزواج المبكر. ![]() التربية الإسلامية للأولاد أمانة ومسؤولية شرعية الأولاد نعمة من أعظم نِعم الله على الإنسان، وهم في الوقت نفسه أمانة ومسؤولية عظيمة في أعناق الوالدين؛ فكما أن الأولاد زينة الحياة الدنيا، فإن تقويمهم ورعايتهم وتربيتهم على الإيمان والخُلق الحسن من أعظم الواجبات الشرعية. وقد جعل الإسلام كلَّ فرد مسؤولًا في دائرة تأثيره، ولا سيما في نطاق الأسرة؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته»؛ بل قرر - صلى الله عليه وسلم - أن هذه المسؤولية تشمل كل من وليَ أمرًا؛ فقال: «إن الله سائلٌ كل راعٍ عما استرعاه، حفِظ أم ضيع، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته»؛ لذلك كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حريصًا على تعليم الصغار وتوجيههم منذ نعومة أظفارهم، وتوجيه الوالدين إلى الاعتناء ببداية النشأة. القوامة مسؤولية الرجل القوامة هي القيام على الأمر لحسن تدبيره؛ ما يعني أنها مسؤولية على الرجل، ولا تعني أي ظلم للمرأة أو انتقاص لحقوقها، ولا سيما مع مشروطيتها الواردة في الآية ذاتها: {بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (النساء: 34)، فلكل سفينة قيادة، ولا يمكن للقيادة أن تكون لأكثر من ربان، وعليه؛ فإن القوامة تنظيم للحياة الأسرية وفق الفطرة السليمة، لا تفضيل لمطلق الرجال على مطلق النساء، وهي مسؤولية وتكليف للرجل بالإنفاق والرعاية، وليست تسلطاً أو استبداداً. أدب الصحابيات في الحوار والطلب أم طليق صحابية -رضي الله عنها-، امرأة عاقلة ورزينة من النساء الحكيمات العالمات بالشرع والفقه في الدين، أرادت الحج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سمعت أنه يريد الحج، فهذا شرف عظيم لمن نال هذه المَنْقَبة، أرادَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الحجّ فقالتْ امرأةٌ لزوجها: أحججنِي مع رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال: ما عندِي ما أحجّكِ عليهِ. فقالت: أحججني على جملِكَ فلان. قال: ذلكَ حبيسِي في سبيلِ اللهِ -عز وجلَ-. فأتى رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن امرأتِي تقرأ عليكَ السلامُ ورحمةُ اللهِ، إنها سألتني الحجّ معكَ قالت: أحججْني مع رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقلت: ما عندي ما أحجّكِ عليهِ، فقالت: أحجُجْني على جملكَ فلان، فقلت: ذلكَ حبيسي في سبيلِ اللهِ فقال: أما إنكَ لو حججْتها عليهِ كانَ في سبيلِ اللهِ وإنها أمرتنِي أن أسألكَ ما يعدِلُ حجّةٌ معكَ، قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: أقرئها السلامَ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ وأخبرها أنها تعْدِلُ حجةً - يعني عمرةً في رمضانَ. هذا الحوار الهادي بين الزوج وزوجته يعد نبراسًا للحياة الزوجية، فانظري إلى أم طليق -رضي الله عنها- كيف تحاور زوجها بأدب وتلطف، ومن رجاحة عقلها كيف ترد عليه بالأدلة الشرعية التي أيَّدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصدّقها عليه، ثم انظري إلى طاعتها لزوجها حين أبى عليها أن تحج معه، ولم تقف أم طليق -رضي الله عنها- عند هذا الحد بل طلبت من زوجها - رضي الله عنه - أن يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - بما دار بينهما من حوار.
__________________
|
|
#125
|
||||
|
||||
|
المرأة والأسرة – 1279 الفرقان الصحة النفسية لأبنائنا ليس بخافٍ ما للأسرة من دورٍ في حياة الأطفال، ومدى تأثيرها في تَنشئتهم عقليًّا وانفعاليًّا، واجتماعيًّا وسلوكيًّا، فهي أولى المصادر التي تلبِّي احتياجاتهم على اختلافها، مما يجعل الأسرةَ مركز التأثير الأكثر عُمقًا في النموِّ العام للأطفال، ومصدرَ كلِّ تربية يتأثَّرون بها. لعل أهم احتياجات النمو النفسي لدى الطفل تبدأ بالحب والعطف والحنان، والأمن والطمأنينة والانتماء، وإلى الجو الأُسري المُفعم بالدِّفء، والمودَّة والرَّأْفة، القائم على التفاهُم والثِّقة والاحترام، ولا سيَّما في مراحل الطفولة الأولى، باعتبار هذه الاحتياجات تَضمن للطفل جانبًا مهمًّا من الاستقرار العاطفي والنمو الانفعالي السليم، وتُعزِّز لَدَيه الشعور بالأمان والثقة بالذات، كما أنَّ الطفل يحتاج إلى إشباع احتياجاتٍ عدَّة أخرى؛ كالحاجة إلى ممارسة الاستقلال الشخصي، وإلى اكتساب بعض المهارات العقليَّة والحركيَّة والاجتماعيَّة الأساسية، وبعض المعايير الأخلاقيَّة المهمَّة في المجتمع، جاء أعرابيٌّ إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: أتُقبِّلونَ الصِّبيانَ؟ فما نُقبِّلُهم فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «وما أملِكُ لك أنْ نزَع اللهُ الرَّحمةَ مِن قلبِك»، قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: فيه دليلٌ على أن الله -تعالى- قد أنزَلَ في قلب الإنسان الرحمة، وإذا أنزل الله في قلب الإنسان الرحمة فإنه يَرحَم غيرَه، وإذا رَحِمَ غيره رَحِمَه الله -عزَّ وجلَّ-، كما في الحديث الثاني حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من لا يرحم الناس لا يرحمه الله». قوة ضبط النفس لقد علّمنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن القوة الحقيقية ليست قوة البطش ولا سرعة الغضب، بل قوة ضبط النفس عند الشدة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «ليس الشديد بالصرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب»، فإذا نزل بالإنسان ما يهزّ قلبه، فليتذكر وعد الله للصابرين: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (الزمر:10)، وليوقن أن البلاء مهما طال فله أجل، وأن مع العسر يسرًا، وأن ما عند الله خير وأبقى. الطريق إلى ثبات النفس الطريق إلى ثبات النفس يبدأ من محراب العبادة، ومن سجدةٍ طويلة، ودعاءٍ موقن بالإجابة، وتلاوةٍ خاشعة، وصحبةٍ صالحة تذكّر بالله، وتعين على طاعته، فإذا امتلأ القلب بالإيمان، كان أقوى من أن تهزّه نوازل الحياة، وأثبت من أن تزلزله المكاره. علّموا بناتكم صفات أمهات المؤمنين كثيرٌ من النساء المسلمات في عصرنا الحالي لا يعلمن عن صفات أمهات المؤمنين ولا كيف كنّ؟ ولا ماذا أنجزن؟ وكثيرٌ من الأمهات لا يربّين بناتهن على الاقتداء بنساء الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا يُعلّمهن صفات أمهات المؤمنين، فمَن أفضل من أمهات المؤمنين قدوة لنا ولأولادنا؟ وكيف لا نحكي لهم عن السيدة عائشة التي كانت عالمة بالقرآن والفرائض والحلال والحرام، قال عروة بن الزبير - رضي الله عنه - «ما رأيتُ أحدًا أعلم بالقرآن ولا بفرائضه ولا بحلالٍ، وبلا بحرامٍ، ولا بشعرٍ، ولا بحديثِ عربٍ، ولا بنسبٍ، من عائشة -رضي الله عنها-!» وعن السيدة زينب -رضي الله عنها- التي عُرفت بكرمها وحبّها لمساعدة الفقراء والمساكين، وعن السيدة خديجة -رضي الله عنها- التي وقفت بجانب زوجها سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - في أيام الوحي وكانت أوّل من صّدقه وآمن به ونصره. الرضا وأثره في الصحة النفسية عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «انظُروا إلى مَن هوَ أسفَلَ منكُم ولا تَنظُروا إلى من هوَ فوقَكم؛ فإنَّهُ أجدَرُ أن لا تزدَروا نِعمةَ اللَّهِ»، قال العلامة السعدي -رحمه الله-: يا لها من وصية نافعة، وكلمة شافية وافية! قد أرشد - صلى الله عليه وسلم - إلى هذا الدواء العجيب والسبب القوي لشكر نعم الله، وهو أن يلحظ العبد من هو دونه في العقل والنسب والمال، وأصناف النعم، فمتى استدام هذا النظر، اضطره إلى كثرة شكر ربه والثناء عليه، فإنه لا يزال يرى خلقًا كثيرًا دونه بدرجات في هذه الأوصاف، ويتمنى كثيرٌ منهم أن يصل إلى قريب مما أوتيه من عافية ومال ورزق، وخَلق وخُلُق، فيحمد الله على ذلك حمدًا كثيرًا، ويقول: الحمد الله الذي أنعم عليَّ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً. ![]() أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أسماء بنت يزيد، امرأة متعددة المواهب، تميزت بفطنتها وفصاحتها، وقوة شخصيتها وحكمتها، وانضمت إلى جيوش المسلمين في مناسبات عديدة، حتى أنها رافقت النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوته التي أدت إلى فتح مكة، وشاركت في غزوة اليرموك الكبرى، وإلى جانب جهودها الحربية، كانت من أعلم صحابيات النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما كانت روائية موثوقة في الحديث؛ حيث روى لها كبار العلماء، مثل أبي داود والترمذي، ما مجموعه 81 حديثًا. وعندما نستعرض بإيجاز قصص هؤلاء النساء الرائعات، نأمل أن نحمل في داخلنا روح صحابيات النبي - صلى الله عليه وسلم - وكرمهن وشجاعتهن - ونحن نواصل مسيرتنا في حياتنا. أمهات المؤمنين والإيمان الراسخ أدركت كل واحدة من أمهات المؤمنين طبيعة المهمة الجسيمة الملقاة على عاتقها منذ اليوم الأول من انتسابها إلى البيت النبوي؛ فحرصت على تربية نفسها، وتقويمها، وتدريبها للقيام بهذه المهمة؛ لتكون أهلاً لها، وقادرة على حملها، فحرصن -رضي الله عنهن- على تعزيز الصلة بالله -تعالى-، وتوثيق العلاقة به -سبحانه-، وحافظت كل واحدة منهن على أداء العبادات على أفضل وجه، وأكمله، وأقومه، والاستكثار من ذلك؛ ابتغاء إصلاح أنفسهن، وطلبًا للأجر والمثوبة من الله -تعالى-، من ذلك ما روي أن عائشة -رضي الله عنها- كانت تسرد الصوم، ولا تفطر إلا يوم أضحى أو يوم فِطْر، وكانت تطيل القيام في الصلاة، والبكاء من خشية الله -تعالى-، ومثلها حفصة -رضي الله عنها-، فقد روي أنها كانت صوَّامة قوَّامة بشهادة من جبريل -عليه السلام-، ـوكانت أمّ سلمة -رضي الله عنها- تحرص على أداء العبادة، ولا تُبالي بما يصيبها من تعب ونصب: روي أنها قَالَتْ: شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّي أَشْتَكِي، فقَالَ: «طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ». خطورة القسوة في معاملة الأطفال إنَّ الاتجاه السليم في التربية النفسية، هو إيجاد نوعٍ من التوازن المُمكن بين العطف والشدَّة، وبين الحب والحَزم، أو الحب المعتدل والنظام الثابت، وبين الحرية والتوجيه، إلى جانب خَلْق بيئة مواتية لعلاقات تعاطُف وتعاون بين الأبناء، والاتفاق على نَهْجٍ تربوي واضح بين الوالدين، فالقسوة في معاملة الأطفال يؤثِّر سلبًا على صحتهم النفسية والعقلية؛ إذ يجعلهم عُرضة للخوف والعجز والفشل، ويقلِّل من قدراتهم على مواجهة المواقف الاجتماعيَّة، ويَخلق لَدَيهم مشكلات عدَّة؛ كالاكتئاب والقلق والكذب، والعُزلة والانطواء والسلوك العدواني. نِعَم الله عز وجل نعم الله -عزوجل- على عباده لا تعد ولا تحصى، ومن أجل النعم بعد نعمة الإسلام والإيمان: نعمة الصحة، فهي نعمة عظيمة، لا ينتبه لها كثير ممن يتمتعون بها، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ»، ومن تمتع بالصحة، وكان آمنًا، ولديه قوت يومه، فكأنما ملك الدنيا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أصبح منكم آمناً في سربه، مُعافىً في جسده، عنده قُوتُ يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها».
__________________
|
|
#126
|
||||
|
||||
|
المرأة والأسرة – 1280 الفرقان مقومات الاستقرار داخل الأسرة قال الله -تعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: 21)، والاستقرار المنشود والسَّكِينة المرجوَّة لن يتحققا إلا إذا توفر ما يلزم من مقومات من أهمها ما يلي:
حقوق وواجبات وَضَعَ الإسلام أُسُسًا للعلاقة بين الزوجين، وحَدَّدَ موقع كلٍّ منهما؛ إدراكًا منه بتلك العلاقة البشرية بين الطرفين، التي تعني حتمية وُقُوع الخلاف نتيجة اختلاف الأمزجة، والتفاوُت بين العقول والمشاعر؛ فالزواج علاقة ل تقوم على الودِّ والحبِّ والحنان؛ يقول الله -تعالى-: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَة} (الروم:21). ارتداء الحجاب ليس عادات وتقاليد ![]() التخفف من المشكلات الأسرية ![]() التعليم مهمة أسرية من أهم ما يقتضيه وجود طلاب في الأسرة ولا سيما في المراحل التعليمية الأولى، أن ندرك أن التعليم بالأساس مهمة أسرية؛ من حيث تهيئة الظروف المادية والنفسية، وتوفير أجواء النجاح والتفوق، إضافة إلى المتابعة المستمرة مع المدرسة والتواصل مع المعلمين، فأهمية العملية التعليمية، وما فيها من عبء، يقتضي ألا يُترك الطالب للمدرسة وحدها، وألا يُعتَمد على الدروس الخصوصية اعتمادًا كليًّا، وإنما يبقى للبيت دوره الأساس في الإشراف على ذلك، ومتابعة الابن أولًا فأول، مع حثه على المذاكرة وتهيئة الظروف الأسرية المناسبة، وأيضًا تشجيعه على التفوق وإثارة حافز التميز لديه؛ فالمدرسة قد تعجز عن توفير المتابعة المطلوبة لكل تلميذ، نتيجة التكدس أو عدم توافر الإمكانات اللازمة، وهنا، يكون العبء أكبر على الأسرة، من حيث المتابعة واكتشاف أي خلل مبكرا، ثم تعويض ما قد يحصل من نقص؛ إما بمساعدة الأبوين أنفسهم أو بتوفير الدعم الخاص، بمحاضرات على المواقع التعليمية أو بدروس التقوية، المهم أن تتكامل أدوار تعليم البيت والمدرسة في رعاية الأبناء والأخذ بأيديهم للنجاح والتفوق. تعليم أبنائنا القيم الكبرى مما ينبغي أن نحرص عليه، تعليم الأبناء القيم الكبرى التي يرتبط بها التعليم، حتى يدرك الابن جيدًا أنه يتعلم لا لمجرد الحصول على شهادة تكون سبيله لوظيفة؛ وإنما لأن التعليم جزء من كينونة الإنسان وإنسانيته، وجزء من معادلات الحياة وشروط الحضارة، نحن نتعلم لنترقى لا لنتوظف فحسب، نتعلم لنفهم معنى الحياة لا لنعيشها فقط، نتعلم لأن العلم فريضة من فرائض إسلامنا، وقيمة حضارية كبرى في بنائه الحضاري.. نتعلم لأن العلم سبيل إلى معرفة الله -تعالى- والخشية منه -سبحانه-، نتعلم لأن العلم أداة كبرى للدول في حلبة التنافس أو الصراع الحضاري؛ فالغلبة لمن يراكم ثرواته ولو كانت قليلة ويحوّلها بالعلم إلى أدوات فاعلة ومنتجة في مختلف مظاهر الحياة. قِوامة الرجل في بيته يجب على الرجل أن يكون حاضرًا متيقظًا، قائمًا بأمر بيته وأسرته، يَقِيها من كل شرٍّ متربِّص بها؛ كما قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} (التحريم: 6)، وهو مسؤول عن ذلك أمام الله -عزوجل-؛ ففي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «ما من عبدٍ يسترعيه الله رعِيَّة، يموت يومَ يموت وهو غاشٌّ لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة». التوافق الزاوجي التوافق الزواجي هو شعور الزوجين بالانسجام والانتماء العاطفي والمودَّة والمحبة والرحمة المتبادلة بينهما، والشعور بالرِّضا والسعادة والاتفاق في حياتهما الزوجية، والقدرة على التعامل الناجح مع مشكلات الحياة الزوجية، وللتوافق الزوجي أنواع، من أبرزها: التوافق النفسي، والتوافق الديني، والتوافق العمري، والتوافق الاجتماعي والثقافي، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: سمِعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «الأرواحُ جنودٌ مجنَّدةٌ، فما تعارَفَ منها ائتلفَ، وما تناكَرَ منها اختَلَفَ». آثار الإعراض عن هدى الله -تعالى- الإعراض عن هدى الله -تعالى- سبب رئيس في انحراف الأسرة عن سبيل الرشاد، ويسهُل على الشيطان استدراجها إلى مسالك الشقاء وسُبُلِ التعاسة؛ كما قال الله -عزوجل-: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} (طه).
__________________
|
|
#127
|
||||
|
||||
|
المرأة والأسرة – 1281 الفرقان أمهات المؤمنين القدوة الحسنة للنساء كافة تُعد أمهات المؤمنين قدوة حسنة للنساء كافة؛ لأنهن جسّدن العديد من الصفات النبيلة كالعبادة، والصبر، والحكمة، والقيادة، والزهد، والتعامل الأخلاقي مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولقد تميزت كل منهن بخصال عظيمة، ما يجعلهن نموذجًا يحتذى به للمسلمات في تربية أنفسهن، وفي علاقتهن بأزواجهن، وأُسرهن، والمجتمع، وقد اتصفت أمهات المؤمنين -رضي الله عنهن- في حياتهن بصفات كنّ بها مثُلاً عليا يُؤتسى بها. ومن أهم ما تميزن به -رضوان الله عليهن- الإيمان الراسخ بالله -تعالى-: فقد أدركت كل واحدة منهن طبيعة المهمة الملقاة على عاتقها منذ اليوم الأول من انتسابها إلى البيت النبوي، فحرصن -رضي الله عنهن- على تعزيز الصلة بالله -تعالى-، وتوثيق العلاقة به -سبحانه-، وحافظت كل واحدة منهن على أداء العبادات على أفضل وجه، وأكمله، وأقومه، والاستكثار من ذلك؛ ابتغاء إصلاح أنفسهن، وطلبًا للأجر والمثوبة من الله -تعالى-. ومن ذلك ما روي أن عائشة -رضي الله عنها- كانت تسرد الصوم، ولا تفطر إلا يوم أضحى أو يوم فِطْر، وكانت تطيل القيام في الصلاة، والبكاء من خشية الله -تعالى-، ومثلها حفصة -رضي الله عنها-، فقد روي أنها كانت صوَّامة قوَّامة بشهادة من جبريل -عليه السلام-.
أهمية القدوة للمرأة المسلمة تكمن أهمية القدوة للمرأة المسلمة في أنها تمثل نموذجًا عمليا وملهمًا لتطبيق القيم الإسلامية؛ فالقُدوة الحسنة تمنح المرأة المسلمة البوصلة لتحديد طريقها الصحيح، وتوضّح لها كيفية سلوك هذا الطريق، وتؤكد لها أن الوصول إلى الأهداف العالية أمر ممكن، كما أنها تعزز مكانة المرأة ودورها الفعّال في المجتمع، وتحميها من الانحرافات الدينية والأخلاقية والفكرية. تحصين عقول الأبناء مسؤولية الآباء لا شك أن الأسرة المسلمة المتمثلة في الأب والأم هما الحاضن الأول للأبناء ومسؤوليتهما التربوية تبدأ منذ وقت مبكر، وهذه المسؤولية سيسألان عنها يوم القيامة قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} (التحريم: 7)، ومن مستلزمات هذه التربية تحصين عقول الأبناء من غزو الأفكار المنحرفة التي تمثل خطرا عظيما أشد فتكا بهم من الأخطار الجسدية؛ فالتربية الأسرية السليمة والواعية هي الملاذ الآمن والواقي الذي يجعل عقل الطفل محصنا ضد الفساد والانحراف، وهي التي تثبت الفطرة السليمة عندهم أو تنحرف بها عن مسارها الصحيح. الأطفال ومواقع التواصل الاجتماعي
مكارم الأخلاق وعظيم الصفات اتصفت أمهات المؤمنين -رضوان الله عليهن- بمكارم الأخلاق وعظيم الصفات، ومن الخلال الحميدة التي سار على هديها أمهات المؤمنين الحِلم، وممّن اشتُهرت به صفية بنت حيي -رضي الله عنها-، ومن مواقفها الحليمة: ما روي أن جارية لها أتت عمر بن الخطاب، فقالت له: «إن صفية تحب السبت، وتصِل اليهود»، فبعث عمر -رضي الله عنها- يسألها، فقالت: «أما السبت، فلم أحبه منذ أبدلني الله به الجمعة؛ وأما اليهود، فإن لي فيهم رحما، فأنا أصلها»، ثم قالت للجارية: ما حملك على ما صنعت؟ قالت: الشيطان، قالت: فاذهبي، فأنت حرة. لنجعل من التربية رحلة واعية ممتعة على الوالدين الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في تربية الأطفال من خلال القدوة الحسنة، واللعب، والرحمة بهم، وقد كان من أساليبه أيضًا -[- تعليمهم العقيدة الصحيحة والصلاة والصيام، وحثهم على الصدق والأمانة، وإظهار المحبة وتقدير آرائهم، والدعاء لهم، فلنجعل من التربية رحلة واعية ممتعة، نرشد فيها أبناءنا، ونزرع فيهم القيم، لنخرج أجيالا مؤمنة، قوية، ومسؤولة، تساهم في خير مجتمعها، وتكون قدوة حسنة في عالم يتغير بسرعة. بدائل مناسبة وآمنة عن مواقع التواصل إن حماية الأطفال في الفضاء الرقمي مسؤولية دينية وأخلاقية واجتماعية، تعكس حرص الشرع على سلامتهم النفسية والفكرية والأمنية، ومهما توفرت الوسائل التقنية، يبقى التوجيه الأسري المبكر والوعي بالقيم الدينية والأخلاقية هما الدرع الأقوى في حماية الطفل من الانحرافات والمخاطر، لتنشئته على الفطرة السليمة والقدرة على استخدام التقنية بما ينفعه ويعود بالنفع على مجتمعه، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمن القوي خير وأحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف»، وهذا يشمل القوة النفسية والاجتماعية التي تُبنى عبر بدائل تربوية صحية، بعيدًا عن الاعتماد المبكر على الفضاء الرقمي، فكل نشاط مفيد، وكل لعبة تعليمية، وكل تجربة جماعية، تسهم في بناء شخصية الطفل القوية، القادرة على مواجهة تحديات الحياة بثقة وحكمة، وعليه يمكن للأسرة أن تقدم بدائل تعليمية وترفيهية تناسب أعمار أطفالهم، مثل: «المنصات التعليمية أو تطبيقات تعلم اللغات، ومنصات ترفيهية آمنة للأطفال مع الرقابة الأسرية، وإشراكهم في أنشطة جماعية مباشرة كالنوادي الرياضية، وورش القراءة، والفعاليات الثقافية».
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |