من الواقع .... ابتسم..

[almsri_2]

من الواقع .... ابتسم..

كم من إنسان التقيت به في حياتك اثر فيك ببسمته الجميلة فالبسمة مدخل لكل الأماكن والقلوب، فالإنسان العابس لا يطاق ان كان بمنزلك او عملك، عندما تلقي السلام وأنت تبتسم تشعر أن الجميع يردون عليك من قلبهم ويستقبلونك بمحبة، إذا دخلت متجراً ما وكان البائع يرحب بك بابتسامة ويرافقك بمجاملة والبسمة لا تفارق وجهه فانك تعود مرة ثانية حباً منك به فهو يرحب بك حتى لو لم تبتع شيئاً وهذا سره.



هذه المقدمة لأخبركم عن العم سالم الذي رغم الظروف المحيطة به تجده سعيداً والابتسامة لا تفارقه فهو النسمة الرقيقة وبلسم جراح الجميع في دار العجزة الذي احتضنه منذ سنوات طوال حتى لتشعر بأنه موظف مثل باقي الموظفين فهو يساعد الجميع على كل شيء من توزيع الطعام الى إطعام العجزة، ومساعدتهم على السير لبضع خطوات، اما أهم إنجاز يقوم به والذي يفشل به أي طبيب او ممرض فهو انه يساعدهم نفسياً خاصة القادمين الجدد الذين يشعرون بالحزن والاكتئاب والضعف، وأنه لا فائدة منهم بعد الآن، وأن دورهم انتهى، ولسان حالهم يقول: لماذا تركنا هنا؟ لِمَ لم يعودوا يريدوننا بحياتهم؟ لِمَ ابعدونا عنهم عن أولادهم عن حياتهم ومنازلنا وأصدقائنا وأهلنا وجيراننا وفريجنا؟ لا يزال عندنا الكثير من المحبة والعطف لنعطيهم ما زالوا بحاجة إلينا الى حكمتنا وتجاربنا بالحياة لماذا يحرموننا من الموت بجانبهم، معهم، بينهم، في أسّرتنا، لماذا؟ كان العم سالم يحزن على حزنهم لكنه يبقى بقربهم ليواسيهم ويخفف عنهم ما استطاع وكان يقول لهم هيا لا بأس عليكم دعوهم يعيشون حياتهم دون ان يقلقوا علينا فهم يخافون ان نقع أرضاً ونكسر شيئاً او ان تصيبنا إغماءة او نوبة قلبية أو غيرها من أمراض، ونحن هنا نتلقى معاملة ممتازة، والجميع في خدمتنا، ونسترجع ذكرياتنا الحلوة عندما لم يكن هناك من سيارات تقلنا وتلفزيونات تفرّق العائلة ومنازل كبيرة باردة بها غرف كثيرة يدخل إليها الأولاد ولا يخرجون الكمبيوتر يأخذ وقتهم المتبقي من الثرثرة على الهاتف النقال لنتذكر الأيام التي لم نكن نعرف فيها المكيف وبرودته التي تنخر العظام كنا نتنشق الهواء العليل خارج منازلنا القديمة الجميلة المبنية من الطين وسعف النخيل كنا نسافر لأشهر على الإبل وعندما نعود يكون الجميع بانتظارنا نخبرهم عما صادفنا برحلتنا من مصاعب ونوادر.. كم كنت سعيداً (تلك الفترة كنت لا أزال شاباً) وعندما أنجبتهم كانوا يرقدون قربي نأكل من يدي أم العيال رحمها الله لم يكن هناك من مطاعم للوجبات السريعة ولا البطيئة، اما الآن فالعائلة للأسف لا تجتمع على غذاء ولا عشاء، هناك عائلة اعرفهم اختلفوا فيما بينهم من اجل المال تقاتلوا ووصل الأمر الى الضرب والشتائم وعندما رآهم والدهم على تلك الحالة هددهم بحرمانهم من كل شيء فلم يصدقوه وعندما أوهمهم بأنه فعلها اجتمعوا بقدرة قادر وتصالحوا ليحجروا على الأب بتهمة العجز والخرف فاتفقوا مع طبيب فزّور لهم تقارير قدموها للقاضي واستولوا على ثروته وعندما صدر الحكم أتوا الى المنزل وأهانوه، فعلوا هذا بمن أوصاهم به الله فتأففوا ونهروه وأذلوه وجروه كالشاة أمامهم ليرموه بدار للعجزة قائلين هذا مكانك وهنا سوف تموت ولن ترى وجه احد منا بعد الآن.

صمت العم سالم الطيب ومقلتاه مغرورقتان بالدموع وهو ينظر بعيداً فقالوا وبعدها ماذا جرى ما الذي حصل بالذي تتكلم عنه وهل لا يزال حياً أم مات من الحسرة والقهر؟ قال لا لم يمت جسدياً بل مات كل شيء فيه لم يصدق ما حصل معه من فلذات كبده حتى انه لم يستطع البكاء ولم يسمح لدمعة واحدة ان تنزل من عينيه من اجل أولاد أفنى حياته في سبيل توفير حياة كريمة لهم ولأولادهم من بعدهم، أولادهم الذين لا بد وان يفعلوها بهم كما فعلوا به لم يغضب عليهم بل كان يطلب من الله ان يسامحهم ويهديهم، لكن الذي لم يعرفوه انه لم يحرمهم من شيء، ووزع ثروته عليهم بالعدل لكنه ظل يحتفظ بالأوراق التي حرص ان تصلهم بعد وفاته حتى يشعروا بالذنب الذي اقترفوه بحقه، لم يكن يتصور للحظة واحدة ان تكون تلك نهايته مع أغلى الناس على قلبه، والآن هل هو معنا هنا هذا المسكين سألوه، قال نعم هو معكم وبينكم لكني لن أقول لكم من هو الآن فسيأتي يوم وتعرفون من هو المهم ألا تتضايقوا فلا بد ان أولادكم وبناتكم سوف يأتون لزيارتكم دائماً فقط لا تغضبوا عليهم بل ادعوا لهم بالهداية والتوفيق واهم شيء أقوله لكم ابتسموا في وجوههم عندما ترونهم، ابتسموا للجميع فالبسمة مفتاح القلوب وهي تريحكم حتى لو كنتم بأحزن أوقاتكم تذكروا دائما الأشياء العزيزة على قلوبكم والذكريات القديمة فلا بد انه يوجد الكثير منها وبالتأكيد سوف تبتسمون.

واختفت ابتسامة العم سالم عندما رحل عنهم بعد أيام قليلة تاركاً حزناً في قلوب الجميع عليه كما وجدوا الصك الذي طالما احتفظ به لأولاده ووصية لدار العجزة يطلب منها فيهم ألا يخبروهم عندما يموت ولا أين دفن فبحياته لم يهتموا لماذا يهتمون الآن؟



مريم راشد

[فتاة الاسلام]

بسم الله ..

جزاك الله خيراا على هذه القصة المعبرة والمؤلمة عن الواقع الذي يعيشه الوالد او الوالدة من جراء ما يفعله الابناء بهم ..
لا حول ولاقوة الا بالله ..

جزاك الله خيراا ووفقك لعمل الخير ..

[سها]

جزاك الله كل خير أخي على هدا الموضوع المهم والقيم
اللهم اجعلنا من البارين بوالديهم يارب العالمين
بارك الله فيك