|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#4
|
||||
|
||||
![]() أسباب الفتور السبب الأول : عدم تعهد العبد إيمانه من حينٍ لآخر ، من حيث الزيادة أو النقص ، فإن بدون مراجعة الإنسان نفسه مع حال إيمانه ، تتكالب عليه أسباب الفتور من كل جانب ، فتعمل معاولها الهدامة في بنيانه ، ولذا فإنه يجب على المؤمن إذا رأى في إيمانه قصورًا ، أو شعر بشيءٍ من مظاهر الفتور ، أن يتزود من أسباب الإيمان ، وينهل من معينه . يقول أبو الدرداء رضي الله عنه : ( من فقه العبد أن يتعاهد إيمانه وما نقص منه ، ومن فقه العبد أن يعلم : أيزداد هو أم ينتقِص ؟ ) . وكان عمر رضي الله عنه يقول لأصحابه : ( هلموا نزدد إيمانًا ، فيذكرون الله تعالى ) . وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول في دعائه : ( اللهم زدنا إيمانًا ويقينًا وفقها ) . وكان معاذ بن جبل رضي الله عنه يقول للرجل : ( اجلس بنا نؤمن ساعة ) . وقال عمار بن ياسر رضي الله عنه: ( ثلاث من كُنَّ فيه فقد استكمل الإيمان : إنصافٌ من نفسه ، والإنفاق من إقتار ، وبذل السلام للعالَم ) () . السبب الثاني : الجهل بما أعده الله تعالى للمتقين من الجنان ، أو تجاهله ، أو نسيانه ، أو عدم مذاكرته بين الحين والآخر ، فإذا ما وقع الإنسان في شيء من هذا ، فتر عن العبادة ، وتكاسل عنها ؛ لأنه فطر على التعلق بالشكر ، وطلب الجائزة على المعروف ، وقد هيأ الله ذلك لعباده إلى حدٍ لا تتصوره أذهانهم ، ولا يخطر على بالهم ، ] هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ(49)جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمْ الْأَبْوَابُ(50)مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ(51)وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ(52)هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ(53)إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ [ . ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( قَالَ اللَّهُ : أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ، فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ( فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ) () . غير أن فئة منهم تباطئوا الثواب ، أو غفلوا عنه ، فماتت أحاسيس الرغبة فيه ، وضعفت الهمة في طلبه . السبب الثالث : استبعاد العقوبات الدنيوية ، والاستهانة بالعذاب الأخروي ، أو الشعور بأنه عذاب معنوي فحسب . وهذا السبب قسيم لسابقه ، فإنما يسعد المؤمن بإيمانه على أمرين ، الرجاء في ثواب الله ، والخوف من عقابه ، فإذا ما استبعد المسلم حلول النقمة عليه في الدنيا بسبب ذنب أصابه ، أو خطيئة ارتكبها ، تمادى في طريقها غير مبالٍ بنتائج هذا الفعل . يقول بعض السلف : (( إنني أجد أثر المعصية في أهلي ودابتي )) . وإني لأعجب حقًا من عدد من الناس يعيشون في حياتهم ضيقًا ونكدا ، وهمًا وغمًا ، ونفرة واضطرابًا ، وقد خلت بيوتهم من سماع القرآن وتلاوته ، وجفت ألسنتهم من الذكر والدعاء ، لا تعرف منازلهم النوافل ، ولا يتراحمون بالتناصح ، بل طلبوا السعادة في غير مظانها ، ولهثوا خلف سراب التقليد ، ففتروا عن الخير ، وتباطئوا عن الخيرات ، وسارعوا إلى الشهوات والملذات . فأيُّ ثبات على الحق يبقى ، وقد أمِنَ أولئك مع انحرافهم عن جادة الدين العقوبة التي حلت بغيرهم ، فهل ينتظرون أن تحل بهم . أما الغفلة عن عذاب الآخرة ، أو الاستهانة به ، فهو رأس الداء ، وصميم البلاء ، إن الواحد منا ليستمع من بعض هؤلاء مقولات تقشعر منها الأبدان ، فمن قائل : إن هي إلا ساعات في النار ، ثم نخرج منها ، ومن قائل : إنما هو عذاب روحي ومعنوي ليس إلا ، بل استمعت لبعضهم يقول : الموتة واحدة ، ولا حساب ولا عقاب ، وإنهم ليقولون منكرًا من القول وزورًا ، ويحسبونه هينًا ، وهو عند الله عظيم . وإلا فأين هؤلاء من قول الله تعالى : ] إن الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا [. أيها المسلمون : بمحبة الله ، والخوف من عذابه ، والرجاء في ثوابه ، نجا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( لو نادى مناد من السماء : أيها الناس إنكم داخلون الجنة كلكم أجمعون إلا رجلاً واحدًا ، لخفت أن أكون هو ، ولو نادى مناد : أيها الناس إنكم داخلون النار إلا رجلاً واحدًا ، لرجوت أن أكون هو ) () . ولما قرأ الفاروق رضي الله عنهسورة الطور فبلغ قوله تعالى ] إن عذاب ربك لواقع [ بكى واشتد بكاؤه حتى مرض فعادوه ، بل حتى شق البكاء في وجهه خطين أسودين ، وكان يقال له : ( مصّر الله بك الأمصار ، وفتح بك الفتوح ، فيقول : وددت أن أنجو لا أجر ولا وزر ! ) . ولما وقف عثمان بن عفان رضي الله عنه على القبر فبلّ البكاء لحيته قال : ( لو أنني بين الجنة والنار لا أدري إلى أيتهما يؤمر بي ، لاخترت أن أكون رمادًا قبل أن أعلم إلى أيتهما أصير ! ) . فلنضع الثواب أمام أعيننا ؛ لننهض إلى العبادة ونجد فيها ، ولنضع العقاب نصب أعيننا ؛ لنصون أنفسنا من الوقوع في المعاصي . السبب الرابع :الانبهار بالدنيا وزينتها ، والاغترار بنعمها الزائلة ، وإن للدنيا من الفتنة العظيمة ما يتغيّر به حال العباد من الثبات إلى الفتور ، ومن القوة إلى الضعف ، من هنا حذّر خالقها سبحانه من الاغترار بها فقال : ] يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ [ . إنه لابد أن نعلم أن أيام الدنيا كأحلام نوم ، أو كظل زائل ، إن أضحكت قليلاً أبكت كثيرًا ، ، وإن سرّت يومًا أو أيامًا ساءت أشهرًا وأعوامًا ، وإن متعت قليلاً منعت طويلاً ، وما حصّلت للعبد فيها سرورًا ، إلا خبّأت له أضعاف ذلك شرورًا . إنما الدنيا فناء ليس في الدنيا ثبوت إنما الدنيا كبيت نسجته العنكبوت يقول الحسن البصري : والذي نفسي بيده ، لقد أدركت أقوامًا كانت الدنيا أهون عليهم من التراب الذي يمشون عليه . غير أنك أيها العبد لك أن تجعل هذه الدنيا بزينتها وبهرجها طريقًا إلى جنة ربك ، كيف لا وهي مزرعة الآخرة وطريق لها ، وهي وإن كانت ممرًا ، فإنها توصلك إلى المقر ، فاختر مقرك في ممرك . لا تتبع الدنيا وأيامها ذمًا وإن دارت بك الدائرة من شرف الدنيا ومن فضلها أن بها تستدرك الآخرة قال الفضيل _ رحمه الله _ : جعل الله الشرَّ كله في بيت ، وجعل مفتاحه حبَّ الدنيا ، وجعل الخير كله في بيت وجعل مفتاحه الزهد في الدنيا . وقال رجل للفضيل بن عياض : كيف أصبحت يا أبا علي ؟ فكان يثقل عليه : كيف أصبحت ؟ وكيف أمسيت ؟ فقال : في عافية ، فقال : كيف حالك ، فقال : عن أيّ حال تسأل؟ عن حال الدنيا أو حال الآخرة ؟ إن كنت تسأل عن حال الدنيا ، فإن الدنيا قد مالت بنا وذهبت بنا كل مذهب ، وإن كنت تسأل عن حال الآخرة ، فكيف ترى حال من كثرت ذنوبه ، وضعف عمله ، وفني عمره ، ولم يتزود لمعاده ، ولم يتأهب للموت ، ولم يخضع للموت ، ولم يتشمر للموت ، ولم يتزين للموت ، وتزين للدنيا(). قَالَ الْمُسْتَوْرِدُ بْنُ شَدَّادٍ : إِنِّي لَفِي الرَّكْبِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ أَتَى عَلَى سَخْلَةٍ مَنْبُوذَةٍ ، فَقَالَ : أَتُرَوْنَ هَذِهِ هَانَتْ عَلَى أَهْلِهَا ؟ قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مِنْ هَوَانِهَا أَلْقَوْهَا ، قَالَ : فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ عَلَى أَهْلِهَا ) () . فإذا علم العبد قيمة هذه الدنيا عند الله ؛ بأن نعيمها يفنى ، وجديدها يبلى ، علم أنه لم يخلق لها ، وإنما خلق للآخرة ، فجد في العمل لها ، ومزّق ثوب الفتور والتواني عن جسده ، ولبس ثوب المثابرة في عبادته ، ممتثلاً قول الله تعالى : ] واعبد ربك حتى يأتيك اليقين [. السبب الخامس : طول الأمل ، وهذا هو قاتل الهمم ، ومفتر القوى ، قرين التسويف والتأجيل ، وحبيب الخاملين الهاملين ، وعدو الأتقياء النابهين . ويكفي طول الأمل مذمة الله له ، حيث قال في كتابه : ( ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) . ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم واصفًا تعلق الإنسان بالدنيا وطول الأمل فيها : ( لَا يَزَالُ قَلْبُ الْكَبِيرِ شَابًّا فِي اثْنَتَيْنِ : فِي حُبِّ الدُّنْيَا ، وَطُولِ الْأَمَلِ ) () . المرء يرغب في الحيا ة وطول عيش قد يضره تفنى بشاشته ويبقى بعد حلو العيش مرّه وتسوءه الأيام حتى ما يرى شيئًا يسرّه ( قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : ارْتَحَلَتِ الدُّنْيَا مُدْبِرَةً ، وَارْتَحَلَتِ الْآخِرَةُ مُقْبِلَةً ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ ، وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا ؛ فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابَ ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلَا عَمَلٌ ) () . أخي الحبيب : قل بربك ، أي عمل سوف ينجزه المؤمن إذا كان طول الأمل يحيط بفكره ، ويملأ عليه حياته ، كلما سمع نداء الجد ، قال : غدًا ، كلما سمع صوت العمل ، قال : سوف وسوف ، من هنا تصاب الهمة بالتقاعس ، وتنتهي إلى الكسل والخمول . قال الحسن البصري : (( تؤمّل أن تعمّر عمر نوح ، وأمر الله يطرق كل ليلة )) . يؤمّلُ دنيا لتبقى له فوافى المنية قبل الأمل حثيثًا يروّي أصول الفسيل فعاش الفسيل ومات الرجل السبب السادس :من أسباب الفتور : تحميل الإنسان نفسه في عبادته ما لا يحتمل عادة ، فإنه وإن استمر على فعل الطاعة مع ثقلها عليه ، إلا أنه سيصيبه الفتور بعد ذلك ؛ لمخالفته المنهج النبوي الكريم ، وهو أن المؤمن ينبغي أن يأخذ من الأعمال ما يطيق ، حتى لا يصاب بالملل والسآمة ، فيعود هذا على ترك العمل نهائيًا . وقد أرشد الله تعالى إلى ذلك فقال : ] اتقوا الله ما استطعتم [ . وعلم عباده ذلك الدعاء الكريم فقال : ] ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به [ . وهاهو نبي الأمة صلى الله عليه وسلم يرسم الطريق المستقيم في العمل بالعبادة ، وهو التوسط فيها ، فلا إفراط ولا تفريط ، حتى يبقى المسلم على صلة دائمة لا تعرف الفتور ، وطريقة مستمرة لا تعرف الانقطاع ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( إن الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ، فسددوا ، وقاربوا ، وأبشروا ) () . ويدخل النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم في المسجد ، فإذا حبل ممدود بين ساريتين ، فقال : ( ما هذا الحبل ؟ قالوا : هذا حبل لزينب ، فإذا فترت تعلقت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا ، حلوه ، ليصل أحدكم نشاطه ، فإذا فتر ، فليقعد ) () . ويتوعد النبي صلى الله عليه وسلم المتنطعين في الدين ، المشددين على أنفسهم في العبادة بما لا يطيقون بالهلاك ، فقال : ( هلك المتنطعون ) قالها ثلاثًا () . واستمع إلى قصة عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه في طلبه الزيادة في العبادة بما لا يطيق ، كيف انتهت قصته بتمني الاعتدال والتوسط الذي أرشده إليه النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث قال عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِي اللَّه عَنْهما : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : يَا عَبْدَاللَّهِ ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ ، فَقُلْتُ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : فَلَا تَفْعَلْ ؛ صُمْ وَأَفْطِرْ ، وَقُمْ وَنَمْ ؛ فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ ، [ قال عبد الله بن عمرو عن نفسه ] : فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ ؛ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً ، قَالَ : فَصُمْ صِيَامَ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام ، وَلَا تَزِدْ عَلَيْهِ ، قُلْتُ : وَمَا كَانَ صِيَامُ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام ؟ قَالَ نِصْفَ الدَّهْرِ ، فَكَانَ عَبْدُاللَّهِ يَقُولُ بَعْدَ مَا كَبِرَ : يَا لَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) () . وفي حديث آخر يحذّر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه من الانقطاع عن قيام الليل ، فيقول فيه : ( يا عبد الله ، لا تكن مثل فلان ، كان يقوم الليل ، فترك قيام الليل ) () . قال ابن حجر _ رحمه الله _ : ( إن المقصود بالحديث هو الترغيب في ملازمة العبادة ، والطريق الموصل إلى ذلك ؛ هو الاقتصاد فيها ، لأن التشديد فيها قد يؤدي إلى تركها وهو مذموم ) () . ويشير الإمام الشاطبي _ رحمه الله _ إلى هذا المعنى فيقول : (( إن المكلف لو قصد المشقة في عبادته ، وحرص على الوقوع فيها ، حتى يعرض نفسه لمضاعفة الثواب ، فإنه يعرض نفسه في واقع الأمر لبغض عبادة الله تعالى ، وكراهية أحكام الشريعة ، التي غرس الله حبها في القلوب ، كما يدل عليه قوله تعالى : ] ولكنَّ الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم [ ، وذلك لأن النفس تكره ما يفرض عليها ، إذا كان من جنس ما يشق الدوام عليه ، بحيث لا يقرب وقت ذلك العمل الشاق ، إلا والنفس تشمئز منه ، وتود لو لم تعمل ، أو تتمنى أنها لم تلتزم )) (). ويكفينا قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( خُذُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا ، وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا دُووِمَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ قَلَّتْ ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا ) () . السبب السابع : الابتداع في الدين ، وإنه لسبب خفي من أسباب الفتور ، ومدخل للشيطان على النفس البشرية قلما تتنبه له ، وذلك لأن هذه الشريعة الغراء ليست من صنع البشر ، بل أحكامها إلهية ، مصدرها الوحي ، جاءت مؤصلة بكلام الله تعالى ، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، أي : بالوحي الذي لا ينطق عن الهوى ، من هنا كانت أحكامها متصفة بالحكمة ، قائمة على المصلحة ، مملوءة بالرحمة ، وكان على العبد أن يقتصر عليها دون زيادة أو نقصان . أما النقصان ، فالخلل فيه واضح لا يحتاج إلى بيان ؛ لأنه لا يجوز أن يفعل الإنسان ما يحلو له من الدين ويترك ما لا يهوى ، فقد قال الله تعالى : ] أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ[ . () ذكره البخاري في صحيحه . () رواه البخاري . () رواه أبو نعيم . () حلية الأولياء 8/86 . () رواه أحمد وابن ماجه وغيرهما وهو صحيح لغيره . () رواه البخاري . () ذكره البخاري في صحيحه . () رواه البخاري . () رواه البخاري ومسلم . () رواه مسلم . () رواه البخاري . () رواه البخاري ومسلم . () فتح الباري 1/46. () الاعتصام 1/222 . () رواه البخاري .
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |