اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         قصَّة موسى في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 27 )           »          نظرات نفسية في الصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 1191 )           »          عين جالوت - معركة رمضانية ظافرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الوزير نظام الملك أبو علي الطوسي‎ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          طريقة عمل البطاطس المحشية باللحمة المفرومة.. سهلة وبتشبع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          4 خطوات لتنفيذ المكياج التركى موضة 2025.. هتبقى شبه "توركان سوراى" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          طريقة عمل كيك الحرنكش.. مشبعة وطعمها حلو (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          نباتات وزهور يمكن وضعها في مطبخك للتخلص من الروائح المزعجة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          لو خلص ومش عارفة تعملى إيه.. 6 خطوات لعمل الفاونديشن في البيت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          6 نصائح لحماية الطفل من الاعتداء البدنى والتحرش (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-04-2023, 04:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,188
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان



اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
(11)





الدعاء ثمار وفوائد
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد




فإن الدعاء نوع من أنواع العبادة ، يتصل فيه الإنسان بالله تعالى ، يبرء من حوله وقوته ويلجأ إلى الله تعالى راجياً منه فضل نعمة أو متمنياً زوال بأس ونقمه .

هذا الدعاء سبب تنال به المكرمات ، وتدفع به المآسي والويلات ، فكم من دعاء جلب من خير !
وكم من دعاء حال دون وقوع الويل . وليت شعري من يفقه قول عمر حين قال : إني لا أحمل هم الإجابة ولكني أحمل هم الدعاء .
وصدق رحمه الله تعالى فإن كثيراً من الناس تغفل عن هذا الجانب وفيه سر حياتها ، وتحقيق آمالها .
لقد كان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بعد قدر الله تعالى حافظاً لهذه الأمة من الضياع ، وجالباً لها الخيرات . جاء ذلك في مارواه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم : ((
رب إنهن أضللن كثيراًَ من الناس فمن تبعني فإنه مني )) الآية . وقال عيسى عليه السلام : (( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم )) فرفع يديه وقال :


(( اللهم أمتي أمتي )) وبكى .
فقال الله عز وجل : ياجبريل ! اذهب إلى محمد وربك أعلم فسله ما يبكيك ؟ فأتاه جبري
ل عليه الصلاة والسلام فسأله فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال : وهو أعلم فقال الله : ياجبريل ! اذهب إلى محمد فقل : إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك .(68) .
وقد جاءت النصوص الشرعية بفضائل عظيمة ، وخيرات متكاثرة تتحقق بالدعاء أرشد إليها نبي الهدى صلى الله عليه وسلم ومنها : : أن الله يجيب الداعي إلى ما دعاه كما قال صلى الله عليه وسلم : (( إن في الليل ساعة لا يوافقها رجل مس
لم يسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه ، وذلك كل ليلة ))(69) ومن فضائل الدعاء أن له بدعوته إحدى ثلاث كما قال صلى الله عليه وسلم :


(( ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا اعطاه الله إحدى ثلاث : إما أن يعجّل له دعوته ، وإما أن يؤخرها له
في الآخرة ، وإما أن يصرف عنه م
ن السوء مثلها ))(70) .
ومن فضائل الدعاء أنه ينفع في رد البلاء قال صلى الله عليه وسلم : (( لا يغني حذر من قدر ، والدعاء ينفع مما قد نزل ، ومما لم ينزل ، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيتعالجان إلى يوم القيامة .(71) .
ولو لم يكن في الدعاء إلا ماذكر لكان حري بالمسلم التزامه في كل وقت وحين .


و
من أعظم الأوقات التي تكون مظنّة الإجابة في هذا الشهر الكريم الدعاء قبل الإفطار فإن هذا الوقت مظنة إجابة خاصة إذا إقبل الصائم بكليته على الله تعالى ، وألح على الله تعالى في الدعاء ، فإنه مقدم بين يدي الله تعالى في هذا الوقت أعظم الصدقات هذا الصوم العظيم الذي تكفل الله بمجازاة الصائم عليه من قبله سبحانه وتعالى .
وكذلك من الأوقات الفاضلة آخر الليل من كل ليلة فإنه وقت مبارك قال صلى الله عليه وسلم : يتنزّل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : من يدعوني فاستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟(72) .
ومن لازم هذه الأوقات ،

وحرص على الدعاء فيها لقى خيراً عاجلاً أو آجلاً كما نص على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
غير أن من المهم جداً لكل داع أن يصدق في الدعاء والرغبة ، وأن يلتزم بآد
اب الدعاء كأن يكون متوضئاً ، ومستقبل القبلة ، مبتدياً بحمد الله تعالى ومثنياً بالصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم .
غير معتدٍ في الدعاء بإثم أو قطيعة رحم . وليتق الله تعالى في تجنّب أسباب الحرمان م
ن الإجابة والتي من أهمها أكل الحرام الذي يُعد مانعاً قوياً من الإجابة التي ينتظرها كل مسلم .



وأخيراً لكل داع أن يدعو لنفسه بما شاء لكن من المهم لكل مسلم أن لا ينسى إخوانه من دعوة بظهر الغيب ، فإن كان إخوانه يعيشون أمناً ورخاءً فليدعو بمزيد توفيق لهم ، في جمع كلمتهم و التأليف بين قلوبهم ، وإن كانو
ا يعيشون أزمات أو ويلات جره عليهم الأعداء فليصدق الله تعالى لهم في الدعاء بأن يجمع شملهم ، ويلم شعثهم ، وينصرهم على عدوهم فإن ذلك هو أقل ما يرجونه منك أيها الصائم الكريم .
وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
__________________________
(68) رواه مسلم
(69) رواه مسلم
(70) رواه الإمام أ
حمد
(71) رواه الحاكم وحسنه الألباني
(72) متفق عليه



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-04-2023, 03:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,188
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان






اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
(12)




قيمة الزمن في حياة المسلم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد




فإن الوقت هو عمر الإنسان الحقيقي ، وهو مادة حياته . لذا أقسم الله تعالى به في أكثر من آية في كتابه العزيز فقال تعالى : (( والعصر )) وقال تعالى : (( والليل )) وقال تعالى : (( والضحى )) إلى آيات غير قليلة في هذا الشأن .
وما هذا القسم إلا دليل على أهمية الزمان في حياة المسلم .


وقد لفت النبي صلى الله عليه وسلم نظر الإنسان إلى هذا الشأن كما قال صلى الله عليه وسلم : ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ )(73) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أ
ربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، ........ الحديث ))(74) . وكان الحسن البصري رحمه الله تعالى يقول : كل يوم ينشق فجره ينادي مناد ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني قبل أن أفوت . وكان يقول ابن آدم إنما أنت أيام إذا ذهب يوم ذهب بعضك . وهكذا كان عامة السلف رحمهم الله تعالى يدركون تماماً أن الأيام مراحل تقطع عمر الإنسان ، وتفني أيامه ولياليه ، وليت شعري من يدرك أن غروب شمس يوم من حياته إنما هي خطوة أقرب نحو الدار الآخرة ، وخطوة أبعد نحو البقاء في ظل هذه الحياة .

وقد قال ابن القيّم رحمه الله تعالى : العبد من حين استقرت قدمه في هذه الدار فهو مسافر فيها إلى ربه ، ومدة سفره هو عمره الذي كتب له ، ثم جعلت الأيام والليالي مراحل لسفره ، فلا يزال يطويها مرحلة بعد مرحلة حتى ينتهي السفر .....اهـ(75) وقال رحمه الله في موضع آخر : إذا أراد الله بالعبد خيراً : أعانه بالوقت ، وجعل وقته مساعداً له ,وإذا أراد به شر
اً جعل وقته عليه ، وناكده وقته ....(76) .
وقال ابن رجب رحمه الله : السعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات وتقرّب فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطاعات ، فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات ، فيسعد بها سعادة يأمن بعدها من النار وما فيها من اللفحات . اهـ .





وكان الحسن رحمه الله يردد : ابن آدم ، اليوم ضيفك ، والضيف مرتحل يحمدك أويذمك ، كذلك ليلتك . وعن بكر المزني أنه قال : ما من يوم أخرجه الله إلى أهل الدنيا إلا ينادي : ابن آدم اغتنمني لعله لا يوم لك بعدي ، ولا ليلة إلا تنادي : ابن آدم لعله لاليلة لك بعدي (77) .
هكذا كان السلف رحمهم الله تعالى يعظمون زمانهم ، ويجهدون في استغلال يومهم وليلتهم ، ولو تأملت في حال كثير منا اليوم لرأيت عجباً في ضياع الأوقات فلكأنما يحرصون على قطع الزمان بهذه اللقاءات ويرون ذلك سبيلاً إلى تجاوز أيام الزمان ولياليه . وفي مثل هؤلاء يقول ابن القيّم رحمه الله تعالى :

فأما ما تؤثره كثرة الخلطة : فامتلاء القلب من دخان أنفاس ابن آدم حتى يسودّ ويوجب له تشتتاً وتفرقاً ، وهماً وغماً وضعفاً ... إلى أن قال : وكم جلبت خُلطة الناس من نقمة ، ودفعت من نعمة ، وأنزلت من محنة ، وعطّ
لت من منحة ، وأحلّت من رزية ، وأوقعت في بلية !
وهل آفة الناس إلا الناس ؟ ! وهل كان على أبي طالب ـ عند الوفاة ـ أضر من قرناء السوء ؟! لم يزالوا به حتى حالوا بينه وبين كلمة واحدة تجلب له سعادة الأبد . اهـ


ورمضان أيها الصائمون من أشرف أيام الزمان ، اختصه الله تعالى بمزيد من الخير والطاعات فكان عوده على الإنسان من أعظم النعم ، وأسعد


الأوقات ، فأي خسارة أعظم من فواته في لقاءات متكررة ، أو ألعاب
فارغه ، أو حتى حال يصل ببعضنا إلى لقاءات في المقاهي ، وأمام شهوات تنتهك بها حرمات الله تعالى . إن بإمكان الواحد منا أن يستغل هذه الأيام في الطاعة ،
فإن كان يمكن أن يقود ذاته إلى خير منن مثل :
مرد معين من صلاة النافلة ، أو أذكار مقيدة أو مطلقة ، أو زيارات للأهل والأقارب والجيران ، أو تلاوة القرآن في كل ليلة فهذا يمكن أن يحصّل خيراً كثيراً ،

وإن لم يمكن له ذلك فبإمكانه كذلك أن يستفيد من اللقاءات المتكررة فيجعل منها مدارسة للقرآن وتفسيره ، ، أو حتى الاستفادة من المسابقات العلمية والثقافية الت
ي تعود على الإنسان بالنفع والفائدة .
وليجتهد أن يكون له برنامج عمل خلال هذا الشهر الكريم يلتزمه في يومه فإذا ما قضاه وانتهى منه يمكن أن يكافأ نفسه ، بوقت راحة يزور فيه أحبابه وأصدقاؤه ، أو يتسلّى بشئ
مباح حلال .
__________________________
(73) رواه البخاري
(74) رواه الترمذي وحسنه الألباني .
(75) طريق الهجرتين

(76) مدارج السالكين
(77) اللطائف





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-04-2023, 06:20 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,188
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان



اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
(13)



شهر الإنفاق
إن من أعظم الصور التي يحملها رمضان للأمة صورة من الألم والعطش يجد حرارتها ومس ألمها الصائم حينما يرى الماء والطعام أقرب ما يكون إلى يديه ، ومع كل ذلك يراها أبعد شيء إليه تحقيقاً لعبودية الله تعالى . إن هذه الصورة تنقل كل مسلم إلى صور الفقراء والمعوزين والأرامل والأيتام في أي بلد وأي قطر من أقطار الأمة الإسلامية ، ونحن نراهم يعيشون أنواعاً من الجوع والعطش ، وذلك نتيجة الفقر الذي أصابهم ويجدون حرّه وألمه .
ونحن اليوم في أمس الحاجة إلى تلبية هذه المشاعر
، وإرواء عطشها ، وسد رمق جوعها .

فقد كان من دأب النبي صلى الله عليه وسلم في كل حياته أنه لايرد سائلاً ، ولا يمنع طالباً ، وإذا جاء رمضان زاده تحلياً بهذه الأخلاق ، ولذا جاء في الصحيحين من حديث ابن عباس رضى الله عنهما : فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة .
أيها الصائمون : الصدقة برهان كثير من النفوس الصادقة الباذلة حين تتجاوز شهواتها إلى تعميق أثر الأخوة بمزيد من الإحسان . وخير ما يدفع إلى تمثّل هذه الفضائل تلك الآثار التي تحدثها الصدقة لأصحابها حين يبذلون . ومن هذه الآثار :
أولاً : علو شأنها ، ورفعة منزلة صاحبها :
ففي حديث ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (
( وإن أحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مؤمن ، تكشف عنه كربة أو تقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً ))(78)
1) وقايتها للمتصدق من البلايا والكروب :
فالصدقة لها أثر عجيب على المتصدق فقد تقيه من البلايا والكروب التي تحل بها وت
كون بعد أمر الله تعالى سبباً في دفع هذه المصائب . قال صلى الله عليه وسلم : صنائع المعروف تقي مصارع السوء .(79) .

وقال صلى الله عليه وسلم : (( داووا مرضاكم بالصدقة ))(80) . وقد سأل رجل ابن المبارك عن قرحة في ركبته لها سبع سنين وقد أعيت الأطباء فأمره بحفر بئر في محل يحتاج الناس فيه إلى الماء . وقد ذكر ابن حجر الهيتمي في كتابه الزواجر :
أنه تقرّح وجه أبي عبد الله الحاكم قريباً من سنة ، فسأل أهل الخير الدعاء له فأكثروا من ذلك ثم تصدق على المسلمين بوضع سقاية بُنيت على باب داره وصب فيها الماء ، فشرب منها الناس فما مر عليه أسبوع إلا وظه
ر الشفاء وزالت تلك القروح وعاد وجهه أحسن ما كان .
والأمر كما قال المناوي رحمه الله في كتابه فيض القدير : وقد جرّب ذلك الموفقون ـ التداوي بالصدقة فوجدوا الأدوية الروحانية تفعل مالا تفعله الأدوية الحسية ولا ينكر ذلك إلا من ك
ثف حجابه .

قال ابن القيم رحمه الله تعالى : فإن للصدقة تأثيراً عجيباً في دفع أنواع البلاء ، ولو كانت من فاجر أو ظالم ، بل من كافر ، فإن الله تعالى يدفع عنه بها أنواعاً من البلاء ، وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم وأهل الأرض كلهم مقرون به لأنهم جربوه .... وقال في موضع آخر :
والسخي قريب من الله ـ تعالى ـ ومن خلقه ، ومن أهله ، وقريب من الجنة ، وبعيد من النار ، والبخيل بعيد من خلقه ، بعيد من الجنة ، قريب من النار ، فجود الرجل يحببه إلى أضداده ، وبخله يبغّضه إلى أولاده . اهـ (81)…
ثانياً : اطفاؤها الخطايا وتكفيرها الذنوب
قال صلى الله عليه وسلم : (( تصدقوا ولو بتمرة ، فإنها تسُد من الجائع ، وتُطفيء ا
لخطيئة ، كما يطفى الماء النار )) . قال ابن القيّم رحمه الله تعالى : وإذا كان الله تعالى قد غفر لمن سقى كلباً على شدة ظمئه ، فكيف بمن سقى العطاش وكسا العراة من المسلمين…

2) أنه تبارك المال وتزيد في الرزق :
وفي الحديث القدسي : يابن آدم : أنفق أُنفق عليك .(82) . وقوله صلى الله عليه
وسلم : ما فتح رجل باب عطية بصدقة أو صلة إلا زاده الله بها كثرة . . وقوله صلى الله عليه وسلم : ما من يوم يصبح فيه العباد فيه إلا ملكان ينزلان يقول احدهما :
اللهم أعط منفقاً خلفاً ، ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكاً تلفاً .(83) .
وقال صلى الله عليه وسلم : بينا رجل بفلاة من الأرض فسمع صوتاً في سحابة : اسق حديقة فلان . فتنحّى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرّة فإذا شرجه قد استوعبت ذلك الماء كله ، فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته يحوّل الماء بمسحاته فقال له : ياعبد الله ما اسمك ؟ قال : فلان ـ للاسم الذي سمع في السحابة . فقال له :

ياعبد الله لم تسألني عن اسمي ؟ فقال : إني سمعت صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه
ـ يقول : اسق حديقة فلان ـ لاسمك ـ فماذا تصنع فيها ؟ قال : أما إذا قلت هذا ؛ فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه ، وآكل أنا وعيالي ثلثه ، وأرد فيها ثلثه )) وفي رواية : (( واجعل ثلثه في المساكين والسائلين وابن السبيل )) .(84)

ورمضان اليوم فرصة عظيمة أيها الصائمون لبذل المال وإنفاقه في وجوه الخير ، وكم من يتيم يترقرق الدمع في عينيه ألا يجد من يواسيه ، وأرملة أقعدها الزمن ، وأطفال يعيشون ذل الفقر ، وذل المسألة ، وإخوان من المسلمين جاءوا لهذا البلد طلباً للرزق .

ما أحرانا برعاية كل هذه الفئات ، والبذل لهم ، ولولم يتحقق للمتصدقين إلا بعض هذه الفضائل فقط لكان كافياً بالمرء أن يجهد لتحصيل ذلك بمزيد من الجود والعطاء . وفقكم الله إلى كل خير وجعلكم غوث إخوانكم المستضعفين في كل مكان وزمان .
-------------------------------------
(78) رواه أبو الشيخ وحس
نه الألباني.
(79) رواه الطبراني وحسنه الألباني .
(80) رواه أبو داود وصححه الألباني
(81) جامع الفقه
(82) متفق عليه
(83) متفق عليه
(84) رواه مسلم










__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05-04-2023, 03:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,188
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان






اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
(14)



مسؤولية الرعاة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد
فإن مسؤولية المسلم في هذه الحياة تتجاوز مسؤولية ذاته وتأخذ أشكالاً متعددة في المسؤولية التي يكلّف بها الإنسان في حياته . ولعل من أعظم النعم التي يعيشها الإنسان في حياته نعمة الأولاد الذين وصفهم الله تعالى في كتابه
الكريم بأنهم زينة الحياة الدنيا .
قال تعالى : (( المال والبنون زينة الحياة الدنيا )) ولا يعرف قدر هذه النعمة إلا من حرمها . لذا جاء التوجيه النبوي الكريم برعاية هذه النعمة كما في قوله صلى الله عليه وسلم : ( كلكلم راع وكلكلم مسؤول عن رعيته ، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته ، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته )(85) وهذه الرعية أمانة حذّر الله تعالى من إضاعتها حين قال :

( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفق
ن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً ) وحتى نؤدي هذه الأمانة على الوجه المشروع لها ينبغي أن نحقق ما يلي :
أولاً : أن تشعر حفظك الله تعالى أن الله منحك نعمة عظيمة وواجبك تجاه هذه النعمة حفظها والاهتمام بها ، والعمل على إصلاحها حتى تتحقق النعمة على أتم وجه قال تعالى :

(( وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها )) فهذه إحدى النعم أتمها الله تعالى عليك وحرم منها أناس كثيرون لازالوا في عداد السؤال والإلحاح على ربهم تعالى أن يحقق لهم هذه النعمة .

ثانياً : تأكد حفظك الله تعالى أن صلاح هؤلاء الأولاد من أعظم النعم في حياة الإنسان لذا فالزم رعاك الله الطاعة في نفسك ، وحافظ على أوامر الله تعالى إن أردت صلاح هؤلاء الأبناء ، وكلما رآك ولدك حريصاً على صلاة الجماعة ألف ذلك
والتزمه منهجاً في حياته ، وكلما رآك حريصاً على الخير من صيام الفرض والنافلة ، وبذل الصدقات ، ومعاملة الآخرين بالأخلاق الحسنة تمثّل ذلك في حياته ، وهكذا ينشأ الأولاد على الصلاح والبر والتقوى ، وتكون أنت أيها الوالد أحد هذه الأسباب العظيمة في هدايتهم .

وإياك إياك من الأقوال غير اللائقة كالسب أو اللعن أو الغيبة والنميمة أو الأف
عال الدخيلة كشرب الدخان أو إرتياد الأماكن المشبوهة كالمقاهي أو التخلّف عن الصلاة فإن ذلك أحد الأسباب التي تؤدي بالأولاد إلى الإنحراف والعياذ بالله .
إن الفرق واضح أيها الصائمون بين رب أسرة أدخل شريط المحاضرة القيّمة ، والقرآن الكريم ، والكتيب النافع ، والوسيلة التربوية ، وحارب كل ما هو مشين دخيل على أهل الإسلام وبلادهم ، وبين رب أسرة آخر يمارس شرب الدخان في قعر بيته أو أبناؤه هم الذين يوفرون وسائل هذه الأدوات القبيحة لأبيهم ، أو يجلب لهم القنوات الفضائية التي يرون فيها ما يغسل ماء الحياء من وجوههم ، أو يحرص على إدخال شريط الأغنية أو المجلة التافهة .
فرق كبير بين الاثنين . ولعل شواهد الحال الت
ي يعيشها كل واحد منهم هي خير شاهد على ذلك الحال .




ثالثاً : توجه إلى الله تعالى بالدعاء وألح عليه سبحانه بهداية الأبناء فإن ذلك خير وسيلة تحقق صلاحهم وفلاحهم أرأيت أيها الصائم دعاء الصالحين في قول الله تعالى :
(( والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً )) . وزكريا حين دعا ربه فقال : (( فهب لي من لدنك ولياً . يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضياً )) .
وإبراهيم عليه السلام حين توجه إلى الله تعالى بالدعاء فقال : (( ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك )) وكان يردد في دعائه ويقول : (( رب هب لي من الصالحين )) إلى غير ذلك من دعاء الصالحين فليكن لك ب
هم قدوة في الإكثار من الدعاء بصلاح هذه الذرية ، وإياك إياك من الدعاء عليهم فقد توافق هذه الدعوة وقت إجابة فتجاب في ولدك فيكون المسكين ضحية هذا الدعاء البائس .

روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث جابر رضي الله عنه أن رجلاً قال لبعيرة :
شأ لعنك الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من هذا اللاعن بعيره ؟ ) قال أنا يارسول الله قال : ( انزل عنه فلا تصحبنا بملعون ، لاتدعوا على أنفسكم ، ولا تدعوا على أولادكم ، ولا تدعوا على أموالكم ، لاتوافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم .

رابعاً : علّم ولدك حفظك الله تعالى المحافظة على الواجبات ، وليكن قرينك في بيوت الله تعالى ، ولا تهمله عند حضورك المسجد فليصلي إلى جانبك وليتدرب على أداء هذه الشعيرة العظيمة .

علِّمه الأدب أثناء حضور المساجد ، وملتقيات الناس العامة ، دربه على احترام الآخرين والتأدب معهم ، لقّنه الأذكار في دخول المساجد والخروج منها ، وعند قضاء الحاجة أو بعض أذكار الصباح والمساء ، وغير ذلك م
ن الأذكار وتدرج معه في هذا الجانب وضع له من الحوافز التشجيعية كلما رأيت من إقباله على الخير وتعاهده على هذه الطاعات .
وليرى منك حفظك أسلوب الرحمة في كل تعاملك معه إقتداء بسنة نبيك صلى الله عليه وسلم فقد كان عليه الصلاة والسلام يداعب أطفاله فقد أخرج البخاري من حديث أم خالد بنت خالد ر
ضي الله عنها قالت :

أتي النبي صلى الله عليه وسلم بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة ، فقال : من ترون أن نكسو هذه ؟ فسكت القوم فقال : أئتوني بأم خالد ، فأتي بها تُحمل ، فأخذ الخميصة بيده فألبسها وقال : أبلي وأخلقي ، وكان فيها علم أخضر أو أصفر ، فقال يا أم خالد هذه سناه (86) والسنا بلسان الحبشة جميل .
وهاهو صلى الله عليه وسلم يداعب محمود ابن الربيع وهو صغير فيمج الماء في قال محم
ود بن الربيع : عقلت من النبي صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو .(87) إلى غير ذلك من الأساليب التربوية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على التعامل بها مع الصغار .

إن الغلظة المستمرة والتأنيب المتكرر أيها الوالد الفاضل يخرج شخصيات مهزوزة ،
وضعيفة ، لا تنفع نفسها ولا تتطلّع إلى إفادة غيرها ، وليكن علاجك للخطأ علاج تربوي مهذب فإن نتائج ذلك واضحة قريبة مع الزمن .
---------------------------------------
(85) متفق عليه
(86) رواه البخاري
(87) رواه البخاري







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 07-04-2023, 03:51 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,188
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان






اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
(16)
وغلّقت أبواب النار
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد
فإن النجاة من النار يعد فوزاً عظيماً في حياة من تحقق له ذلك .
ذلك أن النار التي خلقها الله تعالى إنما جعلها جزاء لل
متمردين عن منهجه ، الشاردين عن طاعته ، وليت شعري حين يتجاوز هذا الإنسان في عرصات القيامة جسر جهنم ، ويترك أهوال الحساب خلف ظهره ، متحققاً من النجاة ! أي فوز أعظم من هذا ! إن


هذا الذي خلّف النار خلف ظهره لن يتصوّّر هذه النجاة على حقيقتها ما لم يتصوّر النار على صورتها التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أوضح أن أبوابها تغلق مع دخول شهر رمضان في قوله صلى ال
له عليه وسلم : (( أتاكم شهر رمضان شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه ، فيه تفتح أبواب الجنة ، وتغلق أبواب الجحيم ،........ الحديث (99) وفي هذه الليلة سنستعرض بعض هذه الصفات كما جاءت على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ويمكن أن ندرك حينها هذه المعاني لنفيق من غفلة هذه الحياة .




فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( ناركم جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم )) . قيل : يارسول الله ، إن كانت لكافية ، قال : فضّلت عليهن بتسعة وستين جزءاً ، كلهن مثل حرها )(100) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( اشتكت النار إلى ربها ، فقالت : ربّ أكل بعضي بعضاً ، فإاذن لها بنفسين : نفس في الشتاء ونفس في الصيف ، فأشتد ما تجدون من الحرّ ، وأشد ما تجدون من الزمهرير ))(101) .
وعن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يؤتى بجهنّم يومئذ لها سبعون ألف زمام .

مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرّونها ))(102) . وعن أبي هري
رة رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سمع وجبة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أتدرون ما هذا ؟ )) قال : قلنا : الله ورسوله أعلم . قال : هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفاً فهو يهوي في النار الآن ، حتى انتهى إلى قعرها ))(103) .
وعن أبي هريرة رضي الله ع
نه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما بين منكبي الكافر مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع ))(104) . وعن سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( منهم من تأخذه النار إلى كعبيه . ومنهم من تأخذه النار إلى ركبتيه . ومنهم من تأخذه النار إلى حجزته .

ومنهم من تأخذه النار إلى ترقوته ))(105) . وعن النع
مان بن بشير رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( أهون أهل النار عذاباً يوم القيامة لرجل ، توضع في أخمص قدميه جمرة يغلي منهما دماغه ))(106) هذه بعض صفات تلك النار التي يجدها المتمردون عن منهج الله تعالى كأعظم جزاء ينالونه حين يتجاوزون أمر الله تبارك وتعالى ، ويجانبون طريق الطاعة والهدى .
إنهم يبقون غرقى في تلك النهايات فتلتهمهم نار جهنم وحينها لا يستطيع الواحد منهم أن




يفصح عن شكواه ، ولا يجد أقرب من البكاء والعويل يعبّر به فقط عن تجرّع ال
مأساة .
إن المتناسين للفح جهنّم غداً بين يدي الله تعالى هم أقرب الناس لمس حرارة تلك النار لأن الغفلة داء عضال متى ما وصلت إلى إنسان أغلقت منافذ الخير ، وأصمت دواعي الهداية ، وجرّدت الإنسان من كل دواعي التفكير لمستقبله وأيام حياته .
وحينئذ ي
خسرون ويقعون في النهايات المرة .
أجارنا الله وإياكم من نار جهنم . وجنبنا الله حرها وزمهريرها . إنه ولي ذلك والقادر عليه .






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 09-04-2023, 04:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,188
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان





اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
(18)

غزوة بدر (2)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد
فإن غزوة بدر من أعظم الغزوات في تاريخ المسلمين ، وقد سجّل
ت أحداثها مواقف تٌعد من أروع المواقف في حياة ذلك الجيل العظيم .صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وإليكم بعضاً من تلك المواقف التي دوّنتها كتب السير أثناء الحديث عن تلك الغزوة :

أولاً : الشجاعة التي كانت معلماً من معالم ذلك الجيل يدوّن لنا هذه الصفة حمزة بن عبد المطلب ، وعلي بن ابي طالب ، وعبيدة بن الحارث رضي الله ع
نهم أجمعين حين برز كل من عتبه وشيبة والوليد من صفوف قريش وطلبوا المبارزة . فقال عتبة لابنه قم ياوليد .
فقام الوليد وقام إليه علي بن أبي طالب وكان أصغر النفر فقتله علي في أول لقاء . ثم قام عتبة وقام إليه اسد الله وأسد رسوله حمزة بن عبد المطلب فاختلفا ضربتين فقتله حمزة ، ثم قام شيبة ، وقام إليه عبيدة بن ال
حارث وكرّ حمزة وعلي على شيبة فقتلاه .
وانتهت أولى جولات القتال بانتصار الفئة المؤمنة ، وكتب هؤلاء الثلاثة صورة من البسالة والشجاعة كان لها أكبر الأثر في تحقق الهزيمة النهائية في المعركة فرحم الله هؤلاء النفر ما أعظم شجاعتهم وبسالتهم في الحروب .





ثانياً : خبر عُمير بن الحمام فإنه قبل بدأ المعركة سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يردد ويقول : ( قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض ) فقال عمير يارسول الله ! جنة عرضها السموات والأرض ؟ قال : نعم .
قال : بخ بخ . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما يحملك على قولك بخ بخ ) قال : لا والله يارسول الله إلا رجاءة أن أكون من أهلها . قال : ( إنك من
أهلها ) فأخرج تمرات من قرنه . فجعل يأكل منهن . ثم قال : لئن حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة .
قال : فرمى بما كان معه من التمر . ثم قاتلهم حتى قتل .

ثالثاً : ماقاله عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : بينما أنا واقف في الصف يوم بدر نظرت عن يميني وشمالي فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما ت
منيت لو كنت بين أضلع منهما .
فغمزني أحدهما . فقال : ياعم ! هل تعرف أبا جهل ؟ قال : قلت نعم . وما حاجتك إليه يابن أخي ؟ قال : أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم . والذي نفسي بيده لئن رأيته لايفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا . قال : فتعجبت لذلك .


فغمزني الآخر فق
ال مثلها . قال : فلم أنشب أن نظرت إلى ابي جهل يزول في الناس . فقلت : ألا تريان ؟ هذا صاحبكما الذي تسألان عنه . قال : فابتدراه ، فضرباه بسيفيهما ، حتى قتلاه ، ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأخبراه . فقال : أيكما قتله ؟ فقال كل واحد واحد منهما ؛: أنا قتلته . فقال : هل مسحتما سيفيكما؟ قالا : لا فنظر في السيفين فقال : كلاكما قتله . والرجلان هما : معاذ بن عمرو بن الجموح ، ومعاذ بن عفراء .



هذه بعض مواقف تلك الغزوة العظيمة وهي مواقف تستحق التدوين . ونح
ن في شهر رمضان ، الشهر الذي سُطّرت فيه هذه البطولات العظيمة ، فما أحرى الأجيال اليوم بقراءة التاريخ من جديد ! ولعل شباب المسلمين يدركون هذه المعاني فتنهض همم للإقتداء ! إن القوة كما يقال تنبت من رحم الشدة ، وقد وصلت حال المسلمين في هذه الأيام إلى حال حرجة جداً ، وحالة الشدة هي الحال التي تتفجّر فيها طاقات الأمة من جديد .

هكذا يقول التاريخ فيوم أن عاد العرب وأعلنوا الردة بعد وفاة نبي هذه الأمة عاد الرجل الأسيف ا
لذي لا يتمالك نفسه من البكاء لرقته أبو بكر الصديق عاد جبلاً شامخاً وتفجّر الضعف والرحمة عن رجل يصرّ على رأيه ويجهّز اثني عشر جيشاً لمواجهة المرتدين ، ويعود الحق بلجاً من جديد . وبعد أن عاش الصليبيون قريباً من مئتي عام في بلاد المسلمين هيأ الله بعد الضعف قوة على يد أنصار السنة فخرجوا صاغرين وذليلين . وإني على يقين اليوم أن الليل قد آذن بالبلج ، وأن صبح الإسلام قريب جداً .
وعلى يد الإسلام وأهله
سيعود الإسلام من جديد فمن يشارك ولو بجهد المقل في استعادة هذه العزة ؟ والتاريخ شاهد والأيام دول .








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 12-04-2023, 04:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,188
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان



اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
(21)

ليلة القدر
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد
فإن شهر رمضان شهر كريم ، وفضائله جمة لايحصيها عاد ، ومن هذه الفضائل العظيمة التي اختص الله بها شهره الكريم ليلة القدر ، وما سميت ليلة القدر إلا لشرفها ومكانتها وعظ
م قدرها عند الله تبارك وتعالى : وهي ليلة واحدة في العام في شهر رمضان خاصة ، وفي عشره الأخيرة على وجه التحديد ، وقد أشاد الله تعالى بها في كتابه الكريم فقال :


(( إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ماليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر * تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم م
ن كل أمر * سلام هي حتى مطلع الفجر )) سورة القدر .
وصدق سيّد في ظلاله رحمه الله تعالى حين قال : الحديث في هذه السورة عن تلك الليلة الموعودة المشهودة التي سجلها الوجود كله في فرح وغبطة وابتهال . ليلة الاتصال المطلق بين الأرض والملأ الأعلى . ليلة بدء نزول هذا القرآن على قلب محمد صلى الله عليه سلم ليلة ذلك الحدث التي لم تشهد الأرض مثله في عظمته ، وفي دلالته ، وفي آثاره في حياة البشرية جم
يعاً . اهـ .(117) قال صلى الله عليه وسلم : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ). (118) .


وقال صلى الله عليه وسلم : ( التمسوها في العشر الأواخر ـ يعني ليلة القدر ـ فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي) .(119) . وعن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله ص
لى الله عليه وسلم قال : ( تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان )(120) . وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أُروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر .(121)




قال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله تعالى : وفي ليلة القدر مباحث هي : أولاً : هل ليلة القدر باقية أم رفعت ؟ والصحيح بلا شك أنها باقية وما ورد في الحديث : أنها رفعت ، فالمراد رفع علم عينها في تلك السنة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رآها ثم خرج ليخبر بها أصحابه فتلاحى رجلان فرفت .
ثانياً : في أي ليلة في رمضان ؟


القرآن لابيان فيه ، لكن ثبتت الأحاديث أنها في العشر الأواخ
ر من رمضان فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أعتكف العشر الأولى من رمضان ، يريد ليلة القدر ، ثم اعتكف العشر الأوسك ، ثم قيل : إنها في العشر الأواخر وأريها صلى الله عليه وسلم وأنه يسجد في صبيحتها في ماء وطين ، وفي ليلة إحدى وعشرين من رمضان ، كان معتكفاً صلى الله عليه وسلم فأمطرت السماء فوكف المسجد ـ أي سال الماء من سقفه ـ وكان مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عريش فصلى الفجر بأصحابه ، ثم سجد على الأرض ، قال أنس : فرايت أثر الماء والطين على جبهته فسجد في ماء وطين .


فتبين بهذا أنها كانت في ذلك العام ليلة إحدى وعشرين . ورأى جماعة من الصحابة ليلة القدر في السبع الأواخر . فقال صلى الله عليه وسلم : أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر . أي اتف
قت فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر . وعلى هذا فالسبع الأواخر أرجى العشر الأواخر إن لم يكن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر في تلك السنة فهذا محتمل .
ثالثاً : هل ليلة القدر في ليلة واحدة ك
ل عام أو تنتقل ؟
في هذا خلاف بين العلماء والصحيح أنها تنتقل فتكون عاماً ليلة
إحدى وعشرين ، وعاماً ليلة تسع وعشرين ، وعاماً ليلة خمس وعشرين ، وعاماً ليلة أربع وعشرين ، لأنه لايمكن جمع الأحاديث الواردة إلا على هذا القول .

رابعاً : علامات ليلة القدر
فقال ليلة القدر لها علامات مقارنة وعلامات متابع
ة . أما علاماتها المقارنة فهي :

1) قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان في البر بعيداً عن الأنوار .
2) زيادة النور في تلك الليلة .
3) الطمأنينة أي طمأنينة القلب ، وانشراح الصدر من المؤمن ، فإنه يجد راحة و
طمأنينة ، وانشراح صدر في تلك الليلة أكثر مما يجده في بقية الليالي .

4) أن الرياح تكون فيها ساكنة أي : لايأتي فيها عواصف أو قواصف بل يكون الجو مناسباً .
5) أنه قد يُري الله الإنسان في تلك الليلة في المنام ، كما حصل ذلك لبعض الصحابة
6) أن الإنسان يجد في القيام لذة أكثر مما في غيرها من الليالي .
أما العلامات اللاحقة :
1) فمنها : أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع
صافية ليست كعادتها في بقية الأيام .

ثم أشار رحمه الله تعالى إلى الدعاء الوارد في تلك الليلة فقال : الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) لحديث عائشة أنها قالت : افرأيت يارسول الله إن وافقت ليلة القدر فما أقول
فيها ؟ فقال : قولي : ( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) فهذا من الدعاء المأثور ، وكذلك الأدعية الكثيرة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم . وليعلم أن الأدعية الواردة خير وأفضل من الأدعية المسجوعة التي يسجعها الناس .... اهـ (122)
وفقنا الله وإياكم للقيام بحق هذه الليلة وأعاننا على العبادة فيها ، ونسأل الله أن يقدّر لنا ما يكون فيها خيراً .

----------------------------
(117) الظلال
(118) متفق
عليه
(119) متفق عليه
(120) متفق عليه
(121) متفق عليه
(122) الشرح الممتع







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 16-04-2023, 11:59 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,188
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان




اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
(25)



الجراح المتجددة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد
لقد ثخنت المسلمون جراحاً في أقطار الدنيا كلها شرقها وغربها وشمالها وجنوبها . و
قد وعى صغارنا اليوم قبل كبارنا أن اندمال جراح في بلا د ما مؤذن بانفجار جرح آخر في بلاد غيرها . وصدق القائل حين قال :
أنى اتجهت للإسلام في بلد تجده كالطير مقصوصاً جناحاه




فليست قضية المسلمين اليوم فلسطين فقط . بل عامة أقطار البلاد الإسلامية تعاني من الجراح . ولئن كانت بلاد من هذه البلاد لم يولها العدو وجهه فإنها تئن من الجراح الداخلي ما هو أنكى في أحيان كثيرة من الجراحات التي يتفرّج عليها العالم بأسرة . ولا أظن أحداً من المسلمين ينكر هذا . وأوضح ما يعبّر به المسلمون تجاه هذه النكبات أحاديث عابرة ، وتسخطات مقالية ، وأحاديث جانبيه . وهنا ينتهي دور المتحمسين منهم ، ناهيك عن من لايعنيه أمر المسلمين ولا يبحث عن مصائبهم .

وأجزم يقيناً أن بلوى المسلمين ليست في القاعدين فقط عن التفاعل إنما هي في هؤلاء المتلمظين ، من ينثرون أحاديث الشكوى في كل زمان ومكان دون عمل مثمر ولئن أردنا الخروج من هذه المآسي بجدية فإنه يلزمنا
جميعاً على كافة المستويات الفردية والجماعية ما يلي :
أولاً : أن ننطلق في كل تصحيح نرجوه في ما يستقبل من أيام من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهما المخرج من التخلّف الذي تعانيه الأمة على كافة المستويات . أرأيتم أيها الصائمون ذلك المسلم الذي يتلمظ من واقعه ، ويحدب على زمانه ، ويشير بأصابع الاتهام إلى أفراد في الأمة أنهم هم السبب في هذا التخلف المرير ؟ ولو تتبعت أمره ،


وتقصيّت أخباره جيداً لأدركت أنه يعيش
تخلفاً في أصول الدين العظيمة ، ولك أن تحسب كم هي المرات التي تلذذ بالنوم عن صلاة الفجر ، وكم هي الأوقات التي فاتته صلاة العصر وهو على سرير النوم غارق في شهواته وملذاته . هذا مثال واحد فقط ، وإلا لو تتبعت آثار كثير من هؤلاء لوجدت فرقاً وبوناً شاسعاً بينهم وبين هدي الوحيين .



ثانياً : العمل لهذا الدين ، وتجاوز الأنانية ومفهوم الفردية في حياتنا هو الكفيل بإعادة ترتيب الحياة على وجه أفضل ، وفي ديننا الحنيف نصوصاً تدعو إلى العمل ، والمشاركة في هذه الحياة عموماً ، حتى تصل هذه المشاركة في آخر أيام الدنيا . الأيام التي لا ينتظر فيها ثمار ما يزرعه أويشارك به حين قال : (( إذا قامت الساعة وفي يد أحكم فسيلة فليغرسها ........ )) . الحديث .(142)
ثالثاً : المشاركة الإيجابية عنصر من عناصر البناء في النفس الإنسانية ، وقل أن ت
جد مجتمعاً من المجتمعات يشارك كل فرد منه في تخصصه بفاعليه إلا وضحت لك جوانب الفاعلية والقوة في هذا المجتمع . وليس أوضح دليل على هذا من ثورة التكنلوجيا التي يعيشها الغرب في كل جوانب الحياة المادية .


لقد استغل كل فرد منهم قدرته ووظفها التوظيف الإيجابي لصالح مجتمعه ،
وحينئذ تف
وقت هذه المجتمعات في جوانب هذه الحياة . بينما تجد أن كثيراً من المسلمين يعيش سلبية عظيمة في حياته ، ولو سألت أي فرد من الطبقة المثقفة عن مدى مشاركته الفعلية في جوانب الحياة في مجتمعه على مستوى المسجد مثلاً أو مكاتب الدعوة أو الجمعيات الخيرية للتحفيظ والبر وغيرها من تجمعات الخير لوجدت سلبية كبيرة جداً طغت على هذه الطبقة من طبقات المجتمع ، وقل ذلك على مستويات أعلى أو أقل .



رابعاً : الانتماء والإخاء عنصران مهمان لتجاوز التخلفات التي نعيشها . إن الأثرة وحب الذات باتت تكتب أسطرها في حياة كثير من الناس ، ونسينا أو نسي بعضنا أن أهداف الحياة أكبر من أن يعيش الإنسان فيها لذاته أو لأس
رته فقط ، وإنما ينتظره دور أوسع ، يتجاوز فيه محيط الذات والأسرة إلى محيط المجتمع والأمة ، غير مبال بالفوراق مهما كانت .


إن المسلم أياً كان سواء في مجتمعك الذي تعيش فيه أو حتى في أطراف الدنيا هو من إخوانك ، يجمعنا جميعاً شعار التوحيد ، وتؤلف بين قلوبنا رسال
ة الإسلام ، وهذا يعني أن نمد لكل هؤلاء يد المعروف والإخاء ، وأن نحي فيما بيننا روح التناصر والتآزر ، وحينها يمكن لأي طامع من الأعداء أن يفكّر كثيراً قبل أن يصنع قراراً مشؤوماً لا يدرك عواقبه .

هذه أربعة مقومات قد تسهم في الخروج من الجراح المريرة التي تعيشها الأمة على كافة ا
لمستويات ، آمل أن تجد في رمضان بالذات اهتماماً يجعلها مثار الحديث على الأقل في أوساط المسلمين في الفترة المستقبلية من بناء الأمة . ولن نعدم حينها ممن يدعهما ، ويوسّع في أثرها ، والله المسؤول أن يجعل غاية همنا هو هذه الرسالة العظيمة التي جاء بها رسولنا صلى الله عليه وسلم .


----------------------------------------
(142) رواه الإمام أحمد
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 19-04-2023, 11:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,188
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان





اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
(28)

الباب المفتوح
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد



فإن التوبة كما يقول ابن القيّم رحمه الله تعالى : هي أول المنازل وأوسطها ، وآخرها ... وهي بداية العبد ونهايته ، حاجته إليها في النهاية ضرورية ، كما أن حاجته إليها في البداية كذلك (155) ولهذا قال الله تعالى : (( وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون )) سورة النور (31) .
وهذا أمر الله من الله تعالى في كتابه المبين لكل مؤمن ومؤمنة على وجه الأرض أن يتوبوا مما اقترفوه وأن يتوجهوا إليه بالتوبة طلباً للفلاح والصلاح .

والآيات الواردة في القرآن الكريم بشأن التوبة آيات كثيرة مستفيضة ، غير أن من أعجبها وأوسعها قول الله تعالى وهو يدعوا من أسرف في الذ
نب ، وبلغ الذروة في الغواية إلى هذه التوبة حين قال : (( قل يعبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم )) الزمر (53) .


فهل بعد هذه الدعوة دعوة أوسع منها ؟ وهذا رسول الهدى صلى الله عليه وسلم عرض التوبة في ثوب فسيح جداً لا يضيق إلا على محروم حين قال صلى الله عليه وسلم : ( لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة . فانفلتت منه . وعليها طعامه وشرابه . فأيس منها . فأتى شجرة . فاضطجع في ظلها . قد أيس من راحلته . فبينا هو كذلك إذ هو بها ، قائمة عنده . فأخذ بخطامها . ثم قال من شدة الفرح : اللهم ! أنت عبدي وأنا ربك . أخطأ من شدة الفرح )(156) .


وف
ي حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كان في بني إسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين إنساناً ، فسأل عن أعلم أهل الأرض فدُل على راهب . فأتاه فقال : إنه قتل تسعة وتسعين نفساً . فهل له من توبة ؟ فقال : لا . فقتله . فكمّل به مئة . ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدُل على رجل عالم . فقال : إنه قتل مئة نفس . فهل له من توبة ؟ فقال : نعم . ومن يحول بينه وبين التوبة ؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا ز فإن بها أناساً يعبدون الله فاعبد الله معهم .


ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء . فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت . فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب . فقالت ملائكة الرحمة : جاء تائباً مقبلاً بقلبه إلى الله . وقالت ملائكة العذاب : إنه لم يعمل خيراً قط . فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم . فقال : قيسوا ما بين الأرضيين ز فإلى أيتهما كلن أدنى فهو له . فقاوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد . فقبضته ملائكة الرحمة )(157) . فلاإله إل
ا الله ما أعظم رحمة الله تعالى ! وما أشد عطفه على التائبين ! وما أوسع مغفرته ! اشتدت فرحته تعالى في الحديث الأول إلى أن وصل إلى مثل صورة الأعرابي الذي وجد راحلته فقال اللهم أنت عبدي وأنا ربك . ووصلت مغفرته في الحديث الثاني إلى أن تجاوز لرجل قتل بيده مئة نفس ، وأدخله الجنة رغم مخاصمة أهل النار

فيه . فهل ياترى بقي لأي فرد على وجه الأرض من عذر في عدم تحقيق التوبة المرجوة ؟ إن الصائمين بالذات هم أحوج ما يكونون إلى فهم هذه المعالم في التوبة ، ولئن طاشت عين خائنة ، أو تلوّك لسان في عورات الآدميين ، أو تصنّنت أذن إلى محارم الله ، أو خطت قدم إلى أماكن مشبوهة ، أو امتدت يد إلى حفنة من الربا ، فإن هذه الفئات وإن تلوثت بهذه الجرائم إلاّ أن التوبة يمكن أن تغسلها ، وتطهّر أدرانها ، وتذهب بأذاها . فقط متى ما صدقت النية ، وصح الإقبال على الله تعالى. وحينئذ سيكون الفلاح عاقبته ، والفوز نجاته من ظلمات التيه والظلام .


إن التوبة يمكن أن تستوعب أي ذنب مهما كانت سوأته ، شريطة أن يقر العبد بالخطيئة في جنب الله تعالى ، وأن يعترف بالتقصير ، وأن يجد في قلبه مس الذنب ، وحرارة المع
صية ، ثم يعزم على مجاوزة هذه الخطيئة مهما كانت طلباً في رضى ربه ومولاه ، وحين يتحقق له ذلك فعليه أن يلوذ بجناب الله ، وأن يقبل على ربه ، ولن يجد حياة أسعد من حياة التائبين . اللهم وفقنا للتوبة قبل الموت .


وفك آصارنا من أدران المعصية التي أحاطت بنا إنك أنت الغفور الرحيم . وصل اللهم على سيدنا محمد وع
لى آله وصحبه وسلم .

-------------------------------------
(155) جامع الآداب
(156) متفق عليه
(157) متفق عليه







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 20-04-2023, 05:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,188
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان








اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
(29)

أحكام الزكاة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد
تعد الزكاة الركن الثالث من أركان هذا الدين العظيم ، ونظراً لأن زكاة الفطر مرتبطة بهذا الشهر وكذلك كثير من الناس يعُد هذا الشهر تماماً للحول الذي يخرج فيه زكاة ماله ، كان من المناسب جداً أن يبيّن للناس أحكام هذ
ه الفريضة العظيمة .

· الزكاة فرض على كل مسلم : قال صلى الله عليه وسلم بني الإسلام على خمس شهادة أن لاإله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً ))(158) . فأثبت في الحديث أن الزكاة ركن . وهذه الزكاة إذا أداه المسلم طيبة بها نفسه تمت له فوائد عظيمة منها :
1) تمام إسلامه لأنه أدى ركناً عظيماً من أركان
هذا الدين

2) أنها دليل على صدق إيمانه لأن المال محبوب إلى النفس ، وكون الإنسان يبذل هذا المال إلى مستحقيه إستجابة لنداء الله تعالى فإن ذلك من أعظم الأدلة على صدق هذا الإيما
ن .
3) أنها تدفع عن صاحبها البلاء قال ابن القيّم رحمه الله تعالى : فإن للصدقة تأثيراً عظيماً في دفع أنواع البلاء ، ولو كانت من فاجر أو ظالم ، بل من كافر فإن الله تعالى يدفع بها أنواعاً من البلاء ، وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم ، وأهل الأرض مقرون به لأنهم جربوه .اهـ (159) .
ولها جملة فوائد قد لايفي بها هذا المقام .
وهي أنواع :

أولاً : زكاة الفطر وهي زكاة واجبة ، ووقت وجوبها الفطر من شهر رمضان ، وسبب وجوبها في هذا الشهر قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث ، وطعمة لل
مساكين ...... الحديث ))(160) . وتجب على الذكر والأنثى والحر والعبد والكبير والصغير من المسلمين ومقدارها : صاعاً من طعام أهل البلد لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفكر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على الذكر والأنثى والحر والعبد والكبير والصغير من المسلمين ))(161) . ومقدار الصاع ثلاثة كيلو لكل فرد . أو كيلوين وأربعين غراماً على رأي آخر من آراء أهل العلم . ووقت وجوبها ليلة الفطر ، ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين وأفضل وقت في إخراجها قبل صلاة العيد .


ثانياً : زكاة المبالغ النقدية
إن عرف الإنسان وقت كل مال يدخل عليه وضبط حوله بهذه الطريقة فله أن يزكي كل مال وقت حلول الحول الذي ضبطه به ، وإن لم يستطع فإنه يجعل شهر رمضان مثلاً حولاً لكل ماله الذي بين يديه فيكون لبعضه حولاً كاملاً و
للمتأخر من المال من باب تعجيل زكاته ، فيحسب المال الذي بين يديه ويخرج زكاته في هذا الشهر . ونصاب هذه النقود ربع العشر إي اثنان ونصف من المئة ، وخمسة وعشرون من الألف .
مسألة : هل في الديون التي عند الناس زكاة ؟

إن كان المال على غني باذل فإن الزكاة واجبة فيه كل سنة لأنه في حكم الموجود ، ف
له أن يزكي هذا النوع من الديون مع زكاة ماله وهذا هو الأفضل والأسرع في إبراء الذمة . أما إن كان الدين على معسر أو مماطل فلا زكاة عليه ، ولكن إذا قبضه يزكيه مرة واحدة في سنة القبض فقط . ولا يلزمه زكاة ما مضى . وهذه فتوى الإمامين الجليلين ابن باز وتلميذه ابن عثيمين رحمهم الله تعالى.
ثالثاً : زكاة الحلي :

ذهب جمع من أهل العلم رحمهم الله تعالى إلى وجوب الزكاة في الحلي الملبوس و
اختار هذا القول الشيخان عبد العزيز بن باز ، ومحمد بن صالح بن عثيمين رحم الله الجميع لجملة أدلة مذكورة في مظانها .
رابعاًً : زكاة العروض :
تجب الزكاة في عروض التجارة لحديث سمرة بن جندب قال : (( أمرنا رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع ))(162) . فمن كانت لديه بضائع أو أقمشة أو مبيعات في متجره فإنه إذا حال عليها الحول يقيمها ثم يخرج الزكاة من قيمتها .

هذه بعض معاني الزكاة وأحكامها ، وحرّي بنا أن نتفقّه فيها حتى نؤديها وفق أمر الله تعالى .
----------------------------------
(158) رواه مسلم
(159) جامع الفقه
(160) رواه أبو داود وحسنه الألباني
(161) متفق عليه
(162) رواه أبو داود وحسّن إسناده ابن باز رحمه الله .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 159.98 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 154.09 كيلو بايت... تم توفير 5.89 كيلو بايت...بمعدل (3.68%)]